إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انخرطت فيها أحزاب ومنظمات وجمعيات.. هكذا أصبح موعد 25 جويلية مناسبة للمزايدات السياسية!!

 

تونس – الصباح

بعد أن كان يوم 25 جويلية في مستواه الأول مناسبة للاحتفال بذكرى عيد الجمهورية باعتبارها ذكرى وطنية توحّد التونسيين، رغم مواقف البعض المعادية للدولة والتاريخ التي تجسدت في تهميش هذا التاريخ وغياب كل مظاهر الاحتفالية خلال العشرية الماضية، تحول اليوم بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مناسبة للدفع نحو توسيع هوة الانقسام وتكريسه بين أبناء المجتمع التونسي. واختيارت بعض الجهات السياسية والمدنية وغيرها المراهنة على رمزية هذا التاريخ في مستواه الثاني، في سياق علاقته بمنظومة الحكم الراهنة التي يقودها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ 25 جويلية 2021 إلى اليوم.

فلم يعد الحديث في مثل هذه المناسبة التاريخية عن الجمهورية والتذكير بالنضال وتضحيات أجيال وأجيال والمبادئ الدستورية والقوانين ومدى مواكبتها لمتطلبات المرحلة والدولة المدنية الحديثة وكيفية تطورها بما يحقق العيش الكريم والرفاه للمواطنين، بل تحولت إلى مناسبة أخرى للمزايدة السياسية في سياق الصراع القائم على الحكم والسلطة تحت عناوين وشعارات مختلفة. وتراهن بعض الجهات اليوم على هذه المناسبة لتحولها إلى محطة أخرى في صراعها مع منظومة الحكم. وما تسجله هذه المناسبة اليوم هو تحرك عدة جهات في نفس الإطار المعارض للمسار ومنظومة الحكم القائمة في محاولة لعودة هذه القوى إلى صدارة المشهد والأحداث بعد شبه الغياب وحالة السبات التي خيمت عليها. ليكون الشارع التونسي مرة أخرى الملاذ والمحرار والهدف للطبقات السياسية والقوى المدنية التي تراهن على تجديد الموعد معه بعد جفاء طويل.

ويكفي متابعة الأنشطة والتظاهرات والتحركات الاحتجاجية والأخرى الاحتفالية المسجلة اليوم، والتي دعت لها عدة جهات لمعرفة ما أصبحت تشكله هذه المناسبة من خطر يهدد وحدة الشعب الواحد على نحو يعيد إلى الأذهان المحاولات المشابهة لتقسيم التونسيين في سنوات ما بعد 2011 وتداعيات ذلك السلبية على الأفراد والعائلات والمجتمع المؤسسات والدولة.

فحزب الدستوري الحر كان قد دعا أنصاره منذ مدة للمشاركة في المسيرة الوطنية اليوم تزامنا مع الاحتفال بالذكرى 66 لعيد الجمهورية والثانية لمسار 25 جويلية تحت شعار "رجّعلي بلادي وينو خبز أولادي". والتيار الديمقراطي ينظم اليوم مسيرة وضعها تحت عنوان "مسيرة مواطنية" في شارع بورقيبة بالعاصمة، وجه الدعوة للمشاركة فيها إلى كل القوى الديمقراطية والمدنية والشبابية

فيما دعت جبهة الخلاص بدورها إلى تنظيم وقفة احتجاجية في نفس اليوم بوسط العاصمة للمطالبة بإطلاق صراح الموقوفين في السجن أو تعتبرهم في بيانها بـ"لمعتقلين السياسيين".  لتدخل أيضا على نفس خط التحرك في نفس اليوم عدة منظمات وجمعيات وهياكل أخرى على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وذلك بالدعوة إلى تنظيم ملتقى "قوى المجتمع المدني الديمقراطية" بنزل المشتل بتونس العاصمة تحت عنوان: سنتان منذ 25 جويلية 2021: أي دور للمجتمع المدني في مجابهة التحولات السياسية والاستحقاقات الحقوقية؟

ولئن كان الملتقى الأخير يهدف، مثلما أعلن عن ذلك، إلى صياغة "خطة عمل إستراتيجية مشتركة وموحدة لتجميع قوى المجتمع المدني الديمقراطية على قاعدة قراءة تشاركية للتحولات السياسية ووضع برنامج لمجابهة التحديات والدفاع عن الدولة المدنية الحامية للحقوق والحريات والضامنة للكرامة والمساواة والذود عن المكتسبات القائمة على المواطنة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين والمواطنات في إطار ديمقراطي اجتماعي يضمن الكرامة والحرية والرفاه" فإن بقية التحركات والأنشطة ستكون تحت عناوين أهداف فئوية وحزبية ضيقة. لتكون بذلك امتدادا لممارسات هذه الأحزاب وغيرها من المنظمات والهياكل المدنية التي برزت في السنتين الماضيتين وقبلها، حيث غياب البرامج المبادرات والحلول البديلة مقابل الدفع نحو توسيع هوة التفرقة وتكريس الانقسام في أوساط المجتمع التونسي وضرب التجانس الذي يميزه رغم الاختلافات القائمة في جميع المستويات. رغم يقين الأغلبية بمخاطر ذلك على الأمن الاجتماعي بالأساس لاسيما في ظل الظروف الراهنة والصعوبات التي يواجهها شق كبير من المواطنين بسبب الارتفاع غير المسبوق المسجل في درجات الحرارة لتضاف لقائمة معاناة التونسيين من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتردي الخدمات.

