سجلت البنوك التونسية الـ12 المدرجة في بورصة تونس، انتعاشة هامة في أنشطتها الرئيسية والربحية للربع الأول من عام 2023، وشهدت في نهاية شهر مارس تحسنا في دخلها بنسبة 20.7٪ ليبلغ 3004.7 مليون دينار، مدعوما بزيادة ملحوظة في الفوائد والعمولات المحصلة بلغت 2130.0 و335 مليون دينار على التوالي.
وشهدت العمليات المصرفية خلال الفترة الممتدة من مارس 2022 إلى مارس 2023 ارتفاعا بنسبة31.9٪، ليرتفع إجمالي صافي الناتج المصرفي للبنوك المدرجة في السوق بنسبة 12.7٪ إلى 1642.0 مليون دينار في نهاية الربع الأول من العام الحالي. وارتفعت قروض العملاء القائمة بنسبة 5.0٪ مقارنة بنهاية شهر مارس من العام السابق، وبلغت ذروتها عند 81.9 مليار دينار.
وتسارع نسق القروض مقارنة بالسنوات السابقة، مع العلم أن القروض المصرفية استفادت في عام 2022 من الدعم الكبير في إطار برامج التمويل، ولا سيما المجموعات والشركات الكبرى. وعلى صعيد الموارد، استفاد القطاع من زخم نمو جيد في الودائع المصرفية، والتي ارتفعت بنسبة5.3٪ مقارنة بنهاية مارس 2022.
ارتفاع الودائع
وتجدر الإشارة، إلى أنه على الرغم من المناخ الاقتصادي الصعب، إلا أن نشاط التجميع كان مستدامًا بشكل جيد، ولسبب وجيه، سجلت البنوك نمواً مقبولاً في الرصيد القائم للودائع الادخارية (+ 8.3٪) والودائع تحت الطلب (+1.6) والذي يرجع إلى حد كبير إلى آثار تشديد السياسة النقدية من قبل المؤسسة المصدرة مما يسمح بتعزيز الودائع .
كما سجلت محفظة الأوراق المالية التجارية المكونة بشكل أساسي من سندات الدولة الممولة للخزينة العامة زيادة في قيمتها القائمة بنهاية الربع الأول من عام 2023 بلغت 210.8 مليون دينار أو 13.5٪ مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى قيمة 1772.3 مليون دينار، وبفضل التحكم في نفقات التشغيل عند 699.6 مليون دينار، أي بتطور بلغ حوالي 8.6٪، حسنت البنوك إنتاجيتها، وتم توحيد حقوق المساهمين بسبب ارتفاعها بنسبة 5.3٪ إلى 11.6 مليار دينار.
4 بنوك تسيطر على النشاط المصرفي
ووفقًا للبيانات الصادرة عن أحدث تقرير للرقابة المصرفية للبنك المركزي التونسي(BCT) ، على مستوى البنوك التونسية المقيمة، تُظهر المؤشرات سيطرة البنوك الأربعة الأولى والثامنة على التوالي على ما يقرب من النصف، وأكثر من ثلاثة أرباع النشاط المصرفي.
ووفق المؤشرات التي كشفت عنها المؤسسة المصدرة، فإن مساهمة البنوك العامة تبقى الأهم بحصة سوقية من حيث الأصول بنسبة 36.6٪، وبنسبة 40.3٪ وبدرجة أقل على مستوى الودائع بنسبة 29.8٪، وتمتلك بنوك رأس المال الخاص التونسية 31.8٪ من إجمالي الأصول و 29.3٪ من الائتمانات و35.0٪ من الودائع ، بينما تمتلك بنوك رأس المال الأجنبي 28.7٪ من الأصول و27.7٪ من الائتمانات و32.8٪ من الودائع.
وكانت النتائج الصافية لـ12 بنكاً تونسياً مدرجاً بالبورصة قد بلغت إلى نهاية 2022 ما قيمته 5316 مليون دينار، أي ما يعادل 1714.8 مليون دولار، مقابل 4701 مليون دينار في عام 2021 بزيادة بنسبة 13٪.
ويؤكد المحللون الماليون، إن هذه النتائج الإيجابية جاءت في الأساس من الفوائض والعمولات والأرباح على الاستثمار في المحافظ المالية التي تنجزها البنوك في رقاع الخزانة، والمساهمة في القروض الرقاعية الوطنية التي صارت تصدرها تونس سنوياً. وأصبحت أرباح البنوك في تونس ،متأتية في السنوات الأخيرة من عملية إقراض البنوك للدولة التونسية لتمويل الميزانية، وخلاص أجور الموظفين بتوظيف فوائد وفوائض مهمة، وارتفعت كذلك العمولات بنسبة 8% في عام 2022.
