ـ ندعو الجميع إلى تقديم تنازلات والعودة إلى طاولة الحوار
تونس: الصباح
طالب العديد من النواب مؤخرا خلال جلستهم العامة المخصصة للتداول حول الأزمة القائمة بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي، مجلس نواب الشعب بلعب دور الوساطة بين الطرفين من أجل حلحلة هذه الأزمة لما اتخذته من منحى تصاعدي خطير انتهى جراء انسداد قنوات الحوار وتعطل المفاوضات التي جمعت الطرفين إلى إقدام وزارة التربية على اتخاذ قرار بإعفاء 350 مدير مدرسة ابتدائية إلى جانب حجز مرتب شهر لـ 17 ألف معلم تمسكوا بحجب الأعداد، ودعوا يومها إلى تكليف لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بهذه المهمة. وللاستفسار عما حصل إثر هذه الجلسة خاصة وأن مكتب المجلس لم يصدر أي قرار يتعلق بلعب دور الوساطة، اتصلت "الصباح" بمقرر اللجنة النائب نجيب عكرمي الذي أوضح أن اللجنة البرلمانية ليس من صلاحياتها لعب دور الوساطة بين الطرف الحكومي والطرف الاجتماعي، لأن دور مجلس نواب الشعب بمقتضى الدستور هو دور تشريعي ورقابي.
وأضاف أنه في إطار الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب ومنه لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، يمكن للجنة القيام بمساع لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وذلك بالنظر إلى وجود أزمة واضحة، وبالتالي الأمر يتعلق بتقريب وجهات النظر وليس بلعب دور الوساطة. وبين عكرمي أنه عندما تتولى اللجنة البرلمانية الاتصال بالطرف الوزاري والاتصال بالطرف الاجتماعي فذلك لأنها تريد تقريب وجهات النظر بين الطرفين وترغب في حلحلة الصعوبات وهو ما حصل.
وذكر مقرر اللجنة البرلمانية أنه قبل انعقاد الجلسة العامة التي تم التداول خلالها حول الأزمة القائمة بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي كانت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة قد بادرت بتنظيم جلسة بمقر المجلس مع محمد علي البوغديري وزير التربية، وقد حضر الوزير بمعية المديرين العامين بالوزارة وتم التطرق خلال تلك الجلسة للمشاكل التي يعيشها القطاع التربوي بشكل عام وكذلك للمبادرة التشريعية المتعلقة بإحداث صندوق الإصلاح التربوي وهو مقترح مقدم من قبل عدد من النواب ويهدف إلى دعم المؤسسات التربوية.
وأضاف أنه إلى جانب تلك الجلسة توجه الأسبوع الماضي وفد ضم عددا من النواب إلى وزارة التربية في محاولة لبحث حل للأزمة الراهنة لأن القضية أصبحت قضية رأي عام ولأن الإطار التربوي اتجه نحو التصعيد ولأن النواب لا يريدون تفاقم هذه الأزمة أكثر فأكثر لأن هناك عودة مدرسية قادمة ومن المفروض أن تكون طريق العودة سالكة وهو ما يقتضي الرجوع إلى طاولة الحوار والتحلي بالحكمة وتغليب المصلحة الوطنية والتفكير في المصلحة الفضلى للتلاميذ.
التواصل مع النقابة
وبين عكرمي أن لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة طلبت أيضا إجراء لقاء مع الطرف النقابي حتى وإن كان ذلك خارج المجلس، وكان هناك فعلا تواصل مع ممثلي النقابة وفسر أن العديد من النواب بادروا بالاتصال ببعض النقابيين وتحاوروا معهم خارج الأطر الرسمية إذ أن لديهم علاقات مع بعض النقابيين كما يوجد تواصل مستمر بين النواب والنقابات في الجهات لأن أغلب أعضاء مجلس نواب الشعب هم في الأصل من أبناء القطاع التربوي وتمثل نسبتهم قرابة ستين بالمائة من مجموع أعضاء المجلس فهم معلمون وأساتذة وقيمون ومتفقدون، وذكر أن الطرف الاجتماعي ربما يريد أن يبقى الحوار بينه وبين وزارة الإشراف.
