قال رئيس "حركة عازمون" عياشي زمال "إن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل انتهت قبل أن تبدأ.. وإن قيادة الاتحاد الحالية فوّتت على نفسها لعب دور "الوسيط" وفقدت منسوب الثقة الذي كانت تتمتع به.. وأن زمن "استضعاف الدولة" انتهى".
وفي حوار له مع "الصباح" اعتبر زمال أن الكل أخطأ في تقييم وضع البلاد وأن الإصلاحات ممكنة وقابلة للتنفيذ شرط أن تقدم الأحزاب والمنظمات بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل نقدها الذاتي.
وأضاف المتحدث أن تجديد الخطاب السياسي يتطلب بالضرورة تجديدا في الطبقة السياسية حيث لا يمكن بناء الجديد على أنقاض القديم.
وفيما يلي نص الحوار
بداية كيف تقيمون الوضع العام في البلاد في ظل أزمة سياسية حادة واجتماعية مقلقة واقتصادية منهارة؟
-من الواضح أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس صعب جدا في المرحلة الحالية.
صعوبة ترجمتها عدم القدرة على تعبئة موارد خارجية للميزانية وانحدار المقدرة الشرائية للتونسيين/ات، وندرة بعض المواد الأساسية والأدوية.
واقعيا هناك شبه إجماع داخلي وخارجي على هذه الوضعية الصعبة، وحتى السيد رئيس الجمهورية صار يعترف بخطورة الوضعية. ما يُقلق فعلا، في تقديري، هو حالة "الاستسلام العامة".
فالحكومة تساير التيار دون مجهود ودون بحث على حلول بعد أن وضعت كل "بيضها في سلة واحدة" وعوّلت على قرض صندوق النقد، وهي منذ سنة ونصف تنتظر ذلك. لا تتقدم في الإصلاحات، وليس لها سيناريو بديل على صندوق النقد.
هل يعني هذا أننا أمام وضع صعب؟
-هذا صحيح نحن في وضعية صعبة، ولكن الأصعب منها غياب الرؤية، وعدم الاجتهاد والعمل من أجل استنباط الحلول غير التقليدية واستغلال الفرص التي تُتاحُ كل يوم أمام تونس. كل أزمة هي فرصة، ونحن قادرون على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بالوحدة الوطنية والتعويل على الكفاءات والعمل الجاد.
من تراه يتحمل وزر هذه الأزمة؟
-اليوم ليس مهما من يتحمل المسؤولية، الأهم تجاوز هذه الأزمة. بعد ذلك سنجد الوقت للتقييم وتحميل المسؤوليات. لكني شخصيا اعتقد أن المسؤولية موزعة على الكثير من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وحتى المواطنين. طبعا في المقام الأول كل الأحزاب التي شاركت في الحكومات المتعاقبة منذ 14 جانفي، جميعها مسؤولة حتى بالصمت والتواطؤ. هذه الأحزاب التي أقصت الكفاءات واعتمدت على "أنصارها" ممن لا تتوفر فيهم شروط قيادة الدولة في مستوياتها المختلفة، علاوة على ذهاب هذه الحكومات إلى "الرشوة الاجتماعية" من أجل ضمان البقاء في الحكم.
ولكن التقييم يجب أن يشمل المسؤولية المجتمعية للمنظمات الاجتماعية أيضا؟
-في اعتقادي أن مسؤولية المنظمات الاجتماعية والهيئات القطاعية تأتي في المقام الثاني من خلال المطلبية المشطّة والإضرابات والضغط على الحكومات واستغلال ضعف الدولة.
المسؤولية تتحملها البرلمانات المتعاقبة التي لم تقم بالإصلاحات التشريعية والدستورية ولم تقم بدورها الرقابي في مساءلة الحكومات وفرض برامج ومشاريع تنموية واقتصادية.
