*باحث في القانون الخاص لـ"الصباح": الأزواج المعنفون من قبل زوجاتهم يعيشون الظلم ظلمات
*مختص في علم الاجتماع لـ"الصباح": تصريح الزوج بتعنيف زوجته له تمنعه أسباب نفسية واجتماعية وثقافية
خلف الأبواب المغلقة أزواج يتعرضون إلى عنف مادي ومعنوي من قبل زوجاتهم، البعض منهم يفضل الصمت وعدم التوجه إلى القضاء "درءا للفضيحة"، والبعض الآخر يخير الرد على الزوجة قضائيا.
رغم أنه لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد القضايا التي تباشرها الفرق الأمنية أو القضاء في هذا الخصوص إلا أنه لا يمكننا أن ننفي وجود العديد من الحالات التي يكون فيها الزوج ضحية العنف المادي من قبل شريكة حياته.
فقد أحالت مؤخرا زوجة تقطن بمدينة القيروان زوجها على الإنعاش بعد أن عمدت إثر خلاف بينهما إلى الاعتداء عليه بواسطة هراوة على رأسه ووصفت حالته بالحرجة.
ليست هذه الحادثة الأولى التي يصدر فيها عنف مادي مسلط من طرف زوجة تجاه زوجها فقد سبق وأن شهدت منطقة رواد الشاطئ حادثة أليمة تمثلت في تعمد زوجة وبعد خلاف مع زوجها إلى سكب مادة البنزين على جسده وهو نائم وذلك بسبب خيانته لها حسبما أكدته الزوجة في اعترافاتها أمام الباحث، وأشارت إلى أنها اكتشفت وجود محادثات على تطبيقة "الواتس آب" بينه وبين عشيقته، مبينة أنها أشعلت فيه النار ثم غادرت المنزل لقضاء بعض الأمور لطمس معالم جريمتها والتنصل من المسؤولية الجزائية.
زوجة أخرى كانت عمدت خلال 2019 إلى سكب الماء المغلي على زوجها على مستوى ظهره فأصيب بحروق بليغة إثر خلافات زوجية بينهما.
قضية أخرى كان باشرها القضاء المتهمة فيها امرأة في العقد الثالث من عمرها وتهمتها الاعتداء بواسطة سكين على زوجها على مستوى يده اليمني، حالات عديدة ومتعددة ومحاكم تعج بهذا النوع من القضايا.
في تعليقه لـ"الصباح" على هذه الظاهرة قال حاتم المينياوي باحث في القانون الخاصّ ورئيس الجمعية التونسية للنهوض بالرجل والأسرة والمجتمع أن لديه بعض الاحترازات على قانون العنف ضدّ المرأة وكان من المفروض أن يكون القانون ضد العنف بصفة عامة وليس المرأة فقط خاصة وأن العديد من الرجال هم ضحايا عنف مادي ومعنوي مسلط عليهم من زوجاتهم.
واعتبر أن القضاء على العنف لا يكون فقط بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، لان العنف عنف مهما كان مصدره ومهما كانت ضحيّته.
وأردف المتحدث أنه لا بدّ من إعادة النّظر في السّياسة التّشريعيّة والقضائيّة إذ لا يعقل أن تحظى المرأة بامتيازات تمييزيّة فعندما تتعرض المرأة للعنف توضع جميع مؤسسات وهياكل الدّولة لخدمتها.. وتتولّى السلطات الأمنية والقضائية مباشرة الشكاية التي ترفعها بشكل فوريّ واستعجاليّ بينما "تترنّح" شكاية الرّجل وتظل دهورا مركونة في الرفوف.. ويكون مآلها الإهمال أو طول آجال الفصل فيها، علما بأنّ طول الآجال هو بمثابة إنكار للعدالة.. وإنكار العدالة جريمة يعاقب عليها القانون.
وأضاف أن هناك العديد من الرجال ضحايا عنف من قبل زوجاتهم ولكن أغلبهم يخير الصمت لأنه يستحي أن يجاهر بما يتعرض له من عنف مادي ومعنوي من قبل زوجته معتبرا أن بعض الرجال المعنفين من قبل شريكة حياتهم يعيشون الظلم ظلمات، ظلم تشريعي وقضائي ومجتمعي.
