يكفيك أن تجلس بعض الوقت في أحد المقاهي على امتداد الطريق الرئيسي للخروج من مدينة القصرين باتجاه صفاقس والساحل والعاصمة لتقف على حجم المهاجرين الأفارقة الوافدين من الحدود الغربية.
وبشهادة أهل الجهة هناك فإن الأعداد في تزايد، أين أصبح مشهد مرور مجموعات من المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء (رجالا ونساء وأطفالا) قادمين من الحدود الجزائرية- التونسية (على مستوى ولايتي القصرين والكاف) مألوفا ويسجل باستمرار.
كما يضطر هؤلاء المهاجرون إلى قطع طرق صحراوية والسير لمسافات طويلة دون ماء وطعام قبل الوصول إلى تونس وغالبا ما يصلون في حالة إجهاد وإنهاك وبعضهم مصاب بأمراض.
وتسجل حالات وفيات في صفوفهم كما أصبح المستشفي الجهوي في القصرين يستقبل باستمرار أعدادا من المهاجرين الأفارقة لتلقى الإسعافات والعناية الطبية اللازمة. على غرار ما سجل مؤخرا اثر تحويل 4 جثث لمهاجرين غير نظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء لمستشفي الجهة لعرضها على الطبيب الشرعي إثر العثور عليها بمنطقة الصرّي في معتمدية حيدرة على الحدود التونسية الجزائرية استنادا لما صرح به المدير الجهوي للصحة بالقصرين عبد الغني الشعباني.
ورجح الشعباني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن "يكون المهاجرون قد توفوا جراء البرد والعطش والجوع والإرهاق في انتظار صدور التقرير النهائي للطبيب الشرعي".
مضيفا أن"9 أشخاص من إفريقيا جنوب الصحراء غادروا الاثنين قسم الاستعجالي بالمستشفى المحلي بحيدرة بعد تلقيهم الإسعافات اللازمة فيما لا يزال شخصان آخران تحت المراقبة الصحية".
قال أيضا المدير الجهوي للصحة بالقصرين إن "المستشفى الجهوي بالقصرين استقبل مؤخرًا عددًا من الأفارقة من جنوب الصحراء يحملون إصابات مختلفة وكسورًا، داعيًا السلط المعنية للتدخل وتوفير الإحاطة اللازمة للمهاجرين غير النظاميين المصابين خاصة بعد مغادرتهم المستشفيات في ظل غياب مراكز إيواء لهم".
مخاوف
أبدت أيضا مصالح الصحة الجهوية بالقصرين بعض المخاوف من نقل المهاجرين من جنوب الصحراء لأمراض معدية. فقد حذر المعتمد الأول بالقصرين من "خطورة التدفق المتواصل للمهاجرين غير النظاميين على الجهة القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خاصة بعد رصد السلطات الجزائرية إصابات بداء السل في صفوفهم".
وأوضح الحامدي في تصريح إعلامي الأربعاء الفارط أنه "تم في الآونة الأخيرة توجيه برقيات للمعتمدين لتكوين لجان يقظة ومتابعة وإيلاء هذا الموضوع الحساس الأهمية التي يستحقها مع إعلام المدير الجهوي للصحة، لاتخاذ جميع التدابير الصحية اللازمة لمنع انتشار هذا المرض في الجهة"..
وأفاد الحامدي أنه تم خلال يومي الاثنين والثلاثاء العثور على 9 جثث لمهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء مفارقين للحياة منها جثة تم العثور عليها في بئر بعمق 4 أمتار وبعد عرض الجثث على الطبيب الشرعي تأكد أنها غير حاملة لداء السل وتم التعرف على هويات 4 منها و 5 جثث أخرن لم يتم التعرف عليها وتم دفنها بمقبرة بمعتمدية حيدرة" .
تنديد
إلى جانب المخاوف المشروعة من الأعباء التي قد تتحملها تونس نتيجة توافد هذه الأعداد الكبيرة من المهاجرين الأفارقة يطرح موت بعضهم عطشا وجوعا وبردا تحديات إنسانية تؤكد مرة أخرى حجم الأزمة والمأساة وثقل الموضوع والحاجة الملحة لمعالجته وطنيا وإقليميا بطرق ناجعة وعادلة.
وكان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد أصدر بيانا الأربعاء الفارط عبر فيه عن إدانته الشديدة لـ"الصمت الرسمي على مآسي الهجرة وسياسات عسكرة الحدود والتطبيع مع الموت برا وبحرا "وذلك اثر العثور على 9 جثث لمهاجرين غير نظاميين في القصرين.
واعتبر المنتدى في بيان صادر عنه نشره على موقعه ان ”هذه المأساة تستوجب استجابة إنسانية من الدولة وأجهزتها لتخفيف العبء عن ضحايا السياسات الهجرية القاتلة للاتحاد الأوروبي التي صادرت حق التنقل لشعوب دول الجنوب.”