وأضاف مقرر اللجنة أن وزارة التربية طلبت من المدرسين تسليم الأعداد ثم مواصلة الحوار، وبين أنه كنائب شعب يرى أنه من مصلحة الجميع أن يتم تسليم الأعداد ومواصلة الحوار لأن هناك سنة دراسية جديدة ستنطلق في شهر سبتمبر والاستعدادات لها تتم خلال العطلة الصيفية وهذا غير ممكن في حال عدم تسليم الأعداد، وقال إنه يفضل العودة للحوار وذكر أنه حتى في صورة عدم الاستجابة إلى جميع مطالبها فيمكن للجامعة العامة للتعليم الأساسي طرح الملف من جديد خلال السنة الدراسية القادمة لأن التصعيد من قبل هذا الطرف أو ذاك لن يحل الأزمة ولأن تواصل الأزمة ليس في صالح أي طرف منهما وليس في صالح التلاميذ والأولياء.
وبين النائب نجيب عكرمي أنه يدعو الطرف الاجتماعي إلى مراعاة الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تونس وتفهم وضعية المالية العمومية وميزانية الدولة لأن تونس مطالبة بسداد قروض لفائدة الأطراف المناحة وهي تواجه صعوبات في تمويل الميزانية، وبعد القرض الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب مؤخرا سيعقد المجلس اليوم الجمعة 21 جويلية جلسة عامة للتداول حول مشروع قانون جديد يتعلّق بالموافقة على اتفاقية التمويل المبرمة بتاريخ 16 ماي 2023 بين الجمهورية التونسية ومجموعة من البنوك المحلية لتمويل ميزانية الدولة، ويعرف الجميع تداعيات اللجوء للاقتراض من البنوك المحلية.
وفسر عكرمي أن جميع نواب الشعب يدركون جيدا أن وضعية المدرس المادية وضعية صعبة لكنهم يهيبون بهم تغليب المصلحة الوطنية التي تقتضي مراعاة وضعية المالية العمومية والتفكير في حلول لمشكل التشغيل الهش ولمعاناة قرابة ربع مليون معطل عن العمل، وقال إنه كان من المفروض أن الطرف الاجتماعي هو الأحرص على الدفاع عن الوضعيات الهشة فالأولوية لتحسين هذه الوضعيات وبعد ذلك يأتي تحسين الأجور، وقال إنه لا بد من تقديم تنازلات من أجل المعطلين عن العمل وذكر أن الموارد التي من المفروض تخصيصها للزيادات في الأجور، وهي زيادات لن تغير أوضاع المدرسين كثيرا، يمكن أن تساعد على الحد من مشكل التشغيل الهش في القطاع التربوي. وأضاف أنه يريد التأكيد على أن هذا لا يعني أن وضعية المدرس ليست صعبة وأنه لا يحتاج إلى الزيادة في الأجور ولكنه يرى أنه في الظرف الراهن لا يجب تناسي العاطلين عن العمل وذكر أن الأولوية يجب أن تمنح لهؤلاء ويجب العمل على ايجاد حلول عاجلة لمشكل البطالة أما الزيادات في الأجور فتأتي عندما تتحسن وضعية المالية العمومية.
وأضاف مقرر لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة أن المدرسين لهم من الحس الوطني والرصانة والشعور بالمسؤولية ما يجعلهم يدركون أن اللحظة الراهنة تقتضي منهم تغليب المصلحة الوطنية لأن وضعية المالية العمومية صعبة ولأنه لا بد من الاستعداد للعودة المدرسية بصفة مبكرة ولكن جراء قرار عدم تسليم الأعداد لا يمكن للإدارة أن تقوم بالتحضيرات اللازمة لتأمين العودة المدرسية فهي لا تعرف من الذي نجح ومن الذي لم ينجح من التلاميذ.
