نظرت الخميس المنقضي الدائرة المختصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ما عرف بملف الانتهاكات الجسيمة التي لحقت اليساريين خلال الفترة الممتدة من سنة 1974 الى سنة 1975 والتي تضرر فيها اكثر من 20 شخصا من بينهم ستة نساء من المنتمين لحزب اليسار وبينهم ايضا حمة الهمامي وعبد الرؤوف العيادي ومحمد الكيلاني ومحمد الهاشمي الطرودي ومحمد صالح فليس ونجيب العش وحسن المؤذن ويوسف شقرون والبشير الهرماسي وخليفة الكافي واحمد الرداوي وفضيلة وكلثوم التريكي وروضة الغربي وغيرهم.
مفيدة القيزاني
والمنسوب لهم الانتهاك هم كل من عبد القادر قبقة وعبد السلام درغوث شهر " سكابا" وعبد العزيز قبقة والهادي قاسم ومحمد البوهلي وعبد المجيد الخميري وحسين عبيد ومحسن صغيرة وعمار سنكوحي ونور الدين بن عياد ورمضان بن ناصر ومحمد الصفاقسي ومحمد الناصر ومنجي عبيد ومنجي عمارة واحمد عبد اللطيف وعز الدين بن رابح مدير سجن برج الرومي سنة 1975 وعبد السلام الشامي كبير الحراس بنفس السجن حينها والطاهر بلخوجة وعبد المجيد بوسلامة والهادي الفاسي والدكتور الدغري ومحسن عبد السلام ومحمد الرزقي.
شهادة أرملة نور الدين بن خذر..
خلال الجلسة تم الاستماع الى شهادة مؤثرة لأرملة المناضل المرحوم نورالدين بن خذر عائشة بالعابد والتي أفادت ان زوجها ينتمي إلى عائلة مناضلة وكان والده قائدا في حركة التحرير وهو من مناصري صالح بن يوسف حيث تمت تصفيته جسديا سنة 1956 وهو ما جعله أي نور الدين الابن يهتم بالمجال السياسي حيث درس بالحامة ثم انتقل إلى مدرسة العلوية وعلى إثر مشاركته في تحركات طلابية تم طرده وعلى إثر مرضه تم تسفيره إلى فرنسا للعلاج وبقي يمارس نشاطه ضمن حركة Perspective بفرنسا وهي حركة وطنية كانت تهدف إلى تحسين الوضع بالبلاد التونسية عن طريق الاحتكاك بالشعب ومفكريه ومثقفيه وصولا إلى النهوض بالوضع الأقتصادي والإجتماعي وهو من مؤسسي الحركة إلى جانب محمد الشرفي ومحمد محفوظ والهاشمي جغام وغيرهم وبعد تشبع نور الدين بن خذر بالحركة بالخارج رجع إلى تونس وانطلق نشاطه خاصة من الجامعة التونسية انطلقت من سنة 64 إلى سنة 1966 وأمام ما شهده العالم من ميلاد حركات بدأت الدولة التونسية في ايقافات هذا التيار الوافد بدأ بسجن بن جنات سنة 1967 وخلال سنة 1968 كانت تدرس بالجامعة تعرفت على المرحوم احمد بن عثمان.
رحلة الايقاف والإقامة الجبرية..
وأضافت أن احتدام النقاش في الجامعات أدى إلى الإيقافات التي شملت زوجها نور الدين بن خذر وبن بلونو واحمد السماوي وابراهيم رزق الله وٱخرين وكانت ظروف إيقافهم سيئة وتمت إحالتهم على المحاكم ووصلت الأحكام في حق البعض 14 سنة سجنا وتم ايداعهم بسجن برج الرومي حيث كانت الإيقافات سيئة جدا وبموجب عفو رئاسي سنة 1970 تم تسريحهم وإبقاؤهم بالاقامة الجبرية ثم المراقبة السياسية وتشتيت أفراد الحركة إلى جهات متفرقة من البلاد بالاقامة الجبرية وتم سجن دليلة بن عثمان وكانت المتحدثة ٱنذاك متواجدة للدراسة بفرنسا سنة1971 وتم القرار من الحركة لعودتها إلى تونس خاصة بعد سجن دليلة بن عثمان لملأ الفراغ الحاصل خاصة وأنها لم تكن معروفة لدى السلطة واثناء الإحتجاجات الطلابية والتصدي لها وسجن العشرات من الطلبة تم على اثرها إيقاف كل من نورالدين بن خذر وجلبار النقاش رغم وجودهما في حالة اقامة جبرية وتم بعدها اطلاق سراحهما وواصلت نشاطها وتم تعزيز الحركة بوجوه شابة من الداخل والخارج كالنوري بوزيد وغيره وفي سنة 1974 تمت مداهمة مسكن نور الدين بن خذر بطبلبة بالساحل وكذلك جلبار النقاش بعد يوم كما تم إيقافها هي وتحويلها إلى سلامة امن الدولة وتعرضت وبقية الموقوفين نور الدين وجلبار وسالم إلى شتى أنواع التعذيب من قبل عبد القادر طبقة وعبد العزيز طبقة وحسن عبيد.
