*المطلوب اليوم هو الاعتراف بأن اغتيال صالح بن يوسف كان جريمة دولة ارتكبتها أجهزة تابعة للدولة التونسية وبأمر وتعليمات من رأس الدولة وقتها
بقلم: نوفل سلامة
إذا كان ثمة من حسنة للثورة التونسية رغم كل ما يقال عن مسارها الذي انحرف عن طريقه في علاقة بتخلف المنجز الاقتصادي وتعثر تحقق المطالب الاجتماعية وكل الاستحقاقات التي قامت عليها، فإنه يحسب لها أنها فتحت ملفات الانتهاكات التي حصلت في فترة الاستبداد التي عرفته البلاد طوال حقب تاريخية عديدة وما تعرض له الكثير من أبناء الشعب التونسي من محاكمات رأي وعمليات تصفية جسدية طالت الكثير من المناضلين وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان بداية من مرحلة الاستقلال المبكر إلى سنوات الثورة ومن هذه الملفات التي بقيت إلى اليوم دون حل رغم ما عرفه مسارها القضائي من تقدم ملف المناضل صالح بن يوسف.
ما يحسب للعدالة الانتقالية أنها أرست بعد الثورة دائرة قضائية صلب المحكمة الابتدائية بتونس تخصصت في مسألة العدالة الانتقالية وتصفية تركة الانتهاكات التي ارتكبت بداية من سنة 1952 إلى سنة 2015 وأنها تجرأت وفتحت هذا الملف السياسي الملغم والمحرج لدولة الاستقلال وخاصة هو محرج لباني الدولة الحديثة الرئيس الحبيب بورقيبة وتصدرت لتصفية تركة ثقيلة من الانتهاكات التي حصلت والتي ذهب ضحيتها الكثير من أبناء الشعب وخاصة من المنتمين الى التيار اليوسفي الذين تم التنكيل بعم وإقصاؤهم من المجتمع حتى وصل الأمر إلى حد منعهم من الوظيف وتعريضهم إلى التصفية الجسدية وهو الأمر الذي حصل مع الزعيم صالح بن يوسف الذي تم اغتياله يوم 12 أت 1961 بنزل الروايال بمدية فرنكفورت الألمانية على يدي مجموعة تنتمي إلى البوليس السياسي التونسي وبموافقة من الرئيس الحبيب بورقيبة الذي لم ينف وقوع عملية الاغتيال ولا أننكر أنه هو من أعطى التعليمات للتخلص من غريمه السياسي وذلك خلال محاضرة كان قد القاها أمام طلبة معهد الصحافة وعلوم والإخبار.
وهذه العودة للحديث عن عملية اغتيال الزعيم الوطني صالح بن يوسف يعد مضي 61 سنة من وقوعها قد فرضتها المستجدات الأخيرة للمسار القضائي القصية التي بدأت يوم 16 ماي 2019 للنظر في مطالب الانتهاكات التي طالت اليوسفيين في الزمن البورقيبي حيث بعد مرور أربع سنوات من التقاضي حصلت خلالها تطورات كثيرة في مسار المحاسبة القضائية قررت الدائرة الجنائية المتخصصة في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في جلستها ليوم الجمعة 17 جوان 2023 تأجيل البت في القضية إلى جلسة يوم 2 نوفمبر 2023 وذلك لاستكمال الوثائق التي كانت قد طلبت بها المحكمة لضمها إلى الملف وهي وثائق تخص أرشيف صالح بن يوسف بوزارة الداخلية قبل وبعد الاستقلال والأرشيف الرئاسي وأرشيف التلفزة الوطنية التي بثت خطابات لرئيس بورقيبة في تلك الفترة يعترف في جانب منها بعملية الاغتيال والمطالبة بإحضار بعض النقابيين والسياسيين لسماع شهاداتهم حول تلك الفترة وتبقى أهم وثيقة ينتظر أن تتحصل عليها المحكمة ويتوقع أن يكون لها المنعرج الكبير في مسار هذه القضية الحصول على أرشيف البوليس السياسي الألماني الذي يتهمه نجل المرحوم صالح بن يوسف بضلوعه في عملية الاغتيال ومشاركته في ترتيب وقوعها وبأنه كان على علم بالعملية وقام بتسهيل دخول وخروج القتلة من وإلى الأراضي الألمانية وتأمين عودتهم إلى تونس بما يجعل من المخابرات الألمانية متورطة في وقوع هذه الجريمة.
