إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"خانق" لحرية التعبير ومبرر للانتهاكات المخاوف تزداد.. والإيقافات تتوسع في ظل "بطش" المرسوم 54

تونس-الصباح

أثار المرسوم 54 الصادر بالرائد الرسمي يوم 16 سبتمبر 2022 جدلا قانونيا وسياسيا ومجتمعيا واسعا لما تضمنته فصوله من استعادة لسنن الديكتاتورية في قمع الأصوات والمخالفين بعد تكييف فصوله الفضفاضة واستعمالها كسيف مسلط على الجميع وفق رأي عديد الأطراف ومنظمات المجتمع المدني .

واعتبرت هذه الأطراف أن النقاش حوله لم يكن موسعا بعد أن صيغ داخل الغرف القانونية المغلقة وأضحى أمرا واقعا حين فرضته السلطة بما حولته من قانون لصد الجرائم السيبرنية الى قانون لقمع حرية التعبير وضرب الأصوات المناهضة للسلطة ومكوناتها.

ولم يشمل هذا القانون فئة بعينها حيث بات الصحفيون والمحللون السياسيون وناشطو المجتمع المدني والنقابيون والمدونون تحت مقصلة المرسوم وما حمله من خطر داهم بعد فتحه لأبواب السجون أمام أمناء عامين للأحزاب وطلبة ومحامين وتهديد الصحفيين بعزلهم في جزيرة من الفصول السالبة للحرية والخطايا المالية الكبيرة.

 

وفي واقع الأمر فإن المرسوم 54 ليس سوى توليفة من قوانين دشنتها الحكومات السابقة التي خيرت الإمساك عن تطبيقه بعد أن لامست بعده الخطر في ضرب حرية التعبير وإبداء الرأي لتقبل حكومة نجلاء بودن تحت الضغوطات على تطبيق هذا المرسوم.

 

ففي 29 سبتمبر 2015 أقر المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي وتحت إشراف رئيس الحكومة الحبيب الصيد مجموعة من إجراءات تهم قطاع الاقتصاد الرقمي وعلى رأسها الانضمام إلى اتفاقية دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية أو ما يعرف باتفاقية بودابست.

وجاءت جلسة إقرار الاتفاقية الدولية بالعاصمة المجرية بودابست يوم 23 نوفمبر 2011 تحت إشراف المجلس الأوروبي كنتيجة لانشغال العالم بالتطور السريع لاستعمالات الالكترونية وشبكات الكمبيوتر مما خلق شكلا جديدا من الجرائم الحديثة دوليا من "تهكير" لمواقع حكومية حساسة وضرب المنشآت العسكرية والأمنية بالإضافة الى السطو الالكتروني على عدد من البنوك دون الحديث عن الابتزاز وغسيل الأموال.

 

وبعد خلافته للصيد على رأس الحكومة بالقصبة سارعت حكومة يوسف الشاهد الى الدفع بالجريمة الالكترونية الى أروقة المحاكم بعد إقرار مشروع قانون يتعلق بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال بتاريخ جوان 2018(44فصلا و5ابواب مفصلة).

ولم تتوقف محاولات إخضاع المبحرين على شبكات التواصل الاجتماعي عند هذا الحد بل تواصلت سلسلة التدخلات إذ وبعد نحو السنتين من مشروع حكومة الشاهد التي اصطدمت بمجتمع مدني متماسك دخل النائب السابق عن حركة تحيا تونس مبروك كورشيد على الخط بعد طرحه يوم 10 فيفري 2020 لمبادرة تشريعية (وثيقة) مستعجلة لإحالتها على أنظار اللجنة المختصة طبق أحكام النظام الداخلي بمكتب مجلس نواب الشعب.

وتهدف المبادرة حسب النواب الممضين عليها (46 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية حينها) إلى "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية''، ''المتعلقة بهتك الأعراض والمساس من شرف الأفراد والجماعات معتبرا أن الجريمة الإلكترونية المتمثلة في نشر الأخبار الزائفة شهدت رواجا ببلادنا في الفترة الانتقالية الأخيرة".

 

واعتبر كورشيد في عدد من تصريحاته أن الجريمة الإلكترونية باتت تهدّد العملية الديمقراطية برمتها في تونس.. مما يستوجب إصدار القانون في مدة معقولة ''

ونظرا لهذه الأسباب، طلب كورشيد من مكتب المجلس إحالة النص بصفة مستعجلة على اللجنة المختصة حسب ما نشره في نسخة المطلب وهو ما أثار غضب المجتمع المدني وأساسا نقابة الصحفيين وهيئة المحامين اللتين وقفتا في وجه هذا المشروع على أمل إيقاف نموه "كوحش" متوقع.

غير أن هذا "الوحش" سرعان ما سُمِّن بين أحضان حكومة الرئيس الثالثة (حكومة الياس الفخفاخ/حكومة هشام المشيشي ) التي تقودها نجلاء بودن بعد أن توفرت المناخات السياسية والأمنية والقضائية الملائمة ليتحول الى تهديد مفتوح يلتهم كل من يقف أمامه ولو كان على الشبهة.

 

"زواج غير شرعي"

ومن الواضح أن ميلاد المرسوم 54 هو نتيجة "زواج غير شرعي " لمشروع القانون المتعلق بأنظمة الاتصال المُعد سنة 2015 ومشروع قانون مكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال سنة 2018 بالإضافة الى مخرجات مبادرة كورشيد و46 نائبا سنة 2020 .

 

وإذ يبدو هاجس الاختراق الالكتروني باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستهداف الشبكات والأنظمة والبيانات واضحا، فان اللمسة القمعية لمرسوم 54 أخرجت المبدأ الحمائي لهذا القانون وأدخلته مربع الانتهاك بعد الانحرافات بالمقصد الأساسي للقانون بتضمين قسم فرعي تعلق بالإشاعات والأخبار الزائفة بما خالف اتفاقية بودابست أو حتى الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم الالكترونية وتسليط عقوبات زجرية قاسية جدّا لمكافحة جرائم فضفاضة من شأنها أن تجمع المجرمين والمعارضين في سلّة واحدة على حد وصف المحامية والباحثة في القانون أسماء سلايمية.

 

وعلى امتداد المرسوم 54 احتلت العقوبة بالسجن والخطايا المالية أركان هذا القانون حيث تنتشر عقوبة السجن والخطايا المالية بالمرسوم على امتداد 17 فصلا من أصل 38 وتتراوح الأحكام بين 3 أشهر سجنا و10 سنوات وذلك حسب الوضعيات المخالفة التي تخلف معها أيضا قيمة الخطايا المالية بين 10 الاف دينار و50 الف دينار.

 

الفصل 24…حقل من الألغام

 

شكل الفصل 24 من القسم الفرعي الثالث المتعلق بـ"الإشاعة والأخبار الزائفة" بالمرسوم 54 واحدا من أخطر الفصول القانونية حيث وضع المشرع عقوبات جد قاسية تهم استعمالات مختلف وسائل الإعلام والبيانات حيث "يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر، أو إشاعة أخبار، أو وثائق مصطنعة، أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.

وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه."

وعلى الرغم من مناخ الطمأنينة وبروبغندا الحريات التي عملت السلطة على نشرها في علاقتها بالمرسوم فان الأمر لم يفلح حيث بات الجميع تحت وطأة الترصد والتصيد أحيانا.

… وتأكدت المخاوف

مع نشر المرسوم الرئاسي عدد 54 بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 16سبتمبر 2022 اذ لم يكن الطالب التونسي احمد بهاء الدين حمادة يتوقع ان يتحول اسمه الى "ترند" سياسي على موقع التواصل الاجتماعي وان تتجند له منظمات ومؤسسات إعلامية للدفاع عنه والمطالبة بحرية "الرفيق" الناشط بالاتحاد العام لطلبة تونس.

 

قصة أحمد انطلقت بعد أن عمل الشاب على إنشاء صفحة فايسبوكية نقل من خلالها ما تعيشه جهة حي التضامن من احتجاجات وتحركات شبابية للمطالبة بأبسط مقومات المواطنة من شغل وعيش كريم.

 

ومع توسع التحركات، أضحت صفحة "حي التضامن" التي يديرها أحمد بهاء الدين مصدرا للمعلومة الآنية نقل من خلالها صاحبها ما يدور داخل أحياء المدينة.

