غيّب الموت الزّميل الصحفي المقتدر والمربي الفاضل محمد القبي يوم الأحد 28 ماي 2023. وترك فقيد الساحة الإعلامية والثقافية والتربوية حسرة كبيرة في قلوب أفراد عائلته وأصدقائه ورفاق دربه لاسيّما في الحقل الصحفي المكتوب وبالأخص في جريدته الأم "الصّباح". لقد اعتبرت جريدة "الصّباح" الغرّاء الفقيد محمد القبي ابنها البارّ. فتحت له صفحاتها ووجد فيها فرصة سانحة ليكتب عن مدينة صفاقس وما تعانيه من تلوث بيئي وتدهور للبنية التحتية وغير ذلك من المواضيع التي كان يطرحها دون تردد. لم يكن قلم الصحفي محمد القبي مرتعشا، بل كان يشير إلى ما يجب الإشارة إليه من نقد السلطة وتقصيرها في القيام بأدوارها المنوطة بعهدتها، كان ذلك زمن الجمر بالطبع.
لقد ارتأت عائلة المربي الفاضل محمد القبي أن تقيم مساء الثلاثاء 18 جويلية 2023 أربعينيته وقد أحياها ثلة من الصحافيات والصحافيين الذين أثنوا على خصال الرجل ومثابرته في العمل التربوي حيث عمل مربيا مدة فاتت ثلاثة عقود ونصف وصحفيّا في جريدة "الصباح" ووسائل إعلام أخرى مكتوبة وبإذاعة صفاقس.
"الصباح" التقت بابنة المرحوم لبنى القبي وهي صحفية بالإذاعة الجهوية بصفاقس. وقد أكدت أن مناسبة الأربعينية فيها تعبير عن وفاء العائلة لفقيدها والتذكير بما تميز به من خصال أبرزها الإيثار على النفس والصدق والإخلاص في العمل. وأكدت ابنة الفقيد أن والدها كان مدافعا شرسا عن القضايا الاجتماعية التي تمس حياة المواطن وحقوقه في كل أنحاء البلاد وبالأخص اهتمامه البالغ بالحالة البيئية الكارثية التي تعيشها مدينة صفاقس وعدم العناية بها واهمال مشاكلها من قبل السلط الجهوية والمركزية سواء قبل 14 جانفي 2011 أو بعده. وتضيف لبنى:"لقد كان لوالدي برامج في إذاعة صفاقس منها على سبيل المثال لا الحصر: شموع على الطريق، حديث المفاجآت، جذور وأغصان "الألقاب". وقد لاقت هذه البرامج متابعة جيدة وكبيرة من قبل المستمعين والمستمعات".
أما ابنته صفاء فقد أكدت أنه لا يمكن البتة ملء ما تركه والدها في حياة عائلته من فراغ مهول. كان بمثابة الصديق والأخ والمرشد والناصح. جلساته مفعمة بالحكم والإفادة والطرافة في الوقت نفسه، "وددنا لو تمتعنا أكثر بمعين حبه المسجور وثرائه المعرفي لكن تلك هي مشيئة الأقدار".
محمد سامي الكشو رئيس مكتب وكالة تونس إفريقيا للأنباء وعضو المكتب الموسع لنقابة الصحافيين التونسيين فقد صرح لـ"الصباح" قائلا:"إن زميلنا المغفور له بإذن الله تعالى كان موسوعة حيث يحدثك في السياسة والأدب والرياضة وفي كل المجالات لاسيما الاجتماعية. كان لطيفا ومقبلا على الحياة وتارة مشحونا بمواقف الالتزام والمبادئ. كان قلمه ولسانه ينتقدان كل الاعوجاج الذي تعيشه البلاد وكان جريئا وصريحا وهذا قبل ثورة 14 جانفي 2011. إن فقيدنا العزيز كان صاحب صدقية في المواقف في السلطة الرابعة وكان المعلم الأصيل تربت على يديه أجيال تلو الأجيال بعد 56 وهم اليوم منارة البلاد".
من جهته تحدث الدكتور نزار شقرون عن المرحوم قائلا:"محمد القبي، رحمه الله، أول من عرّف بديواني الأول هوامش الفردوس عام 1990، سخّر عمله "الصحفي لتطوير المشهد الثقافي في صفاقس، واستطاع محاورة كبار المثقفين والمفكرين بفضل خلفيته الثقافية، كان "ملدوغا"، بالثقافة، عاش بها وآمن بها ولم يفرط فيها رغم انتكاساتها، كان يكتب بوجدانه، ويعتبر الكتابة حياة ونضالا مستمرا".
إلى جانب هذه الكلمات المقتضبة التي كتبها نزار شقرون بعد ممات محمد القبي، كان كتب نصا مطوّلا حول الرجل ومسيرته عندما كان معنا وبيننا. كان ذلك عندما تولى تقديم كتابه "أجراس الليل" في ديسمبر 2015 في إطار معرض الكتاب بصفاقس.
من هذه الأقوال والعبارات والجمل قوله في كتابات القبي "يبحث في خبايا الواقع المرّ بلا مواربة أو أقنعة". يقول أيضا:"بعد سنوات من الكتابة جاءت نصوصه متنوّعة في فترات كتابتها وممتدّة على عمر كابده في النّضال الثقافي".
"ولم يجد القبّي عناء في البحث عن فضاء يضمّ آهات كتابته، فكانت مدينة صفاقس فضاءه الحميم".. كانت المدينة/الحبيبة في قلب الكتابة وفي فؤاد الكاتب".
