إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية .. البرلمان لم يشرع بعد في ممارسة وظائفه الدستورية.. وخلافات تشق صفوف نوابه

 

تونس- الصباح

بعد مرور أكثر من خمسة أشهر عن تنظيم الانتخابات التشريعية وأكثر من شهرين عن جلسته العامة الافتتاحية، لم يشرع مجلس نواب الشعب إلى غاية اليوم في ممارسة المهام التي أوكلها له الدستور بصفة فعليه وأهمها وظيفة التشريع، فهو يعمل بنسق بطيء للغاية، إذ أنه استغرق وقتا طويلا في إعداد نظامه الداخلي، وبعد مصادقته على النظام الداخلي كان لا بد من تكوين الكتل البرلمانية، وحتى بعد الإعلان عن الكتل وجد صعوبة في توزيع المسؤوليات داخل هياكله، إذ بدأت الخلافات بين نوابه المنتمين إلى كتل حزبية ومستقلة وبين نوابه غير المنتمين تطفو على السطح، وبلغ الأمر بالعديد من النواب غير المنتمين إلى الانسحاب قبل يومين من قاعة الجلسة العامة في حركة احتجاجية على هضم حقوقهم من قبل زملائهم المتحزبين والمتجمعين في كتل نيابية وهناك منهم من وجه اتهاما صريحا لرئيس المجلس إبراهيم بودربالة بخرق النظام الداخلي وتعطيل المسار، في حين كان بودرابلة قد شدد خلال الجلسة العامة المنعقدة أول أمس على أنه لا بد من الاتفاق على أنه سبيل لتعطيل أعمال المجلس وتعطيل استكمال هياكل المجلس لكي يتمكن المجلس من الانطلاق في ممارسة مهامه الدستورية.

أما النائب هشام حسني فقال إنه يوجد استهداف للنواب غير المنتمين إلى كتل ممن اختاروا نهج الاستقلالية والقطع مع المحاصصات الحزبية التي كانت موجودة في البرلمانات السابقة وشوهت المشهد السياسي.

 وإضافة إلى انسحابهم من الجلسة العامة قال النواب غير المنتمين إلى كتل في بيان وجهوه للرأي العام إنه إثر الخرق الواضح للنظام الداخلي و ما تمت مشاهدته من قبلهم ومن قبل الشعب التونسي من رغبة رئيس مجلس نواب الشعب في توجيه عملية التصويت لصالح الكتل على حساب النواب غير المنتمين للكتل و ذلك عبر قرار من الجلسة العامة ينسخ فصلا صريح الدلالة من النظام الداخلي" الفصل 14"، فإنهم يؤكدون على تمسكهم بروح دستور 25 جويلية 2022 والقانون الانتخابي القائم على التصويت على الأفراد ، ويعبرون عن رفضهم  نظام المحاصصة  الذي عانت منه تونس طيلة العشرية الماضية ويعلنون عن عدم انخراطهم في كل المسؤوليات داخل مكتب المجلس ومكاتب اللجان القارة السيادية و ندوة الرؤساء ويتمسكون بالعمل بما جاء به النظام الداخلي و الدستور وخدمة الشعب كأعضاء داخل اللجان ما لم يتم التراجع عما وصفوه بالخرق الجسيم اللاقانوني و اللادستوري.