وفجأة ودون مقدمات اختفى الشاب احمد فجر 28 أكتوبر 2022 لأكثر من 48 ساعة بعد مداهمة أمنية لمقر إقامته الطلابية ليحال بعدها على قاضي التحقيق، بمقتضى فصلين، الأول هو الفصل 113 من المجلة الجزائية المتعلق بالمس من الموظف العمومي، وبمقتضى المرسوم 54 المتعلّق بـ"بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال".

بهلول.. وانطلاق التضييق

بعد إيقاف الناشط الطلابي وإطلاق سراحه لاحقا بدا المرسوم في عملية الحصاد السياسي المفتوح ليكون الزميل نزار بهلول مدير موقع ''بيزنيس نيوز'' أول الصحفيين المحالين على معنى المرسوم سيء الذكر.

 

ويقول بهلول "مثلت يوم 14 نوفمبر 2022 أمام فرقة مكافحة الإجرام على خلفية مقال حول رئيسة الحكومة نجلاء بودن ويحمل عنوان 'Najla Bouden, une gentille woman '.

وتضمّن هذا المقال قراءة تحليلية للوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وطريقة إدارة حكومة نجلاء بودن للأوضاع في تونس.

 

ولفت بهلول إلى أن "الشكاية الجزائية تقدّمت بها وزيرة العدل ليلى جفال ضد موقع بيزنس نيوز، نيابة عن رئيسة الحكومة نجلاء بودن وقد تلقيت استدعاء من الوحدات الأمنية في حدود الساعة الثانية بعد الظهر للمثول أمام فرقة مقاومة الإجرام في حدود الساعة الثالثة."

بداية الحصاد 2023

استهلت السنة الإدارية 2022 بخبر إحالة رئيس الهيئة الوطنية للدفاع ‏عن الحريات والديمقراطية ومنسّق هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين المناضل الحقوقي العياشي الهمامي على التحقيق بتهمة “استعمال شبكات وأنظمة اتصال لترويج ونشر إشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته والمستهدف منه موظف عمومي”

 

أكد الهمامي يوم 2 جانفي 2023، إعلامه "بإحالته على التحقيق من قبل وزيرة العدل على معنى المرسوم 54" إثر تصريح إذاعي على الديوان اف ام انتقد من خلاله وزارة العدل.

 

وفي هذا السياق قال الأستاذ الهمامي "علمتُ عن طريق محامين أنّه فُتحت ضدّي قضية تحقيقية في المحكمة الابتدائية بتونس من أجل خرق أحكام الفصل 24 من المرسوم 54 الذي تصل عقوباته إلى 10 سنوات سجنًا باعتباري صرّحت في إذاعة بعد دعوتي للحديث عن وضعية القضاة أن الملفات مفبركة، وأنّ هناك تنكيلًا بهم، وأنّ تقديم منح لهم هو فساد مالي لقيس سعيّد" وفق قوله.

 

وأضاف العياشي الهمامي: "هذه قضية سياسية بامتياز، وقضية رأي، باعتباري أدافع عن مبادئ الدولة الديمقراطية واستقلال القضاء والقضاة المعزولين.. وزيرة العدل ورئيس الدولة بصدد توجيه تهم سياسية مغلّفة بمرسوم غير دستوري وغير قانوني، بغاية إسكات الأصوات الحرة" وفق تقديره.

الصحافة التونسية…تحت "البطش"

ولم تكن تحولات المشهد السياسي بمعزل عن الصحافة التونسية التي حوصرت بشدة تحت وطأة المرسوم 54 لا بسبب إحالة صحفيين على القضاء فحسب بل أيضا نتيجة المراقبة القبلية للصحافة بعد أن دخل جزء واسع من الزملاء ضمن دائرة الرقابة الذاتية نتيجة تخوفات من أن يشملهم بطش الفصول القانونية المقيدة لحرية التفكير والتعبير.

 

ويحصل اتفاق واسع داخل القطاع على أن الصحافة تعيش تحت "بطش" هذا المرسوم وهو ما دفع بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لرفع شعار مركزي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3ماي 2023 تحت عنوان "حرية الصحافة تواجه الخطر الداهم".

 

وتأكد الخطر أكثر بعد أن صدرت نقابة الصحفيين تقريرها السنوي لواقع الحريات الصحفية في تونس وما تضمنه من رصد للانتهاكات عبر إحصائيات كشفت سعي النظام الحالي للسيطرة على القطاع من خلال إخضاع الإعلام العمومي وما يعيشه القطاع الخاص من ضبابية وأساسا المؤسسات المصادرة وعجز الحكومة عن إيجاد الطريق السالك لها.

 

وحسب التقرير السنوي للنقابة فقد شملت الملاحقات القضائية 17 صحفيا حيث تمت إحالة 4 منهم بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وإحالة 9 صحفيين على المجلة الجزائية و3 آخرين وفقا للمرسوم عدد 54 وتمت إحالة صحفي واحد على مجلة الاتصالات.

 

ويأتي تقرير 2023 للرد في جزء منه على سؤال كان طرحه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 16 فيفري الماضي خلال لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن حيث قال "هل تم حجب صحيفة واحدة أو منع برنامج واحد وهل تمت ملاحقة أي صحفي من أجل عمل يتعلق بالصحافة.. كلها أكاذيب وأراجيف يعرفها الشعب التونسي".

 

فقد أحيلت الصحفية منية العرفاوي على التحقيق بتهمة نشر أخبار زائفة والثلب في 3 قضايا باعتماد المرسوم 54 والمجلة الجزائية ومجلة الاتصالات بسبب مقال صحفي وتدوينة .

كما يلاحق الصحفي محمد بوغلاب بتهمة نشر أخبار زائفة والثلب ليلاحق باعتماد المرسوم 54 بسبب عمل إذاعي.

 

ولم يكن خليفة القاسمي أكثر حظا بعد أن حكم عليه بخمس سنوات سجنا بتهم على معنى قانون الإرهاب إثر تمسكه بعدم الكشف عن مصدره.

 

وتعرض هيثم الزغلي الى التتبع القضائي باعتماد المجلة الجزائية بتهمة نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي (أمني) بسبب روبرتاج إذاعي.

دور القضاء

أي دور للقضاء تحت طائلة الترهيب؟ هكذا سؤال أجابت عنه الباحثة في القانون والمحامية أسماء سلايمية صاحبة سلسلة من المقالات المتعلقة بالمرسوم 54 منشورة بموقع المفكرة القانونية .

 

حيث اعتبرت "اليوم وأكثر من أي وقت مضى وخاصّة أمام أكثر النصوص القانونية سلبا للحريّات نعود لمغزى المطالبة بسلطة قضائية مستقلّة فلا ديمقراطية دون قضاء مستقلّ وناجز وعادل ومنتصب كحامٍ للحقوق والحريّات في مواجهة السلطة السياسيّة، مهما كان اسمها.

 

وأضافت سلايمية "أمل المحافظة على حريّات النشطاء والسياسيين رهين شجاعة القضاة من جهة واستماتة لسان الدفاع في الذود عن الحريات من جهة أخرى. إلاّ أنّ هذا الأمل يتضاءل في ظلّ جو الترهيب والضغوطات السياسية التي يرزح تحتها القضاء مؤخرا مما يستوجب من القضاة، أكثر من أيّ وقت مضى، التمسك باستقلاليتهم وحيادهم وتحمّل مسؤولياتهم، حماية للحريات والحقوق من أيّ ظلم وحيف، ويستوجب منّا جميعا الوعي بأنّ استقلال القضاء ليس حقّا للقضاة، بقدر ما هو ضمانة لكلّ المتقاضين، خصوصا حين يشتدّ التوجّه القمعي للسلطة السياسيّة.

 

وعلى الرغم من معارضة المجتمع المدني والسياسي للمرسوم 54 وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع تراجع نظام سعيد عن استعمال هذه الفصول والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال فان ذلك لم يحصل بل توسعت دائرة المحالين على القضاء وفق هذا القانون حيث ارتفعت الإحالة على الجهات القضائية وبات تصيد "المخالفين" أمرا مكشوفا وظاهرا لعموم المتابعين.

 

ويرى خصوم سعيد أن واقعة التصيّد باتت تشمل المعارضين لنظام الرئيس، وهو ما تبينه جملة أسماء الشخصيات الوطنية والنشطاء السياسيين والنقابيين الرافضين لتوجهات السلطة والمحالين على القضاء على معنى المرسوم.

نقابة النقل.. الضحية النقابية الأولى

مع إعلان نقابة النقل عن استعداداتها للدخول في إضراب قطاعي بعد أن أغلقت أبواب المفاوضات مع الجهات الرسمية وبدل فتح قنوات الحوار خيرت وزارة النقل التوجه لأروقة المحاكم .

