كان من المنتظر أن تدخل بلادنا مع الجهات الأوروبية في مرحلة إجرائية سريعة تحضيرا لتنفيذ وتفعيل حزمة الاتفاقات التي تم إبرامها مع الدولة التونسية خلال زيارة الوفد الأوروبي برئاسة أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية ومشاركة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ووزري خارجية بلادها وهولندا منذ أكثر من أسبوع بعد أن سبقتها عدة محطات تمهيدية من التفاوض والمناقشات حول عدة مسائل، وذلك بحلول المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، المجري أوليفر فاريلي بتونس خلال هذه الأيام. لكن تم إرجاء زيارة المفوض الأوروبي والفريق المرافق له إلى فترة لاحقة خاصة أنه تم تكليف وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار والمفوض الأوروبي للجوار والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة، ليتم اعتمادها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي قبل موفي شهر جوان الجاري. لا تزال مسألة اتفاقات الشراكة والتعاون التونسية الأوروبية محل تجاذب ومناقشة. الأمر الذي يجعلها قابلة للتغيير والتحوير من الجانب الأوروبي لكن تمسك رئيس الجمهورية قيس سعيد بجملة من الشروط من شأنه أن يؤثر على مسارات التنفيذ واتضاح الرؤيا والمواقف في عملية بلورة الاتفاقات في برامج عملية.
إذ أكدت متحدثة باسم اللجنة الأوروبية أن زيارة المفوض الأوروبي ستكون في سياق مواصلة المناقشات حول مذكرة التفاهم بشأن حزمة شاملة من تدابير الشراكة والتعاون بين الطرفين التونسي والأوروبي وتحويل جملة الاتفاقات إلى برامج وتطبيقها على أرض الواقع في وقت وجيز بما يخدم مصلحة الجانبين التونسي والأوروبي خاصة أن الاتفاق يتضمن تقديم مساعدات مادية لبلادنا وبعث مشاريع تعاون وشراكة في مجالات اقتصادية بما في ذلك الطاقة والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا ومعالجة ملف الهجرة بأشكالها وأبعادها المختلفة. إذ من شان هذا التأخير أن يفرز جملة من المراجعات أو الشروط الجديدة لا يلقي بثقله على مسار التفاهم التونسي الأوروبي خلال الأيام القادمة، باعتبار وزير الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج تحول إلى المجر للمشاركة في أشغال الدّورة الخامسة للّجنة المشتركة الاقتصاديّة التونسيّة المجرية التي تنتظم يومي 20 و21 من الشهر الجاري بالعاصمة بوداباست، بمرافقة من رجال الأعمال التونسيين وفي مقدمتهم سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
ويبدو أن الجانب الأوروبي دخل في مرحلة عملية في تدارس هذا الملف والسعي للبحث مع الطرف التونسي سبل تحويل تلك الاتفاقات إلى برامج عملية خاصة أن البلاغ المشترك الصادر في الغرض بين الجانبين التونسي والأوروبي أكد أنه سيتم اعتماد جملة تلك الاتفاقات قبل موفى شهر جوان الجاري يتولى بذلك مهمة معالجة المسألة نهاية الشهر الجاري خلال اجتماع المجلس الأوروبي باعتبار أن تلك البرامج والاتفاقات تتطلب رصد ميزانيات محددة لتنفيذها.
ويذكر أنه تم إصدار بيان مشترك بين الجانبين التونسي والأوروبي تحت عنوان "الاتفاق على حزمة شراكة شاملة" تضمن الخطوط العريضة لبرنامج التفاهم لتعزيز الأولويات الإستراتيجية المشتركة بما من شأنه أن يحقق الفائدة للطرفين ويعزز علاقات التعاون بمراعاة المصالح المشتركة في المجالات الاقتصادية والتجارية وفي الطاقة المستدامة والتنافسية والهجرة. وكانت أورسولا فون دير لاين، قد أكدت في نفس الزيارة أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتعبئة اعتمادات لتونس قدرها 900 مليون يورو، من أجل دعم الاقتصاد التونسي ودعم أنشطة الاستثمار الخاص والتجارة والطاقة وصرف تمويل إضافي عاجل ب150 مليون يورو لفائدة تونس. وكان الوزير الأول الهولندي، مارك روته قد أكد خلال نفس الزيارة بأن مجلس أوروبا سيجتمع نهاية الشهر الجاري، من أجل استثمار فرصة تمتين التعاون مع تونس، في إشارة إلى إمكانية المصادقة على حزمة شاملة للدعم المالي، بقيمة جملية تتجاوز مليار يورو. وغيرها من اتفاقات أخرى في مجالات التكنولوجيا وغيرها.