المستجد اليوم أن المتهمين الستة الذين وجهت اليهم تهمة ارتكاب جريمة القتل العمد قد تصدر المحكمة في شأنهم حكما بحفظ القضية وبالتالي تنتفي المسؤولية القانونية بحقهم ويتم إغلاق الملف في جزئه المتعلق بالمسؤولية القانونية باعتبار أن كل المتهمين قد فارقوا الحياة وهم الرئيس الحبيب بورقيبة وحسن بن عبد العزيز الورداني والبشير زرق العيون وعبد الله بن مبروك الورداني ومحمد بن خليفة محرز وحميدة بن تربوت الذي كان آخر من فارق الحياة منذ أشهر قليلة مما يجعل من الاستحالة بمكان تتبع الموتى وهو المبدأ الذي قام عليه القانون الجنائي القائل " لا محاكمة لميت "
المستجد الآخر أن عائلة الضحية ونجله السيد لطفي بن يوسف وبعد أن أخذت القضية مسارا جديدا نحو حفظ التهمة بحق المتهمين فيما يتعلق بالمسؤولية القانونية فإنهم يطالبون بمواصلة القضية في جزئها السياسي واثبات تورط المتهمين المتوفين وتحميل الدولة التونسية في حق الرئيس الحبيب بورقيبة المسؤولية الكاملة في إعطائه الأوامر وموافقته وإشرافه على عملية التصفية والاغتيال وأن ما حصل يعد من قبيل الاغتيالات السياسية التي عادة ما تتحمل فيها الدولة المسؤولية عن أفعال من حكموها في أي مرحلة من تاريخها بما يجعل من الدولة التونسية اليوم مسؤولة مسؤولية سياسية عن عملية الاغتيال التي حصلت للزعيم صالح بن يوسف يوم 12 أوت من سنة 1961 بنزل الروايال بمدينة فرنكفورت بألمانيا بواسطة مسدس كاتم للصوت من عيار 7.65 ملمتر من مسافة قريبة على مستوى الجمجمة ومن الخلف وكان المنفذان هما عبد الله بن مبروك الورداني ومحمد بن خليفة محرز لذلك فان المطلوب اليوم هو الاعتراف بأن اغتيال صالح بن يوسف كان جريمة دولة ارتكبتها أجهزة تابعة للدولة التونسية وبأمر وتعليمات من رأس الدولة وقتها وقامت بتنفيذها مجموعة تابعة لأجهزة الدولة هي من رتبت كل العملية وتقاسمت الأدوار فيما بينها بداية من عملية الاستدراج التي قام بها حميدة بن تربوت لصالح بن يوسف الذي كان يستعد للسفر إلى غينيا لحضور قمة دول عدم الانحياز حتى يقنعه بأن ضابطين أمنيين يرغبان في مقابلته لترتيب تغيير الوضع في تونس مرورا بعمليات الرصد والمراقبة المكثفة التي سبقت الجريمة والتي قامت بها العناصر الآخرى وانتهاء بعملية الاغتيال والتصفية ثم العودة إلى تونس .
*المطلوب اليوم هو الاعتراف بأن اغتيال صالح بن يوسف كان جريمة دولة ارتكبتها أجهزة تابعة للدولة التونسية وبأمر وتعليمات من رأس الدولة وقتها
بقلم: نوفل سلامة
إذا كان ثمة من حسنة للثورة التونسية رغم كل ما يقال عن مسارها الذي انحرف عن طريقه في علاقة بتخلف المنجز الاقتصادي وتعثر تحقق المطالب الاجتماعية وكل الاستحقاقات التي قامت عليها، فإنه يحسب لها أنها فتحت ملفات الانتهاكات التي حصلت في فترة الاستبداد التي عرفته البلاد طوال حقب تاريخية عديدة وما تعرض له الكثير من أبناء الشعب التونسي من محاكمات رأي وعمليات تصفية جسدية طالت الكثير من المناضلين وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان بداية من مرحلة الاستقلال المبكر إلى سنوات الثورة ومن هذه الملفات التي بقيت إلى اليوم دون حل رغم ما عرفه مسارها القضائي من تقدم ملف المناضل صالح بن يوسف.
ما يحسب للعدالة الانتقالية أنها أرست بعد الثورة دائرة قضائية صلب المحكمة الابتدائية بتونس تخصصت في مسألة العدالة الانتقالية وتصفية تركة الانتهاكات التي ارتكبت بداية من سنة 1952 إلى سنة 2015 وأنها تجرأت وفتحت هذا الملف السياسي الملغم والمحرج لدولة الاستقلال وخاصة هو محرج لباني الدولة الحديثة الرئيس الحبيب بورقيبة وتصدرت لتصفية تركة ثقيلة من الانتهاكات التي حصلت والتي ذهب ضحيتها الكثير من أبناء الشعب وخاصة من المنتمين الى التيار اليوسفي الذين تم التنكيل بعم وإقصاؤهم من المجتمع حتى وصل الأمر إلى حد منعهم من الوظيف وتعريضهم إلى التصفية الجسدية وهو الأمر الذي حصل مع الزعيم صالح بن يوسف الذي تم اغتياله يوم 12 أت 1961 بنزل الروايال بمدية فرنكفورت الألمانية على يدي مجموعة تنتمي إلى البوليس السياسي التونسي وبموافقة من الرئيس الحبيب بورقيبة الذي لم ينف وقوع عملية الاغتيال ولا أننكر أنه هو من أعطى التعليمات للتخلص من غريمه السياسي وذلك خلال محاضرة كان قد القاها أمام طلبة معهد الصحافة وعلوم والإخبار.