وبالعودة إلى الملاحظات التي قدمها العديد من المختصين في القانون الدستوري والقوانين الانتخابية بخصوص مكانة النائب في النظام السياسي الجديد  تبدو مبررات النواب غير المنتمين إلى كتل في محلها، إذ أن انتخابهم تم على الأفراد وليس على قائمات حزبية أو ائتلافية وبهذا المعنى فإن حظوظ جميع النواب يجب أن تكون متساوية عندما يتعلق الأمر بتولي مسؤوليات صلب هياكل المجلس النيابي سواء في مكتب المجلس أو لجانه أو ندوة الرؤساء وليس هناك أفضلية لأحدهم على الآخر خاصة في ظل وجود آلية سحب الوكالة.    ولكن في المقابل هناك من الدارسين من يرون أن العمل النيابي يقوم بالأساس على وجود كتل حزبية أو مستقلة ومن المستحسن أن تكون هذه الكتل كبيرة عدديا ومتماسكة وقوية بتآلف أعضائها وتوافقهم وتقاسمهم نفس الرؤى والأفكار والتوجهات والخيارات، وهذا الموقف تبناه الكثير من النواب بمناسبة نقاش نظام الداخلي إذ اتجهت الأغلبية نحو إقرار الكتل مع منح النائب حرية الاختيار في الانتماء إلى كتلة نيابية من عدمه.

توزيع المناصب

لفهم أصل الخلاف داخل البرلمان، لا بد من الإشارة إلى أن الجلسة العامة للمجلس المنعقدة مساء الثلاثاء الماضي صادقت على مقترح قدمه رؤساء الكتل بخصوص مسار تركيز مختلف الهياكل النيابية وكانت نتيجة التصويت على هذا المقترح 100 نعم و1 لا وصفر محتفظ، ونص هذا المقترح على أنه في إطار الحرص على إنجاح مسار تركيز مختلف الهياكل النيابية واستكمال ما يتطلّبه تشكيل مكتب المجلس على وجه الخصوص وذلك لما يضطلع به من صلاحيات هامة مرتبطة بحسن سير دواليب المجلس وضمان النجاعة المطلوبة لأشغاله، وإذ تنص الفقرة الأولى من الفصل 31 من النظام الداخلي على أنه يتم اعتماد النواب المساعدين للرئيس، ما عدا نائبيه، بالتمثيل النسبي. وللكتل الأكثر أعضاء الأولوية في اختيار المسؤوليات بالتناوب واحدة بواحدة ويراعى في ذلك حصة مجموع غير المنتمين، وحيث نظّمت أحكام النظام الداخلي حقوق غير المنتمين من خلال التنصيص على مراعاتها في عملية إسناد الحصص على هذا المنوال، وبالنظر إلى أنّ الحصول على مقعد بمكتب المجلس يتطلّب توفّر عدد 17 عضوا للكتلة أو لغير المنتمين، وحيث ينطبق هذا الشرط على مجموع النواب غير المنتمين إلى كتل، ولتفادي تعطيل أشغال الجلسة العامة والمجلس ككل. وفي صورة عدم وصول مجموع غير المنتمين إلى اتفاق على أساس الشرط المذكور أعلاه قبل رفع أشغال هذه الجلسة المفتوحة مع تقديم قائمة ممضاة من النواب غير المنتمين تنص على تفويض النائب المترشح لعضوية مكتب المجلس من غير المنتمين، فإنه يتم الإعلان مباشرة بما تمّ مدّ رئاسة الجلسة به من ترشيحات من مختلف الكتل على القاعدة المذكورة أعلاه، ويقترح عرض هذا المقترح على التصويت بالأغلبية المطلقة للأعضاء.

وإثر التصويت على هذا المقترح تم رفع  الجلسة العامة ودعوة رؤساء الكتل وغير المنتمين لتقديم ترشحاتهم لعضوية مكتب المجلس وفق مقتضيات الفصل 40 من النظام الداخلي الذي نص على أن يتكون مكتـب المجلـس مـن رئـيس مجلـس نـواب الشـعب رئيسـا ومـن نائبيْـه ومن عشـرة نواب مساعدين للرئيس مكلفين تباعا بشؤون التّشريع، بالعلاقات مع رئاسة الجمهورية والحكومة، بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية والوطنية، بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة، بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني، بالإعلام والاتصال، بالتصرّف العام، بالإصلاحات الكبرى، بشؤون النواب.

