واصلت أسعار النفط تراجعها، أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5٪ ، وهو أدنى مستوى خلال 5 أسابيع، ما يرفع الضغوطات على ميزانية الدولة التونسية ، التي حددت سقف سعر برميل البترول في حدود 75 دولار ، وهي وضعية كافية لتحقيق انتعاشة في الميزانية التي تعرضت للاستنزاف خلال العام الماضي وتجاوزت على إثرها مقتنيات تونس من المحروقات حاجز 10آلاف مليون دينار.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت، أمس، تراجعا لتستقر في حدود 75.19 دولار للبرميل بحلول الساعة الثالثة بعد الزوال بتوقيت غرينتش، فيما انخفض خام غرب تكساس الوسيط 13 سنتا أو 0.2 بالمائة إلى 71.53 دولار، وأغلق الخامان القياسيان عند أدنى مستوياتهما منذ 24 مارس، والتي سجلا فيها أيضا أكبر انخفاض بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ أوائل جانفي الماضي.
ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأمريكي، تزامنا مع انخفاض أسعار النفط، نسبة الفائدة بواقع 25 نقطة لكبح التضخم، كما من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة في اجتماعه الدوري اليوم الخميس ، وقد تساهم قرارات رفع الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتقويض الطلب على الطاقة، إلا أنها تنقذ ميزانية العديد من الدول ومن بينهم تونس التي حددت سقف برميل البترول في حدود 75 دولارا.
وشهد سوق النفط، مع بداية شهر أفريل الماضي، ارتفاعًا حادًا في الأسعار ، مما دفع برنت وغرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر. ووصل سعر نفط برنت عند التسليم في جوان 2023 إلى حوالي 87.19 دولارًا للبرميل ، بارتفاع 1.85٪ في لندن. في الوقت نفسه ، بلغ سعر الخام الأمريكي ، غرب تكساس الوسيط (WTI) ، لتسليم ماي حوالي 83.20 دولارًا للبرميل ، مرتفعًا 2.05٪ في نيويورك ، وهذا الارتفاع انعكس على مقتنيات تونس من المحروقات والتي ارتفعت أسعارها، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن.
ووفق ما أعلن عنه عدد من الخبراء الاقتصاديين ، فإن السبب الرئيسي في الارتفاع اللافت لأسعار النفط عالميا، يعود الى انخفاض الشحنات النفطية الروسية إلى أقل من 3 ملايين برميل يوميًا لأول مرة خلال 8 أسابيع، يليه انخفاض الإنتاج من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) , وكذلك انخفاض المخزون الأمريكي، مما أدى إلى تشديد السوق. كما ساعد قرار أوبك بخفض الإنتاج بمقدار 1.16 مليون برميل يوميًا في إبقاء أسعار الخام مرتفعة خلال الفترة القليلة الماضية، بسبب أزمة الطاقة التي تفاقمت تزامنا مع تواصل الحرب شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا.
ارتفاع نفقات تونس على المحروقات
وكان وزير الاقتصاد سمير سعيد قد كشف في تصريح سابق لـ"الصباح"، أن ارتفاع أسعار النفط والحبوب نتيجة الحرب كلف ميزانية الدولة خسائر تقدّر بحوالي 1.7 مليار دولار، أي أكثر من 4 مليار دينار، في حين قدرها محافظ البنك المركزي مروان العباسي بأكثر من 5 مليار دينار، وتأتي هذه التقديرات ، تزامنا مع تحذيرات غربية مفادها أن الحرب شرق أوروبا تهدد الأمن الغذائي والطاقي في غالبية أنحاء العالم.
بدوره كشف المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة فتحي الحنشي ، مؤخرا ، في تصريح لـ"الصباح" ، عن ارتفاع "فاتورة" استهلاكنا من المحروقات لتتجاوز اليوم ، 10.5 مليار دينار، لافتا الى أهمية العمل في الفترة القادمة على دعم مشاريع الطاقات المتجددة، والتسريع في نسق الانتقال الطاقي، في مختلف المجالات، وذلك للحد من نفقات الدولة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في العالم، والتي تميزت بارتفاع أسعار الطاقة.
