إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التداين البنكي يرهق العائلات التونسية.. 34 بالمائة نسبة تداين الأسر التونسية خلال 2022 والنسبة مرشحة للارتفاع

 

 

تونس- الصباح

بالتوازي مع ارتفاع مؤشرات التضخم المالي وكلفة المعيشة مقابل ضعف المقدرة الشرائية للعائلات التونسية، برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تعكس لحد كبير واقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، والتي عادة ما يدفع ثمنها التونسيون اليوم وهي ارتفاع التداين الأسري، وهي مسألة تتأكد سنويا وتتفاقم من خلال الأرقام والإحصائيات التي ينشرها البنك المركزي..

فقد أكدت معطيات جديدة نشرها مؤخرا البنك المركزي، في نشريته حول الظرف الاقتصادي للسداسي الأول 2023، ارتفاع الحسابات الجارية المدينة للحرفاء في البنوك في تونس بقيمة 671 مليون دينار خلال السداسي الأول من سنة 2023، وذلك بالتوازي مع زيادة قيمة الديون المصنفة بـ1466 مليون دينار مما ساهم بقدر كبير في ارتفاع القروض البنكية التي بلغ قائمها نهاية جوان 2023، قرابة 110 مليار دينار.

وتؤكد هذه المؤشرات تعثر الشركات والمؤسسات الاقتصادية بشكل عام على المستوى المالي والتعويل المكثف للأسر التونسية على التداين البنكي بسبب الارتفاع الكبير للحسابات المدينة (وهي الحسابات التي تسمح لأصحابها بالسحب بمبلغ يزيد عن المبالغ المودعة أو ما يعرف "بالروج").

وتبرز بيانات البنك المركزي ارتفاع قائم القروض البنكية الذي تعلق أساسا بقطاع الخدمات (747 مليون دينار) والأسر والأفراد 539 مليون دينار، يليهما قطاعا الصناعة 290 مليون دينار، والفلاحة والصيد البحري 143 مليون دينار .

وتتقاطع هذه المعطيات، مع معطيات أخرى كان قد نشرها مرصد الخدمات المالية خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، وبينت أن نسبة تداين الأسر التونسية بلغت 34 بالمائة وأنها متداينة بالأساس لدى البنوك.

واستند المرصد في ذلك إلى بحث أنجزه المعهد الوطني للاستهلاك الذي أظهر أن نحو 43 بالمائة من العائلات التونسية لها على الأقل فرد منها متداين لدى البنوك وأن ثلثي الأسر تعتبر أن الوضعية الاقتصادية الراهنة تحتم عليها الاقتراض.

وأبرز المرصد أن العائلات التونسية الحاصلة على قرض بنكي تخصص حوالي 43 بالمائة من مداخيلها لدفع قائم ديونها وترتفع هذه النسبة إلى 60 بالمائة في بعض الأحيان للعديد من الأسر.

وأظهر البحث أن ثلث العائلات التونسية لديها فردان على الأقل تحصلوا على قرض بنكي وأن العديد من الأسر لم يعد بإمكانها التخلي عن اللجوء إلى البنوك للاقتراض.

وتعزى ظاهرة ارتفاع التداين الأسري أساسا إلى تأزم الوضعية الاقتصادية في البلاد وارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة وارتفاع نسبة التضخم التي تفوق حاليا 9 بالمائة. ومن الأسباب الأخرى الترفيع المتواتر في نسبة الفائدة الرئيسية من البنك المركزي التونسي ما أثر بدوره على نسبة الفائدة في السوق النقدية.

وبحسب بيانات سابقة نشرها البنك المركزي فان قائم القروض الممنوحة للأشخاص الطبيعيين وصل مع أواخر سنة 2022 ما قيمته 27755 مليون دينار بزيادة بـ 872 مليون دينار بالمقارنة مع سنة 2021 بتطور بنسبة 3 بالمائة، وهذه النسبة مرشحة لمزيد الارتفاع مع نهاية سنة 2023.