وعند استئناف الجلسة العامة أعلن  ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نوّاب الشعب على أن اعتماد النواب المساعدين للرئيس، مـا عدى نائبَيْه، يتم بالتمثيل النسبي. وللكُتل الأكثر أعضاء الأولوية في اختيار المسؤوليات بالتناوب واحدة بواحدة. ويُراعى في ذلك حصة مجموع غير المُنتمين، وقال إنه وقع احتساب الحصص في عضوية مكتب المجلس المتكوّن من الرئيس ونائبيه ومن عشرة نواب مساعدين للرئيس على أساس أحكام الفصل 40 من النظام الداخلي، وتبعا لذلك فإن كتلة الخط الوطني السيادي  رشحت النائب بدر الدين القمودي لعضوية مكتب مجلس نواب الشعب وكتلة لينتصر الشعب رشحت النائب ايمن  البوغديري  أما كتلة صوت الجمهورية فقد رشحت النائب عزالدين التايب والنائب محمد أمين الورغي، وبالنسبة إلى كتلة الأحرار فإنها رشحت النائبة سيرين المرابط أما كتلة الأمانة والعمل" فقد رشحت النائب حسام محجوب في حين قامت الكتلة الوطنية المستقلة بترشيح النائبين سامي بن عبد العالي والفاضل بن تركية . وبخصوص غير المنتمين إلى كتل فإنهم لم يقدموا أي مترشح، وقال بودربالة إنه تم تخصيص مقعدين في مكتب المجلس لمجموعة النواب غير المنتمين إلى كتل وإنه تم تحديد يوم الجمعة 19 ماي الجاري على الساعة منتصف النهار كآخر أجل لتقديم ترشحاتهم وإلا فسيستأنف توزيع الحصص..

كما أعلن عن حصص الكتل النيابية وغير المنتمين إلى كتل  في عضوية اللجان ففي لجنتي التشريع العام والمالية والميزانية  ستكون كتلة صوت الجمهورية ممثلة بعضوين ونفس الشيء بالنسبة الكتلة الوطنية المستقلة وكتلة الأمانة والعمل وكتلة الأحرار وكتلة لينتصر الشعب وكتلة الخط الوطني السيادي أما غير المنتمين إلى كتل فتقتصر حصتهم على ثلاثة أعضاء، وبالنسبة إلى بقية اللجان القارة فحظيت كتلة صوت الجمهورية في 8 لجان بمقعدين وبمقعد واحد في اللجان الثلاث المتبقية، وكان نصيب الكتلة الوطنية المستقلة مقعدين اثنين في ثلاث لجان ومقعد واحد في ثمانية لجان وبالنسبة إلى كتلة الأمانة والعمل فضبط عدد المقاعد المخصصة لها بمقعدين اثنين في أربع لجان ومقعد واحد في 7 لجان، وكان نصيب كتلة الأحرار مقعدين اثنين في لجنتين و مقعد واحد في 9 لجان بينما حددت حصة كتلة لينتصر الشعب بمقعد واحد في 10 لجان ونفس الشيء بالنسبة إلى كتلة الخط الوطني السيادي التي يرأسها النائب يوسف طرشون، وتم إسناد غير المنتمين إلى كتل بين مقعد وحيد و3 مقاعد في مختلف اللجان على أن يضبط ذلك بعد أن يتم استكمال توزيع المقاعد الراجعة بالنظر الى الكتل.

وبعد الإعلان عن هذه الحصص تمت دعوة الكتل النيابية إلى الاجتماع ومواصلة النظر في توزيع المسؤوليات داخل مكتب المجلس واللجان.

