يستمر نزيف ضحيا العنف الزوجي من النساء بعد سقوط ضحيّة جديدة على إثر إقدام رجل سبعيني بعمادة بئر مسيكين من معتمدية بوحجلة بولاية القيروان على حرق زوجته (69 سنة) وابنته وتسليم نفسه إلى الأجهزة الأمنيّة بالمكان. وقد توفيت الزوجة متأثرة بحروقها في حين تقيم الابنة بمستشفي الحروق البليغة وهي تعاني من حروق من الدرجة الثالثة.
وتطرح ملابسات هذه الحادثة المأساوية، المتزامنة مع اليوم العالمي للأسرة الموافق لـ15 ماي من كل سنة، أكثر من نقطة استفهام يتعين التوقف عندها بكل جدية لمعرفة الأسباب التي تدفع مسن لاقتراف مثل هذه الجريمة البشعة في حق زوجته وابنته لا سيما وأن حوادث مماثلة تتالت في الآونة الأخيرة وسط العائلات ومست مختلف الشرائح العمرية والجهات والأوساط الاجتماعية حتى نكاد نتحدث عن ظاهرة إقدام الأزواج على قتل الزوجات والأبناء بشتى الطرق الوحشية خنقا وحرقا وطعنا.
تواتر وتشابه
تأتى حادثة بوجحلة الأخيرة بعد فترة وجيزة من حادثة سوسة التي هزت الرأي العام وكانت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر 30 عاما وأم لـ4 أطفال بعد أن أقدم زوجها على خنقها وهي حامل في الشهر الخامس.
قبل تلك الحادثة بحوالي أسبوعين شهدت معتمدية نصرالله من ولاية القيروان، جريمة قتل راحت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر 32 سنة بعد أن أقدم زوجها على خنقا حتى الموت.
وسجلت بلادنا حصيلة ثقيلة من جرائم قتل النساء منذ بداية السنة، إذ تم إحصاء ما يزيد عن حالة قتل شهريا، وفق وزارة المرأة كما أصبح العنف الزوجي يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة من حالات العنف الذي تعاني منه النساء.
لا شك أن تواتر جرائم القتل في حق النساء الزوجات والأبناء وتشابهها أحيانا كثيرة يضع الجميع أمام مسؤولياته جهات رسمية ومجتمع وجمعيات ناشطة في مجالات المرأة والطفولة والأسرة والعنف بكل أشكاله. ولعل ذلك ما دفع وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، إلى إصدار بلاغ أول أمس على هامش حادثة بوحجلة للدعوة إلى "التطبيق الصارم لمقتضيات القانون الأساسيّ عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بمناهضة العنف ضدّ المرأة وتعزيز الجهد الوطني الشبكي لمحاصرة تنامي العنف ضدّ النساء والفتيات والأطفال ومضاعفة الجهود التشاركيّة والجماعيّة التي تبذلها مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع المدني وقطاع الإعلام لمحاصرة انتشار ثقافة العنف ومعالجة أسبابها وتداعياتها على نحو استراتيجيّ وشامل".
فهم الظاهرة وتحليلها
كما أكدت أمس وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى، إن الوزارة تعمل على إعداد تقرير يعرض جرائم قتل النساء من 2013 الى غاية آخر جريمة والتي جدت أول أمس في بوحجلة. وسيتم موفى هذا الأسبوع تقديم كل البيانات والمعطيات التي سيتم التوصل لها.
مضيفة في تصريح إذاعي أنه من الضروري "فهم أسباب هذا النوع من الجرائم وتحديد ملامح الضحايا وملامح القائمين بها" مؤكدة وجود لجنة في الغرض تضم الوزارة والمرصد الوطني لمقاومة العنف وكافة الكفاءات مع مندوبي حماية الطفولة ومندوبي الأسرة والمرأة.