وهذه العودة للحديث عن عملية اغتيال الزعيم الوطني صالح بن يوسف يعد مضي 61 سنة من وقوعها قد فرضتها المستجدات الأخيرة للمسار القضائي القصية التي بدأت يوم 16 ماي 2019 للنظر في مطالب الانتهاكات التي طالت اليوسفيين في الزمن البورقيبي حيث بعد مرور أربع سنوات من التقاضي حصلت خلالها تطورات كثيرة في مسار المحاسبة القضائية قررت الدائرة الجنائية المتخصصة في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في جلستها ليوم الجمعة 17 جوان 2023 تأجيل البت في القضية إلى جلسة يوم 2 نوفمبر 2023 وذلك لاستكمال الوثائق التي كانت قد طلبت بها المحكمة لضمها إلى الملف وهي وثائق تخص أرشيف صالح بن يوسف بوزارة الداخلية قبل وبعد الاستقلال والأرشيف الرئاسي وأرشيف التلفزة الوطنية التي بثت خطابات لرئيس بورقيبة في تلك الفترة يعترف في جانب منها بعملية الاغتيال والمطالبة بإحضار بعض النقابيين والسياسيين لسماع شهاداتهم حول تلك الفترة وتبقى أهم وثيقة ينتظر أن تتحصل عليها المحكمة ويتوقع أن يكون لها المنعرج الكبير في مسار هذه القضية الحصول على أرشيف البوليس السياسي الألماني الذي يتهمه نجل المرحوم صالح بن يوسف بضلوعه في عملية الاغتيال ومشاركته في ترتيب وقوعها وبأنه كان على علم بالعملية وقام بتسهيل دخول وخروج القتلة من وإلى الأراضي الألمانية وتأمين عودتهم إلى تونس بما يجعل من المخابرات الألمانية متورطة في وقوع هذه الجريمة.
المستجد اليوم أن المتهمين الستة الذين وجهت اليهم تهمة ارتكاب جريمة القتل العمد قد تصدر المحكمة في شأنهم حكما بحفظ القضية وبالتالي تنتفي المسؤولية القانونية بحقهم ويتم إغلاق الملف في جزئه المتعلق بالمسؤولية القانونية باعتبار أن كل المتهمين قد فارقوا الحياة وهم الرئيس الحبيب بورقيبة وحسن بن عبد العزيز الورداني والبشير زرق العيون وعبد الله بن مبروك الورداني ومحمد بن خليفة محرز وحميدة بن تربوت الذي كان آخر من فارق الحياة منذ أشهر قليلة مما يجعل من الاستحالة بمكان تتبع الموتى وهو المبدأ الذي قام عليه القانون الجنائي القائل " لا محاكمة لميت "
المستجد الآخر أن عائلة الضحية ونجله السيد لطفي بن يوسف وبعد أن أخذت القضية مسارا جديدا نحو حفظ التهمة بحق المتهمين فيما يتعلق بالمسؤولية القانونية فإنهم يطالبون بمواصلة القضية في جزئها السياسي واثبات تورط المتهمين المتوفين وتحميل الدولة التونسية في حق الرئيس الحبيب بورقيبة المسؤولية الكاملة في إعطائه الأوامر وموافقته وإشرافه على عملية التصفية والاغتيال وأن ما حصل يعد من قبيل الاغتيالات السياسية التي عادة ما تتحمل فيها الدولة المسؤولية عن أفعال من حكموها في أي مرحلة من تاريخها بما يجعل من الدولة التونسية اليوم مسؤولة مسؤولية سياسية عن عملية الاغتيال التي حصلت للزعيم صالح بن يوسف يوم 12 أوت من سنة 1961 بنزل الروايال بمدينة فرنكفورت بألمانيا بواسطة مسدس كاتم للصوت من عيار 7.65 ملمتر من مسافة قريبة على مستوى الجمجمة ومن الخلف وكان المنفذان هما عبد الله بن مبروك الورداني ومحمد بن خليفة محرز لذلك فان المطلوب اليوم هو الاعتراف بأن اغتيال صالح بن يوسف كان جريمة دولة ارتكبتها أجهزة تابعة للدولة التونسية وبأمر وتعليمات من رأس الدولة وقتها وقامت بتنفيذها مجموعة تابعة لأجهزة الدولة هي من رتبت كل العملية وتقاسمت الأدوار فيما بينها بداية من عملية الاستدراج التي قام بها حميدة بن تربوت لصالح بن يوسف الذي كان يستعد للسفر إلى غينيا لحضور قمة دول عدم الانحياز حتى يقنعه بأن ضابطين أمنيين يرغبان في مقابلته لترتيب تغيير الوضع في تونس مرورا بعمليات الرصد والمراقبة المكثفة التي سبقت الجريمة والتي قامت بها العناصر الآخرى وانتهاء بعملية الاغتيال والتصفية ثم العودة إلى تونس .