رغم مرور شهر على توقيع مذكرة تفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي تضمنت خمسة محاور رئيسية منها محور يتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية، ما يزال نسق عمليات الهجرة غير النظامية التي تنطلق من السواحل التونسية في اتجاه ايطاليا في نسق مرتفع خاصة مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة.
وكانت تونس والاتحاد الأوروبي قد وقعتا بتاريخ 16 جويلية 2023 مذكرة تفاهم لإرساء "شراكة إستراتيجية وشاملة" في التنمية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية.
وكانت ايطاليا قد أشادت بتواصلها لهذا الاتفاق الذي تضمن حزمة مساعدات مالية أوروبية، واعتبرته مهما واستراتيجيا ومقدمة لتوقيع اتفاقيات مشابهة مع دول أخرى من جنوب المتوسط معنية بمسألة الهجرة غير النظامية.
وليكون الاتفاق التونسي- الأوروبي فاعلا، يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، علما أن بعض الدول الأوروبية لم تتحمس كثيرا لهذا الاتفاق، مع تنامي انتقادات لمؤسسات حقوقية أوروبية لمضمون الاتفاق، السبب الذي دفع بنائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني، أول أمس الخميس القول في تصريح إعلامي أنه "لا يمكن حل مشكلة الهجرة دون إستراتيجية أوروبية" حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وقال تاياني، في مهرجان فيرسيليانا في مارينا دي بيتراسانتا، "دون إستراتيجية أوروبية، وليست إيطالية فقط، لن يتم حل قضية الهجرة أبدًا".
إحباط 18 عملية هجرة وإنقاذ أكثر من 630 مهاجرا
وفي هذا السياق ترد يوميا عن السلطات الأمنية في تونس أو في إيطاليا تقارير رسمية إما عن إحباط عمليات هجرة خاصة من الجانب التونسي، وآخرها ما صدر عن وزارة الداخلية التونسية حين أكدت إحباط 18 عملية محاولة هجرة غير قانونية لتجاوز الحدود البحرية قبل يومين. وقالت الداخلية أنها تمكنت من إنقاذ قرابة 630 مهاجرا كانوا على متن قوارب هجرة، وأن قرابة 550 من بين المهاجرين الذين تمت نجدتهم، هم من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء، والبقية تونسيين..
كما أعلنت الداخلية عن اعتقال قرابة 20 شخصا من أفراد عصابات ووسطاء يقومون بتنظيم رحلات الهجرة، وتمت إحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم، وحجز 50 مركبا بحريا كانت معدة لتنظيم رحلات هجرة من السواحل التونسية.
في المقابل، يؤكد الجانب الايطالي وصول قوارب مهاجرين خاصة في جزيرة لامبيدوزا، وذلك بشكل شبه يومي معظمها قادمة من تونس.
فقد كشفت تقارير إعلامية ايطالية نقلا عن مصادر من حرس السواحل الايطالية، وصول ما يقارب 186 مهاجرا ليلة أول أمس الخميس، وتم اعتراض ثلاثة قوارب من قبل رجال هيئة حماية الموانئ على بعد 10 ـ 12 ميلاً بحرياً عن ساحل جزيرة لامبادوزا.
وأضافت المصادر ذاتها، أن “5 مجموعات أخرى من القوارب اقتربت من سواحل البلاد، كان مجموع الأشخاص عليها 174 شخصاً (بينهم 18 امرأة و5 قاصرين)”، وقد “تم اعتراض هذه القوارب من قبل قوات خفر السواحل. بالإضافة إلى 311 مهاجراً آخرين، كانوا قد هبطوا في ساعات سابقة لمنتصف الليل على كبرى جزر الأرخبيل الصقلّي. ومن بين القوارب التي تم اعتراضها كان هناك قارب خشبي طوله 8 أمتار دون محرك وعلى متنه 30 مهاجراً”.
وذكرت المصادر الأمنية، أنه “في غضون ذلك تتواصل عملية نقل المهاجرين بالتنسيق مع وزارة الداخلية، إذ يتم ترتيب خطة ضخمة لنقل حوالي 800 شخص من جزيرة لامبيدوزا".