انعكاسات تمويل البنوك للدولة
وأربكت عمليات لجوء البنوك إلى تمويل الدولة عبر القروض عمليات إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة، باعتبار أن جل الأموال المتوفرة في البنوك ذهبت لفائدة الدولة، عوض صرفها في شكل حزمة قروض لفائدة المؤسسات الاقتصادية لتوسيع أنشطتها واستثماراتها وخلق المشاريع والتنمية، وهذه العملية مربحة للبنوك بنقطتين، لكنها في المقابل لديها انعكاسات خطيرة على الدولة التي لن تراوح نسبة النمو المحققة جراء هذه العملية الصفر.
وكانت الحكومة السابقة، قد حصلت على قرض بنكي مجمع بقيمة 465 مليون دولار لدعم الميزانية، شارك فيه 14 بنكا، وقالت وزارة المالية، في بيان لها آنذاك، إن القرض موزع على عملتين، 150 مليون دولار و260 مليون يورو، مؤكدة في البيان أن القرض يأتي في إطار توفير موارد ميزانية الدولة المصادق عليها بمقتضى قانون المالية لسنة 2021، مشيرة إلى أن مدة سداد القرض تصل إلى 5 سنوات، بقسط سنوي أو قسطين متساويين في السنة، على أن يبدأ السداد بعد فترة سماح مدتها 3 سنوات.
وسبق للحكومة، أن لجأت للاقتراض من البنوك التونسية لتمويل الميزانية باعتبار أن الفصل 25 من النظام الأساسي للبنك المركزي يمنعها من الاقتراض من البنك المركزي لسد احتياجاتها المالية، وذلك منذ التعديل الذي طرأ في سنة 2016.
ويواجه اقتراض الدولة من البنوك التونسية انتقادات من عديد الخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا أن الدولة أصبحت تزاحم القطاعات المنتجة حيث يفترض أن تعطي البنوك الأولوية لتمويل الاستثمار وتوجيه القروض نحو المشاريع الاستثمارية، واعتبروا أن إقراض البنوك للدولة ليس في صالح الاقتصاد الوطني، خاصّة، أنّ هذه التمويلات لا تذهب إلى القطاعات الاقتصادية، إذ أنّ البنوك أصبحت تميل إلى الاستثمار في حاجيات الدولة من القروض والسّيولة الماليّة المضمونة الدّفع من طرف الدولة عوض الاستثمار في القطاعات المنتجة، وهذا ما ألحق أضرارا كبيرة بالاقتصادي التونسي، وشل إلى الآن عمليات إنقاذ المؤسسات الوطنية، وعطل الاستثمار الداخلي، وزاد في عمق الأزمة المالية والاقتصادية بالبلاد.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
سجلت البنوك التونسية الـ12 المدرجة في بورصة تونس، انتعاشة هامة في أنشطتها الرئيسية والربحية للربع الأول من عام 2023، وشهدت في نهاية شهر مارس تحسنا في دخلها بنسبة 20.7٪ ليبلغ 3004.7 مليون دينار، مدعوما بزيادة ملحوظة في الفوائد والعمولات المحصلة بلغت 2130.0 و335 مليون دينار على التوالي.
وشهدت العمليات المصرفية خلال الفترة الممتدة من مارس 2022 إلى مارس 2023 ارتفاعا بنسبة31.9٪، ليرتفع إجمالي صافي الناتج المصرفي للبنوك المدرجة في السوق بنسبة 12.7٪ إلى 1642.0 مليون دينار في نهاية الربع الأول من العام الحالي. وارتفعت قروض العملاء القائمة بنسبة 5.0٪ مقارنة بنهاية شهر مارس من العام السابق، وبلغت ذروتها عند 81.9 مليار دينار.
وتسارع نسق القروض مقارنة بالسنوات السابقة، مع العلم أن القروض المصرفية استفادت في عام 2022 من الدعم الكبير في إطار برامج التمويل، ولا سيما المجموعات والشركات الكبرى. وعلى صعيد الموارد، استفاد القطاع من زخم نمو جيد في الودائع المصرفية، والتي ارتفعت بنسبة5.3٪ مقارنة بنهاية مارس 2022.
ارتفاع الودائع
وتجدر الإشارة، إلى أنه على الرغم من المناخ الاقتصادي الصعب، إلا أن نشاط التجميع كان مستدامًا بشكل جيد، ولسبب وجيه، سجلت البنوك نمواً مقبولاً في الرصيد القائم للودائع الادخارية (+ 8.3٪) والودائع تحت الطلب (+1.6) والذي يرجع إلى حد كبير إلى آثار تشديد السياسة النقدية من قبل المؤسسة المصدرة مما يسمح بتعزيز الودائع .
كما سجلت محفظة الأوراق المالية التجارية المكونة بشكل أساسي من سندات الدولة الممولة للخزينة العامة زيادة في قيمتها القائمة بنهاية الربع الأول من عام 2023 بلغت 210.8 مليون دينار أو 13.5٪ مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى قيمة 1772.3 مليون دينار، وبفضل التحكم في نفقات التشغيل عند 699.6 مليون دينار، أي بتطور بلغ حوالي 8.6٪، حسنت البنوك إنتاجيتها، وتم توحيد حقوق المساهمين بسبب ارتفاعها بنسبة 5.3٪ إلى 11.6 مليار دينار.
