رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ: الارتقاء الآلي في حال حصل فانه سيتسبب بالضرورة في الإضرار بكامل المسار التعليمي للتلميذ
تونس – الصباح
يبدو أن شبح الارتقاء الآلي مازال يخيم على السنة الدراسية الحالية في ظل عدم توصل سلطة الإشراف ممثلة في وزارة التربية والهياكل النقابية الى اتفاق نهائي بعد سلسلة من المفاوضات امتدت طيلة السنة الحالية، ما أدى الى حجب الأعداد عن التلاميذ والأولياء خلال الثلاثيتين الأولى والثانية.
ونذكر انه في 2015 قرر وزير التربية آنذاك ناجى جلول تمكين تلاميذ المدارس الابتدائية العمومية من الارتقاء الآلي الى المستوى الأعلى ردا على مقاطعة مدرسي المرحلة الابتدائية امتحانات الثلاثي الأخير انجازا وإصلاحا.
ويبقى سيناريو الارتقاء الآلي متوقعا خلال السنة الدراسية الحالية في ظل مواصلة حجب الأعداد.
وكان الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي المكلف بالشؤون القانونية لطفي البلغوثي أكد "لموزاييك" بان الجامعة تلقت أصداء من كواليس وزارة التربية مفادها إمكانية الالتجاء للارتقاء الآلي بقطاع الابتدائي في صورة تواصل الأزمة.
واعتبر الكاتب العام المساعد أن اللجوء إلى هذا القرار خطير جدا ويهدد المنظومة التربوية وسيضرب قطاع التعليم في العمق ويتناقض مع برنامج الإصلاح التربوي والنجاح الآلي يلغي تماما أي تفكير في إصلاح التعليم.
كما أشار الكاتب العام المساعد الى صعوبة الحديث عن الارتقاء الآلي والسنة البيضاء باعتبار أن حجب الأعداد كان بنسب متفاوتة بين الجهات وعدد كبير من المربين لم يسلموا الأعداد مشددا على حرص الجامعة العامة للتعليم الأساسي على تفادي كل هذه السيناريوهات من خلال إصرارها على مواصلة التفاوض الجدي وتحقيق جزء من مطالب المربين مع طرح إمكانية الاتفاق مع تأجيل التنفيذ مراعاة الوضعية المالية الصعبة الذي تمر به البلاد.
هذا وتتواصل أزمة المدرسة العمومية في جانبها المتعلق بحجب الأعداد بالنسبة للامتحانات الثلاثي الأول ثمّ الثاني والتي تلقي بظلالها اليوم على الثلاثي الثالث، وقد اعتبر رضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن حجب الأعداد عن التلاميذ بدعة تونسية لا مثيل لها في أي مجتمع من مجتمعات العالم وقد أرهقت العائلات التونسية، تلاميذ وأولياء، لما تمثله من ارتهان حقوق وتهميش واستهتار بمستقبل الأجيال ولما تطرحه اليوم من تساؤلات خطيرة بخصوص مآل السنة الدراسية الحالية وهي وضعية يمكن تشبيهها بأطباء يفحصون المرضى ويمتنعون عن مدهم بوصفات الدواء.
وأضاف الزهروني أن الكلّ يتحدث اليوم على احتمال الوقوع في فخ الارتقاء الآلي لان إمكانية المخاطرة بسنة بيضاء تبقى مستبعدة، لما ستمثله من انعكاسات خطيرة جدا في كلّ المستويات، وحتى اللجوء إلى الارتقاء الآلي يمثل في حدّ ذاته نكسة للمدرسة العمومية بالخصوص، لانّ منظومة التقييم ومدّ التلاميذ والأولياء بالأعداد والمعدلات وإرفاقها بملاحظات أساتذتهم ومعلميهم يمثل جزءا لا يتجزأ من المنظومة التربوية ومن مناهجها البيداغوجية وعلى هذا الأساس فان الاستغناء على هذا الجانب بالنسبة لامتحانات الثلاثي الأول ثم الثاني وربما الثلاثي الثالث يعني حرمان التلميذ ومن خلاله الولي من حق الوقوف على المستوى الفعلي للمتعلم ليتسنى له تلافي سلبياته وتدعيم ايجابياته.
وشدد محدثنا ان الارتقاء الآلي في حال حصل فانه سيتسبب بالضرورة في الإضرار بكامل المسار التعليمي للتلميذ عندما يرتقي من سنة إلى سنة من دون بلوغ المستوى المطلوب وبالمنظومة ككلّ من خلال تراجع المستوى التعليمي وتدني نتائج الامتحانات الوطنية بالتوازي مع ارتفاع نسبة المنقطعين عن الدراسة وهي أضرار خطيرة تتراكم مع تواتر الأزمات وسيكون اكبر ضحاياه أبناء وبنات الفئات الهشة والمحتاجة والجهات المحرومة والمنسية.
