إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل أزمة الاتصال وغياب المعلومة.. "صور ومشاهد" قصر قرطاج للرد والتوضيح.. إلى متى؟

 

تونس – الصباح

لاقت صور ومشاهد استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أول أمس بقصر الرئاسة بقرطاج، لكلّ من سماحة مفتي الجمهورية التونسية الشيخ هشام بن محمود، وحاييم بيتان، كبير أحبار اليهود بتونس، وإيلاريو أنطونيازي، كبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية بتونس، استحسان وتفاعل عدة جهات على مستويين وطني ودولي. يأتي ذلك بعد اتهام بعض الجهات الأجنبية بلادنا بمعاداة السامية، إثر حادثة الاعتداء التي جدت بمحيط كنيس "الغريبة" اليهودي في جزيرة جربة يوم 9 من الشهر الجاري بالتزامن مع احتفالات سنوية داخله، وخلفت عددا من القتلى والجرحى. وتناقلت عدة وسائل إعلام أجنبية وجهات أخرى اتهام بلادنا والتونسيين بمعادة السامية والديانات الأخرى غير الإسلامية، وسط صمت داخلي مطبق مقابل استنكار واسع للتونسيين لهذه الاتهامات ليقين الجميع بمدى قابلية التونسيين داخل تونس وخارجها للتعايش مع الآخر المختلف في الثقافات والأديان وغيرها. لأن التشكيك في مدى تسامح تونس والتونسيين يعد لدى الأغلبية مسألة غير مطروحة لعدة اعتبارات تاريخية وثقافية وحضارية. وحمّل الجميع مسؤولية تداول مثل هذه الاتهامات ومدى تأثيرها السلبي على الأفراد والدولة لاسيما في ظل العولمة والانفتاح المسجل على العالم وعلى الاقتصاد والوطني في ظل المساعي لتعزيز مشاريع التعاون والشراكة في الاستثمار والنهوض بقطاع السياحة لبلادنا وغيرها من القطاعات ومجالات الاستثمار الأخرى من ناحية، وتداعيات ذلك على العلاقات السياسية لبلادنا بالخارج إقليميا وعالميا وعلى الوضع الاجتماعي من ناحية أخرى.

لتتأكد مرة أخرى معضلة الاتصال للسلط الرسمية في بلادنا بعد وصف البعض خطاب رئيس الجمهورية، ذات مناسبة، بالعنصري أثناء تطرقه إلى أزمة تدفق أعداد كبيرة من أبناء إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلادنا بشكل لافت وما سجله من إشكاليات "إنسانية" لهؤلاء الوافدين من ناحية وتسبب فيه من مشاكل أمنية في بعض الأوساط الاجتماعية في تونس من ناحية أخرى خاصة في ظل نشاط حركة الهجرة غير النظامية وما خلفه هذا الملف الشائك من جدل متواصل في أوساط رسمية بين تونس والجانب الأوروبي بشكل عام وإيطاليا بشكل خاص.

فالاكتفاء "بقصر قرطاج" وما يصدر عن سعيد من ردود أفعال رسمية لمعالجة مثل هذه الإشكاليات الاتصالية بالأساس وتدارك أو توضيح وتصحيح القراءات والتأويلات الصادرة عن جهات رسمية دولية أو ما هو متداول في أوساط إعلامية أو لدى الرأي العام الخارجي، أو المراهنة على ما يقوم به وزير الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج من تحركات في الغرض عبر الدبلوماسية الخارجية في بلادنا أو الدبلوماسية التونسية في الخارج، تظل مقاربة منقوصة في ظل غياب سياسة اتصالية واضحة أو هيكل اتصالي منظم. فعدم توفر المعلومة بالنسبة للإعلام على مستوى وطني بعد اختيار الجهات الرسمية سياسة "الانغلاق" في المقابل يسجل الاتصال العابر للحدود نشاطا يخضع لقراءات وتأويلات مختلفة يعد من العوامل التي أثرت سلبيا على المشهد العام في بلادنا بما يتعارض وسياستها واستراتيجياتها وانتظارات أبنائها للنهوض والتطور اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بما لا يتعارض مع المناخ الديمقراطي والحريات التي يناشدها الجميع.

