إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلال ملتقى "تونس مركز ترابط طاقي بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا": التغييرات الجيوسياسية تفرض على تونس التحول إلى بلد مصدر للطاقة نحو أوروبا

 

* خبير في المجال الطاقي: تونس تهدر تريليونات الدولارات في استثمارات إنتاج طاقة الهيدروجين

* وزير الطاقة الأسبق خالد قدور: من الضروري مضاعفة إنتاجنا من المحروقات والطاقات المتجددة

تونس- الصباح

دعا عدد من وزراء الطاقة والصناعة السابقين، أمس، خلال ملتقى نظمه المجلس التونسي للعلاقات الدولية تحت عنوان "تونس مركز ترابط طاقي بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا"، بأحد الفنادق بالعاصمة، الى ضرورة أن تعمل تونس منذ اليوم على التحول الى قطب مصدر للطاقات المتجددة بمختلف أصنافها، واستغلال كل الفرص المتاحة للتحول الى قطب مصدر للطاقة الخضراء وعلى رأسها طاقة "الهيدروجين"، وذلك لما لها من عائدات ايجابية على الميزانية العامة للبلاد التونسية، وأيضا في استقطاب الاستثمارات الضخمة في مجال الطاقات المتجددة.

وشارك في هذا الملتقى ثلة من المختصين في شتى المجالات ومن بينهم السادة خميس الجهيناوي، وكمال بالناصر، وعفيف شلبي، ومصطفى الحداد، وصالح الحناشي، وخالد قدور، وعماد درويش، وعلي الكنزاري.

وفي تصريح لـ"الصباح"، قال وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس التونسي للعلاقات الدولية خميس الجهيناوي، إن هذه الجلسة هي جزء من سلسلة من الندوات التي عقدت منذ بداية العام، والمتعلقة بالتموقع الجغرافي الاستراتيجي لتونس، ثم الأمن الغذائي، في حين تتناول هذه الجلسة الثالثة، المخصصة للطاقة، قضية إستراتيجية للغاية يمكن أن تجعل تونس مركزًا رئيسيًا للطاقة في قلب البحر الأبيض المتوسط، قادرة على تلبية جزء كبير من الاحتياجات الأوروبية، وهي مسألة حقيقية من القضايا الحيوية"..

وتابع الجيهناوي بالقول "إن الرهانات مهمة لتونس لتضع نفسها في ممر الطاقة، وتستغل موقعها الجغرافي استراتيجيا لتصبح بلدا يصدر الطاقات المتجددة، ومن الضروري العمل على إستراتيجية ناجعة تضمن تمركز تونس دوليا كبلد مصدر للطاقة".

ضرورة الاستثمار في طاقة "الهيدروجين"

بدوره أفاد الخبير الطاقي وأحد أبرز الكفاءات التونسية، عماد درويش، في تصريح لـ"الصباح"، إلى أهمية استقطاب بلادنا لاستثمارات طاقة "الهيدروجين"، مبرزا أن بلادنا لا تستغل جيدا الفرص المتاحة لجلب الاستثمارات الضخمة في مجال الطاقات المتجددة، وخاصة طاقة الهيدروجين، حيث من المنتظر أن يستثمر العالم أكثر من 3 تريليون دولار الى غاية 2030 في هذا المجال من خلال تشييد المصانع المنتجة لهذه الطاقة، وهناك العديد من الدول، التي انتبهت الى أهمية عائدات هذه الطاقة على اقتصادها وانطلقت في عمليات الاستثمار.

وتابع عماد درويش، بالقول إنه من الضروري اليوم العمل على منح الرخص في مجال الاستثمار في طاقة الهيدروجين، ومراجعة مختلف التشريعات التي تعيق عمليات الاستثمار في هذا المجال، علما وأن تونس لا تنتج سوى 3% من الطاقات المتجددة ولم تراوح بعد مكانها، ومن الضروري أن ترتفع هذه النسبة الى أكثر من 30% بحلول عام 2030، أو أكثر من ذلك بكثير، مشددا على انه في حال نجحت تونس في تصدير مليون طن ، فإن العائدات ستكون جيدة على ميزانية البلاد.