لا سيما وأن "المهاجرين يقطعون مسافات كبيرة في مناخ قاس لأسباب متعددة ومعقدة هربا من الحروب والمآسي والظروف الاقتصادية والتغييرات المناخية… ويواجهون الموت بأجساد هزيلة ويتعرضون لشتى المخاطر وخاصة منهم النساء والأطفال ويتنقلون في خوف وتحت رحمة المهربين وقسوة المناخ".
مركز استقبال
وجدد المنتدى دعوته "لتركيز منظومة استقبال وتوجيه إنساني على الحدود الجزائرية التونسية تضمن تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية لضحايا طرقات الهجرة القاتلة" ومزيد “تضامن الشعوب ضد سياسات تصدير الحدود وامننة قضايا الهجرة وضد عنف الحدود”.
تجدر الإشارة إلى أن موضوع عودة المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء إلى بلدانهم كان مؤخرا محور لقاء وزير الداخلية كمال الفقي مع مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون ووفد مرافق لها.
كما كانت تونس قد أصدرت بيانا مؤخرا إثر موجة الاتهامات الدولية حول موضوع معاملة المهاجرين الأفارقة أكدت فيه أن "تونس تعبر عن استغرابها من مضمون وتوقيت صدور بيان لجنة الأمم المتّحدة للقضاء على التّمييز العنصري حول وضعيّة المهاجرين في البلاد، مما يتطلب من الأجهزة والهيئات الأمميّة تحرّي الموضوعيّة في بياناتها المتعلقة بهذا الملف".
ودعت تونس وفق بيان نشرته وزارة الشؤون الخارجية الخميس 6 أفريل الفارط الى "التّعامل مع مسألة الهجرة وفق مقاربة شاملة يتسنى من خلالها حل مشاكل الهجرة وجعلها هجرة آمنة وكريمة ونظامية في كنف احترام سيادة الدّول ومصالح شعوبها".
مؤكدة انه" تم تعزيز الإحاطة بهم وتكثيف المساعدات الاجتماعيّة والصّحيّة لفائدتهم وردع كل أنواع الاتجار بالبشر والحد من ظاهرة استغلال المهاجرين غير النظاميين، ووضع رقم أخضر للإبلاغ عن أيّ تجاوز في حق المهاجرين"
م.ي
تونس-الصباح
يكفيك أن تجلس بعض الوقت في أحد المقاهي على امتداد الطريق الرئيسي للخروج من مدينة القصرين باتجاه صفاقس والساحل والعاصمة لتقف على حجم المهاجرين الأفارقة الوافدين من الحدود الغربية.
وبشهادة أهل الجهة هناك فإن الأعداد في تزايد، أين أصبح مشهد مرور مجموعات من المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء (رجالا ونساء وأطفالا) قادمين من الحدود الجزائرية- التونسية (على مستوى ولايتي القصرين والكاف) مألوفا ويسجل باستمرار.
كما يضطر هؤلاء المهاجرون إلى قطع طرق صحراوية والسير لمسافات طويلة دون ماء وطعام قبل الوصول إلى تونس وغالبا ما يصلون في حالة إجهاد وإنهاك وبعضهم مصاب بأمراض.
وتسجل حالات وفيات في صفوفهم كما أصبح المستشفي الجهوي في القصرين يستقبل باستمرار أعدادا من المهاجرين الأفارقة لتلقى الإسعافات والعناية الطبية اللازمة. على غرار ما سجل مؤخرا اثر تحويل 4 جثث لمهاجرين غير نظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء لمستشفي الجهة لعرضها على الطبيب الشرعي إثر العثور عليها بمنطقة الصرّي في معتمدية حيدرة على الحدود التونسية الجزائرية استنادا لما صرح به المدير الجهوي للصحة بالقصرين عبد الغني الشعباني.
ورجح الشعباني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن "يكون المهاجرون قد توفوا جراء البرد والعطش والجوع والإرهاق في انتظار صدور التقرير النهائي للطبيب الشرعي".
مضيفا أن"9 أشخاص من إفريقيا جنوب الصحراء غادروا الاثنين قسم الاستعجالي بالمستشفى المحلي بحيدرة بعد تلقيهم الإسعافات اللازمة فيما لا يزال شخصان آخران تحت المراقبة الصحية".
قال أيضا المدير الجهوي للصحة بالقصرين إن "المستشفى الجهوي بالقصرين استقبل مؤخرًا عددًا من الأفارقة من جنوب الصحراء يحملون إصابات مختلفة وكسورًا، داعيًا السلط المعنية للتدخل وتوفير الإحاطة اللازمة للمهاجرين غير النظاميين المصابين خاصة بعد مغادرتهم المستشفيات في ظل غياب مراكز إيواء لهم".
