إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حول قداسة الحقّ الفلسطيني

 

 

 

بقلم:محمد السبوعي

*لا أحد يختلف حول قداسة الحقّ الفلسطيني، ولم ننظر للحركة الصّهيونية بغير نضرة الرّيبة والحذر والإدانة الكاملة لجرائمها وهذا أمر يختلف عن النظر لليهود بعين إنسانيّة أيضا.

صعقت بالفعل عندما لاحظت إنّ أقرب صديق لي- أتناغم معه كثيرا في الفكر والإبداع ونشترك في مهنة الغوص في غياهب التّاريخ وأغواره وهو المخرج السينمائي المغربيّ عبد الإله الجوهري – بدأ يشكّ في كوني أساند الصّهيونيّة لمجرّد انتقادي لحماس ودورها فيما يحدث على جبهة الصّراع الفلسطيني / الإسرائيلي من انفلات وعنف سبق أن عشناه خلال عقودنا الخمس على هذه الأرض التي تعجّ بالآلهة والقرابين،إذ لم يتّفق المؤرخون بعد مفاوضات مدريد أو اتفاقات أوسلو على الأصول الحقيقية للفلسطينيين، ولم يتحقق الكثير لأصدقاء لنا عاشوا بيننا نتقاسم الفكرة والرّغيف في أحياء تونس الجميلة التي احتضنت قيادة الفلسطينيين ومقاتليهم عادوا بعد حفل وداع قصير في المسرح البلدي قال فيه محمود درويش :شكرا لتونس ....نودّعك بعد أن تركنا فيك أجمل من فينا شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا...عندما تعرّفت على الفلسطينيين في تونس ،كنت منبهرا بمدى ثقافتهم الواسعة ومستواهم المعرفي الكبير،وكانوا روّادا في الفنون جميعها شعرا ونثرا وفنونا تشكيلية ومسرحا وموسيقى...وكانت الأمّية منعدمة بينهم في حين انّ الأحصايّات في بلادنا تصل إلى الأربعين في المائة حسب تحقيق صحفي أنجزته لجريدتي التي كنت أشتغل بها. ولا أنكر أنني تعلّمت الكثير في مهنتي من عبد الباري عطوان وتأثرت كثيرا في تجربتي الشعريّة بمحمود درويش ومازلت أعتنق أفكار هشام شورابي حول البطركية وهيمنة الخطاب الأبوي في مجتمعاتنا...كنت واثقا من نهاية المأساة الفلسطينية بوجود شعب على هذه الدّرجة من العلم والثقافة لأنني لا أؤمن بغيرهما لتحرير الأرض والعقل ولا أثق أبدا في الأديان الأيديولوجيات...ولكنّ للأديان سلطتها وكلمتها ، ذهب ياسر عرفات ومحمود درويش وفاروق القادومي وحلّ زمن إسماعيل هنيّة ومحمّد دحلان وخالد مشعل....بدأت تتلاشى أخبار أصدقائنا الذين عادوا لفلسطين وبقي جمعة ناجي أحد كوادر الدّائرة السياسية بينا وبين مصر حيث ابنه ناجي إلى أن وافته المنيّة . ثمّ حلّت بنا كارثة الإسلام السياسيّ التي أطبقت على الشجر والحجر وصار حالنا أشدّ بؤسا وتعقيدا من الحالة الفلسطينيّة...لا أحد يختلف حول قداسة الحقّ الفلسطيني، ولم ننظر للحركة الصّهيونية بغير نضرة الرّيبة والحذر والإدانة الكاملة لجرائمها وهذا أمر يختلف عن النظر لليهود بعين انسانيّة أيضا ، فمنهم مواطنون لنا يتقاسمون معنا التاريخ والجغرافيا عشنا لآلاف السنوات حياة مشتركة يسودها التّسامح والمحبّة تقاسموا معنا ويلات الاستعمار ومازالوا يتقاسمون معنا ويلات الهجمة التيوقراطية والفتح الإسلامي الجديد الذي أعادنا لعصر الظلمات . لا نختلف مطلقا حول قداسة الحقّ الفلسطيني ولكننا نريده حقا إنسانيّا لا تربكه حماس أو فتح ،علي بن أبي طالب أوعمرو بن العاص.....

