تحدث لـ"الصباح" الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين حسان التوكابري عن إنجازات الهيئة الحالية بعد مرور تسعة أشهر من انتخابها، موقفه من التحاق قضاة بالمهنة كذلك من الاحالات التي طالت عدد من المحامين وايداع البعض منهم السجن ورأيه في ممارسة المحامي للسياسة.
من خلال الحوار التالي:
حاورته صباح الشابي
***بعد تسعة أشهر من انتخاب مجلس الهيئة الوطنية الحالي ما هو تقييمكم لعملكم فهل انتم راضون على آدائكم؟
لقد نجحت الهيئة نسبيا في مواصلة البرنامج الذي بدأت به الهيئة السابقة على مستوى الدفاع على وحدة المحاماة واداء هياكلها واستمرارية المرفق وارجاع صندوق التقاعد والحيطة للمحامين إلى توازنه ومواصلة تكوين المحامين الذي اخذ بعد وطني بشهادة كافة المحامين وارجاع الهيبة للمهنة وتقلص منسوب الغضب.
***تحدثت عن إرجاع هيبة المحاماة فماذا تقصد بذلك؟
القلق الذي ساد وتقلص العمل والفراغ التي مرت به المحاماة في الفترات السابقة بسبب كوفيد 19 واضراب القضاة وتراجع مدخول المحامين جعل من فضاءات التواصل الاجتماعي مجالا كبيرا لتبادل الاتهامات المجانية بين المحامين وهياكلهم والنقد اللاذع لاداء الهيئة وهو نتيجة طبيعية بسبب الفراغ والملل وقد نجحت الهيئة في تطويق الازمة وامتصاص غضب المحامين عن طريق أدائها خلال التسعة أشهر الذي كان في مستوى تطلعات المحامين.
***وماذا عن البرامج المستقبلية للهيئة؟
على المستوي النفسي نجحت مثلما سبق وأن بينت الهيئة في تطويق الازمة التي عاشها المحامون بسبب تاثيرات وباء كورونا على مداخيلهم وستواصل الهيئة تنفيذ البرنامج الذي انتخبنا من اجله الا وهو تقديم مشروع قانون اساسي يرد اعتبار المهنة بإعادة الهيكلة وتقليص عدد الفروع التي بعثت في ظرف فكك أوصال المهنة وهياكلها الممتدة وارجاع وحدة المحاماة بتقليص عدد الفروع مثلما بينت الى ثلاثة فروع جهوية او مكاتب جهوية، ثانيا توسيع مجال تدخل المحاماة في عملها وثالثا توحيد المدخل إلى المهنة بحيث يصبح المعهد الأعلى للمحاماة هو المدخل الوحيد لمهنة المحاماة وليس بوسائل وأحكام قضائية وغيرها لمن تقاعد من مهن أخرى حتى نضمن توازن لصندوق التقاعد والحيطة للمحامين ونضمن توازن للمحاماة وحتى نعلم عدد المحامين الذين يتخرجون كل سنة من المعهد الأعلى للمحاماة ويلتحقون بالمهنة وتكون بالتالي المنافسة على قدم المساواة وليس بين من قضى 30 عاما او 40 عاما في القضاء وبين من قضى سنة أو سنتين في المعهد الأعلى للمحاماة وهذه المنافسة تمس من عائدات المحامي.
***هل هذا يعنى انكم ترفضون التحاق قضاة بمهنة المحاماة؟
انا ضد التحاق القضاة المتقاعدين من سلك القضاء بالمحاماة، ضد من "شاب" ويأتي للمهنة وهو مرهق ومتعب وكل ومل من العمل فالمحاماة أداء ونشاط وتنقل بين الجهات والمحاكم تستوجب حالة بدنية وذهنية اما المستقيلين او المعفيين من القضاة فهو مرحب بهم بالمهنة بشرط اعتماد معيار السن فعندما يصبح هو المحدد نقطع مع كل المحاباة وفي اعتقادي ان من بلغ من السن 40 او 45 سنة وتخول له شهادته العلمية الالتحاق بالمهنة فمرحبا به، وانا مع ان يكون المجال مفتوح للمقالين والمعفيين والمعزولين من القضاة لأسباب سياسية وأؤكد على ذلك وتكون المحاماة حضنا لكل من ظلم في هذا الوطن، حضن دافئ لكل من اقصي بسبب الدفاع عن استقلاليته واستقلالية مهنته وعن شرفه وعن ضميره وبالتالي غلق الباب أمام جميع القضاة بالنسبة لي امر خاطئ.