وتروي انها بحكم ارتباطها بنور الدين بن خذر تم جلب هذا الأخير إلى غرفة مجاورة ليستمع إلى صياحها قصد ممارسة التعذيب عليه وصولا إلى الاعترافات وبعد حوالى الشهر والنصف تمت احالتهم جميعا على القضاء وتم الحكم عليها 3 سنوات سجنا وسنة لكل من الموقوفين قبل ان يتم الحط من العقوبة في الاستئناف وقبيل خروجها من السجن كان يتم جلبها إلى وزارة الداخلية قصد التحرير معها من جديد لمعرفة اسماء الذين ينتمون إلى الحركة.
عقد القران..
وخلال شهر أفريل 1974 تم نقلها وسالم إلى وزارة الداخلية وتم تهديدهما بنقلهما إلى سجن بالجنوب قبل ان يتم الافراج عنهما في المساء ولم يقع الافراج عن نور الدين بن خذر ورفاقه سنة 1974 وذلك لتراجع الرئيس عن العفو الذي تمتعوا به سابقا وتم ايداعهم بسجن برج الرومي سيء الظروف بحكم العزلة التي كانت تمارس عليهم وحتى يسمح لها بزيارة خطيبها ٱنذاك نور الدين بن خذر تم خلال شهر جوان 1979 عقد قرانها بنور الدين بن خذر بسجن برج الرومي ملاحظة أن العائلات كانت تمر بوضعيات حرجة وتضييقات متعددة ولكن تضامن السياسيين والمنتمين للحركة خففت وطأة ذلك وتذكر من بينهم "مدام الان شيش" كتوفير القفة للمساجين والنقل لزيارتهم، ملاحظة ان السلطة الحاكمة حاولت الاتصال بالنشطاء الموقوفين وطالبتهم بتوجيه رسالة اعتذار للرئيس للافراج عنهم غير انهم رفضوا ذلك معللين ان الدولة هي التي يجب عليها تقديم الاعتذار لسوء معاملتهم والتنكيل بهم وتم تسريح الرفاق على دفعتين سنة 1979 ودفعة أخرى بعدها، ملاحظة أن نور الدين بن خذر وأمام عدم التفاعل مع الحركة قلص نشاطه في انتظار ثورة ثقافية واقتصر نشاطه على النشر بدار سيراس واهتم بالنشاط الحقوقي وكان من مؤسسي منظمة العفو الدولية فرع تونس مستخلصة ان ما عاشه نشطاء حركة Perspective كان نتيجة حبهم لوطنهم متمنية ان يتم حفظ التاريخ لهذه الحركة طالبة ان تقدم الدولة التونسية اعتذارا لكل من تم التنكيل بهم من أجل الحلم بالحرية وحتى لا تتكرر هذه الممارسات ويصبح الحق مشاعا لكل مواطن في التعبير والتنظم والنشاط وشددت على تكريم من سبقوا بإحياء ذكراهم كتسمية شوارع وأنهج ودور الثقافة وملاعب تحمل أسماءهم.
شهادة زوجة جلبار النقاش..
