دعا ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى إرجاء تنظيم الانتخابات المحلية واقترح تنقيح المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 والمتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم لتلافي بعض النقائص، وهذه النقائص حسب تأكيده ما كانت لتحصل لو أن فاروق بوعسكر رئيس الهيئة عرض مشروع هذا المرسوم على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيه، وأضاف في تصريح صحفي لـ"الصباح" أن رئيس الهيئة غالط رئيس الجمهورية لأنه لم يقع عرض مشروع المرسومين على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيهما ولاحظ أن إشراف الهيئة على عملية التقسيم الترابي للعمادات يضرب استقلاليتها.
ففي ما يتعلق بالعمل الذي تقوم به الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للتحديد الترابي للدوائر الانتخابية المحلية، أشار الجديدي إلى أن المرسوم عدد 10 سالف الذكر نص في فصله العاشر على أن التقسيم يتم بأمر، وذكر أن الجميع يعلم أن التقسيم الترابي إلى عمادات أو أقاليم، وضبط الحدود الترابية للعمادات أو الأقاليم، هو من الأعمال التي ترجع بالنظر للسلطة التنفيذية أي الإدارة والمصالح الإدارية التابعة للحكومة كل واختصاصها، وبالتالي فإن الجهات الإدارية هي المختصة وحدها ودون سواها في التقسيم الترابي التونسي، لأن التقسيم الترابي إلى عمادات يخضع إلى اعتبارات اقتصادية، واجتماعية، وديمغرافية، وجغرافية، وحتى إلى اعتبارات سياسية وعائلية وعروشية لا دخل للهيئة فيها. وذكر أنه يجب على الإدارة أن تقوم بالتقسيم بنفسها ولكن عندما تتدخل هيئة الانتخابات في التقسيم أو تساهم مع جهات إدارية في هذا العمل فستفقد الحياد والاستقلالية على اعتبار أنها ستدخل في حسابات ليست من مشمولاتها.
وأوضح عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن القانون الأساسي المتعلق بالهيئة واضح، إذ أنه أوكل للهيئة مهمة القيام بجميع العلميات المرتبطة بتنظيم الانتخابات وإدارتها والإشراف عليها وضمان شفافية الانتخابات والتصريح بالنتائج وخلاف ذلك هو تدخل في مسائل لا تعنيها وما قامت به يشكل خطرا على استقلاليتها.
رأي مجلس الهيئة
ولدى حديثه عن المرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم، والمرسوم المتعلق بالانتخابات البلدية أي المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 والمتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، أكد ماهر الجديدي أنه لم يقع عرضهما من طرف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيهما قبل ختمهما من قبل رئيس الجمهورية وإصدارهما في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وما قام به رئيس الهيئة، حسب وصفه، يعد مغالطة لرئيس الجمهورية.
وفسر محدثنا أنه حصل خلاف كبير بينه وبين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر حول هذه المسألة وبين أنه خلال اجتماع مجلس الهيئة الأخير تقدم بطلب لرئيس الهيئة لإطلاعه على رأي الهيئة في مشروعي المرسومين عدد 8 وعدد 10 لأنه لم يقع عرض مشروعي المرسومين المذكورين على أعضاء الهيئة قبل ختمها من طرف رئيس الجمهورية، وذكر أنه في تاريخ صدور المرسومين كان وقتها يشغل خطة نائب رئيس الهيئة ولكنه لم ير أحكام المرسومين إلا بعد صدورهما في الرائد الرسمي، وأضاف أن رئيس الهيئة عرض مشروع المرسومين بعد فوات الأوان وبعد أن وقع إصدارهما في الرائد الرسمي.
وفي ما يتعلق بمضامين المرسومين قال الجديدي إنه كعضو في مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ينصح السلطات العمومية بالتريث في إجراء الانتخابات المحلية وبتعديل المرسوم عدد 10 لأن هذا المرسوم نص على أن مدة الأعضاء المعينين عن طريق القرعة في المجالس الجهوية ثلاثة أشهر ولكن المرسوم لم يتضمن طريقة الطعن في قرارات القرعة وبالتالي فإن تنزيل النص على أرض الواقع سيطرح مشاكل كبيرة في علاقة بالطعن في قرارات القرعة ابتدائيا وإستئنافيا أمام المحكمة الإدارية وهي مسائل من شأنها أن تؤثر سلبا على سير المجالس.
