*استثناء مرتكبي جرائم القذف والثلب والعنف وتعطيل السير العادي لأعمال المجلس
تونس: الصباح
واصل مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة المنعقدة أمس بقصر باردو النظر في مشروع نظامه الداخلي والتصويت على بقية الفصول المتعلقة بهياكله وذلك بعد أن استكمل المصادقة على أحكام تكتسي أهمية بالغة لأنها تضبط مقتضيات الحصانة البرلمانية وإجراءات رفعها عن النواب في ظل الدستور الجديد.. فبمقتضى هذا الدستور أصبح النائب لا يتمتع بالحصانة في جرائم القذف والثلب وتبادل العنف داخل المجلس أو في صورة تعطيل السير العادي لأعمال المجلس، كما أن الحصانة أصبحت مقيدة جدا مقارنة بما كان عليه الحال في السابق.
وجاء في تقرير لجنة النظام الداخلي التي أعدت هذه الأحكام أنه تم استثناء مرتكبي هذه الجرائم من الحصانة البرلمانية، وفي المقابل يتمتع النائب بحصانة وظيفية وبحصانة جزائية. وورد في نفس التقرير أن أغلب الدساتير في العالم تحرص على أن توفر لأعضاء البرلمان الضمانات التي تتيح لهم العمل بكل حرية وممارسة مهامهم بالفاعلية المطلوبة وذلك من خلال حجب المسؤولية عن الأفعال الصادرة عنهم بمناسبة أدائهم لوظيفتهم البرلمانية، وعلى هذا الأساس فإن الحصانة البرلمانية هي تلك الامتيازات التي تضمن للنائب الحرية في القيام بمهامه البرلمانية وحمايته من الملاحقات القانونية التي يمكن أن تقام ضده أو تقيده فيما يبديه من أقوال وآراء وأفكار.
فعلى غرار الأنظمة القانونية الديمقراطية المقارنة كرس دستور 2022 نظامين في الحصانة البرلمانية وهما الحصانة الوظيفية والحصانة الجزائية، ففي النظام الأول الذي تم تكريسه ضمن الفصل 64 من الدستور والذي يعبر عنه في التجارب المقارنة بالحصانة الموضوعية أو حصانة الممارسة وهي تعتبر حصانة مطلقة حيث لا يمكن تتبع النائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب آراء يبديها أو اقتراحات يتقدم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس، كما أنها حصانة جوهرية أصلية دائمة ومستمرة غايتها السماح للنواب بالتعبير عن آرائهم كتابيا أو شفاهيا بكل حرية وهي تشتمل كل الأنشطة المتصلة بالمهام النيابية. أما النظام الثاني فقد ضبطه الفصل 65 من الدستور وهو نظام الحصانة الإجرائية أو الجزائية وهي مختلفة عن الحصانة الوظيفية المرتبطة بالعمل النيابي وتهدف إلى تجنب حالات منع النائب من ممارسة مهامه النيابية عبر تتبعات عدلية أو تدابير رامية إلى تقييد حريته أو سلبها من أجل أفعال لها علاقة بممارسة الوظائف البرلمانية.
حرية داخل الأسوار
وحظيت جميع الفصول الواردة في مشروع النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب والمتعلقة بالحصانة بموافقة الجلسة العامة للمجلس، وبموجبها لا يمكن تتبع النائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب آراء يبديها أو اقتراحات يتقدم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن دستور 2014 لم يشر إلى عبارة داخل المجلس وهو ما دفع بعض المحللين السياسيين إلى تحذير النواب من عواقب الآراء التي يعبرون عنها خارج أسوار البرلمان ومنها على سبيل الذكر في المنابر الإعلامية أو على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أنه حسب ما جاء في بقية الفصول التي مررها النواب لا يمكن تتبع أحد النواب أو إيقافه طيلة مدة نيابته بسبب تتبعات جزائية ما لم يرفع عنه مجلس نواب الشعب الحصانة. أما في حالة التلبس بالجريمة، فإنه يمكن إيقاف النائب ويتم إعلام المجلس حالا ولا يستمر الإيقاف إلا إذا رفع المجلس الحصانة. وخلال عطلة المجلس، يقوم مكتب المجلس مقامه.