90 ألفا وصلوا ايطاليا في 7 أشهر.. 60 % منهم قدموا من تونس
في سياق متصل، أشارت بيانات صادرة عن الداخلية الايطالية، ارتفاع نسبة تدفقات المهاجرين غير النظاميين إلى ايطاليا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 ، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
ووصل حوالي 90 ألف مهاجر إلى إيطاليا بزيادة قرابة 115 في المائة، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية نقلا عن بيانات منتصف أوت التي أطلقتها وزارة الداخلية الإيطالية. علما أن غالبية المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا حتى 31 جويلية الماضي، هم من تونس، قدر عددهم بقرابة 55 ألفا، ما يعادل 61 في المائة من إجمالي المهاجرين.
ومن بين المهاجرين غير النظاميين، يتزايد عدد القصر غير المصحوبين بذويهم، بما يعادل 10285 ، أو 83.50 في المائة أكثر مما كان عليه في عام 2022.
يذكر أن مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي، وردت في خمسة محاور أساسية تتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي، والاقتصاد والتجارة، والتحول الطاقي الأخضر، والتقارب بين الشعوب، والهجرة والتنقل.
وفي ما يتعلق بمحور الهجرة والتنقل أشارت المذكرة بالخصوص إلى رغبة الطرفين المشتركة لتطوير مقاربة شمولية للهجرة وتنمية طرق الهجرة النظامية.
وأكدت المذكرة أن تونس جددت موقفها الرافض لان تكون بلد توطين للمهاجرين غير النظاميين وألا تكون حارسة إلا لحدودها.
وأشارت إلى تعهد الاتحاد الأوروبي في هذا الإطار بتقديم دعم إضافي لتونس لاقتناء التجهيزات اللازمة والتكوين والدعم التقني لتحسين حماية حدود مؤكدة رغبة الطرفين المشتركة في مقاومة الهجرة غير النظامية. كما نصت على تعهد الطرفين بتمكين المهاجرين غير النظاميين بتونس من العودة إلى أوطانهم في إطار احترام كرامتهم والقانون الدولي.
وأثارت المذكرة الكثير من الجدل القانوني والسياسي خاصة في ما يتعلق ببعض البنود الواردة فيها وفي كيفية تنفيذها، وما إذا احترمت مصالح الدولة التونسية وسيادتها، على غرار التزامات تونس في ما يهم ملف الهجرة وكيفية التعامل مع المهاجرين غير النظاميين سواء التونسيين المرحلين من أوروبا، أو الأجانب من دول إفريقيا جنوب الصحراء..
ارتفاع نسق الترحيل
وقد يكون الجانب المتعلق بارتفاع نسق ترحيل المهاجرين بين تونس وايطاليا، النقطة السلبية الأبرز التي قد تكون نتيجة الاتفاقية الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي.
إذ تشير بيانات الداخلية الايطالية، ارتفاع نسق عمليات الإعادة أو ترحيل المهاجرين غير النظاميين، وذلك بواقع 2561، خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية، بزيادة قدرها 28.05 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق..
وكان وزير الداخلية الإيطالي د أعلن عن إجراءات جديدة ستتخذها إيطاليا من أجل ترحيل المهاجرين غير نظاميين وذلك عبر حزمة من القوانين للتسريع في عملية الترحيل، سيتم الإعلان عنها في شهر سبتمبر المقبل.
كما أعلن أنه سيتم فتح مراكز الحجز والترحيل جديدة في ايطاليا لإيواء أكثر عدد ممكن من المهاجرين الذين سيقع ترحيلهم.
ووفق ما أفاد به النائب التونسي السابق والنشاط الحقوقي المقيم بإيطاليا مجدي الكرباعي، فإن هذه القرارات سيكون لها أثر سلبي على المهاجرين التونسيين الذين يعتبرون من أكثر الجنسيات ترحيلا، وداخل مراكز الحجز والترحيل، مؤكدا أن قرارات الترحيل أصبحت تعطى بطريقة آلية للمهاجرين التونسيين دون إعطائهم إمكانية تقديم طلبات لجوء مثل ما كان معمولا به سابقا.