تواصل الأزمة

واستأنفت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بعد ظهر أمس أشغالها دون أن يقع الحسم في الخلاف المتعلق بضبط حصص الكتل وغير المنتنين إلى كتل في هياكل المجلس، وأعلن بودربالة خلال هذه الجلسة على  أسماء أعضاء مكتب مجلس نواب الشعب وهم على التالي : مساعد رئيس المجلس مكلّف بشؤون التّشريع حسام محجوب وهو ينتمي إلى كتلة الأمانة والعمل، مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات مع رئاسة الجمهورية والحكومة سامي بن عبد العالي وهو ينتمي إلى الكتلة الوطنية المستقلة، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات مع الوظيفة القضائية والهيئات الدستورية والوطنية بدر الدين القمودي وهو ينتمي إلى كتلة الخط الوطني السيادي، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم ايمن  البوغديري وهو من كتلة لينتصر الشعب، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة عزالدين التايب وهو من كتلة صوت الجمهورية، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني محمد أمين الورغي وهو أيضا من كتلة صوت الجمهورية، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالإعلام والاتصال سيرين المرابط وهي من كتلة الأحرار، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالتصرّف العام الفاضل بن تركية وهو من الكتلة الوطنية المستقلة وبقيت خطة نائب مساعد مكلف بالإصلاحات الكبرى وخطة نائب للرئيس مكلف بشؤون النواب شاغرتين في انتظار ما ستسفر عنه النقاشات في صفوف النواب غير المنتنين إلى كتل.

ولانتخاب اللجان البرلمانية من المنتظر وحسب ما أشار إليه بودربالة أن يعقد مجلس نواب الشعب بداية من يوم الثلاثاء 23 ماي الجاري جلسة عامة مسترسلة،  والسؤال المطروح هو ماذا لو لم يقع البت في الخلاف بين المنتمين إلى كتل وغير المنتمين فهل سيعاد توزيع عدد المقاعد من جديد  لأن النظام الداخلي نص بوضوح على أن تتكوّن كلّ من لجنة التشريع العام ولجنة المالية والميزانية من خمسة عشر عضوا وتتكوّن بقية اللجان القارة من عدد أعضاء لا يقلّ عن عشرة ولا يزيد عن إحدى عشر عضوا ويتمّ تكوين اللّجان وفق قاعدة الانتخاب بالجلسة العامة مع مراعاة التمثيل النسبي.

سعيدة بوهلال

بعد خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية .. البرلمان لم يشرع بعد في ممارسة وظائفه الدستورية.. وخلافات تشق صفوف نوابه

 

تونس- الصباح

بعد مرور أكثر من خمسة أشهر عن تنظيم الانتخابات التشريعية وأكثر من شهرين عن جلسته العامة الافتتاحية، لم يشرع مجلس نواب الشعب إلى غاية اليوم في ممارسة المهام التي أوكلها له الدستور بصفة فعليه وأهمها وظيفة التشريع، فهو يعمل بنسق بطيء للغاية، إذ أنه استغرق وقتا طويلا في إعداد نظامه الداخلي، وبعد مصادقته على النظام الداخلي كان لا بد من تكوين الكتل البرلمانية، وحتى بعد الإعلان عن الكتل وجد صعوبة في توزيع المسؤوليات داخل هياكله، إذ بدأت الخلافات بين نوابه المنتمين إلى كتل حزبية ومستقلة وبين نوابه غير المنتمين تطفو على السطح، وبلغ الأمر بالعديد من النواب غير المنتمين إلى الانسحاب قبل يومين من قاعة الجلسة العامة في حركة احتجاجية على هضم حقوقهم من قبل زملائهم المتحزبين والمتجمعين في كتل نيابية وهناك منهم من وجه اتهاما صريحا لرئيس المجلس إبراهيم بودربالة بخرق النظام الداخلي وتعطيل المسار، في حين كان بودرابلة قد شدد خلال الجلسة العامة المنعقدة أول أمس على أنه لا بد من الاتفاق على أنه سبيل لتعطيل أعمال المجلس وتعطيل استكمال هياكل المجلس لكي يتمكن المجلس من الانطلاق في ممارسة مهامه الدستورية.

أما النائب هشام حسني فقال إنه يوجد استهداف للنواب غير المنتمين إلى كتل ممن اختاروا نهج الاستقلالية والقطع مع المحاصصات الحزبية التي كانت موجودة في البرلمانات السابقة وشوهت المشهد السياسي.

