عندما تقرأ، لم تعد تفكر في مشاكلك اليومية، يتم نقلك إلى مكان آخر، مما يقلل من حالة القلق لديك، عقلك أهدأ.
تختفي التوترات المتراكمة وأنت في مزاج أفضل.
تصنع بعض الأشياء ليتم فتحها وتصفحها.
نطلق عليها اسم الكتب، فلسان المرء كتاب على الأرض، لا يجب أن نهمل قراءته، فوراء كل كتاب فكرة، ووراء كل فكرة خطوة للأمام.
في الكتاب روح كل الأزمنة الماضية.
ما هو أجمل وأروع من الوقوف متأملا أمام شاطئ أو بحر، أن تمسك بين يديك كتابا يبحر بك في عوالم تراها وتعيشها ولا تعرفها.
كانت متعة لا توصف، وأنا أقرأ كتاب الصديق عادل التواتي الذي أهداني نسخة منه، صدر هذه الأيام، بعنوان:"تونس المحروسة: أسوارها وأبوابها من النشأة إلى الاندثار"، عن دار المسيرة.
بداية لمن لا يعرف عادل التواتي، فهو ابن المدينة العربي كما نقول، ولد وترعرع وعاش فيها، تحديدا بسوق الشواشين.
هو ليس أديبا أو كاتبا بل خبيرا محاسبا، لكن حبّه لمدينته مكّنه من الغوص في أعماق تاريخها وأهم المحطات التي عرفتها.
يقول في مؤلفه، إن أول من أطلق كنية "المحروسة" على مدينة تونس هو الشيخ أبو القاسم البرزلي الإمام الأكبر بجامع الزيتونة صاحب كتاب:"الحاوي للفتاوي والنوازل" المتوفي سنة 1437، كما ذكر أن أول سور لمدينة تونس على الإطلاق بناه الوالي يزيد بن حاتم المهلبي، وأول ذكر السور المحيط بالمدينة يعود إلى القرن العاشر الميلادي زمن الدولة الأغلبية كما ذكر الرحالة الأوروبي "أدورن"، وكتب إن:"مدينة تونس شديدة التحصين بها ستة أبواب وعدة أبراج تساند الأسوار".
يقول المؤرخ التونسي في القرن السابع عشر ابن أبي دينار إن لتونس في سورها الذي يحيط بها سبعة أبواب، وهي:
باب قرطاجنة (أغلبي).
باب السقائين (أغلبي) حرف إلى باب سويقة.
باب أرطة (أغلبي) أصبح باب منارة.
باب بحر (أغلبي).
باب الجزيرة (أغلبي).
باب بنات (حفصي)، يستمد تسميته من بنات الذي نازع أبو زكرياء الحكم لما استقلّ بتونس عن دولة الموحدين.
باب الجديد (حفصي)، سُمّي بالجديد لأنه آخر باب في السور الدخلاني.
يقول عادل التواتي أنه في العهد الحفصي تم بناء سور ثان يحيط بالمدينة والأرباض، يضم مجموعة من الأبواب، كان ذلك في بداية القرن الرابع عشر وهي:
باب أبي سعدون: تعود التسمية إلى ولي أحد صلحاء القرن الثالث عشر واسمه "أبو سعدون" ولا يزال قبره موجودا داخل مستودع الحافلات.
باب الخضراء: تعود التسمية إلى كلمة الخضراء لأنه كان يفتح على حقول الزيتون والخضر والبقول.
باب الفلة: في الأصل كان اسمه باب الفلاق وهو يكنى بمكان البركات كما وصفته عائشة المنوبية التي يوجد قبرها قبلة الباب.
باب عليوة: تعود التسمية إلى باب الحراس الذي يعلوه.
باب القرجاني: عود التسمية لأبو الحسن علي القرجاني أحد الأصحاب الأربعين لأبي الحسن الشاذلي.
باب سيدي قاسم الجليزي: كان اسمه باب خالد وتم تغييره بعد دفن الولي الجليزي حيث قبره وزاويته.