***وماذا عن الملفات التي قدمت للهيئة من قضاة معفيين قصد الالتحاق بالمهنة؟
ليس كافة القضاة المعفيين اودعوا ملفاتهم بالهيئة هناك مجموعة منهم وسننظر فيهم حالة بحالة واذا ارتأينا ان هناك من ظلم سنحاول من موقعنا ان نرفع عنه الظلم لان المحاماة تدافع عن المظلومين و المحرومين وتدافع عن الحق وعن اعلائه وعن العدل والحقيقة وترفض الظلم والضيم واستغلال النفوذ والاقصاء والاستثناء السياسي لان المحاماة للحرية ولعزة النفس والكرامة والاستقلالية والنزاهة،
وقد عرجنا في مشروع القانون الأساسي للمهنة على مسألة التحاق القضاة بالمهنة وتوحيد المدخل للمحاماة والتداول على تسيير الهياكل لان التوازن مفقود، عضو فرع يمكنه ان يجدد الترشح لعضوية الفرع حتى 12 سنة بينما العميد ورئيس الفرع من حقه الترشح لدورة واحدة فقط وهذا تمشّ غير محمود، انا مع ترشح العميد لدورتين حتى يقع القطع مع انطلاق الحملة الانتخابية المبكرة بعد حوالي اسبوع من انتخاب العميد باعتبار أنه تصبح آخر دورة له وتبدأ الحملة مبكرة والعمل على المنافسة لخلافته، ولذلك في اعتقادي وجوب دورتين للجميع ليتمكن العميد من تنفيذ برنامجه الإصلاحي او تطويره وتقع محاسبته محاسبة موضوعية.
خلال العمادة الفارطة عام ونصف تعطيل عن العمل ولا يمكن بالتالي خلال نصف عهدة محاسبة العميد او اعضاء مجلس الهيئة على ما قدموه، ونطالب من وزارة العدل بعرض مشروع قانون المهنة على مجلس نواب الشعب، لإعادة الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بالهيكلة باعتبار ثلاثة هياكل جهوية شمال، وسط، جنوب وتقوم الفروع الجهوية بمهام أخرى متمثلة في تمثيل المحامين لدى المحاكم والسلط الجهوية وتلقي مطالب التسعيرة والبت في الشكايات بإحالتها على المباشرة وعلى مجالس التأديب وتكون من أنظار المجالس الجهوية للقطع مع العديد من الاختلافات والخلافات خاصة وانه بعض القرارات والاختيارات تشوبها في بعض الاحيان نوع من الاعتبارات الانتخابية والسياسية وغيرها. هذا من جهة ومن جهة اخرى وجوب التقليص من عدد اعضاء مجلس الهيئة الذي يضم 32 عضوا ويصبح المجلس متكون من حوالي ثمانية اعضاء وثلاثة مكاتب جهوية وعميد ويصبح بالتالي عدد اعضاء مجلس الهيئة والعميد 12 وهو عدد كاف وقادر على التسيير.
***لاحظنا احالات بالجملة للمحامين على القضاء ما هو تعليقكم؟
الهيئة الوطنية للمحامين والعميد أخذوا المسالة بجدية ويساندون كافة المحامين وقد حضر العميد شخصيا في العديد من القضايا التي تهم المحامين وحضوره "مش مزية" وليس كذلك مصادقة على كل ما يقوم به المحامي، المحامي حر فيما يقوم به والهيئة أيضا من واجبها الوقوف الى جانب منظوريها دفاعا عن الحق وعنَ حق اي انسان في المحاكمة العادلة والدفاع هو من شروطها، حظرنا في العديد من القضايا ووفقنا نسبيا في إعادة الأمور إلى نصابها كعدمَ اختصاص القضاء العسكري في محاكمة المدنيين امامه وشاطرتنا المحكمة العسكرية في ذلك وابدت الهيئة موقفها من المسالة خلال محاكمة احد رموز المحاماة، عميد اسبق ووفقت الهيئة كذلك في قضايا الزملاء أيضا بانهاء تتبعهم والأحكام الصادرة ضدهم، أيضا في علاقة بالمحامين المودعين بالسجن فقد شكلت الهيئة لجنة برئاسة عميد المحامين ومنسق عام وهو شخصه وهي لجنة متكونة من أساتذة جامعيين ومحامين وخبراء في القانون الجزائي ومن اعضاء من الهيئة وقمنا بزياراتهم بسجن إيقافهم وعاينا بعض الأشياء التي تمس من كرامتهم بينها تركيز كاميراوات بالغرف التي يقيمون بها كذلك منعهم من اللقاءات المباشرة، نقلهم في سيارات لا تتوفر فيها الظروف الانسانية وقد تم تدوين تلك الملاحظات وسنقدمها لمجلس الهيئة وسنراسل وزيرة العدل والإدارة العامة للسجون باعتبار أنه من حقهم في معاملة انسانية تليق بكرامتهم وقد وضعت الهيئة ملفهم من أولى اولوياتها وهذا من واجبنا والتاريخ سيثبت صدقنا في الوقوف إلى جانب زملائنا بمختلف انتماءاتهم، وكل شخص حر في انتمائه وعمله وفكره وبصفتي محام يمكن أن اشاطره أفكاره ويمكن العكس ولكن اتضامن معه واشدد على معاملته معاملة انسانية ومحاكمته محاكمة عادلة.
