*الآلاف من المهاجرين الذين يقضون غرقا في البحر يتم الاتجار بأعضائهم
في ظل النقاش الدائر مؤخرا على الصعيدين الوطني والإقليمي بخصوص الهجرة غير النظامية لم يخف التونسيون تخوفهم من ارتدادات ذلك عليهم مباشرة فيما يخص أمنهم ومعيشتهم وحتى ثقافتهم.
ورغم أن الرئيس قيس سعيد حسم الأمر حينما أكد لوزيري داخلية ألمانيا وفرنسا وقبلهما لوزيرة مجلس الوزراء الإيطالي بأن تونس لن تقبل أبدا بأن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى ولن تقبل بتوطين المهاجرين في ترابها.
مضيفا على "ضرورة اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير الشرعية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج".
رغم هذا التأكيد فان تونس تجد نفسها مجبرة على التعامل الإنساني مع آلاف الحالات من هؤلاء المهاجرين الذين هم ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وهو ما أكدته وزيرة الداخلية الألمانية حينما صرّحت في ختام الاجتماع المذكور إن الجانب الأوروبي يرغب في تعزيز التعاون مع تونس في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر والحد من الوفيات في البحر المتوسط.
إذن، فما يحدث في حوض المتوسط لم يعد مجرد ظاهرة للهجرة الغير نظامية تظهر حينا وتختفي أحيانا وإنما أصبحت تجارة هي الأقدم في التاريخ ولكن بطرق حديثة هي الاتّجار بالبشر والتي باتت واقعا في سوق كبير تديره عصابات منظمة كبيرة وتونس جزء من هذا السوق.
الاتجار بالبشر.. قديما وحديثا
الاتّجار بالبشر قديما كان يتمّ مباشرة بيعا وشراء فيما يعرف بأسواق العبيد كانت هذه التجارة منتشرة في كل الدول وتشمل النساء والأطفال والرجال الذين كانوا يستخدمون في مهام كثيرة.
أمّا الاتّجار بالبشر في العصر الحديث فقد اتخذ أشكالا أخرى تعرّفها الأمم المتحدة كما يلي:
"يعد الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين جريمة عالمية وواسعة الانتشار والتي تستخدم فيها الرجال والنساء والأطفال من أجل الربح. وتستفيد الشبكات المنظمة أو الأفراد الذين يكونون وراء هذه الجرائم المربحة من الأشخاص الضعفاء أو اليائسين أو الذين يبحثون ببساطة عن حياة أفضل. ويسعى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة جاهدا للقضاء على هذه الجرائم من خلال تفكيك المؤسسات الإجرامية التي تتاجر بالأشخاص وإدانة الجناة الرئيسيين. في نهاية المطاف، يحمي عملنا الناس من سوء المعاملة أو الإهمال أو الاستغلال أو حتى الموت المرتبط بهذه الجرائم.
ويقصد بتعبير "الاتجار بالأشخاص" تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة القوة أو الاختطاف أو الاحتيال أو بهدف استغلالهم من اجل الربح المالي. ويمكن للرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات أن يصبحوا ضحايا لهذه الجريمة التي تقع في كل منطقة من مناطق العالم. وكثيرا ما يستخدم المتاجرون العنف أو وكالات العمل الاحتيالية والوعود المزيفة بالتعليم وفرص العمل لخداع ضحاياهم وإكراههم.
وان تعبير "تهريب المهاجرين" يشمل تيسير الدخول غير النظامي إلى بلد لا يكون فيه المهاجر مواطنا أو مقيما، من أجل تحقيق مكاسب مالية أو مادية أخرى. ويغتنم المجرمون وراء هذه الأعمال التجارية المربحة للغاية الفرصة التي أوجدتها حاجة الناس أو رغبتهم في الإفلات ليس فقط من الفقر والافتقار إلى فرص العمل، بل أيضا الكوارث الطبيعية والصراعات والاضطهاد".
