يحدث الخطاب السياسي على "المسرح السياسي"، أي في الفضاء العام حيث يكون التعبير بعد مقنعا .
إن مراقبة الهزيمة السياسية من خلال البعد الاستطرادي والعاطفي تجعل من الممكن فهم التمرين الخطابي كتقييم شخصي وخطاب هزيمة حيث تمثل نهاية طموح سياسي ورغبة زعامة .
إن ملاحظة العواطف في السياسة ليست جديدة منذ العصور القديمة، بالفعل في الحاجة إلى فهم المشاعر من أجل استكشاف الطبيعة البشرية الحقيقية والقدرات السياسية للأفراد. إذ تشغل العواطف مجالا كاملا في العلوم السياسية ينقسم إلى فئتين رئيسيتين من التحليل. الأول يشكل أقدم وجهة نظر للنظام ويشرح أن العاطفة ترسخ السلوك والمواقف. تهتم بالعاطفة كشخصية ويركز الباحثون عملهم على القادة السياسيين. تستكشف الفئة الثانية من التحليل فهماً آخر للاستجابة العاطفية. بدلاً من الاعتقاد بأن المشاعر تنشأ من التصورات المعرفية، يمكن تفسيرها من خلال عملية عقلية متميزة ومستقلة. يؤكد التحليل المنهجي أن الإدراك المعرفي ينشأ بشكل منفصل عن المسارات العصبية العاطفية التي تقوم بالتقييم .
علاوة على ذلك، يسعى إلى شرح سبب تفاعل الأفراد مع الظروف المباشرة من حولهم. من خلال هذا النهج الثاني يمكننا أن نفهم لماذا بعض الخطابات السياسية يمكن أن تثير المشاعر في جمهورها لكن تبقى دائما دون نتيجة تذكر .
في الواقع، يقدم رد الفعل على الوضع السياسي عندنا نظرة ثاقبة لكيفية فهم بعض الأفراد من القيادات أو الناشطين السياسيين لموقفهم . على سبيل المثال، أن الشعور بالتهديد الدائم الناجم عن توقع الإجراءات السياسية التي يعارضها المرء يمكن أن يحفز على اتخاذ إجراءات مثل التعبئة، هذا النهج هو جزء من تقليد طويل في علم النفس وفقا له يرتبط التأثير ارتباطا وثيقا بالذاكرة ، مما يجعل من الممكن استدعاء التجارب السابقة وفقا لتكافؤ العاطفة و أهميتها الإستراتيجية.
بالتالي يشكل خطاب الهزيمة علامة عاطفية فريدة لمسار سياسي ما. هو جزء من طقوس سياسية مؤلفة من رموز ( الشخص القائد الوحيد الأوحد دائما على خشبة المسرح، جمهور النشطاء الأتباع المريدين، التصفيق الطويل، الشعارات الثورية، شحنة عاطفية قوية الخ..) ، ليقوم الرفيق الزعيم بتقدير موقفه وتقييم انجازه وإسقاطه الشخصي والسياسي على الآخر الذي كان سببا لهذا الفشل بما يمكنه الإعلان عن ميلاد ونقطة انطلاقة وبداية جديدة لحملة قادمة !.
هو مؤهّل لإدراجه ضمن كتاب "غينيس بوك" للأرقام القياسية كأقدم زعيم سياسي ورئيس تنظيم حزبي في العالم، مسيرته تمتد على أكثر من أربعة عقود، بدأ النضال السياسي مبكّرا. ، تحديدا منذ عام 1972 ، عارض كلّ الأنظمة و كلّ الرّؤساء وكلّ الحكومات وأغلب الأحزاب، أسّس صحبة رفاق نضال له، حزب العمال الشيوعي التونسي ثمّ الجبهة الشعبية لتصبح فيما بعد جبهات ..
رغم أنّ الشارب عُرف في الماضي كونه رمزًا للهيمنة الاجتماعية. فانّ صاحبنا حرص أن يكون احد عناوين شخصيته وملامحه كأداة نفوذ وقوة ورجولة !