كذلك وقفنا على تجاوزات لحقت البعض منهم أثناء التحقيق كعدم إعلام الفرع الجهوري للمحامين في علاقة بالاستاذ غازي الشواشي، عدم سماع الاستاذ لزهر العكرمي إلى حد الساعة رغم انه مودع بالسجن منذ قرابة الـ100 يوم.
****الا تعتبر ان عملهم السياسي وانخراطهم فيه جعلهم يدفعون ثمن ذلك؟
السياسة ليست عيب بل بالعكس كل شخص يجب ان يكون له موقف سياسي والمحامي أولى بالعمل السياسي على اعتبار أنه درس في كلية الحقوق والعلوم السياسية وتونس الحديثة بعد الدولة الحسينية بناها محامون، الزعيم الحبيب بورقيبة، الزعيم الهادي نويرة، صالح بن يوسف، وحتى الذين كانوا في المعارضة، وحسان بلخوجة وغيرهم، والانتقال الديمقراطي بعد الثورة ساهم فيه كذلك محامون، فؤاد المبزع ومحمد الناصر والراحل الباجي قائد السبسي والموجودون اليوم في السجن كانوا من الذين ساهموا في الانتقال الديمقراطي، رضا بلحاج كان الى جانب حكومة محمد الغنوشي الأولى ثم مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي كذلك الاستاذ لزهر العكرمي كان تقلد مناصب وغازي الشواشي كان تقلد منصب وزير، المحاماة أولى بالعمل السياسي وهذا دورها وواجب عليها والمحاماة التونسية قدمت تضحيات منذ 1956 إلى يوم الناس هذا، والمحاماة التونسية كانت إلى جانب شعبها في بناء الدولة الحديثة وفي المحافظة على استقلال الوطن وفي الثورة واحرزت جائزة نوبل للسلام.
العمل السياسي ليس عيبا بل هو حق من حقوقهم وهو امر محمود ومن صميم مهنتنا ودراستنا وعملنا اليومي.
وما نسب إلى الزملاء الموقوفين ليس لدي فكرة كي أقيم او اعتبر ان ما قاموا به جريمة او العكس فتلك المسالة من أنظار القضاء.
***وماذا عن الاحالات على مجلس التأديب وما رافقها من اتهامات للهيئة بالتعامل بمكيالين مع بعض الاحالات فما تعليقكم؟
الإحالة على مجلس التأديب من مهام فروع المحامين ورؤساء الفروع يقومون بواجبهم ولا احد فوق القانون وان ثبت قيام اي محام بتجاوزات يحيل الفرع ملفه على مجلس التأديب الذي يتخذ قراره على ضوء ما يتوفر لديه في الملف من معطيات وحجج، ومجلس التأديب قام خلال السنة الجارية بنشاط كبير وحثيث في علاقة بالزملاء الذين اساؤوا للمهنة او لأنفسهم او الذين تعلقت بهم استيلاءات على أموال الحرفاء... واتخذ المجلس عديد القرارات التأديبية التي تراوحت بين المحو، المحو المؤقت من جدول المحاماة، الايقاف عن العمل وقمنا بعملنا بتجرد ونزاهة موضوعية ولا تحكمنا الا ضمائرنا والقانون وكل محام يحال على مجلس التأديب من حقه الاستعانة بمحام او اكثر للدفاع عن حقوقه ومن حقه استئناف القرار أمام محكمة الاستئناف وتعقيبه أمام المحكمة الإدارية فلديه كافة الضمانات القانونية الشافية والضافية ولا يوجد محام فوق القانون في علاقة بالهياكل عكس بعض القطاعات الأخرى التي تشوبها المحاباة، فقطاع المحاماة سليم بنسبة 99 بالمائة والمهنة تقوى بتطهير نفسها بنفسها والتصدي من داخلها لكل من يسيء لها من أبنائها.
