إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إعفاء ماهر الجديدي.. ومشكل عدم اكتمال النصاب.. أي مصير للهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟

 

 

تونس- الصباح

  باقتراح من رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر وبموجب الأمر عدد 525 لسنة 2023 المؤرخ في 6 جويلية 2023 الصادر عن رئيس الجمهورية قيس سعيد تم إعفاء ماهر الجديدي من عضوية مجلس الهيئة. وبهذا الإعفاء سيستحيل على الهيئة التي شرعت منذ يوم الثلاثاء 28 مارس 2023 في تنظيم لقاءات مع مختلف المتدخلين في العملية الانتخابية استعدادا منها للمحطات الانتخابية القادمة عقد أي اجتماع لمجلسها نظرا لأن النصاب القانوني لم يعد متوفرا.

  وحيال وضعية استحالة انعقاد مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، توجد عدة سيناريوهات مطروحة بخصوص مصير هذه الهيئة، وتتمثل الفرضية الأولى في قيام رئيس الجمهورية بسد الشغور الموجود على مستوى تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في أقرب الآجال حتى تتمكن الهيئة من مواصلة أعمالها بأريحية وحتى تتولى تنظيم الانتخابات المحلية كخطوة أولى نحو تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم.  أما الفرضية الثانية فتتمثل في القيام بتدخل تشريعي في اتجاه تعديل التركيبة الحالية لمجلس الهيئة أو الحط من النصاب المطلوب لعقد جلسات المجلس المذكور.

 في حين تتمثل الفرضية الثالثة التي تفضلها العديد من الأحزاب والجمعيات في حل الهيئة الحالية وتركيز هيئة جديدة طبقا لأحكام دستور 2022 وذلك على اعتبار الانتقادات التي طالتها من كل حدب وصوب بمن فيهم أنصار الرئيس ومساندي مسار 25 جويلية نظرا لإخفاقها في مهمة حث التونسيين على المشاركة في الاستفتاء وفي انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب، حيث بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 30 فاصل 5 بالمائة في حين كانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية في حدود  11 فاصل 22 بالمائة خلال الدورة الأولى و11 فاصل 4 بالمائة خلال الدورة الثانية وهي أضعف نسبة مشاركة تم تسجيلها في تونس بعد الثورة.

طلب سد الشغور

  وفي انتظار ما سيقرره رئيس الجمهورية بخصوص مصير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإن الهيئة لم تبق مكتوفة الأيدي، إذ أشار عضو مجلس الهيئة محمود الواعر إلى أنه بعد صدور أمر إعفاء ماهر الجديدي من عضوية مجلس الهيئة طلبت الهيئة من رئاسة الجمهورية سد الشغور الموجود في مجلس الهيئة.

 وأضاف الواعر في تصريح لـ "الصباح" أن إجراءات سد الشغور بصدد الاتخاذ، وقال إن هذا الشغور يشمل ثلاثة اختصاصات والمطلوب سده طبقا للقانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تم تنقيحه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022.

وفسر عضو مجلس الهيئة أن الهيئة لكي تتمكن من عقد اجتماعات مجلسها فلا بد من أن يكون النصاب متوفرا ويجب أن يكون عدد الأعضاء الحاضرين خمسة لكن في الوقت الراهن وبعد إعفاء ماهر الجديدي لم يعد هناك نصاب، وأضاف أن مجلس الهيئة قدم مقترح الإعفاء لرئيس الجمهورية ولكن الهيئة طالبت بسد الشغور قبل إصدار  أمر الإعفاء في الرائد الرسمي لأنها تحتاج إلى النصاب عند اتخاذ أي قرار من قبل مجلس الهيئة.

وردا عن سؤال حول ما إذا كان الشغور سيعيق استعدادات الهيئة للانتخابات المرتقبة بين الواعر أن الهيئة يمكنها أن تواصل الأعمال التي لا يتطلب انجازها قرارا من قبل مجلس الهيئة، ولكن أي عمل يقتضي مصادقة مجلس الهيئة فإنه يتطلب توفر النصاب.