مخاوف
أبدت أيضا مصالح الصحة الجهوية بالقصرين بعض المخاوف من نقل المهاجرين من جنوب الصحراء لأمراض معدية. فقد حذر المعتمد الأول بالقصرين من "خطورة التدفق المتواصل للمهاجرين غير النظاميين على الجهة القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خاصة بعد رصد السلطات الجزائرية إصابات بداء السل في صفوفهم".
وأوضح الحامدي في تصريح إعلامي الأربعاء الفارط أنه "تم في الآونة الأخيرة توجيه برقيات للمعتمدين لتكوين لجان يقظة ومتابعة وإيلاء هذا الموضوع الحساس الأهمية التي يستحقها مع إعلام المدير الجهوي للصحة، لاتخاذ جميع التدابير الصحية اللازمة لمنع انتشار هذا المرض في الجهة"..
وأفاد الحامدي أنه تم خلال يومي الاثنين والثلاثاء العثور على 9 جثث لمهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء مفارقين للحياة منها جثة تم العثور عليها في بئر بعمق 4 أمتار وبعد عرض الجثث على الطبيب الشرعي تأكد أنها غير حاملة لداء السل وتم التعرف على هويات 4 منها و 5 جثث أخرن لم يتم التعرف عليها وتم دفنها بمقبرة بمعتمدية حيدرة" .
تنديد
إلى جانب المخاوف المشروعة من الأعباء التي قد تتحملها تونس نتيجة توافد هذه الأعداد الكبيرة من المهاجرين الأفارقة يطرح موت بعضهم عطشا وجوعا وبردا تحديات إنسانية تؤكد مرة أخرى حجم الأزمة والمأساة وثقل الموضوع والحاجة الملحة لمعالجته وطنيا وإقليميا بطرق ناجعة وعادلة.
وكان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد أصدر بيانا الأربعاء الفارط عبر فيه عن إدانته الشديدة لـ"الصمت الرسمي على مآسي الهجرة وسياسات عسكرة الحدود والتطبيع مع الموت برا وبحرا "وذلك اثر العثور على 9 جثث لمهاجرين غير نظاميين في القصرين.
واعتبر المنتدى في بيان صادر عنه نشره على موقعه ان ”هذه المأساة تستوجب استجابة إنسانية من الدولة وأجهزتها لتخفيف العبء عن ضحايا السياسات الهجرية القاتلة للاتحاد الأوروبي التي صادرت حق التنقل لشعوب دول الجنوب.”
لا سيما وأن "المهاجرين يقطعون مسافات كبيرة في مناخ قاس لأسباب متعددة ومعقدة هربا من الحروب والمآسي والظروف الاقتصادية والتغييرات المناخية… ويواجهون الموت بأجساد هزيلة ويتعرضون لشتى المخاطر وخاصة منهم النساء والأطفال ويتنقلون في خوف وتحت رحمة المهربين وقسوة المناخ".
مركز استقبال
وجدد المنتدى دعوته "لتركيز منظومة استقبال وتوجيه إنساني على الحدود الجزائرية التونسية تضمن تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية لضحايا طرقات الهجرة القاتلة" ومزيد “تضامن الشعوب ضد سياسات تصدير الحدود وامننة قضايا الهجرة وضد عنف الحدود”.
تجدر الإشارة إلى أن موضوع عودة المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء إلى بلدانهم كان مؤخرا محور لقاء وزير الداخلية كمال الفقي مع مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون ووفد مرافق لها.
كما كانت تونس قد أصدرت بيانا مؤخرا إثر موجة الاتهامات الدولية حول موضوع معاملة المهاجرين الأفارقة أكدت فيه أن "تونس تعبر عن استغرابها من مضمون وتوقيت صدور بيان لجنة الأمم المتّحدة للقضاء على التّمييز العنصري حول وضعيّة المهاجرين في البلاد، مما يتطلب من الأجهزة والهيئات الأمميّة تحرّي الموضوعيّة في بياناتها المتعلقة بهذا الملف".
ودعت تونس وفق بيان نشرته وزارة الشؤون الخارجية الخميس 6 أفريل الفارط الى "التّعامل مع مسألة الهجرة وفق مقاربة شاملة يتسنى من خلالها حل مشاكل الهجرة وجعلها هجرة آمنة وكريمة ونظامية في كنف احترام سيادة الدّول ومصالح شعوبها".
مؤكدة انه" تم تعزيز الإحاطة بهم وتكثيف المساعدات الاجتماعيّة والصّحيّة لفائدتهم وردع كل أنواع الاتجار بالبشر والحد من ظاهرة استغلال المهاجرين غير النظاميين، ووضع رقم أخضر للإبلاغ عن أيّ تجاوز في حق المهاجرين"