إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وجيهة الجبابلي: المرأة التونسية هي الّتي حافظت على مكاسب المجتمع

مسيرة وجيهة الجبابلي ثرية بكل المقاييس حتى وإن كانت أهم محطاتها غير معلومة لدى قطاعات واسعة من الرأي العام. ذلك أنها جمعت بين المبادرة الاقتصادية، والتي انطلقت منذ 1983 وركزت فيها على تصدير المنتوجات التونسية نحو الأسواق العربية والخليجية، والعمل الاجتماعي فهي التي ترأس حاليا جمعيّة بنك الطعام التونسي علاوة على رئاسة منظمة المرأة العربية والإفريقيّة المتخصصة وأيضا أمين عام للاتّحاد العربي للمرأة.

في هذا الحوار إضاءة على جوانب من مسيرة وجيهة الجبابلي وأيضا قراءتها لوضعية المرأة والاقتصاد التونسي.

  • بماذا تفسرين وأنت الّتي تملكين مسيرة مهنية ومجتمعية ثرية عدم الحضور الإعلامي في مستوى مسيرتك؟

 +  أوّلا أشكر جريدة الصباح على تخصيص صفحة خاصة بالمرأة وهذا ليس أمرا غريبا أو مستجدا على جريدة الصباح ذات التاريخ الحافل والحاضر المتميز. أما بالعودة إلى سؤالك فلا أملك جوابا محددا لأني لم أقم على امتداد مسيرتي إلا بما أملاه عليّ الواجب وخاصة ما نشأت عليه من ضرورة العمل وتجنب كل أشكال التظاهر والتباهي بما هو زائل. هناك قيم وجدتها في عائلتي وحافظت عليها وأعتبر أنها ساهمت في بناء شخصيتي وخاصة في نجاحي الدراسي والمهني. هناك معادلة مهمة يتعين احترامها وهي إنجاز كل ما نقوم به بشغف وإتقان وبتخطيط مسبق وأن نكون مستعدين لتقديم التضحيات. والأكيد أن تخصصي في الأعمال يجعلني أبحث عن الربح ولكن ما هو أهم بالنسبة لي أني بحثت أيضا عن المصلحة العامة وهو ما دفعني لتنويع نشاطي الاجتماعي وقد دفعت الثمن وتعرضت لضغوطات لا أريد العودة لها حاليا ولكن يكفيني فخرا أني تركت دائما انطباعات إيجابية وهذا هو المهم.

  • كيف تبدو لك وضعية المرأة التونسية؟

   +  تبدو لي وضعية المرأة التونسية حاليا مطمئنة في ظل ما يتأكد من أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أنهى مرحلة التشكيك في المكاسب التي انطلقت منذ جانفي 2011 وأكد بذلك الحفاظ على المكاسب مع ضرورة تطويرها. وفي هذا الإطار يندرج تطوير حضور المرأة في الحكومة وتكليف امرأة برئاسة الحكومة ما هو سوى رسالة واضحة في هذا الاتّجاه، و لكن من ناحية أخرى هناك تراجع في تمثيلية المرأة في مجلس النواب وشخصيا أعتبر أن هذا التراجع مقلق ولكن المسؤولية مجتمعية لأن عدة حواجز تحول دون مشاركة سياسية معقولة للمرأة.

وضمن الحديث عن وضعية المرأة التونسية أريد الإشارة إلى معاناة المرأة أكثر من الرجل من بعض الظواهر الاجتماعية كالطلاق والفقر والبطالة. هذه المشاكل يمكن أن تلعب دورا سلبيا في الحفاظ على حقوق المرأة ومكاسبها.

  • وما هي السياسات التي يتعيّن إتباعها لتطوير مكانة المرأة التونسية؟

      +  من المهم ، حسب رأيي، أن نتفق على أن مكاسب المرأة هي مكاسب المجتمع ككل. مجلة الأحوال الشخصية مثلا منحت المرأة حقوقا هامة وقد انعكست هذه الحقوق إيجابيا على الأسرة والطفولة والمجتمع وجعلت تونس نموذجا ومثالا يحتذى به عربيا وإفريقيا. ولكن هذا لا ينفي أنّ هناك عملا ضروريا يجب القيام به في التوعية والتربية للتصدي للخطاب الذي يستهدف مكاسب المرأة التّونسية والذي انتشر خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي وهو امتداد للفكر السياسي الرجعي. وشخصيا أعتبر أن ما قام به الرئيس قيس سعيد من خلال إغلاق قوس العشرية السوداء يفيد المرأة التونسية لأنه لا يمكن لبرلمان يقوم على التهريج والمحاصصة الحزبية ويتستر على الفساد أن يحافظ على حقوق المرأة، وهذا ما تؤكده دراسات وقعت خارج تونس إذ أبرزت أن الفساد يعيق تطور المسار المهني للمرأة وأن الأنظمة التي تتساهل مع الفساد تتجنب تكليف المرأة بمهام إدارية وسياسية لأن المرأة أكثر حرصا على الشفافية.