وفسر الجديدي قائلا:"إنه ليس من المعقول أن يتم القيام بقرعة كل ثلاثة أشهر وطعون أمام المحكمة الإدارية وهو ما من شأنه أن يؤثر على استقرار المجالس الجهوية وسينعكس عدم استقرار المجالس الجهوية سلبيا على مجلس الجهات والأقاليم ولهذا السبب فإنني أقترح التريث في تنظيم الانتخابات المحلية كما أقترح تعديل المرسوم المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم لتلافي الصعوبات والنقائص علما وأنه ما كانت لهذه النقائص أن تحدث لو عرض رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مشروع المرسوم على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيه وللتوقي من النقائص".
ولاحظ في هذا السياق وجود تضارب في الفصل السابع من المرسوم المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم إذ نص الفصل المذكور على أنه يعدّ ناخبا لانتخابات المجلس الجهوي أعضاء المجالس المحلّية المنتخبة والرّاجعة ترابيّا للجهة المعنيّة، وفسر أن الفصل يتحدث عن الناخب وهو ما يفترض أن تكون هناك انتخابات لكن تركيبة المجالس الجهوية لا تتم عن طريق الانتخابات وإنما عن طريق القرعة.
وبالنسبة إلى رأيه في المرسوم عدد 8 المتعلق بالانتخابات البلدية بين الجديدي أنه لا بد من انتظار الإرادة السياسية بخصوص موعد تنظيم الانتخابات البلدية إذ تم حل المجالس البلدية ويجب انتظار الحلول التي ستقدمها السلطة السياسية، وأوضح أن الخيارات السياسية لا تعني الهيئة فالهيئة تنتظر إرادة المشرع وخارطة طريق رئيس الجمهورية للانتخابات البلدية ولكل حادث حديث، حسب تعبيره.
وخلص عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى أنه يوجه دعوة إلى السلطات العمومية وعلى رأسها رئيس الجمهورية لكي يتفهم الصعوبات الناجمة عن إصدار المرسومين عدد 8 وعدد 10 وأن يتريث في دعوة الناخبين إلى الانتخابات البلدية والانتخابات المحلية، وأن يقع تقديم مشروع قانون لتنقيح المرسوم عدد 10 وأن يتدخل رئيس الجمهورية باعتباره الضامن لاحترام الدستور للنأي بالهيئة عن الدخول في تجاذبات سياسية لأن ما تقوم به الهيئة اليوم من تقسيم للتراب التونسي إلى عمادات هو خارج عن صلاحياتها فهو مهمة الإدارة، وبعد أن تنهي الإدارة تقسيم التراب التونسي ترسل للهيئة خارطة تتضمن هذا التقسيم، وتتولى الهيئة إبداء رأيها فيه ثم بعد ذلك تقوم الإدارة بضبط التقسيم، ولا تقوم الهيئة بالتدخل فيه فهي هيئة مستقلة وأعضاؤها مستقلون، ومباشرة بعد أن تقوم الإدارة بمد الهيئة بحدود العمادات تتولى الهيئة ضبط المدارس الموجودة في حدود الدوائر الانتخابية لتكون هذه المدارس مراكز اقتراع.
ويرى ماهر الجديدي أنه من المفروض أن رئاسة الحكومة هي التي تشرف على تقسيم الدوائر بالتنسيق مع وزارة الداخلية وبقية الهياكل المتدخلة في هذه العملية وليست من صلاحيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن تشرف على التقسيم الترابي للدوائر لأن دورها يقتصر على إبداء الرأي في التقسيم، وبالتالي فإن ما قام به رئيس الهيئة حسب وصف الجديدي هو اعتداء صارخ على اختصاص الإدارة وذكر أن القرارات التي اتخذتها في هذا الشأن يمكن أن تكون قابلة للطعن عن طريق تجاوز السلطة أمام المحكمة الإدارية.