تجدر الإشارة إلى أنه في سياق مزيد فهم الظاهرة وتحليلها كانت ووزيرة المرأة قد أعلنت منذ أفريل الفارط، عن الإذن بإنجاز دراسة جديدة حول ظاهرة قتل الزوجات تكون جاهزة قبل موفي السنة وتتضمن خصائص الضحايا والقائمين بالعنف وأطفالهم.
كما تم إقرار الإسراع بإنجاز دراسة "التكلفة الاجتماعية والاقتصادية للعنف المسلط على النساء" خُصصت لها 250 ألف دينار وسيتم تنظيم ندوة وطنيّة موفى شهر جوان القادم للتباحث حول مدى جدوى وضرورة تنقيح القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
الأسباب الاقتصادية
في انتظار الدراسات الدقيقة والمعمقة لتنامي جرائم القتل ضد الزوجات يقر المختصون في علم الاجتماع أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية والمشاكل الاجتماعية وما يترتب عنها من ضغوط نفسية هي السبب الرئيسي وأهم الدوافع لتنامي العنف الأسري والزوجي الذي يصل إلى وجهه الأقصى والأكثر بشاعة وهو القتل.
كما تقر بدورها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن بهذا الجانب حيث كشفت في بيانها أول أمس أنها واعية تماما بأن البعد الاقتصادي يساهم في توتير المجتمع وفي ارتكاب العنف داخل المجتمع وأنه تم في هذا الإطار الإعلان عن برنامج صامدة .
ومؤخرا وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة أعلنت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن من واجب الدولة حماية النساء ضحايا العنف وتوفير كل مقومات الحياة الكريمة.
واعتبرت أن "الآلية الاقتصادية ومن بينها البرنامج الوطني « صامدة » يعدّ من بين أهم الآليات الأساسية للنهوض بأوضاع النساء مؤكدة أن رئاسة الحكومة ستعمل من جهتها على دعمه بالاعتمادات اللازمة على اعتباره مثالا لترابط التمكين الاقتصادي ومقاومة العنف ضد المرأة كواجب محمول قانونيا ومدنيا ومجتمعيا على الجميع".
م.ي
زوجات وأبناء يقتلون حرقا وخنقا وأرقام العنف مفزعة
تونس-الصباح
يستمر نزيف ضحيا العنف الزوجي من النساء بعد سقوط ضحيّة جديدة على إثر إقدام رجل سبعيني بعمادة بئر مسيكين من معتمدية بوحجلة بولاية القيروان على حرق زوجته (69 سنة) وابنته وتسليم نفسه إلى الأجهزة الأمنيّة بالمكان. وقد توفيت الزوجة متأثرة بحروقها في حين تقيم الابنة بمستشفي الحروق البليغة وهي تعاني من حروق من الدرجة الثالثة.
وتطرح ملابسات هذه الحادثة المأساوية، المتزامنة مع اليوم العالمي للأسرة الموافق لـ15 ماي من كل سنة، أكثر من نقطة استفهام يتعين التوقف عندها بكل جدية لمعرفة الأسباب التي تدفع مسن لاقتراف مثل هذه الجريمة البشعة في حق زوجته وابنته لا سيما وأن حوادث مماثلة تتالت في الآونة الأخيرة وسط العائلات ومست مختلف الشرائح العمرية والجهات والأوساط الاجتماعية حتى نكاد نتحدث عن ظاهرة إقدام الأزواج على قتل الزوجات والأبناء بشتى الطرق الوحشية خنقا وحرقا وطعنا.
تواتر وتشابه
تأتى حادثة بوجحلة الأخيرة بعد فترة وجيزة من حادثة سوسة التي هزت الرأي العام وكانت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر 30 عاما وأم لـ4 أطفال بعد أن أقدم زوجها على خنقها وهي حامل في الشهر الخامس.
قبل تلك الحادثة بحوالي أسبوعين شهدت معتمدية نصرالله من ولاية القيروان، جريمة قتل راحت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر 32 سنة بعد أن أقدم زوجها على خنقا حتى الموت.
