إن النشاط الاجتماعي والسياسي المزدوج الكامن وراء أصل مصطلح - النضال - يعبر عن الالتزام بقضية ما ولكن أيضا عن صراع للدفاع عن مصالح هذه القضية نفسها .
هكذا، فإن مصطلح "النضالية" له ميزة - على الرغم من اتساعها وعدم دقتها النسبية - في تضمين جميع أنشطة الأفراد والمنظمات المنتمية إلى ميدان الحركات الاجتماعية .
إن موضوع النشاط، إذا كان بعيدًا عن الابتكار في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، يطرح مشاكل راهنة عميقة. في تونس على وجه الخصوص، يتم انتقاد اليوم بعض الشباب بسبب افتقارهم إلى الالتزام النضالي والتعلق بقيم معينة لأنها لا تغريهم أو حتى تشجعهم الأطراف المحمولة بها على الانضمام إلى صفوف الجمعيات من خلال الخدمات المدنية .
يكشف ابنه الصديق مراد النوري، معلومات مهمّة عن هذه الشخصية النضالية المتفرّدة التي آمنت بقيم ودافعت عنها بصمت بعيدا عن الأضواء وكلّ مظاهر وأشكال الادعاء والبهرج .
يقول الابن في سنة 2013 أي عامين بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، جاء راشد الغنوشي لوالدي الأستاذ محمد النوري واقترح عليه رئاسة هيئة الحقيقة والكرامة .
سال الوالد، عن طبيعة هذه الهيئة وما الهدف من ورائها، أجابوه إنها من أجل تقديم تعويضات لأبناء الحركة، زاد في السّؤال ومن سيوفّر الأموال؟ أجابوه: الدولة !.
لم يجد هذا المناضل من ردّ الاّ القول لهم : "هؤلاء أولادكم أعطوهم هذه التعويضات من أموالكم خاصة بعدما بلغني أنكم أصبحتم أصحاب ثروات كسبتموها في الخارج لما كنتم في السجون وتعرضتم للتعذيب" .
الأهم في موقف النوري، استشرافه وتحذيره للحركة بان مثل هذه الهيئة ستكون مشروع فتنة، وقد تؤدّي الى ثورة شعبية أخرى ضدها وتسقطها من الحكم " !.
بالفعل، فمن عبر ودروس التاريخ، إذا يستقيم القول بانّ البوعزيزي وحادثة الحرق في سيدي بوزيد عجلت بسقوط بن علي سنة 2011 ، فانّ الأمر لا يختلف ولو بفارق في طبيعة الحدث ما أتاه رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني بتهديد رئيس الحكومة يومها هشام المشيشي إلى ضرورة تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل يوم 25 جويلية 2021 والذي من المفارقة كان يوم السقوط لحكم "النهضة" والخروج النهائي من كلّ دوائر السلطة لتعيش قياداتها هذه الوضعية التي نراها اليوم .
كما أن المعرفة سلاح كذلك غيابها. لقد فهم السياسيون هذا جيدًا، فكلما كثر جهلهم وقل تعليمهم، زادت خصوبة الأرض لزراعة الأكاذيب، زاد قربهم للهاوية ، كل شيء يبدأ في الخلية، حيث يتم رفع شعارات وهتافات الحفلة بالنصر لتزدهر اللوحات التي تمجد القائد ويتم تنظيم التجمعات الجماهيرية باسم زعيمهم، والدعاية المتحمسة، والخلافة المضمونة.
يكبر هؤلاء القادة الصغار وهم يفكرون في أنهم لا يستطيعون العيش بدون زعيم الحزب الذي يبايعونه. دعم لا ينقطع لقائدهم، الذي يلعب دور الدولة، ويمنحهم كل ما يحتاجون إليه، من التعويضات إلى محطات الوزارة والمسؤولية، هذا القائد قد يخطئ، ويخالف القانون، ويتصرف في أموال الدولة باعتبارها بيت مال جماعته، لكن يبقى مقدسا مطاعا .
يبقى محمد النوري هذا الناشط السياسي ومؤسس منظمة حرية وإنصاف وفي هذا العمر 84 سنة، صاحب مسيرة نضال ورمزا للإخلاص والوفاء لقيم ومبادئ آمن بها .
لن ينجح في موقع القيادة ذلك الذي يشير إلى ما هو أعلى من دوره في النجاح أو النصر. فعلى المرء أن يتعلم من تجارب الآخرين إذ لن يكون لديه الوقت لارتكابها مرة أخرى .