***وماذا عن مشروع القانون الأساسي للمهنة؟
سنقدم مشروع القانون الأساسي إلى البرلمان بعد استيفاء دراسة حوله والاستئناس بآراء شيوخ المهنة وشبابها ونأمل ان يكون في مستوى تطلعات المحامين ثم بعد ذلك سنلتفت إلى صندوق التقاعد والحيطة للمحامين لاصلاح هيكلته وتسييره وتمويله للمحافظة على توازناته في المستقبل القريب والبعيد ولدينا دراسة علمية حول سبل تطويره، تدعيمه وتمويله والحلول موجودة ولكن الأمر المنظم للصندوق يجب مراجعته من طرف المشرع لتفعيل اقتراحاتنا في علاقة بطابع المحاماة وقيمته وفي علاقة بقيمة الاشتراكات وسقف التعويض وجراية المتقاعدين والأرامل خاصة وان الجراية الحالية ضعيفة جدا... ونأمل بان تتضاعف وهذا لن يكون سوى بالموارد ولدينا حلول لذلك وستاتي الفرصة لنعلن عنها وتكون بشرى للمحامين ونكون بالتالي حققنا للمحامين نسبة مما وعدناهم به لأننا هيئة للنجاعة وإيجاد الحلول فضلا عن التصريف اليومي للإدارة وتعامل المحامين في علاقة بالمشاكل التي تحدث على غرار السجل الوطني للمؤسسات وما قيل حوله كذلك إحالات المحامين بسبب خلافات مع امنيين وسلط إدارية وغيرها في علاقة مع السفارات في خصوص تأشيرات السفر فقد تم حل نسبة كبيرة منها، وقام العميد بعديد اللقاءات مع السفراء والقناصل في علاقة بالتأشيرة لتذليل الصعوبات أمام المحامين اثناء ادائهم لعملهم خارج ارض الوطن إلى جانب التكوين المستمر للمحامين في عديد المجالات، المجال العقاري، الإجراءات الشغلية، الاجراءات الجزائية... ويكاد التكوين يكون كل أسبوع بكامل الجهات إلى جانب ذلك نعتبر أن تحسين مدخول المحامي مهم في علاقة. بمراجعة التشريعات، مجلة المرافعات المدنية والتجارية، مجلة الديوانة، مجلة العقوبات العسكرية ومجلة الإجراءات الجزائية وغيرها هذا من شأنه جعل مجال تدخل المحامي وجوبي لدى المحكمة الابتدائية في علاقة بالجنح والأحوال الشخصية والنزاعات الشغلية وهذا يحسن من مجال تدخل المحامي،وأيضا القضاء على المنافسة غير الشرعية في كتابة العقود التي هي من اختصاص المحامين فهو أولى بذلك وليس موظفي إدارة الملكية العقارية وغيرها من المجالات التي نسعي إلى مراجعتها على غرار مراجعة الأوامر المنظمة لقضايا المؤسسات العمومية والشركات الوطنية لتيسير كراسات الشروط في علاقة بانابة المحامي الشاب لتلك المؤسسات والشركات إلى جانب ضرورة ارساء خطة محام مستشار وكل هذه النقاط تم التطرق إليها في مشروع القانون الأساسي للمهنة.
****ما هو دور الرقمنة في تسهيل عمل المحامي؟
أؤكد على تعميم الرقمنة وجعل الخدمات عن بعد هي الاصل وتجنيب المحامين التنقل لنشر القضايا ومتابعتها واستخراج الاحكام وغيرها لتكون العمليات من المكاتب لجميع الاعمال وقدمنا خطوة كبيرة في هذا الاتجاه وسنحسمها نهائيا خلال هذه العهدة.
وهناك مسالة ثانية هي اعادة النظر بصفة شاملة ومبدئية في وضعية المعهد الاعلى للمحاماة عبر ارجاع مسالة الاشراف عليه للهيئة الوطنية للمحامين وتغيير هيكلته وبرامجه ومناهج التدريس بتعصيرها وتطويرها واولها مقر لائق وتحسين شروط المناظرة واضفاء اكثر شفافية واحاطة كاملة بالمنتسبين من ظروف دراسة واقامة ومنح لائقة مقارنة بطلبة المعهد الاعلى للقضاء وباعادة النظر في طرق انتداب اطار التدريس والإشراف.
