إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد لائحة مجلسهم الوطني.. قضاة تونس يضعون "القضاء الوظيفي "في قفص الاتهام"..

 

تونس-الصباح

لا تزال محاور الخلاف بين القضاة والسلطة التنفيذية على أشدها بعد أن جدد قضاة تونس في لائحتهم المهنية موقفهم الرافض لتوظيف القضاء في الخلاف السياسي واستعمال النيابة العمومية كحارس وظيفي للسلطة القائمة.

ولم يكتف القضاة المجتمعون بجهة سكرة بموقفهم هذا بل رفّعوا من سقف مطالبهم القطاعية باستعادة استقلالية القطاع وكف وزارة الإشراف عن الضغط والتنكيل بالقضاة عبر إعادة المعفيين الى مكانهم الطبيعي والامتثال الى قرار المحكمة الإدارية الذي أنصف عددا منهم عقب قرار الإعفاء الرئاسي بتاريخ 1جوان 2022.

وجاء بيان لائحة المجلس الوطني للقضاة طويلا حيث تضمن 11 نقطة أساسية في تحديد طبيعة الخلاف مع السلطة التنفيذية أولا ممثلة في شخص رئيس الجمهورية ووزيرة العدل والدعوة المستعجلة لمجلس القضاء الأعلى المؤقت للقيام بدوره وتجنب "عقاب التاريخ"، حسب المواقف الواردة في اجتماع سكرة .

ففي علاقتهم بالسلطة التنفيذية أكد القضاة في لائحة المجلس الوطني "عن رفضهم لكل الإجراءات التي استهدفت القضاء ونزعت منه صبغة السلطة المستقلّة وجعلته مجرّد وظيفة، في تبعية كاملة للسلطة التنفيذية، بما يشلّ من قدرته على حماية الحقوق والحريات وفي الاضطلاع بدوره في تأمين المحاكمة العادلة، مثلما تقتضيه مقوّمات دولة القانون في المجتمع الديمقراطي."

كما عبر القضاة عن رفضهم المطلق لتعمّد وزيرة العدل "التدخّل في عمل النيابة العمومية في عديد المحاكم وتوجيه أعمالها، بشكل غير مشروع، في استحواذ خطير على صلاحيات السلطة القضائية وبسط هيمنتها عليها، في ظل مناخ من التهديد والترهيب".

منبهين في ذات السياق الى خطورة ما يقع تداوله في الوسط القضائي وفي عدد من وسائل الإعلام من أخبار مفادها إصدار وزيرة العدل لمذكّرات تعيين لقضاة في خطط قضائية عليا، في شبه حركة جزئية وفي استعادة "لتحكّم السلطة التنفيذية في المسارات المهنية للقضاة وما يترتّب عن ذلك من مساس خطير باستقلاليتهم وحيادهم وبقصد التأثير المباشر من وزيرة العدل في تلك المواقع القضائية".

هكذا تدخل-حسبما وصفوه- دفع بقضاة تونس لمطالبة "المجلس الأعلى للقضاء المؤقت بإصدار التوضيحات المستوجبة ممّا يحصل وإبداء موقف من ذلك" في ظل الصمت المثير للجدل ولمخاوف أبناء القطاع مطالبين المجلس أيضا بإصدار مشروع الحركة القضائية لسنة 2023-2024 في وقت مبكّر بما يمكّن القضاة من التمتّع بحقوقهم في الترقية والنقلة وتقلّد الخطط القضائية وسدّ الشغورات "وفقا للمعايير القانونية ودون تمييز وإدراج القضاة المعفيين في الحركة، تنفيذا لأحكام المحكمة الإدارية."

ولا يزال ملف القضاة المعفيين محل نضال مستمر حيث لم يتوقف القضاة التونسيون عن الدفع في اتجاه استرداد حقوق المعنيين بعد الكلمة الفصل الصادرة عن المحكمة الإدارية مقابل تغاضى السلطة عن تنفيذ حكم قضائي بات. وفي هذا الإطار أصرت اللائحة الختامية لاجتماع المجلس الوطني على "تنفيذ قرار حق العودة للمعفيين دون قيد أو شرط في ظل الإنصاف الحاصل في حق هؤلاء".

وعلى إثر حصوله على جائزة "مسيرة الألف رداء قضائي" من الإتحاد الدولي للقضاة، كاعتراف بنضالاته من أجل الدفاع عن استقلال القضاء وبتضحياته من أجل دعم ومساندة القضاة التونسيين الذين تمّ إعفاؤهم "بشكل ظالم" تلقى رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي تهنئة واسعة من قبل زملائه القضاة ومن منظمات المجتمع المدني بهذه المناسبة.