يرويها: أبوبكر الصغير
إن النشاط الاجتماعي والسياسي المزدوج الكامن وراء أصل مصطلح - النضال - يعبر عن الالتزام بقضية ما ولكن أيضا عن صراع للدفاع عن مصالح هذه القضية نفسها .
هكذا، فإن مصطلح "النضالية" له ميزة - على الرغم من اتساعها وعدم دقتها النسبية - في تضمين جميع أنشطة الأفراد والمنظمات المنتمية إلى ميدان الحركات الاجتماعية .
إن موضوع النشاط، إذا كان بعيدًا عن الابتكار في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، يطرح مشاكل راهنة عميقة. في تونس على وجه الخصوص، يتم انتقاد اليوم بعض الشباب بسبب افتقارهم إلى الالتزام النضالي والتعلق بقيم معينة لأنها لا تغريهم أو حتى تشجعهم الأطراف المحمولة بها على الانضمام إلى صفوف الجمعيات من خلال الخدمات المدنية .
يكشف ابنه الصديق مراد النوري، معلومات مهمّة عن هذه الشخصية النضالية المتفرّدة التي آمنت بقيم ودافعت عنها بصمت بعيدا عن الأضواء وكلّ مظاهر وأشكال الادعاء والبهرج .
يقول الابن في سنة 2013 أي عامين بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، جاء راشد الغنوشي لوالدي الأستاذ محمد النوري واقترح عليه رئاسة هيئة الحقيقة والكرامة .
سال الوالد، عن طبيعة هذه الهيئة وما الهدف من ورائها، أجابوه إنها من أجل تقديم تعويضات لأبناء الحركة، زاد في السّؤال ومن سيوفّر الأموال؟ أجابوه: الدولة !.
لم يجد هذا المناضل من ردّ الاّ القول لهم : "هؤلاء أولادكم أعطوهم هذه التعويضات من أموالكم خاصة بعدما بلغني أنكم أصبحتم أصحاب ثروات كسبتموها في الخارج لما كنتم في السجون وتعرضتم للتعذيب" .
الأهم في موقف النوري، استشرافه وتحذيره للحركة بان مثل هذه الهيئة ستكون مشروع فتنة، وقد تؤدّي الى ثورة شعبية أخرى ضدها وتسقطها من الحكم " !.
بالفعل، فمن عبر ودروس التاريخ، إذا يستقيم القول بانّ البوعزيزي وحادثة الحرق في سيدي بوزيد عجلت بسقوط بن علي سنة 2011 ، فانّ الأمر لا يختلف ولو بفارق في طبيعة الحدث ما أتاه رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني بتهديد رئيس الحكومة يومها هشام المشيشي إلى ضرورة تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل يوم 25 جويلية 2021 والذي من المفارقة كان يوم السقوط لحكم "النهضة" والخروج النهائي من كلّ دوائر السلطة لتعيش قياداتها هذه الوضعية التي نراها اليوم .
كما أن المعرفة سلاح كذلك غيابها. لقد فهم السياسيون هذا جيدًا، فكلما كثر جهلهم وقل تعليمهم، زادت خصوبة الأرض لزراعة الأكاذيب، زاد قربهم للهاوية ، كل شيء يبدأ في الخلية، حيث يتم رفع شعارات وهتافات الحفلة بالنصر لتزدهر اللوحات التي تمجد القائد ويتم تنظيم التجمعات الجماهيرية باسم زعيمهم، والدعاية المتحمسة، والخلافة المضمونة.
يكبر هؤلاء القادة الصغار وهم يفكرون في أنهم لا يستطيعون العيش بدون زعيم الحزب الذي يبايعونه. دعم لا ينقطع لقائدهم، الذي يلعب دور الدولة، ويمنحهم كل ما يحتاجون إليه، من التعويضات إلى محطات الوزارة والمسؤولية، هذا القائد قد يخطئ، ويخالف القانون، ويتصرف في أموال الدولة باعتبارها بيت مال جماعته، لكن يبقى مقدسا مطاعا .
يبقى محمد النوري هذا الناشط السياسي ومؤسس منظمة حرية وإنصاف وفي هذا العمر 84 سنة، صاحب مسيرة نضال ورمزا للإخلاص والوفاء لقيم ومبادئ آمن بها .
لن ينجح في موقع القيادة ذلك الذي يشير إلى ما هو أعلى من دوره في النجاح أو النصر. فعلى المرء أن يتعلم من تجارب الآخرين إذ لن يكون لديه الوقت لارتكابها مرة أخرى .