إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في اختتام السنة الجامعية بمعهد تاريخ تونس المعاصر.. إبراهيم بودربالة يقدم شهادة تاريخية حول المحاكمات السياسية في عهد الرئيس بورقيبة

 

ـ المطلوب اليوم الانكباب على إصلاح القضاء والتعليم   

تونس: الصباح

بمناسبة اختتام السنة الجامعية نظم المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بجامعة منوبة أمس لقاء مع العميد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب الذي قدم شهادة تاريخية حول محاكمات أواخر حكم الرئيس الحبيب بورقيبة كما عاشها في فترة 1978ـ 1987.

المؤرخ خالد عبيد منسق الندوة بين أن المعهد سيحتفل قريبا بخمسينية إحداثه وهو معهد الدولة التونسية الذي يهتم بتاريخ الحقبة الاستعمارية وما قبلها وكذلك بفترة بناء الدولة الوطنية، وهو مؤتمن على الذاكرة الجماعية للتونسيين ويهتم بجمع الشهادات الشفوية التي يحتاجها المؤرخ إلى جانب الوثائق الأرشيفية بهدف الوصول إلى مقاربة علمية تساعد على تدوين الحدث، وفي هذا السياق كانت المحاضرة الافتتاحية للسنة الجامعية من تقديم الرئيس الأسبق محمد الناصر أما المحاضرة الاختتامية فهي للعميد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب.

وتحدث بودربالة في شهاداته التاريخية عن المحاكمات في قضايا البنصالحيين والخميس الأسود وعملية قفصة وأحداث الخبز والاتجاه الإسلامي، وأشار بالخصوص إلى أنه عندما تنطلق المحكمة في النظر في قضية كان الرئيس الحبيب بورقيبة لا يقبل مقابلة أحد إلى حين انتهاء المحكمة، واستدل على ثلاثة أمثلة منها القاضي الذي ذهب إلى زيارة بورقيبة رغبة منه في أن يقع التمديد لفائدته بعد التقاعد وأخبره أنه هو الذي حكم في قضية المحاولة الانقلابية بالإعدام فأجابه بورقيبة "إن كنت قد حكمت ضميرك فستجد جزاءك عند الله وإن فعلت غير ذلك فبينك بين ربي"، وذكر العميد أنه في محكمة أمن الدولة لم تكن هناك محاكمات عادلة ولكن ما يجب أن يقال بمناسبة تقييم محكمة أمن الدولة هو أن تلك المحاكم كانت تحاول قدر الإمكان احترام الإجراءات إلى أقصى درجة، فقد كانت تسأل السلطة السياسية ما هو الحكم الذي تريده لكنها كانت تريد من السلطة أن تترك لها مهمة تسيير الجلسة في كنف احترام الإجراءات لكن الأحكام التي تصدر عنها هي أحكام سياسية فهي في تركيبتها ومن حيث الهدف من أحداثها تخالف مقتضيات المحكمة العدالة.  

 ولدى حديثه عن المحاكمات سالفة الذكر أشار بودربالة إلى أنه عند التحاقه بالمحاماة تمرن لدى الأستاذ الصادق مرزوق الذي تمرن لدى العميد محمد شقرون وقال إن الجميع يعرفون مدرسة شقرون وما تمتاز به من مهنية،  وذكر أنه لم ينب في قضية البنصالحيين التي انطلقت بعد شهر وأسبوعين من ترسيمه ولكن بما أنه كان يتدرب لدى الأستاذ مرزوق فقد وجد نفسه في القاعة عدد عشرة أمام محكمة امن الدولة التي ترأسها محمد الصالح العياري وكانت تضم في تركيبتها عضوين من مجلس النواب  وهي أول قضية سياسية بذلك الحجم الكبير إذ فيها 33 متهما وصدرت أحكام تتراوح بين 11 سنة سجنا وعدم سماع الدعوى.. وبين أنه حضر اغلب الاستنطاقات والمرافعات ولاحظ وقتها أن الرئيس محمد صالح العياري بما يحظى به من قيمة في إدارة الجلسة كان سريعا ويحبذ أن يكون الترافع بالعربية الفصحى، وكانت المحكمة وقتها تحاكم نخبة من إطارات الدولة والذين تحملوا مسؤوليات لكن نتيجة خلافات سياسية تمت محاكمتهم وعندما انطلقت القضية أثيرت أمام المحكمة دفعات بعدم دستورية عدد من القوانين لكنها أجابت أنه لا يمكنها أن تنظر في الدفع بعدم دستورية القوانين. وأضاف أنه في قضايا امن الدولة كان هناك دائما  نوع من التغليف وذلك من خلال إصدار أحكام بعدم سماع الدعوى في حق متهم أو إثنين  لإعطاء مصادقية للأحكام الصادرة عنها.