وكانت المحكمة استمعت لشهادة أرملة جلبار النقاش وأوضحت أنه بقرار شفاهي من بورقيبة الذي كان متواجدا للعلاج بالخارج تم تسريح مجموعة ٱفاق ولم يعثر على أي وثيقة مكتوبة في الغرض وكعقوبة تكميلية تم اخضاع جلبار النقاش إلى الإقامة الجبرية بقفصة وإلزامه بالتوقيع لدى مركز الشرطة بالمنطقة ولم توفر له الدولة لا مكان إقامة ولا شغل وكانت العائلة تتكفل بمصاريفه ثم بعد سنة تم نقله الى مدينة بوسالم بنفس الظروف لمدة سنة أيضا ثم وقع إيقافه بمناسبة الأحداث الطلابية ( الاتحاد العام لطلبة تونس حركة فيفري 1972) بعد تعذيبه من قبل المدعو عبد السلام درغوث المكنى scapa في فيفري بضيعة بنعسان إلى أفريل 1972 حيث تم ترحيلة للإقامة الجبرية بالوردانين من ولاية المنستير.
تعكير صفو النظام..
وأضافت أرملته أنه إثر ذلك تم سجنه لمدة سنة بتهمة تعكير صفو النظام والإنتماء لجمعية غير مرخص فيها قضاها بسجن 09 أفريل وكانت تلفق له التهم جزافا ويتردد على المحاكم والسجون من أجل الإنتماء وتعكير الصفو العام والحقيقة لا تعدو أن تكون إبداء الرأي، مضيفة أنه من الطرافة وفي أكتوبر 1973 عندما كان في السجن وقع جلبه إلى حاكم التحقيق وتم إصدار بطاقة إيداع جديدة في شأنه بسبب إحداث الهرج والتشويش في الطريق العام والانتماء وغيرها من التهم المعهودة واعتبرها احتجاز تعسفي خاصة وأنه كان بالسجن ولم يتمكن من توفير محام للدفاع عنه.
وفي شهر أفريل سنة 1974 وهو في سجنه تم إعلامه بالرجوع عن الإعفاء الذي تمتع به سنة 1970 في القضية الأولى والتي كانت مدتها 16 سنة من قبل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة وبقي بسجن برج الرومي إلى حدود أوت 1979 حيث تم سراحه مع جملة من الموقوفين من رفاقه وكذلك بعض الموقوفين الٱخرين كالحبيب عاشور وغيره بمناسبة 3 أوت وبدون أثر مكتوب للعفو.
شكايات ضد بورقيبة..
ولاحظت أرملة جلبار النقاش أنه ورفاقه قدموا شكايات ضد بورقيبة ومن ثبت تورطه في الاحتجاز وبعد خروجهم من السجن تم اخضاعه للإقامة الجبرية بتونس مع المراقبة الإدارية مرتين في اليوم والتحجير عليه بمغادرة العاصمة إلى حدود سنة 1980 ومنح جواز سفر بثلاثة أشهر لحضور جنازة شقيقته بفرنسا عاد على إثرها إلى تونس.
في سنة 1990 قدم شكاية ضد من احتجزوه كبورقيبة وغيره وبعد 4 سنوات تم إعلامه برفضها للخلل في الإجراءات.
وأضافت ان لجلبار النقاش مؤلفين واحد بعنوان كريستال مترجم من الفرنسية إلى العربية وٱخر بعنوان ماذا فعلت بشبابك بالفرنسية وبصدد الترجمة إلى العربية يلخصان مسيرته والفترة التي قضاها في السجون ورفاقه ومدت هيئة المحكمة بنسختين منها.
وللإشارة فإن الكاتب والمناضل اليساري جلبار نقاش عايش تجربة التعاضد أواخر ستينات القرن الماضي وعرض خلال جلسات للاستماع العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة لمحات عما لحقه زمن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، حينما تم التفطن إلى انتمائه لمجموعة الدراسات والعمل الاشتراكي (برسبكتيف) سنة 1968 حيث تم إيقافه ونقله إلى مكاتب وزارة الداخلية التي تعرض فيها لشتى أصناف التعذيب ما خلف له سقوطا بدنيا واضطرابات حادة في المزاج، حسب توصيفه.
في نفس السنة تمت محاكمته والزج به في السجن حيث تنقل بين سجني 9 أفريل وبرج الرومي، وتعرض لأشكال متنوعة من التنكيل وسوء المعاملة، ما دفعه إلى الدخول أكثر من مرة في إضرابات جوع.
وبعد خروجه من السجن تم إخضاعه للإقامة الجبرية كما انتهكت حريتة في التنقل وحرم من جواز سفره ومنع من الارتزاق.
مسيرة جلبار النقاش مع التعذيب لم تتوقف بإطلاق سراحه، إذ تم ايقافه مرة أخرى في 1972، ليواجه فصلا جديدا من التعذيب.
