إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إثر زيارة ميلوني والوفد الأوروبي.. صفحة جديدة في العلاقات التونسية الأوروبية ومراجعة بعض الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية

 

تونس – الصباح

هل حسم استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيد لرئيسة مجلس الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني في زيارة العمل الثانية التي أدتها لقصر قرطاج نهاية الأسبوع المنقضي بعد زيارة أولى بحر نفس الأسبوع، في الملفات الحارقة المطروحة بين تونس وإيطاليا من ناحية وبلادنا والاتحاد الأوروبي والمانحين الدوليين من ناحية أخرى في علاقة بالهجرة والتعاون الاقتصادي والدعم المالي، خاصة أن ميلوني كانت في هذه الزيارة الأخيرة مرفوقة بكل من الوزير الأول الهولندي مارك روته إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أروسولا فون دير لاين؟

يأتي ذلك بعد تواصل ماراطون المفاوضات مع المانحين الدوليين للحصول على قرض كفيل بإخراج بلادنا من الوضعية المالية الصعبة التي تتخبط فيها وتداعيات ذلك على الاقتصادية والاجتماعية، وتباين القراءات لسياسة تونس الخارجية في ظل التغيرات الجيواستراتيجية التي ما انفك يعرفها العالم في ظل سياسة الموازنات والتموقع الجديدة، إضافة إلى تعالي الدعوات في أوساط مختلفة، للسلطات الرسمية التونسية لتغيير سياستها الخارجية والدخول في تحالفات جديدة والقطع مع التحالفات القديمة ووضع حد للاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية القديمة بما في ذلك ما يجمع بلادنا ببلدان الاتحاد الأوروبي والبحث عن تحالفات وأسواق جديدة. ليعيد بذلك سعيد تونس من جديد إلى "الفضاء الأوروبي" بفضل ثمرة المجهود الدبلوماسي الذي قامت به الحكومة الإيطالية، وفق تأكيد ميلوني على اعتبار أن ذلك سيمهّد الطريق نحو شراكة إستراتيجية بين الإتحاد الأوروبي وتونس كما أنها ستساعد على تحقيق النمو في ضفتي المتوسّط. ليتأكد ذلك عبر جملة من اتفاقات التعاون والشراكة ومراجعة بعض الاتفاقيات الأخرى بين الجانبين في التجارة وغيرها، وهي الكفيلة بالمساهمة في حلحلة الأزمات الحارقة التي تعاني منها بلادنا في هذه الفترة، خاصة أمام الدور الكبير الذي لعبه الجانب الإيطالي منذ مدة في الدفاع عن الملف التونسي على صعيد دولي وتعهد حكومة ميلوني بالدفع لموافقة صندوق النقد الدولي على منح بلادنا القرض المنتظر في أقرب الآجال، لكن مع مراعاة تشبث الجانب التونسي بعدم قبول شروط هذا البنك المجحفة نظرا لتداعيات ذلك الاجتماعية بالأساس، مثلما شدد على ذلك رئيس الجمهورية في عديد المناسبات.

فرغم اختلاف القراءات لشكل الزيارة الثانية لميلوني والوفد الأوروبي المرافق لها، وأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما سبقها من تصريحات وتحاليل ومواقف متباينة خاصة من الجانب التونسي، فإن ما تضمنه البيان المشترك الذي صدر إثر نهاية زيارة العمل الرسمية الأخيرة بين تونس والإتحاد الأوروبي تحت عنوان "الاتفاق على حزمة شراكة شاملة" لتعزيز الأولويات الإستراتيجية المشتركة في جميع هذه المجالات بما من شانه أن يحقق الفائدة للطرفين ويعزز علاقات التعاون بمراعاة المصالح المشتركة. وكان ذلك كفيلا للتوصل إلى بلورة تفاهم واتفاق حول جملة من المسائل التي ظلت عالقة وبين أخذ ورد منذ مدة، ليكشف هذا البيان المشترك عن الخطوط العريضة لخارطة الاتفاقات بين الطرفين التونسي والأوروبي، تم وضع المحور الأول لها تحت عنوان تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، والثاني يتمثل في بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية والحور الثالث يشمل الهجرة بما يحيل عليه هذا الملف الشائك والمحرك لنوازع سياسة بلدان الحوض الشمالي للبحر الأبيض المتوسط. إضافة إلى التقارب بين الشعوب. لتبقى هذه الاتفاقات التونسية الأوروبية في انتظار حسم وموافقة اجتماع مجلس أوروبا نهاية الشهر الجاري خاصة أن جملة تلك البرامج والاتفاقات تتطلب رصد ميزانيات محددة لتنفيذها.