نحن لنا تشخيص دقيق لما جرى، ونمتلك شجاعة كافية تجعلنا نكون نزهاء وصُرحاء مع التونسيين، وإذا كنا نرغب في مواجهة التحديات وضمان مستقبل أفضل، فإن على الجميع تحمل مسؤولياتهم والقيام بنقد ذاتي وأن لزم الأمر الاعتذار للتونسيين، من غير المعقول اليوم وزراء ونواب فاعلين طيلة عشر سنوات، يغيرون مواقفهم ويتملصون من المسؤولية ويبحثون على التموقع من جديد.
كيف يمكن تجاوز هذا الوضع المهزوز؟
- الحلول موجودة، وإمكانية تجاوز هذه الوضعية ممكنة..، صعبة ولكنها ليست مستحيلة. أنا بطبعي إنسان متفائل، وحتى في مساري المهني، أرى في كل الأشياء البسيطة فرصا كبيرة. ونحن في حركة عازمون نمتلك برنامجا مفصّلا لما يجب أن نقوم به.
قلنا أنه علينا الشروع فورا في ضمان أرضية مناسبة للإصلاح والإقلاع. تبدأ بتهدئة سياسية شاملة، لتنقية المناخ السياسي وصولا لوضعية سياسية هادئة مناسبة لاتخاذ القرارات الهامة.
ثم نمر بعد ذلك إلى الإصلاحات العاجلة، ونعتقد أن تغيير هذه الحكومة التي أثبتت عجزها وفشلها، بحكومة كفاءات ضروري. كفاءات قادرة على القيادة ولها رؤية إستراتيجية.
طبعا، التحديات باتت اليوم معلومة، وهي العجز الطاقي والغذائي والمائي، إضافة للمؤسسات العمومية وصندوق الدعم، وعلينا في تونس أن نتوصل إلى "ميثاق اجتماعي واقتصادي" يشمل كل هذه المحاور، ونحن في حركة عازمون نمتلك تصورا كاملا ومفصلا ومستعدون لنكون قوة اقتراح ايجابية.
هل يمكن أن تكون مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مدخلا للإنقاذ؟
-بصراحة لا أعتقد ذلك. مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل في تقديري انتهت قبل أن تبدأ. قيادة الاتحاد الحالية فوّتت على نفسها لعب دور "الوسيط". قطعت علاقتها في البداية بالسياسيين والأحزاب، ثم بعد ذلك مع الرئيس. الاتحاد فقد منسوب الثقة الذي كان يتمتع به. من المؤكد أن للاتحاد دورا مهما ليقوم به اليوم وغدا وله رأي مهم في الإصلاحات، ولكن عليه أن يُدرك أن زمن "استضعاف الدولة" انتهى، وأنه علينا أن نمضي إلى إنقاذ تونس مع بعضنا البعض، دون شروط. بوصلتنا مصلحة تونس وشعبها ومستقبل الأجيال القادمة.
ما أفهمه أنها دعوة ضمنية لتقديم الاتحاد لنقده الذاتي؟
-مثله مثل السياسيين على الاتحاد أن يقوم بتقييم ذاتي لمساره طيلة أكثر من عشر سنوات، وحتى أكثر، وأن تكون لدى قيادته شجاعة الاعتراف بالأخطاء، مثلما لنا شجاعة الاعتراف بكون الاتحاد منظمة وطنية عريقة لعبت وتلعب وستلعب دورا وطنيا محوريا في إنقاذ البلاد.
ألا ترون أن الاتحاد قد خذل جزءا واسعا من الطبقة السياسية بصمته المريب إزاء ما يحدث؟
-نحن في حركة عازمون نفرق بين الاتحاد كمنظمة، والاتحاد كقيادة. الاتحاد منظمة وطنية لها تاريخ وشهداء ونضالات ساهمت في تحرير البلاد وبناء الدولة وحماية الحريات والدفاع على الديمقراطية.
لكن قيادة الاتحاد الحالية تحوّلت تدريجيا إلى "طرف سياسي".
والجميع يعرف أن هناك قيادات نقابية لها "لونها السياسي" مما أثر على مواقف الاتحاد.
ونتذكر جميعا مواقف القيادة من الأحزاب ومن السياسيين، وكيف ساهمت هذه المواقف في تشويه السياسيين وفي مزيد ترذيل الأحزاب.