رفيق بن عبد الله
تونس
تونس- الصباح
رغم مرور شهر على توقيع مذكرة تفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي تضمنت خمسة محاور رئيسية منها محور يتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية، ما يزال نسق عمليات الهجرة غير النظامية التي تنطلق من السواحل التونسية في اتجاه ايطاليا في نسق مرتفع خاصة مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة.
وكانت تونس والاتحاد الأوروبي قد وقعتا بتاريخ 16 جويلية 2023 مذكرة تفاهم لإرساء "شراكة إستراتيجية وشاملة" في التنمية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية.
وكانت ايطاليا قد أشادت بتواصلها لهذا الاتفاق الذي تضمن حزمة مساعدات مالية أوروبية، واعتبرته مهما واستراتيجيا ومقدمة لتوقيع اتفاقيات مشابهة مع دول أخرى من جنوب المتوسط معنية بمسألة الهجرة غير النظامية.
وليكون الاتفاق التونسي- الأوروبي فاعلا، يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، علما أن بعض الدول الأوروبية لم تتحمس كثيرا لهذا الاتفاق، مع تنامي انتقادات لمؤسسات حقوقية أوروبية لمضمون الاتفاق، السبب الذي دفع بنائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني، أول أمس الخميس القول في تصريح إعلامي أنه "لا يمكن حل مشكلة الهجرة دون إستراتيجية أوروبية" حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وقال تاياني، في مهرجان فيرسيليانا في مارينا دي بيتراسانتا، "دون إستراتيجية أوروبية، وليست إيطالية فقط، لن يتم حل قضية الهجرة أبدًا".
إحباط 18 عملية هجرة وإنقاذ أكثر من 630 مهاجرا
وفي هذا السياق ترد يوميا عن السلطات الأمنية في تونس أو في إيطاليا تقارير رسمية إما عن إحباط عمليات هجرة خاصة من الجانب التونسي، وآخرها ما صدر عن وزارة الداخلية التونسية حين أكدت إحباط 18 عملية محاولة هجرة غير قانونية لتجاوز الحدود البحرية قبل يومين. وقالت الداخلية أنها تمكنت من إنقاذ قرابة 630 مهاجرا كانوا على متن قوارب هجرة، وأن قرابة 550 من بين المهاجرين الذين تمت نجدتهم، هم من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء، والبقية تونسيين..
كما أعلنت الداخلية عن اعتقال قرابة 20 شخصا من أفراد عصابات ووسطاء يقومون بتنظيم رحلات الهجرة، وتمت إحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم، وحجز 50 مركبا بحريا كانت معدة لتنظيم رحلات هجرة من السواحل التونسية.
في المقابل، يؤكد الجانب الايطالي وصول قوارب مهاجرين خاصة في جزيرة لامبيدوزا، وذلك بشكل شبه يومي معظمها قادمة من تونس.
فقد كشفت تقارير إعلامية ايطالية نقلا عن مصادر من حرس السواحل الايطالية، وصول ما يقارب 186 مهاجرا ليلة أول أمس الخميس، وتم اعتراض ثلاثة قوارب من قبل رجال هيئة حماية الموانئ على بعد 10 ـ 12 ميلاً بحرياً عن ساحل جزيرة لامبادوزا.
وأضافت المصادر ذاتها، أن “5 مجموعات أخرى من القوارب اقتربت من سواحل البلاد، كان مجموع الأشخاص عليها 174 شخصاً (بينهم 18 امرأة و5 قاصرين)”، وقد “تم اعتراض هذه القوارب من قبل قوات خفر السواحل. بالإضافة إلى 311 مهاجراً آخرين، كانوا قد هبطوا في ساعات سابقة لمنتصف الليل على كبرى جزر الأرخبيل الصقلّي. ومن بين القوارب التي تم اعتراضها كان هناك قارب خشبي طوله 8 أمتار دون محرك وعلى متنه 30 مهاجراً”.
وذكرت المصادر الأمنية، أنه “في غضون ذلك تتواصل عملية نقل المهاجرين بالتنسيق مع وزارة الداخلية، إذ يتم ترتيب خطة ضخمة لنقل حوالي 800 شخص من جزيرة لامبيدوزا".