فيما يدعو أنصار الرئيس أو المنتصرون لمسار 25 جويلية إلى الاحتفال بذكرى مرور عامين على إسقاط منظومة ما بعد 2011 وما خلفته من أزمات وفساد وترد في انتظار ما يمكن أن يعلن عنه سعيد من إجراءات وقرارات خاصة بعد الاتفاقات المبدئية التي حققتها سياسته الخارجية في الفترة الأخيرة وما تضمنته من برامج ومشاريع ومبادرات يعتبرها البعض هامة وضرورية لضمان خروج بلادنا من الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة. خاصة أن أصوات شق كبير من هؤلاء يعتبر ما يمكن أن يعلن عنه رئيس الجهورية من تغييرات وتحويرات في حكومته بالأساس على اعتبار أنها مطلب أساسي وأولوية لضمان الدخول في مرحلة بناء جديدة تتطلب أكثر جدية وجدوى وبراغماتية.

ولئن يعتبر البعض أن مثل هذه التحولات والتغيرات الحافة بالمناسبات الوطنية تعد "صحية" ونتيجة طبيعية في ظل التغيرات التي عرفتها بلادنا وتعاقب الأجيال، فإن البعض الآخر يعتبرها بمثابة إنذار يهدد الدولة ليس في مستوى وتغييب وتهميش الأعياد الوطنية وضرب "قدسيتها" فحسب، وإنما أيضا لتزامنه مع عدة عوامل وظروف لاسيما منها ما يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في ظل حالة الاحتقان التي يعرفها الشارع التونسي اليوم ومراهنة البعض على هذا العامل كآلية لضرب منظومة الحكم اليوم في ظل عجز كل المحاولات السابقة على ردع سعيد في نزعته للحكم دون تشريك للقوى والطبقات السياسية التي كانت طرفا في منظومة الحكم السابقة.

نزيهة الغضباني

انخرطت فيها أحزاب ومنظمات وجمعيات..   هكذا أصبح موعد 25 جويلية مناسبة للمزايدات السياسية!!

 

تونس – الصباح

بعد أن كان يوم 25 جويلية في مستواه الأول مناسبة للاحتفال بذكرى عيد الجمهورية باعتبارها ذكرى وطنية توحّد التونسيين، رغم مواقف البعض المعادية للدولة والتاريخ التي تجسدت في تهميش هذا التاريخ وغياب كل مظاهر الاحتفالية خلال العشرية الماضية، تحول اليوم بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مناسبة للدفع نحو توسيع هوة الانقسام وتكريسه بين أبناء المجتمع التونسي. واختيارت بعض الجهات السياسية والمدنية وغيرها المراهنة على رمزية هذا التاريخ في مستواه الثاني، في سياق علاقته بمنظومة الحكم الراهنة التي يقودها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ 25 جويلية 2021 إلى اليوم.

فلم يعد الحديث في مثل هذه المناسبة التاريخية عن الجمهورية والتذكير بالنضال وتضحيات أجيال وأجيال والمبادئ الدستورية والقوانين ومدى مواكبتها لمتطلبات المرحلة والدولة المدنية الحديثة وكيفية تطورها بما يحقق العيش الكريم والرفاه للمواطنين، بل تحولت إلى مناسبة أخرى للمزايدة السياسية في سياق الصراع القائم على الحكم والسلطة تحت عناوين وشعارات مختلفة. وتراهن بعض الجهات اليوم على هذه المناسبة لتحولها إلى محطة أخرى في صراعها مع منظومة الحكم. وما تسجله هذه المناسبة اليوم هو تحرك عدة جهات في نفس الإطار المعارض للمسار ومنظومة الحكم القائمة في محاولة لعودة هذه القوى إلى صدارة المشهد والأحداث بعد شبه الغياب وحالة السبات التي خيمت عليها. ليكون الشارع التونسي مرة أخرى الملاذ والمحرار والهدف للطبقات السياسية والقوى المدنية التي تراهن على تجديد الموعد معه بعد جفاء طويل.

ويكفي متابعة الأنشطة والتظاهرات والتحركات الاحتجاجية والأخرى الاحتفالية المسجلة اليوم، والتي دعت لها عدة جهات لمعرفة ما أصبحت تشكله هذه المناسبة من خطر يهدد وحدة الشعب الواحد على نحو يعيد إلى الأذهان المحاولات المشابهة لتقسيم التونسيين في سنوات ما بعد 2011 وتداعيات ذلك السلبية على الأفراد والعائلات والمجتمع المؤسسات والدولة.