 

ففي تدخل إذاعي له على أمواج إذاعة راديو ماد أكد الكاتب العام لجامعة النقل وجيه الزيدي أن النقابة رفعت قضية بـ17مسؤولا نقابيا من كتاب عامين لنقابات أساسية لشركة نقل تونس 3 أعضاء من الجامعة العامة لنقابة العامة وذلك على خلفية إصدار برقية تنبيه بالإضراب العام في قطاع النقل في جانفي الماضي.

 

وأضاف الزيدي أن مجموع القضايا لم تتوقف عند هذا رغم كيديتها بل تواصلت الهرسلة والتضييق بعد أن طالبت الوزارة بتفعيل المرسوم 54 بسبب ما اعتبره وزير النقل معلومات خاطئة وأن التهديد بالقضاء واستعمال المرسوم لن يزيد النقابيين إلا إصرارا من أجل الدفاع عن منظوريه."

المرسوم 54.. فرض الرقابة الذاتية

لم يخف مالك زغدودي (صحفي مهتم بقضايا البيئة وحقوق الإنسان وفائز بمسابقة منظمة الصحافة وحقوق الإنسان وصندوق دعم الديمقراطية لأفضل مقال نشر "من أجل تعزيز حرية التعبير وثقافة المساءلة) تخوفاته من المرسوم.

 

وقال"بصراحة وبدون مواربة المرسوم 54 يمثل خطرا داهما على حرية الصحافة والتعبير، بل وأذهب بك أبعد من ذلك هو يفرض سلطة رقيب داخلي على الصحفي ويكبل وجدانه ويسيج إبداعه ويضع الحواجز أمام سعيه لتبليغ الحقيقة والبحث فيها دون خوف."

 

وأضاف زغدودي "أعتقد أن الأصدقاء القانونيين استفاضوا في تفسير المخاطر القانونية لذلك اخترت الجانب الأنطولوجي والفلسفي لهذا المرسوم، والذي كما نعمل جميعا مثل بسببه عدد كبير من الزملاء/ات أمام المحاكم أو التحقيق في دوائر الإرهاب أو مكافحة الجريمة وهذا لا يمكن أن يكون مناخ عمل صحفي بل هو مناخ تخويف وتهديد."

 

وبرر المتحدث موقفه هذا بالقول "حيث تفقد فيه الصحافة والصحفي جزءا هاما ومحوريا من حقوقه وهو الحق في العمل في مناخ حر دون أي تهديد ووفق منظومة قانونية تشجيع على الحرية وتضبط المهنة وفق أخلاقيات الموضوعية وخدمة المجتمع والصالح العام وحماية حق النقد والسخرية والبحث عن الحقيقة.."

 

وختم زغدود أنه "بكل موضوعية على الهياكل المهنية والمجتمع المدني الوقوف ضد هذا المرسوم والمطالبة بالعودة للمرسومين 115 و116 بل وتحسينهما وتطويرهما لمزيد ضمان حقوق الصحفيين/ات ".

 وللسياسيين نصيب..

جاءت الاستعجالية القصوى في استعمالات المرسوم 54 لتساهم بشكل فاضح في الإطاحة بأبرز المعارضين لنظام "الانقلاب"حسب وصف أحزاب المعارضة الوطنية بعد أن أجمعت قياداتها على مناهضة التدابير الاستثنائية منذ إعلانها يوم 25 جويلية2021 والتصدي للمشروع السياسي لقيس سعيد.

 

ولئن اعتبر أنصار الرئيس من أحزاب كرتونية هذا الموقف على أنه إدعاء باطل، فقد نجحت الوقائع السياسية والقضائية في تثبيت رؤية المعارضين وذلك بالنظر الى عدد المحالين على القضاء والمودعين السجن بسبب المرسوم الرئاسي عدد 54.

 

وقد كان رئيس حركة النهضة آخر المحالين على معنى هذا القانون بعد أن أصدر قاضي التحقيق بالمكتب 33 لدى محكمة تونس الابتدائية بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي بتهمة التآمر على أمن الدولة والعمل على تغيير هيئة الدولة بالقوة.

 

ووصفت جبهة الخلاص أن هذا القرار يأتي "بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص الوطني، إنما يدل على انهيار حالة الحريات في فشل السلطة القائمة في إعداد ملف قضائي جدي في حق رئيس حركة النهضة وقياديها الأول، فاضطرت الى الالتجاء الى المرسوم عدد 54 سيئ الصيت والى التأويل الفضفاض لأحكام القانون في مادة التآمر على أمن الدولة وهو الأمر الذي يتعارض ومبادئ القانون الجنائي ويقوم دليلا قاطعا على انتفاء شروط المحاكمة العادلة في بلادنا."

 

أما عن الأمين العام الأسبق والمحامي المعارض غازي الشواشي فقد مثل كأول شخصية سياسية أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببن عروس يوم 22 سبتمبر 2022 على خلفية تصريح له حول استقالة رئيسة الحكومة نجلاء بودن وبموجب شكاية تقدمت بها وزيرة العدل طبقا لمقتضيات الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية.

 

أما بتاريخ غرة ديسمبر 2022 فقد أعلن الشاواشي انه ''تم إعلامي من طرف رئيس فرع المحامين بتونس، بإحالتي على قاضي التحقيق بسبب شكاية تقدمت بها وزيرة العدل ليلى جفال ضدي من أجل نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي ونشر أخبار زائفة طبقا للمرسوم 54"، حسب قوله.

 

وعلق حزب التيار الديمقراطي في بلاغ له أن "هذه الأساليب المتخلفة ستزيد من النزعة الاستبدادية لدى قيس سعيد وانشغاله بهرسلة معارضيه وتكميم أفواههم وتصفية كل رأي مخالف ومصادرة العملية السياسية وتحويلها لملفات أمنية وقضائية في الوقت الذي تعرف فيه تونس أخطر أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخها الحديث وتدهورا غير مسبوق للقدرة الشرائية لشعبها وشحا في تموين عديد المواد الأساسية بما ينذر بكارثة اجتماعية محدقة"، وفق نص البلاغ.

 

ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود": نحن أمام تهديد غير مسبوق والأسلم سحب المرسوم 54 نهائيا

جاءت توقعات مراسلون بلا حدود بتونس مطابقة للواقع السياسي للبلاد بعد أن أعربت عن خشيتها من تحول المرسوم 54 الى عصا بيد السلطة تحركها كيفما شاءت في وجه المخالفين لتوجهاتها وللحد من سقف التعبير .

 

وقال ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في تونس سمير بوعزيز لقد استشعرنا منذ اللحظات الأولى من إصدار المرسوم 'إننا أمام تهديد غير مسبوق لممارسة مهنة الصحافة في تونس بما سيقوّض التزامات تونس الدوليّة."

 

وأضاف بوعزيز "وها قد تبيّن بعد أكثر من عام أنّ استشعارنا لهذا الخطر كان في محلّه، بعد أن تمّ اعتماد الـ 54 في عدد من المتابعات القضائيّة ضدّ الصحافيين، وأصبح تدريجيا يمثّل أحد الأسباب التي أحلّت الرقابة الذاتيّة في عدد من غرف التحرير في مُختلف المؤسسات."

 

واعتبر "وإن تمّ الادعاء بأنّ هدف المرسوم محاربة الأخبار الزائفة، فإنّ الصحافيين المُحالين على أساسه تتم مُتابعتهم بسبب أعمال صحفيّة أو تعليقات في وسائل إعلام يشتغلون فيها، وبالتثبت في هذه المواد المنشورة أو المُذاعة لا نجدُ أنّ فيها أيّ خرق لقواعد المهنة وأساسياتها. وحتى لو تبيّن العكس لأيّ طرف قضائي أو غيرهُ فإنه من الممكن المتابعة على معنى المرسوم 115 في إطار احترام الإجراءات والحق في محاكمة عادلة لا يكون في مسارها أي محاولات للضغط على السلطة القضائية.'

 

وبين ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في تونس سمير بوعزيز "أن هذا المرسوم لا يقدّم أيّ تعريف واضح لـ"الأخبار الزائفة" و"الإشاعة" مما يجعل الباب مفتوحا للتأويل ويقع استعمال هذا النص ذريعة لضرب العمل الصحفي والتضييق على عمل الصحافيين ووسائل الإعلام ومصادرها في المعلومة.

