تتجه الأنظار إلى قيام رئيس الجمهورية قيس سعيد بجملة من الإجراءات والقرارات الجديدة بمناسبة الاحتفال بمرور سنتين من عمر المسار الذي يقوده، والذي يتزامن مع احتفالات التونسيين يوم 25 جويلية الجاري بالذكرى 66 لعيد الجمهورية، وتعد مسألة القيام بتغيير أو تحوير وزاري على قائمة الانتظارات في هذه المرحلة بما تحمله من رمزية تاريخية وسياسية، بعد وضع حد لمنظومة ما قبل 25 جويلية 2021 وما خلفته من ترد وفساد وأزمات من ناحية، والإجماع تقريبا حول فشل أغلب وزراء حكومته وتعييناتهم بعد ما يقارب السنتين من مباشرة مهامهم. وهو ما دفع المتابعين للشأن الوطني والناشطين السياسيين من داعمي المسار يوجهون دعواتهم المتكررة لرئيس الجمهورية بضرورة القيام بتحوير أو تغيير في حكومته لعدم ارتقاء أداء أغلب وزرائها ونتائجها إلى مستوى انتظارات الشعب بما ينسجم مع توجهات الرئيس وانتظارات المرحلة، باعتبار أن النظام الحالي للدولة هو رئاسي بالأساس وفقا لدستور 2022.
كما ركزت انتقادات أغلب المعارضين لسعيد على أداء حكومة بودن. وبدأ البعض يتحدث عن توجه سعيد إلى المراهنة على الكفاءات الوطنية في تنفيذ مشروعه للدولة خلال المرحلة القادمة. فيما يعتبر البعض الآخر أن الحديث عن تحوير أو تغيير في الوزراء مسألة ليست ذات قيمة بالقدر الذي يمكن أن يكشف عنه سعيد من قرارات وإجراءات جديدة تدفع لتسهيل الاستثمار والتشغيل وتكريس الدولة الاجتماعية لأن تغيير أو إقالة الوزراء مسألة واردة بالنسبة لرئيس الجمهورية ولا تخضع لنواميس ومناسبات.
إذ يعتبر البعض أن تغييرات شاملة في هذه المرحلة تعد ضرورية بما يمكن سعيد من المضي قدما في تنفيذ مشروعه الإصلاحي الشامل لاسيما في ظل التغيرات الجيوإستراتيجية والتحولات السياسية التي يشهدها العالم في هذه المرحلة بما يجعل بلادنا في موقع ضمن سياق التوازنات السياسية والاقتصادية الجديدة.
إذ تتوفر جملة من المعطيات والعوامل الموضوعية والذاتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي ترجح كفة تحويل رئيس الجمهورية الذكرى الثانية للمسار إلى مصيرية وحاسمة في تاريخ تونس لاسيما في ظل حالة الاحتقان الواسعة في الشارع التونسي بسبب غلاء الأسعار وتفاقم تردي المقدرة الشرائية للمواطن وتدهور الخدمات في الصحة والنقل والإدارة بالأساس وغيرها من الخدمات الأخرى بعد الانقطاعات المتواترة في الماء والكهرباء تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة وعدم قدرة أغلب الطبقات الاجتماعية على توفير مستلزمات التكييف والتبريد. إضافة إلى معاناة التونسيين شبه اليومية من أزمة افتقاد أغلب مواد الاستهلاك والعيش والأدوية.
وإذا كان سعيد قد اكتفى في مناسبات سابقة بالقيام بإقالات لوزراء في فترات متباعدة، شملت سبعة وزراء منذ مباشرة حكومة بودن لمهامها منذ 11 أكتوبر 2021 إلى اليوم، فإن تغيير خمس منهم في الإبان وهم كل من كمال الفقيه عوضا عن توفيق شرف الدين في وزارة الداخلية ونبيل عمار عوضا عن عثمان الجرندي على رأس وزارة الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج وعبد المنعم بلعاتي على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري عوضا عن محمد إلياس حمزة وكلثوم بن رجب على رأس وزارة التجارة عوضا عن فضيلة الرابحي فيما لا تزال وزارتي التكوين والتشغيل والصناعة والمناجم والطاقة تنتظر سد الشغور بعد إقالة كل من نصر الدين النصيبي من على رأس الأولى في 27 فيفري الماضي ونائلة نويرة القنجي من على رأس الثانية في ماي الماضي.