وتنزيلا لأحكام الدستور مرر نواب الشعب خلال جلستهم العامة فصلا آخر من فصول مشروع النظام الداخلي لمجلسهم ينص على أنه لا يتمتّع النّائب بالحصانة البرلمانيّة بالنسبة إلى جرائم القذف والثّلب وتبادل العنف المُرتكبة داخل المجلس أو خارجه، ولا يَتمتّع بها أيضا في صورة تعطيله للسّير العادي لأعمال المجلس.
وإضافة إلى تنزيل الفصول 64 و65 و66 من الدستور فقد صادق مجلس نواب الشعب على فصول أخرى تضبط إجراءات رفع الحصانة عن أعضائه. فبموجب الفصل 26 من مشروع النظام الداخلي يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المُقدم من الجهة القضائية مصحوبا بالمؤيدات اللازمة إلى رئيس مجلس نواب الشعب. ويتولى رئيس المجلس، وإن تعذر أحد نائبيه، إحالة الملف فور تلقيه إلى اللجنة المكلفة بالحصانة التي تتولى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة أحد زملائه من الأعضاء أو أحد محاميه لإبلاغ رأيه أمام اللجنة. وتتولى اللجنة النظر فيما يُعرض عليها من ملفات وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة وترفع تقريرها إلى مكتب المجلس الذي يحيله إلى الجلسة العامة في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.
كما صادق النواب على فصل آخر وهو الفصل 27 يتعلق بجلسات لجنة الحصانة ونص هذا الفصل على أنه لا يجوز لأي عضو لا ينتمي إلى اللجنة المكلفة بالحصانة حضور أشغالها إلا للإدلاء بأقواله أو الإجابة على أسئلة اللجنة وفي حدود المدة الضرورية للاستماع إليه. وعندما يكون المعني بطلب رفع الحصانة أو المدعي في الملف المعروض أعضاء في اللجنة تنظر اللجنة في الملف دون حضورهما.
حالة التلبس
وبخصوص الإجراءات المتبعة في حالة التلبس بالجريمة فقد نصت الفصول التي صادقت عليها المجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على أنه في حالة التلبس بالجريمة، يتولى رئيس المجلس، وإن تعذر فأحد نائبيه، دعوة اللجنة المكلفة بالحصانة للانعقاد في أجل أقصاه 24 ساعة حضوريا وإن تعذر فعن بعد لإعداد تقريرها على ضوء الإعلام الموجه للمجلس وإحالته للجلسة العامة لعرضه في أجل لا يتجاوز 48 ساعة.
ويتم إنهاء الإيقاف في صورة قرار المجلس بعدم رفع الحصانة بعد الإعلام الفوري للجهة القضائية بقرار الجلسة العامة. وينظر مجلس نواب الشعب في هذه الطلبات على ضوء التقرير الذي تُعده اللجنة والذي يتم توزيعه على كافة الأعضاء قبل انعقاد الجلسة العامة. وخلال الجلسة العامة يتم الاستماع إلى تقرير اللجنة، ثم إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك أو لمن ينيبه من زملائه الأعضاء ويتخذ المجلس قراره بخصوص طلب رفع الحصانة بأغلبية الحاضرين من أعضائه ويتولى رئيس المجلس إثر ذلك إعلام من يهمّهم الأمر بقرار المجلس.
جلسات سرية
وحافظ النواب الجدد على سرية جلسات الحصانة إذ صادقوا على أن الجلسات المتعلقة بالحصانة تكون سرية. وفي صورة ما إذا اتخذ المجلس قراره برفض طلب رفع الحصانة، فإنه لا يمكن في هذه الحالة تقديم طلب ثان يتعلق بنفس الأفعال التي كانت موضوع الطلب الأول المرفوض.