 

كما أشار الى ''أنّ استعمال المرسوم تجاوز قطاع الصحافة وأصبح يستهدف مواطنات ومواطنين من قطاعات مُختلفة، مما أثر على مبدأ نشر المعلومات وتبادلها وأثّر على الحوار العمومي في مختلف مناحي الشأن العام."

 

وعن إمكانيات الإصلاح رد بوعزيز "نعتقدُ أنّ هذا المرسوم غير قابل للتعديل في صيغته الحاليّة وأنّ الأسلم سحبه نهائيا، كما أنّه من الضروري تنقيح نصوص قانونية أخرى يقع اعتمادُها لمتابعة الصحافيين، في إطار عملهم، على غرار المجلة الجزائية ومجلة الاتصالات، هذا إضافات إلى المتابعة غير المقبولة أمام القضاء العسكري.

 

وختم المتدخل بالقول "رسالتنا إلى أعضاء البرلمان الجديد، أن يفتحوا من جهتهم الحوار البناء والمسؤول مع المنظمات المهنية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان من أجل وضع إطار تشريعي ينظم القطاع يكون مُحترما للدستور وللمعايير الدولية، وأن يعملوا بما لهم من سلطات على حماية الصحافيين ووسائل الإعلام حفظا لحق المواطنات والمواطنين في المعلومة الموثوقة."

 

 

 

فصول الإدانة بالمرسوم 54

تونس-الصباح

جاء الباب الثالث من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 مؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال متضمنا لعدد من العقوبات وهي تتوزع كالتي.

 

الباب الثالث - في الجرائم المتّصلة بأنظمة المعلومات والاتصال والعقوبات المستوجبة

 

القسم الأول – في الاعتداء على سلامة أنظمة المعلومات والبيانات وسرّيتها

 

الفصل 16 – يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى عام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من يتعمّد دون وجه حق النّفاذ أو البقاء بكامل نظام معلومات أو بجزء منه.

 

ويستوجب نفس العقاب كل من يتعمّد تجاوز حدود حق النّفاذ الممنوح له.

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 17 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من يتعمّد بدون وجه حق أو في غير الحالات التي يقتضيها البحث العلمي، أو السلامة المعلوماتية إنتاج، أو بيع، أو توريد، أو توزيع، أو توفير، أو عرض، أو الحصول على، أو حيازة ما يلي:

 

جهاز أو برنامج معلوماتي صُمّم أو طُوّع بغرض ارتكاب الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم،

كلمة عبور أو رمز نفاذ أو أي بيانات معلوماتية مماثلة تُمكّن من النفاذ إلى كامل نظام معلومات أو جزء منه بغرض ارتكاب الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم.

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 18 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من يتعمّد، بدون وجه حق، استخدام وسائل فنّية لاعتراض بيانات اتّصال بمناسبة إرسال غير موجه للعموم داخل نظام معلومات أو انطلاقا منه أو في اتجاهه بما في ذلك ما ينبعث من نظام المعلومات من إشعاعات جانبية ناقلة لبيانات الاتصال.

 

ويشمل الاعتراض الحصول على بيانات حركة الاتصالات أو محتواها وكذلك نسخها أو تسجيلها.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 19 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من يتعمّد إلحاق ضرر ببيانات معلوماتية، أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، أو تدميرها.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 20 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار كل من يتعمد بدون وجه حق إعاقة عمل نظام معلومات بإدخال بيانات معلوماتية أو إرسالها أو إلحاق ضرر بها أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، أو تدميرها، أو باستعمال أي وسيلة إلكترونية أخرى.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 21 – يعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار كل من يتعمّد اختلاس بيانات معلوماتية على ملك الغير.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

القسم الثاني – في الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة أو بيانات معلوماتية

 

القسم الفرعي الأول – في الاحتيال المعلوماتي

 

الفصل 22 – يعاقب بالسجن لمدّة ستّة أعوام وبخطية قدرها مائة ألف دينار كل من يتعمّد إلحاق ضرر بالذمة المالية للغير بإدخال بيانات معلوماتية، أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، أو بالاعتداء، بأي وجه كان، على عمل نظام معلومات قاصدا بذلك الحصول على منافع مادية أو اقتصادية لنفسه أو لغيره.

 

 

 

القسم الفرعي الثاني – في التـدليس المعـلوماتي

 

الفصل 23 – يعاقب بالسجن لمدّة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة ألف دينار كل من يتعمد ارتكاب تدليس من شأنه إلحاق ضرر وذلك بإدخال بيانات معلوماتية، أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، وترتب عن هذا التدليس إنشاء بيانات غير صحيحة قصد اعتمادها كما لو كانت صحيحة.

 

القسم الفرعي الثالث – في الإشاعة والأخبار الزائفة

 

الفصل 24 – يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.

 

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر، أو إشاعة أخبار ،أو وثائق مصطنعة ،أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.

 

وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه.

 

القسم الفرعي الرابع – في الإتاحة غير المشروعة للمصنفات المحمية

 

الفصل 25 – مع مراعاة العقوبات الواردة بالنصوص الخاصة، يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وعام واحد وبخطية قدرها خمسين ألف دينار أو بإحدى العقوبتين، كل من يتعمّد استعمال أنظمة معلومات واتّصال لانتهاك حقوق النشر والتأليف والحقوق ذات الصلة دون الحصول على ترخيص من صاحب أو أصحاب الحق، بهدف تحقيق ربح أو الإضرار بالاقتصاد أو بحقوق الغير.

 

القسم الثالث – في استغلال الأطفال والاعتداءات الجسدية

 

الفصل 26 – مع مراعاة التشريعات الخصوصية، يعاقب بالسجن مدّة ستة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد إنتاج، أو عرض أو توفير أو نشر أو إرسال أو الحصول أو حيازة بيانات معلوماتية ذات محتوى إباحي تظهر طفلا أو شخصا يبدو في مظهر طفل بصدد القيام بإيحاءات أو ممارسات جنسية أو يتعرض لها.

 

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى من هذا الفصل كل شخص تعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو بث صور أو مقاطع تصويرية لاعتداء جسدي أو جنسي على الغير.

 

القسم الرابع – في زجر الإخلال بموجبات جمع الأدلة الإلكترونية

 

الفصل 27 – يعاقب بالسجن مدّة عام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين مزوّد الخدمات الذي لا يلتزم بواجب الحفظ المحمول عليه بموجب أحكام الفصل 6 من هذا المرسوم.

 

الفصل 28 – مع مراعاة أحكام الفصل 32 من المجلة الجزائية، يعاقب بالسجن مدّة عام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من تعمد إعاقة سير البحث برفض تسليم بيانات معلوماتية أو وسائل النفاذ إليها لقراءة البيانات المحجوزة أو فهمها أو يتعمّد إعدامها أو إخفاءها قبل حجزها.

 

الفصل 29 – يعاقب بالسجن مدّة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كلّ من يتعمّد بأي وجه انتهاك سرّية الإجراءات المتعلقة بجمع أو اعتراض أو تسجيل بيانات حركة اتصالات أو محتواها أو إفشاء البيانات المتحصل عليها أو استعمالها بدون وجه حق.

 

الفصل 30 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من يتعمد النفاذ إلى المعطيات المخزنة بنظام معلومات أو جمع بيانات حركة اتصالات أو اعتراض محتوى الاتصالات ونسخها أو تسجيلها في غير الأحوال المسموح بها في هذا المرسوم أو دون احترام الموجبات القانونية.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 31 – يعاقب بالسجن مدّة ستة أشهر وبخطيّة قدرها عشرون ألف دينار كل عون مكلف بتنفيذ الأذون القضائية المتعلقة بالنفاذ إلى المعطيات المخزنة بنظام معلومات أو جمع بيانات حركة اتصالات أو اعتراض الاتصالات لم يلتزم بواجب عدم إفشاء السر المهني المنصوص عليه بالفصل 7 من هذا المرسوم.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

وتُرفع العقوبة إلى السجن لمدة خمسة أعوام وخطية قدرها ثلاثون ألف دينار إذ كان العون حاملا لخطّة وظيفيّة.

 

وتُرفع العقوبة إلى السجن لمدة عشرة أعوام وخطية قدرها خمسون ألف دينار إذا أدّى الإخلال بواجب عدم إفشاء السر المهني إلى إخلال جسيم بالأمن القومي أو بالنظام العام، أو تهديد السلامة الجسدية للأشخاص.