والأمر نفسه ينسحب على الولاة وبعض الهياكل والمؤسسات الكبرى في الدولة خاصة وأن بعض الولايات تعاني شغورات.
ومن العوامل الأخرى التي تجعل الأنظار تتجه في هذه الفترة تحديدا إلى قصر قرطاج وما يمكن أن يحمله من تغييرات وقرارات جديدة هو خروج بلادنا من مرحلة الاستثناء والدخول مليا في تكريس الجمهورية الجديدة وفقا لدستور 2022 وذلك بعد مباشرة البرلمان لمهامه وانطلاقه في مناقشة المشاريع والقوانين وممارسة مهامه التشريعية والرقابية للحكومة. إضافة إلى إدراك بلادنا مرحلة متقدمة في برنامج التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما يحمله هذا البرنامج أو مشروع الاتفاق من مزايا اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وتجارية، كفيلة بالمساهمة في إخراج بلادنا من دائرة الأزمة التي ترزح فيها، حسب ما ذهبت إلى ذلك عديد القراءات ورغم الانتقادات لما تضمنته مذكرة التفاهم والاتفاق التي تم إبرامها بين الطرفين منذ أسبوع تقريبا، خاصة أن الاتفاقات الحاصلة بين الطرفين التونسي والأوروبي تمت في جوانب كثيرة منها حسب توجهات ورؤى سياسة سعيد. فضلا عما أسفرت عنه الجولة التي قام بها نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج في كل من الكويت والسعودية والإمارات من نتائج اعتبرها البعض إيجابية وعلى غاية من الأهمية بالنسبة لبلادنا. إضافة إلى ما يتداول حول بوادر انفراج الأزمة مع صندوق النقد الدولي بعد تعبير عديد الجهات الدولية ولإقليمية وافريقية عن رغبتها بجدية في دعم بلادنا والتعاون معها على أكثر من صعيد.
الأمر يجعل عملية تغيير في بعض الوزارات مسألة ضرورية وعلى غاية من الأهمية اليوم خاصة أن بلادنا أدركت مرحلة متقدمة في مسار مشروع قيس سعيد الإصلاحي للدولة والعملي لتكريس الجمهورية الجديدة. وهذا ما يتطلب ضرورة الاعتماد على الكفاءات بدرجة أولى بعيدا عن الولاءات في مستوى الوزارات والهياكل والمؤسسات والإدارات بما يسرّع في تفعيل برامج الإصلاح والهيكلة الجديدة وتدارك ما تم إهداره من وقت وجهد خلال السنتين الماضيتين.