ومقارنة بفصول النظام الداخلي للمجلس النيابي السابق يمكن الإشارة إلى أن رفع الحصانة عن النواب لم يعد إجراء صعبا أو مستحيلا كما كان عليه الحال في المجلس النيابي السابق سواء خلال المدة النيابية الأولى التي ترأسها محمد الناصر أو خلال الدورتين الأولى والثانية برئاسة راشد الغنوشي.. ففي ما مضى كان هناك عائق مرده الفصل 69 من دستور 2014 الذي نص على أنه إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدته النيابية في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة..
ويذكر أنه منذ عهد بن علي لم يقع رفع الحصانة عن أي عضو من أعضاء مجلس النواب بتعلة وجود مشاكل إجرائية تحول دون رفع الحصانة عن النواب تم تلخيصها في بلاغ صدر عنه سنة 2018 وجاء فيه أن مجلس نواب الشعب تلقى طلبات في رفع حصانة تخصّ بعض أعضاء المجلس، وتولّت رئاسة المجلس إعلام المعنيين بالأمر وفق ما يفرضه النظام الداخلي، وأحالت رئاسة المجلس تلك الملفات إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تولّت دراستها واستمعت الى الأعضاء المعنيين ثم أعدّت تقريرا في الغرض رفعته إلى مكتب المجلس الذي قرّر بدوره إحالته على الجلسة العامة، وانعقدت الجلسة العامة بتاريخ 7 فيفري 2017، وبعد دراستها لتقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، والاستماع إلى النواب المعنيين، انتهت إلى وجود خلل إجرائي في طلبات رفع الحصانة المعروضة على المجلس يتمثّل في خلوّ الملفات مما يثبت عرضها على النواب المعنيين لتبيّن رغبتهم في التمسّك بالحصانة من عدمه.
وحتى بعد انتخابات 2019 فتعلل المجلس النيابي بوجود مشاكل إجرائية لا تسمح برفع الحصانة عن أعضائه، وجاء في تصريح لرئيس الجمهورية أن المجلس رفض النظر في طلبات رفع الحصانة عن 25 نائبا منهم من دليهم قضايا في التحيل وتهريب المخدرات ومنهم من هم في حالة تلبس وفرار، وفي 28 جوان 2021 عقدت لجنة الحصانة جلسة سرية خصصتها للنظر في مطلب يتعلق برفع الحصانة بناء على ملف قضية أحيل من قبل وزارة العدل.. وجاء في بلاغ صادر عنها أنه لدى استماع اللجنة إلى النائب المعني والذي تقدّم بوثيقة مفادها عدم الاعتصام بالحصانة، أثير نقاش تباينت خلاله الآراء حول الجهة التي يجب على النائب أن يعتصم أمامها بالحصانة، وفي غياب تأويل موحد لفصول النظام الداخلي في علاقة بأحكام الدستور ذات الصلة بإجراءات الحصانة، أقرّت اللجنة بأغلبية أعضائها أن يتم إعلام رئيس مجلس نواب الشعب بإطلاع اللجنة على ما يفيد عدم تمسّك المعني بالحصانة وطلب إعادة توجيه الملف إلى الجهة القضائية بناء على ما أدلى به النائب المعني.
وأمام تلكؤ المجلس النيابي السابق في رفع الحصانة عن أعضائه المشتبه في ارتكابهم جرائم مختلفة، فقد كان مطلب رفع الحصانة عن النواب أحد أبرز الشعارات التي كثيرا ما هتف بها المشاركون في الاحتجاجات الشعبية التي تمت في العديد من ولايات الجمهورية قبل 25 جويلية 2021 أي قبل إعلان رئيس الجمهورية عن قرار تعليق أشغال المجلس ورفع الحصانة عن أعضائه.