وينص القانون الحالي للهيئة على أن مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتركب من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي ويقع اختيارهم على النحو التالي: ثلاثة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية من بين أعضاء الهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة، قاض عدلي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء العدلي، قاض إداري له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء الإداري، قاض مالي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء المالي، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية، له أقدمية فعلية بعشر سنوات على الأقل، من بين ثلاثة مهندسين مختصين يتم اقتراحهم من قبل المركز الوطني للإعلامية.

استقالة.. عزل.. وإعفاء

وبعد صدور أمر الإعفاء في الرائد الرسمي الأخير أصبح هناك شغور في ثلاثة مقاعد وهي مقعد ماهر الجديدي ومقعد سامي بن سلامة ومقعد الحبيب الربعي، والتذكير في هذا الصدد بأنه بمقتضى أمر رئاسي عدد 459 لسنة 2022 مؤرّخ في 9 ماي 2022 تمت تسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهم على التوالي: فاروق بوعسكر رئيسا، وسامي بن سلامة ومحمد التليلي منصري والحبيب الربعي وماهر الجديدي ومحمود الواعر ومحمد نوفل الفريخة أعضاء.

وقدم الحبيب الربعي استقالته من مجلس الهيئة يوم 13 جوان 2022 وذلك مساندة منه لزملائه القضاة في المعركة التي خاضوها آنذاك ضد المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء. وبالنسبة إلى سامي بن سلامة فقد قرر مجلس الهيئة عزله يوم 25 أوت 2022 بتعلة تخليه عن مهامه وتكرر غيابه عن اجتماعات مجلس الهيئة،  أما في ما يتعلق بإعفاء ماهر الجديدي من عضوية مجلس الهيئة، فيمكن الإشارة استنادا إلى محضر جلسة مداولات مجلس الهيئة بتاريخ 3 جويلية الجاري، إلى أن هذا المحضر تضمن جدول أعمال الجلسة وفيه نقطة وحيدة تتعلق بالمصادقة على مقترح إعفاء أحد أعضاء مجلس الهيئة من أجل ارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه عملا بمقتضيات الفصل 15 من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تم تنقيحه وإتمامه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 واتخاذ الإجراءات التحفظية المترتبة عن ذلك. وينص الفصل الخامس عشر سالف الذكر على أن الإعفاء يتم في حالة ارتكاب رئيس الهيئة أو عضو الهيئة لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية بمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. على أن يرفع مقترح الإعفاء من قبل رئيس الهيئة أو من خمسة أعضاء على الأقل بناء على تقرير معلل وبعد تمكين المعني بالأمر من حق الدفاع. ثم يرفع مقترح الهيئة إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار الإعفاء من عدمه.

ونظرا لعدم توفر النصاب الذي يسمح بعقد مجلس الهيئة يوم 3 جويلية فقد قرر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الدعوة لعقد جلسة ثانية بعد انقضاء 24 ساعة وذلك بتاريخ 4 جويلية، وهو ما حصل..، وحسب ما جاء في محضر جلسة يوم 4 جويلية 2023، تم توجيه دعوتين  رسميتين إلى ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة لحضور أشغال اجتماع مجلس الهيئة بتاريخي 3 و4 جويلية 2023 لكنه لم يلتزم بالحضور، وورد في نفس المحضر أنه وقع التنبيه عليه في أكثر من مناسبة قصد التقيد بالالتزامات والواجبات المحمولة عليه قانونا وأنه تم توجيه مكتوب له بتاريخ 26 جوان 2023 ومكتوب آخر بتاريخ 3 جويلية 2023 بخصوص ما نسب إليه من أفعال وقد تولى الرد عليه الكترونيا مع بإيداع رد كتابي لدى مكتب الضبط المركزي للهيئة بتاريخ 4 جويلية مما يكفل له حق الدفاع..

