إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العنف ضد المرأة: ظاهرة معقدة لا تستوعبها المقاربة القانونية وحدها

   بقلم:هشام الحاجي

تتعالى أصوات التنديد والتحذير مما يشهده العالم من تنامي ظاهرة قتل النساء والعنف ضد المرأة. وليست تونس بأفضل حال خاصة وأن الأسابيع الأخيرة حملت صلب أيامها حوادث قتل مريعة ومؤلمة وتجاوز عددها ما وقع تسجيله في السنوات الماضية. والإشارة إلى أن الظاهرة عالمية لا يهدف إلى " تعويمها " والتقليل من وقعها ومن خطورتها بل هو لفت نظر إلى وجود "قلق في الحضارة" على حد تعبير فرويد ينعكس سلبيا على المرأة ويزيد من إمكانية استهدافها. تشكو الإنسانية حاليا من حالة هشاشة وعدم يقين معممة تفتح الباب أمام ردود فعل عنيفة وعدوانية تصيب الجميع وخاصة الفئات التي تعاني من " التمييز الهيكلي " كالنساء والأطفال. 

وضمن هذا السياق الكوني هناك بكل تأكيد " خصوصية تونسية" في محاولة تفسير تصاعد وتيرة العنف ضد المرأة " وهو ما يفرض التوقف عند السياق المجتمعي الحالي حتى نعثر على بعض عناصر التفسير.من الضروري التذكير أن حوادث العنف المنزلي الذي يؤدي إلى الموت قد بلغت ذروتها في السنوات الثلاث التي سبقت 14 جانفي 2011 وهي السنوات التي تأكد فيها دخول نمط التنمية المعتمد حدوده وبلوغ تداعيات ذلك على التوازنات الاجتماعية الحدود القصوى. وهنا يقدم لنا علم النفس الاجتماعي أدوات تفسير فاعلة ومنتجة حين يتحدث عن العدوانية المرتدة إلى الذات والفضاء الخاص كأول خطوة لمواجهة الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعقدة والمركبة. وهذا هو وضعنا في تونس حاليا وليس العنف العائلي والذي تدفع النساء ثمنه إلا أحد أشكال رد الفعل اللاواعي إذ يكفي النظر إلى ارتفاع نسب الطلاق والاضطرابات النفسية والأمراض العضوية ذات الخلفية النفسية للتأكد من أن آلية " العدوانية المرتدة إلى الذات " تشتغل حاليا بأقصى سرعتها في الوقت الحاضر في تونس وأن الشعور بانعدام الأمل في المستقبل يغذيها ويزيد من حدتها. هناك هيمنة الثقافة الذكورية التي تبرر العنف وتعتبره علامة تكريس "الرجولة " و"الفحولة" وهو ما يفسر تفشي العنف اللفظي وخاصة ما يرتبط به من محاولة إرباك الحضور النسائي في الفضاء العام ويخلق التطبيع مع العنف اللفظي " استسهالا" للعنف ضد المرأة لأنه يستهدف القيمة الاعتبارية للنساء ويسحب كل " حصانة معنوية " عنهن وهنا لا يمكن تجاهل التأثير السلبي للنظريات التي تمارس " تأثيما معنويا معمما " على المرأة وتحملها مسؤولية كل مظاهر ما يصيب المجتمع بل والطبيعة من خلل بدء من البطالة والفقر إلى الاحتباس الحراري. هناك ما يشبه الغياب لهياكل ومؤسسات الإنصات والمرافقة للعائلة خاصة حين تتعرض لأزمة وهو ما يفتح الباب أمام السلوكيات اللامعيارية ومن أبرزها العنف ضد الأطفال والمرأة. ولاشك أن المقاربة القانونية هامة ولكنها غير كافية لأنها غالبا ما تأتي بعد وقوع الواقعة ولأن آليات تنفيذها لا تخلو من إشكاليات من أهمها أن عددا كبيرا من المكلفين بتطبيق القانون غير واعين بخطورة وتداعيات العنف المسلط على المرأة. 