لذلك تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن يسفر عنه الاجتماع الأخير للاتحاد الأوروبي بشأن حزمة الاتفاقات الشاملة مع بلادنا بما يساهم في تسريع وضع مذكرة التفاهم بين الطرفين والدخول في مرحلة ثانية في تنفيذ وتفعيل ما تم الاتفاق عليه ليقين الجميع بحاجة كل جهة إلى تفعيل برامج التعاون وما يتيحه من حوار مشترك بين دول الشمال والجنوب لطرح أبز القضايا الحارقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذه المرحلة تحديدا، لاسيما في ظل ما يشهده العالم عامة وبلدان جنوب المتوسط وفي مقدمتها تونس من تطورات ومستجدات تعد البلدان الأوروبية طرفا فيها بشكل مباشر أو غير مباشر. لتضاف إلى ذلك ما يمكن أن تسفر عنه زيارة وزيرا داخلية كل من فرنسا وألمانيا الأخيرة باعتبار أن هذين البلدين اللذين يعدان شريكين تقليديين لتونس برزا بتخلفهما عن محطات التفاوض مع الجانب الأوروبي السابقة، لاسيما أن البعض يعتبر أن العنوان الأكبر للمفاوضات وما أسفرت عنه من اتفاقات بين الطرفين التونسي والأوروبي كان ملف الهجرة الذي أصبح يشكل الشغل الشاغل لبلدان الحوض الشمالي للمتوسط. وذلك بعد فشل كل المقاربات السابقة في التعاطي مع هذا الملف وأولهما المقاربة الأمنية للقضاء على الظاهرة، خاصة أن بلادنا تحولت إلى منطقة عبور بامتياز. وأن بعض الجهات تطالب البلدان الأوروبية بالتدخل السريع لحل الأزمة الاقتصادية في تونس في ظل رفض صندوق النقد الدولي الموافقة على إقراض بلادنا المبلغ المتفق عليه والشروط المجحفة التي يضعها في الغرض.
فيما تراهن الجهات الأوروبية في جوانب من طرحها للمسالة على أن تتحول بلادنا إلى منطقة توطين للمرحلين من أوروبا باعتبار أن دول الاتحاد الأوروبي أعلنت في بداية جوان الجاري عن توصلها لاتفاق حول تقاسم مسؤولية رعاية اللاجئين والمهاجرين، يقضي بوجوب تقاسم أعباء المهاجرين وطالبي اللجوء الواصلين حديثا إلى دول الاتحاد، على أن تدفع الدول الرافضة للمشاركة في تلك الآلية 20 ألف يورو عن كل مهاجر للدولة التي يتواجد بها. كما اتفق وزراء داخلية التكتل على وجوب التسريع بالبت بطلبات اللجوء، خاصة لمن هم غير مؤهلين للحصول على تلك الصفة، تمهيدا لترحيلهم. وهو ما اعتبره بعض الرافضين أو المنتقدين للاتفاقات التونسية الأوروبية يشكل خطرا على بلادنا لعدة اعتبارات منها الاقتصادية والاجتماعية.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
كان من المنتظر أن تدخل بلادنا مع الجهات الأوروبية في مرحلة إجرائية سريعة تحضيرا لتنفيذ وتفعيل حزمة الاتفاقات التي تم إبرامها مع الدولة التونسية خلال زيارة الوفد الأوروبي برئاسة أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية ومشاركة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ووزري خارجية بلادها وهولندا منذ أكثر من أسبوع بعد أن سبقتها عدة محطات تمهيدية من التفاوض والمناقشات حول عدة مسائل، وذلك بحلول المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، المجري أوليفر فاريلي بتونس خلال هذه الأيام. لكن تم إرجاء زيارة المفوض الأوروبي والفريق المرافق له إلى فترة لاحقة خاصة أنه تم تكليف وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار والمفوض الأوروبي للجوار والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة، ليتم اعتمادها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي قبل موفي شهر جوان الجاري. لا تزال مسألة اتفاقات الشراكة والتعاون التونسية الأوروبية محل تجاذب ومناقشة. الأمر الذي يجعلها قابلة للتغيير والتحوير من الجانب الأوروبي لكن تمسك رئيس الجمهورية قيس سعيد بجملة من الشروط من شأنه أن يؤثر على مسارات التنفيذ واتضاح الرؤيا والمواقف في عملية بلورة الاتفاقات في برامج عملية.
إذ أكدت متحدثة باسم اللجنة الأوروبية أن زيارة المفوض الأوروبي ستكون في سياق مواصلة المناقشات حول مذكرة التفاهم بشأن حزمة شاملة من تدابير الشراكة والتعاون بين الطرفين التونسي والأوروبي وتحويل جملة الاتفاقات إلى برامج وتطبيقها على أرض الواقع في وقت وجيز بما يخدم مصلحة الجانبين التونسي والأوروبي خاصة أن الاتفاق يتضمن تقديم مساعدات مادية لبلادنا وبعث مشاريع تعاون وشراكة في مجالات اقتصادية بما في ذلك الطاقة والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا ومعالجة ملف الهجرة بأشكالها وأبعادها المختلفة. إذ من شان هذا التأخير أن يفرز جملة من المراجعات أو الشروط الجديدة لا يلقي بثقله على مسار التفاهم التونسي الأوروبي خلال الأيام القادمة، باعتبار وزير الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج تحول إلى المجر للمشاركة في أشغال الدّورة الخامسة للّجنة المشتركة الاقتصاديّة التونسيّة المجرية التي تنتظم يومي 20 و21 من الشهر الجاري بالعاصمة بوداباست، بمرافقة من رجال الأعمال التونسيين وفي مقدمتهم سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
ويبدو أن الجانب الأوروبي دخل في مرحلة عملية في تدارس هذا الملف والسعي للبحث مع الطرف التونسي سبل تحويل تلك الاتفاقات إلى برامج عملية خاصة أن البلاغ المشترك الصادر في الغرض بين الجانبين التونسي والأوروبي أكد أنه سيتم اعتماد جملة تلك الاتفاقات قبل موفى شهر جوان الجاري يتولى بذلك مهمة معالجة المسألة نهاية الشهر الجاري خلال اجتماع المجلس الأوروبي باعتبار أن تلك البرامج والاتفاقات تتطلب رصد ميزانيات محددة لتنفيذها.