الاتحاد حرص قبل الشروع في المبادرة التي اشتغل عليها مع بعض الأطراف على إقصاء الأحزاب. ومع تطور الأحداث يبدو أن القيادة تخلت عن المبادرة ولم تعتمد رؤية بديلة وفضلت الصمت. ومن المؤسف أن الاتحاد ينتهي إلى هذه الوضعية، دون أن يكون له رأي أو مقترحات في المفاوضات بين تونس وأوروبا بخصوص الهجرة، أو حول الحريات والوضع السياسي في البلاد.
ما موقفكم من دعوة "ائتلاف صمود" لتقديم مرشح موحد للانتخابات الرئاسية القادمة؟
- نحن في "حركة عازمون" مع المرشّح القادر على الفوز بالانتخابات وعلي تطبيق برنامج "إصلاح وطني" يتم الاتفاق عليه مسبقا. وصرّحت شخصيا أننا سنساند كل من يشترك معنا في القيم والمبادئ.
عفوا على المقاطعة هل تؤيدون "مبادرة صمود" أم لا؟
-بداية يجب أن نكون صُرحاء "شكون صمود" هي جمعية وإلا حزب؟ مبادرتها بريئة أم أن لدى صمود مرشحا حاضرا؟ أسئلة كثيرة بصراحة.
وهذا دليل آخر على أن الكثير من النخب السياسية لم تفهم الدرس ولم تتفاعل بطريقة عقلانية ولازالت تفكر بنفس "اللوجيسيال" وتحكمها نفس الرغبات والهوس بالسلطة.
التوافق على "أرضية مشتركة" والوصول إلى "ميثاق اجتماعي واقتصادي" ومصلحة تونس ومستقبلها هما الأهم لدينا.
هل يمكن أن نثق في أشخاص كانوا السبب المباشر في تثبيت حكم سعيد ويلعبون الآن دور المعارضة على غرار أمين محفوظ والصادق بلعيد؟
- طبعا لا أثق فيهم بتاتا. ومع حفظ المقامات التونسيون والتونسيات يستحقون حياة سياسية أفضل بكثير من التي يعيشونها. يعني رموز الصراع السياسي اليوم كلها تنتمي لسبعينات وثمانينات القرن الماضي. وتقوم بتغيير مواقفها دون نقد ذاتي وتحمل مسؤولية .
والعميد الصادق بلعيد هو أحد الأمثلة لذلك وغيره كثيرون.
وهم مطالبون بوقفة تأمل ونقد ذاتي والاعتراف بالأخطاء ولم لا بالاعتذار للتونسيين والتونسيات.
كان الجميع ينادي بتجديد النخبة السياسية وبضرورة العمل على بروز جيل سياسي جديد، يقوم بتجديد الخطاب السياسي وتحديث آليات العمل السياسي. بعد عشر سنوات نحن في نفس المأزق مع نفس الوجوه والأسماء.
على ذكر بلعيد لماذا طالبته دون غيره بالاعتذار للشعب التونسي؟
-لم اقصد السيد العميد الصادق بلعيد بعينه. أنا أكن له كل الاحترام والتقدير فهو قامة علمية، وعلينا نحن التونسيين/ات احترام رموزنا السياسية والأكاديمية وهو أحدهم.
شخصيا أنا ضد المسّ من رموز البلاد، لذلك رفضت دائما أية عملية تهجّم على رئيس الجمهورية فهو رمز الدولة ورمز تونس، وأرفض كل أشكال المس من هيبة تونس وهيبة الدولة.
ونحن في "عازمون" وفي إطار الاعتزاز ببلادنا نؤكد إيماننا بـ"الهوية التونسية" وتولينا بمقر الحركة-كما ترى- تعليق صور كل من ساهم في تشكيل هذه الهوية من مبدعين ومفكرين ومصلحين وسياسيين ونقابيين وفنانين ورياضيين.