باب العلوج: يعود الاسم إلى الأم الايطالية للسلطان الحفصي أبو عمر عثمان وهي من الأعلاج.
باب سيدي عبد السلام: محاذي لزاوية الولي المذكور.
باب سيدي عبد الله الشريف: وهو أحد أبواب السور الخارجي لقلعة القصبة.
باب العسل: وهو الباب الجديد الذي أحدثته الحماية الفرنسية وحمل اسم الحي وهو درب ابن عسال.
باب الأقواس: باب حي المنطقة.
مع الإشارة إلى أن هنالك عشرات الأبواب الأخرى المحيطة بتونس المدينة، يطول ذكر أسمائها وقد عرضها المؤلف عادل التواتي بمنهجية علمية أكاديمية مع ذكر كلّ المراجع التاريخية حولها.
تبقى تونس دائما بلدا يغري غزاة وزوارا وحتى مهاجرين، استوطنت أرضها عشرات الحضارات.
الحضارة الفينيقية هي أولى الحضارات التي بدأت في تونس وتركت أثرا عظيما فيها أسست مدينة قرطاج والبيزنطية والرومانية، فالفاندال والعرب والفاطمية والعثمانية والعربية الخ…
دون كلمات أو كتابة أو كتب لم يكن ليوجد شيء اسمه تاريخ، ولم يكن ليوجد مبدأ الإنسانية.
الكتاب هو بلا شك رمز لثقافة، كما أنه يمثل الشكل الأرقى فيها بما يخلق فينا من أجواء من الجمال الرائع. نتعامل معه بلطف وبعناية حتى لا نتلفه، يفرض هالة و يؤسّس فينا روح عشق.
فالكتب مثل الأصدقاء، يجب أن يكونوا قليلين ومختارين بصورة جيدة.
"تونس المحروسة"، كتاب حدث بلا شك من اطلع عليه سيستبدل ساعات السأم بساعات من المتعة. فهو بمثابة فأس للبحر المتجمد فينا، ومفاتيح لأبواب نعيش وراءها ونجهل تاريخها!.
يرويها: أبوبكر الصغير
عندما تقرأ، لم تعد تفكر في مشاكلك اليومية، يتم نقلك إلى مكان آخر، مما يقلل من حالة القلق لديك، عقلك أهدأ.
تختفي التوترات المتراكمة وأنت في مزاج أفضل.
تصنع بعض الأشياء ليتم فتحها وتصفحها.
نطلق عليها اسم الكتب، فلسان المرء كتاب على الأرض، لا يجب أن نهمل قراءته، فوراء كل كتاب فكرة، ووراء كل فكرة خطوة للأمام.
في الكتاب روح كل الأزمنة الماضية.
ما هو أجمل وأروع من الوقوف متأملا أمام شاطئ أو بحر، أن تمسك بين يديك كتابا يبحر بك في عوالم تراها وتعيشها ولا تعرفها.
كانت متعة لا توصف، وأنا أقرأ كتاب الصديق عادل التواتي الذي أهداني نسخة منه، صدر هذه الأيام، بعنوان:"تونس المحروسة: أسوارها وأبوابها من النشأة إلى الاندثار"، عن دار المسيرة.
بداية لمن لا يعرف عادل التواتي، فهو ابن المدينة العربي كما نقول، ولد وترعرع وعاش فيها، تحديدا بسوق الشواشين.
هو ليس أديبا أو كاتبا بل خبيرا محاسبا، لكن حبّه لمدينته مكّنه من الغوص في أعماق تاريخها وأهم المحطات التي عرفتها.
يقول في مؤلفه، إن أول من أطلق كنية "المحروسة" على مدينة تونس هو الشيخ أبو القاسم البرزلي الإمام الأكبر بجامع الزيتونة صاحب كتاب:"الحاوي للفتاوي والنوازل" المتوفي سنة 1437، كما ذكر أن أول سور لمدينة تونس على الإطلاق بناه الوالي يزيد بن حاتم المهلبي، وأول ذكر السور المحيط بالمدينة يعود إلى القرن العاشر الميلادي زمن الدولة الأغلبية كما ذكر الرحالة الأوروبي "أدورن"، وكتب إن:"مدينة تونس شديدة التحصين بها ستة أبواب وعدة أبراج تساند الأسوار".
