تُراكم البنوك التونسية من سنة إلى أخرى عائدات هامة ومرابيح قياسية غذاها تزايد حجم القروض الاستهلاكية الممنوحة للتونسيين، التي تستفيد منها من خلال العمولات والفوائض "المجحفة"، حتى تحصد اليوم في آخر مؤشرات لها عائدات تقدر بـ 4365 مليون دينار، في شكل فوائض وعمولات موظفة على الحرفاء، خلال كامل سنة 2022، بعد أن تجاوز قائم ودائع الحرفاء الـ 85 مليار دينار، 30 مليار دينار منها لدى البنوك العمومية، ليصل بذلك الناتج البنكي الصافي للبنوك التونسية، المدرجة بالبورصة، إلى قرابة الـ 6225 مليون دينار، نهاية 2022، أي بزيادة تُقدر بقرابة الـ 12%، مقارنة بسنة 2021.
هذه المؤشرات تؤكد توجه التونسيين المتزايد إلى الاقتراض، بعد أن أصبح ملاذهم الوحيد في ظل تدهور المقدرة الشرائية وغلاء المعيشة وسط تزايد متطلبات الحياة اليومية، ليبلغ عدد الأسر التونسية المدانة لدى البنوك الـ 850 ألفا بقيمة قروض جملية تفوق الـ 24 مليار دينار، حسب آخر إحصائيات رسمية من المعهد الوطني للاستهلاك، منها11 مليار دينار قروض سكنية، وبقية القروض استهلاكية بامتياز تتجه نحو التعليم والسفر والصحة...
هذا الاستقطاب المتزايد، جعل أغلب البنوك التجارية العمومية منها والخاصة تتنافس في إطلاق خدمات جديدة بحوافز مغرية، مقابل مواصلتها لفرض عمولات وفوائض ثقيلة وخاصة "غير مفهومة"، لأنها تعتبرها مصادر ثمينة لا يستهان بها في توفير عائدات قياسية، والأخطر من ذلك أن هذه العمولات في تزايد مستمر وبشكل شهري تقريبا دون رقابة ولا محاسبة من قبل الدولة...
وينضاف إلى سياسات البنوك الاستنزافية، تزايد عدد المطالب المرفوضة لمنح قروض جديدة للتونسيين وصد أبواب عدد كبير من البنوك أمام المستثمرين ورفض تمويلهم بتعلة شح السيولة، والحال أن البنوك التونسية قد وجدت ضالتها في تمويل الدولة الذي تستفيد منه على مستوى المردودية الأكثر والمخاطر الأقل. وحتى لا يتضرر الاستهلاك، والاستثمار جراء خيار الدولة في الاقتراض الداخلي من جهة، وارتياح البنوك التونسية لهذا التوجه من جهة ثانية، لابد للدولة أن تسترجع دورها الأساسي في دعم هذه القطاعات الحيوية في البلاد . وتبتعد عن منافستها حتى لا تضربها في مقتل، كما لا بد للبنك المركزي أن يعدل في سياساته النقدية في اتجاه التقليص أكثر ما يمكن من حجم العمولات والفوائض والتفكير جيدا قبل إقرار ترفيعات جديدة في نسبة الفائدة المديرية مستقبلا...
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
تُراكم البنوك التونسية من سنة إلى أخرى عائدات هامة ومرابيح قياسية غذاها تزايد حجم القروض الاستهلاكية الممنوحة للتونسيين، التي تستفيد منها من خلال العمولات والفوائض "المجحفة"، حتى تحصد اليوم في آخر مؤشرات لها عائدات تقدر بـ 4365 مليون دينار، في شكل فوائض وعمولات موظفة على الحرفاء، خلال كامل سنة 2022، بعد أن تجاوز قائم ودائع الحرفاء الـ 85 مليار دينار، 30 مليار دينار منها لدى البنوك العمومية، ليصل بذلك الناتج البنكي الصافي للبنوك التونسية، المدرجة بالبورصة، إلى قرابة الـ 6225 مليون دينار، نهاية 2022، أي بزيادة تُقدر بقرابة الـ 12%، مقارنة بسنة 2021.
هذه المؤشرات تؤكد توجه التونسيين المتزايد إلى الاقتراض، بعد أن أصبح ملاذهم الوحيد في ظل تدهور المقدرة الشرائية وغلاء المعيشة وسط تزايد متطلبات الحياة اليومية، ليبلغ عدد الأسر التونسية المدانة لدى البنوك الـ 850 ألفا بقيمة قروض جملية تفوق الـ 24 مليار دينار، حسب آخر إحصائيات رسمية من المعهد الوطني للاستهلاك، منها11 مليار دينار قروض سكنية، وبقية القروض استهلاكية بامتياز تتجه نحو التعليم والسفر والصحة...
هذا الاستقطاب المتزايد، جعل أغلب البنوك التجارية العمومية منها والخاصة تتنافس في إطلاق خدمات جديدة بحوافز مغرية، مقابل مواصلتها لفرض عمولات وفوائض ثقيلة وخاصة "غير مفهومة"، لأنها تعتبرها مصادر ثمينة لا يستهان بها في توفير عائدات قياسية، والأخطر من ذلك أن هذه العمولات في تزايد مستمر وبشكل شهري تقريبا دون رقابة ولا محاسبة من قبل الدولة...
وينضاف إلى سياسات البنوك الاستنزافية، تزايد عدد المطالب المرفوضة لمنح قروض جديدة للتونسيين وصد أبواب عدد كبير من البنوك أمام المستثمرين ورفض تمويلهم بتعلة شح السيولة، والحال أن البنوك التونسية قد وجدت ضالتها في تمويل الدولة الذي تستفيد منه على مستوى المردودية الأكثر والمخاطر الأقل. وحتى لا يتضرر الاستهلاك، والاستثمار جراء خيار الدولة في الاقتراض الداخلي من جهة، وارتياح البنوك التونسية لهذا التوجه من جهة ثانية، لابد للدولة أن تسترجع دورها الأساسي في دعم هذه القطاعات الحيوية في البلاد . وتبتعد عن منافستها حتى لا تضربها في مقتل، كما لا بد للبنك المركزي أن يعدل في سياساته النقدية في اتجاه التقليص أكثر ما يمكن من حجم العمولات والفوائض والتفكير جيدا قبل إقرار ترفيعات جديدة في نسبة الفائدة المديرية مستقبلا...