*مختص في علم الاجتماع: الانجاب خارج اطر الزواج هو الوجه الآخر للدعوات المتكررة للزواج العرفي والزواج بأربع والزواج بالقاصرات وجهاد النكاح
تونس-الصباح
بمعدل 75 حالة شهريا، رقم أعلنت عنه مؤخرا وزيرة المرأة والأسرة وشؤون يتعلق بالولادات خارج إطار الزواج، حيث تم تسجيل 300 حالة خلال الأربع أشهر الأولى من سنة 2023، وهو رقم مرتفع ويستوجب الدراسة وفق ما أكدته وزيرة المرأة لا سيما وأن حالات الانجاب خارج اطار الزواج يتجاوز الحالتين يوميا.
مفيدة القيزاني
شبكات مورطة..
خلال سنة 2021 تم تسجيل 802 ولادة خارج إطار الزواج في حين سجلت سنة 2022 تلقي 868 اشعارا بولادات خارج إطار الزواج.
وقد يكون الإنحاب خارج إطار الزواج بشكل فردي حيث تتورط الفتاة في علاقة خارج الأطر القانونية ويترتب عنها مولود يتم التخلي عنه من قبلها سواء لقرى الأطفال أو تركه في الشارع وفي أسوأ الحالات هناك حالات يتم فيها التخلص من المواليد غير الشرعيين بالقتل، كما أن هناك شبكات تستقطب الفتيات وخاصة القاصرات منهن ويتم استدراجهن لإقامة علاقات خنائية الهدف منها الانجاب ثم بيع المولود، وقد تم في وقت سابق الكشف عن شبكة للاستغلال الجنسي والاقتصادي واكراه النساء على الانجاب خارج اطار الزواج والاتجار بالرضع حديثي الولادة وبلغ عدد أفرادها 16 شخصا من بينهم 8 موقوفين (4 نساء و4 رجال) والشبكة تقودها امرأة.
وتم الكشف عن الشبكة بناء على توفر معلومات لدى الفرقة المركزية لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص بإدارة الشؤون العدلية للحرس الوطني ببن عروس، وتترأس الشبكة امرأة تم القاء القبض عليها رفقة وسيطة من العنصر النسائي التي تتمثل مهمتها في استقطاب الفتيات من الفئة الهشة، ووضعهم على ذمة رئيسة الشبكة بهدف استغلالهم جنسيا والانجاب خارج إطار الزواج والاتجار بالرضع حديثي الولادة بمقابل مادي. هذا وتمت معاينة 3 ضحايا كانوا يقطنّ في منزل رئيسة الشبكة بعد حجز وثائقنّ الشخصية وهواتفنّ الجوالة، ليتم استغلالنّ في المجال الجنسي تحت التهديد، والانجاب خارج إطار الزواج والتفريط بالبيع في الرضع.
حادثة صادمة..
حادثة غريبة جدت وقائعها في وقت سابق بولاية المهدية تمثلت في بيع اربعة أطفال رضع على مراحل وتشير المعطيات الى أن إن امراة أصيلة جهة الجم التابعة لولاية المهدية كانت تنجب أطفالا خارج إطار الزواج وكانت تفرط فيهم بالبيع الى عائلات راغبة في التبني مقابل راتب شهري تدفعه العائلة المتبنية.
وقد تعهدت الفرقة الجهوية للشرطة العدلية والفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل وفرقة الطريق العمومي بالمهدية بالموضوع وقد كشفت الأبحاث أن الأم عمدت خلال بيعها أحد أطفالها الى تدليس هويات ووثائق حتى تتم عملية التسجيل بدفاتر الحالة المدنية باسم المتبني وقد تم ايقاف الام والاب المتبني والابقاء على شخصين آخرين بحالة تقديم.
دراسة..