تونس-الصباح
نظرت الخميس المنقضي الدائرة المختصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ما عرف بملف الانتهاكات الجسيمة التي لحقت اليساريين خلال الفترة الممتدة من سنة 1974 الى سنة 1975 والتي تضرر فيها اكثر من 20 شخصا من بينهم ستة نساء من المنتمين لحزب اليسار وبينهم ايضا حمة الهمامي وعبد الرؤوف العيادي ومحمد الكيلاني ومحمد الهاشمي الطرودي ومحمد صالح فليس ونجيب العش وحسن المؤذن ويوسف شقرون والبشير الهرماسي وخليفة الكافي واحمد الرداوي وفضيلة وكلثوم التريكي وروضة الغربي وغيرهم.
مفيدة القيزاني
والمنسوب لهم الانتهاك هم كل من عبد القادر قبقة وعبد السلام درغوث شهر " سكابا" وعبد العزيز قبقة والهادي قاسم ومحمد البوهلي وعبد المجيد الخميري وحسين عبيد ومحسن صغيرة وعمار سنكوحي ونور الدين بن عياد ورمضان بن ناصر ومحمد الصفاقسي ومحمد الناصر ومنجي عبيد ومنجي عمارة واحمد عبد اللطيف وعز الدين بن رابح مدير سجن برج الرومي سنة 1975 وعبد السلام الشامي كبير الحراس بنفس السجن حينها والطاهر بلخوجة وعبد المجيد بوسلامة والهادي الفاسي والدكتور الدغري ومحسن عبد السلام ومحمد الرزقي.
شهادة أرملة نور الدين بن خذر..
خلال الجلسة تم الاستماع الى شهادة مؤثرة لأرملة المناضل المرحوم نورالدين بن خذر عائشة بالعابد والتي أفادت ان زوجها ينتمي إلى عائلة مناضلة وكان والده قائدا في حركة التحرير وهو من مناصري صالح بن يوسف حيث تمت تصفيته جسديا سنة 1956 وهو ما جعله أي نور الدين الابن يهتم بالمجال السياسي حيث درس بالحامة ثم انتقل إلى مدرسة العلوية وعلى إثر مشاركته في تحركات طلابية تم طرده وعلى إثر مرضه تم تسفيره إلى فرنسا للعلاج وبقي يمارس نشاطه ضمن حركة Perspective بفرنسا وهي حركة وطنية كانت تهدف إلى تحسين الوضع بالبلاد التونسية عن طريق الاحتكاك بالشعب ومفكريه ومثقفيه وصولا إلى النهوض بالوضع الأقتصادي والإجتماعي وهو من مؤسسي الحركة إلى جانب محمد الشرفي ومحمد محفوظ والهاشمي جغام وغيرهم وبعد تشبع نور الدين بن خذر بالحركة بالخارج رجع إلى تونس وانطلق نشاطه خاصة من الجامعة التونسية انطلقت من سنة 64 إلى سنة 1966 وأمام ما شهده العالم من ميلاد حركات بدأت الدولة التونسية في ايقافات هذا التيار الوافد بدأ بسجن بن جنات سنة 1967 وخلال سنة 1968 كانت تدرس بالجامعة تعرفت على المرحوم احمد بن عثمان.
رحلة الايقاف والإقامة الجبرية..
وأضافت أن احتدام النقاش في الجامعات أدى إلى الإيقافات التي شملت زوجها نور الدين بن خذر وبن بلونو واحمد السماوي وابراهيم رزق الله وٱخرين وكانت ظروف إيقافهم سيئة وتمت إحالتهم على المحاكم ووصلت الأحكام في حق البعض 14 سنة سجنا وتم ايداعهم بسجن برج الرومي حيث كانت الإيقافات سيئة جدا وبموجب عفو رئاسي سنة 1970 تم تسريحهم وإبقاؤهم بالاقامة الجبرية ثم المراقبة السياسية وتشتيت أفراد الحركة إلى جهات متفرقة من البلاد بالاقامة الجبرية وتم سجن دليلة بن عثمان وكانت المتحدثة ٱنذاك متواجدة للدراسة بفرنسا سنة1971 وتم القرار من الحركة لعودتها إلى تونس خاصة بعد سجن دليلة بن عثمان لملأ الفراغ الحاصل خاصة وأنها لم تكن معروفة لدى السلطة واثناء الإحتجاجات الطلابية والتصدي لها وسجن العشرات من الطلبة تم على اثرها إيقاف كل من نورالدين بن خذر وجلبار النقاش رغم وجودهما في حالة اقامة جبرية وتم بعدها اطلاق سراحهما وواصلت نشاطها وتم تعزيز الحركة بوجوه شابة من الداخل والخارج كالنوري بوزيد وغيره وفي سنة 1974 تمت مداهمة مسكن نور الدين بن خذر بطبلبة بالساحل وكذلك جلبار النقاش بعد يوم كما تم إيقافها هي وتحويلها إلى سلامة امن الدولة وتعرضت وبقية الموقوفين نور الدين وجلبار وسالم إلى شتى أنواع التعذيب من قبل عبد القادر طبقة وعبد العزيز طبقة وحسن عبيد.