  • ما هي حسب رأيك أهم ملامح الوضع الاقتصادي التونسي؟

 +  لا أريد التوقف كثيرا عند التشخيص لأننا نتفق جميعا على أن الوضع الاقتصادي في تونس صعب ولا يعكس ما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية وما يتوفر لها من كفاءات بشرية. ولكن لا يجب أن ننسى التأثيرات السلبية لسياسات العشرية السوداء وتداعيات الكورونا على الجميع.

أعتقد أن الحكومة تعمل على تجاوز هذه الوضعية وتعمل على جلب المستثمرين ولكن يجب أن يضطلع الجميع بدورهم في دعم هذا التوجه وأشير هنا خاصة إلى السفراء الذين يجب أن يعملوا أكثر في هذا المجال، وللأسف بعضهم تحول إلى عائق وشخصيا كانت لي تجربة محبطة مع أحد سفرائنا في دولة عربية وهو ما تسبب في تعطيل تنظيم أسبوع تجاري تونسي في هذه الدولة رغم ما وجدته من ترحاب من قبل أعلى مسؤول في تلك الدولة الشقيقة ومن تفهم ومساندة من وزارة الشؤون الخارجية ووزارة التّجارة ومركز النهوض بالصادرات.

إعطاء الأولوية للتصدير مهم لأنه يساهم في تحريك عدة قطاعات. يجب إعطاء الأولوية لإعادة الحياة لقطاع الفسفاط مثلا لأن قطاع المناجم قطاع هام وحيوي في الاقتصاد التونسي ودوره مهم جدا في الحد من العجز التجاري وهنا أشير أيضا إلى معضلة منجم سرا ورتان الذي يمثل لغزا لأنه بقي مغلقا رغم وجود عرض صيني لاستغلاله. تنويع الشراكات أصبح أمرا لا يتحمل الانتظار إضافة إلى ضرورة تفعيل دور بعض الجهات كالشمال الغربي والجنوب في الاقتصاد الوطني.

يجب تحويل شعار تونس للجميع إلى حقيقة وواقع وتشجيع الشباب على الاستثمار وإنشاء المشاريع الصغرى ولا بد من المغامرة المدروسة لأن الأزمات تمثل فرصة للاستثمار.

وجيهة الجبابلي: المرأة التونسية هي الّتي حافظت على مكاسب المجتمع

مسيرة وجيهة الجبابلي ثرية بكل المقاييس حتى وإن كانت أهم محطاتها غير معلومة لدى قطاعات واسعة من الرأي العام. ذلك أنها جمعت بين المبادرة الاقتصادية، والتي انطلقت منذ 1983 وركزت فيها على تصدير المنتوجات التونسية نحو الأسواق العربية والخليجية، والعمل الاجتماعي فهي التي ترأس حاليا جمعيّة بنك الطعام التونسي علاوة على رئاسة منظمة المرأة العربية والإفريقيّة المتخصصة وأيضا أمين عام للاتّحاد العربي للمرأة.

في هذا الحوار إضاءة على جوانب من مسيرة وجيهة الجبابلي وأيضا قراءتها لوضعية المرأة والاقتصاد التونسي.

  • بماذا تفسرين وأنت الّتي تملكين مسيرة مهنية ومجتمعية ثرية عدم الحضور الإعلامي في مستوى مسيرتك؟

 +  أوّلا أشكر جريدة الصباح على تخصيص صفحة خاصة بالمرأة وهذا ليس أمرا غريبا أو مستجدا على جريدة الصباح ذات التاريخ الحافل والحاضر المتميز. أما بالعودة إلى سؤالك فلا أملك جوابا محددا لأني لم أقم على امتداد مسيرتي إلا بما أملاه عليّ الواجب وخاصة ما نشأت عليه من ضرورة العمل وتجنب كل أشكال التظاهر والتباهي بما هو زائل. هناك قيم وجدتها في عائلتي وحافظت عليها وأعتبر أنها ساهمت في بناء شخصيتي وخاصة في نجاحي الدراسي والمهني. هناك معادلة مهمة يتعين احترامها وهي إنجاز كل ما نقوم به بشغف وإتقان وبتخطيط مسبق وأن نكون مستعدين لتقديم التضحيات. والأكيد أن تخصصي في الأعمال يجعلني أبحث عن الربح ولكن ما هو أهم بالنسبة لي أني بحثت أيضا عن المصلحة العامة وهو ما دفعني لتنويع نشاطي الاجتماعي وقد دفعت الثمن وتعرضت لضغوطات لا أريد العودة لها حاليا ولكن يكفيني فخرا أني تركت دائما انطباعات إيجابية وهذا هو المهم.