 

خليل الحناشي 

 

 

 

"خانق" لحرية التعبير ومبرر للانتهاكات المخاوف تزداد.. والإيقافات تتوسع في ظل "بطش" المرسوم 54

تونس-الصباح

أثار المرسوم 54 الصادر بالرائد الرسمي يوم 16 سبتمبر 2022 جدلا قانونيا وسياسيا ومجتمعيا واسعا لما تضمنته فصوله من استعادة لسنن الديكتاتورية في قمع الأصوات والمخالفين بعد تكييف فصوله الفضفاضة واستعمالها كسيف مسلط على الجميع وفق رأي عديد الأطراف ومنظمات المجتمع المدني .

واعتبرت هذه الأطراف أن النقاش حوله لم يكن موسعا بعد أن صيغ داخل الغرف القانونية المغلقة وأضحى أمرا واقعا حين فرضته السلطة بما حولته من قانون لصد الجرائم السيبرنية الى قانون لقمع حرية التعبير وضرب الأصوات المناهضة للسلطة ومكوناتها.

ولم يشمل هذا القانون فئة بعينها حيث بات الصحفيون والمحللون السياسيون وناشطو المجتمع المدني والنقابيون والمدونون تحت مقصلة المرسوم وما حمله من خطر داهم بعد فتحه لأبواب السجون أمام أمناء عامين للأحزاب وطلبة ومحامين وتهديد الصحفيين بعزلهم في جزيرة من الفصول السالبة للحرية والخطايا المالية الكبيرة.

 

وفي واقع الأمر فإن المرسوم 54 ليس سوى توليفة من قوانين دشنتها الحكومات السابقة التي خيرت الإمساك عن تطبيقه بعد أن لامست بعده الخطر في ضرب حرية التعبير وإبداء الرأي لتقبل حكومة نجلاء بودن تحت الضغوطات على تطبيق هذا المرسوم.

 

ففي 29 سبتمبر 2015 أقر المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي وتحت إشراف رئيس الحكومة الحبيب الصيد مجموعة من إجراءات تهم قطاع الاقتصاد الرقمي وعلى رأسها الانضمام إلى اتفاقية دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية أو ما يعرف باتفاقية بودابست.

وجاءت جلسة إقرار الاتفاقية الدولية بالعاصمة المجرية بودابست يوم 23 نوفمبر 2011 تحت إشراف المجلس الأوروبي كنتيجة لانشغال العالم بالتطور السريع لاستعمالات الالكترونية وشبكات الكمبيوتر مما خلق شكلا جديدا من الجرائم الحديثة دوليا من "تهكير" لمواقع حكومية حساسة وضرب المنشآت العسكرية والأمنية بالإضافة الى السطو الالكتروني على عدد من البنوك دون الحديث عن الابتزاز وغسيل الأموال.

 

وبعد خلافته للصيد على رأس الحكومة بالقصبة سارعت حكومة يوسف الشاهد الى الدفع بالجريمة الالكترونية الى أروقة المحاكم بعد إقرار مشروع قانون يتعلق بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال بتاريخ جوان 2018(44فصلا و5ابواب مفصلة).

ولم تتوقف محاولات إخضاع المبحرين على شبكات التواصل الاجتماعي عند هذا الحد بل تواصلت سلسلة التدخلات إذ وبعد نحو السنتين من مشروع حكومة الشاهد التي اصطدمت بمجتمع مدني متماسك دخل النائب السابق عن حركة تحيا تونس مبروك كورشيد على الخط بعد طرحه يوم 10 فيفري 2020 لمبادرة تشريعية (وثيقة) مستعجلة لإحالتها على أنظار اللجنة المختصة طبق أحكام النظام الداخلي بمكتب مجلس نواب الشعب.

وتهدف المبادرة حسب النواب الممضين عليها (46 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية حينها) إلى "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية''، ''المتعلقة بهتك الأعراض والمساس من شرف الأفراد والجماعات معتبرا أن الجريمة الإلكترونية المتمثلة في نشر الأخبار الزائفة شهدت رواجا ببلادنا في الفترة الانتقالية الأخيرة".

 

واعتبر كورشيد في عدد من تصريحاته أن الجريمة الإلكترونية باتت تهدّد العملية الديمقراطية برمتها في تونس.. مما يستوجب إصدار القانون في مدة معقولة ''

ونظرا لهذه الأسباب، طلب كورشيد من مكتب المجلس إحالة النص بصفة مستعجلة على اللجنة المختصة حسب ما نشره في نسخة المطلب وهو ما أثار غضب المجتمع المدني وأساسا نقابة الصحفيين وهيئة المحامين اللتين وقفتا في وجه هذا المشروع على أمل إيقاف نموه "كوحش" متوقع.

غير أن هذا "الوحش" سرعان ما سُمِّن بين أحضان حكومة الرئيس الثالثة (حكومة الياس الفخفاخ/حكومة هشام المشيشي ) التي تقودها نجلاء بودن بعد أن توفرت المناخات السياسية والأمنية والقضائية الملائمة ليتحول الى تهديد مفتوح يلتهم كل من يقف أمامه ولو كان على الشبهة.

 

"زواج غير شرعي"

ومن الواضح أن ميلاد المرسوم 54 هو نتيجة "زواج غير شرعي " لمشروع القانون المتعلق بأنظمة الاتصال المُعد سنة 2015 ومشروع قانون مكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال سنة 2018 بالإضافة الى مخرجات مبادرة كورشيد و46 نائبا سنة 2020 .

 

وإذ يبدو هاجس الاختراق الالكتروني باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستهداف الشبكات والأنظمة والبيانات واضحا، فان اللمسة القمعية لمرسوم 54 أخرجت المبدأ الحمائي لهذا القانون وأدخلته مربع الانتهاك بعد الانحرافات بالمقصد الأساسي للقانون بتضمين قسم فرعي تعلق بالإشاعات والأخبار الزائفة بما خالف اتفاقية بودابست أو حتى الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم الالكترونية وتسليط عقوبات زجرية قاسية جدّا لمكافحة جرائم فضفاضة من شأنها أن تجمع المجرمين والمعارضين في سلّة واحدة على حد وصف المحامية والباحثة في القانون أسماء سلايمية.

 

وعلى امتداد المرسوم 54 احتلت العقوبة بالسجن والخطايا المالية أركان هذا القانون حيث تنتشر عقوبة السجن والخطايا المالية بالمرسوم على امتداد 17 فصلا من أصل 38 وتتراوح الأحكام بين 3 أشهر سجنا و10 سنوات وذلك حسب الوضعيات المخالفة التي تخلف معها أيضا قيمة الخطايا المالية بين 10 الاف دينار و50 الف دينار.

 

الفصل 24…حقل من الألغام

 

شكل الفصل 24 من القسم الفرعي الثالث المتعلق بـ"الإشاعة والأخبار الزائفة" بالمرسوم 54 واحدا من أخطر الفصول القانونية حيث وضع المشرع عقوبات جد قاسية تهم استعمالات مختلف وسائل الإعلام والبيانات حيث "يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر، أو إشاعة أخبار، أو وثائق مصطنعة، أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.

وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه."

وعلى الرغم من مناخ الطمأنينة وبروبغندا الحريات التي عملت السلطة على نشرها في علاقتها بالمرسوم فان الأمر لم يفلح حيث بات الجميع تحت وطأة الترصد والتصيد أحيانا.

… وتأكدت المخاوف

مع نشر المرسوم الرئاسي عدد 54 بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 16سبتمبر 2022 اذ لم يكن الطالب التونسي احمد بهاء الدين حمادة يتوقع ان يتحول اسمه الى "ترند" سياسي على موقع التواصل الاجتماعي وان تتجند له منظمات ومؤسسات إعلامية للدفاع عنه والمطالبة بحرية "الرفيق" الناشط بالاتحاد العام لطلبة تونس.

 

قصة أحمد انطلقت بعد أن عمل الشاب على إنشاء صفحة فايسبوكية نقل من خلالها ما تعيشه جهة حي التضامن من احتجاجات وتحركات شبابية للمطالبة بأبسط مقومات المواطنة من شغل وعيش كريم.

 

ومع توسع التحركات، أضحت صفحة "حي التضامن" التي يديرها أحمد بهاء الدين مصدرا للمعلومة الآنية نقل من خلالها صاحبها ما يدور داخل أحياء المدينة.