وكشفت دراسة أجرتها جمعية الأم والطفل أن حوالي 2000 طفل يولدون سنويا خارج إطار الزواج بعد سنة 2011 أي بمعدل 166 طفلا شهريا و5 أطفال يوميا أي أن هناك 2000 أم عزباء تضع مولودا كل سنة أي ما يناهز 15000 ام عزباء أنجبت خارج إطار الزواج منذ الثورة الى حدود سنة 2018 وهو رقم يبدو مفزعا على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد هذه الفئة من الأطفال باعتبار أن جل الحالات لا يتم الاعلان عنها وتفضل الامهات العازبات وضع اطفالهن في المنزل أو التخلص منه خوفا من"الفضيحة" .
وهناك عدد من المواليد هم من نصيب الحشرات والقوارض حيث لا تجد الأم العزباء سبيلا للتخلص من مولودها سوى تركه بمصب فضلات أو تحت قنطرة يواجه مصيره بنفسه ويدفع "فاتورة" خطأ لم تكن له يد فيه والأوفر حظا يتم ايداعهم بقرى الاطفال ويتم تبنيهم من قبل عائلات.
تونس في المرتبة الثانية..
يرجع الكثيرون سبب الانحاب خارج أطر الزواج الى تأخر سن الزواج أو العزوف عنه، حيث أفاد مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث أن تونس احتلت المرتبة الثانية في دراسة حول تأخر سن الزواج لدى الفتيات في الوطن العربي.
وارتفعت نسبة تأخر سن الزواج في تونس إلى نحو 81 في المائة، ويأتي تصنيف تونس بعد لبنان التي فاقت نسبة تأخر سن الزواج فيها 85 بالمائة.
وخلص المركز إلى أن نسبة تأخر سن الزواج لدى الفتيات في الوطن العربي تفاقمت بسبب ظهور وانتشار جائحة كورونا (كوفيد-19) خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى تغيّر أولويات نسب كبيرة من الفتيات العربيات حيث أصبحت كثيرات منهن تبحثن عن إثبات ذاتهن ومساعدة أسرهن قبل الارتباط خاصة بعد زيادة تكلفة الزواج وتراجع مقدرة ودخل الأسر التي تجعل الفتيات يتنافسن مع الشباب للمساعدة في إعالة عائلاتهن.
وعلى صعيد آخر باتت نسبة كبيرة من الإناث بفضل تحسن نسب التعليم والإقبال على العمل يفضلن إثبات ذواتهن وتحقيق طموحاتهن قبل الزواج خصوصا مع رصد تفوق مستمر للإناث على حساب الذكور في استكمال الدراسات العليا.
كما باتت نسب لا بأس بها من الفتيات والنساء تخيرن الانفصال عن الأسرة وتقبل على خيار الهجرة كوجهة للعمل أو التعليم حيث تم زيادة رصد هجرة الإناث سنويا خاصة في الدول محدودة الدخل.
الظاهرة من منظور علم الاجتماع..
وبالرجوع للحديث عن ظاهرة الأمهات العازبات ببلادنا أفاد الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد إنه في بيئة اجتماعية وثقافية يحتل فيها الهوس والاهتمام الجنسي المرضي حيزا كبيرا من اهتماماتنا ونقاشاتنا، ليس من الغريب أن تتحول ظاهرة الدعارة والبغاء إلى ظاهرة اجتماعية ملفتة للانتباه، وبالتالي تتحول هذه الظاهرة من مجرد ممارسة شخصية خارج القانون إلى ظاهرة اجتماعية تمثل الوجه الآخر للدعوات المتكررة للزواج العرفي والزواج بأربع والزواج بالقاصرات وجهاد النكاح وممارسات الاغتصاب وكلها ظواهر تنتج كل يوم مزيدا من الأمهات العازبات اللواتي تتخلين عن أبنائهن حال ولادتهم.
الجوع الجنسي..
فحين يرتبط الهوس والجوع الجنسي عند الرجال بجوع المال عند النساء وحين يكون بلدنا مرتعا لكل شبكات الجريمة المنظمة وحين تغلق الأبواب في وجه طيف كثير من التونسيين تصبح الدعارة هي الوجه الآخر للازمة الاقتصادية والقيمية والأمنية التي تعيشها تونس.
"حمّى" العلاقات الجنسية..