وتروي انها بحكم ارتباطها بنور الدين بن خذر تم جلب هذا الأخير إلى غرفة مجاورة ليستمع إلى صياحها قصد ممارسة التعذيب عليه وصولا إلى الاعترافات وبعد حوالى الشهر والنصف تمت احالتهم جميعا على القضاء وتم الحكم عليها 3 سنوات سجنا وسنة لكل من الموقوفين قبل ان يتم الحط من العقوبة في الاستئناف وقبيل خروجها من السجن كان يتم جلبها إلى وزارة الداخلية قصد التحرير معها من جديد لمعرفة اسماء الذين ينتمون إلى الحركة.
عقد القران..
وخلال شهر أفريل 1974 تم نقلها وسالم إلى وزارة الداخلية وتم تهديدهما بنقلهما إلى سجن بالجنوب قبل ان يتم الافراج عنهما في المساء ولم يقع الافراج عن نور الدين بن خذر ورفاقه سنة 1974 وذلك لتراجع الرئيس عن العفو الذي تمتعوا به سابقا وتم ايداعهم بسجن برج الرومي سيء الظروف بحكم العزلة التي كانت تمارس عليهم وحتى يسمح لها بزيارة خطيبها ٱنذاك نور الدين بن خذر تم خلال شهر جوان 1979 عقد قرانها بنور الدين بن خذر بسجن برج الرومي ملاحظة أن العائلات كانت تمر بوضعيات حرجة وتضييقات متعددة ولكن تضامن السياسيين والمنتمين للحركة خففت وطأة ذلك وتذكر من بينهم "مدام الان شيش" كتوفير القفة للمساجين والنقل لزيارتهم، ملاحظة ان السلطة الحاكمة حاولت الاتصال بالنشطاء الموقوفين وطالبتهم بتوجيه رسالة اعتذار للرئيس للافراج عنهم غير انهم رفضوا ذلك معللين ان الدولة هي التي يجب عليها تقديم الاعتذار لسوء معاملتهم والتنكيل بهم وتم تسريح الرفاق على دفعتين سنة 1979 ودفعة أخرى بعدها، ملاحظة أن نور الدين بن خذر وأمام عدم التفاعل مع الحركة قلص نشاطه في انتظار ثورة ثقافية واقتصر نشاطه على النشر بدار سيراس واهتم بالنشاط الحقوقي وكان من مؤسسي منظمة العفو الدولية فرع تونس مستخلصة ان ما عاشه نشطاء حركة Perspective كان نتيجة حبهم لوطنهم متمنية ان يتم حفظ التاريخ لهذه الحركة طالبة ان تقدم الدولة التونسية اعتذارا لكل من تم التنكيل بهم من أجل الحلم بالحرية وحتى لا تتكرر هذه الممارسات ويصبح الحق مشاعا لكل مواطن في التعبير والتنظم والنشاط وشددت على تكريم من سبقوا بإحياء ذكراهم كتسمية شوارع وأنهج ودور الثقافة وملاعب تحمل أسماءهم.
شهادة زوجة جلبار النقاش..
