إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"محفل" افتتاح مهرجان قرطاج الدولي.. غابت بصمة الفاضل الجزيري والجمهور غادر مستاء ..

 

*بصمة نصر الدين الشبلي علامة مضيئة في "محفل" .. والمراجعة مطلوبة لبقية عناصر عرض الجزيري

تونس - الصباح

في دورته السابعة والخمسين افتتح مهرجان قرطاج الدولي عروضه بإنتاج الفاضل الجزيري "محفل" خيار لاسم حفر في الذاكرة الفنية لسنوات بفضل مجموعة من الانتاجات المسرحية والعروض الفرجوية ذات البصمة الجمالية المغايرة.

الفاضل الجزيري هذا المرجع الفني طالته بعد عرض المحفل ليلة الجمعة 14 جويلية على ركح المسرح الأثري لقرطاج انتقادات واسعة فخيبة الأمل لم ترسم فحسب على ملامح الفاعلين في المشهد الثقافي والإعلامي وإنمّا لوّنت وجوه معظم الجماهير المواكبة للسهرة.

وقد كان لنا جولة في مدارج المسرح الأثري نبحث عبرها عن لحظات استمتاع الحضور بالعرض ومضامينه غير أن أغلب فقراته لم تجد تفاعلا من جمهور، يبحث عن المتعة .. لم يتمايل الكثيرون مع ايقاعات "محفل" إلا عبد ساعة تقريبا من انطلاق العرض على أحد أغانيه التراثية ..

معظم الحاضرين من العائلات جاؤوا للرقص، الغناء والتمتع بسهرة تشابه "المحافل" و"الأعراس" التونسية كما توقعوا من عرض الفاضل الجزيري غير أن تصور افتتاح مهرجان قرطاج الدولي في دورته 57 لم يستجب لهذه التوقعات ولعّلنا هنا نتساءل هل الجمهور على حق في استيائه .. انتقادات الإعلاميين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هل تجاوزت بدورها حدود "الموضوعية"، ولماذا لم تطل الانتقادات خيارات مهرجان قرطاج بقدر الفاضل الجزيري ..

يقال العتاب على قدر المحبة .. فقد تعودنا على برمجة "قرطاج" غير المدروسة ولكن لم نتعود على "استسهال" الكبار لمنجزهم الثقافي والفني لذلك كانت الخيبة عميقة ونحن نشاهد "محفل" الجزيري ..

نعم رفعنا سقف التوقعات رغم علمنا بكواليس تحضير الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي وما باحت به من خيارات إلا أن أملنا كان متعلقا برؤية الفاضل الجزيري وفريقه الفني والتقني .. هناك أكيد علامات مضيئة في عرض "محفل" وأهمّها إمكانات وقدرات نصر الدين الشبلي المشبع والشغوف بكل تفصيلة في عمله ومهارته وتمكنه من قيادة 24 موسيقي يتناغمون بتميز مع آلاتهم الموسيقية (الطبلة، البندير، الدربوكة...) ..

"محفل" عمل فني أنجز في وقت قصير جدا فأوحى لحضور افتتاح قرطاج بمشهد طويل "ارتجالي" ... شباب وشابات يتراقصوندون مغزى فني في تشتت واضح لا يتماهى في أغلب لوحاته مع الأغاني المختارة وهي ملاحظة تنسحب كذلك على حضور الكورال في هذا العمل الموسيقي حتى أعوان الأمن المخصصين للوقوف على جانبي المسرح يتنقلون داخل هذه اللوحة الفرجوية دون احترام للعرض الفني ! أين بصمة الفاضل الجزيري هل ضاعت بسبب ضيق الوقت أم غياب العناصر الأساسية التي كانت ستؤثث العمل وانسحبت بسبب الميزانية الضعيفة لهذا الإنتاج الفني المنجز بالشراكة مع مسرح أوبرا مدينة الثقافة ...