وإني أطالب مجددا الجميع سياسيين ونقابيين وإعلاميين وناشطي مجتمع مدني بالقيام بالنقد الذاتي بشجاعة، والاعتراف بالأخطاء والاعتذار.
هذه علامة شجاعة وشرط ضروري للتجاوز وبناء مصالحة شاملة نراها حتمية تاريخية لضمان وحدة وطنية تمضي بنا نحو المستقبل.
الأكيد أنكم على علم بالحملات الانتخابية لبعض القيادات السياسية استعدادا منها لانتخابات رئاسية قادمة هل تعتقدون أن تونس ذاهبة فعلا إلى هذا الاستحقاق في موعده الطبيعي؟
-ربي يعينهم (ضحكة) أولويات التوانسة والتونسيات اليوم أولويات أخرى. فمرضى الأمراض المزمنة ليس لهم دواء منذ ثلاثة أشهر. والمواد الأساسية ناقصة. والبلاد على حافة الإفلاس، وأوروبا تضغط علينا وتبتزّنا مستغلة وضعيتنا الصعبة، والبعض يجد الوقت للتفكير في أن يكون رئيسا، دون حتى أن يكون له تصور أو برنامج.
في كل الأحوال نعتقد أن الرئيس صرح أن الانتخابات ستكون في موعدها، وما يشغلني فعلا هو المناخ الانتخابي. يجب أن تجري الانتخابات في بيئة انتخابية ديمقراطية تحترم معايير نزاهة وحرية الانتخابات. يعني أجواء ديمقراطية ومناخ حريات للتعبير والتظاهر. لذلك نطالب بمراجعة المرسوم عدد 54 وإيقاف تتبع كل من أحيل بموجبه، ونطالب القضاء بالبت بسرعة في القضايا المطروحة وندعو إلى الوصول إلى تهدئة شاملة، يشارك فيها الجميع. هذه بلادنا وعلينا جميعا أن نشارك في إنقاذها وبناء مستقبلها، وأنا متفائل بذلك وثقتي كبيرة في ذكاء ووطنية التونسيين والتونسيات .
خليل الحناشي
تونس-الصباح
قال رئيس "حركة عازمون" عياشي زمال "إن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل انتهت قبل أن تبدأ.. وإن قيادة الاتحاد الحالية فوّتت على نفسها لعب دور "الوسيط" وفقدت منسوب الثقة الذي كانت تتمتع به.. وأن زمن "استضعاف الدولة" انتهى".
وفي حوار له مع "الصباح" اعتبر زمال أن الكل أخطأ في تقييم وضع البلاد وأن الإصلاحات ممكنة وقابلة للتنفيذ شرط أن تقدم الأحزاب والمنظمات بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل نقدها الذاتي.
وأضاف المتحدث أن تجديد الخطاب السياسي يتطلب بالضرورة تجديدا في الطبقة السياسية حيث لا يمكن بناء الجديد على أنقاض القديم.
وفيما يلي نص الحوار
بداية كيف تقيمون الوضع العام في البلاد في ظل أزمة سياسية حادة واجتماعية مقلقة واقتصادية منهارة؟
-من الواضح أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس صعب جدا في المرحلة الحالية.
صعوبة ترجمتها عدم القدرة على تعبئة موارد خارجية للميزانية وانحدار المقدرة الشرائية للتونسيين/ات، وندرة بعض المواد الأساسية والأدوية.
واقعيا هناك شبه إجماع داخلي وخارجي على هذه الوضعية الصعبة، وحتى السيد رئيس الجمهورية صار يعترف بخطورة الوضعية. ما يُقلق فعلا، في تقديري، هو حالة "الاستسلام العامة".
فالحكومة تساير التيار دون مجهود ودون بحث على حلول بعد أن وضعت كل "بيضها في سلة واحدة" وعوّلت على قرض صندوق النقد، وهي منذ سنة ونصف تنتظر ذلك. لا تتقدم في الإصلاحات، وليس لها سيناريو بديل على صندوق النقد.