وفجأة ودون مقدمات اختفى الشاب احمد فجر 28 أكتوبر 2022 لأكثر من 48 ساعة بعد مداهمة أمنية لمقر إقامته الطلابية ليحال بعدها على قاضي التحقيق، بمقتضى فصلين، الأول هو الفصل 113 من المجلة الجزائية المتعلق بالمس من الموظف العمومي، وبمقتضى المرسوم 54 المتعلّق بـ"بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال".

بهلول.. وانطلاق التضييق

بعد إيقاف الناشط الطلابي وإطلاق سراحه لاحقا بدا المرسوم في عملية الحصاد السياسي المفتوح ليكون الزميل نزار بهلول مدير موقع ''بيزنيس نيوز'' أول الصحفيين المحالين على معنى المرسوم سيء الذكر.

 

ويقول بهلول "مثلت يوم 14 نوفمبر 2022 أمام فرقة مكافحة الإجرام على خلفية مقال حول رئيسة الحكومة نجلاء بودن ويحمل عنوان 'Najla Bouden, une gentille woman '.

وتضمّن هذا المقال قراءة تحليلية للوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وطريقة إدارة حكومة نجلاء بودن للأوضاع في تونس.

 

ولفت بهلول إلى أن "الشكاية الجزائية تقدّمت بها وزيرة العدل ليلى جفال ضد موقع بيزنس نيوز، نيابة عن رئيسة الحكومة نجلاء بودن وقد تلقيت استدعاء من الوحدات الأمنية في حدود الساعة الثانية بعد الظهر للمثول أمام فرقة مقاومة الإجرام في حدود الساعة الثالثة."

بداية الحصاد 2023

استهلت السنة الإدارية 2022 بخبر إحالة رئيس الهيئة الوطنية للدفاع ‏عن الحريات والديمقراطية ومنسّق هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين المناضل الحقوقي العياشي الهمامي على التحقيق بتهمة “استعمال شبكات وأنظمة اتصال لترويج ونشر إشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته والمستهدف منه موظف عمومي”

 

أكد الهمامي يوم 2 جانفي 2023، إعلامه "بإحالته على التحقيق من قبل وزيرة العدل على معنى المرسوم 54" إثر تصريح إذاعي على الديوان اف ام انتقد من خلاله وزارة العدل.

 

وفي هذا السياق قال الأستاذ الهمامي "علمتُ عن طريق محامين أنّه فُتحت ضدّي قضية تحقيقية في المحكمة الابتدائية بتونس من أجل خرق أحكام الفصل 24 من المرسوم 54 الذي تصل عقوباته إلى 10 سنوات سجنًا باعتباري صرّحت في إذاعة بعد دعوتي للحديث عن وضعية القضاة أن الملفات مفبركة، وأنّ هناك تنكيلًا بهم، وأنّ تقديم منح لهم هو فساد مالي لقيس سعيّد" وفق قوله.

 

وأضاف العياشي الهمامي: "هذه قضية سياسية بامتياز، وقضية رأي، باعتباري أدافع عن مبادئ الدولة الديمقراطية واستقلال القضاء والقضاة المعزولين.. وزيرة العدل ورئيس الدولة بصدد توجيه تهم سياسية مغلّفة بمرسوم غير دستوري وغير قانوني، بغاية إسكات الأصوات الحرة" وفق تقديره.

الصحافة التونسية…تحت "البطش"

ولم تكن تحولات المشهد السياسي بمعزل عن الصحافة التونسية التي حوصرت بشدة تحت وطأة المرسوم 54 لا بسبب إحالة صحفيين على القضاء فحسب بل أيضا نتيجة المراقبة القبلية للصحافة بعد أن دخل جزء واسع من الزملاء ضمن دائرة الرقابة الذاتية نتيجة تخوفات من أن يشملهم بطش الفصول القانونية المقيدة لحرية التفكير والتعبير.

 

ويحصل اتفاق واسع داخل القطاع على أن الصحافة تعيش تحت "بطش" هذا المرسوم وهو ما دفع بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لرفع شعار مركزي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3ماي 2023 تحت عنوان "حرية الصحافة تواجه الخطر الداهم".

 

وتأكد الخطر أكثر بعد أن صدرت نقابة الصحفيين تقريرها السنوي لواقع الحريات الصحفية في تونس وما تضمنه من رصد للانتهاكات عبر إحصائيات كشفت سعي النظام الحالي للسيطرة على القطاع من خلال إخضاع الإعلام العمومي وما يعيشه القطاع الخاص من ضبابية وأساسا المؤسسات المصادرة وعجز الحكومة عن إيجاد الطريق السالك لها.

 

وحسب التقرير السنوي للنقابة فقد شملت الملاحقات القضائية 17 صحفيا حيث تمت إحالة 4 منهم بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وإحالة 9 صحفيين على المجلة الجزائية و3 آخرين وفقا للمرسوم عدد 54 وتمت إحالة صحفي واحد على مجلة الاتصالات.

 

ويأتي تقرير 2023 للرد في جزء منه على سؤال كان طرحه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 16 فيفري الماضي خلال لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن حيث قال "هل تم حجب صحيفة واحدة أو منع برنامج واحد وهل تمت ملاحقة أي صحفي من أجل عمل يتعلق بالصحافة.. كلها أكاذيب وأراجيف يعرفها الشعب التونسي".

 

فقد أحيلت الصحفية منية العرفاوي على التحقيق بتهمة نشر أخبار زائفة والثلب في 3 قضايا باعتماد المرسوم 54 والمجلة الجزائية ومجلة الاتصالات بسبب مقال صحفي وتدوينة .

كما يلاحق الصحفي محمد بوغلاب بتهمة نشر أخبار زائفة والثلب ليلاحق باعتماد المرسوم 54 بسبب عمل إذاعي.

 

ولم يكن خليفة القاسمي أكثر حظا بعد أن حكم عليه بخمس سنوات سجنا بتهم على معنى قانون الإرهاب إثر تمسكه بعدم الكشف عن مصدره.

 

وتعرض هيثم الزغلي الى التتبع القضائي باعتماد المجلة الجزائية بتهمة نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي (أمني) بسبب روبرتاج إذاعي.

دور القضاء

أي دور للقضاء تحت طائلة الترهيب؟ هكذا سؤال أجابت عنه الباحثة في القانون والمحامية أسماء سلايمية صاحبة سلسلة من المقالات المتعلقة بالمرسوم 54 منشورة بموقع المفكرة القانونية .

 

حيث اعتبرت "اليوم وأكثر من أي وقت مضى وخاصّة أمام أكثر النصوص القانونية سلبا للحريّات نعود لمغزى المطالبة بسلطة قضائية مستقلّة فلا ديمقراطية دون قضاء مستقلّ وناجز وعادل ومنتصب كحامٍ للحقوق والحريّات في مواجهة السلطة السياسيّة، مهما كان اسمها.

 

وأضافت سلايمية "أمل المحافظة على حريّات النشطاء والسياسيين رهين شجاعة القضاة من جهة واستماتة لسان الدفاع في الذود عن الحريات من جهة أخرى. إلاّ أنّ هذا الأمل يتضاءل في ظلّ جو الترهيب والضغوطات السياسية التي يرزح تحتها القضاء مؤخرا مما يستوجب من القضاة، أكثر من أيّ وقت مضى، التمسك باستقلاليتهم وحيادهم وتحمّل مسؤولياتهم، حماية للحريات والحقوق من أيّ ظلم وحيف، ويستوجب منّا جميعا الوعي بأنّ استقلال القضاء ليس حقّا للقضاة، بقدر ما هو ضمانة لكلّ المتقاضين، خصوصا حين يشتدّ التوجّه القمعي للسلطة السياسيّة.

 

وعلى الرغم من معارضة المجتمع المدني والسياسي للمرسوم 54 وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع تراجع نظام سعيد عن استعمال هذه الفصول والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال فان ذلك لم يحصل بل توسعت دائرة المحالين على القضاء وفق هذا القانون حيث ارتفعت الإحالة على الجهات القضائية وبات تصيد "المخالفين" أمرا مكشوفا وظاهرا لعموم المتابعين.

 

ويرى خصوم سعيد أن واقعة التصيّد باتت تشمل المعارضين لنظام الرئيس، وهو ما تبينه جملة أسماء الشخصيات الوطنية والنشطاء السياسيين والنقابيين الرافضين لتوجهات السلطة والمحالين على القضاء على معنى المرسوم.

نقابة النقل.. الضحية النقابية الأولى

مع إعلان نقابة النقل عن استعداداتها للدخول في إضراب قطاعي بعد أن أغلقت أبواب المفاوضات مع الجهات الرسمية وبدل فتح قنوات الحوار خيرت وزارة النقل التوجه لأروقة المحاكم .