90 ألفا وصلوا ايطاليا في 7 أشهر.. 60 % منهم قدموا من تونس
في سياق متصل، أشارت بيانات صادرة عن الداخلية الايطالية، ارتفاع نسبة تدفقات المهاجرين غير النظاميين إلى ايطاليا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 ، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
ووصل حوالي 90 ألف مهاجر إلى إيطاليا بزيادة قرابة 115 في المائة، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية نقلا عن بيانات منتصف أوت التي أطلقتها وزارة الداخلية الإيطالية. علما أن غالبية المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا حتى 31 جويلية الماضي، هم من تونس، قدر عددهم بقرابة 55 ألفا، ما يعادل 61 في المائة من إجمالي المهاجرين.
ومن بين المهاجرين غير النظاميين، يتزايد عدد القصر غير المصحوبين بذويهم، بما يعادل 10285 ، أو 83.50 في المائة أكثر مما كان عليه في عام 2022.
يذكر أن مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي، وردت في خمسة محاور أساسية تتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي، والاقتصاد والتجارة، والتحول الطاقي الأخضر، والتقارب بين الشعوب، والهجرة والتنقل.
وفي ما يتعلق بمحور الهجرة والتنقل أشارت المذكرة بالخصوص إلى رغبة الطرفين المشتركة لتطوير مقاربة شمولية للهجرة وتنمية طرق الهجرة النظامية.
وأكدت المذكرة أن تونس جددت موقفها الرافض لان تكون بلد توطين للمهاجرين غير النظاميين وألا تكون حارسة إلا لحدودها.
وأشارت إلى تعهد الاتحاد الأوروبي في هذا الإطار بتقديم دعم إضافي لتونس لاقتناء التجهيزات اللازمة والتكوين والدعم التقني لتحسين حماية حدود مؤكدة رغبة الطرفين المشتركة في مقاومة الهجرة غير النظامية. كما نصت على تعهد الطرفين بتمكين المهاجرين غير النظاميين بتونس من العودة إلى أوطانهم في إطار احترام كرامتهم والقانون الدولي.
وأثارت المذكرة الكثير من الجدل القانوني والسياسي خاصة في ما يتعلق ببعض البنود الواردة فيها وفي كيفية تنفيذها، وما إذا احترمت مصالح الدولة التونسية وسيادتها، على غرار التزامات تونس في ما يهم ملف الهجرة وكيفية التعامل مع المهاجرين غير النظاميين سواء التونسيين المرحلين من أوروبا، أو الأجانب من دول إفريقيا جنوب الصحراء..
ارتفاع نسق الترحيل
وقد يكون الجانب المتعلق بارتفاع نسق ترحيل المهاجرين بين تونس وايطاليا، النقطة السلبية الأبرز التي قد تكون نتيجة الاتفاقية الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي.
إذ تشير بيانات الداخلية الايطالية، ارتفاع نسق عمليات الإعادة أو ترحيل المهاجرين غير النظاميين، وذلك بواقع 2561، خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية، بزيادة قدرها 28.05 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق..
وكان وزير الداخلية الإيطالي د أعلن عن إجراءات جديدة ستتخذها إيطاليا من أجل ترحيل المهاجرين غير نظاميين وذلك عبر حزمة من القوانين للتسريع في عملية الترحيل، سيتم الإعلان عنها في شهر سبتمبر المقبل.
كما أعلن أنه سيتم فتح مراكز الحجز والترحيل جديدة في ايطاليا لإيواء أكثر عدد ممكن من المهاجرين الذين سيقع ترحيلهم.
ووفق ما أفاد به النائب التونسي السابق والنشاط الحقوقي المقيم بإيطاليا مجدي الكرباعي، فإن هذه القرارات سيكون لها أثر سلبي على المهاجرين التونسيين الذين يعتبرون من أكثر الجنسيات ترحيلا، وداخل مراكز الحجز والترحيل، مؤكدا أن قرارات الترحيل أصبحت تعطى بطريقة آلية للمهاجرين التونسيين دون إعطائهم إمكانية تقديم طلبات لجوء مثل ما كان معمولا به سابقا.