إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إلغاء تأشيرة الدخول.. مرحبا بالأشقاء الإندونيسيين في تونس

 

 

بقلم:هشام الحاجي

*كل الأطر التي تمنح العلاقات بين تونس وجاكرتا بعدا واقعيا وتمكنها من شروط الديمومة والتطور

إجراء إيجابي أقدمت عليه الحكومة التونسية وهو إلغاء تأشيرة الدخول إلى تونس التي كانت مفروضة على مواطني جمهورية اندونسيا الشقيقة وذلك اعتبارا من غرة جويلية 2023. خطوة لا يمكن إلا تثمينها والتطلع إليها كمنطلق لإجراءات أخرى في تنظيم عمليات دخول مواطني الدول الشقيقة والصديقة إلى تونس من خلال أخذ بعض المعطيات والمستجدات بعين الاعتبار. من الضروري تكريس قاعدة المعاملة بالمثل في هذا المجال أو على الأقل جعلها هدفا يتعين بلوغه في أقرب وقت خاصة وأن الالتزام بهذا المبدأ من جعله أن يوجه رسائل إيجابية في حماية كرامة التونسيين والتونسيات وهذا ما يتطلع إليه الشعب التونسي الذي تمتهن كرامة أبنائه وبناته بفعل الإجراءات المجحفة التي تفرضها عليه الدول الأوروبية في ما يتعلق بتأشيرة الدخول إلى أراضيها. هناك هواجس ومخاوف وربما خضوع لتوصيات جعلت الأنظمة التي سبقت 14 جانفي 2011 تفرض تأشيرات دخول على مواطني عدد من الدول العربية والإسلامية وتقيّد عملية دخولهم إلى تونس بشكل كبير .ومن الضروري التخلي عن هذه المقاربة التي تمثل عملية عزل معنوي لتونس عن محيطها وعمقها العربيين والإسلاميين وتحرمها من فرص تبادل إنساني واقتصادي تعود عليها بالفائدة خاصة في ظل حاجتها للانفتاح ولما يتحقق في عدد من الدول العربية والإسلامية من تقدم لافت في الأصعدة كافة وهو ما يمكن الاستفادة منه. والحديث عن التطور والتقدم يحيلنا إلى التجربة الإندونيسية خاصة ونحن نحتفي بإلغاء تأشيرة دخول مواطنيها إلى التراب التونسي .تحولت اندونيسيا إلى نموذج نجاح اقتصادي وإلى لاعب مهم في رقعة العلاقات الدولية. هذا متفق عليه ولكن النظر للتجربة الإندونيسية الناجحة من كوّة الاقتصاد فقط قد يجعلنا نتجاهل أو نظلم جوانب أخرى لها أهميتها القصوى إذا ما أردنا أن نكون أكثر عمقا.

هناك مستويان للنظر حتى تكون الرؤية أشمل وهما مكانة تونس في وجدان الشعب الإندونيسي الشقيق وأيضا ما تقدمه القيم والثقافة التي يستند إليها هذا الشعب من قيم يمكن أن نتفاعل معها.في المستوى الأول يمكن الاكتفاء بالإشارة إلى الدور الذي لعبته اندونيسيا في دعم الحركة الوطنية التونسية في المنعرج الحاسم على طريق دحر الاستعمار الفرنسي من خلال استقبال الحبيب بورقيبة وعدد من رفاقه وتمكين المناضلين التونسيين من فتح مكتب لتونس في جاكرتا. بعد المسافة لم يحل دون انخراط إندونيسي فاعل في دعم الكفاح التونسي. ويبدو أن الروابط الوجدانية الخفية التي تتحدى المسافات هي التي جعلت جسور الصداقة والمحبة والمودة بين الشعبين تتجلى في ما يجده التونسيون من ترحاب صادق وتلقائي حين يتحولون إلى اندونسيا وجعلت الأشقاء الإندونيسيين الذين يختارون تونس للدراسة لا يجدون إلا الترحاب والتبجيل. ومن المفيد الإشارة هنا إلى والدة أكبر رسام تونسي وهو حاتم المكي هي إندونيسية وإلى وجود عدد من الزيجات والمصاهرة بين الشعبين وهي تجارب ناجحة. وأمّا المستوى الثاني فيتمثل في ما تقوم عليه التجربة الإندونيسية من ثراء ثقافي وقيمي. الشعب الإندونيسي يعيش تنوعا دينيا ولغويا واقواميا كبيرا دون مشاكل وبسماحة لافتة استنادا إلى قيم الاحترام الكبير للإنسان إلى جانب تثمين قيم العلم والعمل والنظافة. هذا ما نحتاج إلى أن نتفاعل معه وأن تستلهم منه.