ونص المحضر على أن رئيس الهيئة قرر رفع مقترح إعفاء ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة إلى رئيس الجمهورية للبت فيه بناء على تقرير معلل وبعد تمكين المعني بالأمر من حق الدفاع عملا بالأحكام الواردة بالفصل 15 من قانون الهيئة وذلك من أجل خرق الواجبات المحمولة عليه وعلى رئيس وجميع أعضاء مجلس الهيئة..، وخاصة واجبي التحفظ والحياد لاسيما منذ إعفائه من مباشرة خطة نائب لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وكان رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أصدر يوم  28 مارس 2023 قرارا يتعلّق بتكليف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وبموجب هذا القرار  تمت تسمية محمّد نوفل الفريخة عضو مجلس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في خطة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وذلك بداية من تاريخ صدور القرار المذكور، وتم في المقابل إلغاء أحكام القرار المؤرّخ في 22 ماي 2022 المتعلق بتكليف ماهر الجديدي بصفة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.

خرق واجب التحفظ

وتتمثل الخروقات التي ارتكبها الجديدي حسب ما جاء في محضر جلسة مجلس الهيئة يوم 4 جويلية في "خرق واجب التحفظ  وواجب الحياد.. ففي ما يتعلق بخرق واجب التحفظ فقد حصل عبر "إفشاء أسرار الهيئة تبعا للظهور الإعلامي له منذ شهر فيفري 2023 وخاصة خلال الفترة الأخيرة حيث تعرض الجديدي إلى مواضيع ذات صبغة سياسية واتخذ مواقف فردية من المرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم كما خاض في مسائل سياسية وخلافية تبعا لانتقاده آلية القرعة المزمع اعتمادها لتركيز المجالس الجهوية فضلا عن شرط الجنسية وذلك بالإضافة إلى تشكيك المعني بالأمر في مشروع ضبط الحدود الترابية للدوائر الانتخابية المحلية وتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم علاوة على الترويج بأن جميع الأعمال التحضيرية والتنسيقية التي قادتها الهيئة في هذا الإطار بالشراكة مع المؤسسات الرسمية للدولة تعد مخالفة للقانون وتستوجب الطعن لدى الجهات القضائية المختصة، وقد رفض المعني بالأمر المشاركة في أعمال مختلف اللجان المحدثة بالهيئة حيث اقتصر حضوره على مواكبة أشغال مجلس الهيئة دون سواها".

وللتذكير فقد كان الجديدي أدلى مؤخرا بتصريح صحفي لـ"الصباح"  قال فيه إن فاروق بوعسكر غالط رئيس الجمهورية ولم يعرض على مجلس الهيئة مشروع المرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم ومشروع المرسوم عدد 8 المتعلق بالانتخابات البلدية، ودعا إلى مراجعة المرسومين ونصح السلطات العمومية بالتريث في إجراء الانتخابات ونبه إلى أن قرارات التقسيم الترابي للعمادات يمكن أن تكون قابلة للطعن عن طريق تجاوز السلطة وأضاف أنه يجب مراجعة تركيبة الهيئة حتى تكون متلائمة مع أحكام الفصل 134 من دستور 2022.

خرق واجب الحياد

أما في ما يتعلق بخرق واجب الحياد فورد في محضر جلسة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن ماهر الجديدي قام بربط علاقات مع نشطاء سياسيين ومدونين عبر منصات التواصل الاجتماعي تبين أن بعضهم محل تتبعات قضائية من قبل الهيئة ومودعين بالسجن كما اتضح من خلال تصريحات بعض الذين اقروا بذلك من خلال وسائل الإعلام أن ماهر الجديدي هو مصدر المعلومات التي يروجونها بهدف استهداف المؤسسة والتشكيك في نزاهتها ومصادقية أعمالها وتشويه رئيسها وأعضائها وترويج الأخبار الزائفة في حقهم والعمل على تعطيل سير التحضيرات للاستحقاقات الانتخابية القادمة.