هل يعني هذا أننا أمام وضع صعب؟
-هذا صحيح نحن في وضعية صعبة، ولكن الأصعب منها غياب الرؤية، وعدم الاجتهاد والعمل من أجل استنباط الحلول غير التقليدية واستغلال الفرص التي تُتاحُ كل يوم أمام تونس. كل أزمة هي فرصة، ونحن قادرون على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بالوحدة الوطنية والتعويل على الكفاءات والعمل الجاد.
من تراه يتحمل وزر هذه الأزمة؟
-اليوم ليس مهما من يتحمل المسؤولية، الأهم تجاوز هذه الأزمة. بعد ذلك سنجد الوقت للتقييم وتحميل المسؤوليات. لكني شخصيا اعتقد أن المسؤولية موزعة على الكثير من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وحتى المواطنين. طبعا في المقام الأول كل الأحزاب التي شاركت في الحكومات المتعاقبة منذ 14 جانفي، جميعها مسؤولة حتى بالصمت والتواطؤ. هذه الأحزاب التي أقصت الكفاءات واعتمدت على "أنصارها" ممن لا تتوفر فيهم شروط قيادة الدولة في مستوياتها المختلفة، علاوة على ذهاب هذه الحكومات إلى "الرشوة الاجتماعية" من أجل ضمان البقاء في الحكم.
ولكن التقييم يجب أن يشمل المسؤولية المجتمعية للمنظمات الاجتماعية أيضا؟
-في اعتقادي أن مسؤولية المنظمات الاجتماعية والهيئات القطاعية تأتي في المقام الثاني من خلال المطلبية المشطّة والإضرابات والضغط على الحكومات واستغلال ضعف الدولة.
المسؤولية تتحملها البرلمانات المتعاقبة التي لم تقم بالإصلاحات التشريعية والدستورية ولم تقم بدورها الرقابي في مساءلة الحكومات وفرض برامج ومشاريع تنموية واقتصادية.
نحن لنا تشخيص دقيق لما جرى، ونمتلك شجاعة كافية تجعلنا نكون نزهاء وصُرحاء مع التونسيين، وإذا كنا نرغب في مواجهة التحديات وضمان مستقبل أفضل، فإن على الجميع تحمل مسؤولياتهم والقيام بنقد ذاتي وأن لزم الأمر الاعتذار للتونسيين، من غير المعقول اليوم وزراء ونواب فاعلين طيلة عشر سنوات، يغيرون مواقفهم ويتملصون من المسؤولية ويبحثون على التموقع من جديد.
كيف يمكن تجاوز هذا الوضع المهزوز؟
- الحلول موجودة، وإمكانية تجاوز هذه الوضعية ممكنة..، صعبة ولكنها ليست مستحيلة. أنا بطبعي إنسان متفائل، وحتى في مساري المهني، أرى في كل الأشياء البسيطة فرصا كبيرة. ونحن في حركة عازمون نمتلك برنامجا مفصّلا لما يجب أن نقوم به.
قلنا أنه علينا الشروع فورا في ضمان أرضية مناسبة للإصلاح والإقلاع. تبدأ بتهدئة سياسية شاملة، لتنقية المناخ السياسي وصولا لوضعية سياسية هادئة مناسبة لاتخاذ القرارات الهامة.
ثم نمر بعد ذلك إلى الإصلاحات العاجلة، ونعتقد أن تغيير هذه الحكومة التي أثبتت عجزها وفشلها، بحكومة كفاءات ضروري. كفاءات قادرة على القيادة ولها رؤية إستراتيجية.
طبعا، التحديات باتت اليوم معلومة، وهي العجز الطاقي والغذائي والمائي، إضافة للمؤسسات العمومية وصندوق الدعم، وعلينا في تونس أن نتوصل إلى "ميثاق اجتماعي واقتصادي" يشمل كل هذه المحاور، ونحن في حركة عازمون نمتلك تصورا كاملا ومفصلا ومستعدون لنكون قوة اقتراح ايجابية.