مصدّق الشّريف
غيّب الموت الزّميل الصحفي المقتدر والمربي الفاضل محمد القبي يوم الأحد 28 ماي 2023. وترك فقيد الساحة الإعلامية والثقافية والتربوية حسرة كبيرة في قلوب أفراد عائلته وأصدقائه ورفاق دربه لاسيّما في الحقل الصحفي المكتوب وبالأخص في جريدته الأم "الصّباح". لقد اعتبرت جريدة "الصّباح" الغرّاء الفقيد محمد القبي ابنها البارّ. فتحت له صفحاتها ووجد فيها فرصة سانحة ليكتب عن مدينة صفاقس وما تعانيه من تلوث بيئي وتدهور للبنية التحتية وغير ذلك من المواضيع التي كان يطرحها دون تردد. لم يكن قلم الصحفي محمد القبي مرتعشا، بل كان يشير إلى ما يجب الإشارة إليه من نقد السلطة وتقصيرها في القيام بأدوارها المنوطة بعهدتها، كان ذلك زمن الجمر بالطبع.
لقد ارتأت عائلة المربي الفاضل محمد القبي أن تقيم مساء الثلاثاء 18 جويلية 2023 أربعينيته وقد أحياها ثلة من الصحافيات والصحافيين الذين أثنوا على خصال الرجل ومثابرته في العمل التربوي حيث عمل مربيا مدة فاتت ثلاثة عقود ونصف وصحفيّا في جريدة "الصباح" ووسائل إعلام أخرى مكتوبة وبإذاعة صفاقس.
"الصباح" التقت بابنة المرحوم لبنى القبي وهي صحفية بالإذاعة الجهوية بصفاقس. وقد أكدت أن مناسبة الأربعينية فيها تعبير عن وفاء العائلة لفقيدها والتذكير بما تميز به من خصال أبرزها الإيثار على النفس والصدق والإخلاص في العمل. وأكدت ابنة الفقيد أن والدها كان مدافعا شرسا عن القضايا الاجتماعية التي تمس حياة المواطن وحقوقه في كل أنحاء البلاد وبالأخص اهتمامه البالغ بالحالة البيئية الكارثية التي تعيشها مدينة صفاقس وعدم العناية بها واهمال مشاكلها من قبل السلط الجهوية والمركزية سواء قبل 14 جانفي 2011 أو بعده. وتضيف لبنى:"لقد كان لوالدي برامج في إذاعة صفاقس منها على سبيل المثال لا الحصر: شموع على الطريق، حديث المفاجآت، جذور وأغصان "الألقاب". وقد لاقت هذه البرامج متابعة جيدة وكبيرة من قبل المستمعين والمستمعات".
أما ابنته صفاء فقد أكدت أنه لا يمكن البتة ملء ما تركه والدها في حياة عائلته من فراغ مهول. كان بمثابة الصديق والأخ والمرشد والناصح. جلساته مفعمة بالحكم والإفادة والطرافة في الوقت نفسه، "وددنا لو تمتعنا أكثر بمعين حبه المسجور وثرائه المعرفي لكن تلك هي مشيئة الأقدار".
محمد سامي الكشو رئيس مكتب وكالة تونس إفريقيا للأنباء وعضو المكتب الموسع لنقابة الصحافيين التونسيين فقد صرح لـ"الصباح" قائلا:"إن زميلنا المغفور له بإذن الله تعالى كان موسوعة حيث يحدثك في السياسة والأدب والرياضة وفي كل المجالات لاسيما الاجتماعية. كان لطيفا ومقبلا على الحياة وتارة مشحونا بمواقف الالتزام والمبادئ. كان قلمه ولسانه ينتقدان كل الاعوجاج الذي تعيشه البلاد وكان جريئا وصريحا وهذا قبل ثورة 14 جانفي 2011. إن فقيدنا العزيز كان صاحب صدقية في المواقف في السلطة الرابعة وكان المعلم الأصيل تربت على يديه أجيال تلو الأجيال بعد 56 وهم اليوم منارة البلاد".
من جهته تحدث الدكتور نزار شقرون عن المرحوم قائلا:"محمد القبي، رحمه الله، أول من عرّف بديواني الأول هوامش الفردوس عام 1990، سخّر عمله "الصحفي لتطوير المشهد الثقافي في صفاقس، واستطاع محاورة كبار المثقفين والمفكرين بفضل خلفيته الثقافية، كان "ملدوغا"، بالثقافة، عاش بها وآمن بها ولم يفرط فيها رغم انتكاساتها، كان يكتب بوجدانه، ويعتبر الكتابة حياة ونضالا مستمرا".
إلى جانب هذه الكلمات المقتضبة التي كتبها نزار شقرون بعد ممات محمد القبي، كان كتب نصا مطوّلا حول الرجل ومسيرته عندما كان معنا وبيننا. كان ذلك عندما تولى تقديم كتابه "أجراس الليل" في ديسمبر 2015 في إطار معرض الكتاب بصفاقس.
من هذه الأقوال والعبارات والجمل قوله في كتابات القبي "يبحث في خبايا الواقع المرّ بلا مواربة أو أقنعة". يقول أيضا:"بعد سنوات من الكتابة جاءت نصوصه متنوّعة في فترات كتابتها وممتدّة على عمر كابده في النّضال الثقافي".
"ولم يجد القبّي عناء في البحث عن فضاء يضمّ آهات كتابته، فكانت مدينة صفاقس فضاءه الحميم".. كانت المدينة/الحبيبة في قلب الكتابة وفي فؤاد الكاتب".