وفي نفس الإطار أكد الزهروني أن الحل يبقى في متناول هرم السلطة التنفيذية أي رئيس الجمهورية والذي يمكن له من موقعه السياسي والاعتباري، أن يُقرّ ما يجب من إجراءات لوضع حد لهذه الكارثة ليتسنى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من السنة الدراسية الحالية من خلال تمكين أبنائنا وبناتنا من القادرين من التهيؤ إلى لامتحانات الوطنية والتي أصبحت على الأبواب ولتجنيب التلاميذ مثل هذه الأزمات في المستقبل عندما يتم اللجوء فيها إلى ارتهان حقوق المتعلمين عند معالجة ملفات ونزاعات ليست لهم فيها لا ناقة ولا جمل.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال استقباله الخميس الفارط 4 ماي 2023 كل من وزير التربية محمد علي البوغديري ووزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير، أكد رئيس الجمهورية على قداسة دور المربين من معلمين وأساتذة في كافة مراحل التعليم وضرورة التوصل إلى حل في أقرب الآجال لوضع حد نهائي للأزمة المتصلة بحجب الأعداد، قائلا "ان التلاميذ أمانة في أعناقنا جميعا فهُم والطلبة ثروتنا التي لا تنضب وعلى جميع الأطراف أن تعمل من أجل الحفاظ على هذه الأمانة وصونها".
من جانبه قال سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم ان المنظومة التّربويّة تعودت على الأزمات المتلاحقة وهي أزمات استنزفت هذه المنظومة وأضرّت بها إلى حدّ بعيد وأدخلتها في نفق مظلم ما فتئت تتوغّل فيه سنة بعد أخرى. ولئن تتالت الأزمات وتعدّدت أسبابها ومظاهرها وتفاوتت آثارها، فإنّ منظومة التّعليم العموميّ تعيش منذ بداية هذه السّنة عبثا غير مسبوق، بدأ بحرمان مئات الآلاف من بنات تونس وأبنائها في المرحلة الابتدائيّة من حقّهم في التّعليم طيلة الثّلاثيّة الأولى التي تمثّل عمليّا نصف السّنة الدّراسيّة، وتواصل بالعودة إلى بدعة حجب الأعداد التي أربكت التّلاميذ والأسر والمربّين والإدارة على حدّ سواء.
وأضاف قائلا "إنّنا ندخل فترة البكالوريا البيضاء، ونتأهّب لخوض غمار الامتحانات الوطنيّة، وليس لأيّ أحد أدنى تصوّر عن كيفيّة حلّ للخروج من هذا المأزق المجانيّ الذي أوقعنا فيه البعض، بسبب قصور حادّ في النّظر، وعجز مزمن عن التّفكير خارج الحسابات الضّيّقة والعنتريّات الجوفاء، وإحساس بالقدرة على التّلاعب بمصير أكثر من مليوني تلميذة وتلميذ دون مساءلة ولا محاسبة. وأيّا كان مآل الأزمة الحاليّة، فإنّنا لا نملك إلاّ أن نسجّل أنّ أضرارا فادحة قد حصلت بالفعل، وأنّ إصلاحها سيكون بالغ الصّعوبة والمشقّة إن لم يكن مستحيلا، فمنظومتنا التّربويّة قد توغّلت أشواطا أخرى في أدغال الفوضى وانعدام الجودة والضرب عرض الحائط بمصلحة المتعلّمين، والأدهى من ذلك أنّ ذلك يتمّ تحت راية الدّفاع عن هذه المنظومة وعن مصلحة المنتمين إليها.