سعيدة بوهلال
*استثناء مرتكبي جرائم القذف والثلب والعنف وتعطيل السير العادي لأعمال المجلس
تونس: الصباح
واصل مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة المنعقدة أمس بقصر باردو النظر في مشروع نظامه الداخلي والتصويت على بقية الفصول المتعلقة بهياكله وذلك بعد أن استكمل المصادقة على أحكام تكتسي أهمية بالغة لأنها تضبط مقتضيات الحصانة البرلمانية وإجراءات رفعها عن النواب في ظل الدستور الجديد.. فبمقتضى هذا الدستور أصبح النائب لا يتمتع بالحصانة في جرائم القذف والثلب وتبادل العنف داخل المجلس أو في صورة تعطيل السير العادي لأعمال المجلس، كما أن الحصانة أصبحت مقيدة جدا مقارنة بما كان عليه الحال في السابق.
وجاء في تقرير لجنة النظام الداخلي التي أعدت هذه الأحكام أنه تم استثناء مرتكبي هذه الجرائم من الحصانة البرلمانية، وفي المقابل يتمتع النائب بحصانة وظيفية وبحصانة جزائية. وورد في نفس التقرير أن أغلب الدساتير في العالم تحرص على أن توفر لأعضاء البرلمان الضمانات التي تتيح لهم العمل بكل حرية وممارسة مهامهم بالفاعلية المطلوبة وذلك من خلال حجب المسؤولية عن الأفعال الصادرة عنهم بمناسبة أدائهم لوظيفتهم البرلمانية، وعلى هذا الأساس فإن الحصانة البرلمانية هي تلك الامتيازات التي تضمن للنائب الحرية في القيام بمهامه البرلمانية وحمايته من الملاحقات القانونية التي يمكن أن تقام ضده أو تقيده فيما يبديه من أقوال وآراء وأفكار.
فعلى غرار الأنظمة القانونية الديمقراطية المقارنة كرس دستور 2022 نظامين في الحصانة البرلمانية وهما الحصانة الوظيفية والحصانة الجزائية، ففي النظام الأول الذي تم تكريسه ضمن الفصل 64 من الدستور والذي يعبر عنه في التجارب المقارنة بالحصانة الموضوعية أو حصانة الممارسة وهي تعتبر حصانة مطلقة حيث لا يمكن تتبع النائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب آراء يبديها أو اقتراحات يتقدم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس، كما أنها حصانة جوهرية أصلية دائمة ومستمرة غايتها السماح للنواب بالتعبير عن آرائهم كتابيا أو شفاهيا بكل حرية وهي تشتمل كل الأنشطة المتصلة بالمهام النيابية. أما النظام الثاني فقد ضبطه الفصل 65 من الدستور وهو نظام الحصانة الإجرائية أو الجزائية وهي مختلفة عن الحصانة الوظيفية المرتبطة بالعمل النيابي وتهدف إلى تجنب حالات منع النائب من ممارسة مهامه النيابية عبر تتبعات عدلية أو تدابير رامية إلى تقييد حريته أو سلبها من أجل أفعال لها علاقة بممارسة الوظائف البرلمانية.
حرية داخل الأسوار
وحظيت جميع الفصول الواردة في مشروع النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب والمتعلقة بالحصانة بموافقة الجلسة العامة للمجلس، وبموجبها لا يمكن تتبع النائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب آراء يبديها أو اقتراحات يتقدم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن دستور 2014 لم يشر إلى عبارة داخل المجلس وهو ما دفع بعض المحللين السياسيين إلى تحذير النواب من عواقب الآراء التي يعبرون عنها خارج أسوار البرلمان ومنها على سبيل الذكر في المنابر الإعلامية أو على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أنه حسب ما جاء في بقية الفصول التي مررها النواب لا يمكن تتبع أحد النواب أو إيقافه طيلة مدة نيابته بسبب تتبعات جزائية ما لم يرفع عنه مجلس نواب الشعب الحصانة. أما في حالة التلبس بالجريمة، فإنه يمكن إيقاف النائب ويتم إعلام المجلس حالا ولا يستمر الإيقاف إلا إذا رفع المجلس الحصانة. وخلال عطلة المجلس، يقوم مكتب المجلس مقامه.
