إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ورقة اقتصادية: التهريب.. يرهق الاقتصاد!!

 


تونس- الصباح

مازالت الدولة تتكبد خسائر كبيرة جراء توسع الاقتصاد الموازي، حتى يحرم الخزينة العمومية من ضرائب مقدرة بـ 5.45 مليار دينار، حسب آخر الإحصائيات التي كشفت عنها دراسة حديثة للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، والأخطر أن عدد النشيطين في هذا القطاع في تزايد مستمر ليبلغ المليون و600 ألف تونسي أي ما يمثل 45 بالمائة من مجموع اليد العاملة التونسية، كما تستقطب التجارة الموازية 75 في المائة من الشباب في المدن الحدودية الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة...

بالمقابل، لم تجد إلى اليوم الدولة الحلول الجذرية التي تحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي أخلت بكل التوازنات المالية للبلاد، واكتفت في عدد من قوانين المالية السابقة بإطلاق بعض الإجراءات البسيطة التي لا تعدو أن تكون سوى ذر للرماد على العيون، ليبقى الإجراء اليتيم الذي انفرد فيه قانون المالية للسنة الجارية المتعلق بالترفيع في سقف تداول الأموال نقدا من 3 آلاف دينار إلى 5 آلاف دينار.

ولم تكلف الدولة نفسها سن إجراءات ردعية وزجرية للحد من نزيف التهريب والتحكم قدر الإمكان في المتهربين من دفع الضرائب من أجل تحقيق العدالة الجبائية وتجنب تكريس الحيف الضريبي الذي أضر بالأساس بفئة الأجراء، فبالرغم من تعاقب الحكومات ما بعد الثورة بجميع الأطياف والكفاءات والتي أهمها المختصة بالجباية، إلا أنها لم تنجح في كبح خسائر التهريب ولا التهرب الضريبي.

واختارت كل هذه الحكومات على اختلافها الصمت تجاه الظاهرتين، خوفا من تحريك اللوبيات التي تنعشها، وأبقت الوضع على حاله لسنوات مما نتج عنه أزمة اقتصادية على مستوى المالية العمومية واختلال كلي في جميع القطاعات الحيوية، لتترك المجال لاستفحال الاقتصاد الموازي على حساب المنظم حتى يتجاوز اليوم الـ 53 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

هذا الوضع الذي لم تأخذه الدولة على محمل الجد وبقي مسؤوليها يتعاملون معه بأياد مرتعشة، لا بد أن يتم حله بإيجاد حلول جذرية للتخفيف من تداعياته الوخيمة، من خلال تعديل التشريعات الموجودة وسن قوانين جديدة باتجاه التشديد وعدم التسامح مع جرائم التهريب مثلما هو الحال اليوم، لان التعامل مع قضايا التهريب كجرائم أصلية لتبييض الأموال سيمكن حتما من تفكيك شبكات التهريب عبر مصادرة العقارات والمنقولات التي يتم استعمالها في نقل أو تخزين المواد المهربة..

وفاء بن محمد

 


تونس- الصباح

مازالت الدولة تتكبد خسائر كبيرة جراء توسع الاقتصاد الموازي، حتى يحرم الخزينة العمومية من ضرائب مقدرة بـ 5.45 مليار دينار، حسب آخر الإحصائيات التي كشفت عنها دراسة حديثة للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، والأخطر أن عدد النشيطين في هذا القطاع في تزايد مستمر ليبلغ المليون و600 ألف تونسي أي ما يمثل 45 بالمائة من مجموع اليد العاملة التونسية، كما تستقطب التجارة الموازية 75 في المائة من الشباب في المدن الحدودية الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة...

بالمقابل، لم تجد إلى اليوم الدولة الحلول الجذرية التي تحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي أخلت بكل التوازنات المالية للبلاد، واكتفت في عدد من قوانين المالية السابقة بإطلاق بعض الإجراءات البسيطة التي لا تعدو أن تكون سوى ذر للرماد على العيون، ليبقى الإجراء اليتيم الذي انفرد فيه قانون المالية للسنة الجارية المتعلق بالترفيع في سقف تداول الأموال نقدا من 3 آلاف دينار إلى 5 آلاف دينار.

ولم تكلف الدولة نفسها سن إجراءات ردعية وزجرية للحد من نزيف التهريب والتحكم قدر الإمكان في المتهربين من دفع الضرائب من أجل تحقيق العدالة الجبائية وتجنب تكريس الحيف الضريبي الذي أضر بالأساس بفئة الأجراء، فبالرغم من تعاقب الحكومات ما بعد الثورة بجميع الأطياف والكفاءات والتي أهمها المختصة بالجباية، إلا أنها لم تنجح في كبح خسائر التهريب ولا التهرب الضريبي.

واختارت كل هذه الحكومات على اختلافها الصمت تجاه الظاهرتين، خوفا من تحريك اللوبيات التي تنعشها، وأبقت الوضع على حاله لسنوات مما نتج عنه أزمة اقتصادية على مستوى المالية العمومية واختلال كلي في جميع القطاعات الحيوية، لتترك المجال لاستفحال الاقتصاد الموازي على حساب المنظم حتى يتجاوز اليوم الـ 53 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

هذا الوضع الذي لم تأخذه الدولة على محمل الجد وبقي مسؤوليها يتعاملون معه بأياد مرتعشة، لا بد أن يتم حله بإيجاد حلول جذرية للتخفيف من تداعياته الوخيمة، من خلال تعديل التشريعات الموجودة وسن قوانين جديدة باتجاه التشديد وعدم التسامح مع جرائم التهريب مثلما هو الحال اليوم، لان التعامل مع قضايا التهريب كجرائم أصلية لتبييض الأموال سيمكن حتما من تفكيك شبكات التهريب عبر مصادرة العقارات والمنقولات التي يتم استعمالها في نقل أو تخزين المواد المهربة..

وفاء بن محمد