البحث في الجانب الموسيقي ورؤية الفاضل الجزيري لـ"محفل" قوامه إيقاع بدوي وإرث الشعر الغنائي من ربوع تونس بأسلوب موسيقي معاصر (مزج لإيقاعات الشاوي، الغيطة، الفزاني، المربع وغيرها مع موسيقات العالم الروك، الجاز، البلوز..) ولقاء آلات موسيقية من أنماط فنية مختلفة على غرار الكمان، البيانو، الغيتار، الباتري والغيتار الالكتروني بالقصبة والناي والدربوكة وغيرها من الآلات المتنافرة ظاهريا، يفرض ضرورة إمكانات مالية ولوجستية أكبر (ميزانية العرض المعلنة 600 ألف دينار)، وفترة أطول من التحضير ونعتقد أن هذه الأرضية لم تتوفر لعرض "محفل" لذلك كان من الأفضل تأجيل هذا الخيار لدورة قادمة من مهرجان قرطاج وبالتالي مسؤولية الفشل لا يتحملها الفاضل الجزيري وحده وإنما يتشارك هذه الخيبة مع القائمين على مهرجان قرطاج ولعّلهم يتحملون المسؤولية الأكبر فالفشل يلاحق إدارته، التي أصبحت تراهن على البعد التجاري للمهرجان متهاونة بانعكاسات خياراتها على صورة البلاد الثقافية ..

ولئن ضم فريق "محفل" أسماء فنية يشهد بامكاناتها الصوتية وثقافتها الموسيقية وبحثها عن المغاير والمتجدد في الفن على غرار محمد علي شبيل في "الجحفة" و"نحلم بخيالك" ونضال اليحياوي (أمتع الجمهور بحضوره اللافت على المسرح وهو يردد "ساق نجعك" و"العين السودة") مع مشاركة أصوات تونسية للغناء البدوي والشعبي اكتشفها جمهور قرطاج ليلة افتتاح 14 جويلية الحالي على غرار أنيس علوي في "هزّي حرامك"، سامي الرزقي في "واشي واشي" من "التراث الجربي"، فتحي الماجري "الليلة المحفل يعجبني"،أسامة النابلي "اركزي عالرملة"، سامي كامل في" مرّ فراقك" وآمنة الجزيري في "زينة" وهي تنقر على الطبل وحضور فوزية الكافية وإيقاع "الشاوي" على ركح قرطاج إلا أن بعض الفقرات لم توفق في شد الجمهور رغم قدرات مؤديها على غرار هيثم الحذيري في "سيدي عبد القادر" ونعتقد أن المغامرة الفنية الجديدة لأصوات أوبرا تونس مع الفاضل الجزيري تحتاج لمزيد من الاشتغال على مضامين هذه الرؤية المعاصرة للارث الموسيقي التونسي من ايقاعات بدوية وشعبية والبحث أكثر في طرق وأساليب تماهي هذه الموسيقى مع الأنماط

الكلاسيكية الغربية.

خيار علي الجزيري بتقديم أغنية "بجاه الله" بأسلوب غربي لم يحظى بتفاعل جمهور قرطاج فيما شد مشهد الخيالة المرتبط بالأعراس التونسية التقليدية في بداية العرض ونهايته الجمهور الحاضر ولئن كانت هذه اللوحة في حاجة بدورها لعمل أكبر يتماشى مع خصوصية العرض وفضائه (مسرح أثري) أمّا تكريم الفاضل الجزيري للراحل إسماعيل الحطاب من خلال أغنيتي "بين الوديان" و"دزيتيلي هاني جيتك" كانت من الخيارات، التي أحبتها جماهير قرطاج وتفاعلت مع إيقاعها أمّا مشاركة الفنان نور شيبة في "محفل" بأغنيتي "يا حب شبيك" و"برا روّح" بتوزيع مجدد حظيت بتشيجع الجمهور وترحيب بالفنان التونسي على الركح في أول ظهور فني له بعد أزمته الأخيرة إلا أن اللوحة الراقصة، التي رافقت نور شيبة وشاهدها جمهور قرطاح كانت أقرب إلى الفوضى منها إلى مشهد من "محفل" تونسي فقد غابت مشاعر الحماس وحرارة هذه الحركات التي تصل حد النشوة في تلاحم مع معاني كلمات الأغاني وموسيقاها وللأسف لم يتمكن المشاركون في عرض "محفل" من بلوغ ذروة هذه المعاني وتقاسم دفئها مع جمهور مهرجان قرطاج الدولي.