تعنيف الرجال
من جهته اعتبر المختص في علم الاجتماع طارق بلحاج محمد أن ممارسة العنف اليوم صفة لم تعد مرتبطة بالرجال فقط، بل أن بعض النساء أصبحن يمارسنه على الرجال في سياق تاريخي واجتماعي يتسم بالانفلات وتراجع القيم التقليدية وتغير الأدوار والوظائف الاجتماعية.
وقال إنه يصعب علينا الآن تحديد عدد حالات العنف المسلط على الرجال وحجمها نظرا لحالة التكتم التي تلف هذه الظاهرة، ونظرا لضعف حالات الإشعار، فالتصريح بها تمنعه أسباب نفسية واجتماعية وثقافية معززة بأحكام مسبقة وحالة إنكار تربط العنف بالرجل أكثر من المرأة إلى درجة يصعب على البعض تصديق وجود مثل هذه الحالات رغم تواترها. هو إذن عنف موجود في الواقع لكنه أقل تداولا وظهورا في مجتمع عاش لمدة قرون على وقع ثقافة تعنيف الرجل للمرأة، عنف نرصده في الحديث اليومي أكثر مما نجده في الدراسات العلمية والإحصائية.
أنواع العنف
وفي خصوص أنواع العنف المسلط على الرجال بين انه يتراوح بين العنف البدني المباشر وشتى أنواع العنف الرمزي والمعنوي:
- العنف البدني: ويتراوح بين العض والخبش والضرب بالأواني واستعمال الآلات الحادة ويمكن أن تصل درجات العنف حد القتل وخاصة عند حالات نوم الرجال
- العنف اللفظي: من قبيل الإهانة والشتم والسب والتحقير والتشكيك في الرجولة، والتذمر المبالغ فيه واستحضار قاموس الشتيمة والبذاءة حتى في الحوارات العادية...
- الابتزاز والهرسلة: وهو عنف أقل ظهورا وعادة ما يكون موضوع الابتزاز العلاقة الجنسية المشروطة أو الأبناء (سواء عبر إهمالهم أو بحرمان الأب منهم أو بتحريضهم عليه بشكل يمس من صورته وكرامته). كما يمكن أن يأخذ هذا الابتزاز شكلا آخر بتكبيل الرجل ومنعه بكل الطرق من تحقيق أحلامه وطموحاته خوفا من أن يعمق نجاحه ومجده الهوة بينه وبينها.
هو إذن حسب رأيه تدمير ممنهج لنفسية وحياة وطموح الرجل الغاية منه أخذه كرهينة مدى الحياة.
-العنف الاقتصادي:وذلك عبر استنزاف الرجل ماديا واقتصاديا رغبة في إذلاله والاستحواذ عليه أو خوفا من أن تذهب موارده وأمواله لامرأة أخرى.
واعتبر أن هذه الممارسة مؤشر على حضور ثقافة قديمة في حياتنا العصرية وعلى ضعف الثقة بالنفس والأنانية المفرطة التي تطور أنواعا أخرى من العنف تختلف في أشكالها لكنها تصب كلها في أحكام مسبقة تقوم على ثقافة العداوة والاستنزاف بين المرأة والرجل. وقد ازداد هذا الشكل من العنف خصوصا مع خروج المرأة للعمل، مما جعلها تتبوأ أدوارا جديدة وتطالب بمكانة جديدة وسلطة ومواقع تتماشى مع هذا الوضع الجديد.
- العنف المعنوي:كأن يأخذ العنف شكل الكيد والحيلة والشعوذة والسحر والخيانة، والغاية من ورائه هو إلحاق أكبر ضرر معنوي ونفسي وعاطفي ممكن بالرجل وهزمه أمام نفسه وأمام المجتمع من أجل الاستحواذ عليه واستعباده بطريقة لا تقوم على الكفاءة والاستحقاق بل بالرغبة في إخفاء العيوب الظاهرة في شخصية المرأة وسلوكها وأدائها وردود أفعالها.
الأسباب
أما عن الأسباب فقد أوضح طارق بلحاج محمد أنه عادة ما تكون للمرأة المعنفة للرجل صفات عديدة منها عدم السواء النفسي والعاطفي ويعكس عقلية ونفسية مريضة وانتقامية ومدمرة، خاصة لدى اللواتي يمارسن العنف ويشرعن له. كما يمكن أن يكون الرجال المعنفون إما ذوي شخصيات هشة أو وضعيات هشة. فحين يعجز الرجل عن القيام بواجباته الاقتصادية والجنسية يصبح أكثر عرضة للتعنيف وأكثر قبولا له وصمتا عليه.
