إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طرحت في أيام قرطاج الكوريغرافية .. كيف يكون " الناقد الفني " أفضل "عدو" للفنان؟

 

تونس- الصباح

 انتظمت بقاعة الفن الرابع بالعاصمة مائدة مستديرة حول دور النقد الفني في تسليط الأضواء على الحياة الفنية وعلى مواكبة التطورات التي تشهدها المجالات الفنية ومن بينها مجال الرقص والكوريغرافيا، وذلك بمشاركة نقاد وفنانين من تونس وفرنسا والسنغال وبحضور عدد من المهتمين من تونس ومن ضيوف ايام قرطاج الكوريغرافية التي تتواصل من 10 إلى 17 جوان الجاري ويضم برنامجها  مجموعة من اللقاءات من بينها اللقاء المذكور.

ورغم أن  موضوع النقد الفني هو قديم جدا وهناك من يرجعه إلى عهد الحضارة اليونانية القديمة، فإن النقاش حول دوره مازال متواصلا إلى ايامنا هذه، بل ازدادت الاسئلة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي خولت للجميع نشر محتويات  متنوعة من بينها نصوصا نقدية.

موضوع قديم متجدد

وقد مثلت المائدة المستديرة التي نظمتها هيئة ايام قرطاج الكوريغرافية فرصة للعودة على موضوع النقد واثارت كما كان متوقعا العديد من ردود الافعال مما يبين أن مسألة العلاقة بين الفنان والناقد علاقة  تبقى مثيرة للفضول ومحركة للسواكن.

 وادارت اللقاء الذي يحمل عنوان" هل الناقد أفضل عدو للفنان؟"،  "الزاديسبني" Elsa Despiney"وهي مختصة في تاريخ الفن ونظمت عدة معارض فنية في افريقيا ولها اصدارات حول الموضوع ولها دراية  جيدة حول الفن المعاصر في افريقيا عموما وشارك فيه بالخصوص الناقد الفني السينغالي " ايستاش أغبوتون"  Eustache Agboton"والناقدة الفنية  الفرنسية "ليا شالمونLeaChalmont" وهي صحفية مستقلة ومنسقة معارض وتعمل بين فرنسا والمانيا، وكذلك الفنانة الكوريغرافية الشابة أميمة بحري.

اهتم اللقاء بطبيعة الحال بتأثير النقد على الابداعات الفنية من وجهات نظر مختلفة. فإن كان الناقد في دول مثل فرنسا والمانيا يقوم بدوره بشكل منظم وإن كان النقد الفني عموما في الغرب هو تقليد راسخ، فإن المهمة لا تزال غير واضحة في بلدان اخرى.

فوظيفة النقد الفني في بلد مثل تونس، وفق اميمة البحري، شبه غائبة وقلما تصدر مقالات نقدية فنية في الصحافة التونسية، حول فن الرقص والكوريغرافيا، وان حدث ونشرت مقالات، فإنها عادة ما تكتفي باعادة ما يرد في الجذاذة الفنية للعرض وفق قولها، مشيرة إلى أن الصحفيين الثقافيين  لا يكترثون كثيرا للفن الذي يحمل رسائل وأن وسائل التواصل الاجتماعي بصدد تعويض هذا الدور المنقوص.

 وقد استشهدت المتحدثة في هذا الصدد بحادثة عاشتها شخصيا، تمثلت في تعرضها اثناء مشاركتها في حدث فني إلى ظروف اعاقت تقديم عرضها، وأنها دعت الصحافة الثقافية للحديث عن الموضوع،  بدون أن تظفر باجابة  مؤكدة أن وسائل التواصل الاجتماعي تكفلت بالموضوع وأن قضيتها لقيت صدى كبيرا بفضلها وذلك رغم غياب النقاد والصحافة الثقافية.

من جهته اعتبر الناقد الصحفي المختص في مجال الفن اسيتاش اغبوتن، ان العلاقة بين الناقد الفني والمبدعين كثيرا ما تكون متوترة لأن كل طرف لا دراية لها كافية بعمل الآخر وهو يعتقد أنه لا بد من شيء من التفهم حتى يتم تحقيق الهدف الاسمى وهو "تربية " الجمهور على تذوق الفن بشكل افضل وهي مهمة الناقد بامتياز. واشار المتحدث ان الناقد الفني يمارس عمله في استقلالية تامة حتى وإن احتاج إلى ادوات تسهل عمله مثل الجذاذة الفنية، مؤكدا على أن الميديا الجديدة ( وهو صاحب موقع اعلامي متخصص في الثقافة يقول إنه في وضعية جيدة حاليا) يمكن ان تمارس عملية النقد الفني بشكل جيد.