هذا التعريف يصحّ في أغلب ما جاء به على المهاجرين غير الشرعيين والذين منطلقهم الأوّلي ذاتي وهو البحث عن مقوّمات عيش أفضل من التي يعيشونها لكن ينتهي بهم المطاف إلى سلع تباع وتشترى وهم يظنون أنهم يمتلكون خيارهم بالهجرة لكن الواقع أنّ إرادتهم تسلب منذ لحظة التواصل مع ما يسمّى منظّمي رحلات الهجرة غير النظامية وهم في الواقع واجهة لشبكات دولية تتمعّش من الاتجار بهؤلاء.أحياء كانوا أم أمواتا إذ أكدت عديد التقارير الدولية أنّ الآلاف من المهاجرين الذين يقضون غرقا في البحر يتم الاتجار بأعضائهم بل أن بعض هؤلاء المجرمين يسعون إلى إغراق المراكب التي يسيّرونها لذات الهدف.
وعلى الرغم من التمييز الواضح بين الاتّجار والتهريب أو الهجرة غير المشروعة إلا انه يمكن أن تتحول حالة الهجرة غير المشروعة إلى حالة اتجار بالبشر إذ أن المهاجرين الذين يتم استغلالهم في أي مرحلة من العملية يمكن أن يصبحوا ضحايا اتجار بالبشر.
صفاقس نموذجا
بعيدا عن العمل الأمني والتقارير الأمنية التي ليست من اختصاصنا ولا نريد الخوض فيها، يلاحظ المواطن العادي منذ فترة تدفّقا غريبا لأفواج من المهاجرين تتسلل عبر الحدود البرية وعبر الموانئ. وفي مدن مثل القصرين وقفصة وصفاقس أصبح تواجد هؤلاء المهاجرين من جنوب الصحراء ملفتا للانتباه خاصة وأنهم يتحركون في مجموعات ويبيتون في الشوارع وعلى الطرقات مع ما يمكن أن يمثّله ذلك من خطر على سلامة التونسيين.
وتبدو الصورة أكثر وضوحا في مدينة صفاقس التي غصّت بالآلاف من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين وقد تحوّلوا إلى خطر حقيقي وقنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في كل لحظة. ووصول هؤلاء في وقت وجيز وبأعداد كبيرة أمر مريب ويؤكّد أنّ تجّار البشر في الخارج كثّفوا نشاطهم وركّزوا على الوجهة التونسية بمساعدة تونسيين من المتاجرين أيضا بالبشر لأسباب تتعلقّ بالحرب المنتظرة والتي ستشنها الدول الأوروبية على هؤلاء قريبا.
وقد تمّ في صفاقس مؤخرا تنظيم وقفة احتجاجية كبرى من تنظيم المجتمع المدني والذين أطلقوا حملة "رجّع صفاقس" في إشارة إلى الخطر الكبير الذي بدأ يمثله هؤلاء المهاجرون غير الشرعيون وتجّار البشر الذين أوصلوهم إلى تونس.
الحلول..
بحسب أرقام قدّمها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد بلغ عدد المفقودين والضحايا في سنة 2022 من المهاجرين غير الشرعيين 581ضحيّة ومفقودا. وهؤلاء كما أشرنا عادة ما يكونون غنائم مباشرة لعصابات الاتجار بالبشر وبيع الأعضاء.
كما تم في ذات الفترة منع 38372 شخصا تونسيا وأجنبيا من اجتياز الحدود انطلاقا من السواحل التونسية.
والجدير بالذكر أنّ هذه الأعداد ما هي سوى غيض من فيض كما يقال وأنّ الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير خاصة في السنة الحالية التي مرّ منها ستة أشهر فقط وتكاد تعادل حصيلة عام كامل. والتي ستشهد انفجارا غير مسبوق ما لم يقع إيقاف هذا النزيف وذلك عبر حلول لا تخرج عن التي سنذكر وهي:
مزيد إحكام إغلاق الحدود أمام هؤلاء المهاجرين وإعادتهم إلى آخر محطة كانوا فيها قبل تسللهم إلى تونس.
إجراء مسح وطني شامل بالتعاون مع الأجهزة الأمنية ومختلف السّلط لتحديد أعداد المقيمين غير الشرعيين في بلادنا والعمل على ترحيلهم إلى بلدانهم ما لم تتوفر فيهم شروط اللاجئ.