من جهته، أفاد وزير الطاقة الأسبق خالد قدور، في تصريح لـ"الصباح"، الى ضرورة استغلال كل الفرص لتطوير ومد خطوط الكهرباء والغاز مع أوروبا وعدة أماكن أخرى، لافتا الى أن العديد من دول البحر الأبيض المتوسط، انتبهت الى أهمية الاستثمارات في الطاقات المتجددة وعلى رأسها مصر التي شيدت خطوط أنابيب مع اليونان ولبنان والسعودية والإمارات، وهناك خطوط بطاقة 10 جيغاواط، وكذلك نفس الأمر مع الجزائر والمغرب وهما أيضا بصدد توقيع اتفاقيات مع أوروبا في مختلف الطاقات المتجددة، وهناك اتفاقيات حتى مع أنقلترا.

مضاعفة الإنتاج من المحروقات

وأضاف خالد قدور بالقول: "إنه من الضروري اليوم العمل على إعادة التمركز في مجال الطاقة، والعمل على إرساء تصور كامل جديد، ورؤية جديدة لتطوير تونس على كل المستويات، ومن ثم مضاعفة إنتاجنا من المحروقات والذي تراجع الى النصف خلال العشرية والأخيرة والى غاية اليوم، بالإضافة الى أن إنتاجنا من الطاقات المتجددة لم يراوح نسبة 3%".

ولمح المتدخلون الى أهمية التغيرات الجيوسياسية والجيواقتصادية الكامنة والمستمرة في مجال الطاقة والتغيرات البيئية والتكنولوجية والتي تنتج محورًا استراتيجيًا دائمًا من أوروبا نحو إفريقيا. وينعكس هذا التمحور في ظهور ثلاثة ممرات عامة متعددة القطاعات ومتعددة الوسائط بين إفريقيا وأوروبا. أول ممر غربي يمتد على طول المحيط الأطلسي ويربط إفريقيا الأطلسية بأوروبا الأطلسية. وممر مركزي ثانٍ بين جنوب ووسط ومتوسط إفريقيا، والمغرب العربي، وأوروبا الغربية، واللاتينية، والوسطى، والشمالية، والدول الاسكندينافية، والممر الشرقي الثالث مصر وشرق إفريقيا، من البحر الأحمر والنيل الأبيض إلى ميدور وأوروبا الشرقية، ويمثل كل ممر مساحة للاستثمار والأنشطة التجارية والاقتصادية والصناعية ذات القيمة المضافة والنقل متعدد الوسائط والاتصالات وتبادل الطاقة.

ربط تونس بأوروبا وإفريقيا

وأعادت الحرب في أوكرانيا بشكل مفاجئ هيكلة نموذج الطاقة العالمي وخلقت تحديًا كبيرًا لأمن الطاقة لأوروبا. وبالتالي فهو يسرع من تركيز أوروبا نحو الجنوب ويسرع ولادة ممر للطاقة بين وسط إفريقيا وأوروبا.

وتنذر الزيارة الأخيرة إلى تونس التي قامت بها رئيسة الوزراء الإيطالية ورئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس الاتحاد الأوروبي والزيارات العديدة رفيعة المستوى التي قام بها مسؤولون أوروبيون لتونس والجزائر وشمال إفريقيا بأهمية شمال إفريقيا في الأجندة الطاقية للأوروبيين، ويؤكد ذلك الإعلان عن الاتفاقية الرسمية للبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وإيطاليا وتونس لتمويل خط الكهرباء التونسي الإيطالي "إلماد"، وينطبق الأمر نفسه على المؤتمر الصحفي في ديسمبر 2022 ، والذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإيطالي ورئيس TERNA ، شركة STEG الإيطالية ، بحضور رئيس المفوضية الأوروبية ، أن Elmed يفتح أمام إيطاليا إمكانية أن تكون "ممر الطاقة لأوروبا والبحر المتوسط"، ولعل توقيع وزراء الطاقة في إيطاليا والنمسا وألمانيا على تشييد خط أنابيب غاز الهيدروجين الأخضر لأفريقيا وأوروبا، الممر الجنوبي H₂ ، الذي يمر عبر تونس، يؤكد اهتمام أوروبا بإفريقيا، ويمثل فرصة كبيرة لتونس لتحديث إستراتيجيتها في مجال الطاقة، كما يمثل فرصة لاستقطاب المشاريع الضخمة في بلادنا والتي تدر قيمة مضافة عالية.

وشدد المتدخلون، انه لم يعد بإمكان إستراتيجية الطاقة في تونس أن تكون إستراتيجية لأمن الطاقة فقط، بل يمكن أن تطمح الإستراتيجية اليوم أيضًا إلى أن تكون إستراتيجية لإنتاج الطاقة المتجددة، والكهرباء الخضراء، والهيدروجين، وتحويل تونس كمنطقة عبور وممر للطاقة بين إفريقيا وأوروبا.