الخميس الأسود

أما بالنسبة إلى محاكمات سنة 1978 فبين العميد إبراهيم بودبالة أنها جاءت نتيجة الخلاف مع الاتحاد العام التونسي للشغل وقال إن العميد المرحوم منصور الشفي كان وقتها متحمسا للدفاع عن كل المحالين في هذه القضية وهو الذي نسق عملية الدفاع ونسق حضور المحامين وواكب كل الاستنطاقات وذكر أن تلك القضية كان ينظر إليها بنظرة موضوعية فهي تدل على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ذلك الوقت فعلى المستوى السياسي نجد بورقية قد تقدم في السن وأصبح غير ماسك بكل ما يتعلق بخفايا الحكم وكانت هناك صراعات بين من بيدهم السلطة التنفيذية ومن لهم تأثير على السلطة التنفيذية وانطلقت هذه القضية بصراع في ظاهره خلاف بين الاتحاد والهادي نويرة لكنه أعمق من ذلك وقال إنه دون تحامل على أي طرف كانت هناك علاقات مع ليبيا وما تبعها من خيارات اقتصادية كان يعارضها جزء كبير من الشعب لأنها لا تحقق العدالة الاجتماعية كما أن الدولة بدأت تتخلى عن مفهوم الدولة الراعية الذي تبلور في بداية الستينات لدعم الطبقات الشعبية والضعيفة، وبين أن الصراع أصبح ظاهرا للعيان حيث قدم عدد من الوزراء ومنهم محمد الناصر استقالاتهم وهي سابقة عرفتها  الحكومة تعكس الصراع الذي كان موجودا داخلها  وفي جانفي 1978 أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن  الإضراب العام في كامل البلاد وبلغ الاحتقان وقتها حد الانفجار وكان يوم الخميس يوما اسود في تاريخ تونس سقطت فيه أرواح بشرية وكان هناك عدد كبير من الجرحى والى جانب قضية الاعتداء على أمن الدولة، وكانت هناك في البداية إرادة لكي تكون القضية قضية حق عام لكن وقع رفض هذا التوجه وتعهدت محكمة امن الدولة بالقضية وقال بودبالة انه ناب خمسة متهمين وعاشت مهنة المحاماة وقتها أحداثا هامة وكان من بين المدافعين عن المتهمين المرحوم العميد محمد بللونة وكان الملف ثقيلا وطلبت هيئة الدفاع التأخير لكن المحكمة رفضت  وأضاف أن هناك العديد من المحامين الذين تطوعوا وأدلوا بدلوهم في الدفاع عن الحقوق والحريات وبرهنت المحاماة التونسية على مسؤوليتها في تحمل واجب الدفاع حسب المبادئ والقيم التي تؤمن بها وقال إن العميد بلونة دخل في خلاف مع القاضي ونزع العباءة وتم الانسحاب من المحاكمة وتقديم لائحة للتخلي عن الدفاع قالوا فيها انه نظرا لما لمسه المحامون من المس بحقوق الدفاع ورفض مطلب التأخير ليتمكن لسان الدفاع من الاستعداد وأمام المضايقات المتعددة المسلطة على لسان الدفاع بفرض مراقبات من رجال الأمن على المحامين وأمام عدم احضار جملة المتهمين رغم ان التهمة الموجهة اليهم واحدة وأمام المس من مبدا علنية الجلسة من خلال منع أهالي المتهمين من دخول قاعة الجلسة فإنهم يعلنون التخلي.. وذكر أن أغلب المحامين أمضوا على  لائحة التخلي وانسحبوا من الدفاع وبالتالي تم تسخير عدد من المحامين وهو ما يشترطه قانون محكمة امن الدولة عدد 17 لسنة 1968 وبعد التسخير تسمك المتهمون بمحاميهم وفعلا تمت المحاكمة دون مرافعات وصدر الحكم ضد اغلب المتهمين الذين تمت إحالتهم وكانت تتراوح بين عشر سنوات أشغال شاقة وستة أشهر مع تأجيل التنفيذ كما أصدرت المحكمة عقوبة ضد العميد بللونة وضد الأستاذ البودالي. 