ولاشك أنه من الصعب التوقف عند إلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الإندونيسيين إلى تونس دون الإشارة بشكل عابر إلى أن اندونيسيا لا تفرض على المواطنين التونسيين تأشيرة دخول إلى أراضيها ودون التوقف عند الدور الذي لعبه السفير الإندونيسي زهيري ميصراوي. وهنا من الضروري الإشارة إلى أن السفير زهيري ميصراوي تحركه منذ اعتماده في تونس رغبة في الارتقاء بشكل ملموس في العلاقة بين البلدين وأن الأمر لديه ليس مجرد رغبة بل هو عملية واعية تستند إلى قراءة عميقة لتجربة الزعيمين أحمد سوكارنو والحبيب بورقيبة وإلى سماحة القيم الإندونيسية وإلى إلمام بأهم ما يميز الثقافة التونسية وتاريخ تونس وهو ما جعله ينجح في تحقيق معادلة صعبة وهي الدفاع عن مصالح بلاده وتبني المصالح الحقيقية لتونس ولشعبها مع ما يعنيه ذلك من احترام كبير لدولة الاعتماد والنأي عن مجرد التفكير في التدخل في شؤونها الداخلية وهو ما يمثل حافزا لمزيد التفاعل معه من الجانب التونسي.ولا شك أن اختيار الحكومة الإندونيسية لزهيري ميصراوي ليكون سفيرا لاندونسيا في تونس لم يكن عفويا بل خضع لمقاييس ترتبط بأهداف السياسة الخارجية لاندونسيا وهو ما يمثل في حد ذاته درسا في اعتماد معيار الكفاءة والبحث عن المردودية دون سواهما في إسناد المهام السياسية والدبلوماسية.

ولا يمكن لأي إجراء أن يكون مثمرا إذا لم يندرج ضمن الإعداد لما يليه من مهام. ومن هذه الزاوية فإن إلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الإندونيسيين إلى تونس هو حجر الزاوية في تجاوز مرحلة الجهد الفردي إلى مرحلة مأسسة العلاقات بين تونس واندونسيا شعبيا واقتصاديا. هناك عملية تشبيك لا بد أن تقع في جميع المجالات وأن تشمل كل الجهات. قادرون على أن ننقل للشعب التونسي قصص نجاح وتجارب رائدة ومستعدون لأن نتلقى منه قصص نجاح وتجارب رائدة حتى نعطي بعدا أشمل للعلاقات بين تونس وإندونيسيا وذلك ضمن مسارات تشمل الثقافة والرياضة والاقتصاد والتعليم والجمعيات وكل الأطر التي تمنح العلاقات بين تونس وجاكرتا بعدا واقعيا وتمكنها من شروط الديمومة والتطور.

 

 

 

 

 

 بعد إلغاء تأشيرة الدخول.. مرحبا بالأشقاء الإندونيسيين في تونس

 

 

بقلم:هشام الحاجي

*كل الأطر التي تمنح العلاقات بين تونس وجاكرتا بعدا واقعيا وتمكنها من شروط الديمومة والتطور

إجراء إيجابي أقدمت عليه الحكومة التونسية وهو إلغاء تأشيرة الدخول إلى تونس التي كانت مفروضة على مواطني جمهورية اندونسيا الشقيقة وذلك اعتبارا من غرة جويلية 2023. خطوة لا يمكن إلا تثمينها والتطلع إليها كمنطلق لإجراءات أخرى في تنظيم عمليات دخول مواطني الدول الشقيقة والصديقة إلى تونس من خلال أخذ بعض المعطيات والمستجدات بعين الاعتبار. من الضروري تكريس قاعدة المعاملة بالمثل في هذا المجال أو على الأقل جعلها هدفا يتعين بلوغه في أقرب وقت خاصة وأن الالتزام بهذا المبدأ من جعله أن يوجه رسائل إيجابية في حماية كرامة التونسيين والتونسيات وهذا ما يتطلع إليه الشعب التونسي الذي تمتهن كرامة أبنائه وبناته بفعل الإجراءات المجحفة التي تفرضها عليه الدول الأوروبية في ما يتعلق بتأشيرة الدخول إلى أراضيها. هناك هواجس ومخاوف وربما خضوع لتوصيات جعلت الأنظمة التي سبقت 14 جانفي 2011 تفرض تأشيرات دخول على مواطني عدد من الدول العربية والإسلامية وتقيّد عملية دخولهم إلى تونس بشكل كبير .ومن الضروري التخلي عن هذه المقاربة التي تمثل عملية عزل معنوي لتونس عن محيطها وعمقها العربيين والإسلاميين وتحرمها من فرص تبادل إنساني واقتصادي تعود عليها بالفائدة خاصة في ظل حاجتها للانفتاح ولما يتحقق في عدد من الدول العربية والإسلامية من تقدم لافت في الأصعدة كافة وهو ما يمكن الاستفادة منه. والحديث عن التطور والتقدم يحيلنا إلى التجربة الإندونيسية خاصة ونحن نحتفي بإلغاء تأشيرة دخول مواطنيها إلى التراب التونسي .تحولت اندونيسيا إلى نموذج نجاح اقتصادي وإلى لاعب مهم في رقعة العلاقات الدولية. هذا متفق عليه ولكن النظر للتجربة الإندونيسية الناجحة من كوّة الاقتصاد فقط قد يجعلنا نتجاهل أو نظلم جوانب أخرى لها أهميتها القصوى إذا ما أردنا أن نكون أكثر عمقا.