 سفيان المهداوي

خلال ملتقى "تونس مركز ترابط طاقي بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا":  التغييرات الجيوسياسية تفرض على تونس التحول إلى بلد مصدر للطاقة نحو أوروبا

 

* خبير في المجال الطاقي: تونس تهدر تريليونات الدولارات في استثمارات إنتاج طاقة الهيدروجين

* وزير الطاقة الأسبق خالد قدور: من الضروري مضاعفة إنتاجنا من المحروقات والطاقات المتجددة

تونس- الصباح

دعا عدد من وزراء الطاقة والصناعة السابقين، أمس، خلال ملتقى نظمه المجلس التونسي للعلاقات الدولية تحت عنوان "تونس مركز ترابط طاقي بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا"، بأحد الفنادق بالعاصمة، الى ضرورة أن تعمل تونس منذ اليوم على التحول الى قطب مصدر للطاقات المتجددة بمختلف أصنافها، واستغلال كل الفرص المتاحة للتحول الى قطب مصدر للطاقة الخضراء وعلى رأسها طاقة "الهيدروجين"، وذلك لما لها من عائدات ايجابية على الميزانية العامة للبلاد التونسية، وأيضا في استقطاب الاستثمارات الضخمة في مجال الطاقات المتجددة.

وشارك في هذا الملتقى ثلة من المختصين في شتى المجالات ومن بينهم السادة خميس الجهيناوي، وكمال بالناصر، وعفيف شلبي، ومصطفى الحداد، وصالح الحناشي، وخالد قدور، وعماد درويش، وعلي الكنزاري.

وفي تصريح لـ"الصباح"، قال وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس التونسي للعلاقات الدولية خميس الجهيناوي، إن هذه الجلسة هي جزء من سلسلة من الندوات التي عقدت منذ بداية العام، والمتعلقة بالتموقع الجغرافي الاستراتيجي لتونس، ثم الأمن الغذائي، في حين تتناول هذه الجلسة الثالثة، المخصصة للطاقة، قضية إستراتيجية للغاية يمكن أن تجعل تونس مركزًا رئيسيًا للطاقة في قلب البحر الأبيض المتوسط، قادرة على تلبية جزء كبير من الاحتياجات الأوروبية، وهي مسألة حقيقية من القضايا الحيوية"..

وتابع الجيهناوي بالقول "إن الرهانات مهمة لتونس لتضع نفسها في ممر الطاقة، وتستغل موقعها الجغرافي استراتيجيا لتصبح بلدا يصدر الطاقات المتجددة، ومن الضروري العمل على إستراتيجية ناجعة تضمن تمركز تونس دوليا كبلد مصدر للطاقة".

ضرورة الاستثمار في طاقة "الهيدروجين"

بدوره أفاد الخبير الطاقي وأحد أبرز الكفاءات التونسية، عماد درويش، في تصريح لـ"الصباح"، إلى أهمية استقطاب بلادنا لاستثمارات طاقة "الهيدروجين"، مبرزا أن بلادنا لا تستغل جيدا الفرص المتاحة لجلب الاستثمارات الضخمة في مجال الطاقات المتجددة، وخاصة طاقة الهيدروجين، حيث من المنتظر أن يستثمر العالم أكثر من 3 تريليون دولار الى غاية 2030 في هذا المجال من خلال تشييد المصانع المنتجة لهذه الطاقة، وهناك العديد من الدول، التي انتبهت الى أهمية عائدات هذه الطاقة على اقتصادها وانطلقت في عمليات الاستثمار.

وتابع عماد درويش، بالقول إنه من الضروري اليوم العمل على منح الرخص في مجال الاستثمار في طاقة الهيدروجين، ومراجعة مختلف التشريعات التي تعيق عمليات الاستثمار في هذا المجال، علما وأن تونس لا تنتج سوى 3% من الطاقات المتجددة ولم تراوح بعد مكانها، ومن الضروري أن ترتفع هذه النسبة الى أكثر من 30% بحلول عام 2030، أو أكثر من ذلك بكثير، مشددا على انه في حال نجحت تونس في تصدير مليون طن ، فإن العائدات ستكون جيدة على ميزانية البلاد.