حوار سياسي

أكد الطرفان التونسي والأوروبي على عقد حوار سياسي مشترك بين الاتحاد الأوروبي وتونس قبل موفى هذه السنة، وذلك في إطار انعقاد مجلس الشراكة تونس- الاتحاد الأوروبي ليكون مناسبة أخرى هامة لتنشيط العلاقات السياسية والمؤسساتية بين الطرفين قصد مواجهة التحديات الدولية المشتركة معا والحفاظ على نظام دولي قائم على قواعد القانون. وتم تكليف وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والمفوض الأوروبي للجوار والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة، يتم اعتمادها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي قبل موفي شهر جوان الجاري. وأكد الوزير الأول الهولندي، مارك روته أثناء نفس الزيارة بأن مجلس أوروبا سيجتمع نهاية الشهر الجاري، من أجل استثمار فرصة تمتين التعاون مع تونس، في إشارة إلى إمكانية المصادقة على حزمة شاملة للدعم المالي، بقيمة جملية تتجاوز مليار يورو.

تعاون اقتصادي

لئن أكد البيان المشترك على أهمية التعاون الاقتصادي ودوره في تعزيز النمو والرفاه من خلال دفع أكبر للعلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين الأوروبي والتونسي ومراجعة الاتفاقات التجارية وغيرها، ومساهمته في مزيد توفير الفرص لقطاع الأعمال بما في ذلك المؤسسات الصغرى والمتوسطة، فإن الشريك الأوروبي يعتزم دعم العلاقات الاقتصادية عبر تخصيص مساعدة مالية. فبعد أن سبق أن أعلنت عنه جورجيا ميلوني، أفادت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في زيارتها الأخيرة أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتعبئة اعتمادات قدرها 900 مليون يورو، من أجل دعم الاقتصاد التونسي ودعم أنشطة الاستثمار الخاص والتجارة والطاقة. وذلك في إطار "حزمة الشراكة الشاملة" بين الجانبين خاصة أمام النقص الكبير في مستوى الطاقة بالنسبة للجانب الأوروبي بعد الحرب الروسية الأوكرانية والتوجه إلى السوق التونسية في هذا المجال كبديل لتغطية حاجياتها من الطاقة. وأفادت أيضا أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بصرف تمويل إضافي عاجل بـ150 مليون يورو لفائدة تونس.

كما شكلت الطاقة محورا هاما في برنامج التعاون الأوروبي التونسي في هذه الزيارة. ومساهمة الجانب الأوروبي في تحقيق الانتقال الطاقي الأخضر في تونس وخفض التكاليف ووضع إطار ملائم للتبادل في مجال الطاقات المتجددة والاندماج في السوق الأوروبية المشتركة. إضافة إلى مشروع الربط بالكابل البحري الذي بالسعة العالية، بين منطقتي البحر الأبيض المتوسط (عبر تونس وايطاليا)، ودوره في سد الفجوة الرقمية، سيقع إنجازه بتمويل أوروبي لا يقل عن 300 مليون يورو.

الهجرة

كانت الهجرة في أبعادها المختلفة محورا هاما والعامل المحرك تقريبا لكل أسباب الهبة الإيطالية والأوروبية إلى تونس، لاسيما بعد تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية وتحول بلادنا إلى منطقة عبور بامتياز لأبناء إفريقيا جنوب الصحراء وغيرهم من أبناء بعض البلدان العربية، للضفة الشمالية للمتوسط وتحديدا إلى إيطاليا.