ورغم أهمية بيان اللائحة الختامية لاجتماع سكرة فانه جاء خال من النقاشات بشأن الإيقافات السياسية والإشارة الى الموقوفين المحالين على أنظار القضاء الذي كثيرا ما وصفه القضاة بالقضاء "الموظف".

ويذكر أن القضاة يستعدون لإحياء الذكرى الأولى لما يسمونه بـ"مجزرة 1 جوان" القضائية حسب تصريح سابق لأنس الحمادي لـ"الصباح" حيث قال إن المجلس الوطني يعقد لتقيم الوضع القضائي منذ حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي واستبداله بمجلس مؤقت ومنصب والخاضع تماما لسيطرة السلطة التنفيذية حسب وصفه.

وأضاف أن أبرز عناوين فشل هذا المجلس هو عدم قدرته على استصدار قرار الحركة القضائية وما انجر عنها من تأخير مس من الحقوق الطبيعية للقضاة، حيث لا ترقيات ولا نقل ولا مسؤوليات قضائية، وهو ما أدى إلى حالة من الشغورات زادت خطورة مع انتهاج السلطة وتنفيذها ''لمجزرة'' الإعفاءات التي شملت 57 قاضيا من مختلف الرتب منهم 8 وكلاء جمهورية و2 وكلاء عامين و2 رؤساء أول لمحاكم الاستئناف ورؤساء محاكم وعميد قضاة تحقيق وقضاة تحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب وقضاة تحقيق بالقطب المالي ومساعدين لوكلاء الجمهورية وغيرهم .

واعتبر رئيس جمعية القضاة أن أهمية اجتماع السبت هو أنه يستبق بأيام قليلة الذكرى الأولى ''لمجزرة الإعفاءات" وضرب القضاء في العمق وأثر ذلك على القضاة والمتقاضين على حد السواء.

فهل يحقق اجتماع القضاة الأهداف الأساسية الثلاثة بتحييد سلطة الإشراف ورفع يدها عن مكاتب النيابة العمومية أولا وإعادة المبعدين قسرا الى أروقة المحاكم وضمان حركة قضائية عادلة وعاجلة؟

خليل الحناشي

بعد لائحة مجلسهم الوطني..  قضاة تونس يضعون "القضاء الوظيفي "في قفص الاتهام"..

 

تونس-الصباح

لا تزال محاور الخلاف بين القضاة والسلطة التنفيذية على أشدها بعد أن جدد قضاة تونس في لائحتهم المهنية موقفهم الرافض لتوظيف القضاء في الخلاف السياسي واستعمال النيابة العمومية كحارس وظيفي للسلطة القائمة.

ولم يكتف القضاة المجتمعون بجهة سكرة بموقفهم هذا بل رفّعوا من سقف مطالبهم القطاعية باستعادة استقلالية القطاع وكف وزارة الإشراف عن الضغط والتنكيل بالقضاة عبر إعادة المعفيين الى مكانهم الطبيعي والامتثال الى قرار المحكمة الإدارية الذي أنصف عددا منهم عقب قرار الإعفاء الرئاسي بتاريخ 1جوان 2022.

وجاء بيان لائحة المجلس الوطني للقضاة طويلا حيث تضمن 11 نقطة أساسية في تحديد طبيعة الخلاف مع السلطة التنفيذية أولا ممثلة في شخص رئيس الجمهورية ووزيرة العدل والدعوة المستعجلة لمجلس القضاء الأعلى المؤقت للقيام بدوره وتجنب "عقاب التاريخ"، حسب المواقف الواردة في اجتماع سكرة .

ففي علاقتهم بالسلطة التنفيذية أكد القضاة في لائحة المجلس الوطني "عن رفضهم لكل الإجراءات التي استهدفت القضاء ونزعت منه صبغة السلطة المستقلّة وجعلته مجرّد وظيفة، في تبعية كاملة للسلطة التنفيذية، بما يشلّ من قدرته على حماية الحقوق والحريات وفي الاضطلاع بدوره في تأمين المحاكمة العادلة، مثلما تقتضيه مقوّمات دولة القانون في المجتمع الديمقراطي."

كما عبر القضاة عن رفضهم المطلق لتعمّد وزيرة العدل "التدخّل في عمل النيابة العمومية في عديد المحاكم وتوجيه أعمالها، بشكل غير مشروع، في استحواذ خطير على صلاحيات السلطة القضائية وبسط هيمنتها عليها، في ظل مناخ من التهديد والترهيب".

