إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منذ مصادقته على تقرير "التشريعية".. مجلس هيئة الانتخابات مشلول.. وتجاهل لمسألة سد الشغور

 

ـ توصيات بتعديل القانون الانتخابي وإفراد المخالفات الانتخابية المالية بإجراءات قضائية خاصة

ـ دعوة إلى تجريم بث الإشاعات والأخبار الزائفة التي تمس من مقبولية النتائج

تونس-الصباح

تضمن التقرير الذي سلمه فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مؤخرا لرئيس الجمهورية ثم لرئيس الحكومة والمتعلق بانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب العديد من التوصيات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار خلال المحطات الانتخابية القادمة، وهو تقرير تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الهيئة يوم 20 جوان الماضي بالأغلبية المطلقة لأعضائه وتحفظ ماهر الجديدي، ومنذ ذلك التاريخ يعد مجلس الهيئة في حالة شلل إذ أنه لم يعقد بعدها سوى اجتماعين فقط يومي 3 و4 جويلية حول مقترح إعفاء الجديدي من مهامه، وأدى قرار الإعفاء إلى شغور تعذر معه على مجلس الهيئة الانعقاد مرة أخرى لعدم توفر النصاب رغم أن الهيئة مقبلة على تنظيم الانتخابات المحلية، كما أنها شرعت بعد في استعداداتها لتنظيم الانتخابات الرئاسية والانتخابات الجزئية لسد الشغور في المجلس النيابي حيث وقع رئيسها الثلاثاء الماضي مع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار على مذكرة تفاهم حول التنسيق في مجال الإعداد المادي واللوجستي لمختلف المواعيد الانتخابية القادمة بالخارج.

ومن أبرز التوصيات التي جاءت في التقرير الذي تم نشره بالرائد الرسمي يوم 24 أوت الجاري في عدد خاص، ما يتعلق بدعوة الناخبين والتسجيل والتحيين ومراجعة عدد التزكيات والتحيين الدوري وبمناسبة كل موعد انتخابي لقاعدة بيانات الممنوعين من الترشح خاصة بالنسبة إلى رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية والأئمة ومنتسبي الإدارات الجهوية والمركزية والسلك الدبلوماسي بما يمكن الهيئة من التثبت من شرط انقضاء سنة كاملة على ممارسة الوظائف والمهام في الدائرة الانتخابية، إلى جانب الاستعداد المحكم والمسبق لمراقبة الحملة ودعم التشريعات المتعلقة بالمخالفات المرتكبة عبر المواقع والوسائط الافتراضية من حيث إثبات المخالفات ومدة تمتعها بالحجية القانونية اللازمة لتكييفها كمخالفة انتخابية من عدمه، وإيجاد إطار قانوني لإبرام اتفاقيات مع الشركات الأجنبية المشرفة على منصات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في تونس، وتطوير الإطار التشريعي لتأطير النشاط السياسي على شبكات التواصل الاجتماعي، وعقد دورات تدريبية للإعلاميين ومكونات المجتمع المدني حول مجريات العملية الانتخابية وقواعد الاقتراع والفرز وجمع النتائج والإعلان عنها ووضع إستراتيجية دائمة للتثقيف الانتخابي وخطة اتصالية قارة تشمل الفترات غير الانتخابية وأوقات الذروة أثناء المسارات الانتخابية.

أمر دعوة الناخبين

واقترحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في ذات التقرير أن يتم إصدار الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الدورية المقبلة عقب إصدار الروزنامة الانتخابية من قبلها وذلك انسجاما مع النقطة الخامسة من الفصل الثالث من القانون الأساسي المتعلق بالهيئة والتي تقضي بقيام الهيئة بوضع روزنامة الانتخابات والاستفتاءات وإشهارها وتنفيذها بما يتفق مع المدد المقررة بالدستور والقانون الانتخابي وقبل حيز زمني كاف يخول لها الاستعداد الجيد والمبكر للمواعيد الانتخابية. كما اقترحت في تقريرها تعديل القانون الانتخابي قصد تمكينها من تحديد التوقيت المخصص للاقتراع من قبلها تفاديا للإشكاليات اللوجستية أو التنظيمية أو العملياتية خاصة خارج أرض الوطن ولأنها عادة ما تقرر بعد التشاور مع المؤسستين الأمنية والعسكرية اعتماد توقيت استثنائي في بعض مراكز الاقتراع.

ودعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى إجراء عمليات تصويت التونسيين بالخارج خلال يومين عوضا عن ثلاثة أيام قصد الضغط على الكلفة والحد من مستلزمات تأمين صناديق الاقتراع وصعوبات تخصيص وكراء مكاتب الاقتراع في الخارج وهو ما يتعين معه تعديل الفصل 103 من القانون الانتخابي في اتجاه يخول للهيئة نفسها إمكانية ضبط عدد أيام التصويت بالنسبة للانتخابات التي تتم في الخارج. كما اقترحت الهيئة أن يقع تمكينها من اعتماد آلية الاقتراع عن بعد بالنسبة إلى عملية التصويت بالخارج وفقا لما تضبطه هي نفسها من شروط وإجراءات وتضمين هذا المقترح في القانون الانتخابي كخطوة أولى في اتجاه إمكانية تعميم آلية الاقتراع عن بعد على الناخبين بالداخل وذلك بعد ضمان سلامة وشفافية ومصداقية وثبوتية العملية من الناحية الفنية وبعد الاستفادة من التجارب المقارنة الناجحة.

التسجيل والتحيين

أما في ما يتعلق بالتسجيل الآلي والتحيين فبينت الهيئة في تقريرها المنتظر عرضه على أنظار مجلس نواب الشعب أنها لئن تمكنت من استيفاء التدابير المتعلقة بالتسجيل الآلي والتحيين طبقا للقانون فإنه محمول عليها واجب تطوير أدائها والارتقاء به تفاديا لبعض الإشكاليات وهي تقترح العمل على إحداث فرق متنقلة لتحيين التسجيل وتركيز مكاتب قارة بالداخل والخارج والحرص على تحيين معطيات الناخبين المقيمين والمسجلين بالمناطق الحدودية بين الدوائر الانتخابية، واستيفاء التدابير المتعلقة بالقيام بعملية التحيين المستمر بالداخل والخارج وإيجاد حلول تقنية لهذا الغرض، إضافة إلى إحكام التنسيق مع مختلف الأطراف المتداخلة لحث الفضاءات التجارية على تخصيص مساحات لتركيز مكاتب قارة لتحيين التسجيل وتوسيع حملات التحيين لتشمل جميع المرافق والمؤسسات العمومية والخاصة مع تكثيف الحملات التوعوية والومضات التفاعلية الموجهة للناخبين خاصة بالخارج وتحسين مضامينها والتدقيق في الرسائل المرغوب في تبليغها إلى الفئات المستهدفة، وإيجاد حلول عملية للصعوبات التقنية في منظومة التحيين عن بعد للتونسيين المقيمين بالخارج والعمل على تعصيرها، وتمكين أعوان الهيئة من معالجة المطالب في أحسن الظروف وتيسير الولوج إلى هذه المنظومة دون تسجيل اضطرابات أو انقطاع بالنسبة للناخب أو أعوان الهيئة وتلافي التوقف المتكرر للمنظومة وتبسيط الإجراءات وإتاحة ردود آلية لطالبي التحيين وتمكينهم من استكمال الوثائق المنقوصة دون إعادة عملية التحيين برمتها، وتفعيل منظومة التكوين عن بعد وتطوير محامل التكوين الحضوري في مجال التحيين وتكون الأعوان في الاتصال والتواصل مع المواطنين ومتابعة مردودية أعوان التحيين ومراقبتهم واعتماد الية لتحفيزهم.

كما دعت الهيئة في تقريرها إلى مزيد التنسيق مع الهياكل العمومية من اجل تحيين قواعد المعطيات المرجعية للناخبين الذين تتوفر فيهم صفة الناخب وحذف من لا تتوفر فيهم هذه الصفة، والعمل على برمجة مشاريع جديدة قصد تحسيس المواطنين وحثهم على التحيين خاصة الفئات التي تعزف على المشاركة في الانتخابيات وهم الشباب والمرأة الريفية وحاملي الإعاقة والتفكير في آليات متطورة في مجال الاتصال تواكب تطور وسائل الاتصال الحديثة خاصة الفضاءات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ووضع محتويات توعوية على ذمة العموم عبر شبكة الأنستغرام والتيك توك بصفة مبكرة وقبل الشروع في عملية تحيين التسجيل والتعويل على إبداعات الشباب في أعمال تهدف إلى حث الناخبين على تحيين تسجيلاتهم والشراكة مع المجتمع المدني في عمليات التوعية بتحيين التسجيل التي تهم المرأة والشباب.