إذ أكد الطرفان التونسي والأوروبي على أن مكافحة الهجرة غير النظامية من وإلى تونس وتفادي الخسائر البشرية في البحر تعد أولوية المشتركة. ولئن رفض الجانب التونسي في عديد المرات قبوله القيام بدور الحارس للحدود البحرية، خاصة أما عجز المقاربة الأمنية على وضع حد لهذه الظاهرة  وتشدد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ذلك في عديد المناسبات، فإن الاتفاق بين الطرفين حول مقاربة جديدة لمقاومة هذه الظاهرة تعتمد على مكافحة المهربين والمتاجرين بالبشر وتعزيز التصرف في الحدود والتسجيل وإعادة القبول في كنف الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.  وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيقدم 100 مليون يورو لفائدة في تونس لمساعدتها على إدارة حدودها والقيام بعمليات البحث والإنقاذ من أجل مكافحة جرائم الاتجار بالبشر.

واعتبر البعض قبول السلطات التونسية بالحل الأوروبي لتتحول بلادنا من منطقة عبور إلى فضاء للاستقرار للمهاجرين أو ترحيلهم إلى بلدانهم لكن بشروط، بأنه خيار لا خيار بعده لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة الصعبة، وأمام ما أبداه الجانب الأوروبي من قبول للمطالب التونسية بشأن مراجعة الاتفاقات في التجارة والتعاون والاقتصاد والاستثمار وتعزيزها. فضلا عن موافقة الجانب الأوروبي على مزيد تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي والتربية والثقافة فضلا عن تطوير شراكات المواهب والمهارات فتحا لآفاق جديدة لتطوير الكفاءات والتنقل لاسيما بالنسبة للشباب خاصة أن عدد التونسيين المهاجرين إلى أوروبا وتحديدا إيطاليا في تزايد متواصل، إذ بينت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية أن عدد التونسيين الذين وصلوا إلى أراضيها إلى حدود سبتمبر 2022 كان في حدود 13980، مقابل 12883 تونسي في عام 2021. فيما أطلق المرصد التونسي لحقوق الإنسان صيحة فزع حول تزايد الهجرة غير النظامية مقابل اعتماد آليات لا تحترم حقوق الإنسان.

نزيهة الغضباني

إثر زيارة ميلوني والوفد الأوروبي..  صفحة جديدة في العلاقات التونسية الأوروبية ومراجعة بعض الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية

 

تونس – الصباح

هل حسم استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيد لرئيسة مجلس الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني في زيارة العمل الثانية التي أدتها لقصر قرطاج نهاية الأسبوع المنقضي بعد زيارة أولى بحر نفس الأسبوع، في الملفات الحارقة المطروحة بين تونس وإيطاليا من ناحية وبلادنا والاتحاد الأوروبي والمانحين الدوليين من ناحية أخرى في علاقة بالهجرة والتعاون الاقتصادي والدعم المالي، خاصة أن ميلوني كانت في هذه الزيارة الأخيرة مرفوقة بكل من الوزير الأول الهولندي مارك روته إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أروسولا فون دير لاين؟

يأتي ذلك بعد تواصل ماراطون المفاوضات مع المانحين الدوليين للحصول على قرض كفيل بإخراج بلادنا من الوضعية المالية الصعبة التي تتخبط فيها وتداعيات ذلك على الاقتصادية والاجتماعية، وتباين القراءات لسياسة تونس الخارجية في ظل التغيرات الجيواستراتيجية التي ما انفك يعرفها العالم في ظل سياسة الموازنات والتموقع الجديدة، إضافة إلى تعالي الدعوات في أوساط مختلفة، للسلطات الرسمية التونسية لتغيير سياستها الخارجية والدخول في تحالفات جديدة والقطع مع التحالفات القديمة ووضع حد للاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية القديمة بما في ذلك ما يجمع بلادنا ببلدان الاتحاد الأوروبي والبحث عن تحالفات وأسواق جديدة. ليعيد بذلك سعيد تونس من جديد إلى "الفضاء الأوروبي" بفضل ثمرة المجهود الدبلوماسي الذي قامت به الحكومة الإيطالية، وفق تأكيد ميلوني على اعتبار أن ذلك سيمهّد الطريق نحو شراكة إستراتيجية بين الإتحاد الأوروبي وتونس كما أنها ستساعد على تحقيق النمو في ضفتي المتوسّط. ليتأكد ذلك عبر جملة من اتفاقات التعاون والشراكة ومراجعة بعض الاتفاقيات الأخرى بين الجانبين في التجارة وغيرها، وهي الكفيلة بالمساهمة في حلحلة الأزمات الحارقة التي تعاني منها بلادنا في هذه الفترة، خاصة أمام الدور الكبير الذي لعبه الجانب الإيطالي منذ مدة في الدفاع عن الملف التونسي على صعيد دولي وتعهد حكومة ميلوني بالدفع لموافقة صندوق النقد الدولي على منح بلادنا القرض المنتظر في أقرب الآجال، لكن مع مراعاة تشبث الجانب التونسي بعدم قبول شروط هذا البنك المجحفة نظرا لتداعيات ذلك الاجتماعية بالأساس، مثلما شدد على ذلك رئيس الجمهورية في عديد المناسبات.