احتقان اجتماعي

وبين العميد إبراهيم بودربالة أن الأجواء التي كانت سائدة في البلاد من الناحية الاجتماعية والسياسية اتسمت آنذاك بكثرة التشنج والاحتقان الى ان جاء شهر جانفي 1980 حيث تمت الاستفاقة على اخبار سماها البعض عصيانا مسلحا وسماها آخرون ثورة مسلحة وهي عملية قفصة وأضاف أنهم تابعوا تلك الأحداث الى ان حلت محاكمات المتهمين امام محكمة امن الدولة التي ترأسها آنذاك المرحوم الهادي الجديدي وهو قاض ممتاز ومعروف بدماثة أخلاقه واتخذ مجلس الهيئة الوطنية للمحامين قرارا بتسخير محامين لدى التعقيب في هذه القضية لما تكتسيه من أهمية وطلب منهم كمحامين شبان، ونظرا إلى أن أبعاد القضية غير معروفة إذ فيها اعتداء خارجي وأسلحة طلب منهم متابعة القضية عن كثب وترك الدفاع يقوم بدوره كيفما تمت تسخيره من قبل مجلس هيئة المحامين فمجلس الهيئة كان دائما حاضرا في جميع المحاكمات ومنها محاكمة الاتحاد.

وفي علاقة بمحاكمات قفصة فان الغريب في القضية، حسب تعبيره، أنها كانت تسير بسرعتين لأنه في الاستنطاق كان هناك ما يتعلق بالجانب الليبي وكيف نشأ من شارك في الفعل وتحولوا إلى لبنان وشاركوا في المقاومة وهذه التفاصيل كان يقع بثها في الإعلام أما ما تعلق بالجانب الجزائي والذي يتم في الحصة المسائية فلا يقع نشره في الإعلام، وأضاف انه صدر الحكم في القضية ضد خمسة عشر متهما وقضي بالإعدام ضد خمسة عشر متهما منهما 2 في حالة فرار وتم تنفيذ الحكم يوم 17 افريل في 13 متهما وذكر أن الرئيس قال إن المحكمة لم تصدر حكما بالإعدام  إلا ضد كل شخص ثبت انه قتل نفسا بشرية.

وأضاف بودبالة أن تلك المحاكمة كانت استثنائية وجعلتهم يفكرون كيف أن هناك تونسيا يرفع السلاح ضد مواطني بلده وقد أثرت محاكمة قفصة في المجتمع التونسي في ذلك الوقت أيما تأثير. 

الجماعة الإسلامية

بين العميد إبراهيم بودربالة أنه في سنة 1981 وإضافة إلى محكمة امن الدولة فقد كانت هناك قضايا حق عام مثل قضية حزب العمال والشعبة السرية وكلها عالجتها محاكم الحق العام كما جاءت قضية الجماعة الإسلامية وهي لأول مرة في تونس تحاكم فيها الجماعة الإسلامية التي تنقسم إلى مجموعة اليسار الإسلامي لحميدة النيفر وجماعة الغنوشي ومجموعة حسن الغضباني وقال انه ناب زميله عبد الفتاح مورو وكانت الأحكام متقاربة ووصلت إلى عشر سنوات سجنا وهي قضية أخذت بعدا عالميا كبيرا.

أما القضية الهامة التالية فهي حسب قوله قضية أحداث الخبز ولم تكن هناك محكمة امن دولة وكانت هناك محاكم الأمن العام والمحكمة العليا واهم قضية هي تلك المتعلقة بقتل نفس بشرية بالحجارة في شارع 9 افريل وذكر أنه كان حاضرا فيها عن جمعية المحامين الشبان وكان القاضي الذي ترأس المحكمة معروفا إلى جانب نظافة اليد بأنه حكم على امرأة سرقت بيضة بخمس سنوات سجنا. وفي منتصف الليل يوم الجلسة نادى على المتهمين ويبلغ عددهم عشرة وكانوا صغارا في السن تتراوح أعمارهم بين 18 و20  وحكم عليهم بالإعدام دفعة واحدة وقد حزت هذه الأحكام في نفسه كثيرا ولكن بورقيبة أصدر عفوا ضد كل المحكوم عليهم  وخفف من العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وبعد ذلك تم الإفراج عنهم وتزامت مع تلك القضية محاكمة وزير الداخلية إدريس قيقة الذي كان خارج الجمهورية وحكم عليه بالسجن غيابا مدة عشر سنوات.

وبخصوص أحداث 1984 و1985 كانت هناك حسب قوله محاكمة لحبيب عاشور الذي دخل في صراع مع محمد مزالي وذكر أن الحبيب عاشور كان يقضي إما خمس سنوات في قيادة الاتحاد أو خمس سنوات بين المحاكمات والإيقافات والإقامة الجبرية وبعد 1985 حصلت أحداث هامة في البلاد وهي ظهور الحركة الإسلامية.

