إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي | 75 عاما على النكبة.. أهمية وخطورة الزمن في الصراع مع المشروع الصهيوني؟!

 

بقلم: نواف الزرو

نعود اليوم ونحن أمام الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة واستعمار فلسطين مرة أخرى وبلا كلل للدق على جدران الخزان فيما يتعلق بالأهمية الإستراتيجية لحسابات الوقت-الزمن في الصراع مع الاحتلال الصهيوني، فمما  لا شك ان عامل الوقت-الزمن يعتبر من اهم عوامل الإستراتيجية الصهيونية المعتمدة منذ أكثر من خمسة وسبعين عاما، بل لعل هذه المناسبة تقتضي من الفلسطينيين أولا ثم من العرب العروبيين ثانيا وقفة مراجعة حقيقية أمام عامل الزمن وأهميته في الصراع مع المشروع الصهيوني، فمرة ثانية وثالثة نعود لمناقشة مسألة ولعبة الزمن -الوقت ما بيننا وبين العدو، فنحن نلاحظ في السنوات الأخيرة أن “إسرائيل” تسابق الزمن وتستثمر الظروف والأحوال العربية وتستغل الانهيار العربي باتجاه التطبيع الى أقصى درجات الاستثمار والاستغلال، وهم يجمعون على أن هذه الفرصة السانحة لهم اليوم فرصة تاريخية لا تتكرر…وبالتالي يحرصون على استثمار الوقت الى ابعد الحدود، ما يقودنا الى مناقشة وتقييم أهمية الوقت -الزمن في صراعنا مع ذلك المشروع الصهيوني.

فقد ثبت عبر أكثر من خمسة وسبعين عاما مضت، أن “إسرائيل” تحتاج الى الوقت-الزمن والمزيد من الوقت دائما.. والمؤسسة الصهيونية تراهن على الوقت دائما.. والوقت مسألة حاسمة في الوجود الصهيوني…

والإستراتيجية الصهيونية تقوم منذ بدايات تلك الدولة، على كسب الوقت، وبناء وتكريس حقائق الأمر الواقع الاستعماري التهويدي، وأحكام القبضة الأمنية العسكرية استراتيجيا على فلسطين والمنطقة.

المؤسسة الصهيونية في سباق مرعب مع الوقت، وهي تحرص على عدم إضاعة دقيقة واحدة من الوقت بلا عمل صهيوني، إن على صعيد الأرض العربية المحتلة، أو على صعيد البناء العسكري الأمني، أو على صعيد البناء العلمي والثقافي، أو على المستوى الاقتصادي، أو على مستوى بناء العلاقات والتحالفات  في كافة القارات…!

فهم يعتبرون أنفسهم في صراع وجودي مع الفلسطينيين والعرب(العروبيين)، وهم لا ينامون…!

فهل هناك من لا يتابع أو يرى الذي يجري في كل دقيقة على أرض القدس والضفة الغربية مثلا…؟! أو في الجليل والمثلث والنقب…؟!

حيث يواصل البلدوزر الصهيوني أعمال الهدم والتجريف والتخريب بهدف تهديم المشهد العربي في فلسطين بكافة مضامينه التاريخية والحضارية والتراثية والدينية وبناء مشهد صهيوني تهويدي على أنقاضه…؟! أو على مستوى الاستعدادات العسكرية على كل الجبهات العربية…!

يوظفون كل طاقاتهم وعلاقاتهم ولوبياتهم وتأثيراتهم على المستوى العربي والأمريكي والدولي لغاية مد "إسرائيل" بالمزيد من الوقت.

وما الذي تابعناه على مستوى عملية السلام والمفاوضات المزعومة على مدى نحو سبعة وعشرين عاما إلا تكريسا للإستراتيجية الصهيونية في هدر الوقت العربي، لصالح بناء حقائق الأمر الواقع الاستيطاني التهويدي.