 وإضافة إلى انسحابهم من الجلسة العامة قال النواب غير المنتمين إلى كتل في بيان وجهوه للرأي العام إنه إثر الخرق الواضح للنظام الداخلي و ما تمت مشاهدته من قبلهم ومن قبل الشعب التونسي من رغبة رئيس مجلس نواب الشعب في توجيه عملية التصويت لصالح الكتل على حساب النواب غير المنتمين للكتل و ذلك عبر قرار من الجلسة العامة ينسخ فصلا صريح الدلالة من النظام الداخلي" الفصل 14"، فإنهم يؤكدون على تمسكهم بروح دستور 25 جويلية 2022 والقانون الانتخابي القائم على التصويت على الأفراد ، ويعبرون عن رفضهم  نظام المحاصصة  الذي عانت منه تونس طيلة العشرية الماضية ويعلنون عن عدم انخراطهم في كل المسؤوليات داخل مكتب المجلس ومكاتب اللجان القارة السيادية و ندوة الرؤساء ويتمسكون بالعمل بما جاء به النظام الداخلي و الدستور وخدمة الشعب كأعضاء داخل اللجان ما لم يتم التراجع عما وصفوه بالخرق الجسيم اللاقانوني و اللادستوري.

وبالعودة إلى الملاحظات التي قدمها العديد من المختصين في القانون الدستوري والقوانين الانتخابية بخصوص مكانة النائب في النظام السياسي الجديد  تبدو مبررات النواب غير المنتمين إلى كتل في محلها، إذ أن انتخابهم تم على الأفراد وليس على قائمات حزبية أو ائتلافية وبهذا المعنى فإن حظوظ جميع النواب يجب أن تكون متساوية عندما يتعلق الأمر بتولي مسؤوليات صلب هياكل المجلس النيابي سواء في مكتب المجلس أو لجانه أو ندوة الرؤساء وليس هناك أفضلية لأحدهم على الآخر خاصة في ظل وجود آلية سحب الوكالة.    ولكن في المقابل هناك من الدارسين من يرون أن العمل النيابي يقوم بالأساس على وجود كتل حزبية أو مستقلة ومن المستحسن أن تكون هذه الكتل كبيرة عدديا ومتماسكة وقوية بتآلف أعضائها وتوافقهم وتقاسمهم نفس الرؤى والأفكار والتوجهات والخيارات، وهذا الموقف تبناه الكثير من النواب بمناسبة نقاش نظام الداخلي إذ اتجهت الأغلبية نحو إقرار الكتل مع منح النائب حرية الاختيار في الانتماء إلى كتلة نيابية من عدمه.

توزيع المناصب

لفهم أصل الخلاف داخل البرلمان، لا بد من الإشارة إلى أن الجلسة العامة للمجلس المنعقدة مساء الثلاثاء الماضي صادقت على مقترح قدمه رؤساء الكتل بخصوص مسار تركيز مختلف الهياكل النيابية وكانت نتيجة التصويت على هذا المقترح 100 نعم و1 لا وصفر محتفظ، ونص هذا المقترح على أنه في إطار الحرص على إنجاح مسار تركيز مختلف الهياكل النيابية واستكمال ما يتطلّبه تشكيل مكتب المجلس على وجه الخصوص وذلك لما يضطلع به من صلاحيات هامة مرتبطة بحسن سير دواليب المجلس وضمان النجاعة المطلوبة لأشغاله، وإذ تنص الفقرة الأولى من الفصل 31 من النظام الداخلي على أنه يتم اعتماد النواب المساعدين للرئيس، ما عدا نائبيه، بالتمثيل النسبي. وللكتل الأكثر أعضاء الأولوية في اختيار المسؤوليات بالتناوب واحدة بواحدة ويراعى في ذلك حصة مجموع غير المنتمين، وحيث نظّمت أحكام النظام الداخلي حقوق غير المنتمين من خلال التنصيص على مراعاتها في عملية إسناد الحصص على هذا المنوال، وبالنظر إلى أنّ الحصول على مقعد بمكتب المجلس يتطلّب توفّر عدد 17 عضوا للكتلة أو لغير المنتمين، وحيث ينطبق هذا الشرط على مجموع النواب غير المنتمين إلى كتل، ولتفادي تعطيل أشغال الجلسة العامة والمجلس ككل. وفي صورة عدم وصول مجموع غير المنتمين إلى اتفاق على أساس الشرط المذكور أعلاه قبل رفع أشغال هذه الجلسة المفتوحة مع تقديم قائمة ممضاة من النواب غير المنتمين تنص على تفويض النائب المترشح لعضوية مكتب المجلس من غير المنتمين، فإنه يتم الإعلان مباشرة بما تمّ مدّ رئاسة الجلسة به من ترشيحات من مختلف الكتل على القاعدة المذكورة أعلاه، ويقترح عرض هذا المقترح على التصويت بالأغلبية المطلقة للأعضاء.