إن إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج ممكنة ومتاحة، نظراً لتوفر عامل الاختلاط في جميع الفضاءات الاجتماعية فمن الناحية العملية تعتبر العلاقات الجنسية الحرة أمراً متاحاً لمن يريد خصوصا مع تأخر سن الزواج والعزوف عنه وفق الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد لكن هذا الإقبال على العلاقات الحرة يترافق عموما مع غياب الحد الأدنى من الثقافة الجنسية العلمية الكفيلة بتجنيب من يمارسها الإصابة بالأمراض والحمل غير المرغوب فيه وهذا ما يجعل من هذه الممارسات إما سببا للأمراض المنقولة جنسيا أو سببا في إنجاب مولود خارج إطار الزواج.
وعند وقوعنا في هذا «المأزق» فإننا نحاول البحث عن صيغة للتخلص من هذا الزائر غير المرغوب فيه وأول هذه الصيغ هو رميه والتخلي عنه.
قانون المجتمع..
قد نبدو للوهلة الأولى عصريين من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا، لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا في غفلة منا هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم " الحرام والحلال" حجر الزاوية فعادة ما ينظر إلى المرأة التي تنجب خارج إطار الزواج على أنها نوع من العبء والعار على عائلتها وأقاربها ومعارفها وحتى حيها ومدينتها وبالتالي تتراوح ردود فعل المحيط الاجتماعي تجاهها بين التجاهل والازدراء والاحتقار بحيث يقع رفضهن كزوجات أو كصديقات أو حتى كعاملات أو موظفات في مؤسسة معينة رغم أن الأغلبية سواسية في هذه الممارسة ولكن في الخفاء وليس في العلن وهذا ما يؤكد نفاق هذا المجتمع وانفصامه النفسي والثقافي حين يسرع للإدانة والتشهير دون أن يكون جديرا بذلك.
تداخل الأدوار..
وفي قراءته للظاهرة قال الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد إن المجتمع التونسي مجتمع تتداخل فيه الأدوار ولا تنطبق فيه الأسماء على المسميات ولا تنطبق فيه الأقوال على الأفعال.
مواقف تؤكد أن التونسي يحمل في ذات الوقت الشيء ونقيضه في تعايش وانسجام غريبين إذ نجد التونسي تقدميا ورجعيا في نفس الوقت، متشددا ومتسامحا، "دينولائكيا" يقدر الثقافة والعلم ويمارس عكسهما، هذا هو حال التونسي وكما يقول المثل الشعبي"يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي."
تحمل المسؤولية..
إذا كان الأولياء الذين ينجبون أبناءهم في إطار الزواج يتفصون من مسؤولياتهم تجاه أبنائهم رغم أنه واجب أخلاقي وقانوني فما بالك بالأولياء الذين ينجبونهم خارج إطار الزواج فالتفصي من المسؤولية والاستقالة الوالدية رياضة وطنية في تونس وفق الباحث طارق بالحاج محمد مضيفا أن هذه الظاهرة تكتسب خطورتها مما ينتج عنها من آثار نفسية وخاصة على النساء اللواتي تورطن فيه ومن الأبناء الذين يمكن أن يأتوا نتيجة هذه التجربة والذين لن يجدوا قانونا يحميهم أو يعطيهم حقوقهم أو حتى يثبت نسبهم، فهم في إطار المنظومة القانونية القائمة يعتبرون أبناء خارج إطار الزواج وبالتالي فهم عبارة عن حالات اجتماعية أكثر منهم أبناء شرعيين وهذا مشكل إضافي يمكن أن يزيد العبء على المجتمع المنهك والمتذبذب أصلا، فإضافة إلى الأطفال فاقدي النسب والسند العائلي الموجودين في المجتمع، فان هذه النوعية الجديدة من المواليد ستزيد في أعداد هذه الفئة المهمشة فلا هم قادرون على التمتع بالحماية القانونية والاجتماعية والتربوية لآبائهم ولا هم قادرون على عيش حياة طبيعية في مجتمع يزدريهم ولا يعترف بهم قانونيا.
