إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حزب العمال يتساءل: إنهاء الإسلام السياسي وحل حركة النهضة.. هل يدعمان الاستقرار وتركيز الديمقراطية؟

 

* بوادر انشقاق وبروز شخصيات راديكالية رافضة للتوجهات الجديدة للحركة بما أفقدها زخم التأثير والتعبئة الانتخابية وعطل أفق التوافق الداخلي لاحقا

تونس-الصباح 

على الرغم من المسعى الرئاسي الواضح لإنهاء الإسلام السياسي في تونس بعد تكثيف السلطة لعمليات الاعتقال في حق قيادات حركة النهضة وإغلاق مقارها في إطار ما أطلق عليه بـ"حرب التحرير الوطني"، فان الجدل لم ينته بعد .

ويرى خصوم قيس سعيد أن خطة الرئيس هي إنهاك النهضة تمهيدا لتصفية الحركة سياسيا وإنهاء أدوارها وتأثيرها ضمن دوائر الفعل في مسعى لتأبيد الحكم.

ولم يعد المسعى في عملية اجتثاث النهضة والإسلام السياسي محل تحليلات ضيقة بل أمست نقاشا عاما مفتوحا داخل العائلات السياسية.

وكان القيادي بحركة الشعب-ذات التوجه القومي-هيكل المكي آخر المتكلمين في هذا الموضوع حيث وصف في تصريح له أمس الأول "أن قيس سعيّد تمكن من إنقاذ تونس من الإسلام السياسي وأن التمكين الاخواني وصفحة الإخوان طويت وأن مرحلة الإسلام السياسي في تونس انتهت ويجب أن ننظر الآن إلى المستقبل".

النهضة.. التخصص الوظيفي

وفي واقع الأمر لم يشفع التخصص الوظيفي لحركة النهضة منذ مؤتمرها العاشر ماي 2016 بعد فصل السياسي عن الدعوي في إقناع خصومها بجدية تحولها من حزب إسلامي إلى طرف سياسي مدني. 

وأقرت النهضة منذ ذلك التاريخ بدخولها رسميا عالم الديمقراطية وانتهاجها مدرسة الأداء الانتخابي كمبدأ للمشاركة في الحكم بعد أن نفضت عنها تمشي قواعد الاشتباك السياسي القائمة على الرمزية الإسلامية ومقولات "الإسلام هو الحل".

وخلصت التجربة السياسية لحركة النهضة بعد انتخابات 2014 لرفع شعار "الديمقراطية هي الحل"، وهو ما قد يفسر حالة الرضا بنتائج صندوق الاقتراع كخيار أساسي لاستقرار الحكم رغم هزيمة الحزب أمام حركة نداء تونس التي حصدت منصب رئيس الجمهورية (الراحل الباجي قائد السبسي) ورئاسة البرلمان (محمد الناصر) ورئاسة الحكومة (الحبيب الصيد).

المنحى السياسي.. البديل

ومعلوم أن مفهوم الإسلام السياسي ما هو إلا منحى إيديولوجي يتقاطع أحيانا مع بعض الهوامش ولكنه كثيرا ما يتصادم مع بقية الأنساق الفكرية والسياسية إلى حد سعي البعض إلى نفي الإسلام السياسي واعتباره منهجا تخريبيا للإسلام والسياسة في آن واحد.

هكذا واقع أدركته النهضة منذ تحولات المشهد السياسي في مصر سنة 2013 وهو ما دفعها للتخلي عن الحكم بعد استقالة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض وتسليم زمام السلطة إلى حكومة تكنوقراط قادها مهدي جمعة لتدخل بعدها النهضة مراجعات على أدائها السياسي وسبل التعايش السلمي مع المختلفين عنها فكريا.

وأسفرت مساعي التعايش السلمي عن ميلاد دستور  27جانفي 2014 وما جاء به من تسوية للنزاعات بين الخصوم السياسيين حول طبيعة الدولة وهويتها وما تضمنه الفصل الأول من إنهاء لكل أشكال صراع الهوية في البلاد.

في المقابل تخلت النهضة عن مقترحها بجعل الشريعة مصدراً للتشريع كما جرى إسقاط التجريم في الاتهامات الدينية مثل التكفير، ولم يُذكر واجب الدولة في حماية المقدسات كما كانت جماعات الدعوة داخل النهضة تسعى إلى ذلك.

وأخرجت هذه التنازلات البلاد حينها من الأفق السياسي المشحون لتستوطن معها النهضة من حزب يميني إلى آخر يميني وسطي لتنطلق بذلك حالة من المراجعات.

الإسلام الديمقراطي 

وقد أفضت هذه المراجعات إلى اعتماد مفهوم سياسي محدث على الساحة التونسية تحت عنوان "الإسلام الديمقراطي" وهو ما كشف عنه رئيس الحركة راشد الغنوشي بشكل صريح وعلني خلال زيارته إلى فرنسا بتاريخ 19ماي 2019 وأساسا في حوار له على قناة "فرانس24" قال فيه "مشروع النهضة هو مشروع الإسلام الديمقراطي المدني وأن الحركة فصلت فعلا بين السياسي والدعوي". 

ولم تتوقف محاولات الإقناع عند حدود التنظير بل شملت أيضا الشكل الخارجي لرئيس حركة النهضة بعد تحوله من صفة 'الشيخ" راشد إلى صفة "الأستاذ" راشد ليتخلى معها عن اللباس التقليدي "الجبة" وتعويضها "ببدلة رسمية".