وإثر التصويت على هذا المقترح تم رفع  الجلسة العامة ودعوة رؤساء الكتل وغير المنتمين لتقديم ترشحاتهم لعضوية مكتب المجلس وفق مقتضيات الفصل 40 من النظام الداخلي الذي نص على أن يتكون مكتـب المجلـس مـن رئـيس مجلـس نـواب الشـعب رئيسـا ومـن نائبيْـه ومن عشـرة نواب مساعدين للرئيس مكلفين تباعا بشؤون التّشريع، بالعلاقات مع رئاسة الجمهورية والحكومة، بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية والوطنية، بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة، بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني، بالإعلام والاتصال، بالتصرّف العام، بالإصلاحات الكبرى، بشؤون النواب.

وعند استئناف الجلسة العامة أعلن  ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نوّاب الشعب على أن اعتماد النواب المساعدين للرئيس، مـا عدى نائبَيْه، يتم بالتمثيل النسبي. وللكُتل الأكثر أعضاء الأولوية في اختيار المسؤوليات بالتناوب واحدة بواحدة. ويُراعى في ذلك حصة مجموع غير المُنتمين، وقال إنه وقع احتساب الحصص في عضوية مكتب المجلس المتكوّن من الرئيس ونائبيه ومن عشرة نواب مساعدين للرئيس على أساس أحكام الفصل 40 من النظام الداخلي، وتبعا لذلك فإن كتلة الخط الوطني السيادي  رشحت النائب بدر الدين القمودي لعضوية مكتب مجلس نواب الشعب وكتلة لينتصر الشعب رشحت النائب ايمن  البوغديري  أما كتلة صوت الجمهورية فقد رشحت النائب عزالدين التايب والنائب محمد أمين الورغي، وبالنسبة إلى كتلة الأحرار فإنها رشحت النائبة سيرين المرابط أما كتلة الأمانة والعمل" فقد رشحت النائب حسام محجوب في حين قامت الكتلة الوطنية المستقلة بترشيح النائبين سامي بن عبد العالي والفاضل بن تركية . وبخصوص غير المنتمين إلى كتل فإنهم لم يقدموا أي مترشح، وقال بودربالة إنه تم تخصيص مقعدين في مكتب المجلس لمجموعة النواب غير المنتمين إلى كتل وإنه تم تحديد يوم الجمعة 19 ماي الجاري على الساعة منتصف النهار كآخر أجل لتقديم ترشحاتهم وإلا فسيستأنف توزيع الحصص..