تونس-الصباح
تحدث لـ"الصباح" الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين حسان التوكابري عن إنجازات الهيئة الحالية بعد مرور تسعة أشهر من انتخابها، موقفه من التحاق قضاة بالمهنة كذلك من الاحالات التي طالت عدد من المحامين وايداع البعض منهم السجن ورأيه في ممارسة المحامي للسياسة.
من خلال الحوار التالي:
حاورته صباح الشابي
***بعد تسعة أشهر من انتخاب مجلس الهيئة الوطنية الحالي ما هو تقييمكم لعملكم فهل انتم راضون على آدائكم؟
لقد نجحت الهيئة نسبيا في مواصلة البرنامج الذي بدأت به الهيئة السابقة على مستوى الدفاع على وحدة المحاماة واداء هياكلها واستمرارية المرفق وارجاع صندوق التقاعد والحيطة للمحامين إلى توازنه ومواصلة تكوين المحامين الذي اخذ بعد وطني بشهادة كافة المحامين وارجاع الهيبة للمهنة وتقلص منسوب الغضب.
***تحدثت عن إرجاع هيبة المحاماة فماذا تقصد بذلك؟
القلق الذي ساد وتقلص العمل والفراغ التي مرت به المحاماة في الفترات السابقة بسبب كوفيد 19 واضراب القضاة وتراجع مدخول المحامين جعل من فضاءات التواصل الاجتماعي مجالا كبيرا لتبادل الاتهامات المجانية بين المحامين وهياكلهم والنقد اللاذع لاداء الهيئة وهو نتيجة طبيعية بسبب الفراغ والملل وقد نجحت الهيئة في تطويق الازمة وامتصاص غضب المحامين عن طريق أدائها خلال التسعة أشهر الذي كان في مستوى تطلعات المحامين.
***وماذا عن البرامج المستقبلية للهيئة؟
على المستوي النفسي نجحت مثلما سبق وأن بينت الهيئة في تطويق الازمة التي عاشها المحامون بسبب تاثيرات وباء كورونا على مداخيلهم وستواصل الهيئة تنفيذ البرنامج الذي انتخبنا من اجله الا وهو تقديم مشروع قانون اساسي يرد اعتبار المهنة بإعادة الهيكلة وتقليص عدد الفروع التي بعثت في ظرف فكك أوصال المهنة وهياكلها الممتدة وارجاع وحدة المحاماة بتقليص عدد الفروع مثلما بينت الى ثلاثة فروع جهوية او مكاتب جهوية، ثانيا توسيع مجال تدخل المحاماة في عملها وثالثا توحيد المدخل إلى المهنة بحيث يصبح المعهد الأعلى للمحاماة هو المدخل الوحيد لمهنة المحاماة وليس بوسائل وأحكام قضائية وغيرها لمن تقاعد من مهن أخرى حتى نضمن توازن لصندوق التقاعد والحيطة للمحامين ونضمن توازن للمحاماة وحتى نعلم عدد المحامين الذين يتخرجون كل سنة من المعهد الأعلى للمحاماة ويلتحقون بالمهنة وتكون بالتالي المنافسة على قدم المساواة وليس بين من قضى 30 عاما او 40 عاما في القضاء وبين من قضى سنة أو سنتين في المعهد الأعلى للمحاماة وهذه المنافسة تمس من عائدات المحامي.
***هل هذا يعنى انكم ترفضون التحاق قضاة بمهنة المحاماة؟
انا ضد التحاق القضاة المتقاعدين من سلك القضاء بالمحاماة، ضد من "شاب" ويأتي للمهنة وهو مرهق ومتعب وكل ومل من العمل فالمحاماة أداء ونشاط وتنقل بين الجهات والمحاكم تستوجب حالة بدنية وذهنية اما المستقيلين او المعفيين من القضاة فهو مرحب بهم بالمهنة بشرط اعتماد معيار السن فعندما يصبح هو المحدد نقطع مع كل المحاباة وفي اعتقادي ان من بلغ من السن 40 او 45 سنة وتخول له شهادته العلمية الالتحاق بالمهنة فمرحبا به، وانا مع ان يكون المجال مفتوح للمقالين والمعفيين والمعزولين من القضاة لأسباب سياسية وأؤكد على ذلك وتكون المحاماة حضنا لكل من ظلم في هذا الوطن، حضن دافئ لكل من اقصي بسبب الدفاع عن استقلاليته واستقلالية مهنته وعن شرفه وعن ضميره وبالتالي غلق الباب أمام جميع القضاة بالنسبة لي امر خاطئ.