التنسيق مع الدول المجاورة وحثها على المساعدة في الحرب على الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
*الآلاف من المهاجرين الذين يقضون غرقا في البحر يتم الاتجار بأعضائهم
في ظل النقاش الدائر مؤخرا على الصعيدين الوطني والإقليمي بخصوص الهجرة غير النظامية لم يخف التونسيون تخوفهم من ارتدادات ذلك عليهم مباشرة فيما يخص أمنهم ومعيشتهم وحتى ثقافتهم.
ورغم أن الرئيس قيس سعيد حسم الأمر حينما أكد لوزيري داخلية ألمانيا وفرنسا وقبلهما لوزيرة مجلس الوزراء الإيطالي بأن تونس لن تقبل أبدا بأن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى ولن تقبل بتوطين المهاجرين في ترابها.
مضيفا على "ضرورة اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير الشرعية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج".
رغم هذا التأكيد فان تونس تجد نفسها مجبرة على التعامل الإنساني مع آلاف الحالات من هؤلاء المهاجرين الذين هم ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وهو ما أكدته وزيرة الداخلية الألمانية حينما صرّحت في ختام الاجتماع المذكور إن الجانب الأوروبي يرغب في تعزيز التعاون مع تونس في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر والحد من الوفيات في البحر المتوسط.
إذن، فما يحدث في حوض المتوسط لم يعد مجرد ظاهرة للهجرة الغير نظامية تظهر حينا وتختفي أحيانا وإنما أصبحت تجارة هي الأقدم في التاريخ ولكن بطرق حديثة هي الاتّجار بالبشر والتي باتت واقعا في سوق كبير تديره عصابات منظمة كبيرة وتونس جزء من هذا السوق.
الاتجار بالبشر.. قديما وحديثا
الاتّجار بالبشر قديما كان يتمّ مباشرة بيعا وشراء فيما يعرف بأسواق العبيد كانت هذه التجارة منتشرة في كل الدول وتشمل النساء والأطفال والرجال الذين كانوا يستخدمون في مهام كثيرة.
أمّا الاتّجار بالبشر في العصر الحديث فقد اتخذ أشكالا أخرى تعرّفها الأمم المتحدة كما يلي:
"يعد الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين جريمة عالمية وواسعة الانتشار والتي تستخدم فيها الرجال والنساء والأطفال من أجل الربح. وتستفيد الشبكات المنظمة أو الأفراد الذين يكونون وراء هذه الجرائم المربحة من الأشخاص الضعفاء أو اليائسين أو الذين يبحثون ببساطة عن حياة أفضل. ويسعى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة جاهدا للقضاء على هذه الجرائم من خلال تفكيك المؤسسات الإجرامية التي تتاجر بالأشخاص وإدانة الجناة الرئيسيين. في نهاية المطاف، يحمي عملنا الناس من سوء المعاملة أو الإهمال أو الاستغلال أو حتى الموت المرتبط بهذه الجرائم.
ويقصد بتعبير "الاتجار بالأشخاص" تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة القوة أو الاختطاف أو الاحتيال أو بهدف استغلالهم من اجل الربح المالي. ويمكن للرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات أن يصبحوا ضحايا لهذه الجريمة التي تقع في كل منطقة من مناطق العالم. وكثيرا ما يستخدم المتاجرون العنف أو وكالات العمل الاحتيالية والوعود المزيفة بالتعليم وفرص العمل لخداع ضحاياهم وإكراههم.
وان تعبير "تهريب المهاجرين" يشمل تيسير الدخول غير النظامي إلى بلد لا يكون فيه المهاجر مواطنا أو مقيما، من أجل تحقيق مكاسب مالية أو مادية أخرى. ويغتنم المجرمون وراء هذه الأعمال التجارية المربحة للغاية الفرصة التي أوجدتها حاجة الناس أو رغبتهم في الإفلات ليس فقط من الفقر والافتقار إلى فرص العمل، بل أيضا الكوارث الطبيعية والصراعات والاضطهاد".