مراجعة التركيبة
تعقيبا عن استفسار حول تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الحالية وإن كان يعتبر أنها تركيبة مخالفة لأحكام الدستور، أجاب ماهر الجديدي أن تركيبة الهيئة نص عليها الفصل 134 من الدستور، فبمقتضى هذا الفصل تتركب الهيئة من تسعة أعضاء، ولكن الهيئة طبقا لأحكام المرســـوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامها، وهو مرسوم صدر قبل صدور الدستور، تتكون من سبعة أعضاء وهناك من بينهم عضو استقال وعضو آخر تم الإعلان عن شغور في خطته أي أن الهيئة حاليا تتكون من خمسة أعضاء فقط.
وأضاف الجديدي أنه لا بد اليوم أن تقع مراجعة التركيبة حتى تكون متلائمة مع أحكام الفصل 134 من دستور 2022 وهذه العملية تتم بمبادرة تشريعية يقدمها رئيس الجمهورية أو بمقترح قانون يتم تقديمه من قبل 10 أعضاء بمجلس نواب الشعب. وذكر أن الهيئة كما هي عليه الآن من الأفضل إعادة تركيبتها وهيكلتها ومراجعة الصلاحيات الموكولة لها وتكون هذه المراجعة في اتجاه إضفاء نوع من التعديل خاصة على مستوى سلطات رئيس الهيئة، إذ يجب أن تكون سلطات رئيس الهيئة خاصة سلطات التسيير الإداري لرئيس الهيئة مراقبة من طرف مجلس الهيئة للحيلولة دون حصول تجاوزات أو تعسف في استعمال السلطة.
ويرى ماهر الجديدي أن التعلل بأن الهيئة في الوقت الراهن تنشط تحت المرســـوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامها ليس له أي مبرر، وذلك على اعتبار أن أحكام هذا المرسوم تتنزل في إطار تنفيذ الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، وعلى اعتبار أن هذه التدابير انتهت بالاستفتاء على دستور 25 جويلية 2022 ودخول مجلس نواب الشعب في وظيفته التشريعية، وبالتالي فإن العمل بالمراسيم التي وقع اتخاذها في إطار التدابير الاستثنائية يجب أن ينتهي وأن يقع المرور إلى إرساء المؤسسات الدستورية ومنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنصوص عليها في الفصل 134 من الدستور، لأن الحالة العادية تقتضي أن تكون هناك هيئة تركيبتها تتم بقانون وليس بمرسوم.
مجلس الهيئة
وردا عن سؤال حول سبب عدم انعقاد مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات التشريعية إلا مرة واحدة فقط، أجاب عضو مجلس الهيئة ماهر الجديدي أنه من المفروض عندما تكون هناك استعدادات للمحطات الانتخابية أن يقع تنظيم اجتماعات دورية لمجلس الهيئة لكن عمل الهيئة تحول إلى عمل إداري وليس مجلسي لأن رئيس الهيئة حسب قوله أصبح يستغل سلطاته دون رجوع إلى مجلس الهيئة ودون تفويض له من قبل مجلس الهيئة وهو خرق للقانون الانتخابي ولقانون الهيئة فقرار إشراف الهيئة على تقسيم العمادات لم يقع تفويض بشأنه من مجلس الهيئة وإنما هو قرار انفرادي تم اتخاذه من قبل رئيس الهيئة في خرق جسيم للقانون لأن هذه المسألة لا بد أن تتم بتفويض من مجلس الهيئة وأن يتم تحرير محضر في الغرض ينشر في الرائد الرسمي وهو ما يعني أن كل اللقاءات التي قامت بها الهيئة وكل الاجتماعات التي نظمتها حول مسألة التقسيم خارجة عن القانون لأنه لا يوجد تفويض من مجلس الهيئة وتبعا لذلك يمكن أن تكون موضوع طعن أمام المحكمة الإدارية في صورة اتخاذ قرارات إدارية تتعلق بالتقسيم وهذا قد ينسف العملية الانتخابية برمتها.