والأمر نفسه تقريبا بالنسبة لما تم الترويج له في الخارج، في علاقة بالقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021 وما تبعها من قرارات وخيارات أخرى لاسيما في ظل موجة الغضب والرفض المسجل لدى الشق المعارض لسياسته أو في ردود الأفعال الخارجية حول الإجراءات التي تم اتخاذها ضد عدد من السياسيين وغيرهم وإدانة البعض لعمليات إيقاف تباينت التأويلات حول أسبابها وتوصيفها في ظل غياب المعلومة أو المعطى الرسمي الكفيل بتحديد الأسباب وإنارة الرأيين الخاص والعام ووضع حد للتأويلات والاتهامات والقراءات، في عصر التكنولوجيات والاتصال والعولمة والتسابق نحو تطوير سياسات وآليات التسويق الواسعة.

لئن أجمعت جل الآراء والقراءات على ضعف الجانب الاتصالي للجهات الرسمية في تونس سواء تعلق الأمر برئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة بما تشمله من وزارات ومؤسسات وهياكل تابعة لها وتقاطع ذلك مع الانتقادات الموجهة لها منذ 25 جويلية 2021 إلى غاية اليوم، فإن تواتر الأحداث والمستجدات والسياقات التي تؤكد مدى تأثير هذه المعضلة الاتصالية على صورة تونس والتونسيين خاصة في هذه المرحلة التي تحاول فيها عديد القطاعات التعافي والعودة إلى العمل والنشاط ومحاولة جهات أخرى توظيف السياقات والأوضاع الدولية لخدمة الاستثمار والتنمية في بلادنا والترويج للكفاءات التونسية في سوق الشغل العالمية.

نزيهة الغضباني

 

في ظل أزمة الاتصال وغياب المعلومة..  "صور ومشاهد" قصر قرطاج للرد والتوضيح.. إلى متى؟

 

تونس – الصباح

لاقت صور ومشاهد استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أول أمس بقصر الرئاسة بقرطاج، لكلّ من سماحة مفتي الجمهورية التونسية الشيخ هشام بن محمود، وحاييم بيتان، كبير أحبار اليهود بتونس، وإيلاريو أنطونيازي، كبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية بتونس، استحسان وتفاعل عدة جهات على مستويين وطني ودولي. يأتي ذلك بعد اتهام بعض الجهات الأجنبية بلادنا بمعاداة السامية، إثر حادثة الاعتداء التي جدت بمحيط كنيس "الغريبة" اليهودي في جزيرة جربة يوم 9 من الشهر الجاري بالتزامن مع احتفالات سنوية داخله، وخلفت عددا من القتلى والجرحى. وتناقلت عدة وسائل إعلام أجنبية وجهات أخرى اتهام بلادنا والتونسيين بمعادة السامية والديانات الأخرى غير الإسلامية، وسط صمت داخلي مطبق مقابل استنكار واسع للتونسيين لهذه الاتهامات ليقين الجميع بمدى قابلية التونسيين داخل تونس وخارجها للتعايش مع الآخر المختلف في الثقافات والأديان وغيرها. لأن التشكيك في مدى تسامح تونس والتونسيين يعد لدى الأغلبية مسألة غير مطروحة لعدة اعتبارات تاريخية وثقافية وحضارية. وحمّل الجميع مسؤولية تداول مثل هذه الاتهامات ومدى تأثيرها السلبي على الأفراد والدولة لاسيما في ظل العولمة والانفتاح المسجل على العالم وعلى الاقتصاد والوطني في ظل المساعي لتعزيز مشاريع التعاون والشراكة في الاستثمار والنهوض بقطاع السياحة لبلادنا وغيرها من القطاعات ومجالات الاستثمار الأخرى من ناحية، وتداعيات ذلك على العلاقات السياسية لبلادنا بالخارج إقليميا وعالميا وعلى الوضع الاجتماعي من ناحية أخرى.