وأشار الحنشي، الى أن وزارة الطاقة والمناجم تعمل اليوم على وضع سياسة تنموية شاملة في قطاع الطاقة، تقوم على الترفيع في الاستثمارات المتعلقة بالطاقات المتجددة، وذلك من اجل ضمان أمننا الطاقي، كما تعمل على وضع حوافز لكافة المؤسسات والأفراد للتحول نحو الطاقات النظيفة، في أفق 2035، وتنفيذ سياسة شاملة للاقتصاد في الطاقة.
ويلقي ارتفاع أسعار النفط اليوم بظلاله على العديد من اقتصادات الدول، حيث أن ارتفاعها عن مستوى 75 دولارا، يرفع من حجم المصاريف، ويهدد بشكل مباشر احتياطي الدول من العملة الصعبة، وتونس ضمن الدول التي استنزفت مواردها المالية بسبب الارتفاع الفجئي لأسعار النفط عالميا. وكان صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، قد توقع أن تنخفض أسعار النفط عالميا الى المستويات السائدة ، الا انها شهدت ارتفاعا بلغ اكثر من 87 دولارا عند التسليم لشهر جوان القادم.
وبدأت أسعار النفط، تشهد ارتفاعا لافتا الشهر الماضي تزامنا مع قرار أوبك+ بخفض الإنتاج، والذي من شأنه تقليص الإمدادات بالسوق العالمية، تزامنا مع المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الذي من المرجح أن يضر بالطلب. ويترقب المستثمرون هذا الأسبوع مجموعة من التقارير حول التضخم والعرض والطلب بسوق النفط قد تحدد اتجاه السوق.
انتعاشة اقتصادية مرتقبة
في غضون ذلك، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، من بينهم روسيا، فيما يعرف بتجمع أوبك+، مؤخرا، على التمسك باتفاقهم السابق على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، واتفقت دول مجموعة السبع وأستراليا، على وضع حد أقصى قدره 60 دولارا للبرميل على النفط الروسي المنقول بحرا. ويهدف القرار إلى تقليص مكاسب روسيا من النفط، بعد فشل إصدار قرار إجماعي بمقاطعة النفط الروسي، إلا أن هذه الخطوة اصطدمت بقرارات تتعلق بتخفيض الإنتاج ما رفع من أسعار النفط عالميا، وهناك مخاوف من عودتها الى الارتفاع مجددا ، خصوصا وان الإنتاج الحالي لا يلبي طلبات دول العالم من المحروقات.
وإجمالا يبقى هبوط أسعار النفط عالميا الى حدود 75دولارا ، مفيدا لتونس، التي وجدت صعوبات كبيرة ،خلال سنة 2022 ،بعد ارتفاع الأسعار الى أكثر من 100 دولار للبرميل، ما خلف اضطرابات واسعة النطاق، أبرزها فقدان بعض أنواع المحروقات من السوق، بالإضافة الى تأخر ملموس في تسليم الشحنات بسبب شروط بعض المؤسسات الأجنبية، والتي تطالب بالدفع الفوري عند التسليم خلافا لما جرت له العادة، أي بعد 45 يوما من التسليم.