 وقال بودربالة:"في تلك الفترة تم تعيين الرئيس الأسبق رحمه الله على رأس وزارة الداخلية في شهر افريل 1987 وحصلت مظاهرات في ساحة برشلونة وشوارع العاصمة وزعت فيها صور راشد الغنوشي وبعد ساعات قليلة دخلت الدبابات للعاصمة والغريب في الآمر أن وكالات الأنباء كانت حاضرة للتصوير. وبعد ذلك انطلقت قضية امن الدولة للاتجاه الإسلامي وأحيل 89 متهما. وذكر أن هناك أحداثا خطيرة حصلت منها ما تعرض له أمام في جامع الكرم حيث تم مسكه بالقوة وسكب ماء فرق في فمه وبعد ذلك تم الاعتداء على وكيل عام بمحكمة الاستئناف بالمنستير وهي أحداث خطيرة مست بالسلم الاجتماعية، وقال بودربالة انه ناب في المحاكمة زميليه عبد الفتاح موورو ونور الدين البحيري وتم انتخابه عضوا في الهيئة القومية للمحامين وكان مجلس الهيئة في وقت العميد منصور الشفي يتحمل مسؤوليته فهم يؤمنون بقدسية رسالة الدفاع.

إصلاح القضاء

وتعقيبا على أسئلة المشاركين في الندوة تحدث بودربالة عن أهمية القضاء والمحاماة والقانون، وبين أن القاضي لديه رسالة والمحامي لديه رسالة والقانون هو النص الذي صدر في الرائد الرسمي والذي يجب تطبيقه والمحاكم مطالبة بحسن تطبيق القانون وذكر أن المحاماة لها مبادئ وقيم ومنها المبادئ الأساسية للمحاكمة العدالة لأن كل إنسان بريء إلى أن تثبت إدانته في إطار احترام حقوق الدفاع وفسر أن المحامي لا يدافع عن الجريمة بل يدافع عن متهم ومهما كانت الجريمة فمن واجب المحامي أن يقوم بكل ما من شأنه أن يثبت براءة منوبه إن كان بريئا أو أن يحاول التوصل إلى التخفيف من العقوبة. وبخصوص دور الإعلام في تونس قال إن أهم مكسب بعد 14 جانفي هو حرية الإعلام وأضاف :"نحن نواصل الدفاع عن حرية الإعلام رغم وجود جوانب سلبية وأهل المهنة مطالبون باستبعاد السلبيات وتدعيم ما هو ايجابي في الإعلام". 

وتعقيبا على أسئلة عدد من الحاضرين أوضح العميد أنه عندما تحدث عن محكمة امن الدولة فهو لم يشكرها بل أنه كشاهد عيان تحدث عن الجلسات كيف كانت تتم وكان فيها قاضيان من مجلس النواب وهما من الحزب الحاكم وبالتالي فهي من حيث تركيبتها منقوصة في حياديتها لكن اليوم هناك مصيبة في المحاكم لأن المحكمة تدخل للنظر في أربعين ملفا وفي السابق كانت المحكمة في الدائرة الجنائية تدخل بملف واحد. ويرى أن ملف القضاء يحتاج إلى إصلاح وأضاف أنه من أهم الأشياء المطروحة اليوم في تونس هي إصلاح القضاء والمنظومة الإجرائية التي تآكلت عبر الزمن وقال:"سننكب على إصلاح وضعية القضاء وعلى إصلاح التعليم". 

حجب الأعداد

 وخلص العميد إبراهيم بودربالة في محاضرته التي واكبها عدد من الجامعيين والنواب والمهتمين بالشأن العام إلى التأكيد على أنه قد ناله شرف الانتفاع من خيارات الدولة الوطنية وذكر أنه لما كان تلميذا في "السيزيام" طلب منهم المعلم القدوم على الساعة السابعة صباحا لكي يدرسهم وذلك بهدف حسن الاستعداد للمناظرة وعند الإعلان عن النتيجة كان يتقبل التهاني لأن المدرسة نجح فيها أربعة تلاميذ في "السيزيام" في حين لم ينجح أحد في المدرسة المجاورة، وقال متحدثا عن قرار حجب الأعداد إنه مع مشروعية مطالب المدرسين لكنه يرفض ترك الأطفال رهينة، فالطفل الذي يمر بمثل هذا الحدث ماذا يمكن أن ننتظر منه في المستقل فهل سنجد فيه روح الوطنية والانتماء ومحبة الشعب، وذكر بودبالة أنه يحب الشعب وأنه استفاد من تضحياته واليوم عندما يقيم الأحداث فهو يقوم بذلك بموضوعية حيال ما يشاهده من هجرة الأطباء والمهندسين وخيرة الكفاءات الذين تنتفع بهم دول أخرى، وقال إنه يتعين على الباحثين والمفكرين وعلماء الاجتماع النزول إلى الشارع وتوعية المواطنين بضرورة الوقوف معا من أجل تونس وعلى كل مواطن أن يشعر أنه مسؤول عن الوطن وعليه أن يدافع عنه ويجب أن تكون لدى الجميع الشجاعة للاعتراف بالأخطاء التي ارتكبناها فكل فرد مطالب بالقيام بنقد ذاتي.