أعود للحديث عن قداسة الحقّ الفلسطيني بعد رسالة خاصة بلغتني من توفيق معين بسيسو ملخصها ان الشاعر الكبير معين بسيسو قد حصل على جواز سفر تونسيّ في إحدى زياراته لبريطانيا..نعم جواز سفر تونسي لأن لا أحد من العرب والعجم قدّم للقضية الفسطينيّة العادلة ما قدّمته تونس قيادة وشعبا ... ومنذ دراستنا الإبتدائية ونحن أطفال نتبرّع لفلسطين بما نختلسه من جيوب آبائنا وأمهاتنا..كانت فلسطين بغريزة الأطفال أهمّ لدينا من الحلوى أو الكرة البلاستيكية التي لا نستطيع لشرائها سبيلا...

ثمّ كبرنا سريعا وكبر معنا الحبّ والقداسة لفلسطين ..وحفظنا حماسيات توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش ومعين بسيسو ومازلت أحفظ قصيدة سفر وقد تجاوزت سنّ النبوّة واليأس:

سفر سفرْ ..

موجٌ يترجمني إلى كل اللغات وينكسرْ...

سفر هي النيران فوق الوجه طين

والشمس حبة أسبرين

جُنَّ النّبيُّ فداوه بالياسمين...

هذا العشاء هو الأخير على موائدكم وهذا الديك ذو الوجهين شاهد..

اني انا الزاني وكلكم ملائكة وكلكم قصائد...

كبرنا وصرنا أصدقاء للفلسطينيين الذين خرجوا من حصار بيروت إلى قرطاج فاستقبلتهم قلوبنا قبل بيوتنا..وكان أول أصدقائي الفلسطينيين مشعل نجل القيادي الفلسطيني عباس زكي ..وكان يدرس في إسبانيا ..ثم جمعة الناجي الذي عرّفني بفاروق القادومي *أبو اللّطف* وكان أهم حوار صحفي في تجربتي الإعلامية..وللوقوف أمام أبي اللّطف رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية رهبة لا يعرفها إلا صحفي في سنته الأولى في الممارسة... كان أبو اللّطف من صقور فتح صلبا وعنيدا كجبل الكرمل...

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بقلم:محمد السبوعي

*لا أحد يختلف حول قداسة الحقّ الفلسطيني، ولم ننظر للحركة الصّهيونية بغير نضرة الرّيبة والحذر والإدانة الكاملة لجرائمها وهذا أمر يختلف عن النظر لليهود بعين إنسانيّة أيضا.