***وماذا عن الملفات التي قدمت للهيئة من قضاة معفيين قصد الالتحاق بالمهنة؟
ليس كافة القضاة المعفيين اودعوا ملفاتهم بالهيئة هناك مجموعة منهم وسننظر فيهم حالة بحالة واذا ارتأينا ان هناك من ظلم سنحاول من موقعنا ان نرفع عنه الظلم لان المحاماة تدافع عن المظلومين و المحرومين وتدافع عن الحق وعن اعلائه وعن العدل والحقيقة وترفض الظلم والضيم واستغلال النفوذ والاقصاء والاستثناء السياسي لان المحاماة للحرية ولعزة النفس والكرامة والاستقلالية والنزاهة،
وقد عرجنا في مشروع القانون الأساسي للمهنة على مسألة التحاق القضاة بالمهنة وتوحيد المدخل للمحاماة والتداول على تسيير الهياكل لان التوازن مفقود، عضو فرع يمكنه ان يجدد الترشح لعضوية الفرع حتى 12 سنة بينما العميد ورئيس الفرع من حقه الترشح لدورة واحدة فقط وهذا تمشّ غير محمود، انا مع ترشح العميد لدورتين حتى يقع القطع مع انطلاق الحملة الانتخابية المبكرة بعد حوالي اسبوع من انتخاب العميد باعتبار أنه تصبح آخر دورة له وتبدأ الحملة مبكرة والعمل على المنافسة لخلافته، ولذلك في اعتقادي وجوب دورتين للجميع ليتمكن العميد من تنفيذ برنامجه الإصلاحي او تطويره وتقع محاسبته محاسبة موضوعية.
خلال العمادة الفارطة عام ونصف تعطيل عن العمل ولا يمكن بالتالي خلال نصف عهدة محاسبة العميد او اعضاء مجلس الهيئة على ما قدموه، ونطالب من وزارة العدل بعرض مشروع قانون المهنة على مجلس نواب الشعب، لإعادة الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بالهيكلة باعتبار ثلاثة هياكل جهوية شمال، وسط، جنوب وتقوم الفروع الجهوية بمهام أخرى متمثلة في تمثيل المحامين لدى المحاكم والسلط الجهوية وتلقي مطالب التسعيرة والبت في الشكايات بإحالتها على المباشرة وعلى مجالس التأديب وتكون من أنظار المجالس الجهوية للقطع مع العديد من الاختلافات والخلافات خاصة وانه بعض القرارات والاختيارات تشوبها في بعض الاحيان نوع من الاعتبارات الانتخابية والسياسية وغيرها. هذا من جهة ومن جهة اخرى وجوب التقليص من عدد اعضاء مجلس الهيئة الذي يضم 32 عضوا ويصبح المجلس متكون من حوالي ثمانية اعضاء وثلاثة مكاتب جهوية وعميد ويصبح بالتالي عدد اعضاء مجلس الهيئة والعميد 12 وهو عدد كاف وقادر على التسيير.
***لاحظنا احالات بالجملة للمحامين على القضاء ما هو تعليقكم؟
الهيئة الوطنية للمحامين والعميد أخذوا المسالة بجدية ويساندون كافة المحامين وقد حضر العميد شخصيا في العديد من القضايا التي تهم المحامين وحضوره "مش مزية" وليس كذلك مصادقة على كل ما يقوم به المحامي، المحامي حر فيما يقوم به والهيئة أيضا من واجبها الوقوف الى جانب منظوريها دفاعا عن الحق وعنَ حق اي انسان في المحاكمة العادلة والدفاع هو من شروطها، حظرنا في العديد من القضايا ووفقنا نسبيا في إعادة الأمور إلى نصابها كعدمَ اختصاص القضاء العسكري في محاكمة المدنيين امامه وشاطرتنا المحكمة العسكرية في ذلك وابدت الهيئة موقفها من المسالة خلال محاكمة احد رموز المحاماة، عميد اسبق ووفقت الهيئة كذلك في قضايا الزملاء أيضا بانهاء تتبعهم والأحكام الصادرة ضدهم، أيضا في علاقة بالمحامين المودعين بالسجن فقد شكلت الهيئة لجنة برئاسة عميد المحامين ومنسق عام وهو شخصه وهي لجنة متكونة من أساتذة جامعيين ومحامين وخبراء في القانون الجزائي ومن اعضاء من الهيئة وقمنا بزياراتهم بسجن إيقافهم وعاينا بعض الأشياء التي تمس من كرامتهم بينها تركيز كاميراوات بالغرف التي يقيمون بها كذلك منعهم من اللقاءات المباشرة، نقلهم في سيارات لا تتوفر فيها الظروف الانسانية وقد تم تدوين تلك الملاحظات وسنقدمها لمجلس الهيئة وسنراسل وزيرة العدل والإدارة العامة للسجون باعتبار أنه من حقهم في معاملة انسانية تليق بكرامتهم وقد وضعت الهيئة ملفهم من أولى اولوياتها وهذا من واجبنا والتاريخ سيثبت صدقنا في الوقوف إلى جانب زملائنا بمختلف انتماءاتهم، وكل شخص حر في انتمائه وعمله وفكره وبصفتي محام يمكن أن اشاطره أفكاره ويمكن العكس ولكن اتضامن معه واشدد على معاملته معاملة انسانية ومحاكمته محاكمة عادلة.