مع العلم انه في العالم العربي الإسلامي، الشارب علامة على الرجولة السياسية، وهو قاسم مشترك للعديد من رؤساء الدول الحاليين: بشار الأسد، أمير قطر، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ذلك صدام حسين، بالمناسبة لم يجد سنة 2003 احد مساعدي رئيس دولة عربية ليعير وزير خارجية بلد عربي آخر في خلاف معه إلا أن قال له: "ملعون شاربك" ! .
من طرائف مسيرة حياته الشخصية كذلك، أنّ إحدى بناته الثلاث ولدت وهو مختبئ يعيش في السرية ولم يعلم أحد كيف أمكنه الاجتماع بزوجته في تلك الفترة وهي امرأة مناضلة راضية النصراوي، كما لم تعرف السلطات أصلا بحمل زوجته إلا في الشهر السادس الأمر الذي لما بلغ الرئيس الراحل زين العابدين بن علي غضب كثيرا واعتبر الحادثة تجاوزا وتقصيرا وعجزا من قبل أجهزة الاستخبارات والأمن .
رغم أنّه صرّح قبل فترة انّه سيأتي دوره في حملة الإيقافات التي تشهدها تونس في الآونة الأخيرة، فإنّ جهات عديدة تستبعد ذلك لاعتبارات كثيرة، أهمّها انّه لم يعد له حضور وتأثير قوي في المشهد السياسي وبقي عنوانا خطابيا كعادته يرفض الجميع ولا يقبل إلاّ بنفسه وما يراه هو فقط !!.
إنّ الأنانية في العمل السياسي أكثر ما يثير فينا الرعب، رغم أنّها تصيب صاحبها في نهاية المسرحية، أكثر ممّا تؤثر على الآخرين. كما إن النجاح والتميُّز لا يأتيان من دون أن نتجرع أحيانا مرارة الفشل وهو أمر لم ولن يقبل به حمَة الهمامي، الذي لم نره يوما يقوم بنقد ذاتي لمسيرة أو مواقف أو حتى خيارات سياسية انتهجها هو أو تنظيمه.
لأنّ من طبيعة الفشل أنّه يبقى مرا إذا لم يبتلعه صاحبه .
بقلم: أبوبكر الصغير
يحدث الخطاب السياسي على "المسرح السياسي"، أي في الفضاء العام حيث يكون التعبير بعد مقنعا .
إن مراقبة الهزيمة السياسية من خلال البعد الاستطرادي والعاطفي تجعل من الممكن فهم التمرين الخطابي كتقييم شخصي وخطاب هزيمة حيث تمثل نهاية طموح سياسي ورغبة زعامة .
إن ملاحظة العواطف في السياسة ليست جديدة منذ العصور القديمة، بالفعل في الحاجة إلى فهم المشاعر من أجل استكشاف الطبيعة البشرية الحقيقية والقدرات السياسية للأفراد. إذ تشغل العواطف مجالا كاملا في العلوم السياسية ينقسم إلى فئتين رئيسيتين من التحليل. الأول يشكل أقدم وجهة نظر للنظام ويشرح أن العاطفة ترسخ السلوك والمواقف. تهتم بالعاطفة كشخصية ويركز الباحثون عملهم على القادة السياسيين. تستكشف الفئة الثانية من التحليل فهماً آخر للاستجابة العاطفية. بدلاً من الاعتقاد بأن المشاعر تنشأ من التصورات المعرفية، يمكن تفسيرها من خلال عملية عقلية متميزة ومستقلة. يؤكد التحليل المنهجي أن الإدراك المعرفي ينشأ بشكل منفصل عن المسارات العصبية العاطفية التي تقوم بالتقييم .
علاوة على ذلك، يسعى إلى شرح سبب تفاعل الأفراد مع الظروف المباشرة من حولهم. من خلال هذا النهج الثاني يمكننا أن نفهم لماذا بعض الخطابات السياسية يمكن أن تثير المشاعر في جمهورها لكن تبقى دائما دون نتيجة تذكر .