فحزب الدستوري الحر كان قد دعا أنصاره منذ مدة للمشاركة في المسيرة الوطنية اليوم تزامنا مع الاحتفال بالذكرى 66 لعيد الجمهورية والثانية لمسار 25 جويلية تحت شعار "رجّعلي بلادي وينو خبز أولادي". والتيار الديمقراطي ينظم اليوم مسيرة وضعها تحت عنوان "مسيرة مواطنية" في شارع بورقيبة بالعاصمة، وجه الدعوة للمشاركة فيها إلى كل القوى الديمقراطية والمدنية والشبابية

فيما دعت جبهة الخلاص بدورها إلى تنظيم وقفة احتجاجية في نفس اليوم بوسط العاصمة للمطالبة بإطلاق صراح الموقوفين في السجن أو تعتبرهم في بيانها بـ"لمعتقلين السياسيين".  لتدخل أيضا على نفس خط التحرك في نفس اليوم عدة منظمات وجمعيات وهياكل أخرى على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وذلك بالدعوة إلى تنظيم ملتقى "قوى المجتمع المدني الديمقراطية" بنزل المشتل بتونس العاصمة تحت عنوان: سنتان منذ 25 جويلية 2021: أي دور للمجتمع المدني في مجابهة التحولات السياسية والاستحقاقات الحقوقية؟

ولئن كان الملتقى الأخير يهدف، مثلما أعلن عن ذلك، إلى صياغة "خطة عمل إستراتيجية مشتركة وموحدة لتجميع قوى المجتمع المدني الديمقراطية على قاعدة قراءة تشاركية للتحولات السياسية ووضع برنامج لمجابهة التحديات والدفاع عن الدولة المدنية الحامية للحقوق والحريات والضامنة للكرامة والمساواة والذود عن المكتسبات القائمة على المواطنة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين والمواطنات في إطار ديمقراطي اجتماعي يضمن الكرامة والحرية والرفاه" فإن بقية التحركات والأنشطة ستكون تحت عناوين أهداف فئوية وحزبية ضيقة. لتكون بذلك امتدادا لممارسات هذه الأحزاب وغيرها من المنظمات والهياكل المدنية التي برزت في السنتين الماضيتين وقبلها، حيث غياب البرامج المبادرات والحلول البديلة مقابل الدفع نحو توسيع هوة التفرقة وتكريس الانقسام في أوساط المجتمع التونسي وضرب التجانس الذي يميزه رغم الاختلافات القائمة في جميع المستويات. رغم يقين الأغلبية بمخاطر ذلك على الأمن الاجتماعي بالأساس لاسيما في ظل الظروف الراهنة والصعوبات التي يواجهها شق كبير من المواطنين بسبب الارتفاع غير المسبوق المسجل في درجات الحرارة لتضاف لقائمة معاناة التونسيين من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتردي الخدمات.

فيما يدعو أنصار الرئيس أو المنتصرون لمسار 25 جويلية إلى الاحتفال بذكرى مرور عامين على إسقاط منظومة ما بعد 2011 وما خلفته من أزمات وفساد وترد في انتظار ما يمكن أن يعلن عنه سعيد من إجراءات وقرارات خاصة بعد الاتفاقات المبدئية التي حققتها سياسته الخارجية في الفترة الأخيرة وما تضمنته من برامج ومشاريع ومبادرات يعتبرها البعض هامة وضرورية لضمان خروج بلادنا من الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة. خاصة أن أصوات شق كبير من هؤلاء يعتبر ما يمكن أن يعلن عنه رئيس الجهورية من تغييرات وتحويرات في حكومته بالأساس على اعتبار أنها مطلب أساسي وأولوية لضمان الدخول في مرحلة بناء جديدة تتطلب أكثر جدية وجدوى وبراغماتية.

ولئن يعتبر البعض أن مثل هذه التحولات والتغيرات الحافة بالمناسبات الوطنية تعد "صحية" ونتيجة طبيعية في ظل التغيرات التي عرفتها بلادنا وتعاقب الأجيال، فإن البعض الآخر يعتبرها بمثابة إنذار يهدد الدولة ليس في مستوى وتغييب وتهميش الأعياد الوطنية وضرب "قدسيتها" فحسب، وإنما أيضا لتزامنه مع عدة عوامل وظروف لاسيما منها ما يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في ظل حالة الاحتقان التي يعرفها الشارع التونسي اليوم ومراهنة البعض على هذا العامل كآلية لضرب منظومة الحكم اليوم في ظل عجز كل المحاولات السابقة على ردع سعيد في نزعته للحكم دون تشريك للقوى والطبقات السياسية التي كانت طرفا في منظومة الحكم السابقة.

نزيهة الغضباني