كذلك وقفنا على تجاوزات لحقت البعض منهم أثناء التحقيق كعدم إعلام الفرع الجهوري للمحامين في علاقة بالاستاذ غازي الشواشي، عدم سماع الاستاذ لزهر العكرمي إلى حد الساعة رغم انه مودع بالسجن منذ قرابة الـ100 يوم.
****الا تعتبر ان عملهم السياسي وانخراطهم فيه جعلهم يدفعون ثمن ذلك؟
السياسة ليست عيب بل بالعكس كل شخص يجب ان يكون له موقف سياسي والمحامي أولى بالعمل السياسي على اعتبار أنه درس في كلية الحقوق والعلوم السياسية وتونس الحديثة بعد الدولة الحسينية بناها محامون، الزعيم الحبيب بورقيبة، الزعيم الهادي نويرة، صالح بن يوسف، وحتى الذين كانوا في المعارضة، وحسان بلخوجة وغيرهم، والانتقال الديمقراطي بعد الثورة ساهم فيه كذلك محامون، فؤاد المبزع ومحمد الناصر والراحل الباجي قائد السبسي والموجودون اليوم في السجن كانوا من الذين ساهموا في الانتقال الديمقراطي، رضا بلحاج كان الى جانب حكومة محمد الغنوشي الأولى ثم مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي كذلك الاستاذ لزهر العكرمي كان تقلد مناصب وغازي الشواشي كان تقلد منصب وزير، المحاماة أولى بالعمل السياسي وهذا دورها وواجب عليها والمحاماة التونسية قدمت تضحيات منذ 1956 إلى يوم الناس هذا، والمحاماة التونسية كانت إلى جانب شعبها في بناء الدولة الحديثة وفي المحافظة على استقلال الوطن وفي الثورة واحرزت جائزة نوبل للسلام.
العمل السياسي ليس عيبا بل هو حق من حقوقهم وهو امر محمود ومن صميم مهنتنا ودراستنا وعملنا اليومي.
وما نسب إلى الزملاء الموقوفين ليس لدي فكرة كي أقيم او اعتبر ان ما قاموا به جريمة او العكس فتلك المسالة من أنظار القضاء.
***وماذا عن الاحالات على مجلس التأديب وما رافقها من اتهامات للهيئة بالتعامل بمكيالين مع بعض الاحالات فما تعليقكم؟
الإحالة على مجلس التأديب من مهام فروع المحامين ورؤساء الفروع يقومون بواجبهم ولا احد فوق القانون وان ثبت قيام اي محام بتجاوزات يحيل الفرع ملفه على مجلس التأديب الذي يتخذ قراره على ضوء ما يتوفر لديه في الملف من معطيات وحجج، ومجلس التأديب قام خلال السنة الجارية بنشاط كبير وحثيث في علاقة بالزملاء الذين اساؤوا للمهنة او لأنفسهم او الذين تعلقت بهم استيلاءات على أموال الحرفاء... واتخذ المجلس عديد القرارات التأديبية التي تراوحت بين المحو، المحو المؤقت من جدول المحاماة، الايقاف عن العمل وقمنا بعملنا بتجرد ونزاهة موضوعية ولا تحكمنا الا ضمائرنا والقانون وكل محام يحال على مجلس التأديب من حقه الاستعانة بمحام او اكثر للدفاع عن حقوقه ومن حقه استئناف القرار أمام محكمة الاستئناف وتعقيبه أمام المحكمة الإدارية فلديه كافة الضمانات القانونية الشافية والضافية ولا يوجد محام فوق القانون في علاقة بالهياكل عكس بعض القطاعات الأخرى التي تشوبها المحاباة، فقطاع المحاماة سليم بنسبة 99 بالمائة والمهنة تقوى بتطهير نفسها بنفسها والتصدي من داخلها لكل من يسيء لها من أبنائها.