كما جاء في محضر الجلسة أنه بمجرد عرض مقترح الإعفاء المقدم من قبل رئيس الهيئة على أنظار أعضاء مجلس الهيئة تم تأييده بالإجماع باعتباره إجراء سليما يخوله القانون لرئيس الهيئة دون الحاجة إلى مصادقة المجلس أو عرضه عليه، كما أكدوا على تأييدهم التام للإجراءات التحفظية المزمع اتخاذها من قبل رئيس الهيئة في عق العضو المزمع إعفاؤه إلى حين البت في مطلب الإعفاء من قبل رئيس الجمهورية. وأفضت مداولات المجلس إلى إحاطة أعضاء المجلس علما بتوجه رئيس الهيئة نحو رفع مقترح إعفاء ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار الإعفاء من عدمه وذلك بناء على تقرير معلل وبعد أن تمكن المعني بالأمر من حق الدفاع تبعا لارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه بمقتضى القانون وخاصة خرق واجبي التحفظ والحياد وأعرب الأعضاء عن موافقتهم على هذا التوجه كما تمت المصادقة خلال الجلسة على الإجراءات التحفظية المترتبة عن ذلك من قبل رئيس الهيئة ضمانا لحسن سير المؤسسة.

وللتذكير فقد نص الفصل 12 من قانون الهيئة على أن يخضع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأعضاء مجلسها خصوصا للواجبات التالية: واجب الحياد، واجب التحفظ، واجب حضور جلسات مجلس الهيئة، التفرغ الكلي لممارسة المهام صلب الهيئة، عدم الترشح لأي انتخابات طيلة مدة العضوية بالهيئة وبعد انقضائها لمدة لا تقل عن خمس سنوات، والتصريح على الشرف بالمكاسب.

سعيدة بوهلال

بعد إعفاء ماهر الجديدي.. ومشكل عدم اكتمال النصاب..  أي مصير للهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟

 

 

تونس- الصباح

  باقتراح من رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر وبموجب الأمر عدد 525 لسنة 2023 المؤرخ في 6 جويلية 2023 الصادر عن رئيس الجمهورية قيس سعيد تم إعفاء ماهر الجديدي من عضوية مجلس الهيئة. وبهذا الإعفاء سيستحيل على الهيئة التي شرعت منذ يوم الثلاثاء 28 مارس 2023 في تنظيم لقاءات مع مختلف المتدخلين في العملية الانتخابية استعدادا منها للمحطات الانتخابية القادمة عقد أي اجتماع لمجلسها نظرا لأن النصاب القانوني لم يعد متوفرا.

  وحيال وضعية استحالة انعقاد مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، توجد عدة سيناريوهات مطروحة بخصوص مصير هذه الهيئة، وتتمثل الفرضية الأولى في قيام رئيس الجمهورية بسد الشغور الموجود على مستوى تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في أقرب الآجال حتى تتمكن الهيئة من مواصلة أعمالها بأريحية وحتى تتولى تنظيم الانتخابات المحلية كخطوة أولى نحو تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم.  أما الفرضية الثانية فتتمثل في القيام بتدخل تشريعي في اتجاه تعديل التركيبة الحالية لمجلس الهيئة أو الحط من النصاب المطلوب لعقد جلسات المجلس المذكور.

 في حين تتمثل الفرضية الثالثة التي تفضلها العديد من الأحزاب والجمعيات في حل الهيئة الحالية وتركيز هيئة جديدة طبقا لأحكام دستور 2022 وذلك على اعتبار الانتقادات التي طالتها من كل حدب وصوب بمن فيهم أنصار الرئيس ومساندي مسار 25 جويلية نظرا لإخفاقها في مهمة حث التونسيين على المشاركة في الاستفتاء وفي انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب، حيث بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 30 فاصل 5 بالمائة في حين كانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية في حدود  11 فاصل 22 بالمائة خلال الدورة الأولى و11 فاصل 4 بالمائة خلال الدورة الثانية وهي أضعف نسبة مشاركة تم تسجيلها في تونس بعد الثورة.