صعقت بالفعل عندما لاحظت إنّ أقرب صديق لي- أتناغم معه كثيرا في الفكر والإبداع ونشترك في مهنة الغوص في غياهب التّاريخ وأغواره وهو المخرج السينمائي المغربيّ عبد الإله الجوهري – بدأ يشكّ في كوني أساند الصّهيونيّة لمجرّد انتقادي لحماس ودورها فيما يحدث على جبهة الصّراع الفلسطيني / الإسرائيلي من انفلات وعنف سبق أن عشناه خلال عقودنا الخمس على هذه الأرض التي تعجّ بالآلهة والقرابين،إذ لم يتّفق المؤرخون بعد مفاوضات مدريد أو اتفاقات أوسلو على الأصول الحقيقية للفلسطينيين، ولم يتحقق الكثير لأصدقاء لنا عاشوا بيننا نتقاسم الفكرة والرّغيف في أحياء تونس الجميلة التي احتضنت قيادة الفلسطينيين ومقاتليهم عادوا بعد حفل وداع قصير في المسرح البلدي قال فيه محمود درويش :شكرا لتونس ....نودّعك بعد أن تركنا فيك أجمل من فينا شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا...عندما تعرّفت على الفلسطينيين في تونس ،كنت منبهرا بمدى ثقافتهم الواسعة ومستواهم المعرفي الكبير،وكانوا روّادا في الفنون جميعها شعرا ونثرا وفنونا تشكيلية ومسرحا وموسيقى...وكانت الأمّية منعدمة بينهم في حين انّ الأحصايّات في بلادنا تصل إلى الأربعين في المائة حسب تحقيق صحفي أنجزته لجريدتي التي كنت أشتغل بها. ولا أنكر أنني تعلّمت الكثير في مهنتي من عبد الباري عطوان وتأثرت كثيرا في تجربتي الشعريّة بمحمود درويش ومازلت أعتنق أفكار هشام شورابي حول البطركية وهيمنة الخطاب الأبوي في مجتمعاتنا...كنت واثقا من نهاية المأساة الفلسطينية بوجود شعب على هذه الدّرجة من العلم والثقافة لأنني لا أؤمن بغيرهما لتحرير الأرض والعقل ولا أثق أبدا في الأديان الأيديولوجيات...ولكنّ للأديان سلطتها وكلمتها ، ذهب ياسر عرفات ومحمود درويش وفاروق القادومي وحلّ زمن إسماعيل هنيّة ومحمّد دحلان وخالد مشعل....بدأت تتلاشى أخبار أصدقائنا الذين عادوا لفلسطين وبقي جمعة ناجي أحد كوادر الدّائرة السياسية بينا وبين مصر حيث ابنه ناجي إلى أن وافته المنيّة . ثمّ حلّت بنا كارثة الإسلام السياسيّ التي أطبقت على الشجر والحجر وصار حالنا أشدّ بؤسا وتعقيدا من الحالة الفلسطينيّة...لا أحد يختلف حول قداسة الحقّ الفلسطيني، ولم ننظر للحركة الصّهيونية بغير نضرة الرّيبة والحذر والإدانة الكاملة لجرائمها وهذا أمر يختلف عن النظر لليهود بعين انسانيّة أيضا ، فمنهم مواطنون لنا يتقاسمون معنا التاريخ والجغرافيا عشنا لآلاف السنوات حياة مشتركة يسودها التّسامح والمحبّة تقاسموا معنا ويلات الاستعمار ومازالوا يتقاسمون معنا ويلات الهجمة التيوقراطية والفتح الإسلامي الجديد الذي أعادنا لعصر الظلمات . لا نختلف مطلقا حول قداسة الحقّ الفلسطيني ولكننا نريده حقا إنسانيّا لا تربكه حماس أو فتح ،علي بن أبي طالب أوعمرو بن العاص.....

أعود للحديث عن قداسة الحقّ الفلسطيني بعد رسالة خاصة بلغتني من توفيق معين بسيسو ملخصها ان الشاعر الكبير معين بسيسو قد حصل على جواز سفر تونسيّ في إحدى زياراته لبريطانيا..نعم جواز سفر تونسي لأن لا أحد من العرب والعجم قدّم للقضية الفسطينيّة العادلة ما قدّمته تونس قيادة وشعبا ... ومنذ دراستنا الإبتدائية ونحن أطفال نتبرّع لفلسطين بما نختلسه من جيوب آبائنا وأمهاتنا..كانت فلسطين بغريزة الأطفال أهمّ لدينا من الحلوى أو الكرة البلاستيكية التي لا نستطيع لشرائها سبيلا...

ثمّ كبرنا سريعا وكبر معنا الحبّ والقداسة لفلسطين ..وحفظنا حماسيات توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش ومعين بسيسو ومازلت أحفظ قصيدة سفر وقد تجاوزت سنّ النبوّة واليأس:

سفر سفرْ ..

موجٌ يترجمني إلى كل اللغات وينكسرْ...

سفر هي النيران فوق الوجه طين

والشمس حبة أسبرين

جُنَّ النّبيُّ فداوه بالياسمين...

هذا العشاء هو الأخير على موائدكم وهذا الديك ذو الوجهين شاهد..

اني انا الزاني وكلكم ملائكة وكلكم قصائد...

كبرنا وصرنا أصدقاء للفلسطينيين الذين خرجوا من حصار بيروت إلى قرطاج فاستقبلتهم قلوبنا قبل بيوتنا..وكان أول أصدقائي الفلسطينيين مشعل نجل القيادي الفلسطيني عباس زكي ..وكان يدرس في إسبانيا ..ثم جمعة الناجي الذي عرّفني بفاروق القادومي *أبو اللّطف* وكان أهم حوار صحفي في تجربتي الإعلامية..وللوقوف أمام أبي اللّطف رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية رهبة لا يعرفها إلا صحفي في سنته الأولى في الممارسة... كان أبو اللّطف من صقور فتح صلبا وعنيدا كجبل الكرمل...