سعيدة بوهلال

في اختتام السنة الجامعية بمعهد تاريخ تونس المعاصر..  إبراهيم بودربالة يقدم شهادة تاريخية حول المحاكمات السياسية في عهد الرئيس بورقيبة

 

ـ المطلوب اليوم الانكباب على إصلاح القضاء والتعليم   

تونس: الصباح

بمناسبة اختتام السنة الجامعية نظم المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بجامعة منوبة أمس لقاء مع العميد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب الذي قدم شهادة تاريخية حول محاكمات أواخر حكم الرئيس الحبيب بورقيبة كما عاشها في فترة 1978ـ 1987.

المؤرخ خالد عبيد منسق الندوة بين أن المعهد سيحتفل قريبا بخمسينية إحداثه وهو معهد الدولة التونسية الذي يهتم بتاريخ الحقبة الاستعمارية وما قبلها وكذلك بفترة بناء الدولة الوطنية، وهو مؤتمن على الذاكرة الجماعية للتونسيين ويهتم بجمع الشهادات الشفوية التي يحتاجها المؤرخ إلى جانب الوثائق الأرشيفية بهدف الوصول إلى مقاربة علمية تساعد على تدوين الحدث، وفي هذا السياق كانت المحاضرة الافتتاحية للسنة الجامعية من تقديم الرئيس الأسبق محمد الناصر أما المحاضرة الاختتامية فهي للعميد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب.

وتحدث بودربالة في شهاداته التاريخية عن المحاكمات في قضايا البنصالحيين والخميس الأسود وعملية قفصة وأحداث الخبز والاتجاه الإسلامي، وأشار بالخصوص إلى أنه عندما تنطلق المحكمة في النظر في قضية كان الرئيس الحبيب بورقيبة لا يقبل مقابلة أحد إلى حين انتهاء المحكمة، واستدل على ثلاثة أمثلة منها القاضي الذي ذهب إلى زيارة بورقيبة رغبة منه في أن يقع التمديد لفائدته بعد التقاعد وأخبره أنه هو الذي حكم في قضية المحاولة الانقلابية بالإعدام فأجابه بورقيبة "إن كنت قد حكمت ضميرك فستجد جزاءك عند الله وإن فعلت غير ذلك فبينك بين ربي"، وذكر العميد أنه في محكمة أمن الدولة لم تكن هناك محاكمات عادلة ولكن ما يجب أن يقال بمناسبة تقييم محكمة أمن الدولة هو أن تلك المحاكم كانت تحاول قدر الإمكان احترام الإجراءات إلى أقصى درجة، فقد كانت تسأل السلطة السياسية ما هو الحكم الذي تريده لكنها كانت تريد من السلطة أن تترك لها مهمة تسيير الجلسة في كنف احترام الإجراءات لكن الأحكام التي تصدر عنها هي أحكام سياسية فهي في تركيبتها ومن حيث الهدف من أحداثها تخالف مقتضيات المحكمة العدالة.  

 ولدى حديثه عن المحاكمات سالفة الذكر أشار بودربالة إلى أنه عند التحاقه بالمحاماة تمرن لدى الأستاذ الصادق مرزوق الذي تمرن لدى العميد محمد شقرون وقال إن الجميع يعرفون مدرسة شقرون وما تمتاز به من مهنية،  وذكر أنه لم ينب في قضية البنصالحيين التي انطلقت بعد شهر وأسبوعين من ترسيمه ولكن بما أنه كان يتدرب لدى الأستاذ مرزوق فقد وجد نفسه في القاعة عدد عشرة أمام محكمة امن الدولة التي ترأسها محمد الصالح العياري وكانت تضم في تركيبتها عضوين من مجلس النواب  وهي أول قضية سياسية بذلك الحجم الكبير إذ فيها 33 متهما وصدرت أحكام تتراوح بين 11 سنة سجنا وعدم سماع الدعوى.. وبين أنه حضر اغلب الاستنطاقات والمرافعات ولاحظ وقتها أن الرئيس محمد صالح العياري بما يحظى به من قيمة في إدارة الجلسة كان سريعا ويحبذ أن يكون الترافع بالعربية الفصحى، وكانت المحكمة وقتها تحاكم نخبة من إطارات الدولة والذين تحملوا مسؤوليات لكن نتيجة خلافات سياسية تمت محاكمتهم وعندما انطلقت القضية أثيرت أمام المحكمة دفعات بعدم دستورية عدد من القوانين لكنها أجابت أنه لا يمكنها أن تنظر في الدفع بعدم دستورية القوانين. وأضاف أنه في قضايا امن الدولة كان هناك دائما  نوع من التغليف وذلك من خلال إصدار أحكام بعدم سماع الدعوى في حق متهم أو إثنين  لإعطاء مصادقية للأحكام الصادرة عنها.