دور تشريعي
وقال نجيب عكرمي إنه إضافة إلى الدور الرقابي الذي قامت به لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة من خلال الحوار مع وزير التربية والمساعي التي قام بها العديد من النواب لتقريب وجهات النظر بين الوزارة والطرف النقابي بهدف حلحلة الأزمة، فإن اللجنة تضطلع بدور تشريعي وهي مختصة بالنظر في مشاريع ومقترحات القوانين المتصلة بالشأن التربوي بشكل عام وفي هذا السياق فإنها تعهدت بدراسة مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق للإصلاح التربوي، واستمعت إلى رأي وزارة التربية في هذه المبادرة كما طلبت من لجنة المالية إبداء الرأي فيها وعلى أساس الرأي الذي ستقدمه لجنة المالية ستتخذ لجنة التربية قرارها بخصوص هذه المبادرة ومن المنتظر أن تعقد يوم 24 جويلية الجاري اجتماعا أخيرا للحسم في هذه المبادرة، ولكن حتى وإن لم يقع تمريرها إلى الجلسة العامة والمصادقة عليها من قبل الجلسة العامة فإنه بالإمكان أن يقع تضمين نفس المقترح في مشروع قانون المالية وأن يقع في إطار ميزانية الدولة للسنة المقبلة إحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي والعناية بالمؤسسات التربوية، ولكن لا بد أن تكون الموارد كافية لأنه سبق سنة 2001 أن تم إحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي لكن موارد هذا الصندوق لم تتجاوز أربعة مليارات ولم تسمح للصندوق بأن يقوم بالدور الذي أحدث من أجله. وقال النائب إنه لا يريد تكرار تلك التجربة الفاشلة ويرغب في إحداث صندوق يسمح بتوفير موارد مالية كبيرة بما يساعد على إصلاح المؤسسات التربوية العمومية التي تعاني من وضعية كارثية.
وأضاف أن اللجنة تنتظر قدوم مشروع القانون المتعلق بإحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم وهو مشروع يكتسي أهمية بالغة لأن المجلس الأعلى سيعمل على القيام بإصلاح شامل للمنظومة التربوية وذكر أن هذا المجلس تتداخل فيه عدة وزارات إلى جانب وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التكوين المهني والتشغيل فهذا المجلس يهم عدة قطاعات وليس القطاع التربوي الذي يعنى بالوضع الاجتماعي للإطار التربوي ووضعية المؤسسات التربوية ووضعية التلميذ فالمجلس الأعلى لديه أبعاد استراتيجية.
استشارة وطنية
وتعقيبا عن سؤال حول رأيه في مقترح رئيس الجمهورية المتعلق بإطلاق استشارة وطنية حول التربية والتعليم والتي كان من المتوقع أن تتم خلال العطلة الصيفية، بين أنه يرى أن الاستشارة الوطنية حول التعليم يجب أن يكون مضمونها ملما بالشأن التربوي كشأن عام لا يهم الأولياء والإطار التربوي فقط، لأن الحديث عن الشأن التربوي يحيل إلى السلوكيات المحفوفة بالمخاطر في محيط المؤسسة التربوية ويحيل إلى مشكل الانقطاع المدرسي الذي يهدد مستقل قرابة المائة ألف تلميذ سنويا لأن المنقطعين عندما تلفظهم المدرسة يجدون أنفسهم في الشارع ويعرف الجميع ما يوجد في هذا الشارع من مخاطر جمة خاصة وأن الأولياء تنصلوا من المسؤولية، كما يحيل أيضا لمشكل أعمق وهو تردي نتائج الامتحانات الوطنية بالمناطق الداخلية والذي يعطي إشارات خطيرة على اعتبار أن هذه المناطق تعاني من مشاكل اجتماعية، وخلص محدثنا إلى أن الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم يجب أن تكون شاملة على قدر شمولية المشروع الإصلاحي الوطني وأن تشارك فيها جميع مكونات الأسرة التربوية ويشارك فيها المثقفون والأطراف الاجتماعية والسياسيون وغيرهم. وردا عن استفسار آخر حول ما إذا كانت مشاركة السياسيين في الاستشارة يمكن أن تؤدي إلى تعطيل عملية الإصلاح التربوي وتكرار نفس ما حصل للمشروع الإصلاحي الذي قاده وزير التربية الأسبق ناجي جلول، أجاب مقرر لجنة التربية أن السبب الرئيسي لفشل المبادرات السابقة للإصلاح التربوي ومنها الكتاب الأبيض الذي تم إعداده في فترة جلول هو الاصطفاف السياسي، وأضاف أن الاصطفاف السياسي خطير جدا ويؤدي إلى إفشال أغلب المشاريع الإصلاحية، وبين أن البرلمان تغير والوضع داخله مختلف تماما عما كان عليه الوضع في البرلمان السابق إذ ليست فيه صراعات سياسة وإيديولوجية لأن جميع النواب يريدون بناء برلمان موحد يدافع عن الفكرة من أجل الانجاز وليس من أجل الغنيمة.