فجهات عديدة ما انفكت توجه انتقادات إلى بعض الوزراء بسبب البطء وغياب الحرفية في فتح ومعالجة الملفات الكبرى والحارقة أو طريقة تعاطي بعضهم مع مختلف القضايا والمستجدات إضافة إلى التلكؤ في تنفيذ البرامج والمشاريع الإصلاحية بما يتماشى ومتطلبات المرحلة. خاصة أن رئيس الجمهورية على يقين بأهمية القيام بتغييرات من هذا القبيل في هذه الفترة بعد أن عمل معارضوه على الاستثمار في حالة الوهن لأداء بعض وزراء حكومته والأزمات المتراكمة لتأليب الرأي العام ضده سواء منه الوطني أو الدولي عبر توظيف بعض الأزمات لخدمة هذا الهدف ومن أبرزها أزمة الهجرة غير النظامية لأبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. حيث يعتبر البعض أن الشارع التونسي اليوم في حاجة إلى قرارات وخيارات وتعيينات في الوزارات وفي الولايات وغيرها من مواقع السيادة تكون في مستوى انتظاراته من هذه المرحلة بما يخفف عنه وطأة المعاناة والصعوبات والأزمات.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
تتجه الأنظار إلى قيام رئيس الجمهورية قيس سعيد بجملة من الإجراءات والقرارات الجديدة بمناسبة الاحتفال بمرور سنتين من عمر المسار الذي يقوده، والذي يتزامن مع احتفالات التونسيين يوم 25 جويلية الجاري بالذكرى 66 لعيد الجمهورية، وتعد مسألة القيام بتغيير أو تحوير وزاري على قائمة الانتظارات في هذه المرحلة بما تحمله من رمزية تاريخية وسياسية، بعد وضع حد لمنظومة ما قبل 25 جويلية 2021 وما خلفته من ترد وفساد وأزمات من ناحية، والإجماع تقريبا حول فشل أغلب وزراء حكومته وتعييناتهم بعد ما يقارب السنتين من مباشرة مهامهم. وهو ما دفع المتابعين للشأن الوطني والناشطين السياسيين من داعمي المسار يوجهون دعواتهم المتكررة لرئيس الجمهورية بضرورة القيام بتحوير أو تغيير في حكومته لعدم ارتقاء أداء أغلب وزرائها ونتائجها إلى مستوى انتظارات الشعب بما ينسجم مع توجهات الرئيس وانتظارات المرحلة، باعتبار أن النظام الحالي للدولة هو رئاسي بالأساس وفقا لدستور 2022.
كما ركزت انتقادات أغلب المعارضين لسعيد على أداء حكومة بودن. وبدأ البعض يتحدث عن توجه سعيد إلى المراهنة على الكفاءات الوطنية في تنفيذ مشروعه للدولة خلال المرحلة القادمة. فيما يعتبر البعض الآخر أن الحديث عن تحوير أو تغيير في الوزراء مسألة ليست ذات قيمة بالقدر الذي يمكن أن يكشف عنه سعيد من قرارات وإجراءات جديدة تدفع لتسهيل الاستثمار والتشغيل وتكريس الدولة الاجتماعية لأن تغيير أو إقالة الوزراء مسألة واردة بالنسبة لرئيس الجمهورية ولا تخضع لنواميس ومناسبات.
إذ يعتبر البعض أن تغييرات شاملة في هذه المرحلة تعد ضرورية بما يمكن سعيد من المضي قدما في تنفيذ مشروعه الإصلاحي الشامل لاسيما في ظل التغيرات الجيوإستراتيجية والتحولات السياسية التي يشهدها العالم في هذه المرحلة بما يجعل بلادنا في موقع ضمن سياق التوازنات السياسية والاقتصادية الجديدة.
إذ تتوفر جملة من المعطيات والعوامل الموضوعية والذاتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي ترجح كفة تحويل رئيس الجمهورية الذكرى الثانية للمسار إلى مصيرية وحاسمة في تاريخ تونس لاسيما في ظل حالة الاحتقان الواسعة في الشارع التونسي بسبب غلاء الأسعار وتفاقم تردي المقدرة الشرائية للمواطن وتدهور الخدمات في الصحة والنقل والإدارة بالأساس وغيرها من الخدمات الأخرى بعد الانقطاعات المتواترة في الماء والكهرباء تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة وعدم قدرة أغلب الطبقات الاجتماعية على توفير مستلزمات التكييف والتبريد. إضافة إلى معاناة التونسيين شبه اليومية من أزمة افتقاد أغلب مواد الاستهلاك والعيش والأدوية.
وإذا كان سعيد قد اكتفى في مناسبات سابقة بالقيام بإقالات لوزراء في فترات متباعدة، شملت سبعة وزراء منذ مباشرة حكومة بودن لمهامها منذ 11 أكتوبر 2021 إلى اليوم، فإن تغيير خمس منهم في الإبان وهم كل من كمال الفقيه عوضا عن توفيق شرف الدين في وزارة الداخلية ونبيل عمار عوضا عن عثمان الجرندي على رأس وزارة الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج وعبد المنعم بلعاتي على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري عوضا عن محمد إلياس حمزة وكلثوم بن رجب على رأس وزارة التجارة عوضا عن فضيلة الرابحي فيما لا تزال وزارتي التكوين والتشغيل والصناعة والمناجم والطاقة تنتظر سد الشغور بعد إقالة كل من نصر الدين النصيبي من على رأس الأولى في 27 فيفري الماضي ونائلة نويرة القنجي من على رأس الثانية في ماي الماضي.