ترسيم الوفيات

ومن أبرز التوصيات الأخرى التي خلصت إليها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها حول انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب في علاقة بالتسجيل ضرورة هيكلة العناوين المتوفرة في بطاقات التعريف الوطنية حتى يسهل عليها توزيع الناخبين المسجلين آليا على أقرب مراكز الاقتراع من عناوينهم، وتحيين قواعد البيانات الخاصة بعناوين التونسيين المقيمين بالخارج الممسوكة من قبل البعثات الدبلوماسية والقنصلية حتى تتمكن الهيئة من توزيعهم على أقرب مراكز الاقتراع لمقرات إقامتهم، إلى جانب التحيين الدوري لسجلات الحالة المدنية وخاصة ترسيم الوفيات وإدراجها في آجال قصيرة حتى تتمكن الهيئة من شطبها من السجلات الانتخابية في آجال معقولة قبل ضبط القائمات النهائية للناخبين الخاصة بكل عملية انتخابية.

كما اقترحت هيئة الانتخابات التنسيق مع مصالح وزارة الداخلية بخصوص مشروع بطاقة التعريف البيومترية والمعرف الوطني الوحيد لاستغلال ذلك في ضبط السجل الانتخابي وتحيينه كما اقترحت ادراج عناوين جميع مراكز الاقتراع بالداخل والخارج بخريطة رقمية حتى يسهل على الناخب تحديد واختيار مركز الاقتراع الذي يرغب في التصويت فيه والأقرب إلى عنوانه الفعلي واستغلالها في تطبيقة معلوماتية، واقترحت الهيئة التنسيق مع وزارة الداخلية لتمكين المواطن من اختيار مركز اقتراعه عند استخراج بطاقة التعريف الوطنية لأول مرة أو عند تجديدها.

ومن أبرز التوصيات المثيرة للانتباه في التقرير سالف الذكر، تجريم التدخل في الحملات الانتخابية وبث الإشاعات والأخبار الزائفة التي تمس من مقبولية النتائج وترتقي إلى مستوى التحريض على العنف وتهديد الأمن العام خاصة يوم الاقتراع والإعلان عن النتائج، إضافة إلى إفراد الجرائم الانتخابية والمخالفات المالية بإجراءات قضائية خاصة تراعي خصوصية المادة الانتخابية التي تتطلب سرعة البت في المخالفات والجرائم الانتخابية سواء من قبل القضاء الجزائي أو القضاء المالي.

تكوين الأعوان

ولتجاوز الصعوبات التي اعترضتها عند احتساب نتائج انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب أوصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالخصوص بمزيد تكوين أعوان جمع النتائج وتطوير المنظومات الإعلامية المخصصة للتجميع مع إحاطتها بشروط السلامة والنجاعة قبل اعتمادها.

وتضمن تقرير الهيئة حول الانتخابات التشريعية الأخيرة كلمة افتتاحية لرئيسها تحدث فيها عن كيفية تمكن الهيئة بفضل ما راكمته من خبرة وتجربة، حسب رأيه، من تنظيم الانتخابات التشريعية رغم أن الحيز الزمني كان ضيقا نسبيا ورغم تواصل حملات التشكيك والاستهداف التي طالتها منذ مباشرتها مهامها في ماي 2022، كما تضمن تقديما عاما وملخصا تنفيذيا حول السياق العام لتنظيم انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب وتركيز الإدارة الانتخابية وروزنامة الانتخابات واعتماد التسجيل الآلي والتحيين والترشحات والحملة الانتخابية وتمويلها وعمليات الاقتراع والفرز وجمع النتائج والإعلان عنها والتواصل والعلاقة مع الشركاء والعموم في المسار الانتخابي.