وعلى مستوى التوزيع القطاعي لقائم القروض البنكية فإن قروض السكن بلغت 12474 م.د أي 45 بالمائة من إجمالي القروض، علما أن البنوك التونسية مولت في السنة الفارطة قطاع العقارات بإسناد قروض بقيمة 351 م.د إلى جانب منح قروض لإعادة تهيئة المسكن بقيمة 255 م.د ما يقارب نحو 37 بالمائة من مجموع قائم القروض. ومثلت قروض الاستهلاك سوى 15 بالمائة فقط من إجمالي قائم القروض من خلال إسناد قروض بقيمة 4354 م .د.

تجدر الإشارة إلى أنه في مقابل ارتفاع نسبة التداين الأسري، أظهرت بيانات البنك المركزي تطورا ايجابيا في قيمة الحسابات الخاصة للادخار خلال الفترة جوان 2022 /جوان 2023 بنسبة 4 بالمائة أي ما يعادل 1067 مليون دينار وذلك بالتوازي مع زيادة الودائع لأجل وما شابهها من حسابات مالية بنسبة 4ر4 بالمائة أو 778 مليون دينار، في حين ازدادت الودائع تحت الطلب لدى البنوك طيلة السداسي الأول 2023 بنسبة ضعيفة لم تتجاوز 2.4 بالمائة أو 652 مليون دينار.

وانجر عن هذه الوضعية المتسمة بالضغط على التمويلات البنكية ازدياد شح السيولة الذي بلغ في المعدل 15546 مليون دينار نهاية الثلاثي الثاني الفارط مما أدى إلى مزيد تدخل البنك المركزي التونسي لضخ السيولة في السوق النقدية لتمكين مؤسسات القرض من الإيفاء بالتزاماتها ومواصلة نشاطها بشكل مستدام وارتفع بذلك الحجم الجملي لإعادة التمويل بقيمة 1345 مليون دينار مقارنة بالثلاثي الأول 2023.

رفيق بن عبد الله

التداين البنكي يرهق العائلات التونسية..   34 بالمائة نسبة تداين الأسر التونسية خلال 2022 والنسبة مرشحة للارتفاع

 

 

تونس- الصباح

بالتوازي مع ارتفاع مؤشرات التضخم المالي وكلفة المعيشة مقابل ضعف المقدرة الشرائية للعائلات التونسية، برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تعكس لحد كبير واقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، والتي عادة ما يدفع ثمنها التونسيون اليوم وهي ارتفاع التداين الأسري، وهي مسألة تتأكد سنويا وتتفاقم من خلال الأرقام والإحصائيات التي ينشرها البنك المركزي..

فقد أكدت معطيات جديدة نشرها مؤخرا البنك المركزي، في نشريته حول الظرف الاقتصادي للسداسي الأول 2023، ارتفاع الحسابات الجارية المدينة للحرفاء في البنوك في تونس بقيمة 671 مليون دينار خلال السداسي الأول من سنة 2023، وذلك بالتوازي مع زيادة قيمة الديون المصنفة بـ1466 مليون دينار مما ساهم بقدر كبير في ارتفاع القروض البنكية التي بلغ قائمها نهاية جوان 2023، قرابة 110 مليار دينار.

وتؤكد هذه المؤشرات تعثر الشركات والمؤسسات الاقتصادية بشكل عام على المستوى المالي والتعويل المكثف للأسر التونسية على التداين البنكي بسبب الارتفاع الكبير للحسابات المدينة (وهي الحسابات التي تسمح لأصحابها بالسحب بمبلغ يزيد عن المبالغ المودعة أو ما يعرف "بالروج").

وتبرز بيانات البنك المركزي ارتفاع قائم القروض البنكية الذي تعلق أساسا بقطاع الخدمات (747 مليون دينار) والأسر والأفراد 539 مليون دينار، يليهما قطاعا الصناعة 290 مليون دينار، والفلاحة والصيد البحري 143 مليون دينار .