وسجلت بلادنا حصيلة ثقيلة من جرائم قتل النساء منذ بداية السنة، إذ تم إحصاء ما يزيد عن حالة قتل شهريا، وفق وزارة المرأة كما أصبح العنف الزوجي يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة من حالات العنف الذي تعاني منه النساء.
لا شك أن تواتر جرائم القتل في حق النساء الزوجات والأبناء وتشابهها أحيانا كثيرة يضع الجميع أمام مسؤولياته جهات رسمية ومجتمع وجمعيات ناشطة في مجالات المرأة والطفولة والأسرة والعنف بكل أشكاله. ولعل ذلك ما دفع وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، إلى إصدار بلاغ أول أمس على هامش حادثة بوحجلة للدعوة إلى "التطبيق الصارم لمقتضيات القانون الأساسيّ عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بمناهضة العنف ضدّ المرأة وتعزيز الجهد الوطني الشبكي لمحاصرة تنامي العنف ضدّ النساء والفتيات والأطفال ومضاعفة الجهود التشاركيّة والجماعيّة التي تبذلها مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع المدني وقطاع الإعلام لمحاصرة انتشار ثقافة العنف ومعالجة أسبابها وتداعياتها على نحو استراتيجيّ وشامل".
فهم الظاهرة وتحليلها
كما أكدت أمس وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى، إن الوزارة تعمل على إعداد تقرير يعرض جرائم قتل النساء من 2013 الى غاية آخر جريمة والتي جدت أول أمس في بوحجلة. وسيتم موفى هذا الأسبوع تقديم كل البيانات والمعطيات التي سيتم التوصل لها.
مضيفة في تصريح إذاعي أنه من الضروري "فهم أسباب هذا النوع من الجرائم وتحديد ملامح الضحايا وملامح القائمين بها" مؤكدة وجود لجنة في الغرض تضم الوزارة والمرصد الوطني لمقاومة العنف وكافة الكفاءات مع مندوبي حماية الطفولة ومندوبي الأسرة والمرأة.
تجدر الإشارة إلى أنه في سياق مزيد فهم الظاهرة وتحليلها كانت ووزيرة المرأة قد أعلنت منذ أفريل الفارط، عن الإذن بإنجاز دراسة جديدة حول ظاهرة قتل الزوجات تكون جاهزة قبل موفي السنة وتتضمن خصائص الضحايا والقائمين بالعنف وأطفالهم.
كما تم إقرار الإسراع بإنجاز دراسة "التكلفة الاجتماعية والاقتصادية للعنف المسلط على النساء" خُصصت لها 250 ألف دينار وسيتم تنظيم ندوة وطنيّة موفى شهر جوان القادم للتباحث حول مدى جدوى وضرورة تنقيح القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
الأسباب الاقتصادية
في انتظار الدراسات الدقيقة والمعمقة لتنامي جرائم القتل ضد الزوجات يقر المختصون في علم الاجتماع أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية والمشاكل الاجتماعية وما يترتب عنها من ضغوط نفسية هي السبب الرئيسي وأهم الدوافع لتنامي العنف الأسري والزوجي الذي يصل إلى وجهه الأقصى والأكثر بشاعة وهو القتل.
كما تقر بدورها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن بهذا الجانب حيث كشفت في بيانها أول أمس أنها واعية تماما بأن البعد الاقتصادي يساهم في توتير المجتمع وفي ارتكاب العنف داخل المجتمع وأنه تم في هذا الإطار الإعلان عن برنامج صامدة .
ومؤخرا وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة أعلنت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن من واجب الدولة حماية النساء ضحايا العنف وتوفير كل مقومات الحياة الكريمة.
واعتبرت أن "الآلية الاقتصادية ومن بينها البرنامج الوطني « صامدة » يعدّ من بين أهم الآليات الأساسية للنهوض بأوضاع النساء مؤكدة أن رئاسة الحكومة ستعمل من جهتها على دعمه بالاعتمادات اللازمة على اعتباره مثالا لترابط التمكين الاقتصادي ومقاومة العنف ضد المرأة كواجب محمول قانونيا ومدنيا ومجتمعيا على الجميع".