وبخصوص مواعيد الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة بين الجديدي أنه ليس من صلاحيات أي شخص أن يضبط تاريخ الانتخابيات وفسر أن ضبط تاريخ الانتخابات هو مسألة سيادية تعود بالنظر إلى رئيس الجمهورية، فرئيس الجمهورية هو الجهة الوحيدة التي تقوم بتحديد التواريخ وكل التصريحات التي تمت في المنابر الإعلامية من هنا وهناك حول موعد الانتخابات لا تلزم إلا أصحابها.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
دعا ماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى إرجاء تنظيم الانتخابات المحلية واقترح تنقيح المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 والمتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم لتلافي بعض النقائص، وهذه النقائص حسب تأكيده ما كانت لتحصل لو أن فاروق بوعسكر رئيس الهيئة عرض مشروع هذا المرسوم على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيه، وأضاف في تصريح صحفي لـ"الصباح" أن رئيس الهيئة غالط رئيس الجمهورية لأنه لم يقع عرض مشروع المرسومين على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيهما ولاحظ أن إشراف الهيئة على عملية التقسيم الترابي للعمادات يضرب استقلاليتها.
ففي ما يتعلق بالعمل الذي تقوم به الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للتحديد الترابي للدوائر الانتخابية المحلية، أشار الجديدي إلى أن المرسوم عدد 10 سالف الذكر نص في فصله العاشر على أن التقسيم يتم بأمر، وذكر أن الجميع يعلم أن التقسيم الترابي إلى عمادات أو أقاليم، وضبط الحدود الترابية للعمادات أو الأقاليم، هو من الأعمال التي ترجع بالنظر للسلطة التنفيذية أي الإدارة والمصالح الإدارية التابعة للحكومة كل واختصاصها، وبالتالي فإن الجهات الإدارية هي المختصة وحدها ودون سواها في التقسيم الترابي التونسي، لأن التقسيم الترابي إلى عمادات يخضع إلى اعتبارات اقتصادية، واجتماعية، وديمغرافية، وجغرافية، وحتى إلى اعتبارات سياسية وعائلية وعروشية لا دخل للهيئة فيها. وذكر أنه يجب على الإدارة أن تقوم بالتقسيم بنفسها ولكن عندما تتدخل هيئة الانتخابات في التقسيم أو تساهم مع جهات إدارية في هذا العمل فستفقد الحياد والاستقلالية على اعتبار أنها ستدخل في حسابات ليست من مشمولاتها.
وأوضح عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن القانون الأساسي المتعلق بالهيئة واضح، إذ أنه أوكل للهيئة مهمة القيام بجميع العلميات المرتبطة بتنظيم الانتخابات وإدارتها والإشراف عليها وضمان شفافية الانتخابات والتصريح بالنتائج وخلاف ذلك هو تدخل في مسائل لا تعنيها وما قامت به يشكل خطرا على استقلاليتها.
رأي مجلس الهيئة
ولدى حديثه عن المرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم، والمرسوم المتعلق بالانتخابات البلدية أي المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 والمتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، أكد ماهر الجديدي أنه لم يقع عرضهما من طرف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيهما قبل ختمهما من قبل رئيس الجمهورية وإصدارهما في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وما قام به رئيس الهيئة، حسب وصفه، يعد مغالطة لرئيس الجمهورية.
وفسر محدثنا أنه حصل خلاف كبير بينه وبين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر حول هذه المسألة وبين أنه خلال اجتماع مجلس الهيئة الأخير تقدم بطلب لرئيس الهيئة لإطلاعه على رأي الهيئة في مشروعي المرسومين عدد 8 وعدد 10 لأنه لم يقع عرض مشروعي المرسومين المذكورين على أعضاء الهيئة قبل ختمها من طرف رئيس الجمهورية، وذكر أنه في تاريخ صدور المرسومين كان وقتها يشغل خطة نائب رئيس الهيئة ولكنه لم ير أحكام المرسومين إلا بعد صدورهما في الرائد الرسمي، وأضاف أن رئيس الهيئة عرض مشروع المرسومين بعد فوات الأوان وبعد أن وقع إصدارهما في الرائد الرسمي.
وفي ما يتعلق بمضامين المرسومين قال الجديدي إنه كعضو في مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ينصح السلطات العمومية بالتريث في إجراء الانتخابات المحلية وبتعديل المرسوم عدد 10 لأن هذا المرسوم نص على أن مدة الأعضاء المعينين عن طريق القرعة في المجالس الجهوية ثلاثة أشهر ولكن المرسوم لم يتضمن طريقة الطعن في قرارات القرعة وبالتالي فإن تنزيل النص على أرض الواقع سيطرح مشاكل كبيرة في علاقة بالطعن في قرارات القرعة ابتدائيا وإستئنافيا أمام المحكمة الإدارية وهي مسائل من شأنها أن تؤثر سلبا على سير المجالس.