 

ففي تدخل إذاعي له على أمواج إذاعة راديو ماد أكد الكاتب العام لجامعة النقل وجيه الزيدي أن النقابة رفعت قضية بـ17مسؤولا نقابيا من كتاب عامين لنقابات أساسية لشركة نقل تونس 3 أعضاء من الجامعة العامة لنقابة العامة وذلك على خلفية إصدار برقية تنبيه بالإضراب العام في قطاع النقل في جانفي الماضي.

 

وأضاف الزيدي أن مجموع القضايا لم تتوقف عند هذا رغم كيديتها بل تواصلت الهرسلة والتضييق بعد أن طالبت الوزارة بتفعيل المرسوم 54 بسبب ما اعتبره وزير النقل معلومات خاطئة وأن التهديد بالقضاء واستعمال المرسوم لن يزيد النقابيين إلا إصرارا من أجل الدفاع عن منظوريه."

المرسوم 54.. فرض الرقابة الذاتية

لم يخف مالك زغدودي (صحفي مهتم بقضايا البيئة وحقوق الإنسان وفائز بمسابقة منظمة الصحافة وحقوق الإنسان وصندوق دعم الديمقراطية لأفضل مقال نشر "من أجل تعزيز حرية التعبير وثقافة المساءلة) تخوفاته من المرسوم.

 

وقال"بصراحة وبدون مواربة المرسوم 54 يمثل خطرا داهما على حرية الصحافة والتعبير، بل وأذهب بك أبعد من ذلك هو يفرض سلطة رقيب داخلي على الصحفي ويكبل وجدانه ويسيج إبداعه ويضع الحواجز أمام سعيه لتبليغ الحقيقة والبحث فيها دون خوف."

 

وأضاف زغدودي "أعتقد أن الأصدقاء القانونيين استفاضوا في تفسير المخاطر القانونية لذلك اخترت الجانب الأنطولوجي والفلسفي لهذا المرسوم، والذي كما نعمل جميعا مثل بسببه عدد كبير من الزملاء/ات أمام المحاكم أو التحقيق في دوائر الإرهاب أو مكافحة الجريمة وهذا لا يمكن أن يكون مناخ عمل صحفي بل هو مناخ تخويف وتهديد."

 

وبرر المتحدث موقفه هذا بالقول "حيث تفقد فيه الصحافة والصحفي جزءا هاما ومحوريا من حقوقه وهو الحق في العمل في مناخ حر دون أي تهديد ووفق منظومة قانونية تشجيع على الحرية وتضبط المهنة وفق أخلاقيات الموضوعية وخدمة المجتمع والصالح العام وحماية حق النقد والسخرية والبحث عن الحقيقة.."

 

وختم زغدود أنه "بكل موضوعية على الهياكل المهنية والمجتمع المدني الوقوف ضد هذا المرسوم والمطالبة بالعودة للمرسومين 115 و116 بل وتحسينهما وتطويرهما لمزيد ضمان حقوق الصحفيين/ات ".

 وللسياسيين نصيب..

جاءت الاستعجالية القصوى في استعمالات المرسوم 54 لتساهم بشكل فاضح في الإطاحة بأبرز المعارضين لنظام "الانقلاب"حسب وصف أحزاب المعارضة الوطنية بعد أن أجمعت قياداتها على مناهضة التدابير الاستثنائية منذ إعلانها يوم 25 جويلية2021 والتصدي للمشروع السياسي لقيس سعيد.

 

ولئن اعتبر أنصار الرئيس من أحزاب كرتونية هذا الموقف على أنه إدعاء باطل، فقد نجحت الوقائع السياسية والقضائية في تثبيت رؤية المعارضين وذلك بالنظر الى عدد المحالين على القضاء والمودعين السجن بسبب المرسوم الرئاسي عدد 54.

 

وقد كان رئيس حركة النهضة آخر المحالين على معنى هذا القانون بعد أن أصدر قاضي التحقيق بالمكتب 33 لدى محكمة تونس الابتدائية بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي بتهمة التآمر على أمن الدولة والعمل على تغيير هيئة الدولة بالقوة.

 

ووصفت جبهة الخلاص أن هذا القرار يأتي "بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص الوطني، إنما يدل على انهيار حالة الحريات في فشل السلطة القائمة في إعداد ملف قضائي جدي في حق رئيس حركة النهضة وقياديها الأول، فاضطرت الى الالتجاء الى المرسوم عدد 54 سيئ الصيت والى التأويل الفضفاض لأحكام القانون في مادة التآمر على أمن الدولة وهو الأمر الذي يتعارض ومبادئ القانون الجنائي ويقوم دليلا قاطعا على انتفاء شروط المحاكمة العادلة في بلادنا."

 

أما عن الأمين العام الأسبق والمحامي المعارض غازي الشواشي فقد مثل كأول شخصية سياسية أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببن عروس يوم 22 سبتمبر 2022 على خلفية تصريح له حول استقالة رئيسة الحكومة نجلاء بودن وبموجب شكاية تقدمت بها وزيرة العدل طبقا لمقتضيات الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية.

 

أما بتاريخ غرة ديسمبر 2022 فقد أعلن الشاواشي انه ''تم إعلامي من طرف رئيس فرع المحامين بتونس، بإحالتي على قاضي التحقيق بسبب شكاية تقدمت بها وزيرة العدل ليلى جفال ضدي من أجل نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي ونشر أخبار زائفة طبقا للمرسوم 54"، حسب قوله.

 

وعلق حزب التيار الديمقراطي في بلاغ له أن "هذه الأساليب المتخلفة ستزيد من النزعة الاستبدادية لدى قيس سعيد وانشغاله بهرسلة معارضيه وتكميم أفواههم وتصفية كل رأي مخالف ومصادرة العملية السياسية وتحويلها لملفات أمنية وقضائية في الوقت الذي تعرف فيه تونس أخطر أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخها الحديث وتدهورا غير مسبوق للقدرة الشرائية لشعبها وشحا في تموين عديد المواد الأساسية بما ينذر بكارثة اجتماعية محدقة"، وفق نص البلاغ.

 

ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود": نحن أمام تهديد غير مسبوق والأسلم سحب المرسوم 54 نهائيا

جاءت توقعات مراسلون بلا حدود بتونس مطابقة للواقع السياسي للبلاد بعد أن أعربت عن خشيتها من تحول المرسوم 54 الى عصا بيد السلطة تحركها كيفما شاءت في وجه المخالفين لتوجهاتها وللحد من سقف التعبير .

 

وقال ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في تونس سمير بوعزيز لقد استشعرنا منذ اللحظات الأولى من إصدار المرسوم 'إننا أمام تهديد غير مسبوق لممارسة مهنة الصحافة في تونس بما سيقوّض التزامات تونس الدوليّة."

 

وأضاف بوعزيز "وها قد تبيّن بعد أكثر من عام أنّ استشعارنا لهذا الخطر كان في محلّه، بعد أن تمّ اعتماد الـ 54 في عدد من المتابعات القضائيّة ضدّ الصحافيين، وأصبح تدريجيا يمثّل أحد الأسباب التي أحلّت الرقابة الذاتيّة في عدد من غرف التحرير في مُختلف المؤسسات."

 

واعتبر "وإن تمّ الادعاء بأنّ هدف المرسوم محاربة الأخبار الزائفة، فإنّ الصحافيين المُحالين على أساسه تتم مُتابعتهم بسبب أعمال صحفيّة أو تعليقات في وسائل إعلام يشتغلون فيها، وبالتثبت في هذه المواد المنشورة أو المُذاعة لا نجدُ أنّ فيها أيّ خرق لقواعد المهنة وأساسياتها. وحتى لو تبيّن العكس لأيّ طرف قضائي أو غيرهُ فإنه من الممكن المتابعة على معنى المرسوم 115 في إطار احترام الإجراءات والحق في محاكمة عادلة لا يكون في مسارها أي محاولات للضغط على السلطة القضائية.'

 

وبين ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في تونس سمير بوعزيز "أن هذا المرسوم لا يقدّم أيّ تعريف واضح لـ"الأخبار الزائفة" و"الإشاعة" مما يجعل الباب مفتوحا للتأويل ويقع استعمال هذا النص ذريعة لضرب العمل الصحفي والتضييق على عمل الصحافيين ووسائل الإعلام ومصادرها في المعلومة.