ويتزامن انخفاض أسعار النفط الى المستويات التي تتلاءم مع ميزانية تونس لسنة 2023 ، تصريحات مسؤولي صندوق النقد الدولي حول التوصل الى اتفاق مع تونس بخصوص حزمة انقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار، الأمر الذي دفع الى ارتفاع السندات التونسية في الأسواق الدولية، ما يشير الى انتعاشة مرتقبة لأزمة تونس المالية والاقتصادية خلال العام الجاري.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
واصلت أسعار النفط تراجعها، أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5٪ ، وهو أدنى مستوى خلال 5 أسابيع، ما يرفع الضغوطات على ميزانية الدولة التونسية ، التي حددت سقف سعر برميل البترول في حدود 75 دولار ، وهي وضعية كافية لتحقيق انتعاشة في الميزانية التي تعرضت للاستنزاف خلال العام الماضي وتجاوزت على إثرها مقتنيات تونس من المحروقات حاجز 10آلاف مليون دينار.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت، أمس، تراجعا لتستقر في حدود 75.19 دولار للبرميل بحلول الساعة الثالثة بعد الزوال بتوقيت غرينتش، فيما انخفض خام غرب تكساس الوسيط 13 سنتا أو 0.2 بالمائة إلى 71.53 دولار، وأغلق الخامان القياسيان عند أدنى مستوياتهما منذ 24 مارس، والتي سجلا فيها أيضا أكبر انخفاض بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ أوائل جانفي الماضي.
ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأمريكي، تزامنا مع انخفاض أسعار النفط، نسبة الفائدة بواقع 25 نقطة لكبح التضخم، كما من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة في اجتماعه الدوري اليوم الخميس ، وقد تساهم قرارات رفع الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتقويض الطلب على الطاقة، إلا أنها تنقذ ميزانية العديد من الدول ومن بينهم تونس التي حددت سقف برميل البترول في حدود 75 دولارا.
وشهد سوق النفط، مع بداية شهر أفريل الماضي، ارتفاعًا حادًا في الأسعار ، مما دفع برنت وغرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر. ووصل سعر نفط برنت عند التسليم في جوان 2023 إلى حوالي 87.19 دولارًا للبرميل ، بارتفاع 1.85٪ في لندن. في الوقت نفسه ، بلغ سعر الخام الأمريكي ، غرب تكساس الوسيط (WTI) ، لتسليم ماي حوالي 83.20 دولارًا للبرميل ، مرتفعًا 2.05٪ في نيويورك ، وهذا الارتفاع انعكس على مقتنيات تونس من المحروقات والتي ارتفعت أسعارها، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن.
ووفق ما أعلن عنه عدد من الخبراء الاقتصاديين ، فإن السبب الرئيسي في الارتفاع اللافت لأسعار النفط عالميا، يعود الى انخفاض الشحنات النفطية الروسية إلى أقل من 3 ملايين برميل يوميًا لأول مرة خلال 8 أسابيع، يليه انخفاض الإنتاج من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) , وكذلك انخفاض المخزون الأمريكي، مما أدى إلى تشديد السوق. كما ساعد قرار أوبك بخفض الإنتاج بمقدار 1.16 مليون برميل يوميًا في إبقاء أسعار الخام مرتفعة خلال الفترة القليلة الماضية، بسبب أزمة الطاقة التي تفاقمت تزامنا مع تواصل الحرب شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا.
ارتفاع نفقات تونس على المحروقات
وكان وزير الاقتصاد سمير سعيد قد كشف في تصريح سابق لـ"الصباح"، أن ارتفاع أسعار النفط والحبوب نتيجة الحرب كلف ميزانية الدولة خسائر تقدّر بحوالي 1.7 مليار دولار، أي أكثر من 4 مليار دينار، في حين قدرها محافظ البنك المركزي مروان العباسي بأكثر من 5 مليار دينار، وتأتي هذه التقديرات ، تزامنا مع تحذيرات غربية مفادها أن الحرب شرق أوروبا تهدد الأمن الغذائي والطاقي في غالبية أنحاء العالم.
بدوره كشف المدير العام للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة فتحي الحنشي ، مؤخرا ، في تصريح لـ"الصباح" ، عن ارتفاع "فاتورة" استهلاكنا من المحروقات لتتجاوز اليوم ، 10.5 مليار دينار، لافتا الى أهمية العمل في الفترة القادمة على دعم مشاريع الطاقات المتجددة، والتسريع في نسق الانتقال الطاقي، في مختلف المجالات، وذلك للحد من نفقات الدولة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في العالم، والتي تميزت بارتفاع أسعار الطاقة.