من جهتها اشارت المتدخلة الفرنسية ليا شالمون، إلى أنه رغم وجود تقاليد راسخة في النقد الفني في بلدان مثل فرنسا والمانيا، إلا أن الصحافة الثقافية تعيش تقريبا نفس المعاناة. فمن جهة ليس من السهل تقبل النقد، حتى أن بعض الفنانين يواجهون الصحفي والناقد بعدائية واضحة اذا حدث وكتب نصا لا يروق لهم، ومن جهة اخرى،  يحتاج الناقد للتعرف عن قرب عن الفنان، ليفهم جيدا افكاره والقيم الفنية التي يدافع عنها دون أن يؤثر ذلك على موضوعيته وهو ما يمثل بالنسبة لك اشكالية هامة. وتعتبر المتحدثة أن اغلب الدول لا تعير الثقافة الاهتمام الكبير في حين ان الثقافة يمكن أن تكون مصدرا اقتصاديا هما ومداخيلها وفق العديد من التجارب هامة واحيانا تفوق مداخيل قطاعات يعتقد أنها مربحة أكثر، وهنا يكمن دور النقد الفني المطلوب منه توعية السياسيين باهمية المراهنة على الثقافة والفنون.

الى أي مدى مازال الفنان يحتاج الناقد الفني ؟

وقد احتد النقاش بالمناسبة حول مدى حاجة الفنان للناقد الفني للتواصل مع الجمهور خاصة مع تباين المواقف حول الموضوع. فالفنانة الكوريغرافية أميمة بحري تعتبر أن علاقة الفنان علاقة مباشرة مع الجمهور، في حين يظل الفنان في حاجة وفق الفنانة الكوريغرافية المعروفة والمسؤولة عن بالي أوبرا تونس، ملاك السبعي،  إلى معرفة رجع الصدى حول عمله، معبرة عن استغرابها من قلة النشريات أو الدوريات الثقافية في  بلد مثل تونس، يعج  بالفنانين والمبدعين في شتى المجالات.

وفي ردة فعلها حول مسألة تعويض مواقع التواصل الاجتماعي، للصحافة الثقافية، وقيامها بعمل نقدي لا يتوفر حتى في الصحافة الكلاسيكية، وفق ما اشار إليه بعض للحضور،  اعتبرت ملاك السبعي أن النقد الفني ملزم باحترام جملة من الاخلاقيات، التي لا تتوفر بالضرورة بصفحات التواصل الاجتماعي مؤكدة على أهمية  الصحافة الثقافية التي من المفروض تضطلع بدور كبير في  نشر المعلومة وفي مرافقة الفنان والتعريف بالمقترحات الابداعية، الشيء الذي يكاد يغيب في بلادنا.  وهو من وجهة نظر العديد من المشاركين في النقاش الذي فتح بالمناسبة، من الاسباب التي تحول دون تكوين ذائقة فنية متطورة وحس نقدي حقيقي لدى الجماهير.

وقد مثل اللقاء فرصة بالنسبة للمتدخلين للاشارة إلى ضرورة تطوير اساليب النقد الفني ومواكبة التطور التكنولوجي والانفتاح اكثر على المتغيرات التي يشهدها العالم والتي تنعكس بالضرورة على الاذواق.

 الاشكاليات التي طرحت كانت عديدة ومن بينها احساس الفنان عموما والفنان المختص في مجال الرقص والكوريغرافيا، بالغبن في غياب الاهتمام الاعلامي والنقدي بعمله، في بلد مثل تونس، مازال الفنان فيها  يناضل من اجل   الاعتراف بوجوده، لكن الشيء الثابت هو أن العلاقة بين الابداع والنقد الفني تظل علاقة عضوية، ولا غنى فيها  لهذا الطرف  عن الطرف الآخر، حتى وإن  تغيرت الكثير من الاشياء مع تطور العصر.