الخميس الأسود

أما بالنسبة إلى محاكمات سنة 1978 فبين العميد إبراهيم بودبالة أنها جاءت نتيجة الخلاف مع الاتحاد العام التونسي للشغل وقال إن العميد المرحوم منصور الشفي كان وقتها متحمسا للدفاع عن كل المحالين في هذه القضية وهو الذي نسق عملية الدفاع ونسق حضور المحامين وواكب كل الاستنطاقات وذكر أن تلك القضية كان ينظر إليها بنظرة موضوعية فهي تدل على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ذلك الوقت فعلى المستوى السياسي نجد بورقية قد تقدم في السن وأصبح غير ماسك بكل ما يتعلق بخفايا الحكم وكانت هناك صراعات بين من بيدهم السلطة التنفيذية ومن لهم تأثير على السلطة التنفيذية وانطلقت هذه القضية بصراع في ظاهره خلاف بين الاتحاد والهادي نويرة لكنه أعمق من ذلك وقال إنه دون تحامل على أي طرف كانت هناك علاقات مع ليبيا وما تبعها من خيارات اقتصادية كان يعارضها جزء كبير من الشعب لأنها لا تحقق العدالة الاجتماعية كما أن الدولة بدأت تتخلى عن مفهوم الدولة الراعية الذي تبلور في بداية الستينات لدعم الطبقات الشعبية والضعيفة، وبين أن الصراع أصبح ظاهرا للعيان حيث قدم عدد من الوزراء ومنهم محمد الناصر استقالاتهم وهي سابقة عرفتها  الحكومة تعكس الصراع الذي كان موجودا داخلها  وفي جانفي 1978 أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن  الإضراب العام في كامل البلاد وبلغ الاحتقان وقتها حد الانفجار وكان يوم الخميس يوما اسود في تاريخ تونس سقطت فيه أرواح بشرية وكان هناك عدد كبير من الجرحى والى جانب قضية الاعتداء على أمن الدولة، وكانت هناك في البداية إرادة لكي تكون القضية قضية حق عام لكن وقع رفض هذا التوجه وتعهدت محكمة امن الدولة بالقضية وقال بودبالة انه ناب خمسة متهمين وعاشت مهنة المحاماة وقتها أحداثا هامة وكان من بين المدافعين عن المتهمين المرحوم العميد محمد بللونة وكان الملف ثقيلا وطلبت هيئة الدفاع التأخير لكن المحكمة رفضت  وأضاف أن هناك العديد من المحامين الذين تطوعوا وأدلوا بدلوهم في الدفاع عن الحقوق والحريات وبرهنت المحاماة التونسية على مسؤوليتها في تحمل واجب الدفاع حسب المبادئ والقيم التي تؤمن بها وقال إن العميد بلونة دخل في خلاف مع القاضي ونزع العباءة وتم الانسحاب من المحاكمة وتقديم لائحة للتخلي عن الدفاع قالوا فيها انه نظرا لما لمسه المحامون من المس بحقوق الدفاع ورفض مطلب التأخير ليتمكن لسان الدفاع من الاستعداد وأمام المضايقات المتعددة المسلطة على لسان الدفاع بفرض مراقبات من رجال الأمن على المحامين وأمام عدم احضار جملة المتهمين رغم ان التهمة الموجهة اليهم واحدة وأمام المس من مبدا علنية الجلسة من خلال منع أهالي المتهمين من دخول قاعة الجلسة فإنهم يعلنون التخلي.. وذكر أن أغلب المحامين أمضوا على  لائحة التخلي وانسحبوا من الدفاع وبالتالي تم تسخير عدد من المحامين وهو ما يشترطه قانون محكمة امن الدولة عدد 17 لسنة 1968 وبعد التسخير تسمك المتهمون بمحاميهم وفعلا تمت المحاكمة دون مرافعات وصدر الحكم ضد اغلب المتهمين الذين تمت إحالتهم وكانت تتراوح بين عشر سنوات أشغال شاقة وستة أشهر مع تأجيل التنفيذ كما أصدرت المحكمة عقوبة ضد العميد بللونة وضد الأستاذ البودالي. 