وقد سعت تلك الإستراتيجية تفاوضيا، منذ بدايات عملية المفاوضات الى”خفض سقف الطموحات الفلسطينية”، ورفض “الجداول الزمنية والمواعيد المقدسة-اي الملزمة- في المفاوضات، وهناك إجماع سياسي إسرائيلي  بين كافة الأحزاب المؤتلفة في الحكومة وخارجها على رفض الجداول والمواعيد، بينما تصر السياسة الصهيونية  دائما على مواصلة المفاوضات…هكذا من اجل المفاوضات..

بل يمكن القول “إن الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها أو اهدرها العرب لهم”، وفي هذا السياق والمضمون كتب المحلل الإسرائيلي المعروف ايتان هابر في  يديعوت احرونوت- 01 /7/2012 يقول:”ان شيئا واحدا فقط موجود بكثرة للعرب جميعا مهما كانوا، وهو غير موجود على الإطلاق للإسرائيليين وهو الزمن، فمفهوم الزمن عند العرب يختلف تمام الاختلاف عنه عندنا، فللعرب زمن دائما، فهم لا يُسرعون أبدا الى أي مكان، أما نحن الإسرائيليون في المقابل فليس عندنا زمن، بل يجب أن يكون كل شيء سريعا وفي أسرع وقت ممكن، ولا يوجد تأخيرات، ويبدو أن الحركة الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها العرب لنا، وقد تعلمنا كيف نستغل أحسن استغلال هذه الفترات لبناء دولة وإنشاء استيطان زاهر والإتيان بملايين المهاجرين وإنشاء وطن للشعب اليهودي، ونحن بيننا نضحك دائما على العرب الذين يسألون بجدية: “كم من الوقت حكم الصليبيون هنا؟، مئتا سنة فقط؟ سننتظر فعندنا زمن”.

وفي عملية المفاوضات أيضا، التي أصبح واضحا تماما انها كانت على مدار سنواتها هدرا عبثيا للزمن الفلسطيني العربي، بينما استثمرتها دولة الاحتلال  أفضل استثمار، فالحكومة الإسرائيلية تستحضر في هذا السياق مقولة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر نظر فيها قائلا: “أوهم الآخرين بأنك تتحرك في حين تكون ثابتا”، وهذه المقولة  كما يبدو غدت أساس التحركات الأمريكية –الإسرائيلية المشتركة في محور المفاوضات والتسوية، ما يفيد عمليا أن كل عملية المفاوضات والتحركات السياسية الإعلامية ما هي سوى أكذوبة ونصب واحتيال على الفلسطينيين والعرب.

الأمر الذي كان رئيس وزرائهم الأسبق اسحق شامير قد أكده منذ مؤتمر مدريد حينما أعلن: سوف اجعل المفاوضات تستمر عشر أو عشرين عاما دون أن نقدم شيئا للعرب”، ولذلك عندما يؤكد وزير الخارجية الإسرائيلي-الأسبق-، أفيغدور ليبرمان” أن المواقف الإسرائيلية والفلسطينية غير قابلة للجسر”، ويتوقع بأن “لا يتم تحقيق أي اختراق بعد 16 سنة”. موضحا:” إن اتفاقات أوسلو حددت سقفا زمنيا للتوصل إلى اتفاق، ومنذ ذلك الوقت مر 16 عاما، ولن يكون هناك اتفاق بعد 16 عاما آخر. مؤكدا:” لا يوجد أي احتمال لجسر الهوة بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية في المستقبل المنظور”، مضيفا:”إنه لا يؤمن بإمكانية التوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين في السنوات القريبة”، فانه بذلك يفصح  جهارا عما في فكرهم ونواياهم.

وعندما يعلن نتنياهو بدوره:”إنه يصعب عليه أن يصدق وجود إمكانية للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين”، فان الصورة تغدو واضحة ناصعة لا ينقصها سوى ان يعتبر الفلسطينيون والعرب المعنيون  في عدم هدر المزيد من الوقت لصالح البناء الصهيوني على الأرض…؟!

فمن شأن هدر الزمن-الوقت أن يحسم كل الأمور على الأرض بلا رجعة إذا لم نستدرك هذا العامل الاستراتيجي في صراعنا الوجودي مع المشروع الصهيوني…؟!