نجلاء قموع

 

 

 

 

 

 

 

"محفل" افتتاح مهرجان قرطاج الدولي..   غابت بصمة الفاضل الجزيري والجمهور غادر مستاء ..

 

*بصمة نصر الدين الشبلي علامة مضيئة في "محفل" .. والمراجعة مطلوبة لبقية عناصر عرض الجزيري

تونس - الصباح

في دورته السابعة والخمسين افتتح مهرجان قرطاج الدولي عروضه بإنتاج الفاضل الجزيري "محفل" خيار لاسم حفر في الذاكرة الفنية لسنوات بفضل مجموعة من الانتاجات المسرحية والعروض الفرجوية ذات البصمة الجمالية المغايرة.

الفاضل الجزيري هذا المرجع الفني طالته بعد عرض المحفل ليلة الجمعة 14 جويلية على ركح المسرح الأثري لقرطاج انتقادات واسعة فخيبة الأمل لم ترسم فحسب على ملامح الفاعلين في المشهد الثقافي والإعلامي وإنمّا لوّنت وجوه معظم الجماهير المواكبة للسهرة.

وقد كان لنا جولة في مدارج المسرح الأثري نبحث عبرها عن لحظات استمتاع الحضور بالعرض ومضامينه غير أن أغلب فقراته لم تجد تفاعلا من جمهور، يبحث عن المتعة .. لم يتمايل الكثيرون مع ايقاعات "محفل" إلا عبد ساعة تقريبا من انطلاق العرض على أحد أغانيه التراثية ..

معظم الحاضرين من العائلات جاؤوا للرقص، الغناء والتمتع بسهرة تشابه "المحافل" و"الأعراس" التونسية كما توقعوا من عرض الفاضل الجزيري غير أن تصور افتتاح مهرجان قرطاج الدولي في دورته 57 لم يستجب لهذه التوقعات ولعّلنا هنا نتساءل هل الجمهور على حق في استيائه .. انتقادات الإعلاميين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هل تجاوزت بدورها حدود "الموضوعية"، ولماذا لم تطل الانتقادات خيارات مهرجان قرطاج بقدر الفاضل الجزيري ..

يقال العتاب على قدر المحبة .. فقد تعودنا على برمجة "قرطاج" غير المدروسة ولكن لم نتعود على "استسهال" الكبار لمنجزهم الثقافي والفني لذلك كانت الخيبة عميقة ونحن نشاهد "محفل" الجزيري ..

نعم رفعنا سقف التوقعات رغم علمنا بكواليس تحضير الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي وما باحت به من خيارات إلا أن أملنا كان متعلقا برؤية الفاضل الجزيري وفريقه الفني والتقني .. هناك أكيد علامات مضيئة في عرض "محفل" وأهمّها إمكانات وقدرات نصر الدين الشبلي المشبع والشغوف بكل تفصيلة في عمله ومهارته وتمكنه من قيادة 24 موسيقي يتناغمون بتميز مع آلاتهم الموسيقية (الطبلة، البندير، الدربوكة...) ..

"محفل" عمل فني أنجز في وقت قصير جدا فأوحى لحضور افتتاح قرطاج بمشهد طويل "ارتجالي" ... شباب وشابات يتراقصوندون مغزى فني في تشتت واضح لا يتماهى في أغلب لوحاته مع الأغاني المختارة وهي ملاحظة تنسحب كذلك على حضور الكورال في هذا العمل الموسيقي حتى أعوان الأمن المخصصين للوقوف على جانبي المسرح يتنقلون داخل هذه اللوحة الفرجوية دون احترام للعرض الفني ! أين بصمة الفاضل الجزيري هل ضاعت بسبب ضيق الوقت أم غياب العناصر الأساسية التي كانت ستؤثث العمل وانسحبت بسبب الميزانية الضعيفة لهذا الإنتاج الفني المنجز بالشراكة مع مسرح أوبرا مدينة الثقافة ...