احتقان اجتماعي

وبين العميد إبراهيم بودربالة أن الأجواء التي كانت سائدة في البلاد من الناحية الاجتماعية والسياسية اتسمت آنذاك بكثرة التشنج والاحتقان الى ان جاء شهر جانفي 1980 حيث تمت الاستفاقة على اخبار سماها البعض عصيانا مسلحا وسماها آخرون ثورة مسلحة وهي عملية قفصة وأضاف أنهم تابعوا تلك الأحداث الى ان حلت محاكمات المتهمين امام محكمة امن الدولة التي ترأسها آنذاك المرحوم الهادي الجديدي وهو قاض ممتاز ومعروف بدماثة أخلاقه واتخذ مجلس الهيئة الوطنية للمحامين قرارا بتسخير محامين لدى التعقيب في هذه القضية لما تكتسيه من أهمية وطلب منهم كمحامين شبان، ونظرا إلى أن أبعاد القضية غير معروفة إذ فيها اعتداء خارجي وأسلحة طلب منهم متابعة القضية عن كثب وترك الدفاع يقوم بدوره كيفما تمت تسخيره من قبل مجلس هيئة المحامين فمجلس الهيئة كان دائما حاضرا في جميع المحاكمات ومنها محاكمة الاتحاد.

وفي علاقة بمحاكمات قفصة فان الغريب في القضية، حسب تعبيره، أنها كانت تسير بسرعتين لأنه في الاستنطاق كان هناك ما يتعلق بالجانب الليبي وكيف نشأ من شارك في الفعل وتحولوا إلى لبنان وشاركوا في المقاومة وهذه التفاصيل كان يقع بثها في الإعلام أما ما تعلق بالجانب الجزائي والذي يتم في الحصة المسائية فلا يقع نشره في الإعلام، وأضاف انه صدر الحكم في القضية ضد خمسة عشر متهما وقضي بالإعدام ضد خمسة عشر متهما منهما 2 في حالة فرار وتم تنفيذ الحكم يوم 17 افريل في 13 متهما وذكر أن الرئيس قال إن المحكمة لم تصدر حكما بالإعدام  إلا ضد كل شخص ثبت انه قتل نفسا بشرية.

وأضاف بودبالة أن تلك المحاكمة كانت استثنائية وجعلتهم يفكرون كيف أن هناك تونسيا يرفع السلاح ضد مواطني بلده وقد أثرت محاكمة قفصة في المجتمع التونسي في ذلك الوقت أيما تأثير. 

الجماعة الإسلامية

بين العميد إبراهيم بودربالة أنه في سنة 1981 وإضافة إلى محكمة امن الدولة فقد كانت هناك قضايا حق عام مثل قضية حزب العمال والشعبة السرية وكلها عالجتها محاكم الحق العام كما جاءت قضية الجماعة الإسلامية وهي لأول مرة في تونس تحاكم فيها الجماعة الإسلامية التي تنقسم إلى مجموعة اليسار الإسلامي لحميدة النيفر وجماعة الغنوشي ومجموعة حسن الغضباني وقال انه ناب زميله عبد الفتاح مورو وكانت الأحكام متقاربة ووصلت إلى عشر سنوات سجنا وهي قضية أخذت بعدا عالميا كبيرا.

أما القضية الهامة التالية فهي حسب قوله قضية أحداث الخبز ولم تكن هناك محكمة امن دولة وكانت هناك محاكم الأمن العام والمحكمة العليا واهم قضية هي تلك المتعلقة بقتل نفس بشرية بالحجارة في شارع 9 افريل وذكر أنه كان حاضرا فيها عن جمعية المحامين الشبان وكان القاضي الذي ترأس المحكمة معروفا إلى جانب نظافة اليد بأنه حكم على امرأة سرقت بيضة بخمس سنوات سجنا. وفي منتصف الليل يوم الجلسة نادى على المتهمين ويبلغ عددهم عشرة وكانوا صغارا في السن تتراوح أعمارهم بين 18 و20  وحكم عليهم بالإعدام دفعة واحدة وقد حزت هذه الأحكام في نفسه كثيرا ولكن بورقيبة أصدر عفوا ضد كل المحكوم عليهم  وخفف من العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وبعد ذلك تم الإفراج عنهم وتزامت مع تلك القضية محاكمة وزير الداخلية إدريس قيقة الذي كان خارج الجمهورية وحكم عليه بالسجن غيابا مدة عشر سنوات.

وبخصوص أحداث 1984 و1985 كانت هناك حسب قوله محاكمة لحبيب عاشور الذي دخل في صراع مع محمد مزالي وذكر أن الحبيب عاشور كان يقضي إما خمس سنوات في قيادة الاتحاد أو خمس سنوات بين المحاكمات والإيقافات والإقامة الجبرية وبعد 1985 حصلت أحداث هامة في البلاد وهي ظهور الحركة الإسلامية.