العنف ضد المرأة: ظاهرة معقدة لا تستوعبها المقاربة القانونية وحدها

   بقلم:هشام الحاجي

تتعالى أصوات التنديد والتحذير مما يشهده العالم من تنامي ظاهرة قتل النساء والعنف ضد المرأة. وليست تونس بأفضل حال خاصة وأن الأسابيع الأخيرة حملت صلب أيامها حوادث قتل مريعة ومؤلمة وتجاوز عددها ما وقع تسجيله في السنوات الماضية. والإشارة إلى أن الظاهرة عالمية لا يهدف إلى " تعويمها " والتقليل من وقعها ومن خطورتها بل هو لفت نظر إلى وجود "قلق في الحضارة" على حد تعبير فرويد ينعكس سلبيا على المرأة ويزيد من إمكانية استهدافها. تشكو الإنسانية حاليا من حالة هشاشة وعدم يقين معممة تفتح الباب أمام ردود فعل عنيفة وعدوانية تصيب الجميع وخاصة الفئات التي تعاني من " التمييز الهيكلي " كالنساء والأطفال. 

وضمن هذا السياق الكوني هناك بكل تأكيد " خصوصية تونسية" في محاولة تفسير تصاعد وتيرة العنف ضد المرأة " وهو ما يفرض التوقف عند السياق المجتمعي الحالي حتى نعثر على بعض عناصر التفسير.من الضروري التذكير أن حوادث العنف المنزلي الذي يؤدي إلى الموت قد بلغت ذروتها في السنوات الثلاث التي سبقت 14 جانفي 2011 وهي السنوات التي تأكد فيها دخول نمط التنمية المعتمد حدوده وبلوغ تداعيات ذلك على التوازنات الاجتماعية الحدود القصوى. وهنا يقدم لنا علم النفس الاجتماعي أدوات تفسير فاعلة ومنتجة حين يتحدث عن العدوانية المرتدة إلى الذات والفضاء الخاص كأول خطوة لمواجهة الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعقدة والمركبة. وهذا هو وضعنا في تونس حاليا وليس العنف العائلي والذي تدفع النساء ثمنه إلا أحد أشكال رد الفعل اللاواعي إذ يكفي النظر إلى ارتفاع نسب الطلاق والاضطرابات النفسية والأمراض العضوية ذات الخلفية النفسية للتأكد من أن آلية " العدوانية المرتدة إلى الذات " تشتغل حاليا بأقصى سرعتها في الوقت الحاضر في تونس وأن الشعور بانعدام الأمل في المستقبل يغذيها ويزيد من حدتها. هناك هيمنة الثقافة الذكورية التي تبرر العنف وتعتبره علامة تكريس "الرجولة " و"الفحولة" وهو ما يفسر تفشي العنف اللفظي وخاصة ما يرتبط به من محاولة إرباك الحضور النسائي في الفضاء العام ويخلق التطبيع مع العنف اللفظي " استسهالا" للعنف ضد المرأة لأنه يستهدف القيمة الاعتبارية للنساء ويسحب كل " حصانة معنوية " عنهن وهنا لا يمكن تجاهل التأثير السلبي للنظريات التي تمارس " تأثيما معنويا معمما " على المرأة وتحملها مسؤولية كل مظاهر ما يصيب المجتمع بل والطبيعة من خلل بدء من البطالة والفقر إلى الاحتباس الحراري. هناك ما يشبه الغياب لهياكل ومؤسسات الإنصات والمرافقة للعائلة خاصة حين تتعرض لأزمة وهو ما يفتح الباب أمام السلوكيات اللامعيارية ومن أبرزها العنف ضد الأطفال والمرأة. ولاشك أن المقاربة القانونية هامة ولكنها غير كافية لأنها غالبا ما تأتي بعد وقوع الواقعة ولأن آليات تنفيذها لا تخلو من إشكاليات من أهمها أن عددا كبيرا من المكلفين بتطبيق القانون غير واعين بخطورة وتداعيات العنف المسلط على المرأة.