طلب سد الشغور

  وفي انتظار ما سيقرره رئيس الجمهورية بخصوص مصير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإن الهيئة لم تبق مكتوفة الأيدي، إذ أشار عضو مجلس الهيئة محمود الواعر إلى أنه بعد صدور أمر إعفاء ماهر الجديدي من عضوية مجلس الهيئة طلبت الهيئة من رئاسة الجمهورية سد الشغور الموجود في مجلس الهيئة.

 وأضاف الواعر في تصريح لـ "الصباح" أن إجراءات سد الشغور بصدد الاتخاذ، وقال إن هذا الشغور يشمل ثلاثة اختصاصات والمطلوب سده طبقا للقانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تم تنقيحه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022.

وفسر عضو مجلس الهيئة أن الهيئة لكي تتمكن من عقد اجتماعات مجلسها فلا بد من أن يكون النصاب متوفرا ويجب أن يكون عدد الأعضاء الحاضرين خمسة لكن في الوقت الراهن وبعد إعفاء ماهر الجديدي لم يعد هناك نصاب، وأضاف أن مجلس الهيئة قدم مقترح الإعفاء لرئيس الجمهورية ولكن الهيئة طالبت بسد الشغور قبل إصدار  أمر الإعفاء في الرائد الرسمي لأنها تحتاج إلى النصاب عند اتخاذ أي قرار من قبل مجلس الهيئة.

وردا عن سؤال حول ما إذا كان الشغور سيعيق استعدادات الهيئة للانتخابات المرتقبة بين الواعر أن الهيئة يمكنها أن تواصل الأعمال التي لا يتطلب انجازها قرارا من قبل مجلس الهيئة، ولكن أي عمل يقتضي مصادقة مجلس الهيئة فإنه يتطلب توفر النصاب.

وينص القانون الحالي للهيئة على أن مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتركب من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي ويقع اختيارهم على النحو التالي: ثلاثة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية من بين أعضاء الهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة، قاض عدلي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء العدلي، قاض إداري له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء الإداري، قاض مالي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء المالي، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية، له أقدمية فعلية بعشر سنوات على الأقل، من بين ثلاثة مهندسين مختصين يتم اقتراحهم من قبل المركز الوطني للإعلامية.

استقالة.. عزل.. وإعفاء

وبعد صدور أمر الإعفاء في الرائد الرسمي الأخير أصبح هناك شغور في ثلاثة مقاعد وهي مقعد ماهر الجديدي ومقعد سامي بن سلامة ومقعد الحبيب الربعي، والتذكير في هذا الصدد بأنه بمقتضى أمر رئاسي عدد 459 لسنة 2022 مؤرّخ في 9 ماي 2022 تمت تسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهم على التوالي: فاروق بوعسكر رئيسا، وسامي بن سلامة ومحمد التليلي منصري والحبيب الربعي وماهر الجديدي ومحمود الواعر ومحمد نوفل الفريخة أعضاء.