وفسر الجديدي قائلا:"إنه ليس من المعقول أن يتم القيام بقرعة كل ثلاثة أشهر وطعون أمام المحكمة الإدارية وهو ما من شأنه أن يؤثر على استقرار المجالس الجهوية وسينعكس عدم استقرار المجالس الجهوية سلبيا على مجلس الجهات والأقاليم ولهذا السبب فإنني أقترح التريث في تنظيم الانتخابات المحلية كما أقترح تعديل المرسوم المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم لتلافي الصعوبات والنقائص علما وأنه ما كانت لهذه النقائص أن تحدث لو عرض رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مشروع المرسوم على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيه وللتوقي من النقائص".
ولاحظ في هذا السياق وجود تضارب في الفصل السابع من المرسوم المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم إذ نص الفصل المذكور على أنه يعدّ ناخبا لانتخابات المجلس الجهوي أعضاء المجالس المحلّية المنتخبة والرّاجعة ترابيّا للجهة المعنيّة، وفسر أن الفصل يتحدث عن الناخب وهو ما يفترض أن تكون هناك انتخابات لكن تركيبة المجالس الجهوية لا تتم عن طريق الانتخابات وإنما عن طريق القرعة.
وبالنسبة إلى رأيه في المرسوم عدد 8 المتعلق بالانتخابات البلدية بين الجديدي أنه لا بد من انتظار الإرادة السياسية بخصوص موعد تنظيم الانتخابات البلدية إذ تم حل المجالس البلدية ويجب انتظار الحلول التي ستقدمها السلطة السياسية، وأوضح أن الخيارات السياسية لا تعني الهيئة فالهيئة تنتظر إرادة المشرع وخارطة طريق رئيس الجمهورية للانتخابات البلدية ولكل حادث حديث، حسب تعبيره.
وخلص عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى أنه يوجه دعوة إلى السلطات العمومية وعلى رأسها رئيس الجمهورية لكي يتفهم الصعوبات الناجمة عن إصدار المرسومين عدد 8 وعدد 10 وأن يتريث في دعوة الناخبين إلى الانتخابات البلدية والانتخابات المحلية، وأن يقع تقديم مشروع قانون لتنقيح المرسوم عدد 10 وأن يتدخل رئيس الجمهورية باعتباره الضامن لاحترام الدستور للنأي بالهيئة عن الدخول في تجاذبات سياسية لأن ما تقوم به الهيئة اليوم من تقسيم للتراب التونسي إلى عمادات هو خارج عن صلاحياتها فهو مهمة الإدارة، وبعد أن تنهي الإدارة تقسيم التراب التونسي ترسل للهيئة خارطة تتضمن هذا التقسيم، وتتولى الهيئة إبداء رأيها فيه ثم بعد ذلك تقوم الإدارة بضبط التقسيم، ولا تقوم الهيئة بالتدخل فيه فهي هيئة مستقلة وأعضاؤها مستقلون، ومباشرة بعد أن تقوم الإدارة بمد الهيئة بحدود العمادات تتولى الهيئة ضبط المدارس الموجودة في حدود الدوائر الانتخابية لتكون هذه المدارس مراكز اقتراع.
ويرى ماهر الجديدي أنه من المفروض أن رئاسة الحكومة هي التي تشرف على تقسيم الدوائر بالتنسيق مع وزارة الداخلية وبقية الهياكل المتدخلة في هذه العملية وليست من صلاحيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن تشرف على التقسيم الترابي للدوائر لأن دورها يقتصر على إبداء الرأي في التقسيم، وبالتالي فإن ما قام به رئيس الهيئة حسب وصف الجديدي هو اعتداء صارخ على اختصاص الإدارة وذكر أن القرارات التي اتخذتها في هذا الشأن يمكن أن تكون قابلة للطعن عن طريق تجاوز السلطة أمام المحكمة الإدارية.