سعيدة بوهلال
ـ ندعو الجميع إلى تقديم تنازلات والعودة إلى طاولة الحوار
تونس: الصباح
طالب العديد من النواب مؤخرا خلال جلستهم العامة المخصصة للتداول حول الأزمة القائمة بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي، مجلس نواب الشعب بلعب دور الوساطة بين الطرفين من أجل حلحلة هذه الأزمة لما اتخذته من منحى تصاعدي خطير انتهى جراء انسداد قنوات الحوار وتعطل المفاوضات التي جمعت الطرفين إلى إقدام وزارة التربية على اتخاذ قرار بإعفاء 350 مدير مدرسة ابتدائية إلى جانب حجز مرتب شهر لـ 17 ألف معلم تمسكوا بحجب الأعداد، ودعوا يومها إلى تكليف لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بهذه المهمة. وللاستفسار عما حصل إثر هذه الجلسة خاصة وأن مكتب المجلس لم يصدر أي قرار يتعلق بلعب دور الوساطة، اتصلت "الصباح" بمقرر اللجنة النائب نجيب عكرمي الذي أوضح أن اللجنة البرلمانية ليس من صلاحياتها لعب دور الوساطة بين الطرف الحكومي والطرف الاجتماعي، لأن دور مجلس نواب الشعب بمقتضى الدستور هو دور تشريعي ورقابي.
وأضاف أنه في إطار الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب ومنه لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، يمكن للجنة القيام بمساع لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وذلك بالنظر إلى وجود أزمة واضحة، وبالتالي الأمر يتعلق بتقريب وجهات النظر وليس بلعب دور الوساطة. وبين عكرمي أنه عندما تتولى اللجنة البرلمانية الاتصال بالطرف الوزاري والاتصال بالطرف الاجتماعي فذلك لأنها تريد تقريب وجهات النظر بين الطرفين وترغب في حلحلة الصعوبات وهو ما حصل.
وذكر مقرر اللجنة البرلمانية أنه قبل انعقاد الجلسة العامة التي تم التداول خلالها حول الأزمة القائمة بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي كانت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة قد بادرت بتنظيم جلسة بمقر المجلس مع محمد علي البوغديري وزير التربية، وقد حضر الوزير بمعية المديرين العامين بالوزارة وتم التطرق خلال تلك الجلسة للمشاكل التي يعيشها القطاع التربوي بشكل عام وكذلك للمبادرة التشريعية المتعلقة بإحداث صندوق الإصلاح التربوي وهو مقترح مقدم من قبل عدد من النواب ويهدف إلى دعم المؤسسات التربوية.
وأضاف أنه إلى جانب تلك الجلسة توجه الأسبوع الماضي وفد ضم عددا من النواب إلى وزارة التربية في محاولة لبحث حل للأزمة الراهنة لأن القضية أصبحت قضية رأي عام ولأن الإطار التربوي اتجه نحو التصعيد ولأن النواب لا يريدون تفاقم هذه الأزمة أكثر فأكثر لأن هناك عودة مدرسية قادمة ومن المفروض أن تكون طريق العودة سالكة وهو ما يقتضي الرجوع إلى طاولة الحوار والتحلي بالحكمة وتغليب المصلحة الوطنية والتفكير في المصلحة الفضلى للتلاميذ.
التواصل مع النقابة
وبين عكرمي أن لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة طلبت أيضا إجراء لقاء مع الطرف النقابي حتى وإن كان ذلك خارج المجلس، وكان هناك فعلا تواصل مع ممثلي النقابة وفسر أن العديد من النواب بادروا بالاتصال ببعض النقابيين وتحاوروا معهم خارج الأطر الرسمية إذ أن لديهم علاقات مع بعض النقابيين كما يوجد تواصل مستمر بين النواب والنقابات في الجهات لأن أغلب أعضاء مجلس نواب الشعب هم في الأصل من أبناء القطاع التربوي وتمثل نسبتهم قرابة ستين بالمائة من مجموع أعضاء المجلس فهم معلمون وأساتذة وقيمون ومتفقدون، وذكر أن الطرف الاجتماعي ربما يريد أن يبقى الحوار بينه وبين وزارة الإشراف.