حياة السايب

طرحت في أيام قرطاج الكوريغرافية ..  كيف يكون " الناقد الفني " أفضل "عدو"  للفنان؟

 

تونس- الصباح

 انتظمت بقاعة الفن الرابع بالعاصمة مائدة مستديرة حول دور النقد الفني في تسليط الأضواء على الحياة الفنية وعلى مواكبة التطورات التي تشهدها المجالات الفنية ومن بينها مجال الرقص والكوريغرافيا، وذلك بمشاركة نقاد وفنانين من تونس وفرنسا والسنغال وبحضور عدد من المهتمين من تونس ومن ضيوف ايام قرطاج الكوريغرافية التي تتواصل من 10 إلى 17 جوان الجاري ويضم برنامجها  مجموعة من اللقاءات من بينها اللقاء المذكور.

ورغم أن  موضوع النقد الفني هو قديم جدا وهناك من يرجعه إلى عهد الحضارة اليونانية القديمة، فإن النقاش حول دوره مازال متواصلا إلى ايامنا هذه، بل ازدادت الاسئلة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي خولت للجميع نشر محتويات  متنوعة من بينها نصوصا نقدية.

موضوع قديم متجدد

وقد مثلت المائدة المستديرة التي نظمتها هيئة ايام قرطاج الكوريغرافية فرصة للعودة على موضوع النقد واثارت كما كان متوقعا العديد من ردود الافعال مما يبين أن مسألة العلاقة بين الفنان والناقد علاقة  تبقى مثيرة للفضول ومحركة للسواكن.

 وادارت اللقاء الذي يحمل عنوان" هل الناقد أفضل عدو للفنان؟"،  "الزاديسبني" Elsa Despiney"وهي مختصة في تاريخ الفن ونظمت عدة معارض فنية في افريقيا ولها اصدارات حول الموضوع ولها دراية  جيدة حول الفن المعاصر في افريقيا عموما وشارك فيه بالخصوص الناقد الفني السينغالي " ايستاش أغبوتون"  Eustache Agboton"والناقدة الفنية  الفرنسية "ليا شالمونLeaChalmont" وهي صحفية مستقلة ومنسقة معارض وتعمل بين فرنسا والمانيا، وكذلك الفنانة الكوريغرافية الشابة أميمة بحري.

اهتم اللقاء بطبيعة الحال بتأثير النقد على الابداعات الفنية من وجهات نظر مختلفة. فإن كان الناقد في دول مثل فرنسا والمانيا يقوم بدوره بشكل منظم وإن كان النقد الفني عموما في الغرب هو تقليد راسخ، فإن المهمة لا تزال غير واضحة في بلدان اخرى.

فوظيفة النقد الفني في بلد مثل تونس، وفق اميمة البحري، شبه غائبة وقلما تصدر مقالات نقدية فنية في الصحافة التونسية، حول فن الرقص والكوريغرافيا، وان حدث ونشرت مقالات، فإنها عادة ما تكتفي باعادة ما يرد في الجذاذة الفنية للعرض وفق قولها، مشيرة إلى أن الصحفيين الثقافيين  لا يكترثون كثيرا للفن الذي يحمل رسائل وأن وسائل التواصل الاجتماعي بصدد تعويض هذا الدور المنقوص.

 وقد استشهدت المتحدثة في هذا الصدد بحادثة عاشتها شخصيا، تمثلت في تعرضها اثناء مشاركتها في حدث فني إلى ظروف اعاقت تقديم عرضها، وأنها دعت الصحافة الثقافية للحديث عن الموضوع،  بدون أن تظفر باجابة  مؤكدة أن وسائل التواصل الاجتماعي تكفلت بالموضوع وأن قضيتها لقيت صدى كبيرا بفضلها وذلك رغم غياب النقاد والصحافة الثقافية.

من جهته اعتبر الناقد الصحفي المختص في مجال الفن اسيتاش اغبوتن، ان العلاقة بين الناقد الفني والمبدعين كثيرا ما تكون متوترة لأن كل طرف لا دراية لها كافية بعمل الآخر وهو يعتقد أنه لا بد من شيء من التفهم حتى يتم تحقيق الهدف الاسمى وهو "تربية " الجمهور على تذوق الفن بشكل افضل وهي مهمة الناقد بامتياز. واشار المتحدث ان الناقد الفني يمارس عمله في استقلالية تامة حتى وإن احتاج إلى ادوات تسهل عمله مثل الجذاذة الفنية، مؤكدا على أن الميديا الجديدة ( وهو صاحب موقع اعلامي متخصص في الثقافة يقول إنه في وضعية جيدة حاليا) يمكن ان تمارس عملية النقد الفني بشكل جيد.