من جهته، أفاد وزير الطاقة الأسبق خالد قدور، في تصريح لـ"الصباح"، الى ضرورة استغلال كل الفرص لتطوير ومد خطوط الكهرباء والغاز مع أوروبا وعدة أماكن أخرى، لافتا الى أن العديد من دول البحر الأبيض المتوسط، انتبهت الى أهمية الاستثمارات في الطاقات المتجددة وعلى رأسها مصر التي شيدت خطوط أنابيب مع اليونان ولبنان والسعودية والإمارات، وهناك خطوط بطاقة 10 جيغاواط، وكذلك نفس الأمر مع الجزائر والمغرب وهما أيضا بصدد توقيع اتفاقيات مع أوروبا في مختلف الطاقات المتجددة، وهناك اتفاقيات حتى مع أنقلترا.

مضاعفة الإنتاج من المحروقات

وأضاف خالد قدور بالقول: "إنه من الضروري اليوم العمل على إعادة التمركز في مجال الطاقة، والعمل على إرساء تصور كامل جديد، ورؤية جديدة لتطوير تونس على كل المستويات، ومن ثم مضاعفة إنتاجنا من المحروقات والذي تراجع الى النصف خلال العشرية والأخيرة والى غاية اليوم، بالإضافة الى أن إنتاجنا من الطاقات المتجددة لم يراوح نسبة 3%".

ولمح المتدخلون الى أهمية التغيرات الجيوسياسية والجيواقتصادية الكامنة والمستمرة في مجال الطاقة والتغيرات البيئية والتكنولوجية والتي تنتج محورًا استراتيجيًا دائمًا من أوروبا نحو إفريقيا. وينعكس هذا التمحور في ظهور ثلاثة ممرات عامة متعددة القطاعات ومتعددة الوسائط بين إفريقيا وأوروبا. أول ممر غربي يمتد على طول المحيط الأطلسي ويربط إفريقيا الأطلسية بأوروبا الأطلسية. وممر مركزي ثانٍ بين جنوب ووسط ومتوسط إفريقيا، والمغرب العربي، وأوروبا الغربية، واللاتينية، والوسطى، والشمالية، والدول الاسكندينافية، والممر الشرقي الثالث مصر وشرق إفريقيا، من البحر الأحمر والنيل الأبيض إلى ميدور وأوروبا الشرقية، ويمثل كل ممر مساحة للاستثمار والأنشطة التجارية والاقتصادية والصناعية ذات القيمة المضافة والنقل متعدد الوسائط والاتصالات وتبادل الطاقة.

ربط تونس بأوروبا وإفريقيا

وأعادت الحرب في أوكرانيا بشكل مفاجئ هيكلة نموذج الطاقة العالمي وخلقت تحديًا كبيرًا لأمن الطاقة لأوروبا. وبالتالي فهو يسرع من تركيز أوروبا نحو الجنوب ويسرع ولادة ممر للطاقة بين وسط إفريقيا وأوروبا.

وتنذر الزيارة الأخيرة إلى تونس التي قامت بها رئيسة الوزراء الإيطالية ورئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس الاتحاد الأوروبي والزيارات العديدة رفيعة المستوى التي قام بها مسؤولون أوروبيون لتونس والجزائر وشمال إفريقيا بأهمية شمال إفريقيا في الأجندة الطاقية للأوروبيين، ويؤكد ذلك الإعلان عن الاتفاقية الرسمية للبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وإيطاليا وتونس لتمويل خط الكهرباء التونسي الإيطالي "إلماد"، وينطبق الأمر نفسه على المؤتمر الصحفي في ديسمبر 2022 ، والذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإيطالي ورئيس TERNA ، شركة STEG الإيطالية ، بحضور رئيس المفوضية الأوروبية ، أن Elmed يفتح أمام إيطاليا إمكانية أن تكون "ممر الطاقة لأوروبا والبحر المتوسط"، ولعل توقيع وزراء الطاقة في إيطاليا والنمسا وألمانيا على تشييد خط أنابيب غاز الهيدروجين الأخضر لأفريقيا وأوروبا، الممر الجنوبي H₂ ، الذي يمر عبر تونس، يؤكد اهتمام أوروبا بإفريقيا، ويمثل فرصة كبيرة لتونس لتحديث إستراتيجيتها في مجال الطاقة، كما يمثل فرصة لاستقطاب المشاريع الضخمة في بلادنا والتي تدر قيمة مضافة عالية.

وشدد المتدخلون، انه لم يعد بإمكان إستراتيجية الطاقة في تونس أن تكون إستراتيجية لأمن الطاقة فقط، بل يمكن أن تطمح الإستراتيجية اليوم أيضًا إلى أن تكون إستراتيجية لإنتاج الطاقة المتجددة، والكهرباء الخضراء، والهيدروجين، وتحويل تونس كمنطقة عبور وممر للطاقة بين إفريقيا وأوروبا.

 سفيان المهداوي