فرغم اختلاف القراءات لشكل الزيارة الثانية لميلوني والوفد الأوروبي المرافق لها، وأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما سبقها من تصريحات وتحاليل ومواقف متباينة خاصة من الجانب التونسي، فإن ما تضمنه البيان المشترك الذي صدر إثر نهاية زيارة العمل الرسمية الأخيرة بين تونس والإتحاد الأوروبي تحت عنوان "الاتفاق على حزمة شراكة شاملة" لتعزيز الأولويات الإستراتيجية المشتركة في جميع هذه المجالات بما من شانه أن يحقق الفائدة للطرفين ويعزز علاقات التعاون بمراعاة المصالح المشتركة. وكان ذلك كفيلا للتوصل إلى بلورة تفاهم واتفاق حول جملة من المسائل التي ظلت عالقة وبين أخذ ورد منذ مدة، ليكشف هذا البيان المشترك عن الخطوط العريضة لخارطة الاتفاقات بين الطرفين التونسي والأوروبي، تم وضع المحور الأول لها تحت عنوان تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، والثاني يتمثل في بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية والحور الثالث يشمل الهجرة بما يحيل عليه هذا الملف الشائك والمحرك لنوازع سياسة بلدان الحوض الشمالي للبحر الأبيض المتوسط. إضافة إلى التقارب بين الشعوب. لتبقى هذه الاتفاقات التونسية الأوروبية في انتظار حسم وموافقة اجتماع مجلس أوروبا نهاية الشهر الجاري خاصة أن جملة تلك البرامج والاتفاقات تتطلب رصد ميزانيات محددة لتنفيذها.

حوار سياسي

أكد الطرفان التونسي والأوروبي على عقد حوار سياسي مشترك بين الاتحاد الأوروبي وتونس قبل موفى هذه السنة، وذلك في إطار انعقاد مجلس الشراكة تونس- الاتحاد الأوروبي ليكون مناسبة أخرى هامة لتنشيط العلاقات السياسية والمؤسساتية بين الطرفين قصد مواجهة التحديات الدولية المشتركة معا والحفاظ على نظام دولي قائم على قواعد القانون. وتم تكليف وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والمفوض الأوروبي للجوار والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة، يتم اعتمادها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي قبل موفي شهر جوان الجاري. وأكد الوزير الأول الهولندي، مارك روته أثناء نفس الزيارة بأن مجلس أوروبا سيجتمع نهاية الشهر الجاري، من أجل استثمار فرصة تمتين التعاون مع تونس، في إشارة إلى إمكانية المصادقة على حزمة شاملة للدعم المالي، بقيمة جملية تتجاوز مليار يورو.