هناك مستويان للنظر حتى تكون الرؤية أشمل وهما مكانة تونس في وجدان الشعب الإندونيسي الشقيق وأيضا ما تقدمه القيم والثقافة التي يستند إليها هذا الشعب من قيم يمكن أن نتفاعل معها.في المستوى الأول يمكن الاكتفاء بالإشارة إلى الدور الذي لعبته اندونيسيا في دعم الحركة الوطنية التونسية في المنعرج الحاسم على طريق دحر الاستعمار الفرنسي من خلال استقبال الحبيب بورقيبة وعدد من رفاقه وتمكين المناضلين التونسيين من فتح مكتب لتونس في جاكرتا. بعد المسافة لم يحل دون انخراط إندونيسي فاعل في دعم الكفاح التونسي. ويبدو أن الروابط الوجدانية الخفية التي تتحدى المسافات هي التي جعلت جسور الصداقة والمحبة والمودة بين الشعبين تتجلى في ما يجده التونسيون من ترحاب صادق وتلقائي حين يتحولون إلى اندونسيا وجعلت الأشقاء الإندونيسيين الذين يختارون تونس للدراسة لا يجدون إلا الترحاب والتبجيل. ومن المفيد الإشارة هنا إلى والدة أكبر رسام تونسي وهو حاتم المكي هي إندونيسية وإلى وجود عدد من الزيجات والمصاهرة بين الشعبين وهي تجارب ناجحة. وأمّا المستوى الثاني فيتمثل في ما تقوم عليه التجربة الإندونيسية من ثراء ثقافي وقيمي. الشعب الإندونيسي يعيش تنوعا دينيا ولغويا واقواميا كبيرا دون مشاكل وبسماحة لافتة استنادا إلى قيم الاحترام الكبير للإنسان إلى جانب تثمين قيم العلم والعمل والنظافة. هذا ما نحتاج إلى أن نتفاعل معه وأن تستلهم منه.

ولاشك أنه من الصعب التوقف عند إلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الإندونيسيين إلى تونس دون الإشارة بشكل عابر إلى أن اندونيسيا لا تفرض على المواطنين التونسيين تأشيرة دخول إلى أراضيها ودون التوقف عند الدور الذي لعبه السفير الإندونيسي زهيري ميصراوي. وهنا من الضروري الإشارة إلى أن السفير زهيري ميصراوي تحركه منذ اعتماده في تونس رغبة في الارتقاء بشكل ملموس في العلاقة بين البلدين وأن الأمر لديه ليس مجرد رغبة بل هو عملية واعية تستند إلى قراءة عميقة لتجربة الزعيمين أحمد سوكارنو والحبيب بورقيبة وإلى سماحة القيم الإندونيسية وإلى إلمام بأهم ما يميز الثقافة التونسية وتاريخ تونس وهو ما جعله ينجح في تحقيق معادلة صعبة وهي الدفاع عن مصالح بلاده وتبني المصالح الحقيقية لتونس ولشعبها مع ما يعنيه ذلك من احترام كبير لدولة الاعتماد والنأي عن مجرد التفكير في التدخل في شؤونها الداخلية وهو ما يمثل حافزا لمزيد التفاعل معه من الجانب التونسي.ولا شك أن اختيار الحكومة الإندونيسية لزهيري ميصراوي ليكون سفيرا لاندونسيا في تونس لم يكن عفويا بل خضع لمقاييس ترتبط بأهداف السياسة الخارجية لاندونسيا وهو ما يمثل في حد ذاته درسا في اعتماد معيار الكفاءة والبحث عن المردودية دون سواهما في إسناد المهام السياسية والدبلوماسية.

ولا يمكن لأي إجراء أن يكون مثمرا إذا لم يندرج ضمن الإعداد لما يليه من مهام. ومن هذه الزاوية فإن إلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الإندونيسيين إلى تونس هو حجر الزاوية في تجاوز مرحلة الجهد الفردي إلى مرحلة مأسسة العلاقات بين تونس واندونسيا شعبيا واقتصاديا. هناك عملية تشبيك لا بد أن تقع في جميع المجالات وأن تشمل كل الجهات. قادرون على أن ننقل للشعب التونسي قصص نجاح وتجارب رائدة ومستعدون لأن نتلقى منه قصص نجاح وتجارب رائدة حتى نعطي بعدا أشمل للعلاقات بين تونس وإندونيسيا وذلك ضمن مسارات تشمل الثقافة والرياضة والاقتصاد والتعليم والجمعيات وكل الأطر التي تمنح العلاقات بين تونس وجاكرتا بعدا واقعيا وتمكنها من شروط الديمومة والتطور.