وتنزيلا لأحكام الدستور مرر نواب الشعب خلال جلستهم العامة فصلا آخر من فصول مشروع النظام الداخلي لمجلسهم ينص على أنه لا يتمتّع النّائب بالحصانة البرلمانيّة بالنسبة إلى جرائم القذف والثّلب وتبادل العنف المُرتكبة داخل المجلس أو خارجه، ولا يَتمتّع بها أيضا في صورة تعطيله للسّير العادي لأعمال المجلس.
وإضافة إلى تنزيل الفصول 64 و65 و66 من الدستور فقد صادق مجلس نواب الشعب على فصول أخرى تضبط إجراءات رفع الحصانة عن أعضائه. فبموجب الفصل 26 من مشروع النظام الداخلي يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المُقدم من الجهة القضائية مصحوبا بالمؤيدات اللازمة إلى رئيس مجلس نواب الشعب. ويتولى رئيس المجلس، وإن تعذر أحد نائبيه، إحالة الملف فور تلقيه إلى اللجنة المكلفة بالحصانة التي تتولى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة أحد زملائه من الأعضاء أو أحد محاميه لإبلاغ رأيه أمام اللجنة. وتتولى اللجنة النظر فيما يُعرض عليها من ملفات وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة وترفع تقريرها إلى مكتب المجلس الذي يحيله إلى الجلسة العامة في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.
كما صادق النواب على فصل آخر وهو الفصل 27 يتعلق بجلسات لجنة الحصانة ونص هذا الفصل على أنه لا يجوز لأي عضو لا ينتمي إلى اللجنة المكلفة بالحصانة حضور أشغالها إلا للإدلاء بأقواله أو الإجابة على أسئلة اللجنة وفي حدود المدة الضرورية للاستماع إليه. وعندما يكون المعني بطلب رفع الحصانة أو المدعي في الملف المعروض أعضاء في اللجنة تنظر اللجنة في الملف دون حضورهما.
حالة التلبس
وبخصوص الإجراءات المتبعة في حالة التلبس بالجريمة فقد نصت الفصول التي صادقت عليها المجلسة العامة لمجلس نواب الشعب على أنه في حالة التلبس بالجريمة، يتولى رئيس المجلس، وإن تعذر فأحد نائبيه، دعوة اللجنة المكلفة بالحصانة للانعقاد في أجل أقصاه 24 ساعة حضوريا وإن تعذر فعن بعد لإعداد تقريرها على ضوء الإعلام الموجه للمجلس وإحالته للجلسة العامة لعرضه في أجل لا يتجاوز 48 ساعة.
ويتم إنهاء الإيقاف في صورة قرار المجلس بعدم رفع الحصانة بعد الإعلام الفوري للجهة القضائية بقرار الجلسة العامة. وينظر مجلس نواب الشعب في هذه الطلبات على ضوء التقرير الذي تُعده اللجنة والذي يتم توزيعه على كافة الأعضاء قبل انعقاد الجلسة العامة. وخلال الجلسة العامة يتم الاستماع إلى تقرير اللجنة، ثم إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك أو لمن ينيبه من زملائه الأعضاء ويتخذ المجلس قراره بخصوص طلب رفع الحصانة بأغلبية الحاضرين من أعضائه ويتولى رئيس المجلس إثر ذلك إعلام من يهمّهم الأمر بقرار المجلس.
جلسات سرية
وحافظ النواب الجدد على سرية جلسات الحصانة إذ صادقوا على أن الجلسات المتعلقة بالحصانة تكون سرية. وفي صورة ما إذا اتخذ المجلس قراره برفض طلب رفع الحصانة، فإنه لا يمكن في هذه الحالة تقديم طلب ثان يتعلق بنفس الأفعال التي كانت موضوع الطلب الأول المرفوض.