من جهتها اشارت المتدخلة الفرنسية ليا شالمون، إلى أنه رغم وجود تقاليد راسخة في النقد الفني في بلدان مثل فرنسا والمانيا، إلا أن الصحافة الثقافية تعيش تقريبا نفس المعاناة. فمن جهة ليس من السهل تقبل النقد، حتى أن بعض الفنانين يواجهون الصحفي والناقد بعدائية واضحة اذا حدث وكتب نصا لا يروق لهم، ومن جهة اخرى،  يحتاج الناقد للتعرف عن قرب عن الفنان، ليفهم جيدا افكاره والقيم الفنية التي يدافع عنها دون أن يؤثر ذلك على موضوعيته وهو ما يمثل بالنسبة لك اشكالية هامة. وتعتبر المتحدثة أن اغلب الدول لا تعير الثقافة الاهتمام الكبير في حين ان الثقافة يمكن أن تكون مصدرا اقتصاديا هما ومداخيلها وفق العديد من التجارب هامة واحيانا تفوق مداخيل قطاعات يعتقد أنها مربحة أكثر، وهنا يكمن دور النقد الفني المطلوب منه توعية السياسيين باهمية المراهنة على الثقافة والفنون.

الى أي مدى مازال الفنان يحتاج الناقد الفني ؟

وقد احتد النقاش بالمناسبة حول مدى حاجة الفنان للناقد الفني للتواصل مع الجمهور خاصة مع تباين المواقف حول الموضوع. فالفنانة الكوريغرافية أميمة بحري تعتبر أن علاقة الفنان علاقة مباشرة مع الجمهور، في حين يظل الفنان في حاجة وفق الفنانة الكوريغرافية المعروفة والمسؤولة عن بالي أوبرا تونس، ملاك السبعي،  إلى معرفة رجع الصدى حول عمله، معبرة عن استغرابها من قلة النشريات أو الدوريات الثقافية في  بلد مثل تونس، يعج  بالفنانين والمبدعين في شتى المجالات.

وفي ردة فعلها حول مسألة تعويض مواقع التواصل الاجتماعي، للصحافة الثقافية، وقيامها بعمل نقدي لا يتوفر حتى في الصحافة الكلاسيكية، وفق ما اشار إليه بعض للحضور،  اعتبرت ملاك السبعي أن النقد الفني ملزم باحترام جملة من الاخلاقيات، التي لا تتوفر بالضرورة بصفحات التواصل الاجتماعي مؤكدة على أهمية  الصحافة الثقافية التي من المفروض تضطلع بدور كبير في  نشر المعلومة وفي مرافقة الفنان والتعريف بالمقترحات الابداعية، الشيء الذي يكاد يغيب في بلادنا.  وهو من وجهة نظر العديد من المشاركين في النقاش الذي فتح بالمناسبة، من الاسباب التي تحول دون تكوين ذائقة فنية متطورة وحس نقدي حقيقي لدى الجماهير.

وقد مثل اللقاء فرصة بالنسبة للمتدخلين للاشارة إلى ضرورة تطوير اساليب النقد الفني ومواكبة التطور التكنولوجي والانفتاح اكثر على المتغيرات التي يشهدها العالم والتي تنعكس بالضرورة على الاذواق.

 الاشكاليات التي طرحت كانت عديدة ومن بينها احساس الفنان عموما والفنان المختص في مجال الرقص والكوريغرافيا، بالغبن في غياب الاهتمام الاعلامي والنقدي بعمله، في بلد مثل تونس، مازال الفنان فيها  يناضل من اجل   الاعتراف بوجوده، لكن الشيء الثابت هو أن العلاقة بين الابداع والنقد الفني تظل علاقة عضوية، ولا غنى فيها  لهذا الطرف  عن الطرف الآخر، حتى وإن  تغيرت الكثير من الاشياء مع تطور العصر.

حياة السايب