*مختص في علم الاجتماع: الانجاب خارج اطر الزواج هو الوجه الآخر للدعوات المتكررة للزواج العرفي والزواج بأربع والزواج بالقاصرات وجهاد النكاح
تونس-الصباح
بمعدل 75 حالة شهريا، رقم أعلنت عنه مؤخرا وزيرة المرأة والأسرة وشؤون يتعلق بالولادات خارج إطار الزواج، حيث تم تسجيل 300 حالة خلال الأربع أشهر الأولى من سنة 2023، وهو رقم مرتفع ويستوجب الدراسة وفق ما أكدته وزيرة المرأة لا سيما وأن حالات الانجاب خارج اطار الزواج يتجاوز الحالتين يوميا.
مفيدة القيزاني
شبكات مورطة..
خلال سنة 2021 تم تسجيل 802 ولادة خارج إطار الزواج في حين سجلت سنة 2022 تلقي 868 اشعارا بولادات خارج إطار الزواج.
وقد يكون الإنحاب خارج إطار الزواج بشكل فردي حيث تتورط الفتاة في علاقة خارج الأطر القانونية ويترتب عنها مولود يتم التخلي عنه من قبلها سواء لقرى الأطفال أو تركه في الشارع وفي أسوأ الحالات هناك حالات يتم فيها التخلص من المواليد غير الشرعيين بالقتل، كما أن هناك شبكات تستقطب الفتيات وخاصة القاصرات منهن ويتم استدراجهن لإقامة علاقات خنائية الهدف منها الانجاب ثم بيع المولود، وقد تم في وقت سابق الكشف عن شبكة للاستغلال الجنسي والاقتصادي واكراه النساء على الانجاب خارج اطار الزواج والاتجار بالرضع حديثي الولادة وبلغ عدد أفرادها 16 شخصا من بينهم 8 موقوفين (4 نساء و4 رجال) والشبكة تقودها امرأة.
وتم الكشف عن الشبكة بناء على توفر معلومات لدى الفرقة المركزية لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص بإدارة الشؤون العدلية للحرس الوطني ببن عروس، وتترأس الشبكة امرأة تم القاء القبض عليها رفقة وسيطة من العنصر النسائي التي تتمثل مهمتها في استقطاب الفتيات من الفئة الهشة، ووضعهم على ذمة رئيسة الشبكة بهدف استغلالهم جنسيا والانجاب خارج إطار الزواج والاتجار بالرضع حديثي الولادة بمقابل مادي. هذا وتمت معاينة 3 ضحايا كانوا يقطنّ في منزل رئيسة الشبكة بعد حجز وثائقنّ الشخصية وهواتفنّ الجوالة، ليتم استغلالنّ في المجال الجنسي تحت التهديد، والانجاب خارج إطار الزواج والتفريط بالبيع في الرضع.
حادثة صادمة..
حادثة غريبة جدت وقائعها في وقت سابق بولاية المهدية تمثلت في بيع اربعة أطفال رضع على مراحل وتشير المعطيات الى أن إن امراة أصيلة جهة الجم التابعة لولاية المهدية كانت تنجب أطفالا خارج إطار الزواج وكانت تفرط فيهم بالبيع الى عائلات راغبة في التبني مقابل راتب شهري تدفعه العائلة المتبنية.
وقد تعهدت الفرقة الجهوية للشرطة العدلية والفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل وفرقة الطريق العمومي بالمهدية بالموضوع وقد كشفت الأبحاث أن الأم عمدت خلال بيعها أحد أطفالها الى تدليس هويات ووثائق حتى تتم عملية التسجيل بدفاتر الحالة المدنية باسم المتبني وقد تم ايقاف الام والاب المتبني والابقاء على شخصين آخرين بحالة تقديم.
دراسة..