في الواقع، يقدم رد الفعل على الوضع السياسي عندنا نظرة ثاقبة لكيفية فهم بعض الأفراد من القيادات أو الناشطين السياسيين لموقفهم . على سبيل المثال، أن الشعور بالتهديد الدائم الناجم عن توقع الإجراءات السياسية التي يعارضها المرء يمكن أن يحفز على اتخاذ إجراءات مثل التعبئة، هذا النهج هو جزء من تقليد طويل في علم النفس وفقا له يرتبط التأثير ارتباطا وثيقا بالذاكرة ، مما يجعل من الممكن استدعاء التجارب السابقة وفقا لتكافؤ العاطفة و أهميتها الإستراتيجية.
بالتالي يشكل خطاب الهزيمة علامة عاطفية فريدة لمسار سياسي ما. هو جزء من طقوس سياسية مؤلفة من رموز ( الشخص القائد الوحيد الأوحد دائما على خشبة المسرح، جمهور النشطاء الأتباع المريدين، التصفيق الطويل، الشعارات الثورية، شحنة عاطفية قوية الخ..) ، ليقوم الرفيق الزعيم بتقدير موقفه وتقييم انجازه وإسقاطه الشخصي والسياسي على الآخر الذي كان سببا لهذا الفشل بما يمكنه الإعلان عن ميلاد ونقطة انطلاقة وبداية جديدة لحملة قادمة !.
هو مؤهّل لإدراجه ضمن كتاب "غينيس بوك" للأرقام القياسية كأقدم زعيم سياسي ورئيس تنظيم حزبي في العالم، مسيرته تمتد على أكثر من أربعة عقود، بدأ النضال السياسي مبكّرا. ، تحديدا منذ عام 1972 ، عارض كلّ الأنظمة و كلّ الرّؤساء وكلّ الحكومات وأغلب الأحزاب، أسّس صحبة رفاق نضال له، حزب العمال الشيوعي التونسي ثمّ الجبهة الشعبية لتصبح فيما بعد جبهات ..
رغم أنّ الشارب عُرف في الماضي كونه رمزًا للهيمنة الاجتماعية. فانّ صاحبنا حرص أن يكون احد عناوين شخصيته وملامحه كأداة نفوذ وقوة ورجولة !
مع العلم انه في العالم العربي الإسلامي، الشارب علامة على الرجولة السياسية، وهو قاسم مشترك للعديد من رؤساء الدول الحاليين: بشار الأسد، أمير قطر، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ذلك صدام حسين، بالمناسبة لم يجد سنة 2003 احد مساعدي رئيس دولة عربية ليعير وزير خارجية بلد عربي آخر في خلاف معه إلا أن قال له: "ملعون شاربك" ! .
من طرائف مسيرة حياته الشخصية كذلك، أنّ إحدى بناته الثلاث ولدت وهو مختبئ يعيش في السرية ولم يعلم أحد كيف أمكنه الاجتماع بزوجته في تلك الفترة وهي امرأة مناضلة راضية النصراوي، كما لم تعرف السلطات أصلا بحمل زوجته إلا في الشهر السادس الأمر الذي لما بلغ الرئيس الراحل زين العابدين بن علي غضب كثيرا واعتبر الحادثة تجاوزا وتقصيرا وعجزا من قبل أجهزة الاستخبارات والأمن .
رغم أنّه صرّح قبل فترة انّه سيأتي دوره في حملة الإيقافات التي تشهدها تونس في الآونة الأخيرة، فإنّ جهات عديدة تستبعد ذلك لاعتبارات كثيرة، أهمّها انّه لم يعد له حضور وتأثير قوي في المشهد السياسي وبقي عنوانا خطابيا كعادته يرفض الجميع ولا يقبل إلاّ بنفسه وما يراه هو فقط !!.
إنّ الأنانية في العمل السياسي أكثر ما يثير فينا الرعب، رغم أنّها تصيب صاحبها في نهاية المسرحية، أكثر ممّا تؤثر على الآخرين. كما إن النجاح والتميُّز لا يأتيان من دون أن نتجرع أحيانا مرارة الفشل وهو أمر لم ولن يقبل به حمَة الهمامي، الذي لم نره يوما يقوم بنقد ذاتي لمسيرة أو مواقف أو حتى خيارات سياسية انتهجها هو أو تنظيمه.
لأنّ من طبيعة الفشل أنّه يبقى مرا إذا لم يبتلعه صاحبه .