وكانت الجمعيات والمنظمات المعنية بالشأن الانتخابي دعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الثانية لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب يوم 25 فيفري 2023 إلى التسريع في نشر تقريرها النهائي حول هذه الانتخابات والعمل على تنفيذ التوصيات الواردة فيه والتوصيات الصادرة عن المجتمع المدني وتوصيات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وتوصيات محكمة المحاسبات والتي لم تصدر بعد، لتلافي النقائص والإخلالات وتجنب تكرار نفس الأخطاء خلال المحطات الانتخابية القادمة.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

منذ مصادقته على تقرير "التشريعية"..   مجلس هيئة الانتخابات مشلول.. وتجاهل لمسألة سد الشغور

 

ـ توصيات بتعديل القانون الانتخابي وإفراد المخالفات الانتخابية المالية بإجراءات قضائية خاصة

ـ دعوة إلى تجريم بث الإشاعات والأخبار الزائفة التي تمس من مقبولية النتائج

تونس-الصباح

تضمن التقرير الذي سلمه فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مؤخرا لرئيس الجمهورية ثم لرئيس الحكومة والمتعلق بانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب العديد من التوصيات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار خلال المحطات الانتخابية القادمة، وهو تقرير تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الهيئة يوم 20 جوان الماضي بالأغلبية المطلقة لأعضائه وتحفظ ماهر الجديدي، ومنذ ذلك التاريخ يعد مجلس الهيئة في حالة شلل إذ أنه لم يعقد بعدها سوى اجتماعين فقط يومي 3 و4 جويلية حول مقترح إعفاء الجديدي من مهامه، وأدى قرار الإعفاء إلى شغور تعذر معه على مجلس الهيئة الانعقاد مرة أخرى لعدم توفر النصاب رغم أن الهيئة مقبلة على تنظيم الانتخابات المحلية، كما أنها شرعت بعد في استعداداتها لتنظيم الانتخابات الرئاسية والانتخابات الجزئية لسد الشغور في المجلس النيابي حيث وقع رئيسها الثلاثاء الماضي مع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار على مذكرة تفاهم حول التنسيق في مجال الإعداد المادي واللوجستي لمختلف المواعيد الانتخابية القادمة بالخارج.

ومن أبرز التوصيات التي جاءت في التقرير الذي تم نشره بالرائد الرسمي يوم 24 أوت الجاري في عدد خاص، ما يتعلق بدعوة الناخبين والتسجيل والتحيين ومراجعة عدد التزكيات والتحيين الدوري وبمناسبة كل موعد انتخابي لقاعدة بيانات الممنوعين من الترشح خاصة بالنسبة إلى رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية والأئمة ومنتسبي الإدارات الجهوية والمركزية والسلك الدبلوماسي بما يمكن الهيئة من التثبت من شرط انقضاء سنة كاملة على ممارسة الوظائف والمهام في الدائرة الانتخابية، إلى جانب الاستعداد المحكم والمسبق لمراقبة الحملة ودعم التشريعات المتعلقة بالمخالفات المرتكبة عبر المواقع والوسائط الافتراضية من حيث إثبات المخالفات ومدة تمتعها بالحجية القانونية اللازمة لتكييفها كمخالفة انتخابية من عدمه، وإيجاد إطار قانوني لإبرام اتفاقيات مع الشركات الأجنبية المشرفة على منصات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في تونس، وتطوير الإطار التشريعي لتأطير النشاط السياسي على شبكات التواصل الاجتماعي، وعقد دورات تدريبية للإعلاميين ومكونات المجتمع المدني حول مجريات العملية الانتخابية وقواعد الاقتراع والفرز وجمع النتائج والإعلان عنها ووضع إستراتيجية دائمة للتثقيف الانتخابي وخطة اتصالية قارة تشمل الفترات غير الانتخابية وأوقات الذروة أثناء المسارات الانتخابية.

أمر دعوة الناخبين

واقترحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في ذات التقرير أن يتم إصدار الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الدورية المقبلة عقب إصدار الروزنامة الانتخابية من قبلها وذلك انسجاما مع النقطة الخامسة من الفصل الثالث من القانون الأساسي المتعلق بالهيئة والتي تقضي بقيام الهيئة بوضع روزنامة الانتخابات والاستفتاءات وإشهارها وتنفيذها بما يتفق مع المدد المقررة بالدستور والقانون الانتخابي وقبل حيز زمني كاف يخول لها الاستعداد الجيد والمبكر للمواعيد الانتخابية. كما اقترحت في تقريرها تعديل القانون الانتخابي قصد تمكينها من تحديد التوقيت المخصص للاقتراع من قبلها تفاديا للإشكاليات اللوجستية أو التنظيمية أو العملياتية خاصة خارج أرض الوطن ولأنها عادة ما تقرر بعد التشاور مع المؤسستين الأمنية والعسكرية اعتماد توقيت استثنائي في بعض مراكز الاقتراع.

ودعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى إجراء عمليات تصويت التونسيين بالخارج خلال يومين عوضا عن ثلاثة أيام قصد الضغط على الكلفة والحد من مستلزمات تأمين صناديق الاقتراع وصعوبات تخصيص وكراء مكاتب الاقتراع في الخارج وهو ما يتعين معه تعديل الفصل 103 من القانون الانتخابي في اتجاه يخول للهيئة نفسها إمكانية ضبط عدد أيام التصويت بالنسبة للانتخابات التي تتم في الخارج. كما اقترحت الهيئة أن يقع تمكينها من اعتماد آلية الاقتراع عن بعد بالنسبة إلى عملية التصويت بالخارج وفقا لما تضبطه هي نفسها من شروط وإجراءات وتضمين هذا المقترح في القانون الانتخابي كخطوة أولى في اتجاه إمكانية تعميم آلية الاقتراع عن بعد على الناخبين بالداخل وذلك بعد ضمان سلامة وشفافية ومصداقية وثبوتية العملية من الناحية الفنية وبعد الاستفادة من التجارب المقارنة الناجحة.

التسجيل والتحيين

أما في ما يتعلق بالتسجيل الآلي والتحيين فبينت الهيئة في تقريرها المنتظر عرضه على أنظار مجلس نواب الشعب أنها لئن تمكنت من استيفاء التدابير المتعلقة بالتسجيل الآلي والتحيين طبقا للقانون فإنه محمول عليها واجب تطوير أدائها والارتقاء به تفاديا لبعض الإشكاليات وهي تقترح العمل على إحداث فرق متنقلة لتحيين التسجيل وتركيز مكاتب قارة بالداخل والخارج والحرص على تحيين معطيات الناخبين المقيمين والمسجلين بالمناطق الحدودية بين الدوائر الانتخابية، واستيفاء التدابير المتعلقة بالقيام بعملية التحيين المستمر بالداخل والخارج وإيجاد حلول تقنية لهذا الغرض، إضافة إلى إحكام التنسيق مع مختلف الأطراف المتداخلة لحث الفضاءات التجارية على تخصيص مساحات لتركيز مكاتب قارة لتحيين التسجيل وتوسيع حملات التحيين لتشمل جميع المرافق والمؤسسات العمومية والخاصة مع تكثيف الحملات التوعوية والومضات التفاعلية الموجهة للناخبين خاصة بالخارج وتحسين مضامينها والتدقيق في الرسائل المرغوب في تبليغها إلى الفئات المستهدفة، وإيجاد حلول عملية للصعوبات التقنية في منظومة التحيين عن بعد للتونسيين المقيمين بالخارج والعمل على تعصيرها، وتمكين أعوان الهيئة من معالجة المطالب في أحسن الظروف وتيسير الولوج إلى هذه المنظومة دون تسجيل اضطرابات أو انقطاع بالنسبة للناخب أو أعوان الهيئة وتلافي التوقف المتكرر للمنظومة وتبسيط الإجراءات وإتاحة ردود آلية لطالبي التحيين وتمكينهم من استكمال الوثائق المنقوصة دون إعادة عملية التحيين برمتها، وتفعيل منظومة التكوين عن بعد وتطوير محامل التكوين الحضوري في مجال التحيين وتكون الأعوان في الاتصال والتواصل مع المواطنين ومتابعة مردودية أعوان التحيين ومراقبتهم واعتماد الية لتحفيزهم.

كما دعت الهيئة في تقريرها إلى مزيد التنسيق مع الهياكل العمومية من اجل تحيين قواعد المعطيات المرجعية للناخبين الذين تتوفر فيهم صفة الناخب وحذف من لا تتوفر فيهم هذه الصفة، والعمل على برمجة مشاريع جديدة قصد تحسيس المواطنين وحثهم على التحيين خاصة الفئات التي تعزف على المشاركة في الانتخابيات وهم الشباب والمرأة الريفية وحاملي الإعاقة والتفكير في آليات متطورة في مجال الاتصال تواكب تطور وسائل الاتصال الحديثة خاصة الفضاءات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ووضع محتويات توعوية على ذمة العموم عبر شبكة الأنستغرام والتيك توك بصفة مبكرة وقبل الشروع في عملية تحيين التسجيل والتعويل على إبداعات الشباب في أعمال تهدف إلى حث الناخبين على تحيين تسجيلاتهم والشراكة مع المجتمع المدني في عمليات التوعية بتحيين التسجيل التي تهم المرأة والشباب.