وقدم الحبيب الربعي استقالته من مجلس الهيئة يوم 13 جوان 2022 وذلك مساندة منه لزملائه القضاة في المعركة التي خاضوها آنذاك ضد المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء. وبالنسبة إلى سامي بن سلامة فقد قرر مجلس الهيئة عزله يوم 25 أوت 2022 بتعلة تخليه عن مهامه وتكرر غيابه عن اجتماعات مجلس الهيئة،  أما في ما يتعلق بإعفاء ماهر الجديدي من عضوية مجلس الهيئة، فيمكن الإشارة استنادا إلى محضر جلسة مداولات مجلس الهيئة بتاريخ 3 جويلية الجاري، إلى أن هذا المحضر تضمن جدول أعمال الجلسة وفيه نقطة وحيدة تتعلق بالمصادقة على مقترح إعفاء أحد أعضاء مجلس الهيئة من أجل ارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه عملا بمقتضيات الفصل 15 من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تم تنقيحه وإتمامه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 واتخاذ الإجراءات التحفظية المترتبة عن ذلك. وينص الفصل الخامس عشر سالف الذكر على أن الإعفاء يتم في حالة ارتكاب رئيس الهيئة أو عضو الهيئة لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية بمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. على أن يرفع مقترح الإعفاء من قبل رئيس الهيئة أو من خمسة أعضاء على الأقل بناء على تقرير معلل وبعد تمكين المعني بالأمر من حق الدفاع. ثم يرفع مقترح الهيئة إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار الإعفاء من عدمه.

ونظرا لعدم توفر النصاب الذي يسمح بعقد مجلس الهيئة يوم 3 جويلية فقد قرر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الدعوة لعقد جلسة ثانية بعد انقضاء 24 ساعة وذلك بتاريخ 4 جويلية، وهو ما حصل..، وحسب ما جاء في محضر جلسة يوم 4 جويلية 2023، تم توجيه دعوتين  رسميتين إلى ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة لحضور أشغال اجتماع مجلس الهيئة بتاريخي 3 و4 جويلية 2023 لكنه لم يلتزم بالحضور، وورد في نفس المحضر أنه وقع التنبيه عليه في أكثر من مناسبة قصد التقيد بالالتزامات والواجبات المحمولة عليه قانونا وأنه تم توجيه مكتوب له بتاريخ 26 جوان 2023 ومكتوب آخر بتاريخ 3 جويلية 2023 بخصوص ما نسب إليه من أفعال وقد تولى الرد عليه الكترونيا مع بإيداع رد كتابي لدى مكتب الضبط المركزي للهيئة بتاريخ 4 جويلية مما يكفل له حق الدفاع..

ونص المحضر على أن رئيس الهيئة قرر رفع مقترح إعفاء ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة إلى رئيس الجمهورية للبت فيه بناء على تقرير معلل وبعد تمكين المعني بالأمر من حق الدفاع عملا بالأحكام الواردة بالفصل 15 من قانون الهيئة وذلك من أجل خرق الواجبات المحمولة عليه وعلى رئيس وجميع أعضاء مجلس الهيئة..، وخاصة واجبي التحفظ والحياد لاسيما منذ إعفائه من مباشرة خطة نائب لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وكان رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أصدر يوم  28 مارس 2023 قرارا يتعلّق بتكليف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وبموجب هذا القرار  تمت تسمية محمّد نوفل الفريخة عضو مجلس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في خطة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وذلك بداية من تاريخ صدور القرار المذكور، وتم في المقابل إلغاء أحكام القرار المؤرّخ في 22 ماي 2022 المتعلق بتكليف ماهر الجديدي بصفة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.

خرق واجب التحفظ

وتتمثل الخروقات التي ارتكبها الجديدي حسب ما جاء في محضر جلسة مجلس الهيئة يوم 4 جويلية في "خرق واجب التحفظ  وواجب الحياد.. ففي ما يتعلق بخرق واجب التحفظ فقد حصل عبر "إفشاء أسرار الهيئة تبعا للظهور الإعلامي له منذ شهر فيفري 2023 وخاصة خلال الفترة الأخيرة حيث تعرض الجديدي إلى مواضيع ذات صبغة سياسية واتخذ مواقف فردية من المرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم كما خاض في مسائل سياسية وخلافية تبعا لانتقاده آلية القرعة المزمع اعتمادها لتركيز المجالس الجهوية فضلا عن شرط الجنسية وذلك بالإضافة إلى تشكيك المعني بالأمر في مشروع ضبط الحدود الترابية للدوائر الانتخابية المحلية وتركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم علاوة على الترويج بأن جميع الأعمال التحضيرية والتنسيقية التي قادتها الهيئة في هذا الإطار بالشراكة مع المؤسسات الرسمية للدولة تعد مخالفة للقانون وتستوجب الطعن لدى الجهات القضائية المختصة، وقد رفض المعني بالأمر المشاركة في أعمال مختلف اللجان المحدثة بالهيئة حيث اقتصر حضوره على مواكبة أشغال مجلس الهيئة دون سواها".