يقول المؤرخ التونسي في القرن السابع عشر ابن أبي دينار إن لتونس في سورها الذي يحيط بها سبعة أبواب، وهي:
باب قرطاجنة (أغلبي).
باب السقائين (أغلبي) حرف إلى باب سويقة.
باب أرطة (أغلبي) أصبح باب منارة.
باب بحر (أغلبي).
باب الجزيرة (أغلبي).
باب بنات (حفصي)، يستمد تسميته من بنات الذي نازع أبو زكرياء الحكم لما استقلّ بتونس عن دولة الموحدين.
باب الجديد (حفصي)، سُمّي بالجديد لأنه آخر باب في السور الدخلاني.
يقول عادل التواتي أنه في العهد الحفصي تم بناء سور ثان يحيط بالمدينة والأرباض، يضم مجموعة من الأبواب، كان ذلك في بداية القرن الرابع عشر وهي:
باب أبي سعدون: تعود التسمية إلى ولي أحد صلحاء القرن الثالث عشر واسمه "أبو سعدون" ولا يزال قبره موجودا داخل مستودع الحافلات.
باب الخضراء: تعود التسمية إلى كلمة الخضراء لأنه كان يفتح على حقول الزيتون والخضر والبقول.
باب الفلة: في الأصل كان اسمه باب الفلاق وهو يكنى بمكان البركات كما وصفته عائشة المنوبية التي يوجد قبرها قبلة الباب.
باب عليوة: تعود التسمية إلى باب الحراس الذي يعلوه.
باب القرجاني: عود التسمية لأبو الحسن علي القرجاني أحد الأصحاب الأربعين لأبي الحسن الشاذلي.
باب سيدي قاسم الجليزي: كان اسمه باب خالد وتم تغييره بعد دفن الولي الجليزي حيث قبره وزاويته.
باب العلوج: يعود الاسم إلى الأم الايطالية للسلطان الحفصي أبو عمر عثمان وهي من الأعلاج.
باب سيدي عبد السلام: محاذي لزاوية الولي المذكور.
باب سيدي عبد الله الشريف: وهو أحد أبواب السور الخارجي لقلعة القصبة.
باب العسل: وهو الباب الجديد الذي أحدثته الحماية الفرنسية وحمل اسم الحي وهو درب ابن عسال.
باب الأقواس: باب حي المنطقة.
مع الإشارة إلى أن هنالك عشرات الأبواب الأخرى المحيطة بتونس المدينة، يطول ذكر أسمائها وقد عرضها المؤلف عادل التواتي بمنهجية علمية أكاديمية مع ذكر كلّ المراجع التاريخية حولها.
تبقى تونس دائما بلدا يغري غزاة وزوارا وحتى مهاجرين، استوطنت أرضها عشرات الحضارات.
الحضارة الفينيقية هي أولى الحضارات التي بدأت في تونس وتركت أثرا عظيما فيها أسست مدينة قرطاج والبيزنطية والرومانية، فالفاندال والعرب والفاطمية والعثمانية والعربية الخ…
دون كلمات أو كتابة أو كتب لم يكن ليوجد شيء اسمه تاريخ، ولم يكن ليوجد مبدأ الإنسانية.
الكتاب هو بلا شك رمز لثقافة، كما أنه يمثل الشكل الأرقى فيها بما يخلق فينا من أجواء من الجمال الرائع. نتعامل معه بلطف وبعناية حتى لا نتلفه، يفرض هالة و يؤسّس فينا روح عشق.
فالكتب مثل الأصدقاء، يجب أن يكونوا قليلين ومختارين بصورة جيدة.
"تونس المحروسة"، كتاب حدث بلا شك من اطلع عليه سيستبدل ساعات السأم بساعات من المتعة. فهو بمثابة فأس للبحر المتجمد فينا، ومفاتيح لأبواب نعيش وراءها ونجهل تاريخها!.