رأي  | 75  عاما على النكبة.. أهمية وخطورة الزمن في الصراع مع المشروع الصهيوني؟!

 

بقلم: نواف الزرو

نعود اليوم ونحن أمام الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة واستعمار فلسطين مرة أخرى وبلا كلل للدق على جدران الخزان فيما يتعلق بالأهمية الإستراتيجية لحسابات الوقت-الزمن في الصراع مع الاحتلال الصهيوني، فمما  لا شك ان عامل الوقت-الزمن يعتبر من اهم عوامل الإستراتيجية الصهيونية المعتمدة منذ أكثر من خمسة وسبعين عاما، بل لعل هذه المناسبة تقتضي من الفلسطينيين أولا ثم من العرب العروبيين ثانيا وقفة مراجعة حقيقية أمام عامل الزمن وأهميته في الصراع مع المشروع الصهيوني، فمرة ثانية وثالثة نعود لمناقشة مسألة ولعبة الزمن -الوقت ما بيننا وبين العدو، فنحن نلاحظ في السنوات الأخيرة أن “إسرائيل” تسابق الزمن وتستثمر الظروف والأحوال العربية وتستغل الانهيار العربي باتجاه التطبيع الى أقصى درجات الاستثمار والاستغلال، وهم يجمعون على أن هذه الفرصة السانحة لهم اليوم فرصة تاريخية لا تتكرر…وبالتالي يحرصون على استثمار الوقت الى ابعد الحدود، ما يقودنا الى مناقشة وتقييم أهمية الوقت -الزمن في صراعنا مع ذلك المشروع الصهيوني.

فقد ثبت عبر أكثر من خمسة وسبعين عاما مضت، أن “إسرائيل” تحتاج الى الوقت-الزمن والمزيد من الوقت دائما.. والمؤسسة الصهيونية تراهن على الوقت دائما.. والوقت مسألة حاسمة في الوجود الصهيوني…

والإستراتيجية الصهيونية تقوم منذ بدايات تلك الدولة، على كسب الوقت، وبناء وتكريس حقائق الأمر الواقع الاستعماري التهويدي، وأحكام القبضة الأمنية العسكرية استراتيجيا على فلسطين والمنطقة.

المؤسسة الصهيونية في سباق مرعب مع الوقت، وهي تحرص على عدم إضاعة دقيقة واحدة من الوقت بلا عمل صهيوني، إن على صعيد الأرض العربية المحتلة، أو على صعيد البناء العسكري الأمني، أو على صعيد البناء العلمي والثقافي، أو على المستوى الاقتصادي، أو على مستوى بناء العلاقات والتحالفات  في كافة القارات…!

فهم يعتبرون أنفسهم في صراع وجودي مع الفلسطينيين والعرب(العروبيين)، وهم لا ينامون…!

فهل هناك من لا يتابع أو يرى الذي يجري في كل دقيقة على أرض القدس والضفة الغربية مثلا…؟! أو في الجليل والمثلث والنقب…؟!

حيث يواصل البلدوزر الصهيوني أعمال الهدم والتجريف والتخريب بهدف تهديم المشهد العربي في فلسطين بكافة مضامينه التاريخية والحضارية والتراثية والدينية وبناء مشهد صهيوني تهويدي على أنقاضه…؟! أو على مستوى الاستعدادات العسكرية على كل الجبهات العربية…!

يوظفون كل طاقاتهم وعلاقاتهم ولوبياتهم وتأثيراتهم على المستوى العربي والأمريكي والدولي لغاية مد "إسرائيل" بالمزيد من الوقت.

وما الذي تابعناه على مستوى عملية السلام والمفاوضات المزعومة على مدى نحو سبعة وعشرين عاما إلا تكريسا للإستراتيجية الصهيونية في هدر الوقت العربي، لصالح بناء حقائق الأمر الواقع الاستيطاني التهويدي.