وأضاف مقرر اللجنة أن وزارة التربية طلبت من المدرسين تسليم الأعداد ثم مواصلة الحوار، وبين أنه كنائب شعب يرى أنه من مصلحة الجميع أن يتم تسليم الأعداد ومواصلة الحوار لأن هناك سنة دراسية جديدة ستنطلق في شهر سبتمبر والاستعدادات لها تتم خلال العطلة الصيفية وهذا غير ممكن في حال عدم تسليم الأعداد، وقال إنه يفضل العودة للحوار وذكر أنه حتى في صورة عدم الاستجابة إلى جميع مطالبها فيمكن للجامعة العامة للتعليم الأساسي طرح الملف من جديد خلال السنة الدراسية القادمة لأن التصعيد من قبل هذا الطرف أو ذاك لن يحل الأزمة ولأن تواصل الأزمة ليس في صالح أي طرف منهما وليس في صالح التلاميذ والأولياء.
وبين النائب نجيب عكرمي أنه يدعو الطرف الاجتماعي إلى مراعاة الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تونس وتفهم وضعية المالية العمومية وميزانية الدولة لأن تونس مطالبة بسداد قروض لفائدة الأطراف المناحة وهي تواجه صعوبات في تمويل الميزانية، وبعد القرض الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب مؤخرا سيعقد المجلس اليوم الجمعة 21 جويلية جلسة عامة للتداول حول مشروع قانون جديد يتعلّق بالموافقة على اتفاقية التمويل المبرمة بتاريخ 16 ماي 2023 بين الجمهورية التونسية ومجموعة من البنوك المحلية لتمويل ميزانية الدولة، ويعرف الجميع تداعيات اللجوء للاقتراض من البنوك المحلية.
وفسر عكرمي أن جميع نواب الشعب يدركون جيدا أن وضعية المدرس المادية وضعية صعبة لكنهم يهيبون بهم تغليب المصلحة الوطنية التي تقتضي مراعاة وضعية المالية العمومية والتفكير في حلول لمشكل التشغيل الهش ولمعاناة قرابة ربع مليون معطل عن العمل، وقال إنه كان من المفروض أن الطرف الاجتماعي هو الأحرص على الدفاع عن الوضعيات الهشة فالأولوية لتحسين هذه الوضعيات وبعد ذلك يأتي تحسين الأجور، وقال إنه لا بد من تقديم تنازلات من أجل المعطلين عن العمل وذكر أن الموارد التي من المفروض تخصيصها للزيادات في الأجور، وهي زيادات لن تغير أوضاع المدرسين كثيرا، يمكن أن تساعد على الحد من مشكل التشغيل الهش في القطاع التربوي. وأضاف أنه يريد التأكيد على أن هذا لا يعني أن وضعية المدرس ليست صعبة وأنه لا يحتاج إلى الزيادة في الأجور ولكنه يرى أنه في الظرف الراهن لا يجب تناسي العاطلين عن العمل وذكر أن الأولوية يجب أن تمنح لهؤلاء ويجب العمل على ايجاد حلول عاجلة لمشكل البطالة أما الزيادات في الأجور فتأتي عندما تتحسن وضعية المالية العمومية.
وأضاف مقرر لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة أن المدرسين لهم من الحس الوطني والرصانة والشعور بالمسؤولية ما يجعلهم يدركون أن اللحظة الراهنة تقتضي منهم تغليب المصلحة الوطنية لأن وضعية المالية العمومية صعبة ولأنه لا بد من الاستعداد للعودة المدرسية بصفة مبكرة ولكن جراء قرار عدم تسليم الأعداد لا يمكن للإدارة أن تقوم بالتحضيرات اللازمة لتأمين العودة المدرسية فهي لا تعرف من الذي نجح ومن الذي لم ينجح من التلاميذ.