 وقال بودربالة:"في تلك الفترة تم تعيين الرئيس الأسبق رحمه الله على رأس وزارة الداخلية في شهر افريل 1987 وحصلت مظاهرات في ساحة برشلونة وشوارع العاصمة وزعت فيها صور راشد الغنوشي وبعد ساعات قليلة دخلت الدبابات للعاصمة والغريب في الآمر أن وكالات الأنباء كانت حاضرة للتصوير. وبعد ذلك انطلقت قضية امن الدولة للاتجاه الإسلامي وأحيل 89 متهما. وذكر أن هناك أحداثا خطيرة حصلت منها ما تعرض له أمام في جامع الكرم حيث تم مسكه بالقوة وسكب ماء فرق في فمه وبعد ذلك تم الاعتداء على وكيل عام بمحكمة الاستئناف بالمنستير وهي أحداث خطيرة مست بالسلم الاجتماعية، وقال بودربالة انه ناب في المحاكمة زميليه عبد الفتاح موورو ونور الدين البحيري وتم انتخابه عضوا في الهيئة القومية للمحامين وكان مجلس الهيئة في وقت العميد منصور الشفي يتحمل مسؤوليته فهم يؤمنون بقدسية رسالة الدفاع.

إصلاح القضاء

وتعقيبا على أسئلة المشاركين في الندوة تحدث بودربالة عن أهمية القضاء والمحاماة والقانون، وبين أن القاضي لديه رسالة والمحامي لديه رسالة والقانون هو النص الذي صدر في الرائد الرسمي والذي يجب تطبيقه والمحاكم مطالبة بحسن تطبيق القانون وذكر أن المحاماة لها مبادئ وقيم ومنها المبادئ الأساسية للمحاكمة العدالة لأن كل إنسان بريء إلى أن تثبت إدانته في إطار احترام حقوق الدفاع وفسر أن المحامي لا يدافع عن الجريمة بل يدافع عن متهم ومهما كانت الجريمة فمن واجب المحامي أن يقوم بكل ما من شأنه أن يثبت براءة منوبه إن كان بريئا أو أن يحاول التوصل إلى التخفيف من العقوبة. وبخصوص دور الإعلام في تونس قال إن أهم مكسب بعد 14 جانفي هو حرية الإعلام وأضاف :"نحن نواصل الدفاع عن حرية الإعلام رغم وجود جوانب سلبية وأهل المهنة مطالبون باستبعاد السلبيات وتدعيم ما هو ايجابي في الإعلام". 

وتعقيبا على أسئلة عدد من الحاضرين أوضح العميد أنه عندما تحدث عن محكمة امن الدولة فهو لم يشكرها بل أنه كشاهد عيان تحدث عن الجلسات كيف كانت تتم وكان فيها قاضيان من مجلس النواب وهما من الحزب الحاكم وبالتالي فهي من حيث تركيبتها منقوصة في حياديتها لكن اليوم هناك مصيبة في المحاكم لأن المحكمة تدخل للنظر في أربعين ملفا وفي السابق كانت المحكمة في الدائرة الجنائية تدخل بملف واحد. ويرى أن ملف القضاء يحتاج إلى إصلاح وأضاف أنه من أهم الأشياء المطروحة اليوم في تونس هي إصلاح القضاء والمنظومة الإجرائية التي تآكلت عبر الزمن وقال:"سننكب على إصلاح وضعية القضاء وعلى إصلاح التعليم". 

حجب الأعداد

 وخلص العميد إبراهيم بودربالة في محاضرته التي واكبها عدد من الجامعيين والنواب والمهتمين بالشأن العام إلى التأكيد على أنه قد ناله شرف الانتفاع من خيارات الدولة الوطنية وذكر أنه لما كان تلميذا في "السيزيام" طلب منهم المعلم القدوم على الساعة السابعة صباحا لكي يدرسهم وذلك بهدف حسن الاستعداد للمناظرة وعند الإعلان عن النتيجة كان يتقبل التهاني لأن المدرسة نجح فيها أربعة تلاميذ في "السيزيام" في حين لم ينجح أحد في المدرسة المجاورة، وقال متحدثا عن قرار حجب الأعداد إنه مع مشروعية مطالب المدرسين لكنه يرفض ترك الأطفال رهينة، فالطفل الذي يمر بمثل هذا الحدث ماذا يمكن أن ننتظر منه في المستقل فهل سنجد فيه روح الوطنية والانتماء ومحبة الشعب، وذكر بودبالة أنه يحب الشعب وأنه استفاد من تضحياته واليوم عندما يقيم الأحداث فهو يقوم بذلك بموضوعية حيال ما يشاهده من هجرة الأطباء والمهندسين وخيرة الكفاءات الذين تنتفع بهم دول أخرى، وقال إنه يتعين على الباحثين والمفكرين وعلماء الاجتماع النزول إلى الشارع وتوعية المواطنين بضرورة الوقوف معا من أجل تونس وعلى كل مواطن أن يشعر أنه مسؤول عن الوطن وعليه أن يدافع عنه ويجب أن تكون لدى الجميع الشجاعة للاعتراف بالأخطاء التي ارتكبناها فكل فرد مطالب بالقيام بنقد ذاتي.

سعيدة بوهلال