وشدد محدثنا على انه" آن منذ وقت طويل الأوان لطرح السّؤال عن المستفيد الحقيقيّ من الأزمات المتتالية التي ما فتئت تعيشها منظومتنا التّربويّة لأنّه من الواضح أنّ جميع الأطراف المعنيّة، الظّاهرة للعيان، خاسرة في لعبة شدّ الحبل التي نراقبها بين النّقابة والوزارة، فلئن كان التّلميذ والوليّ أوّل الخاسرين، فإنّنا لا يمكن اعتبار المنظومة التّربويّة رابحة لما لحق المدرسة العموميّة ويلحقها من أضرار نتيجة حجب الأعداد، وذات الأمر ينطبق على النّقابة، حيث تتزايد التّهجّمات على منظوريها ورميهم بشتّى التّهم، رغم أن الإنصاف يقتضي التّذكير بأنّ الغالبيّة العظمى من المدرّسين قد قاموا بواجبهم على أكمل وجه، وسلّموا الإدارة كافّة الأعداد. فلصالح من يقع كلّ هذا التّصعيد؟ وما هي تحديدا الأهداف التي يجري العمل على بلوغها على حساب المنظومة التّعليم العموميّ بكافّة مكوّناتها وبجميع المنتمين إليها؟"
واعتبر رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم أنّ الضّرر قد حصل فعلا، فآلاف التّلاميذ المتميّزين قد حرموا من التّسجيل الأوّلي في الجامعات الأجنبيّة بسبب حرمانهم من حقّهم في الحصول على بطاقات أعدادهم، والأسر التّونسيّة قد حرمت من أهمّ أداة لمتابعة أداء أبنائها، وهي بطاقات الأعداد، وهو ما ولّد حالة من التّراخي في صفوف التّلاميذ وتراجعا غير مسبوق في دافعيّتهم، والمدرّسون قد حرموا من الفرصة الوحيدة للعمل الجماعيّ المهيكل لتحسين نتائج أبنائهم التّلاميذ بسبب عدم عقد مجالس الأقسام، بل إنّنا سجّلنا مع انطلاقة الثّلاثيّة الثّالثة حالة من التّراخي المفهومة والمنتظرة في ما يتعلّق بإصلاح الامتحانات وإرجاعها، في غياب إصدار بطاقات الأعداد وعقد مجالس الأقسام، والنّتيجة أنّنا نتأهب لتنظيم امتحانات وطنيّة لتلاميذ تحصّل بعضهم على حقوقهم كاملة في المدارس الخاصّة وبفضل الدّروس الخصوصيّة، وحرم بعضهم الآخر من جزء كبير من هذه الحقوق دون أن يكون لهم من ذنب سوى الانتماء إلى المدرسة العموميّة وإلى فئات اجتماعيّة هشّة ومناطق ظلّ تربويّة. فهل بقي من معنى بعد كلّ هذا للحديث عن الإنصاف وتكافؤ الفرص، وعن مدرسة شعبيّة وتعليم ديمقراطيّ وثقافة وطنيّة.
جهاد الكلبوسي
رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ: الارتقاء الآلي في حال حصل فانه سيتسبب بالضرورة في الإضرار بكامل المسار التعليمي للتلميذ
تونس – الصباح
يبدو أن شبح الارتقاء الآلي مازال يخيم على السنة الدراسية الحالية في ظل عدم توصل سلطة الإشراف ممثلة في وزارة التربية والهياكل النقابية الى اتفاق نهائي بعد سلسلة من المفاوضات امتدت طيلة السنة الحالية، ما أدى الى حجب الأعداد عن التلاميذ والأولياء خلال الثلاثيتين الأولى والثانية.
ونذكر انه في 2015 قرر وزير التربية آنذاك ناجى جلول تمكين تلاميذ المدارس الابتدائية العمومية من الارتقاء الآلي الى المستوى الأعلى ردا على مقاطعة مدرسي المرحلة الابتدائية امتحانات الثلاثي الأخير انجازا وإصلاحا.
ويبقى سيناريو الارتقاء الآلي متوقعا خلال السنة الدراسية الحالية في ظل مواصلة حجب الأعداد.
وكان الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي المكلف بالشؤون القانونية لطفي البلغوثي أكد "لموزاييك" بان الجامعة تلقت أصداء من كواليس وزارة التربية مفادها إمكانية الالتجاء للارتقاء الآلي بقطاع الابتدائي في صورة تواصل الأزمة.
واعتبر الكاتب العام المساعد أن اللجوء إلى هذا القرار خطير جدا ويهدد المنظومة التربوية وسيضرب قطاع التعليم في العمق ويتناقض مع برنامج الإصلاح التربوي والنجاح الآلي يلغي تماما أي تفكير في إصلاح التعليم.
كما أشار الكاتب العام المساعد الى صعوبة الحديث عن الارتقاء الآلي والسنة البيضاء باعتبار أن حجب الأعداد كان بنسب متفاوتة بين الجهات وعدد كبير من المربين لم يسلموا الأعداد مشددا على حرص الجامعة العامة للتعليم الأساسي على تفادي كل هذه السيناريوهات من خلال إصرارها على مواصلة التفاوض الجدي وتحقيق جزء من مطالب المربين مع طرح إمكانية الاتفاق مع تأجيل التنفيذ مراعاة الوضعية المالية الصعبة الذي تمر به البلاد.