وكشفت دراسة أجرتها جمعية الأم والطفل أن حوالي 2000 طفل يولدون سنويا خارج إطار الزواج بعد سنة 2011 أي بمعدل 166 طفلا شهريا و5 أطفال يوميا أي أن هناك 2000 أم عزباء تضع مولودا كل سنة أي ما يناهز 15000 ام عزباء أنجبت خارج إطار الزواج منذ الثورة الى حدود سنة 2018 وهو رقم يبدو مفزعا على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد هذه الفئة من الأطفال باعتبار أن جل الحالات لا يتم الاعلان عنها وتفضل الامهات العازبات وضع اطفالهن في المنزل أو التخلص منه خوفا من"الفضيحة" .
وهناك عدد من المواليد هم من نصيب الحشرات والقوارض حيث لا تجد الأم العزباء سبيلا للتخلص من مولودها سوى تركه بمصب فضلات أو تحت قنطرة يواجه مصيره بنفسه ويدفع "فاتورة" خطأ لم تكن له يد فيه والأوفر حظا يتم ايداعهم بقرى الاطفال ويتم تبنيهم من قبل عائلات.
تونس في المرتبة الثانية..
يرجع الكثيرون سبب الانحاب خارج أطر الزواج الى تأخر سن الزواج أو العزوف عنه، حيث أفاد مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث أن تونس احتلت المرتبة الثانية في دراسة حول تأخر سن الزواج لدى الفتيات في الوطن العربي.
وارتفعت نسبة تأخر سن الزواج في تونس إلى نحو 81 في المائة، ويأتي تصنيف تونس بعد لبنان التي فاقت نسبة تأخر سن الزواج فيها 85 بالمائة.
وخلص المركز إلى أن نسبة تأخر سن الزواج لدى الفتيات في الوطن العربي تفاقمت بسبب ظهور وانتشار جائحة كورونا (كوفيد-19) خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى تغيّر أولويات نسب كبيرة من الفتيات العربيات حيث أصبحت كثيرات منهن تبحثن عن إثبات ذاتهن ومساعدة أسرهن قبل الارتباط خاصة بعد زيادة تكلفة الزواج وتراجع مقدرة ودخل الأسر التي تجعل الفتيات يتنافسن مع الشباب للمساعدة في إعالة عائلاتهن.
وعلى صعيد آخر باتت نسبة كبيرة من الإناث بفضل تحسن نسب التعليم والإقبال على العمل يفضلن إثبات ذواتهن وتحقيق طموحاتهن قبل الزواج خصوصا مع رصد تفوق مستمر للإناث على حساب الذكور في استكمال الدراسات العليا.
كما باتت نسب لا بأس بها من الفتيات والنساء تخيرن الانفصال عن الأسرة وتقبل على خيار الهجرة كوجهة للعمل أو التعليم حيث تم زيادة رصد هجرة الإناث سنويا خاصة في الدول محدودة الدخل.
الظاهرة من منظور علم الاجتماع..
وبالرجوع للحديث عن ظاهرة الأمهات العازبات ببلادنا أفاد الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد إنه في بيئة اجتماعية وثقافية يحتل فيها الهوس والاهتمام الجنسي المرضي حيزا كبيرا من اهتماماتنا ونقاشاتنا، ليس من الغريب أن تتحول ظاهرة الدعارة والبغاء إلى ظاهرة اجتماعية ملفتة للانتباه، وبالتالي تتحول هذه الظاهرة من مجرد ممارسة شخصية خارج القانون إلى ظاهرة اجتماعية تمثل الوجه الآخر للدعوات المتكررة للزواج العرفي والزواج بأربع والزواج بالقاصرات وجهاد النكاح وممارسات الاغتصاب وكلها ظواهر تنتج كل يوم مزيدا من الأمهات العازبات اللواتي تتخلين عن أبنائهن حال ولادتهم.
الجوع الجنسي..
فحين يرتبط الهوس والجوع الجنسي عند الرجال بجوع المال عند النساء وحين يكون بلدنا مرتعا لكل شبكات الجريمة المنظمة وحين تغلق الأبواب في وجه طيف كثير من التونسيين تصبح الدعارة هي الوجه الآخر للازمة الاقتصادية والقيمية والأمنية التي تعيشها تونس.
"حمّى" العلاقات الجنسية..