كما أعلن عن حصص الكتل النيابية وغير المنتمين إلى كتل  في عضوية اللجان ففي لجنتي التشريع العام والمالية والميزانية  ستكون كتلة صوت الجمهورية ممثلة بعضوين ونفس الشيء بالنسبة الكتلة الوطنية المستقلة وكتلة الأمانة والعمل وكتلة الأحرار وكتلة لينتصر الشعب وكتلة الخط الوطني السيادي أما غير المنتمين إلى كتل فتقتصر حصتهم على ثلاثة أعضاء، وبالنسبة إلى بقية اللجان القارة فحظيت كتلة صوت الجمهورية في 8 لجان بمقعدين وبمقعد واحد في اللجان الثلاث المتبقية، وكان نصيب الكتلة الوطنية المستقلة مقعدين اثنين في ثلاث لجان ومقعد واحد في ثمانية لجان وبالنسبة إلى كتلة الأمانة والعمل فضبط عدد المقاعد المخصصة لها بمقعدين اثنين في أربع لجان ومقعد واحد في 7 لجان، وكان نصيب كتلة الأحرار مقعدين اثنين في لجنتين و مقعد واحد في 9 لجان بينما حددت حصة كتلة لينتصر الشعب بمقعد واحد في 10 لجان ونفس الشيء بالنسبة إلى كتلة الخط الوطني السيادي التي يرأسها النائب يوسف طرشون، وتم إسناد غير المنتمين إلى كتل بين مقعد وحيد و3 مقاعد في مختلف اللجان على أن يضبط ذلك بعد أن يتم استكمال توزيع المقاعد الراجعة بالنظر الى الكتل.

وبعد الإعلان عن هذه الحصص تمت دعوة الكتل النيابية إلى الاجتماع ومواصلة النظر في توزيع المسؤوليات داخل مكتب المجلس واللجان.

تواصل الأزمة

واستأنفت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بعد ظهر أمس أشغالها دون أن يقع الحسم في الخلاف المتعلق بضبط حصص الكتل وغير المنتنين إلى كتل في هياكل المجلس، وأعلن بودربالة خلال هذه الجلسة على  أسماء أعضاء مكتب مجلس نواب الشعب وهم على التالي : مساعد رئيس المجلس مكلّف بشؤون التّشريع حسام محجوب وهو ينتمي إلى كتلة الأمانة والعمل، مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات مع رئاسة الجمهورية والحكومة سامي بن عبد العالي وهو ينتمي إلى الكتلة الوطنية المستقلة، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات مع الوظيفة القضائية والهيئات الدستورية والوطنية بدر الدين القمودي وهو ينتمي إلى كتلة الخط الوطني السيادي، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم ايمن  البوغديري وهو من كتلة لينتصر الشعب، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة عزالدين التايب وهو من كتلة صوت الجمهورية، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني محمد أمين الورغي وهو أيضا من كتلة صوت الجمهورية، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالإعلام والاتصال سيرين المرابط وهي من كتلة الأحرار، نائب مساعد للرئيس مُكلّف بالتصرّف العام الفاضل بن تركية وهو من الكتلة الوطنية المستقلة وبقيت خطة نائب مساعد مكلف بالإصلاحات الكبرى وخطة نائب للرئيس مكلف بشؤون النواب شاغرتين في انتظار ما ستسفر عنه النقاشات في صفوف النواب غير المنتنين إلى كتل.

ولانتخاب اللجان البرلمانية من المنتظر وحسب ما أشار إليه بودربالة أن يعقد مجلس نواب الشعب بداية من يوم الثلاثاء 23 ماي الجاري جلسة عامة مسترسلة،  والسؤال المطروح هو ماذا لو لم يقع البت في الخلاف بين المنتمين إلى كتل وغير المنتمين فهل سيعاد توزيع عدد المقاعد من جديد  لأن النظام الداخلي نص بوضوح على أن تتكوّن كلّ من لجنة التشريع العام ولجنة المالية والميزانية من خمسة عشر عضوا وتتكوّن بقية اللجان القارة من عدد أعضاء لا يقلّ عن عشرة ولا يزيد عن إحدى عشر عضوا ويتمّ تكوين اللّجان وفق قاعدة الانتخاب بالجلسة العامة مع مراعاة التمثيل النسبي.

سعيدة بوهلال