وقد سعت تلك الإستراتيجية تفاوضيا، منذ بدايات عملية المفاوضات الى”خفض سقف الطموحات الفلسطينية”، ورفض “الجداول الزمنية والمواعيد المقدسة-اي الملزمة- في المفاوضات، وهناك إجماع سياسي إسرائيلي  بين كافة الأحزاب المؤتلفة في الحكومة وخارجها على رفض الجداول والمواعيد، بينما تصر السياسة الصهيونية  دائما على مواصلة المفاوضات…هكذا من اجل المفاوضات..

بل يمكن القول “إن الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها أو اهدرها العرب لهم”، وفي هذا السياق والمضمون كتب المحلل الإسرائيلي المعروف ايتان هابر في  يديعوت احرونوت- 01 /7/2012 يقول:”ان شيئا واحدا فقط موجود بكثرة للعرب جميعا مهما كانوا، وهو غير موجود على الإطلاق للإسرائيليين وهو الزمن، فمفهوم الزمن عند العرب يختلف تمام الاختلاف عنه عندنا، فللعرب زمن دائما، فهم لا يُسرعون أبدا الى أي مكان، أما نحن الإسرائيليون في المقابل فليس عندنا زمن، بل يجب أن يكون كل شيء سريعا وفي أسرع وقت ممكن، ولا يوجد تأخيرات، ويبدو أن الحركة الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها العرب لنا، وقد تعلمنا كيف نستغل أحسن استغلال هذه الفترات لبناء دولة وإنشاء استيطان زاهر والإتيان بملايين المهاجرين وإنشاء وطن للشعب اليهودي، ونحن بيننا نضحك دائما على العرب الذين يسألون بجدية: “كم من الوقت حكم الصليبيون هنا؟، مئتا سنة فقط؟ سننتظر فعندنا زمن”.

وفي عملية المفاوضات أيضا، التي أصبح واضحا تماما انها كانت على مدار سنواتها هدرا عبثيا للزمن الفلسطيني العربي، بينما استثمرتها دولة الاحتلال  أفضل استثمار، فالحكومة الإسرائيلية تستحضر في هذا السياق مقولة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر نظر فيها قائلا: “أوهم الآخرين بأنك تتحرك في حين تكون ثابتا”، وهذه المقولة  كما يبدو غدت أساس التحركات الأمريكية –الإسرائيلية المشتركة في محور المفاوضات والتسوية، ما يفيد عمليا أن كل عملية المفاوضات والتحركات السياسية الإعلامية ما هي سوى أكذوبة ونصب واحتيال على الفلسطينيين والعرب.

الأمر الذي كان رئيس وزرائهم الأسبق اسحق شامير قد أكده منذ مؤتمر مدريد حينما أعلن: سوف اجعل المفاوضات تستمر عشر أو عشرين عاما دون أن نقدم شيئا للعرب”، ولذلك عندما يؤكد وزير الخارجية الإسرائيلي-الأسبق-، أفيغدور ليبرمان” أن المواقف الإسرائيلية والفلسطينية غير قابلة للجسر”، ويتوقع بأن “لا يتم تحقيق أي اختراق بعد 16 سنة”. موضحا:” إن اتفاقات أوسلو حددت سقفا زمنيا للتوصل إلى اتفاق، ومنذ ذلك الوقت مر 16 عاما، ولن يكون هناك اتفاق بعد 16 عاما آخر. مؤكدا:” لا يوجد أي احتمال لجسر الهوة بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية في المستقبل المنظور”، مضيفا:”إنه لا يؤمن بإمكانية التوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين في السنوات القريبة”، فانه بذلك يفصح  جهارا عما في فكرهم ونواياهم.

وعندما يعلن نتنياهو بدوره:”إنه يصعب عليه أن يصدق وجود إمكانية للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين”، فان الصورة تغدو واضحة ناصعة لا ينقصها سوى ان يعتبر الفلسطينيون والعرب المعنيون  في عدم هدر المزيد من الوقت لصالح البناء الصهيوني على الأرض…؟!

فمن شأن هدر الزمن-الوقت أن يحسم كل الأمور على الأرض بلا رجعة إذا لم نستدرك هذا العامل الاستراتيجي في صراعنا الوجودي مع المشروع الصهيوني…؟!