وللتذكير فقد كان الجديدي أدلى مؤخرا بتصريح صحفي لـ"الصباح"  قال فيه إن فاروق بوعسكر غالط رئيس الجمهورية ولم يعرض على مجلس الهيئة مشروع المرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم ومشروع المرسوم عدد 8 المتعلق بالانتخابات البلدية، ودعا إلى مراجعة المرسومين ونصح السلطات العمومية بالتريث في إجراء الانتخابات ونبه إلى أن قرارات التقسيم الترابي للعمادات يمكن أن تكون قابلة للطعن عن طريق تجاوز السلطة وأضاف أنه يجب مراجعة تركيبة الهيئة حتى تكون متلائمة مع أحكام الفصل 134 من دستور 2022.

خرق واجب الحياد

أما في ما يتعلق بخرق واجب الحياد فورد في محضر جلسة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن ماهر الجديدي قام بربط علاقات مع نشطاء سياسيين ومدونين عبر منصات التواصل الاجتماعي تبين أن بعضهم محل تتبعات قضائية من قبل الهيئة ومودعين بالسجن كما اتضح من خلال تصريحات بعض الذين اقروا بذلك من خلال وسائل الإعلام أن ماهر الجديدي هو مصدر المعلومات التي يروجونها بهدف استهداف المؤسسة والتشكيك في نزاهتها ومصادقية أعمالها وتشويه رئيسها وأعضائها وترويج الأخبار الزائفة في حقهم والعمل على تعطيل سير التحضيرات للاستحقاقات الانتخابية القادمة.

كما جاء في محضر الجلسة أنه بمجرد عرض مقترح الإعفاء المقدم من قبل رئيس الهيئة على أنظار أعضاء مجلس الهيئة تم تأييده بالإجماع باعتباره إجراء سليما يخوله القانون لرئيس الهيئة دون الحاجة إلى مصادقة المجلس أو عرضه عليه، كما أكدوا على تأييدهم التام للإجراءات التحفظية المزمع اتخاذها من قبل رئيس الهيئة في عق العضو المزمع إعفاؤه إلى حين البت في مطلب الإعفاء من قبل رئيس الجمهورية. وأفضت مداولات المجلس إلى إحاطة أعضاء المجلس علما بتوجه رئيس الهيئة نحو رفع مقترح إعفاء ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار الإعفاء من عدمه وذلك بناء على تقرير معلل وبعد أن تمكن المعني بالأمر من حق الدفاع تبعا لارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه بمقتضى القانون وخاصة خرق واجبي التحفظ والحياد وأعرب الأعضاء عن موافقتهم على هذا التوجه كما تمت المصادقة خلال الجلسة على الإجراءات التحفظية المترتبة عن ذلك من قبل رئيس الهيئة ضمانا لحسن سير المؤسسة.

وللتذكير فقد نص الفصل 12 من قانون الهيئة على أن يخضع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأعضاء مجلسها خصوصا للواجبات التالية: واجب الحياد، واجب التحفظ، واجب حضور جلسات مجلس الهيئة، التفرغ الكلي لممارسة المهام صلب الهيئة، عدم الترشح لأي انتخابات طيلة مدة العضوية بالهيئة وبعد انقضائها لمدة لا تقل عن خمس سنوات، والتصريح على الشرف بالمكاسب.

سعيدة بوهلال