وكانت المحكمة استمعت لشهادة أرملة جلبار النقاش وأوضحت أنه بقرار شفاهي من بورقيبة الذي كان متواجدا للعلاج بالخارج تم تسريح مجموعة ٱفاق ولم يعثر على أي وثيقة مكتوبة في الغرض وكعقوبة تكميلية تم اخضاع جلبار النقاش إلى الإقامة الجبرية بقفصة وإلزامه بالتوقيع لدى مركز الشرطة بالمنطقة ولم توفر له الدولة لا مكان إقامة ولا شغل وكانت العائلة تتكفل بمصاريفه ثم بعد سنة تم نقله الى مدينة بوسالم بنفس الظروف لمدة سنة أيضا ثم وقع إيقافه بمناسبة الأحداث الطلابية ( الاتحاد العام لطلبة تونس حركة فيفري 1972) بعد تعذيبه من قبل المدعو عبد السلام درغوث المكنى scapa في فيفري بضيعة بنعسان إلى أفريل 1972 حيث تم ترحيلة للإقامة الجبرية بالوردانين من ولاية المنستير.
تعكير صفو النظام..
وأضافت أرملته أنه إثر ذلك تم سجنه لمدة سنة بتهمة تعكير صفو النظام والإنتماء لجمعية غير مرخص فيها قضاها بسجن 09 أفريل وكانت تلفق له التهم جزافا ويتردد على المحاكم والسجون من أجل الإنتماء وتعكير الصفو العام والحقيقة لا تعدو أن تكون إبداء الرأي، مضيفة أنه من الطرافة وفي أكتوبر 1973 عندما كان في السجن وقع جلبه إلى حاكم التحقيق وتم إصدار بطاقة إيداع جديدة في شأنه بسبب إحداث الهرج والتشويش في الطريق العام والانتماء وغيرها من التهم المعهودة واعتبرها احتجاز تعسفي خاصة وأنه كان بالسجن ولم يتمكن من توفير محام للدفاع عنه.
وفي شهر أفريل سنة 1974 وهو في سجنه تم إعلامه بالرجوع عن الإعفاء الذي تمتع به سنة 1970 في القضية الأولى والتي كانت مدتها 16 سنة من قبل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة وبقي بسجن برج الرومي إلى حدود أوت 1979 حيث تم سراحه مع جملة من الموقوفين من رفاقه وكذلك بعض الموقوفين الٱخرين كالحبيب عاشور وغيره بمناسبة 3 أوت وبدون أثر مكتوب للعفو.
شكايات ضد بورقيبة..
ولاحظت أرملة جلبار النقاش أنه ورفاقه قدموا شكايات ضد بورقيبة ومن ثبت تورطه في الاحتجاز وبعد خروجهم من السجن تم اخضاعه للإقامة الجبرية بتونس مع المراقبة الإدارية مرتين في اليوم والتحجير عليه بمغادرة العاصمة إلى حدود سنة 1980 ومنح جواز سفر بثلاثة أشهر لحضور جنازة شقيقته بفرنسا عاد على إثرها إلى تونس.
في سنة 1990 قدم شكاية ضد من احتجزوه كبورقيبة وغيره وبعد 4 سنوات تم إعلامه برفضها للخلل في الإجراءات.
وأضافت ان لجلبار النقاش مؤلفين واحد بعنوان كريستال مترجم من الفرنسية إلى العربية وٱخر بعنوان ماذا فعلت بشبابك بالفرنسية وبصدد الترجمة إلى العربية يلخصان مسيرته والفترة التي قضاها في السجون ورفاقه ومدت هيئة المحكمة بنسختين منها.
وللإشارة فإن الكاتب والمناضل اليساري جلبار نقاش عايش تجربة التعاضد أواخر ستينات القرن الماضي وعرض خلال جلسات للاستماع العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة لمحات عما لحقه زمن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، حينما تم التفطن إلى انتمائه لمجموعة الدراسات والعمل الاشتراكي (برسبكتيف) سنة 1968 حيث تم إيقافه ونقله إلى مكاتب وزارة الداخلية التي تعرض فيها لشتى أصناف التعذيب ما خلف له سقوطا بدنيا واضطرابات حادة في المزاج، حسب توصيفه.
في نفس السنة تمت محاكمته والزج به في السجن حيث تنقل بين سجني 9 أفريل وبرج الرومي، وتعرض لأشكال متنوعة من التنكيل وسوء المعاملة، ما دفعه إلى الدخول أكثر من مرة في إضرابات جوع.
وبعد خروجه من السجن تم إخضاعه للإقامة الجبرية كما انتهكت حريتة في التنقل وحرم من جواز سفره ومنع من الارتزاق.
مسيرة جلبار النقاش مع التعذيب لم تتوقف بإطلاق سراحه، إذ تم ايقافه مرة أخرى في 1972، ليواجه فصلا جديدا من التعذيب.