هذا وتتواصل أزمة المدرسة العمومية في جانبها المتعلق بحجب الأعداد بالنسبة للامتحانات الثلاثي الأول ثمّ الثاني والتي تلقي بظلالها اليوم على الثلاثي الثالث، وقد اعتبر رضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن حجب الأعداد عن التلاميذ بدعة تونسية لا مثيل لها في أي مجتمع من مجتمعات العالم وقد أرهقت العائلات التونسية، تلاميذ وأولياء، لما تمثله من ارتهان حقوق وتهميش واستهتار بمستقبل الأجيال ولما تطرحه اليوم من تساؤلات خطيرة بخصوص مآل السنة الدراسية الحالية وهي وضعية يمكن تشبيهها بأطباء يفحصون المرضى ويمتنعون عن مدهم بوصفات الدواء.
وأضاف الزهروني أن الكلّ يتحدث اليوم على احتمال الوقوع في فخ الارتقاء الآلي لان إمكانية المخاطرة بسنة بيضاء تبقى مستبعدة، لما ستمثله من انعكاسات خطيرة جدا في كلّ المستويات، وحتى اللجوء إلى الارتقاء الآلي يمثل في حدّ ذاته نكسة للمدرسة العمومية بالخصوص، لانّ منظومة التقييم ومدّ التلاميذ والأولياء بالأعداد والمعدلات وإرفاقها بملاحظات أساتذتهم ومعلميهم يمثل جزءا لا يتجزأ من المنظومة التربوية ومن مناهجها البيداغوجية وعلى هذا الأساس فان الاستغناء على هذا الجانب بالنسبة لامتحانات الثلاثي الأول ثم الثاني وربما الثلاثي الثالث يعني حرمان التلميذ ومن خلاله الولي من حق الوقوف على المستوى الفعلي للمتعلم ليتسنى له تلافي سلبياته وتدعيم ايجابياته.
وشدد محدثنا ان الارتقاء الآلي في حال حصل فانه سيتسبب بالضرورة في الإضرار بكامل المسار التعليمي للتلميذ عندما يرتقي من سنة إلى سنة من دون بلوغ المستوى المطلوب وبالمنظومة ككلّ من خلال تراجع المستوى التعليمي وتدني نتائج الامتحانات الوطنية بالتوازي مع ارتفاع نسبة المنقطعين عن الدراسة وهي أضرار خطيرة تتراكم مع تواتر الأزمات وسيكون اكبر ضحاياه أبناء وبنات الفئات الهشة والمحتاجة والجهات المحرومة والمنسية.
وفي نفس الإطار أكد الزهروني أن الحل يبقى في متناول هرم السلطة التنفيذية أي رئيس الجمهورية والذي يمكن له من موقعه السياسي والاعتباري، أن يُقرّ ما يجب من إجراءات لوضع حد لهذه الكارثة ليتسنى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من السنة الدراسية الحالية من خلال تمكين أبنائنا وبناتنا من القادرين من التهيؤ إلى لامتحانات الوطنية والتي أصبحت على الأبواب ولتجنيب التلاميذ مثل هذه الأزمات في المستقبل عندما يتم اللجوء فيها إلى ارتهان حقوق المتعلمين عند معالجة ملفات ونزاعات ليست لهم فيها لا ناقة ولا جمل.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال استقباله الخميس الفارط 4 ماي 2023 كل من وزير التربية محمد علي البوغديري ووزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير، أكد رئيس الجمهورية على قداسة دور المربين من معلمين وأساتذة في كافة مراحل التعليم وضرورة التوصل إلى حل في أقرب الآجال لوضع حد نهائي للأزمة المتصلة بحجب الأعداد، قائلا "ان التلاميذ أمانة في أعناقنا جميعا فهُم والطلبة ثروتنا التي لا تنضب وعلى جميع الأطراف أن تعمل من أجل الحفاظ على هذه الأمانة وصونها".
من جانبه قال سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم ان المنظومة التّربويّة تعودت على الأزمات المتلاحقة وهي أزمات استنزفت هذه المنظومة وأضرّت بها إلى حدّ بعيد وأدخلتها في نفق مظلم ما فتئت تتوغّل فيه سنة بعد أخرى. ولئن تتالت الأزمات وتعدّدت أسبابها ومظاهرها وتفاوتت آثارها، فإنّ منظومة التّعليم العموميّ تعيش منذ بداية هذه السّنة عبثا غير مسبوق، بدأ بحرمان مئات الآلاف من بنات تونس وأبنائها في المرحلة الابتدائيّة من حقّهم في التّعليم طيلة الثّلاثيّة الأولى التي تمثّل عمليّا نصف السّنة الدّراسيّة، وتواصل بالعودة إلى بدعة حجب الأعداد التي أربكت التّلاميذ والأسر والمربّين والإدارة على حدّ سواء.
