إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وسط مطالبة بالقطع مع المحاباة والولاءات.. دعوة إلى الإسراع بالحركة الدبلوماسية والقنصلية وسد الشغورات

 

تونس – الصباح

الحسم في ملف "الدبلوماسية" التونسية سواء من حيث سد الشغورات المسجلة في السفراء والقناصل والبعثات الدبلوماسية أو القيام بالتحويرات المطلوبة، يعد اليوم مسألة على غاية من الأهمية نظرا للتحديات المطروحة في سياسة تونس الخارجية. لذلك لاقت مسألة طرح رئيس الجمهورية قيس سعيد أثناء لقائه أول أمس نبيل عمار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، الحركة الدبلوماسية والقنصلية وضرورة الإسراع في حل هذا الملف، تفاعلا واسعا في مخلف الأوساط نظرا لتعطل لما عرفه هذا الملف من تعطل وتلكؤ وتوظيف. إضافة إلى تداعيات ذلك سياسيا واجتماعيا واقتصاديا لاسيما في ظل الشغورات المسجلة في بعض السفارات والقنصليات في بلدان تجمعها بتونس علاقات ومصالح مشتركة خاصة أمام ما يعيشه العالم في هذه المرحلة من صعوبات وتغيرات جيو-استراتيجية وسياسية وتحولات في سياق إعادة التوازنات والتموقع داخل العالم. وقد بدا ذلك جليا بعد دخول بلادنا على خط الحوار والنقاش مع الاتحاد الأوروبي حول جملة من الملفات الهامة والكبرى، الذي توج بالتوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول برامج تعاون واستثمار وشراكة تم التنصيص عليها في مذكرة التفاهم التي تم إمضاؤها منذ أسبوعين تقريبا. فضلا عما تنتظره الجالية التونسية بالخارج من خدمات واستحقاقات من هذه الهياكل خاصة أن عدد الجالية التونسية بالخارج هو في حدود ثلاثة ملايين تونسي.

ويتزامن ذلك مع تشديد رئيس الجمهورية على "موقف تونس المتمسكة بثوابتها في سياستها الخارجية والمتشبثة في نفس الوقت بسيادتها الوطنية النابعة من إرادة شعبها وموقفها من أجل إرساء نظام عالمي جديد أكثر عدلا لا ترتيب تفاضلي فيه للدول لأنه كلما غاب العدل إلا وزاد الفقر واندلعت الحروب وتفاقم الإرهاب".

فتشديد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع بالحركة الدبلوماسية والقنصلية، وعلى ضرورة اعتماد مقاييس موضوعية في الاختيار حتى يمثل السفراء تونس أحسن تمثيل ويضعوا مصلحة تونس وسيادتها فوق كل اعتبار ولكي يكونوا في مستوى التمثيلية المطلوبة والإحاطة والخدمات المنتظر تقديمها لفائدة الجالية التونسية بالخارج.

فبعد أن تم تدارك وسد شغور في أربع سفارات البلدان التي تربطها ببلادنا مصالح وعلاقات شراكة وتعاون واسعة خلال شهر جويلية المنقضي وذلك بتعيين كل من فرهد خليف، سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية التونسية بالدوحة وواصف شيحة، سفيرا ببرلين والصحبي خلف الله، سفيرا ببروكسيل وعادل العربي، سفيرا ببيكين، من المنتظر أن يتم الحسم في بقية الشغورات. وذلك باعتماد مقاييس اختيار تضع عناصر الكفاءة والاستحقاق والقدرة على تقديم الخدمات المطلوبة والتي تنتصر لأهداف الجمهورية الجديدة فوق كل الاعتبارات. خاصة أن الدبلوماسية التونسية في مرحلة ما بعد 2011 كانت مصدر وهن وتندر في كثير من الأحيان، بعد أن تحولت التعيينات فيها تخض للمحسوبية الحزبية والسياسية وأصبحت مجالا آخر للغنيمة في التعيينات والعمل ضمن البعثات الدبلوماسية. وهو ما أثر على مستوى العمل الدبلوماسية وافقده نجاعته المنتظرة والمطلوبة. لتكون بذلك الدبلوماسية الجديدة حاملة للمقاربة المبنية على فرض سيادة الدولة وخصوصيتها والعمل على ضرورة احترامها وخدمة مصالحها وأبنائها أينما كانوا دون تدخل في شؤون الآخرين.