4 بنوك تسيطر على النشاط المصرفي
ووفقًا للبيانات الصادرة عن أحدث تقرير للرقابة المصرفية للبنك المركزي التونسي(BCT) ، على مستوى البنوك التونسية المقيمة، تُظهر المؤشرات سيطرة البنوك الأربعة الأولى والثامنة على التوالي على ما يقرب من النصف، وأكثر من ثلاثة أرباع النشاط المصرفي.
ووفق المؤشرات التي كشفت عنها المؤسسة المصدرة، فإن مساهمة البنوك العامة تبقى الأهم بحصة سوقية من حيث الأصول بنسبة 36.6٪، وبنسبة 40.3٪ وبدرجة أقل على مستوى الودائع بنسبة 29.8٪، وتمتلك بنوك رأس المال الخاص التونسية 31.8٪ من إجمالي الأصول و 29.3٪ من الائتمانات و35.0٪ من الودائع ، بينما تمتلك بنوك رأس المال الأجنبي 28.7٪ من الأصول و27.7٪ من الائتمانات و32.8٪ من الودائع.
وكانت النتائج الصافية لـ12 بنكاً تونسياً مدرجاً بالبورصة قد بلغت إلى نهاية 2022 ما قيمته 5316 مليون دينار، أي ما يعادل 1714.8 مليون دولار، مقابل 4701 مليون دينار في عام 2021 بزيادة بنسبة 13٪.
ويؤكد المحللون الماليون، إن هذه النتائج الإيجابية جاءت في الأساس من الفوائض والعمولات والأرباح على الاستثمار في المحافظ المالية التي تنجزها البنوك في رقاع الخزانة، والمساهمة في القروض الرقاعية الوطنية التي صارت تصدرها تونس سنوياً. وأصبحت أرباح البنوك في تونس ،متأتية في السنوات الأخيرة من عملية إقراض البنوك للدولة التونسية لتمويل الميزانية، وخلاص أجور الموظفين بتوظيف فوائد وفوائض مهمة، وارتفعت كذلك العمولات بنسبة 8% في عام 2022.
انعكاسات تمويل البنوك للدولة
وأربكت عمليات لجوء البنوك إلى تمويل الدولة عبر القروض عمليات إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة، باعتبار أن جل الأموال المتوفرة في البنوك ذهبت لفائدة الدولة، عوض صرفها في شكل حزمة قروض لفائدة المؤسسات الاقتصادية لتوسيع أنشطتها واستثماراتها وخلق المشاريع والتنمية، وهذه العملية مربحة للبنوك بنقطتين، لكنها في المقابل لديها انعكاسات خطيرة على الدولة التي لن تراوح نسبة النمو المحققة جراء هذه العملية الصفر.
وكانت الحكومة السابقة، قد حصلت على قرض بنكي مجمع بقيمة 465 مليون دولار لدعم الميزانية، شارك فيه 14 بنكا، وقالت وزارة المالية، في بيان لها آنذاك، إن القرض موزع على عملتين، 150 مليون دولار و260 مليون يورو، مؤكدة في البيان أن القرض يأتي في إطار توفير موارد ميزانية الدولة المصادق عليها بمقتضى قانون المالية لسنة 2021، مشيرة إلى أن مدة سداد القرض تصل إلى 5 سنوات، بقسط سنوي أو قسطين متساويين في السنة، على أن يبدأ السداد بعد فترة سماح مدتها 3 سنوات.
وسبق للحكومة، أن لجأت للاقتراض من البنوك التونسية لتمويل الميزانية باعتبار أن الفصل 25 من النظام الأساسي للبنك المركزي يمنعها من الاقتراض من البنك المركزي لسد احتياجاتها المالية، وذلك منذ التعديل الذي طرأ في سنة 2016.
ويواجه اقتراض الدولة من البنوك التونسية انتقادات من عديد الخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا أن الدولة أصبحت تزاحم القطاعات المنتجة حيث يفترض أن تعطي البنوك الأولوية لتمويل الاستثمار وتوجيه القروض نحو المشاريع الاستثمارية، واعتبروا أن إقراض البنوك للدولة ليس في صالح الاقتصاد الوطني، خاصّة، أنّ هذه التمويلات لا تذهب إلى القطاعات الاقتصادية، إذ أنّ البنوك أصبحت تميل إلى الاستثمار في حاجيات الدولة من القروض والسّيولة الماليّة المضمونة الدّفع من طرف الدولة عوض الاستثمار في القطاعات المنتجة، وهذا ما ألحق أضرارا كبيرة بالاقتصادي التونسي، وشل إلى الآن عمليات إنقاذ المؤسسات الوطنية، وعطل الاستثمار الداخلي، وزاد في عمق الأزمة المالية والاقتصادية بالبلاد.