وأشار الحنشي، الى أن وزارة الطاقة والمناجم تعمل اليوم على وضع سياسة تنموية شاملة في قطاع الطاقة، تقوم على الترفيع في الاستثمارات المتعلقة بالطاقات المتجددة، وذلك من اجل ضمان أمننا الطاقي، كما تعمل على وضع حوافز لكافة المؤسسات والأفراد للتحول نحو الطاقات النظيفة، في أفق 2035، وتنفيذ سياسة شاملة للاقتصاد في الطاقة.
ويلقي ارتفاع أسعار النفط اليوم بظلاله على العديد من اقتصادات الدول، حيث أن ارتفاعها عن مستوى 75 دولارا، يرفع من حجم المصاريف، ويهدد بشكل مباشر احتياطي الدول من العملة الصعبة، وتونس ضمن الدول التي استنزفت مواردها المالية بسبب الارتفاع الفجئي لأسعار النفط عالميا. وكان صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، قد توقع أن تنخفض أسعار النفط عالميا الى المستويات السائدة ، الا انها شهدت ارتفاعا بلغ اكثر من 87 دولارا عند التسليم لشهر جوان القادم.
وبدأت أسعار النفط، تشهد ارتفاعا لافتا الشهر الماضي تزامنا مع قرار أوبك+ بخفض الإنتاج، والذي من شأنه تقليص الإمدادات بالسوق العالمية، تزامنا مع المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الذي من المرجح أن يضر بالطلب. ويترقب المستثمرون هذا الأسبوع مجموعة من التقارير حول التضخم والعرض والطلب بسوق النفط قد تحدد اتجاه السوق.
انتعاشة اقتصادية مرتقبة
في غضون ذلك، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، من بينهم روسيا، فيما يعرف بتجمع أوبك+، مؤخرا، على التمسك باتفاقهم السابق على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، واتفقت دول مجموعة السبع وأستراليا، على وضع حد أقصى قدره 60 دولارا للبرميل على النفط الروسي المنقول بحرا. ويهدف القرار إلى تقليص مكاسب روسيا من النفط، بعد فشل إصدار قرار إجماعي بمقاطعة النفط الروسي، إلا أن هذه الخطوة اصطدمت بقرارات تتعلق بتخفيض الإنتاج ما رفع من أسعار النفط عالميا، وهناك مخاوف من عودتها الى الارتفاع مجددا ، خصوصا وان الإنتاج الحالي لا يلبي طلبات دول العالم من المحروقات.
وإجمالا يبقى هبوط أسعار النفط عالميا الى حدود 75دولارا ، مفيدا لتونس، التي وجدت صعوبات كبيرة ،خلال سنة 2022 ،بعد ارتفاع الأسعار الى أكثر من 100 دولار للبرميل، ما خلف اضطرابات واسعة النطاق، أبرزها فقدان بعض أنواع المحروقات من السوق، بالإضافة الى تأخر ملموس في تسليم الشحنات بسبب شروط بعض المؤسسات الأجنبية، والتي تطالب بالدفع الفوري عند التسليم خلافا لما جرت له العادة، أي بعد 45 يوما من التسليم.
ويتزامن انخفاض أسعار النفط الى المستويات التي تتلاءم مع ميزانية تونس لسنة 2023 ، تصريحات مسؤولي صندوق النقد الدولي حول التوصل الى اتفاق مع تونس بخصوص حزمة انقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار، الأمر الذي دفع الى ارتفاع السندات التونسية في الأسواق الدولية، ما يشير الى انتعاشة مرتقبة لأزمة تونس المالية والاقتصادية خلال العام الجاري.