صباح الشابي
*باحث في القانون الخاص لـ"الصباح": الأزواج المعنفون من قبل زوجاتهم يعيشون الظلم ظلمات
*مختص في علم الاجتماع لـ"الصباح": تصريح الزوج بتعنيف زوجته له تمنعه أسباب نفسية واجتماعية وثقافية
خلف الأبواب المغلقة أزواج يتعرضون إلى عنف مادي ومعنوي من قبل زوجاتهم، البعض منهم يفضل الصمت وعدم التوجه إلى القضاء "درءا للفضيحة"، والبعض الآخر يخير الرد على الزوجة قضائيا.
رغم أنه لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد القضايا التي تباشرها الفرق الأمنية أو القضاء في هذا الخصوص إلا أنه لا يمكننا أن ننفي وجود العديد من الحالات التي يكون فيها الزوج ضحية العنف المادي من قبل شريكة حياته.
فقد أحالت مؤخرا زوجة تقطن بمدينة القيروان زوجها على الإنعاش بعد أن عمدت إثر خلاف بينهما إلى الاعتداء عليه بواسطة هراوة على رأسه ووصفت حالته بالحرجة.
ليست هذه الحادثة الأولى التي يصدر فيها عنف مادي مسلط من طرف زوجة تجاه زوجها فقد سبق وأن شهدت منطقة رواد الشاطئ حادثة أليمة تمثلت في تعمد زوجة وبعد خلاف مع زوجها إلى سكب مادة البنزين على جسده وهو نائم وذلك بسبب خيانته لها حسبما أكدته الزوجة في اعترافاتها أمام الباحث، وأشارت إلى أنها اكتشفت وجود محادثات على تطبيقة "الواتس آب" بينه وبين عشيقته، مبينة أنها أشعلت فيه النار ثم غادرت المنزل لقضاء بعض الأمور لطمس معالم جريمتها والتنصل من المسؤولية الجزائية.
زوجة أخرى كانت عمدت خلال 2019 إلى سكب الماء المغلي على زوجها على مستوى ظهره فأصيب بحروق بليغة إثر خلافات زوجية بينهما.
قضية أخرى كان باشرها القضاء المتهمة فيها امرأة في العقد الثالث من عمرها وتهمتها الاعتداء بواسطة سكين على زوجها على مستوى يده اليمني، حالات عديدة ومتعددة ومحاكم تعج بهذا النوع من القضايا.
في تعليقه لـ"الصباح" على هذه الظاهرة قال حاتم المينياوي باحث في القانون الخاصّ ورئيس الجمعية التونسية للنهوض بالرجل والأسرة والمجتمع أن لديه بعض الاحترازات على قانون العنف ضدّ المرأة وكان من المفروض أن يكون القانون ضد العنف بصفة عامة وليس المرأة فقط خاصة وأن العديد من الرجال هم ضحايا عنف مادي ومعنوي مسلط عليهم من زوجاتهم.
واعتبر أن القضاء على العنف لا يكون فقط بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، لان العنف عنف مهما كان مصدره ومهما كانت ضحيّته.
وأردف المتحدث أنه لا بدّ من إعادة النّظر في السّياسة التّشريعيّة والقضائيّة إذ لا يعقل أن تحظى المرأة بامتيازات تمييزيّة فعندما تتعرض المرأة للعنف توضع جميع مؤسسات وهياكل الدّولة لخدمتها.. وتتولّى السلطات الأمنية والقضائية مباشرة الشكاية التي ترفعها بشكل فوريّ واستعجاليّ بينما "تترنّح" شكاية الرّجل وتظل دهورا مركونة في الرفوف.. ويكون مآلها الإهمال أو طول آجال الفصل فيها، علما بأنّ طول الآجال هو بمثابة إنكار للعدالة.. وإنكار العدالة جريمة يعاقب عليها القانون.
وأضاف أن هناك العديد من الرجال ضحايا عنف من قبل زوجاتهم ولكن أغلبهم يخير الصمت لأنه يستحي أن يجاهر بما يتعرض له من عنف مادي ومعنوي من قبل زوجته معتبرا أن بعض الرجال المعنفين من قبل شريكة حياتهم يعيشون الظلم ظلمات، ظلم تشريعي وقضائي ومجتمعي.
