إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أصغر التوابيت هي الأثقل

 

عمر حلمي الغول

تبنيت عنوان المقال من تصريح المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، فرانشيسكا ألبانيز، وهو الأكثر تمثلا لاستشهاد الطفل محمد التميمي، والأكثر إيلاما ووجعا من كل عمليات القتل الإجرامية الإسرائيلية والأكثر تعبيرا من كل ردود الفعل والإدانات العربية والعالمية على قتل الجندي الصهيوني الفاشي الطفل محمد التميمي، ابن العامين ونصف، الذي أصيب يوم الخميس الموافق الأول من حزيران / يونيو الحالي في قرية النبي صالح، ثم ارتقى شهيدا ورمزا جديدا للطفولة وفلسطين والسلام في يوم الأحد الموافق الرابع من الشهر ذاته، أي بعد ثلاثة أيام. لا سيما وان إصابته كانت قاتلة، وأصيب والده هيثم في كتفه، إصابة متوسطة.

قتل الطفل محمد وهو في حضن والده دون سابق إنذار من قبل جندي صهيوني مجرم حرب، إسوة بمنظومته الأمنية وبدولته اللقيطة يكشف للمرة المليون، ان دولة إسرائيل الاستعمارية، التي قتلت منذ بداية العام حتى الآن 28 طفلا من بين  مائة واثنين وستين شهيدا في الضفة والقطاع، بما يعادل 20% من مجموع الضحايا، بالإضافة لجرائم القتل في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، التي بلغ عددها قرابة التسعين ضحية، هي دولة قامت من اجل القتل والإبادة لأبناء الشعب العربي الفلسطيني أطفالا ونساء وشيوخا ودون تمييز، وكان القتل من اجل القتل، وإدماء قلوب الأمهات والإباء والزوجات والأخوات والبنات، ولنهب الأرض والتاريخ والرواية العربية الفلسطينية.

وسأتوقف عند قتل الطفل الشهيد محمد ابن العامين ونصف العام أمام بيت والديه، بينما كانوا يستعدون لركوب السيارة لزيارة أقارب للاحتفاء بعيد ميلاد طفل آخر، وقالت مروة والدة الطفل محمد للجزيرة نت إن "إطلاق النار كان مباشرا وكثيفا وغير مبرر." ومع ذلك ادعى جيش الموت الإسرائيلي في بيان لاحق، أن إطلاق الرصاص جاء ردا على إطلاق مقاومين فلسطينيين الرصاص على البرج العسكري قرب "النبي صالح." وهذا ما تنفيه الواقعة الإجرامية. لأنه لو كان صحيحا هناك إطلاق من قبل المقاومين، لكان يفترض ان يكون الرد باتجاه من أطلق الرصاص، لا على بيت الطفل ووالديه، وهذا ما أكده حسن التميمي عم الطفل بالضبط، وكل القرائن تؤكد كذب ووقاحة قادة جيش الجريمة المنظمة والإرهاب الإسرائيلي.

وبودي هنا، ان أطالب كل الدول الأوروبية ومعهم الولايات المتحدة والأشقاء العرب وغيرهم من الدول، الذين استنكروا جريمة الحرب الجديدة، التي تشبه الى حد بعيد عملية اغتيال الشهيدة الإعلامية شيرين أبو عاقلة قبل ما يزيد على العام قليلا في مخيم جنين، او الذين قدموا واجب العزاء برحيل الشهيد الطفل محمد من ممثلي دول الاتحاد الأوروبي او السفارة الأميركية، ان يتوقفوا كليا عن إصدار بيانات الاستنكار والشجب، والمطالبة بتشكيل لجان تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، وان يتخذوا قرارا موحدا بفرض عقوبات على دولة الاستعمار الفاشية الإسرائيلية، وان يلزموها بوقف جرائم الحرب كليا، وان يكفوا عن تمويلها بأسلحة الموت، ودفع المليارات من الدولارات لتطوير تلك الأسلحة، ووقف كل عمليات الهدم والاستيطان الاستعماري في فلسطين، وفرض خيار السلام الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن في 23 / ديسمبر 2016.

لا نريد بياناتكم الاستنكارية، نريد فعلكم، وإسهامكم المباشر، والتخلي عن منطق المفاوضات المباشرة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وبلا رصيد. لان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تلتزم يوما باي من قرارات الشرعية الدولية التي قاربت على الألف، رغم تعهداتها وتوقيعها على العديد من تلك القرارات، ولا حتى بما تم الاتفاق عليه معهم في اوسلوا التي وقعوا عليها امام العالم عام 1993. وتعلمون ان بيدكم كل أوراق القوة لفرض خيار السلام على حكومة الترويكا الفاشية، وبالتالي ان كنتم حريصون على أطفال ونساء فلسطين من الموت اليومي على يد جنود وضباط وقطعان المستعمرين الإسرائيليين، اعترفوا بالدولة الفلسطينية، وادعموا ارتقاءها لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وأمنوا الحماية الدولية فورا للشعب الفلسطيني، وسارعوا في انعقاد مؤتمر دولي ملزم في إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2334، وضمان حق العودة للاجئين وفق القرار الدولي 194، وحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني. لا سبيل غير ذلك، اما مسكنات الاستنكار والشجب لا نريدها، لانها لا تحمل أية قيمة سياسية او قانونية، نريد أفعالا، لا أقوال، وأطفال فلسطين أسوة بأطفال العالم يستحقون الحياة الكريمة الحرة في وطنهم الأم فلسطين، ان شئتم صناعة السلام والأمن في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط كله.

رحم الله الملاك الطفل محمد التميمي صاحب أثقل التوابيت وأكثرها فضحا وتعرية لوجه الدولة الإسرائيلية النازية.