وأضاف قائلا "إنّنا ندخل فترة البكالوريا البيضاء، ونتأهّب لخوض غمار الامتحانات الوطنيّة، وليس لأيّ أحد أدنى تصوّر عن كيفيّة حلّ للخروج من هذا المأزق المجانيّ الذي أوقعنا فيه البعض، بسبب قصور حادّ في النّظر، وعجز مزمن عن التّفكير خارج الحسابات الضّيّقة والعنتريّات الجوفاء، وإحساس بالقدرة على التّلاعب بمصير أكثر من مليوني تلميذة وتلميذ دون مساءلة ولا محاسبة. وأيّا كان مآل الأزمة الحاليّة، فإنّنا لا نملك إلاّ أن نسجّل أنّ أضرارا فادحة قد حصلت بالفعل، وأنّ إصلاحها سيكون بالغ الصّعوبة والمشقّة إن لم يكن مستحيلا، فمنظومتنا التّربويّة قد توغّلت أشواطا أخرى في أدغال الفوضى وانعدام الجودة والضرب عرض الحائط بمصلحة المتعلّمين، والأدهى من ذلك أنّ ذلك يتمّ تحت راية الدّفاع عن هذه المنظومة وعن مصلحة المنتمين إليها.
وشدد محدثنا على انه" آن منذ وقت طويل الأوان لطرح السّؤال عن المستفيد الحقيقيّ من الأزمات المتتالية التي ما فتئت تعيشها منظومتنا التّربويّة لأنّه من الواضح أنّ جميع الأطراف المعنيّة، الظّاهرة للعيان، خاسرة في لعبة شدّ الحبل التي نراقبها بين النّقابة والوزارة، فلئن كان التّلميذ والوليّ أوّل الخاسرين، فإنّنا لا يمكن اعتبار المنظومة التّربويّة رابحة لما لحق المدرسة العموميّة ويلحقها من أضرار نتيجة حجب الأعداد، وذات الأمر ينطبق على النّقابة، حيث تتزايد التّهجّمات على منظوريها ورميهم بشتّى التّهم، رغم أن الإنصاف يقتضي التّذكير بأنّ الغالبيّة العظمى من المدرّسين قد قاموا بواجبهم على أكمل وجه، وسلّموا الإدارة كافّة الأعداد. فلصالح من يقع كلّ هذا التّصعيد؟ وما هي تحديدا الأهداف التي يجري العمل على بلوغها على حساب المنظومة التّعليم العموميّ بكافّة مكوّناتها وبجميع المنتمين إليها؟"
واعتبر رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم أنّ الضّرر قد حصل فعلا، فآلاف التّلاميذ المتميّزين قد حرموا من التّسجيل الأوّلي في الجامعات الأجنبيّة بسبب حرمانهم من حقّهم في الحصول على بطاقات أعدادهم، والأسر التّونسيّة قد حرمت من أهمّ أداة لمتابعة أداء أبنائها، وهي بطاقات الأعداد، وهو ما ولّد حالة من التّراخي في صفوف التّلاميذ وتراجعا غير مسبوق في دافعيّتهم، والمدرّسون قد حرموا من الفرصة الوحيدة للعمل الجماعيّ المهيكل لتحسين نتائج أبنائهم التّلاميذ بسبب عدم عقد مجالس الأقسام، بل إنّنا سجّلنا مع انطلاقة الثّلاثيّة الثّالثة حالة من التّراخي المفهومة والمنتظرة في ما يتعلّق بإصلاح الامتحانات وإرجاعها، في غياب إصدار بطاقات الأعداد وعقد مجالس الأقسام، والنّتيجة أنّنا نتأهب لتنظيم امتحانات وطنيّة لتلاميذ تحصّل بعضهم على حقوقهم كاملة في المدارس الخاصّة وبفضل الدّروس الخصوصيّة، وحرم بعضهم الآخر من جزء كبير من هذه الحقوق دون أن يكون لهم من ذنب سوى الانتماء إلى المدرسة العموميّة وإلى فئات اجتماعيّة هشّة ومناطق ظلّ تربويّة. فهل بقي من معنى بعد كلّ هذا للحديث عن الإنصاف وتكافؤ الفرص، وعن مدرسة شعبيّة وتعليم ديمقراطيّ وثقافة وطنيّة.