لتتأكد مرة أخرى معضلة الاتصال للسلط الرسمية في بلادنا بعد وصف البعض خطاب رئيس الجمهورية، ذات مناسبة، بالعنصري أثناء تطرقه إلى أزمة تدفق أعداد كبيرة من أبناء إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلادنا بشكل لافت وما سجله من إشكاليات "إنسانية" لهؤلاء الوافدين من ناحية وتسبب فيه من مشاكل أمنية في بعض الأوساط الاجتماعية في تونس من ناحية أخرى خاصة في ظل نشاط حركة الهجرة غير النظامية وما خلفه هذا الملف الشائك من جدل متواصل في أوساط رسمية بين تونس والجانب الأوروبي بشكل عام وإيطاليا بشكل خاص.

فالاكتفاء "بقصر قرطاج" وما يصدر عن سعيد من ردود أفعال رسمية لمعالجة مثل هذه الإشكاليات الاتصالية بالأساس وتدارك أو توضيح وتصحيح القراءات والتأويلات الصادرة عن جهات رسمية دولية أو ما هو متداول في أوساط إعلامية أو لدى الرأي العام الخارجي، أو المراهنة على ما يقوم به وزير الشؤون الخارجية والتونسيين بالخارج من تحركات في الغرض عبر الدبلوماسية الخارجية في بلادنا أو الدبلوماسية التونسية في الخارج، تظل مقاربة منقوصة في ظل غياب سياسة اتصالية واضحة أو هيكل اتصالي منظم. فعدم توفر المعلومة بالنسبة للإعلام على مستوى وطني بعد اختيار الجهات الرسمية سياسة "الانغلاق" في المقابل يسجل الاتصال العابر للحدود نشاطا يخضع لقراءات وتأويلات مختلفة يعد من العوامل التي أثرت سلبيا على المشهد العام في بلادنا بما يتعارض وسياستها واستراتيجياتها وانتظارات أبنائها للنهوض والتطور اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بما لا يتعارض مع المناخ الديمقراطي والحريات التي يناشدها الجميع.

والأمر نفسه تقريبا بالنسبة لما تم الترويج له في الخارج، في علاقة بالقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021 وما تبعها من قرارات وخيارات أخرى لاسيما في ظل موجة الغضب والرفض المسجل لدى الشق المعارض لسياسته أو في ردود الأفعال الخارجية حول الإجراءات التي تم اتخاذها ضد عدد من السياسيين وغيرهم وإدانة البعض لعمليات إيقاف تباينت التأويلات حول أسبابها وتوصيفها في ظل غياب المعلومة أو المعطى الرسمي الكفيل بتحديد الأسباب وإنارة الرأيين الخاص والعام ووضع حد للتأويلات والاتهامات والقراءات، في عصر التكنولوجيات والاتصال والعولمة والتسابق نحو تطوير سياسات وآليات التسويق الواسعة.

لئن أجمعت جل الآراء والقراءات على ضعف الجانب الاتصالي للجهات الرسمية في تونس سواء تعلق الأمر برئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة بما تشمله من وزارات ومؤسسات وهياكل تابعة لها وتقاطع ذلك مع الانتقادات الموجهة لها منذ 25 جويلية 2021 إلى غاية اليوم، فإن تواتر الأحداث والمستجدات والسياقات التي تؤكد مدى تأثير هذه المعضلة الاتصالية على صورة تونس والتونسيين خاصة في هذه المرحلة التي تحاول فيها عديد القطاعات التعافي والعودة إلى العمل والنشاط ومحاولة جهات أخرى توظيف السياقات والأوضاع الدولية لخدمة الاستثمار والتنمية في بلادنا والترويج للكفاءات التونسية في سوق الشغل العالمية.

نزيهة الغضباني