والأمر نفسه ينسحب على الولاة وبعض الهياكل والمؤسسات الكبرى في الدولة خاصة وأن بعض الولايات تعاني شغورات.
ومن العوامل الأخرى التي تجعل الأنظار تتجه في هذه الفترة تحديدا إلى قصر قرطاج وما يمكن أن يحمله من تغييرات وقرارات جديدة هو خروج بلادنا من مرحلة الاستثناء والدخول مليا في تكريس الجمهورية الجديدة وفقا لدستور 2022 وذلك بعد مباشرة البرلمان لمهامه وانطلاقه في مناقشة المشاريع والقوانين وممارسة مهامه التشريعية والرقابية للحكومة. إضافة إلى إدراك بلادنا مرحلة متقدمة في برنامج التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما يحمله هذا البرنامج أو مشروع الاتفاق من مزايا اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وتجارية، كفيلة بالمساهمة في إخراج بلادنا من دائرة الأزمة التي ترزح فيها، حسب ما ذهبت إلى ذلك عديد القراءات ورغم الانتقادات لما تضمنته مذكرة التفاهم والاتفاق التي تم إبرامها بين الطرفين منذ أسبوع تقريبا، خاصة أن الاتفاقات الحاصلة بين الطرفين التونسي والأوروبي تمت في جوانب كثيرة منها حسب توجهات ورؤى سياسة سعيد. فضلا عما أسفرت عنه الجولة التي قام بها نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج في كل من الكويت والسعودية والإمارات من نتائج اعتبرها البعض إيجابية وعلى غاية من الأهمية بالنسبة لبلادنا. إضافة إلى ما يتداول حول بوادر انفراج الأزمة مع صندوق النقد الدولي بعد تعبير عديد الجهات الدولية ولإقليمية وافريقية عن رغبتها بجدية في دعم بلادنا والتعاون معها على أكثر من صعيد.
الأمر يجعل عملية تغيير في بعض الوزارات مسألة ضرورية وعلى غاية من الأهمية اليوم خاصة أن بلادنا أدركت مرحلة متقدمة في مسار مشروع قيس سعيد الإصلاحي للدولة والعملي لتكريس الجمهورية الجديدة. وهذا ما يتطلب ضرورة الاعتماد على الكفاءات بدرجة أولى بعيدا عن الولاءات في مستوى الوزارات والهياكل والمؤسسات والإدارات بما يسرّع في تفعيل برامج الإصلاح والهيكلة الجديدة وتدارك ما تم إهداره من وقت وجهد خلال السنتين الماضيتين.
فجهات عديدة ما انفكت توجه انتقادات إلى بعض الوزراء بسبب البطء وغياب الحرفية في فتح ومعالجة الملفات الكبرى والحارقة أو طريقة تعاطي بعضهم مع مختلف القضايا والمستجدات إضافة إلى التلكؤ في تنفيذ البرامج والمشاريع الإصلاحية بما يتماشى ومتطلبات المرحلة. خاصة أن رئيس الجمهورية على يقين بأهمية القيام بتغييرات من هذا القبيل في هذه الفترة بعد أن عمل معارضوه على الاستثمار في حالة الوهن لأداء بعض وزراء حكومته والأزمات المتراكمة لتأليب الرأي العام ضده سواء منه الوطني أو الدولي عبر توظيف بعض الأزمات لخدمة هذا الهدف ومن أبرزها أزمة الهجرة غير النظامية لأبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. حيث يعتبر البعض أن الشارع التونسي اليوم في حاجة إلى قرارات وخيارات وتعيينات في الوزارات وفي الولايات وغيرها من مواقع السيادة تكون في مستوى انتظاراته من هذه المرحلة بما يخفف عنه وطأة المعاناة والصعوبات والأزمات.