وهو ما ألقى بتداعياته على الوضعية الدبلوماسية التونسية في الخارج وكان سببا لرفض وتأخير الحركات الدبلوماسية والقنصلية من قبل رئيس الجمهورية خلال السنوات الأخيرة. الأمر الذي أثار جدلا واسعا وشكل محور انتقاد من قبل الداعمين لسياسة سعيد أو المعارضين لها لاسيما بالنسبة للشغورات المسجلة في عدة بلدان توجد بها أعداد كبيرة من الجالية التونسية وتربطها ببلادنا مصالح مشتركة على غرار البلدان التي تعيين سفراء في عواصمها منذ بداية الشهر الماضي إضافة إلى الشغورات الموجودة حاليا ببلدان أخرى من بينها إيطاليا وتركيا واستراليا والسنغال وإفريقيا الجنوبية  والكوت ديفوار وغيرها من البلدان الإفريقية الأخرى والعربية.. فضلا عن الشغورات في مستوى عدد من القنصليات بكل من فرنسا وإيطاليا وغيرها.

وقد كان لغياب الدبلوماسية التونسية في الخارج وتراجع دور ما هو موجود هناك، لاعتبار المحسوبية الحزبية في التعيينات التي انعكست بالأساس في ولاء البعض للجهات الحزبية التي يتبعونها على حساب خدمة المصلحة الوطنية، تأثير سلبي على صورة تونس في الخارج لاسيما خلال السنتين الأخيرتين.

ويذكر أن وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج استطاع منذ توليه حقيبة الخارجية في فيفري الماضي أن يعطي ديناميكية للدبلوماسية التونسية ويحقق انفتاح سياستها على الخارج إقليميا وقاريا ودوليا، لتتغير بذلك مواقف عدة بلدان وجهات أجنبية تجاه تونس وتراهن على الدخول في برامج تعاون وشراكة واستثمار معها، ولعل أبرز مثال على ذلك ما تم الاتفاق حوله من الاتحاد الأوروبي وفتح باب الحوار والنقاش حول ملف الهجرة غير النظامية الشائك، إضافة إلى بلدن خليجية وإفريقية في انتظار توسيع برامج الشراكة والتعاون وتكريسها على أرض الواقع داخل تونس وخارجها، وتفعيل البرامج والاتفاقيات العالقة لاسيما منها ما جاء في قمة "تيكاد 8" في أوت الماضي أو ما تم الاتفاق حوله في القمة الفرانكفونية التي احتضنتها بلادنا في نوفمبر الماضي.

كلها تعد تحديات مطروحة أمام الدبلوماسية التونسية اليوم أكثر من أي وقت مضى وهذا، وفق تقدير الأغلبية، يتطلب القطع مع المحاباة والولاءات والمحسوبية في التعيينات والتكليف.

نزيهة الغضباني

وسط مطالبة بالقطع مع المحاباة والولاءات..   دعوة إلى الإسراع بالحركة الدبلوماسية والقنصلية وسد الشغورات

 

تونس – الصباح

الحسم في ملف "الدبلوماسية" التونسية سواء من حيث سد الشغورات المسجلة في السفراء والقناصل والبعثات الدبلوماسية أو القيام بالتحويرات المطلوبة، يعد اليوم مسألة على غاية من الأهمية نظرا للتحديات المطروحة في سياسة تونس الخارجية. لذلك لاقت مسألة طرح رئيس الجمهورية قيس سعيد أثناء لقائه أول أمس نبيل عمار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، الحركة الدبلوماسية والقنصلية وضرورة الإسراع في حل هذا الملف، تفاعلا واسعا في مخلف الأوساط نظرا لتعطل لما عرفه هذا الملف من تعطل وتلكؤ وتوظيف. إضافة إلى تداعيات ذلك سياسيا واجتماعيا واقتصاديا لاسيما في ظل الشغورات المسجلة في بعض السفارات والقنصليات في بلدان تجمعها بتونس علاقات ومصالح مشتركة خاصة أمام ما يعيشه العالم في هذه المرحلة من صعوبات وتغيرات جيو-استراتيجية وسياسية وتحولات في سياق إعادة التوازنات والتموقع داخل العالم. وقد بدا ذلك جليا بعد دخول بلادنا على خط الحوار والنقاش مع الاتحاد الأوروبي حول جملة من الملفات الهامة والكبرى، الذي توج بالتوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول برامج تعاون واستثمار وشراكة تم التنصيص عليها في مذكرة التفاهم التي تم إمضاؤها منذ أسبوعين تقريبا. فضلا عما تنتظره الجالية التونسية بالخارج من خدمات واستحقاقات من هذه الهياكل خاصة أن عدد الجالية التونسية بالخارج هو في حدود ثلاثة ملايين تونسي.

ويتزامن ذلك مع تشديد رئيس الجمهورية على "موقف تونس المتمسكة بثوابتها في سياستها الخارجية والمتشبثة في نفس الوقت بسيادتها الوطنية النابعة من إرادة شعبها وموقفها من أجل إرساء نظام عالمي جديد أكثر عدلا لا ترتيب تفاضلي فيه للدول لأنه كلما غاب العدل إلا وزاد الفقر واندلعت الحروب وتفاقم الإرهاب".