تعنيف الرجال
من جهته اعتبر المختص في علم الاجتماع طارق بلحاج محمد أن ممارسة العنف اليوم صفة لم تعد مرتبطة بالرجال فقط، بل أن بعض النساء أصبحن يمارسنه على الرجال في سياق تاريخي واجتماعي يتسم بالانفلات وتراجع القيم التقليدية وتغير الأدوار والوظائف الاجتماعية.
وقال إنه يصعب علينا الآن تحديد عدد حالات العنف المسلط على الرجال وحجمها نظرا لحالة التكتم التي تلف هذه الظاهرة، ونظرا لضعف حالات الإشعار، فالتصريح بها تمنعه أسباب نفسية واجتماعية وثقافية معززة بأحكام مسبقة وحالة إنكار تربط العنف بالرجل أكثر من المرأة إلى درجة يصعب على البعض تصديق وجود مثل هذه الحالات رغم تواترها. هو إذن عنف موجود في الواقع لكنه أقل تداولا وظهورا في مجتمع عاش لمدة قرون على وقع ثقافة تعنيف الرجل للمرأة، عنف نرصده في الحديث اليومي أكثر مما نجده في الدراسات العلمية والإحصائية.
أنواع العنف
وفي خصوص أنواع العنف المسلط على الرجال بين انه يتراوح بين العنف البدني المباشر وشتى أنواع العنف الرمزي والمعنوي:
- العنف البدني: ويتراوح بين العض والخبش والضرب بالأواني واستعمال الآلات الحادة ويمكن أن تصل درجات العنف حد القتل وخاصة عند حالات نوم الرجال
- العنف اللفظي: من قبيل الإهانة والشتم والسب والتحقير والتشكيك في الرجولة، والتذمر المبالغ فيه واستحضار قاموس الشتيمة والبذاءة حتى في الحوارات العادية...
- الابتزاز والهرسلة: وهو عنف أقل ظهورا وعادة ما يكون موضوع الابتزاز العلاقة الجنسية المشروطة أو الأبناء (سواء عبر إهمالهم أو بحرمان الأب منهم أو بتحريضهم عليه بشكل يمس من صورته وكرامته). كما يمكن أن يأخذ هذا الابتزاز شكلا آخر بتكبيل الرجل ومنعه بكل الطرق من تحقيق أحلامه وطموحاته خوفا من أن يعمق نجاحه ومجده الهوة بينه وبينها.
هو إذن حسب رأيه تدمير ممنهج لنفسية وحياة وطموح الرجل الغاية منه أخذه كرهينة مدى الحياة.
-العنف الاقتصادي:وذلك عبر استنزاف الرجل ماديا واقتصاديا رغبة في إذلاله والاستحواذ عليه أو خوفا من أن تذهب موارده وأمواله لامرأة أخرى.
واعتبر أن هذه الممارسة مؤشر على حضور ثقافة قديمة في حياتنا العصرية وعلى ضعف الثقة بالنفس والأنانية المفرطة التي تطور أنواعا أخرى من العنف تختلف في أشكالها لكنها تصب كلها في أحكام مسبقة تقوم على ثقافة العداوة والاستنزاف بين المرأة والرجل. وقد ازداد هذا الشكل من العنف خصوصا مع خروج المرأة للعمل، مما جعلها تتبوأ أدوارا جديدة وتطالب بمكانة جديدة وسلطة ومواقع تتماشى مع هذا الوضع الجديد.
- العنف المعنوي:كأن يأخذ العنف شكل الكيد والحيلة والشعوذة والسحر والخيانة، والغاية من ورائه هو إلحاق أكبر ضرر معنوي ونفسي وعاطفي ممكن بالرجل وهزمه أمام نفسه وأمام المجتمع من أجل الاستحواذ عليه واستعباده بطريقة لا تقوم على الكفاءة والاستحقاق بل بالرغبة في إخفاء العيوب الظاهرة في شخصية المرأة وسلوكها وأدائها وردود أفعالها.
الأسباب
أما عن الأسباب فقد أوضح طارق بلحاج محمد أنه عادة ما تكون للمرأة المعنفة للرجل صفات عديدة منها عدم السواء النفسي والعاطفي ويعكس عقلية ونفسية مريضة وانتقامية ومدمرة، خاصة لدى اللواتي يمارسن العنف ويشرعن له. كما يمكن أن يكون الرجال المعنفون إما ذوي شخصيات هشة أو وضعيات هشة. فحين يعجز الرجل عن القيام بواجباته الاقتصادية والجنسية يصبح أكثر عرضة للتعنيف وأكثر قبولا له وصمتا عليه.