ترسيم الوفيات

ومن أبرز التوصيات الأخرى التي خلصت إليها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها حول انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب في علاقة بالتسجيل ضرورة هيكلة العناوين المتوفرة في بطاقات التعريف الوطنية حتى يسهل عليها توزيع الناخبين المسجلين آليا على أقرب مراكز الاقتراع من عناوينهم، وتحيين قواعد البيانات الخاصة بعناوين التونسيين المقيمين بالخارج الممسوكة من قبل البعثات الدبلوماسية والقنصلية حتى تتمكن الهيئة من توزيعهم على أقرب مراكز الاقتراع لمقرات إقامتهم، إلى جانب التحيين الدوري لسجلات الحالة المدنية وخاصة ترسيم الوفيات وإدراجها في آجال قصيرة حتى تتمكن الهيئة من شطبها من السجلات الانتخابية في آجال معقولة قبل ضبط القائمات النهائية للناخبين الخاصة بكل عملية انتخابية.

كما اقترحت هيئة الانتخابات التنسيق مع مصالح وزارة الداخلية بخصوص مشروع بطاقة التعريف البيومترية والمعرف الوطني الوحيد لاستغلال ذلك في ضبط السجل الانتخابي وتحيينه كما اقترحت ادراج عناوين جميع مراكز الاقتراع بالداخل والخارج بخريطة رقمية حتى يسهل على الناخب تحديد واختيار مركز الاقتراع الذي يرغب في التصويت فيه والأقرب إلى عنوانه الفعلي واستغلالها في تطبيقة معلوماتية، واقترحت الهيئة التنسيق مع وزارة الداخلية لتمكين المواطن من اختيار مركز اقتراعه عند استخراج بطاقة التعريف الوطنية لأول مرة أو عند تجديدها.

ومن أبرز التوصيات المثيرة للانتباه في التقرير سالف الذكر، تجريم التدخل في الحملات الانتخابية وبث الإشاعات والأخبار الزائفة التي تمس من مقبولية النتائج وترتقي إلى مستوى التحريض على العنف وتهديد الأمن العام خاصة يوم الاقتراع والإعلان عن النتائج، إضافة إلى إفراد الجرائم الانتخابية والمخالفات المالية بإجراءات قضائية خاصة تراعي خصوصية المادة الانتخابية التي تتطلب سرعة البت في المخالفات والجرائم الانتخابية سواء من قبل القضاء الجزائي أو القضاء المالي.

تكوين الأعوان

ولتجاوز الصعوبات التي اعترضتها عند احتساب نتائج انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب أوصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالخصوص بمزيد تكوين أعوان جمع النتائج وتطوير المنظومات الإعلامية المخصصة للتجميع مع إحاطتها بشروط السلامة والنجاعة قبل اعتمادها.

وتضمن تقرير الهيئة حول الانتخابات التشريعية الأخيرة كلمة افتتاحية لرئيسها تحدث فيها عن كيفية تمكن الهيئة بفضل ما راكمته من خبرة وتجربة، حسب رأيه، من تنظيم الانتخابات التشريعية رغم أن الحيز الزمني كان ضيقا نسبيا ورغم تواصل حملات التشكيك والاستهداف التي طالتها منذ مباشرتها مهامها في ماي 2022، كما تضمن تقديما عاما وملخصا تنفيذيا حول السياق العام لتنظيم انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب وتركيز الإدارة الانتخابية وروزنامة الانتخابات واعتماد التسجيل الآلي والتحيين والترشحات والحملة الانتخابية وتمويلها وعمليات الاقتراع والفرز وجمع النتائج والإعلان عنها والتواصل والعلاقة مع الشركاء والعموم في المسار الانتخابي.

وكانت الجمعيات والمنظمات المعنية بالشأن الانتخابي دعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الثانية لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب يوم 25 فيفري 2023 إلى التسريع في نشر تقريرها النهائي حول هذه الانتخابات والعمل على تنفيذ التوصيات الواردة فيه والتوصيات الصادرة عن المجتمع المدني وتوصيات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وتوصيات محكمة المحاسبات والتي لم تصدر بعد، لتلافي النقائص والإخلالات وتجنب تكرار نفس الأخطاء خلال المحطات الانتخابية القادمة.

سعيدة بوهلال