فكرة وجود كتل برلمانية غير مسنودة حزبيا تبدو فكرة هجينة في العمل السياسي
تونس- الصباح
في الجلسة العامة التي سيعقدها مجلس نواب الشعب اليوم من المنتظر أن يتم النظر في ما وصفه بلاغ للبرلمان بالحصص في المسؤوليات داخل مكتب البرلمان وعضوية اللجان، وذلك بعد الإعلان منذ أيام عن تركيبة الكتل البرلمانية، وبقي اليوم توزيع المهام داخل مكتب المجلس واللجان لاستكمال توزيع المهام الهيكلية داخل مجلس نواب الشعب.
وعلى عكس بقية البرلمانات السابقة التي كانت تشهد صراعات كبيرة في علاقة بتوزيع اللجان وحتى عضوية مكتب المجلس، فإنه يُتوقع أن تسير الأمور بأكثر سلاسة في هذا البرلمان لغياب الألوان السياسية المتعددة ولتبني أغلب النواب نفس أفكار وتوجهات المسار السياسي الذي أنتج هذا البرلمان وكان مع القانون الانتخابي الجديد أحد أبرز النتائج السياسية لمسار 25 جويلية، وقد بدا هذا بكل وضوح في تشكيل الكتل البرلمانية التي تشكلت في أغلبها من نواب لا تجمعهم لا المرجعيات ولا الخلفيات الحزبية والفكرية المشتركة، فقط ما يجمعهم هم أنهم جزء من المسار السياسي الجديد الذين يتبنون أفكاره وتوجهاته.
وضع هجين ..
أعلن رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم، الخميس الماضي عن تكوين 6 كتل برلمانية وهي كتلة صوت الجمهورية تتكون من 25 عضوا برئاسة آمال المؤدب وكتلة لينتصر الشعب تتكون من 15 عضوا برئاسة علي زغدود وكتلة الأمانة والعمل تتكون من 20 عضوا برئاسة فخري عبد الخالق وكتلة الأحرار تتكون من 19 عضوا برئاسة صابر المصمودي والكتلة الوطنية المستقلة تتكون من 21 عضوا برئاسة عماد أولاد جبريل وكتلة الخط الوطني السيادي تتكون من 15 عضوا برئاسة يوسف طرشون.
ولئن بدا هناك تمايز على مستوى تسمية هذه الكتل المختلفة، فانه لا يمكن الحديث عن اختلاف جذري في توجهاتها أو رؤيتها خاصة وإن كل هذه الكتل لا تجد حرجا في التعبير عن انسجامها المطلق وغير المشروط مع توجهات رئيس الجمهورية وحتى ادعاء البعض مساندتهم للمسار ولكن مع الاحتفاظ بمسافة نقدية من هذا المسار، فإن هذه المسافة النقدية بقيت الى اليوم محتشمة وتكاد تكون غائبة تماما عن المشهد، باستثناء بعض التصريحات المتفرقة والمحتشمة لبعض النواب ولكن في النهاية جلّ التصريحات تصب في خانة خدمة المسار.
ويتجلّى ذلك بوضوح بعد أن حرم النواب أنفسهم إمكانية المعارضة، وتخلّوا طوعا عمّا يُسمّى بالمعارضة البرلمانية وهو الدور الذي كان يمكن أن تلعبه بعض هذه الكتل البرلمانية ولكنها جميعا اختارت الانخراط في المسار وتخلت عن دور المعارضة بما يضرب أساسا قوّيا من أسس الديمقراطية السليمة وهو وجود قوى تحكم وقوى تعارض ولكن الأمر لا يتوفّر في هذا البرلمان.. وحتى القوى المعارضة من خارج البرلمان بقيت معارضتها مهمشة وغير مؤثرة في الأحداث وغير قادرة لا على التغيير ولا على صنع الفارق .
وكل ذلك يدفع الى حقيقة واحدة وهي وجود قوة سياسية واحدة تهميّن على السلطة التنفيذية وكذلك على السلطة التشريعية وأن هذا البرلمان سيكون في خدمة تلك القوة السياسية ولن يكون له دور لا في مراقبة أعمالها ولا في معارضة أو محاججة خياراتها.. خاصة بوجود تلك الكتل البرلمان التي تتكون في الأغلب من أفراد وليس من أحزاب، حيث كان بالإمكان لوجود قوى حزبية خلف تلك الكتل أن يصنع الاختلاف والتباين في المواقف السياسية من بعض السياسات وبعض القرارات، باعتبار اختلاف رؤى وتوجهات الأحزاب سواء كانت تنبع من مرجعيات فكرية أو من مرجعيات سياسية براغماتية .
وحتى وجود بعض الأحزاب في هذا البرلمان ممثلة في بعض قياداتها أو أعضائها لا يمكن أن يؤكد أن هذه الكتل مدعومة حزبية، فباستثناء كتلة الخط الوطني السيادي والتي تتكون من نواب عن حركة الشعب وعن حزب الوطد – شق منجي الرحوي بالأساس، فإن هذه الكتلة ورغم طابعها الحزبي لا يمكن أن تعمل وفق صفتها الحزبية بل ستعمل وفق القواعد الجديدة التي أملاها الدستور والقانون الانتخابي والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.. وبالتالي فإن فكرة وجود كتل برلمانية غير مسنودة حزبيا تبدو فكرة هجينة في العمل السياسي وتطرح أسئلة حول مستقبل هذه الكتل بوجود نواب لا يجمعهم في الغالب إلا وجودهم تحت قبة البرلمان وليس هناك لا أفكار ولا مرجعيات ولا إيديولوجيات تجمعهم.