هل يمكن أن تكون مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مدخلا للإنقاذ؟
-بصراحة لا أعتقد ذلك. مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل في تقديري انتهت قبل أن تبدأ. قيادة الاتحاد الحالية فوّتت على نفسها لعب دور "الوسيط". قطعت علاقتها في البداية بالسياسيين والأحزاب، ثم بعد ذلك مع الرئيس. الاتحاد فقد منسوب الثقة الذي كان يتمتع به. من المؤكد أن للاتحاد دورا مهما ليقوم به اليوم وغدا وله رأي مهم في الإصلاحات، ولكن عليه أن يُدرك أن زمن "استضعاف الدولة" انتهى، وأنه علينا أن نمضي إلى إنقاذ تونس مع بعضنا البعض، دون شروط. بوصلتنا مصلحة تونس وشعبها ومستقبل الأجيال القادمة.
ما أفهمه أنها دعوة ضمنية لتقديم الاتحاد لنقده الذاتي؟
-مثله مثل السياسيين على الاتحاد أن يقوم بتقييم ذاتي لمساره طيلة أكثر من عشر سنوات، وحتى أكثر، وأن تكون لدى قيادته شجاعة الاعتراف بالأخطاء، مثلما لنا شجاعة الاعتراف بكون الاتحاد منظمة وطنية عريقة لعبت وتلعب وستلعب دورا وطنيا محوريا في إنقاذ البلاد.
ألا ترون أن الاتحاد قد خذل جزءا واسعا من الطبقة السياسية بصمته المريب إزاء ما يحدث؟
-نحن في حركة عازمون نفرق بين الاتحاد كمنظمة، والاتحاد كقيادة. الاتحاد منظمة وطنية لها تاريخ وشهداء ونضالات ساهمت في تحرير البلاد وبناء الدولة وحماية الحريات والدفاع على الديمقراطية.
لكن قيادة الاتحاد الحالية تحوّلت تدريجيا إلى "طرف سياسي".
والجميع يعرف أن هناك قيادات نقابية لها "لونها السياسي" مما أثر على مواقف الاتحاد.
ونتذكر جميعا مواقف القيادة من الأحزاب ومن السياسيين، وكيف ساهمت هذه المواقف في تشويه السياسيين وفي مزيد ترذيل الأحزاب.
الاتحاد حرص قبل الشروع في المبادرة التي اشتغل عليها مع بعض الأطراف على إقصاء الأحزاب. ومع تطور الأحداث يبدو أن القيادة تخلت عن المبادرة ولم تعتمد رؤية بديلة وفضلت الصمت. ومن المؤسف أن الاتحاد ينتهي إلى هذه الوضعية، دون أن يكون له رأي أو مقترحات في المفاوضات بين تونس وأوروبا بخصوص الهجرة، أو حول الحريات والوضع السياسي في البلاد.
ما موقفكم من دعوة "ائتلاف صمود" لتقديم مرشح موحد للانتخابات الرئاسية القادمة؟
- نحن في "حركة عازمون" مع المرشّح القادر على الفوز بالانتخابات وعلي تطبيق برنامج "إصلاح وطني" يتم الاتفاق عليه مسبقا. وصرّحت شخصيا أننا سنساند كل من يشترك معنا في القيم والمبادئ.
عفوا على المقاطعة هل تؤيدون "مبادرة صمود" أم لا؟
-بداية يجب أن نكون صُرحاء "شكون صمود" هي جمعية وإلا حزب؟ مبادرتها بريئة أم أن لدى صمود مرشحا حاضرا؟ أسئلة كثيرة بصراحة.
وهذا دليل آخر على أن الكثير من النخب السياسية لم تفهم الدرس ولم تتفاعل بطريقة عقلانية ولازالت تفكر بنفس "اللوجيسيال" وتحكمها نفس الرغبات والهوس بالسلطة.
التوافق على "أرضية مشتركة" والوصول إلى "ميثاق اجتماعي واقتصادي" ومصلحة تونس ومستقبلها هما الأهم لدينا.
