عبر كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تعاطفهم مع الممثل أحمد الأندلسي الذي أعلن أمس عن إجرائه لعملية وصفت بالدقيقة وتذرع العديد من الفنانين والإعلاميين وأحباء الفنان بالدعاء من أجل الأندلسي الذي تبين أمس من خلال موجة التعاطف أن له مكانة عند التونسيين.
والحقيقة، لم نستغرب ذلك ولم نستغرب بالخصوص كيف عبر الناس بتلقائية عن مساندتهم للممثل في محنته فالفنان الحقيقي يحتل مكانة في قلوب الجماهير وأحمد الأندلسي فنان حقيقي. صحيح، كان من الممكن أن تكون مسيرته أفضل وكان من الممكن أن نشاهده في أدوار اكبر من حيث مساحة الظهور، ذلك أنه كثيرا ما يشارك كضيف شرف أو في دور ثانوي، لكن كل ذلك لم يعتم على موهبته، ولكن الموهبة لا تخفى والمقدرة الفنية لا تنكر حتى وإن كانت ادوار البطولة قليلة.
ورغم عدم ميلنا للمقارنات، لان لكل وضعية حقيقتها، لكن نكاد نراهن وليس فقط لان الأندلسي مريض، وإنما الأمر ناتج عن قناعة، على أن احمد الأندلسي لو كان موجودا مثلا في مصر، لارتقى إلى صفوف النجوم الكبار بسرعة. فهو له حضور مميز وله قدرة كبيرة على أداء الأدوار المركبة وهو لا يهاب الأدوار التي يمكن أن تؤثر على صورته أمام الجمهور على غرار دور المريض النفسي والقاتل ( أولاد مفيدة مثلا).
قدم الأندلسي أيضا شخصية مريض السيدا في مسلسل"يوميات امرأة" وكانت مجازفة منه لأن الشخصية تسببت في نقل العدوى إلى زوجته، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على صورته أمام الجمهور الذي كثيرا ما يخلط بين الحقيقة والخيال، لكن قوة شخصية احمد الأندلسي وتشبعه بقيم الفن تجعله لا يتردد في تقديم هذه الشخصيات التي تتطلب مقدرة كبيرة على الأداء والتمثيل. الأندلسي تقمص أيضا دور سفاح نابل في فيلم يحمل نفس العنوان ويتحدث عن القاتل المتسلسل الذي روع سكان ولاية نابل (الوطن القبلي) في الثمانينات من القرن الماضي.
وكان الجمهور قد اكتشف احمد الأندلسي في مسلسل مكتوب لسامي الفهري ومن إنتاج شركة كاكتوس وعرض لأول مرة سنة 2008 على قناة تونس 7. وتقمص احمد الأندلسي شخصية شاب ينتمي لعائلة ثرية وتمرد على قوانين العائلة بزواجه من فتاة سوداء رغم معارضة الوالدة. وقدم الأندلسي شخصية الشقيق الأصغر لبطل العمل وقد تقمص الشخصية الممثل ظافر العابدين. وقد كان من الممكن أن تكون لأحمد الأندلسي مسيرة مماثلة أو مشابهة لظافر العابدين الذي يعتبر اليوم من نجوم الصف الأول على المستوى العربي بعد هجرته إلى الخارج، لكن الأندلسي الذي لا يقل موهبة عن ظافر العابدين، اختار مواصلة مسيرته في تونس، وجازف بدخول مجال الإنتاج. وقد اعتبر البعض أمس في حديثه عن مرض أحمد الأندلسي أن الفنان ضحية في هذا البلد. وفعلا، نحن لم نصل بعد إلى مرحلة تكون فيها للفنان المكانة التي تليق به. وبدل من أن تصنع تونس نجوما في الفن، وهي لديها من الكفاءات في مختلف مجالات الإبداع، تراها تصنع ضحايا، إلا ما ندر.
ربما مازال أحمد الأندلسي في أوج شبابه (من مواليد 1983) ويمكنه لو استعاد عافيته أن يحقق ما لم يحققه غيره، لكن هذا لا يحول دون القول أنه ليس من المعقول أن يظل الفن في بلادنا عنوانا للبؤس. ليس من المعقول أن يتآكل الفنان حتى ينطفئ نهائيا، في وقت كان من الممكن أن تكون مكانته محفوظة وليس من المعقول أن تستنزف الكفاءات الفنية الحقيقية، في سياق بحثها الدائم عن فرصة، مجرد فرصة أحيانا، في حين تجد الطفيليات في الساحة الفنية حظوة كبيرة. فأحمد الأندلسي الذي رأيناه يشارك في العديد من البرامج التلفزيونية ويتحمس كثيرا كان من الممكن أن تستفيد منه الساحة التمثيلية في مسلسلات وأفلام يقدم فيها أفضل ما عنده. وتلك هي مشكلتنا الأساسية في النهاية. فنحن بلد لا يتيح لأبنائه تقديم أفضل ما عنده. والفنان للأسف يأتي على رأس قائمة البؤساء في بلدان لا تؤمن ولا تعتقد في قيمة الفنون والإبداع والثقافة والفكر والمعرفة عموما.
طبعا كل الأمل أن ينهض احمد الأندلسي وأن تكون له فرص كبيرة في المستقبل وأن يعمل وينتج. فهو على ما يبدو ووفق ما لاحظنا من موجة التعاطف معه له جمهور ينتظره والاهم من ذلك يؤمن بموهبته.