دور تشريعي
وقال نجيب عكرمي إنه إضافة إلى الدور الرقابي الذي قامت به لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة من خلال الحوار مع وزير التربية والمساعي التي قام بها العديد من النواب لتقريب وجهات النظر بين الوزارة والطرف النقابي بهدف حلحلة الأزمة، فإن اللجنة تضطلع بدور تشريعي وهي مختصة بالنظر في مشاريع ومقترحات القوانين المتصلة بالشأن التربوي بشكل عام وفي هذا السياق فإنها تعهدت بدراسة مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق للإصلاح التربوي، واستمعت إلى رأي وزارة التربية في هذه المبادرة كما طلبت من لجنة المالية إبداء الرأي فيها وعلى أساس الرأي الذي ستقدمه لجنة المالية ستتخذ لجنة التربية قرارها بخصوص هذه المبادرة ومن المنتظر أن تعقد يوم 24 جويلية الجاري اجتماعا أخيرا للحسم في هذه المبادرة، ولكن حتى وإن لم يقع تمريرها إلى الجلسة العامة والمصادقة عليها من قبل الجلسة العامة فإنه بالإمكان أن يقع تضمين نفس المقترح في مشروع قانون المالية وأن يقع في إطار ميزانية الدولة للسنة المقبلة إحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي والعناية بالمؤسسات التربوية، ولكن لا بد أن تكون الموارد كافية لأنه سبق سنة 2001 أن تم إحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي لكن موارد هذا الصندوق لم تتجاوز أربعة مليارات ولم تسمح للصندوق بأن يقوم بالدور الذي أحدث من أجله. وقال النائب إنه لا يريد تكرار تلك التجربة الفاشلة ويرغب في إحداث صندوق يسمح بتوفير موارد مالية كبيرة بما يساعد على إصلاح المؤسسات التربوية العمومية التي تعاني من وضعية كارثية.
وأضاف أن اللجنة تنتظر قدوم مشروع القانون المتعلق بإحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم وهو مشروع يكتسي أهمية بالغة لأن المجلس الأعلى سيعمل على القيام بإصلاح شامل للمنظومة التربوية وذكر أن هذا المجلس تتداخل فيه عدة وزارات إلى جانب وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التكوين المهني والتشغيل فهذا المجلس يهم عدة قطاعات وليس القطاع التربوي الذي يعنى بالوضع الاجتماعي للإطار التربوي ووضعية المؤسسات التربوية ووضعية التلميذ فالمجلس الأعلى لديه أبعاد استراتيجية.
استشارة وطنية
وتعقيبا عن سؤال حول رأيه في مقترح رئيس الجمهورية المتعلق بإطلاق استشارة وطنية حول التربية والتعليم والتي كان من المتوقع أن تتم خلال العطلة الصيفية، بين أنه يرى أن الاستشارة الوطنية حول التعليم يجب أن يكون مضمونها ملما بالشأن التربوي كشأن عام لا يهم الأولياء والإطار التربوي فقط، لأن الحديث عن الشأن التربوي يحيل إلى السلوكيات المحفوفة بالمخاطر في محيط المؤسسة التربوية ويحيل إلى مشكل الانقطاع المدرسي الذي يهدد مستقل قرابة المائة ألف تلميذ سنويا لأن المنقطعين عندما تلفظهم المدرسة يجدون أنفسهم في الشارع ويعرف الجميع ما يوجد في هذا الشارع من مخاطر جمة خاصة وأن الأولياء تنصلوا من المسؤولية، كما يحيل أيضا لمشكل أعمق وهو تردي نتائج الامتحانات الوطنية بالمناطق الداخلية والذي يعطي إشارات خطيرة على اعتبار أن هذه المناطق تعاني من مشاكل اجتماعية، وخلص محدثنا إلى أن الاستشارة الوطنية حول التربية والتعليم يجب أن تكون شاملة على قدر شمولية المشروع الإصلاحي الوطني وأن تشارك فيها جميع مكونات الأسرة التربوية ويشارك فيها المثقفون والأطراف الاجتماعية والسياسيون وغيرهم. وردا عن استفسار آخر حول ما إذا كانت مشاركة السياسيين في الاستشارة يمكن أن تؤدي إلى تعطيل عملية الإصلاح التربوي وتكرار نفس ما حصل للمشروع الإصلاحي الذي قاده وزير التربية الأسبق ناجي جلول، أجاب مقرر لجنة التربية أن السبب الرئيسي لفشل المبادرات السابقة للإصلاح التربوي ومنها الكتاب الأبيض الذي تم إعداده في فترة جلول هو الاصطفاف السياسي، وأضاف أن الاصطفاف السياسي خطير جدا ويؤدي إلى إفشال أغلب المشاريع الإصلاحية، وبين أن البرلمان تغير والوضع داخله مختلف تماما عما كان عليه الوضع في البرلمان السابق إذ ليست فيه صراعات سياسة وإيديولوجية لأن جميع النواب يريدون بناء برلمان موحد يدافع عن الفكرة من أجل الانجاز وليس من أجل الغنيمة.