هل يمكن أن نثق في أشخاص كانوا السبب المباشر في تثبيت حكم سعيد ويلعبون الآن دور المعارضة على غرار أمين محفوظ والصادق بلعيد؟
- طبعا لا أثق فيهم بتاتا. ومع حفظ المقامات التونسيون والتونسيات يستحقون حياة سياسية أفضل بكثير من التي يعيشونها. يعني رموز الصراع السياسي اليوم كلها تنتمي لسبعينات وثمانينات القرن الماضي. وتقوم بتغيير مواقفها دون نقد ذاتي وتحمل مسؤولية .
والعميد الصادق بلعيد هو أحد الأمثلة لذلك وغيره كثيرون.
وهم مطالبون بوقفة تأمل ونقد ذاتي والاعتراف بالأخطاء ولم لا بالاعتذار للتونسيين والتونسيات.
كان الجميع ينادي بتجديد النخبة السياسية وبضرورة العمل على بروز جيل سياسي جديد، يقوم بتجديد الخطاب السياسي وتحديث آليات العمل السياسي. بعد عشر سنوات نحن في نفس المأزق مع نفس الوجوه والأسماء.
على ذكر بلعيد لماذا طالبته دون غيره بالاعتذار للشعب التونسي؟
-لم اقصد السيد العميد الصادق بلعيد بعينه. أنا أكن له كل الاحترام والتقدير فهو قامة علمية، وعلينا نحن التونسيين/ات احترام رموزنا السياسية والأكاديمية وهو أحدهم.
شخصيا أنا ضد المسّ من رموز البلاد، لذلك رفضت دائما أية عملية تهجّم على رئيس الجمهورية فهو رمز الدولة ورمز تونس، وأرفض كل أشكال المس من هيبة تونس وهيبة الدولة.
ونحن في "عازمون" وفي إطار الاعتزاز ببلادنا نؤكد إيماننا بـ"الهوية التونسية" وتولينا بمقر الحركة-كما ترى- تعليق صور كل من ساهم في تشكيل هذه الهوية من مبدعين ومفكرين ومصلحين وسياسيين ونقابيين وفنانين ورياضيين.
وإني أطالب مجددا الجميع سياسيين ونقابيين وإعلاميين وناشطي مجتمع مدني بالقيام بالنقد الذاتي بشجاعة، والاعتراف بالأخطاء والاعتذار.
هذه علامة شجاعة وشرط ضروري للتجاوز وبناء مصالحة شاملة نراها حتمية تاريخية لضمان وحدة وطنية تمضي بنا نحو المستقبل.
الأكيد أنكم على علم بالحملات الانتخابية لبعض القيادات السياسية استعدادا منها لانتخابات رئاسية قادمة هل تعتقدون أن تونس ذاهبة فعلا إلى هذا الاستحقاق في موعده الطبيعي؟
-ربي يعينهم (ضحكة) أولويات التوانسة والتونسيات اليوم أولويات أخرى. فمرضى الأمراض المزمنة ليس لهم دواء منذ ثلاثة أشهر. والمواد الأساسية ناقصة. والبلاد على حافة الإفلاس، وأوروبا تضغط علينا وتبتزّنا مستغلة وضعيتنا الصعبة، والبعض يجد الوقت للتفكير في أن يكون رئيسا، دون حتى أن يكون له تصور أو برنامج.
في كل الأحوال نعتقد أن الرئيس صرح أن الانتخابات ستكون في موعدها، وما يشغلني فعلا هو المناخ الانتخابي. يجب أن تجري الانتخابات في بيئة انتخابية ديمقراطية تحترم معايير نزاهة وحرية الانتخابات. يعني أجواء ديمقراطية ومناخ حريات للتعبير والتظاهر. لذلك نطالب بمراجعة المرسوم عدد 54 وإيقاف تتبع كل من أحيل بموجبه، ونطالب القضاء بالبت بسرعة في القضايا المطروحة وندعو إلى الوصول إلى تهدئة شاملة، يشارك فيها الجميع. هذه بلادنا وعلينا جميعا أن نشارك في إنقاذها وبناء مستقبلها، وأنا متفائل بذلك وثقتي كبيرة في ذكاء ووطنية التونسيين والتونسيات .