 

كما أشار الى ''أنّ استعمال المرسوم تجاوز قطاع الصحافة وأصبح يستهدف مواطنات ومواطنين من قطاعات مُختلفة، مما أثر على مبدأ نشر المعلومات وتبادلها وأثّر على الحوار العمومي في مختلف مناحي الشأن العام."

 

وعن إمكانيات الإصلاح رد بوعزيز "نعتقدُ أنّ هذا المرسوم غير قابل للتعديل في صيغته الحاليّة وأنّ الأسلم سحبه نهائيا، كما أنّه من الضروري تنقيح نصوص قانونية أخرى يقع اعتمادُها لمتابعة الصحافيين، في إطار عملهم، على غرار المجلة الجزائية ومجلة الاتصالات، هذا إضافات إلى المتابعة غير المقبولة أمام القضاء العسكري.

 

وختم المتدخل بالقول "رسالتنا إلى أعضاء البرلمان الجديد، أن يفتحوا من جهتهم الحوار البناء والمسؤول مع المنظمات المهنية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان من أجل وضع إطار تشريعي ينظم القطاع يكون مُحترما للدستور وللمعايير الدولية، وأن يعملوا بما لهم من سلطات على حماية الصحافيين ووسائل الإعلام حفظا لحق المواطنات والمواطنين في المعلومة الموثوقة."

 

 

 

فصول الإدانة بالمرسوم 54

تونس-الصباح

جاء الباب الثالث من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 مؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال متضمنا لعدد من العقوبات وهي تتوزع كالتي.

 

الباب الثالث - في الجرائم المتّصلة بأنظمة المعلومات والاتصال والعقوبات المستوجبة

 

القسم الأول – في الاعتداء على سلامة أنظمة المعلومات والبيانات وسرّيتها

 

الفصل 16 – يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى عام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من يتعمّد دون وجه حق النّفاذ أو البقاء بكامل نظام معلومات أو بجزء منه.

 

ويستوجب نفس العقاب كل من يتعمّد تجاوز حدود حق النّفاذ الممنوح له.

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 17 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من يتعمّد بدون وجه حق أو في غير الحالات التي يقتضيها البحث العلمي، أو السلامة المعلوماتية إنتاج، أو بيع، أو توريد، أو توزيع، أو توفير، أو عرض، أو الحصول على، أو حيازة ما يلي:

 

جهاز أو برنامج معلوماتي صُمّم أو طُوّع بغرض ارتكاب الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم،

كلمة عبور أو رمز نفاذ أو أي بيانات معلوماتية مماثلة تُمكّن من النفاذ إلى كامل نظام معلومات أو جزء منه بغرض ارتكاب الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم.

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 18 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من يتعمّد، بدون وجه حق، استخدام وسائل فنّية لاعتراض بيانات اتّصال بمناسبة إرسال غير موجه للعموم داخل نظام معلومات أو انطلاقا منه أو في اتجاهه بما في ذلك ما ينبعث من نظام المعلومات من إشعاعات جانبية ناقلة لبيانات الاتصال.

 

ويشمل الاعتراض الحصول على بيانات حركة الاتصالات أو محتواها وكذلك نسخها أو تسجيلها.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 19 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من يتعمّد إلحاق ضرر ببيانات معلوماتية، أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، أو تدميرها.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 20 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار كل من يتعمد بدون وجه حق إعاقة عمل نظام معلومات بإدخال بيانات معلوماتية أو إرسالها أو إلحاق ضرر بها أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، أو تدميرها، أو باستعمال أي وسيلة إلكترونية أخرى.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 21 – يعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار كل من يتعمّد اختلاس بيانات معلوماتية على ملك الغير.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

القسم الثاني – في الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة أو بيانات معلوماتية

 

القسم الفرعي الأول – في الاحتيال المعلوماتي

 

الفصل 22 – يعاقب بالسجن لمدّة ستّة أعوام وبخطية قدرها مائة ألف دينار كل من يتعمّد إلحاق ضرر بالذمة المالية للغير بإدخال بيانات معلوماتية، أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، أو بالاعتداء، بأي وجه كان، على عمل نظام معلومات قاصدا بذلك الحصول على منافع مادية أو اقتصادية لنفسه أو لغيره.

 

 

 

القسم الفرعي الثاني – في التـدليس المعـلوماتي

 

الفصل 23 – يعاقب بالسجن لمدّة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة ألف دينار كل من يتعمد ارتكاب تدليس من شأنه إلحاق ضرر وذلك بإدخال بيانات معلوماتية، أو تغييرها، أو فسخها، أو إلغائها، وترتب عن هذا التدليس إنشاء بيانات غير صحيحة قصد اعتمادها كما لو كانت صحيحة.

 

القسم الفرعي الثالث – في الإشاعة والأخبار الزائفة

 

الفصل 24 – يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.

 

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر، أو إشاعة أخبار ،أو وثائق مصطنعة ،أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.

 

وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه.

 

القسم الفرعي الرابع – في الإتاحة غير المشروعة للمصنفات المحمية

 

الفصل 25 – مع مراعاة العقوبات الواردة بالنصوص الخاصة، يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وعام واحد وبخطية قدرها خمسين ألف دينار أو بإحدى العقوبتين، كل من يتعمّد استعمال أنظمة معلومات واتّصال لانتهاك حقوق النشر والتأليف والحقوق ذات الصلة دون الحصول على ترخيص من صاحب أو أصحاب الحق، بهدف تحقيق ربح أو الإضرار بالاقتصاد أو بحقوق الغير.

 

القسم الثالث – في استغلال الأطفال والاعتداءات الجسدية

 

الفصل 26 – مع مراعاة التشريعات الخصوصية، يعاقب بالسجن مدّة ستة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد إنتاج، أو عرض أو توفير أو نشر أو إرسال أو الحصول أو حيازة بيانات معلوماتية ذات محتوى إباحي تظهر طفلا أو شخصا يبدو في مظهر طفل بصدد القيام بإيحاءات أو ممارسات جنسية أو يتعرض لها.

 

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى من هذا الفصل كل شخص تعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو بث صور أو مقاطع تصويرية لاعتداء جسدي أو جنسي على الغير.

 

القسم الرابع – في زجر الإخلال بموجبات جمع الأدلة الإلكترونية

 

الفصل 27 – يعاقب بالسجن مدّة عام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين مزوّد الخدمات الذي لا يلتزم بواجب الحفظ المحمول عليه بموجب أحكام الفصل 6 من هذا المرسوم.

 

الفصل 28 – مع مراعاة أحكام الفصل 32 من المجلة الجزائية، يعاقب بالسجن مدّة عام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من تعمد إعاقة سير البحث برفض تسليم بيانات معلوماتية أو وسائل النفاذ إليها لقراءة البيانات المحجوزة أو فهمها أو يتعمّد إعدامها أو إخفاءها قبل حجزها.

 

الفصل 29 – يعاقب بالسجن مدّة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كلّ من يتعمّد بأي وجه انتهاك سرّية الإجراءات المتعلقة بجمع أو اعتراض أو تسجيل بيانات حركة اتصالات أو محتواها أو إفشاء البيانات المتحصل عليها أو استعمالها بدون وجه حق.

 

الفصل 30 – يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من يتعمد النفاذ إلى المعطيات المخزنة بنظام معلومات أو جمع بيانات حركة اتصالات أو اعتراض محتوى الاتصالات ونسخها أو تسجيلها في غير الأحوال المسموح بها في هذا المرسوم أو دون احترام الموجبات القانونية.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

الفصل 31 – يعاقب بالسجن مدّة ستة أشهر وبخطيّة قدرها عشرون ألف دينار كل عون مكلف بتنفيذ الأذون القضائية المتعلقة بالنفاذ إلى المعطيات المخزنة بنظام معلومات أو جمع بيانات حركة اتصالات أو اعتراض الاتصالات لم يلتزم بواجب عدم إفشاء السر المهني المنصوص عليه بالفصل 7 من هذا المرسوم.

 

والمحاولة موجبة للعقاب.

 

وتُرفع العقوبة إلى السجن لمدة خمسة أعوام وخطية قدرها ثلاثون ألف دينار إذ كان العون حاملا لخطّة وظيفيّة.

 

وتُرفع العقوبة إلى السجن لمدة عشرة أعوام وخطية قدرها خمسون ألف دينار إذا أدّى الإخلال بواجب عدم إفشاء السر المهني إلى إخلال جسيم بالأمن القومي أو بالنظام العام، أو تهديد السلامة الجسدية للأشخاص.

 

خليل الحناشي