فتشديد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع بالحركة الدبلوماسية والقنصلية، وعلى ضرورة اعتماد مقاييس موضوعية في الاختيار حتى يمثل السفراء تونس أحسن تمثيل ويضعوا مصلحة تونس وسيادتها فوق كل اعتبار ولكي يكونوا في مستوى التمثيلية المطلوبة والإحاطة والخدمات المنتظر تقديمها لفائدة الجالية التونسية بالخارج.

فبعد أن تم تدارك وسد شغور في أربع سفارات البلدان التي تربطها ببلادنا مصالح وعلاقات شراكة وتعاون واسعة خلال شهر جويلية المنقضي وذلك بتعيين كل من فرهد خليف، سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية التونسية بالدوحة وواصف شيحة، سفيرا ببرلين والصحبي خلف الله، سفيرا ببروكسيل وعادل العربي، سفيرا ببيكين، من المنتظر أن يتم الحسم في بقية الشغورات. وذلك باعتماد مقاييس اختيار تضع عناصر الكفاءة والاستحقاق والقدرة على تقديم الخدمات المطلوبة والتي تنتصر لأهداف الجمهورية الجديدة فوق كل الاعتبارات. خاصة أن الدبلوماسية التونسية في مرحلة ما بعد 2011 كانت مصدر وهن وتندر في كثير من الأحيان، بعد أن تحولت التعيينات فيها تخض للمحسوبية الحزبية والسياسية وأصبحت مجالا آخر للغنيمة في التعيينات والعمل ضمن البعثات الدبلوماسية. وهو ما أثر على مستوى العمل الدبلوماسية وافقده نجاعته المنتظرة والمطلوبة. لتكون بذلك الدبلوماسية الجديدة حاملة للمقاربة المبنية على فرض سيادة الدولة وخصوصيتها والعمل على ضرورة احترامها وخدمة مصالحها وأبنائها أينما كانوا دون تدخل في شؤون الآخرين.

وهو ما ألقى بتداعياته على الوضعية الدبلوماسية التونسية في الخارج وكان سببا لرفض وتأخير الحركات الدبلوماسية والقنصلية من قبل رئيس الجمهورية خلال السنوات الأخيرة. الأمر الذي أثار جدلا واسعا وشكل محور انتقاد من قبل الداعمين لسياسة سعيد أو المعارضين لها لاسيما بالنسبة للشغورات المسجلة في عدة بلدان توجد بها أعداد كبيرة من الجالية التونسية وتربطها ببلادنا مصالح مشتركة على غرار البلدان التي تعيين سفراء في عواصمها منذ بداية الشهر الماضي إضافة إلى الشغورات الموجودة حاليا ببلدان أخرى من بينها إيطاليا وتركيا واستراليا والسنغال وإفريقيا الجنوبية  والكوت ديفوار وغيرها من البلدان الإفريقية الأخرى والعربية.. فضلا عن الشغورات في مستوى عدد من القنصليات بكل من فرنسا وإيطاليا وغيرها.

وقد كان لغياب الدبلوماسية التونسية في الخارج وتراجع دور ما هو موجود هناك، لاعتبار المحسوبية الحزبية في التعيينات التي انعكست بالأساس في ولاء البعض للجهات الحزبية التي يتبعونها على حساب خدمة المصلحة الوطنية، تأثير سلبي على صورة تونس في الخارج لاسيما خلال السنتين الأخيرتين.

ويذكر أن وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج استطاع منذ توليه حقيبة الخارجية في فيفري الماضي أن يعطي ديناميكية للدبلوماسية التونسية ويحقق انفتاح سياستها على الخارج إقليميا وقاريا ودوليا، لتتغير بذلك مواقف عدة بلدان وجهات أجنبية تجاه تونس وتراهن على الدخول في برامج تعاون وشراكة واستثمار معها، ولعل أبرز مثال على ذلك ما تم الاتفاق حوله من الاتحاد الأوروبي وفتح باب الحوار والنقاش حول ملف الهجرة غير النظامية الشائك، إضافة إلى بلدن خليجية وإفريقية في انتظار توسيع برامج الشراكة والتعاون وتكريسها على أرض الواقع داخل تونس وخارجها، وتفعيل البرامج والاتفاقيات العالقة لاسيما منها ما جاء في قمة "تيكاد 8" في أوت الماضي أو ما تم الاتفاق حوله في القمة الفرانكفونية التي احتضنتها بلادنا في نوفمبر الماضي.

كلها تعد تحديات مطروحة أمام الدبلوماسية التونسية اليوم أكثر من أي وقت مضى وهذا، وفق تقدير الأغلبية، يتطلب القطع مع المحاباة والولاءات والمحسوبية في التعيينات والتكليف.

نزيهة الغضباني