إن إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج ممكنة ومتاحة، نظراً لتوفر عامل الاختلاط في جميع الفضاءات الاجتماعية فمن الناحية العملية تعتبر العلاقات الجنسية الحرة أمراً متاحاً لمن يريد خصوصا مع تأخر سن الزواج والعزوف عنه وفق الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد لكن هذا الإقبال على العلاقات الحرة يترافق عموما مع غياب الحد الأدنى من الثقافة الجنسية العلمية الكفيلة بتجنيب من يمارسها الإصابة بالأمراض والحمل غير المرغوب فيه وهذا ما يجعل من هذه الممارسات إما سببا للأمراض المنقولة جنسيا أو سببا في إنجاب مولود خارج إطار الزواج.
وعند وقوعنا في هذا «المأزق» فإننا نحاول البحث عن صيغة للتخلص من هذا الزائر غير المرغوب فيه وأول هذه الصيغ هو رميه والتخلي عنه.
قانون المجتمع..
قد نبدو للوهلة الأولى عصريين من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا، لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا في غفلة منا هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم " الحرام والحلال" حجر الزاوية فعادة ما ينظر إلى المرأة التي تنجب خارج إطار الزواج على أنها نوع من العبء والعار على عائلتها وأقاربها ومعارفها وحتى حيها ومدينتها وبالتالي تتراوح ردود فعل المحيط الاجتماعي تجاهها بين التجاهل والازدراء والاحتقار بحيث يقع رفضهن كزوجات أو كصديقات أو حتى كعاملات أو موظفات في مؤسسة معينة رغم أن الأغلبية سواسية في هذه الممارسة ولكن في الخفاء وليس في العلن وهذا ما يؤكد نفاق هذا المجتمع وانفصامه النفسي والثقافي حين يسرع للإدانة والتشهير دون أن يكون جديرا بذلك.
تداخل الأدوار..
وفي قراءته للظاهرة قال الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد إن المجتمع التونسي مجتمع تتداخل فيه الأدوار ولا تنطبق فيه الأسماء على المسميات ولا تنطبق فيه الأقوال على الأفعال.
مواقف تؤكد أن التونسي يحمل في ذات الوقت الشيء ونقيضه في تعايش وانسجام غريبين إذ نجد التونسي تقدميا ورجعيا في نفس الوقت، متشددا ومتسامحا، "دينولائكيا" يقدر الثقافة والعلم ويمارس عكسهما، هذا هو حال التونسي وكما يقول المثل الشعبي"يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي."
تحمل المسؤولية..
إذا كان الأولياء الذين ينجبون أبناءهم في إطار الزواج يتفصون من مسؤولياتهم تجاه أبنائهم رغم أنه واجب أخلاقي وقانوني فما بالك بالأولياء الذين ينجبونهم خارج إطار الزواج فالتفصي من المسؤولية والاستقالة الوالدية رياضة وطنية في تونس وفق الباحث طارق بالحاج محمد مضيفا أن هذه الظاهرة تكتسب خطورتها مما ينتج عنها من آثار نفسية وخاصة على النساء اللواتي تورطن فيه ومن الأبناء الذين يمكن أن يأتوا نتيجة هذه التجربة والذين لن يجدوا قانونا يحميهم أو يعطيهم حقوقهم أو حتى يثبت نسبهم، فهم في إطار المنظومة القانونية القائمة يعتبرون أبناء خارج إطار الزواج وبالتالي فهم عبارة عن حالات اجتماعية أكثر منهم أبناء شرعيين وهذا مشكل إضافي يمكن أن يزيد العبء على المجتمع المنهك والمتذبذب أصلا، فإضافة إلى الأطفال فاقدي النسب والسند العائلي الموجودين في المجتمع، فان هذه النوعية الجديدة من المواليد ستزيد في أعداد هذه الفئة المهمشة فلا هم قادرون على التمتع بالحماية القانونية والاجتماعية والتربوية لآبائهم ولا هم قادرون على عيش حياة طبيعية في مجتمع يزدريهم ولا يعترف بهم قانونيا.