وتتقاطع هذه المعطيات، مع معطيات أخرى كان قد نشرها مرصد الخدمات المالية خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، وبينت أن نسبة تداين الأسر التونسية بلغت 34 بالمائة وأنها متداينة بالأساس لدى البنوك.

واستند المرصد في ذلك إلى بحث أنجزه المعهد الوطني للاستهلاك الذي أظهر أن نحو 43 بالمائة من العائلات التونسية لها على الأقل فرد منها متداين لدى البنوك وأن ثلثي الأسر تعتبر أن الوضعية الاقتصادية الراهنة تحتم عليها الاقتراض.

وأبرز المرصد أن العائلات التونسية الحاصلة على قرض بنكي تخصص حوالي 43 بالمائة من مداخيلها لدفع قائم ديونها وترتفع هذه النسبة إلى 60 بالمائة في بعض الأحيان للعديد من الأسر.

وأظهر البحث أن ثلث العائلات التونسية لديها فردان على الأقل تحصلوا على قرض بنكي وأن العديد من الأسر لم يعد بإمكانها التخلي عن اللجوء إلى البنوك للاقتراض.

وتعزى ظاهرة ارتفاع التداين الأسري أساسا إلى تأزم الوضعية الاقتصادية في البلاد وارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة وارتفاع نسبة التضخم التي تفوق حاليا 9 بالمائة. ومن الأسباب الأخرى الترفيع المتواتر في نسبة الفائدة الرئيسية من البنك المركزي التونسي ما أثر بدوره على نسبة الفائدة في السوق النقدية.

وبحسب بيانات سابقة نشرها البنك المركزي فان قائم القروض الممنوحة للأشخاص الطبيعيين وصل مع أواخر سنة 2022 ما قيمته 27755 مليون دينار بزيادة بـ 872 مليون دينار بالمقارنة مع سنة 2021 بتطور بنسبة 3 بالمائة، وهذه النسبة مرشحة لمزيد الارتفاع مع نهاية سنة 2023.

وعلى مستوى التوزيع القطاعي لقائم القروض البنكية فإن قروض السكن بلغت 12474 م.د أي 45 بالمائة من إجمالي القروض، علما أن البنوك التونسية مولت في السنة الفارطة قطاع العقارات بإسناد قروض بقيمة 351 م.د إلى جانب منح قروض لإعادة تهيئة المسكن بقيمة 255 م.د ما يقارب نحو 37 بالمائة من مجموع قائم القروض. ومثلت قروض الاستهلاك سوى 15 بالمائة فقط من إجمالي قائم القروض من خلال إسناد قروض بقيمة 4354 م .د.

تجدر الإشارة إلى أنه في مقابل ارتفاع نسبة التداين الأسري، أظهرت بيانات البنك المركزي تطورا ايجابيا في قيمة الحسابات الخاصة للادخار خلال الفترة جوان 2022 /جوان 2023 بنسبة 4 بالمائة أي ما يعادل 1067 مليون دينار وذلك بالتوازي مع زيادة الودائع لأجل وما شابهها من حسابات مالية بنسبة 4ر4 بالمائة أو 778 مليون دينار، في حين ازدادت الودائع تحت الطلب لدى البنوك طيلة السداسي الأول 2023 بنسبة ضعيفة لم تتجاوز 2.4 بالمائة أو 652 مليون دينار.

وانجر عن هذه الوضعية المتسمة بالضغط على التمويلات البنكية ازدياد شح السيولة الذي بلغ في المعدل 15546 مليون دينار نهاية الثلاثي الثاني الفارط مما أدى إلى مزيد تدخل البنك المركزي التونسي لضخ السيولة في السوق النقدية لتمكين مؤسسات القرض من الإيفاء بالتزاماتها ومواصلة نشاطها بشكل مستدام وارتفع بذلك الحجم الجملي لإعادة التمويل بقيمة 1345 مليون دينار مقارنة بالثلاثي الأول 2023.

رفيق بن عبد الله