  • كيف تبدو لك وضعية المرأة التونسية؟

   +  تبدو لي وضعية المرأة التونسية حاليا مطمئنة في ظل ما يتأكد من أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أنهى مرحلة التشكيك في المكاسب التي انطلقت منذ جانفي 2011 وأكد بذلك الحفاظ على المكاسب مع ضرورة تطويرها. وفي هذا الإطار يندرج تطوير حضور المرأة في الحكومة وتكليف امرأة برئاسة الحكومة ما هو سوى رسالة واضحة في هذا الاتّجاه، و لكن من ناحية أخرى هناك تراجع في تمثيلية المرأة في مجلس النواب وشخصيا أعتبر أن هذا التراجع مقلق ولكن المسؤولية مجتمعية لأن عدة حواجز تحول دون مشاركة سياسية معقولة للمرأة.

وضمن الحديث عن وضعية المرأة التونسية أريد الإشارة إلى معاناة المرأة أكثر من الرجل من بعض الظواهر الاجتماعية كالطلاق والفقر والبطالة. هذه المشاكل يمكن أن تلعب دورا سلبيا في الحفاظ على حقوق المرأة ومكاسبها.

  • وما هي السياسات التي يتعيّن إتباعها لتطوير مكانة المرأة التونسية؟

      +  من المهم ، حسب رأيي، أن نتفق على أن مكاسب المرأة هي مكاسب المجتمع ككل. مجلة الأحوال الشخصية مثلا منحت المرأة حقوقا هامة وقد انعكست هذه الحقوق إيجابيا على الأسرة والطفولة والمجتمع وجعلت تونس نموذجا ومثالا يحتذى به عربيا وإفريقيا. ولكن هذا لا ينفي أنّ هناك عملا ضروريا يجب القيام به في التوعية والتربية للتصدي للخطاب الذي يستهدف مكاسب المرأة التّونسية والذي انتشر خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي وهو امتداد للفكر السياسي الرجعي. وشخصيا أعتبر أن ما قام به الرئيس قيس سعيد من خلال إغلاق قوس العشرية السوداء يفيد المرأة التونسية لأنه لا يمكن لبرلمان يقوم على التهريج والمحاصصة الحزبية ويتستر على الفساد أن يحافظ على حقوق المرأة، وهذا ما تؤكده دراسات وقعت خارج تونس إذ أبرزت أن الفساد يعيق تطور المسار المهني للمرأة وأن الأنظمة التي تتساهل مع الفساد تتجنب تكليف المرأة بمهام إدارية وسياسية لأن المرأة أكثر حرصا على الشفافية.

  • ما هي حسب رأيك أهم ملامح الوضع الاقتصادي التونسي؟

 +  لا أريد التوقف كثيرا عند التشخيص لأننا نتفق جميعا على أن الوضع الاقتصادي في تونس صعب ولا يعكس ما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية وما يتوفر لها من كفاءات بشرية. ولكن لا يجب أن ننسى التأثيرات السلبية لسياسات العشرية السوداء وتداعيات الكورونا على الجميع.

أعتقد أن الحكومة تعمل على تجاوز هذه الوضعية وتعمل على جلب المستثمرين ولكن يجب أن يضطلع الجميع بدورهم في دعم هذا التوجه وأشير هنا خاصة إلى السفراء الذين يجب أن يعملوا أكثر في هذا المجال، وللأسف بعضهم تحول إلى عائق وشخصيا كانت لي تجربة محبطة مع أحد سفرائنا في دولة عربية وهو ما تسبب في تعطيل تنظيم أسبوع تجاري تونسي في هذه الدولة رغم ما وجدته من ترحاب من قبل أعلى مسؤول في تلك الدولة الشقيقة ومن تفهم ومساندة من وزارة الشؤون الخارجية ووزارة التّجارة ومركز النهوض بالصادرات.

إعطاء الأولوية للتصدير مهم لأنه يساهم في تحريك عدة قطاعات. يجب إعطاء الأولوية لإعادة الحياة لقطاع الفسفاط مثلا لأن قطاع المناجم قطاع هام وحيوي في الاقتصاد التونسي ودوره مهم جدا في الحد من العجز التجاري وهنا أشير أيضا إلى معضلة منجم سرا ورتان الذي يمثل لغزا لأنه بقي مغلقا رغم وجود عرض صيني لاستغلاله. تنويع الشراكات أصبح أمرا لا يتحمل الانتظار إضافة إلى ضرورة تفعيل دور بعض الجهات كالشمال الغربي والجنوب في الاقتصاد الوطني.

يجب تحويل شعار تونس للجميع إلى حقيقة وواقع وتشجيع الشباب على الاستثمار وإنشاء المشاريع الصغرى ولا بد من المغامرة المدروسة لأن الأزمات تمثل فرصة للاستثمار.