ح س
تونس- الصباح
عبر كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تعاطفهم مع الممثل أحمد الأندلسي الذي أعلن أمس عن إجرائه لعملية وصفت بالدقيقة وتذرع العديد من الفنانين والإعلاميين وأحباء الفنان بالدعاء من أجل الأندلسي الذي تبين أمس من خلال موجة التعاطف أن له مكانة عند التونسيين.
والحقيقة، لم نستغرب ذلك ولم نستغرب بالخصوص كيف عبر الناس بتلقائية عن مساندتهم للممثل في محنته فالفنان الحقيقي يحتل مكانة في قلوب الجماهير وأحمد الأندلسي فنان حقيقي. صحيح، كان من الممكن أن تكون مسيرته أفضل وكان من الممكن أن نشاهده في أدوار اكبر من حيث مساحة الظهور، ذلك أنه كثيرا ما يشارك كضيف شرف أو في دور ثانوي، لكن كل ذلك لم يعتم على موهبته، ولكن الموهبة لا تخفى والمقدرة الفنية لا تنكر حتى وإن كانت ادوار البطولة قليلة.
ورغم عدم ميلنا للمقارنات، لان لكل وضعية حقيقتها، لكن نكاد نراهن وليس فقط لان الأندلسي مريض، وإنما الأمر ناتج عن قناعة، على أن احمد الأندلسي لو كان موجودا مثلا في مصر، لارتقى إلى صفوف النجوم الكبار بسرعة. فهو له حضور مميز وله قدرة كبيرة على أداء الأدوار المركبة وهو لا يهاب الأدوار التي يمكن أن تؤثر على صورته أمام الجمهور على غرار دور المريض النفسي والقاتل ( أولاد مفيدة مثلا).
قدم الأندلسي أيضا شخصية مريض السيدا في مسلسل"يوميات امرأة" وكانت مجازفة منه لأن الشخصية تسببت في نقل العدوى إلى زوجته، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على صورته أمام الجمهور الذي كثيرا ما يخلط بين الحقيقة والخيال، لكن قوة شخصية احمد الأندلسي وتشبعه بقيم الفن تجعله لا يتردد في تقديم هذه الشخصيات التي تتطلب مقدرة كبيرة على الأداء والتمثيل. الأندلسي تقمص أيضا دور سفاح نابل في فيلم يحمل نفس العنوان ويتحدث عن القاتل المتسلسل الذي روع سكان ولاية نابل (الوطن القبلي) في الثمانينات من القرن الماضي.
وكان الجمهور قد اكتشف احمد الأندلسي في مسلسل مكتوب لسامي الفهري ومن إنتاج شركة كاكتوس وعرض لأول مرة سنة 2008 على قناة تونس 7. وتقمص احمد الأندلسي شخصية شاب ينتمي لعائلة ثرية وتمرد على قوانين العائلة بزواجه من فتاة سوداء رغم معارضة الوالدة. وقدم الأندلسي شخصية الشقيق الأصغر لبطل العمل وقد تقمص الشخصية الممثل ظافر العابدين. وقد كان من الممكن أن تكون لأحمد الأندلسي مسيرة مماثلة أو مشابهة لظافر العابدين الذي يعتبر اليوم من نجوم الصف الأول على المستوى العربي بعد هجرته إلى الخارج، لكن الأندلسي الذي لا يقل موهبة عن ظافر العابدين، اختار مواصلة مسيرته في تونس، وجازف بدخول مجال الإنتاج. وقد اعتبر البعض أمس في حديثه عن مرض أحمد الأندلسي أن الفنان ضحية في هذا البلد. وفعلا، نحن لم نصل بعد إلى مرحلة تكون فيها للفنان المكانة التي تليق به. وبدل من أن تصنع تونس نجوما في الفن، وهي لديها من الكفاءات في مختلف مجالات الإبداع، تراها تصنع ضحايا، إلا ما ندر.
ربما مازال أحمد الأندلسي في أوج شبابه (من مواليد 1983) ويمكنه لو استعاد عافيته أن يحقق ما لم يحققه غيره، لكن هذا لا يحول دون القول أنه ليس من المعقول أن يظل الفن في بلادنا عنوانا للبؤس. ليس من المعقول أن يتآكل الفنان حتى ينطفئ نهائيا، في وقت كان من الممكن أن تكون مكانته محفوظة وليس من المعقول أن تستنزف الكفاءات الفنية الحقيقية، في سياق بحثها الدائم عن فرصة، مجرد فرصة أحيانا، في حين تجد الطفيليات في الساحة الفنية حظوة كبيرة. فأحمد الأندلسي الذي رأيناه يشارك في العديد من البرامج التلفزيونية ويتحمس كثيرا كان من الممكن أن تستفيد منه الساحة التمثيلية في مسلسلات وأفلام يقدم فيها أفضل ما عنده. وتلك هي مشكلتنا الأساسية في النهاية. فنحن بلد لا يتيح لأبنائه تقديم أفضل ما عنده. والفنان للأسف يأتي على رأس قائمة البؤساء في بلدان لا تؤمن ولا تعتقد في قيمة الفنون والإبداع والثقافة والفكر والمعرفة عموما.
طبعا كل الأمل أن ينهض احمد الأندلسي وأن تكون له فرص كبيرة في المستقبل وأن يعمل وينتج. فهو على ما يبدو ووفق ما لاحظنا من موجة التعاطف معه له جمهور ينتظره والاهم من ذلك يؤمن بموهبته.