الأحداث والأخبار السياسية، المحلية والدولية، لا تزال تلقي بحصتها من القضايا والفضائح المتعلقة بما يسمى بالتجسّس وهذا ما يجب تحليله، من خلال متابعة مسار تاريخ طويل عن أقدم مهنة في العالم .
فـ"الآذان الكبيرة" لا تزال قائمة منذ قيام الإنسان .
في التاريخ الإسلامي هنالك ما يعرف بـ"ديوان الخبر" وهو جهاز الاستخبارات العامة، والطريف كما يذكر لنا المؤرّخون أنّ ذلك العظيم صلاح الدين الأيوبي جنّد أميرة صليبية ولصوصا وبلطجية للتجسس وجمع المعلومات .
نقل لي صديق حكاية غريبة، استجدّت في تونس، تحديدا في حيّ شعبي، بعد ثورة الخراب، إذ فوجئ وهو من رواد أحد المقاهي الشعبية أنه في صبيحة كلّ يوم جمعة يرى شبانا يخرجون من الصلاة ويقفون عند كشك بائع الصحف للاطلاع فقط على صفحة الألعاب، المنشورة بجريدة تابعة لحزب معيّن لحلّ لغز الكلمات المتقاطعة بحثا عن كلمة السرّ و "توجيهات الأسبوع " التي كانت توجّهها قيادة الحزب المذكور لأتباعها من خلال هذه اللعبة الفكرية .
بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، كان أول حوار صحفي للرئيس زين العابدين بن علي مع جون دانيال مدير مجلة "لونوفال ابسرفاتور" وجّه له هذا الأخير سؤالا حول مدى معرفة وعلم القيادة الجزائرية بحركته الإطاحة بنظام بورقيبة، أجاب بن علي يومها، بأنّ الجهات التونسية كانت تعلم أنهم كانوا يعلمون، أي الجزائريون .
الاهتمام بالملف الجزائري وحرص النظام في تونس على المتابعة والتركيز يعود لقناعة بوجود مخاطر قد يكون مصدرها حدودنا الغربية، فالزعيم الحبيب بورقيبة ينقل المقرّبون منه، غضبه الشديد من مصالح الاستخبارات التونسية لعدم استشرافها خطر هجوم على تونس في عملية قفصة، كما أنّ ما عاشته الجزائر في بداية تسعينات القرن الماضي من عشرية سوداء تلك الحرب الأهلية المدمّرة والتي تقف وراءها جماعات إسلامية متطرفة خلّفت حالة من القلق صلب النظام .
من أغرب حوادث التجسس التي شهدتها بلادنا وتمّ التفطن إليها بفضل يقظة أجهزتنا هي ما قام به دبلوماسيان روسيان خلال الفترة، من 2011 إلى 2015، عندنا تمكنا من الحصول على قائمات المواطنين، بفضل مساعدة موظفين بلديين الذين سلموهما سجلات الحالات المدنية، ومضامين ولادة ووفاة، وشهادات زواج وطلاق لتونسيين وتونسيات وأجانب !!.
إن الحقيقة المهمة الوحيدة، إنه مهما كان إحكام هذه الأجهزة الاستخباراتية وكفاءتها فإن دورها ظل يتركز أساسا على الحماية واستشراف الخطر والتصدي للأعداء ومكافحة الخصوم المنافسين.
يرويها: أبوبكر الصغير
الأحداث والأخبار السياسية، المحلية والدولية، لا تزال تلقي بحصتها من القضايا والفضائح المتعلقة بما يسمى بالتجسّس وهذا ما يجب تحليله، من خلال متابعة مسار تاريخ طويل عن أقدم مهنة في العالم .
فـ"الآذان الكبيرة" لا تزال قائمة منذ قيام الإنسان .
في التاريخ الإسلامي هنالك ما يعرف بـ"ديوان الخبر" وهو جهاز الاستخبارات العامة، والطريف كما يذكر لنا المؤرّخون أنّ ذلك العظيم صلاح الدين الأيوبي جنّد أميرة صليبية ولصوصا وبلطجية للتجسس وجمع المعلومات .
نقل لي صديق حكاية غريبة، استجدّت في تونس، تحديدا في حيّ شعبي، بعد ثورة الخراب، إذ فوجئ وهو من رواد أحد المقاهي الشعبية أنه في صبيحة كلّ يوم جمعة يرى شبانا يخرجون من الصلاة ويقفون عند كشك بائع الصحف للاطلاع فقط على صفحة الألعاب، المنشورة بجريدة تابعة لحزب معيّن لحلّ لغز الكلمات المتقاطعة بحثا عن كلمة السرّ و "توجيهات الأسبوع " التي كانت توجّهها قيادة الحزب المذكور لأتباعها من خلال هذه اللعبة الفكرية .
بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، كان أول حوار صحفي للرئيس زين العابدين بن علي مع جون دانيال مدير مجلة "لونوفال ابسرفاتور" وجّه له هذا الأخير سؤالا حول مدى معرفة وعلم القيادة الجزائرية بحركته الإطاحة بنظام بورقيبة، أجاب بن علي يومها، بأنّ الجهات التونسية كانت تعلم أنهم كانوا يعلمون، أي الجزائريون .
الاهتمام بالملف الجزائري وحرص النظام في تونس على المتابعة والتركيز يعود لقناعة بوجود مخاطر قد يكون مصدرها حدودنا الغربية، فالزعيم الحبيب بورقيبة ينقل المقرّبون منه، غضبه الشديد من مصالح الاستخبارات التونسية لعدم استشرافها خطر هجوم على تونس في عملية قفصة، كما أنّ ما عاشته الجزائر في بداية تسعينات القرن الماضي من عشرية سوداء تلك الحرب الأهلية المدمّرة والتي تقف وراءها جماعات إسلامية متطرفة خلّفت حالة من القلق صلب النظام .
من أغرب حوادث التجسس التي شهدتها بلادنا وتمّ التفطن إليها بفضل يقظة أجهزتنا هي ما قام به دبلوماسيان روسيان خلال الفترة، من 2011 إلى 2015، عندنا تمكنا من الحصول على قائمات المواطنين، بفضل مساعدة موظفين بلديين الذين سلموهما سجلات الحالات المدنية، ومضامين ولادة ووفاة، وشهادات زواج وطلاق لتونسيين وتونسيات وأجانب !!.
إن الحقيقة المهمة الوحيدة، إنه مهما كان إحكام هذه الأجهزة الاستخباراتية وكفاءتها فإن دورها ظل يتركز أساسا على الحماية واستشراف الخطر والتصدي للأعداء ومكافحة الخصوم المنافسين.