ومقارنة بفصول النظام الداخلي للمجلس النيابي السابق يمكن الإشارة إلى أن رفع الحصانة عن النواب لم يعد إجراء صعبا أو مستحيلا كما كان عليه الحال في المجلس النيابي السابق سواء خلال المدة النيابية الأولى التي ترأسها محمد الناصر أو خلال الدورتين الأولى والثانية برئاسة راشد الغنوشي.. ففي ما مضى كان هناك عائق مرده الفصل 69 من دستور 2014 الذي نص على أنه إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدته النيابية في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة..
ويذكر أنه منذ عهد بن علي لم يقع رفع الحصانة عن أي عضو من أعضاء مجلس النواب بتعلة وجود مشاكل إجرائية تحول دون رفع الحصانة عن النواب تم تلخيصها في بلاغ صدر عنه سنة 2018 وجاء فيه أن مجلس نواب الشعب تلقى طلبات في رفع حصانة تخصّ بعض أعضاء المجلس، وتولّت رئاسة المجلس إعلام المعنيين بالأمر وفق ما يفرضه النظام الداخلي، وأحالت رئاسة المجلس تلك الملفات إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تولّت دراستها واستمعت الى الأعضاء المعنيين ثم أعدّت تقريرا في الغرض رفعته إلى مكتب المجلس الذي قرّر بدوره إحالته على الجلسة العامة، وانعقدت الجلسة العامة بتاريخ 7 فيفري 2017، وبعد دراستها لتقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، والاستماع إلى النواب المعنيين، انتهت إلى وجود خلل إجرائي في طلبات رفع الحصانة المعروضة على المجلس يتمثّل في خلوّ الملفات مما يثبت عرضها على النواب المعنيين لتبيّن رغبتهم في التمسّك بالحصانة من عدمه.
وحتى بعد انتخابات 2019 فتعلل المجلس النيابي بوجود مشاكل إجرائية لا تسمح برفع الحصانة عن أعضائه، وجاء في تصريح لرئيس الجمهورية أن المجلس رفض النظر في طلبات رفع الحصانة عن 25 نائبا منهم من دليهم قضايا في التحيل وتهريب المخدرات ومنهم من هم في حالة تلبس وفرار، وفي 28 جوان 2021 عقدت لجنة الحصانة جلسة سرية خصصتها للنظر في مطلب يتعلق برفع الحصانة بناء على ملف قضية أحيل من قبل وزارة العدل.. وجاء في بلاغ صادر عنها أنه لدى استماع اللجنة إلى النائب المعني والذي تقدّم بوثيقة مفادها عدم الاعتصام بالحصانة، أثير نقاش تباينت خلاله الآراء حول الجهة التي يجب على النائب أن يعتصم أمامها بالحصانة، وفي غياب تأويل موحد لفصول النظام الداخلي في علاقة بأحكام الدستور ذات الصلة بإجراءات الحصانة، أقرّت اللجنة بأغلبية أعضائها أن يتم إعلام رئيس مجلس نواب الشعب بإطلاع اللجنة على ما يفيد عدم تمسّك المعني بالحصانة وطلب إعادة توجيه الملف إلى الجهة القضائية بناء على ما أدلى به النائب المعني.
وأمام تلكؤ المجلس النيابي السابق في رفع الحصانة عن أعضائه المشتبه في ارتكابهم جرائم مختلفة، فقد كان مطلب رفع الحصانة عن النواب أحد أبرز الشعارات التي كثيرا ما هتف بها المشاركون في الاحتجاجات الشعبية التي تمت في العديد من ولايات الجمهورية قبل 25 جويلية 2021 أي قبل إعلان رئيس الجمهورية عن قرار تعليق أشغال المجلس ورفع الحصانة عن أعضائه.