ويذكر أنه تم إصدار بيان مشترك بين الجانبين التونسي والأوروبي تحت عنوان "الاتفاق على حزمة شراكة شاملة" تضمن الخطوط العريضة لبرنامج التفاهم لتعزيز الأولويات الإستراتيجية المشتركة بما من شأنه أن يحقق الفائدة للطرفين ويعزز علاقات التعاون بمراعاة المصالح المشتركة في المجالات الاقتصادية والتجارية وفي الطاقة المستدامة والتنافسية والهجرة. وكانت أورسولا فون دير لاين، قد أكدت في نفس الزيارة أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتعبئة اعتمادات لتونس قدرها 900 مليون يورو، من أجل دعم الاقتصاد التونسي ودعم أنشطة الاستثمار الخاص والتجارة والطاقة وصرف تمويل إضافي عاجل ب150 مليون يورو لفائدة تونس. وكان الوزير الأول الهولندي، مارك روته قد أكد خلال نفس الزيارة بأن مجلس أوروبا سيجتمع نهاية الشهر الجاري، من أجل استثمار فرصة تمتين التعاون مع تونس، في إشارة إلى إمكانية المصادقة على حزمة شاملة للدعم المالي، بقيمة جملية تتجاوز مليار يورو. وغيرها من اتفاقات أخرى في مجالات التكنولوجيا وغيرها.
لذلك تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن يسفر عنه الاجتماع الأخير للاتحاد الأوروبي بشأن حزمة الاتفاقات الشاملة مع بلادنا بما يساهم في تسريع وضع مذكرة التفاهم بين الطرفين والدخول في مرحلة ثانية في تنفيذ وتفعيل ما تم الاتفاق عليه ليقين الجميع بحاجة كل جهة إلى تفعيل برامج التعاون وما يتيحه من حوار مشترك بين دول الشمال والجنوب لطرح أبز القضايا الحارقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذه المرحلة تحديدا، لاسيما في ظل ما يشهده العالم عامة وبلدان جنوب المتوسط وفي مقدمتها تونس من تطورات ومستجدات تعد البلدان الأوروبية طرفا فيها بشكل مباشر أو غير مباشر. لتضاف إلى ذلك ما يمكن أن تسفر عنه زيارة وزيرا داخلية كل من فرنسا وألمانيا الأخيرة باعتبار أن هذين البلدين اللذين يعدان شريكين تقليديين لتونس برزا بتخلفهما عن محطات التفاوض مع الجانب الأوروبي السابقة، لاسيما أن البعض يعتبر أن العنوان الأكبر للمفاوضات وما أسفرت عنه من اتفاقات بين الطرفين التونسي والأوروبي كان ملف الهجرة الذي أصبح يشكل الشغل الشاغل لبلدان الحوض الشمالي للمتوسط. وذلك بعد فشل كل المقاربات السابقة في التعاطي مع هذا الملف وأولهما المقاربة الأمنية للقضاء على الظاهرة، خاصة أن بلادنا تحولت إلى منطقة عبور بامتياز. وأن بعض الجهات تطالب البلدان الأوروبية بالتدخل السريع لحل الأزمة الاقتصادية في تونس في ظل رفض صندوق النقد الدولي الموافقة على إقراض بلادنا المبلغ المتفق عليه والشروط المجحفة التي يضعها في الغرض.
فيما تراهن الجهات الأوروبية في جوانب من طرحها للمسالة على أن تتحول بلادنا إلى منطقة توطين للمرحلين من أوروبا باعتبار أن دول الاتحاد الأوروبي أعلنت في بداية جوان الجاري عن توصلها لاتفاق حول تقاسم مسؤولية رعاية اللاجئين والمهاجرين، يقضي بوجوب تقاسم أعباء المهاجرين وطالبي اللجوء الواصلين حديثا إلى دول الاتحاد، على أن تدفع الدول الرافضة للمشاركة في تلك الآلية 20 ألف يورو عن كل مهاجر للدولة التي يتواجد بها. كما اتفق وزراء داخلية التكتل على وجوب التسريع بالبت بطلبات اللجوء، خاصة لمن هم غير مؤهلين للحصول على تلك الصفة، تمهيدا لترحيلهم. وهو ما اعتبره بعض الرافضين أو المنتقدين للاتفاقات التونسية الأوروبية يشكل خطرا على بلادنا لعدة اعتبارات منها الاقتصادية والاجتماعية.