منبهين في ذات السياق الى خطورة ما يقع تداوله في الوسط القضائي وفي عدد من وسائل الإعلام من أخبار مفادها إصدار وزيرة العدل لمذكّرات تعيين لقضاة في خطط قضائية عليا، في شبه حركة جزئية وفي استعادة "لتحكّم السلطة التنفيذية في المسارات المهنية للقضاة وما يترتّب عن ذلك من مساس خطير باستقلاليتهم وحيادهم وبقصد التأثير المباشر من وزيرة العدل في تلك المواقع القضائية".

هكذا تدخل-حسبما وصفوه- دفع بقضاة تونس لمطالبة "المجلس الأعلى للقضاء المؤقت بإصدار التوضيحات المستوجبة ممّا يحصل وإبداء موقف من ذلك" في ظل الصمت المثير للجدل ولمخاوف أبناء القطاع مطالبين المجلس أيضا بإصدار مشروع الحركة القضائية لسنة 2023-2024 في وقت مبكّر بما يمكّن القضاة من التمتّع بحقوقهم في الترقية والنقلة وتقلّد الخطط القضائية وسدّ الشغورات "وفقا للمعايير القانونية ودون تمييز وإدراج القضاة المعفيين في الحركة، تنفيذا لأحكام المحكمة الإدارية."

ولا يزال ملف القضاة المعفيين محل نضال مستمر حيث لم يتوقف القضاة التونسيون عن الدفع في اتجاه استرداد حقوق المعنيين بعد الكلمة الفصل الصادرة عن المحكمة الإدارية مقابل تغاضى السلطة عن تنفيذ حكم قضائي بات. وفي هذا الإطار أصرت اللائحة الختامية لاجتماع المجلس الوطني على "تنفيذ قرار حق العودة للمعفيين دون قيد أو شرط في ظل الإنصاف الحاصل في حق هؤلاء".

وعلى إثر حصوله على جائزة "مسيرة الألف رداء قضائي" من الإتحاد الدولي للقضاة، كاعتراف بنضالاته من أجل الدفاع عن استقلال القضاء وبتضحياته من أجل دعم ومساندة القضاة التونسيين الذين تمّ إعفاؤهم "بشكل ظالم" تلقى رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي تهنئة واسعة من قبل زملائه القضاة ومن منظمات المجتمع المدني بهذه المناسبة.

ورغم أهمية بيان اللائحة الختامية لاجتماع سكرة فانه جاء خال من النقاشات بشأن الإيقافات السياسية والإشارة الى الموقوفين المحالين على أنظار القضاء الذي كثيرا ما وصفه القضاة بالقضاء "الموظف".

ويذكر أن القضاة يستعدون لإحياء الذكرى الأولى لما يسمونه بـ"مجزرة 1 جوان" القضائية حسب تصريح سابق لأنس الحمادي لـ"الصباح" حيث قال إن المجلس الوطني يعقد لتقيم الوضع القضائي منذ حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي واستبداله بمجلس مؤقت ومنصب والخاضع تماما لسيطرة السلطة التنفيذية حسب وصفه.

وأضاف أن أبرز عناوين فشل هذا المجلس هو عدم قدرته على استصدار قرار الحركة القضائية وما انجر عنها من تأخير مس من الحقوق الطبيعية للقضاة، حيث لا ترقيات ولا نقل ولا مسؤوليات قضائية، وهو ما أدى إلى حالة من الشغورات زادت خطورة مع انتهاج السلطة وتنفيذها ''لمجزرة'' الإعفاءات التي شملت 57 قاضيا من مختلف الرتب منهم 8 وكلاء جمهورية و2 وكلاء عامين و2 رؤساء أول لمحاكم الاستئناف ورؤساء محاكم وعميد قضاة تحقيق وقضاة تحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب وقضاة تحقيق بالقطب المالي ومساعدين لوكلاء الجمهورية وغيرهم .

واعتبر رئيس جمعية القضاة أن أهمية اجتماع السبت هو أنه يستبق بأيام قليلة الذكرى الأولى ''لمجزرة الإعفاءات" وضرب القضاء في العمق وأثر ذلك على القضاة والمتقاضين على حد السواء.

فهل يحقق اجتماع القضاة الأهداف الأساسية الثلاثة بتحييد سلطة الإشراف ورفع يدها عن مكاتب النيابة العمومية أولا وإعادة المبعدين قسرا الى أروقة المحاكم وضمان حركة قضائية عادلة وعاجلة؟

خليل الحناشي