مراجعة التركيبة
تعقيبا عن استفسار حول تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الحالية وإن كان يعتبر أنها تركيبة مخالفة لأحكام الدستور، أجاب ماهر الجديدي أن تركيبة الهيئة نص عليها الفصل 134 من الدستور، فبمقتضى هذا الفصل تتركب الهيئة من تسعة أعضاء، ولكن الهيئة طبقا لأحكام المرســـوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامها، وهو مرسوم صدر قبل صدور الدستور، تتكون من سبعة أعضاء وهناك من بينهم عضو استقال وعضو آخر تم الإعلان عن شغور في خطته أي أن الهيئة حاليا تتكون من خمسة أعضاء فقط.
وأضاف الجديدي أنه لا بد اليوم أن تقع مراجعة التركيبة حتى تكون متلائمة مع أحكام الفصل 134 من دستور 2022 وهذه العملية تتم بمبادرة تشريعية يقدمها رئيس الجمهورية أو بمقترح قانون يتم تقديمه من قبل 10 أعضاء بمجلس نواب الشعب. وذكر أن الهيئة كما هي عليه الآن من الأفضل إعادة تركيبتها وهيكلتها ومراجعة الصلاحيات الموكولة لها وتكون هذه المراجعة في اتجاه إضفاء نوع من التعديل خاصة على مستوى سلطات رئيس الهيئة، إذ يجب أن تكون سلطات رئيس الهيئة خاصة سلطات التسيير الإداري لرئيس الهيئة مراقبة من طرف مجلس الهيئة للحيلولة دون حصول تجاوزات أو تعسف في استعمال السلطة.
ويرى ماهر الجديدي أن التعلل بأن الهيئة في الوقت الراهن تنشط تحت المرســـوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامها ليس له أي مبرر، وذلك على اعتبار أن أحكام هذا المرسوم تتنزل في إطار تنفيذ الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، وعلى اعتبار أن هذه التدابير انتهت بالاستفتاء على دستور 25 جويلية 2022 ودخول مجلس نواب الشعب في وظيفته التشريعية، وبالتالي فإن العمل بالمراسيم التي وقع اتخاذها في إطار التدابير الاستثنائية يجب أن ينتهي وأن يقع المرور إلى إرساء المؤسسات الدستورية ومنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنصوص عليها في الفصل 134 من الدستور، لأن الحالة العادية تقتضي أن تكون هناك هيئة تركيبتها تتم بقانون وليس بمرسوم.
مجلس الهيئة
وردا عن سؤال حول سبب عدم انعقاد مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات التشريعية إلا مرة واحدة فقط، أجاب عضو مجلس الهيئة ماهر الجديدي أنه من المفروض عندما تكون هناك استعدادات للمحطات الانتخابية أن يقع تنظيم اجتماعات دورية لمجلس الهيئة لكن عمل الهيئة تحول إلى عمل إداري وليس مجلسي لأن رئيس الهيئة حسب قوله أصبح يستغل سلطاته دون رجوع إلى مجلس الهيئة ودون تفويض له من قبل مجلس الهيئة وهو خرق للقانون الانتخابي ولقانون الهيئة فقرار إشراف الهيئة على تقسيم العمادات لم يقع تفويض بشأنه من مجلس الهيئة وإنما هو قرار انفرادي تم اتخاذه من قبل رئيس الهيئة في خرق جسيم للقانون لأن هذه المسألة لا بد أن تتم بتفويض من مجلس الهيئة وأن يتم تحرير محضر في الغرض ينشر في الرائد الرسمي وهو ما يعني أن كل اللقاءات التي قامت بها الهيئة وكل الاجتماعات التي نظمتها حول مسألة التقسيم خارجة عن القانون لأنه لا يوجد تفويض من مجلس الهيئة وتبعا لذلك يمكن أن تكون موضوع طعن أمام المحكمة الإدارية في صورة اتخاذ قرارات إدارية تتعلق بالتقسيم وهذا قد ينسف العملية الانتخابية برمتها.
وبخصوص مواعيد الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة بين الجديدي أنه ليس من صلاحيات أي شخص أن يضبط تاريخ الانتخابيات وفسر أن ضبط تاريخ الانتخابات هو مسألة سيادية تعود بالنظر إلى رئيس الجمهورية، فرئيس الجمهورية هو الجهة الوحيدة التي تقوم بتحديد التواريخ وكل التصريحات التي تمت في المنابر الإعلامية من هنا وهناك حول موعد الانتخابات لا تلزم إلا أصحابها.