تعاون اقتصادي

لئن أكد البيان المشترك على أهمية التعاون الاقتصادي ودوره في تعزيز النمو والرفاه من خلال دفع أكبر للعلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين الأوروبي والتونسي ومراجعة الاتفاقات التجارية وغيرها، ومساهمته في مزيد توفير الفرص لقطاع الأعمال بما في ذلك المؤسسات الصغرى والمتوسطة، فإن الشريك الأوروبي يعتزم دعم العلاقات الاقتصادية عبر تخصيص مساعدة مالية. فبعد أن سبق أن أعلنت عنه جورجيا ميلوني، أفادت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في زيارتها الأخيرة أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتعبئة اعتمادات قدرها 900 مليون يورو، من أجل دعم الاقتصاد التونسي ودعم أنشطة الاستثمار الخاص والتجارة والطاقة. وذلك في إطار "حزمة الشراكة الشاملة" بين الجانبين خاصة أمام النقص الكبير في مستوى الطاقة بالنسبة للجانب الأوروبي بعد الحرب الروسية الأوكرانية والتوجه إلى السوق التونسية في هذا المجال كبديل لتغطية حاجياتها من الطاقة. وأفادت أيضا أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بصرف تمويل إضافي عاجل بـ150 مليون يورو لفائدة تونس.

كما شكلت الطاقة محورا هاما في برنامج التعاون الأوروبي التونسي في هذه الزيارة. ومساهمة الجانب الأوروبي في تحقيق الانتقال الطاقي الأخضر في تونس وخفض التكاليف ووضع إطار ملائم للتبادل في مجال الطاقات المتجددة والاندماج في السوق الأوروبية المشتركة. إضافة إلى مشروع الربط بالكابل البحري الذي بالسعة العالية، بين منطقتي البحر الأبيض المتوسط (عبر تونس وايطاليا)، ودوره في سد الفجوة الرقمية، سيقع إنجازه بتمويل أوروبي لا يقل عن 300 مليون يورو.

الهجرة

كانت الهجرة في أبعادها المختلفة محورا هاما والعامل المحرك تقريبا لكل أسباب الهبة الإيطالية والأوروبية إلى تونس، لاسيما بعد تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية وتحول بلادنا إلى منطقة عبور بامتياز لأبناء إفريقيا جنوب الصحراء وغيرهم من أبناء بعض البلدان العربية، للضفة الشمالية للمتوسط وتحديدا إلى إيطاليا.

إذ أكد الطرفان التونسي والأوروبي على أن مكافحة الهجرة غير النظامية من وإلى تونس وتفادي الخسائر البشرية في البحر تعد أولوية المشتركة. ولئن رفض الجانب التونسي في عديد المرات قبوله القيام بدور الحارس للحدود البحرية، خاصة أما عجز المقاربة الأمنية على وضع حد لهذه الظاهرة  وتشدد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ذلك في عديد المناسبات، فإن الاتفاق بين الطرفين حول مقاربة جديدة لمقاومة هذه الظاهرة تعتمد على مكافحة المهربين والمتاجرين بالبشر وتعزيز التصرف في الحدود والتسجيل وإعادة القبول في كنف الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.  وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيقدم 100 مليون يورو لفائدة في تونس لمساعدتها على إدارة حدودها والقيام بعمليات البحث والإنقاذ من أجل مكافحة جرائم الاتجار بالبشر.

واعتبر البعض قبول السلطات التونسية بالحل الأوروبي لتتحول بلادنا من منطقة عبور إلى فضاء للاستقرار للمهاجرين أو ترحيلهم إلى بلدانهم لكن بشروط، بأنه خيار لا خيار بعده لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة الصعبة، وأمام ما أبداه الجانب الأوروبي من قبول للمطالب التونسية بشأن مراجعة الاتفاقات في التجارة والتعاون والاقتصاد والاستثمار وتعزيزها. فضلا عن موافقة الجانب الأوروبي على مزيد تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي والتربية والثقافة فضلا عن تطوير شراكات المواهب والمهارات فتحا لآفاق جديدة لتطوير الكفاءات والتنقل لاسيما بالنسبة للشباب خاصة أن عدد التونسيين المهاجرين إلى أوروبا وتحديدا إيطاليا في تزايد متواصل، إذ بينت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية أن عدد التونسيين الذين وصلوا إلى أراضيها إلى حدود سبتمبر 2022 كان في حدود 13980، مقابل 12883 تونسي في عام 2021. فيما أطلق المرصد التونسي لحقوق الإنسان صيحة فزع حول تزايد الهجرة غير النظامية مقابل اعتماد آليات لا تحترم حقوق الإنسان.

نزيهة الغضباني