منية العرفاوي
فكرة وجود كتل برلمانية غير مسنودة حزبيا تبدو فكرة هجينة في العمل السياسي
تونس- الصباح
في الجلسة العامة التي سيعقدها مجلس نواب الشعب اليوم من المنتظر أن يتم النظر في ما وصفه بلاغ للبرلمان بالحصص في المسؤوليات داخل مكتب البرلمان وعضوية اللجان، وذلك بعد الإعلان منذ أيام عن تركيبة الكتل البرلمانية، وبقي اليوم توزيع المهام داخل مكتب المجلس واللجان لاستكمال توزيع المهام الهيكلية داخل مجلس نواب الشعب.
وعلى عكس بقية البرلمانات السابقة التي كانت تشهد صراعات كبيرة في علاقة بتوزيع اللجان وحتى عضوية مكتب المجلس، فإنه يُتوقع أن تسير الأمور بأكثر سلاسة في هذا البرلمان لغياب الألوان السياسية المتعددة ولتبني أغلب النواب نفس أفكار وتوجهات المسار السياسي الذي أنتج هذا البرلمان وكان مع القانون الانتخابي الجديد أحد أبرز النتائج السياسية لمسار 25 جويلية، وقد بدا هذا بكل وضوح في تشكيل الكتل البرلمانية التي تشكلت في أغلبها من نواب لا تجمعهم لا المرجعيات ولا الخلفيات الحزبية والفكرية المشتركة، فقط ما يجمعهم هم أنهم جزء من المسار السياسي الجديد الذين يتبنون أفكاره وتوجهاته.
وضع هجين ..
أعلن رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم، الخميس الماضي عن تكوين 6 كتل برلمانية وهي كتلة صوت الجمهورية تتكون من 25 عضوا برئاسة آمال المؤدب وكتلة لينتصر الشعب تتكون من 15 عضوا برئاسة علي زغدود وكتلة الأمانة والعمل تتكون من 20 عضوا برئاسة فخري عبد الخالق وكتلة الأحرار تتكون من 19 عضوا برئاسة صابر المصمودي والكتلة الوطنية المستقلة تتكون من 21 عضوا برئاسة عماد أولاد جبريل وكتلة الخط الوطني السيادي تتكون من 15 عضوا برئاسة يوسف طرشون.
ولئن بدا هناك تمايز على مستوى تسمية هذه الكتل المختلفة، فانه لا يمكن الحديث عن اختلاف جذري في توجهاتها أو رؤيتها خاصة وإن كل هذه الكتل لا تجد حرجا في التعبير عن انسجامها المطلق وغير المشروط مع توجهات رئيس الجمهورية وحتى ادعاء البعض مساندتهم للمسار ولكن مع الاحتفاظ بمسافة نقدية من هذا المسار، فإن هذه المسافة النقدية بقيت الى اليوم محتشمة وتكاد تكون غائبة تماما عن المشهد، باستثناء بعض التصريحات المتفرقة والمحتشمة لبعض النواب ولكن في النهاية جلّ التصريحات تصب في خانة خدمة المسار.
ويتجلّى ذلك بوضوح بعد أن حرم النواب أنفسهم إمكانية المعارضة، وتخلّوا طوعا عمّا يُسمّى بالمعارضة البرلمانية وهو الدور الذي كان يمكن أن تلعبه بعض هذه الكتل البرلمانية ولكنها جميعا اختارت الانخراط في المسار وتخلت عن دور المعارضة بما يضرب أساسا قوّيا من أسس الديمقراطية السليمة وهو وجود قوى تحكم وقوى تعارض ولكن الأمر لا يتوفّر في هذا البرلمان.. وحتى القوى المعارضة من خارج البرلمان بقيت معارضتها مهمشة وغير مؤثرة في الأحداث وغير قادرة لا على التغيير ولا على صنع الفارق .
وكل ذلك يدفع الى حقيقة واحدة وهي وجود قوة سياسية واحدة تهميّن على السلطة التنفيذية وكذلك على السلطة التشريعية وأن هذا البرلمان سيكون في خدمة تلك القوة السياسية ولن يكون له دور لا في مراقبة أعمالها ولا في معارضة أو محاججة خياراتها.. خاصة بوجود تلك الكتل البرلمان التي تتكون في الأغلب من أفراد وليس من أحزاب، حيث كان بالإمكان لوجود قوى حزبية خلف تلك الكتل أن يصنع الاختلاف والتباين في المواقف السياسية من بعض السياسات وبعض القرارات، باعتبار اختلاف رؤى وتوجهات الأحزاب سواء كانت تنبع من مرجعيات فكرية أو من مرجعيات سياسية براغماتية .
وحتى وجود بعض الأحزاب في هذا البرلمان ممثلة في بعض قياداتها أو أعضائها لا يمكن أن يؤكد أن هذه الكتل مدعومة حزبية، فباستثناء كتلة الخط الوطني السيادي والتي تتكون من نواب عن حركة الشعب وعن حزب الوطد – شق منجي الرحوي بالأساس، فإن هذه الكتلة ورغم طابعها الحزبي لا يمكن أن تعمل وفق صفتها الحزبية بل ستعمل وفق القواعد الجديدة التي أملاها الدستور والقانون الانتخابي والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.. وبالتالي فإن فكرة وجود كتل برلمانية غير مسنودة حزبيا تبدو فكرة هجينة في العمل السياسي وتطرح أسئلة حول مستقبل هذه الكتل بوجود نواب لا يجمعهم في الغالب إلا وجودهم تحت قبة البرلمان وليس هناك لا أفكار ولا مرجعيات ولا إيديولوجيات تجمعهم.