البحث في الجانب الموسيقي ورؤية الفاضل الجزيري لـ"محفل" قوامه إيقاع بدوي وإرث الشعر الغنائي من ربوع تونس بأسلوب موسيقي معاصر (مزج لإيقاعات الشاوي، الغيطة، الفزاني، المربع وغيرها مع موسيقات العالم الروك، الجاز، البلوز..) ولقاء آلات موسيقية من أنماط فنية مختلفة على غرار الكمان، البيانو، الغيتار، الباتري والغيتار الالكتروني بالقصبة والناي والدربوكة وغيرها من الآلات المتنافرة ظاهريا، يفرض ضرورة إمكانات مالية ولوجستية أكبر (ميزانية العرض المعلنة 600 ألف دينار)، وفترة أطول من التحضير ونعتقد أن هذه الأرضية لم تتوفر لعرض "محفل" لذلك كان من الأفضل تأجيل هذا الخيار لدورة قادمة من مهرجان قرطاج وبالتالي مسؤولية الفشل لا يتحملها الفاضل الجزيري وحده وإنما يتشارك هذه الخيبة مع القائمين على مهرجان قرطاج ولعّلهم يتحملون المسؤولية الأكبر فالفشل يلاحق إدارته، التي أصبحت تراهن على البعد التجاري للمهرجان متهاونة بانعكاسات خياراتها على صورة البلاد الثقافية ..

ولئن ضم فريق "محفل" أسماء فنية يشهد بامكاناتها الصوتية وثقافتها الموسيقية وبحثها عن المغاير والمتجدد في الفن على غرار محمد علي شبيل في "الجحفة" و"نحلم بخيالك" ونضال اليحياوي (أمتع الجمهور بحضوره اللافت على المسرح وهو يردد "ساق نجعك" و"العين السودة") مع مشاركة أصوات تونسية للغناء البدوي والشعبي اكتشفها جمهور قرطاج ليلة افتتاح 14 جويلية الحالي على غرار أنيس علوي في "هزّي حرامك"، سامي الرزقي في "واشي واشي" من "التراث الجربي"، فتحي الماجري "الليلة المحفل يعجبني"،أسامة النابلي "اركزي عالرملة"، سامي كامل في" مرّ فراقك" وآمنة الجزيري في "زينة" وهي تنقر على الطبل وحضور فوزية الكافية وإيقاع "الشاوي" على ركح قرطاج إلا أن بعض الفقرات لم توفق في شد الجمهور رغم قدرات مؤديها على غرار هيثم الحذيري في "سيدي عبد القادر" ونعتقد أن المغامرة الفنية الجديدة لأصوات أوبرا تونس مع الفاضل الجزيري تحتاج لمزيد من الاشتغال على مضامين هذه الرؤية المعاصرة للارث الموسيقي التونسي من ايقاعات بدوية وشعبية والبحث أكثر في طرق وأساليب تماهي هذه الموسيقى مع الأنماط

الكلاسيكية الغربية.

خيار علي الجزيري بتقديم أغنية "بجاه الله" بأسلوب غربي لم يحظى بتفاعل جمهور قرطاج فيما شد مشهد الخيالة المرتبط بالأعراس التونسية التقليدية في بداية العرض ونهايته الجمهور الحاضر ولئن كانت هذه اللوحة في حاجة بدورها لعمل أكبر يتماشى مع خصوصية العرض وفضائه (مسرح أثري) أمّا تكريم الفاضل الجزيري للراحل إسماعيل الحطاب من خلال أغنيتي "بين الوديان" و"دزيتيلي هاني جيتك" كانت من الخيارات، التي أحبتها جماهير قرطاج وتفاعلت مع إيقاعها أمّا مشاركة الفنان نور شيبة في "محفل" بأغنيتي "يا حب شبيك" و"برا روّح" بتوزيع مجدد حظيت بتشيجع الجمهور وترحيب بالفنان التونسي على الركح في أول ظهور فني له بعد أزمته الأخيرة إلا أن اللوحة الراقصة، التي رافقت نور شيبة وشاهدها جمهور قرطاح كانت أقرب إلى الفوضى منها إلى مشهد من "محفل" تونسي فقد غابت مشاعر الحماس وحرارة هذه الحركات التي تصل حد النشوة في تلاحم مع معاني كلمات الأغاني وموسيقاها وللأسف لم يتمكن المشاركون في عرض "محفل" من بلوغ ذروة هذه المعاني وتقاسم دفئها مع جمهور مهرجان قرطاج الدولي.

نجلاء قموع