*مستشار سابق للرئيس الفلسطيني

أصغر التوابيت هي الأثقل

 

عمر حلمي الغول

تبنيت عنوان المقال من تصريح المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، فرانشيسكا ألبانيز، وهو الأكثر تمثلا لاستشهاد الطفل محمد التميمي، والأكثر إيلاما ووجعا من كل عمليات القتل الإجرامية الإسرائيلية والأكثر تعبيرا من كل ردود الفعل والإدانات العربية والعالمية على قتل الجندي الصهيوني الفاشي الطفل محمد التميمي، ابن العامين ونصف، الذي أصيب يوم الخميس الموافق الأول من حزيران / يونيو الحالي في قرية النبي صالح، ثم ارتقى شهيدا ورمزا جديدا للطفولة وفلسطين والسلام في يوم الأحد الموافق الرابع من الشهر ذاته، أي بعد ثلاثة أيام. لا سيما وان إصابته كانت قاتلة، وأصيب والده هيثم في كتفه، إصابة متوسطة.

قتل الطفل محمد وهو في حضن والده دون سابق إنذار من قبل جندي صهيوني مجرم حرب، إسوة بمنظومته الأمنية وبدولته اللقيطة يكشف للمرة المليون، ان دولة إسرائيل الاستعمارية، التي قتلت منذ بداية العام حتى الآن 28 طفلا من بين  مائة واثنين وستين شهيدا في الضفة والقطاع، بما يعادل 20% من مجموع الضحايا، بالإضافة لجرائم القتل في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، التي بلغ عددها قرابة التسعين ضحية، هي دولة قامت من اجل القتل والإبادة لأبناء الشعب العربي الفلسطيني أطفالا ونساء وشيوخا ودون تمييز، وكان القتل من اجل القتل، وإدماء قلوب الأمهات والإباء والزوجات والأخوات والبنات، ولنهب الأرض والتاريخ والرواية العربية الفلسطينية.

وسأتوقف عند قتل الطفل الشهيد محمد ابن العامين ونصف العام أمام بيت والديه، بينما كانوا يستعدون لركوب السيارة لزيارة أقارب للاحتفاء بعيد ميلاد طفل آخر، وقالت مروة والدة الطفل محمد للجزيرة نت إن "إطلاق النار كان مباشرا وكثيفا وغير مبرر." ومع ذلك ادعى جيش الموت الإسرائيلي في بيان لاحق، أن إطلاق الرصاص جاء ردا على إطلاق مقاومين فلسطينيين الرصاص على البرج العسكري قرب "النبي صالح." وهذا ما تنفيه الواقعة الإجرامية. لأنه لو كان صحيحا هناك إطلاق من قبل المقاومين، لكان يفترض ان يكون الرد باتجاه من أطلق الرصاص، لا على بيت الطفل ووالديه، وهذا ما أكده حسن التميمي عم الطفل بالضبط، وكل القرائن تؤكد كذب ووقاحة قادة جيش الجريمة المنظمة والإرهاب الإسرائيلي.

وبودي هنا، ان أطالب كل الدول الأوروبية ومعهم الولايات المتحدة والأشقاء العرب وغيرهم من الدول، الذين استنكروا جريمة الحرب الجديدة، التي تشبه الى حد بعيد عملية اغتيال الشهيدة الإعلامية شيرين أبو عاقلة قبل ما يزيد على العام قليلا في مخيم جنين، او الذين قدموا واجب العزاء برحيل الشهيد الطفل محمد من ممثلي دول الاتحاد الأوروبي او السفارة الأميركية، ان يتوقفوا كليا عن إصدار بيانات الاستنكار والشجب، والمطالبة بتشكيل لجان تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، وان يتخذوا قرارا موحدا بفرض عقوبات على دولة الاستعمار الفاشية الإسرائيلية، وان يلزموها بوقف جرائم الحرب كليا، وان يكفوا عن تمويلها بأسلحة الموت، ودفع المليارات من الدولارات لتطوير تلك الأسلحة، ووقف كل عمليات الهدم والاستيطان الاستعماري في فلسطين، وفرض خيار السلام الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن في 23 / ديسمبر 2016.

لا نريد بياناتكم الاستنكارية، نريد فعلكم، وإسهامكم المباشر، والتخلي عن منطق المفاوضات المباشرة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وبلا رصيد. لان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تلتزم يوما باي من قرارات الشرعية الدولية التي قاربت على الألف، رغم تعهداتها وتوقيعها على العديد من تلك القرارات، ولا حتى بما تم الاتفاق عليه معهم في اوسلوا التي وقعوا عليها امام العالم عام 1993. وتعلمون ان بيدكم كل أوراق القوة لفرض خيار السلام على حكومة الترويكا الفاشية، وبالتالي ان كنتم حريصون على أطفال ونساء فلسطين من الموت اليومي على يد جنود وضباط وقطعان المستعمرين الإسرائيليين، اعترفوا بالدولة الفلسطينية، وادعموا ارتقاءها لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وأمنوا الحماية الدولية فورا للشعب الفلسطيني، وسارعوا في انعقاد مؤتمر دولي ملزم في إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2334، وضمان حق العودة للاجئين وفق القرار الدولي 194، وحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني. لا سبيل غير ذلك، اما مسكنات الاستنكار والشجب لا نريدها، لانها لا تحمل أية قيمة سياسية او قانونية، نريد أفعالا، لا أقوال، وأطفال فلسطين أسوة بأطفال العالم يستحقون الحياة الكريمة الحرة في وطنهم الأم فلسطين، ان شئتم صناعة السلام والأمن في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط كله.

رحم الله الملاك الطفل محمد التميمي صاحب أثقل التوابيت وأكثرها فضحا وتعرية لوجه الدولة الإسرائيلية النازية.

*مستشار سابق للرئيس الفلسطيني