هذا التعريف يصحّ في أغلب ما جاء به على المهاجرين غير الشرعيين والذين منطلقهم الأوّلي ذاتي وهو البحث عن مقوّمات عيش أفضل من التي يعيشونها لكن ينتهي بهم المطاف إلى سلع تباع وتشترى وهم يظنون أنهم يمتلكون خيارهم بالهجرة لكن الواقع أنّ إرادتهم تسلب منذ لحظة التواصل مع ما يسمّى منظّمي رحلات الهجرة غير النظامية وهم في الواقع واجهة لشبكات دولية تتمعّش من الاتجار بهؤلاء.أحياء كانوا أم أمواتا إذ أكدت عديد التقارير الدولية أنّ الآلاف من المهاجرين الذين يقضون غرقا في البحر يتم الاتجار بأعضائهم بل أن بعض هؤلاء المجرمين يسعون إلى إغراق المراكب التي يسيّرونها لذات الهدف.
وعلى الرغم من التمييز الواضح بين الاتّجار والتهريب أو الهجرة غير المشروعة إلا انه يمكن أن تتحول حالة الهجرة غير المشروعة إلى حالة اتجار بالبشر إذ أن المهاجرين الذين يتم استغلالهم في أي مرحلة من العملية يمكن أن يصبحوا ضحايا اتجار بالبشر.
صفاقس نموذجا
بعيدا عن العمل الأمني والتقارير الأمنية التي ليست من اختصاصنا ولا نريد الخوض فيها، يلاحظ المواطن العادي منذ فترة تدفّقا غريبا لأفواج من المهاجرين تتسلل عبر الحدود البرية وعبر الموانئ. وفي مدن مثل القصرين وقفصة وصفاقس أصبح تواجد هؤلاء المهاجرين من جنوب الصحراء ملفتا للانتباه خاصة وأنهم يتحركون في مجموعات ويبيتون في الشوارع وعلى الطرقات مع ما يمكن أن يمثّله ذلك من خطر على سلامة التونسيين.
وتبدو الصورة أكثر وضوحا في مدينة صفاقس التي غصّت بالآلاف من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين وقد تحوّلوا إلى خطر حقيقي وقنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في كل لحظة. ووصول هؤلاء في وقت وجيز وبأعداد كبيرة أمر مريب ويؤكّد أنّ تجّار البشر في الخارج كثّفوا نشاطهم وركّزوا على الوجهة التونسية بمساعدة تونسيين من المتاجرين أيضا بالبشر لأسباب تتعلقّ بالحرب المنتظرة والتي ستشنها الدول الأوروبية على هؤلاء قريبا.
وقد تمّ في صفاقس مؤخرا تنظيم وقفة احتجاجية كبرى من تنظيم المجتمع المدني والذين أطلقوا حملة "رجّع صفاقس" في إشارة إلى الخطر الكبير الذي بدأ يمثله هؤلاء المهاجرون غير الشرعيون وتجّار البشر الذين أوصلوهم إلى تونس.
الحلول..
بحسب أرقام قدّمها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد بلغ عدد المفقودين والضحايا في سنة 2022 من المهاجرين غير الشرعيين 581ضحيّة ومفقودا. وهؤلاء كما أشرنا عادة ما يكونون غنائم مباشرة لعصابات الاتجار بالبشر وبيع الأعضاء.
كما تم في ذات الفترة منع 38372 شخصا تونسيا وأجنبيا من اجتياز الحدود انطلاقا من السواحل التونسية.
والجدير بالذكر أنّ هذه الأعداد ما هي سوى غيض من فيض كما يقال وأنّ الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير خاصة في السنة الحالية التي مرّ منها ستة أشهر فقط وتكاد تعادل حصيلة عام كامل. والتي ستشهد انفجارا غير مسبوق ما لم يقع إيقاف هذا النزيف وذلك عبر حلول لا تخرج عن التي سنذكر وهي:
مزيد إحكام إغلاق الحدود أمام هؤلاء المهاجرين وإعادتهم إلى آخر محطة كانوا فيها قبل تسللهم إلى تونس.
إجراء مسح وطني شامل بالتعاون مع الأجهزة الأمنية ومختلف السّلط لتحديد أعداد المقيمين غير الشرعيين في بلادنا والعمل على ترحيلهم إلى بلدانهم ما لم تتوفر فيهم شروط اللاجئ.
التنسيق مع الدول المجاورة وحثها على المساعدة في الحرب على الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.