***وماذا عن مشروع القانون الأساسي للمهنة؟
سنقدم مشروع القانون الأساسي إلى البرلمان بعد استيفاء دراسة حوله والاستئناس بآراء شيوخ المهنة وشبابها ونأمل ان يكون في مستوى تطلعات المحامين ثم بعد ذلك سنلتفت إلى صندوق التقاعد والحيطة للمحامين لاصلاح هيكلته وتسييره وتمويله للمحافظة على توازناته في المستقبل القريب والبعيد ولدينا دراسة علمية حول سبل تطويره، تدعيمه وتمويله والحلول موجودة ولكن الأمر المنظم للصندوق يجب مراجعته من طرف المشرع لتفعيل اقتراحاتنا في علاقة بطابع المحاماة وقيمته وفي علاقة بقيمة الاشتراكات وسقف التعويض وجراية المتقاعدين والأرامل خاصة وان الجراية الحالية ضعيفة جدا... ونأمل بان تتضاعف وهذا لن يكون سوى بالموارد ولدينا حلول لذلك وستاتي الفرصة لنعلن عنها وتكون بشرى للمحامين ونكون بالتالي حققنا للمحامين نسبة مما وعدناهم به لأننا هيئة للنجاعة وإيجاد الحلول فضلا عن التصريف اليومي للإدارة وتعامل المحامين في علاقة بالمشاكل التي تحدث على غرار السجل الوطني للمؤسسات وما قيل حوله كذلك إحالات المحامين بسبب خلافات مع امنيين وسلط إدارية وغيرها في علاقة مع السفارات في خصوص تأشيرات السفر فقد تم حل نسبة كبيرة منها، وقام العميد بعديد اللقاءات مع السفراء والقناصل في علاقة بالتأشيرة لتذليل الصعوبات أمام المحامين اثناء ادائهم لعملهم خارج ارض الوطن إلى جانب التكوين المستمر للمحامين في عديد المجالات، المجال العقاري، الإجراءات الشغلية، الاجراءات الجزائية... ويكاد التكوين يكون كل أسبوع بكامل الجهات إلى جانب ذلك نعتبر أن تحسين مدخول المحامي مهم في علاقة. بمراجعة التشريعات، مجلة المرافعات المدنية والتجارية، مجلة الديوانة، مجلة العقوبات العسكرية ومجلة الإجراءات الجزائية وغيرها هذا من شأنه جعل مجال تدخل المحامي وجوبي لدى المحكمة الابتدائية في علاقة بالجنح والأحوال الشخصية والنزاعات الشغلية وهذا يحسن من مجال تدخل المحامي،وأيضا القضاء على المنافسة غير الشرعية في كتابة العقود التي هي من اختصاص المحامين فهو أولى بذلك وليس موظفي إدارة الملكية العقارية وغيرها من المجالات التي نسعي إلى مراجعتها على غرار مراجعة الأوامر المنظمة لقضايا المؤسسات العمومية والشركات الوطنية لتيسير كراسات الشروط في علاقة بانابة المحامي الشاب لتلك المؤسسات والشركات إلى جانب ضرورة ارساء خطة محام مستشار وكل هذه النقاط تم التطرق إليها في مشروع القانون الأساسي للمهنة.
****ما هو دور الرقمنة في تسهيل عمل المحامي؟
أؤكد على تعميم الرقمنة وجعل الخدمات عن بعد هي الاصل وتجنيب المحامين التنقل لنشر القضايا ومتابعتها واستخراج الاحكام وغيرها لتكون العمليات من المكاتب لجميع الاعمال وقدمنا خطوة كبيرة في هذا الاتجاه وسنحسمها نهائيا خلال هذه العهدة.
وهناك مسالة ثانية هي اعادة النظر بصفة شاملة ومبدئية في وضعية المعهد الاعلى للمحاماة عبر ارجاع مسالة الاشراف عليه للهيئة الوطنية للمحامين وتغيير هيكلته وبرامجه ومناهج التدريس بتعصيرها وتطويرها واولها مقر لائق وتحسين شروط المناظرة واضفاء اكثر شفافية واحاطة كاملة بالمنتسبين من ظروف دراسة واقامة ومنح لائقة مقارنة بطلبة المعهد الاعلى للقضاء وباعادة النظر في طرق انتداب اطار التدريس والإشراف.