الثمن 

إدراك تحولات المشهد الإقليمي والدولي للحركة رافقته تحولات سلبية داخل الحزب حيث تراجع عدد ناخبيها في الجهات وأساسا الجهات التقليدية وهو ما كشفته انتخابات سنة 2019.

كما بدأت بوادر الانشقاق وبروز شخصيات راديكالية رافضة للتوجهات الجديدة للحركة بما أفقدها زخم التأثير والتعبئة الانتخابية وعطل أفق التوافق الداخلي لاحقا.

وعلى الرغم من كل هذا لم يتوقف محيط الغنوشي في إقناع البقية سيما أولئك الرافضين لمنهج الفصل بين الدعوي والسياسي بالالتحاق بالمشروع المتجدد.

هكذا استنكار دفعت النهضة ثمنه بالحاضر بعد أن عجزت عن دخول الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية وسقوط مرشحها عبد الفتاح مورو في الانتخابات بعد منافسة عدد من الشخصيات المحسوبة على النهضة للمترشح الرسمي على غرار حمادي الجبالي وحاتم بولبيار.

وعلى الرغم مما تقدم مازالت حركة النهضة عاجزة عن إقناع خصومها التاريخيين من اليسار الوظيفي والتجمعيين ومكوناتها اللاحقة القريبة من نظام 25/7 بحقيقة التغيير رغم كل التنازلات المعلنة والخفية .

عجز قابلته خسارة داخلية فادحة في البداية لكن يبدو أن ملامح الترميم قد تعيد للحركة شخصياتها المغادرة خاصة بعد عملية إيقاف رئيس الحركة راشد الغنوشي مؤخرا.

أسئلة …

ويبقى السؤال الأبرز هل أن إنهاء الإسلام السياسي في تونس ومن ورائه حركة النهضة قادر على إعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى البلاد؟ بمعنى هل أن الاختصام ضد الحركة اليوم سيفتح افقا ديمقراطيا لتونس فيه إقرار بالحريات والمساواة الحقيقية، أم انه سيعيدها إلى مربع الاستبداد والفاشية من جديد؟ وهل أن الصراع القائم بين سعيد والنهضة هو صراع من أجل أفق أرحب للتونسيين ومدخل للإصلاح عبر المحاسبة أم هو مجرد تصفية حسابات سياسوية في وجه المعارضة لتثبيت الحكم؟

كل هذه الأسئلة كانت محور ورقة تحليلية للجنة المركزية لحزب العمال وهي الورقة السياسية الوحيدة منذ انطلاق الإيقافات. حيث خلصت الورقة في نقطتها الثامنة إلى 3 محاور أساسية:

أولها: "إنّ من يريد عدم العودة إلى ما قبل 25 جويلية 2021 وتخليص المجتمع من “حركة النهضة” واليمين الرجعي عامة، عليه أن يتصدّر اليوم النّضال ضدّ نظام قيس سعيّد الشّعبوي الاستبدادي مستندا إلى برنامج وطني، ديمقراطي، شعبي".

 ثانيا:"إنّ طريق التّذيّل المهين للاستبداد لن يقضي على اليمين الدّيني الرّجعي وإنّما سيعيده إلى الواجهة كما نرى اليوم وكما رأينا بالأمس في تونس وفي بلدان أخرى."

ثالثا: إنّ قمع “حركة النهضة” في تونس وحركة الإخوان في مصر وفي ليبيا لم يمنعها من تصدّر المشهد السّياسي بعد سقوط بن علي وحسني مبارك واغتيال الرّاحل معمّر القذافي واحتلال ليبيا من قوى الناتو. 

كما أنّ 20 سنة من الحرب الإباديّة التي مارسها الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتّحدة في أفغانستان لم يمنع حركة طالبان من العودة إلى الحكم في حين خرج جنود الحلف الأطلسي مهزومين".

حزب العمال.. المقاومة

وحتى يكمل رسم مثلث مواقفه بين حزب العمال أنّ المقاومة الحقيقيّة "للفكر الظّلامي ولتوظيف الدّين في السّياسة تتمّ عبر تغيير العقول والارتقاء بوعي الشّعوب وبتوفير أسباب العيش الكريم لها حتى لا تكون طُعما لتلك الحركات التي تُجيد الاستثمار في المظلوميّة وتستفيد منها لمراكمة التّأثير في مفاصل المجتمع، فمنطق الاصطفاف الطّاغي اليوم، والمتمثّل في ثنائية إن لم تكن مع قيس سعيّد فأنت مع “الإخوان” والعكس بالعكس هو منطق رجعي، انتهازي، يضرب في العمق استقلاليّة القوى الثّوريّة والدّيمقراطيّة والتّقدّميّة ولا يراها إلّا مجرّد ذيل لهذا المعسكر الرّجعي أو ذاك".

وأضاف الحزب "إنّ حالة بعض الأطراف التي كانت تدّعي اليساريّة أو الثّوريّة والتّقدّميّة قبل الارتماء في أحضان الانقلاب، تثير اليوم القرف والازدراء، إنّ قيس سعيّد يلحق بها الإهانة تلو الأخرى فهو لا يستشيرها في شيء وإذا ادّعت عكس ذلك كذّبها علنا باحتقار مردّدا أنه يقرّر وحده مبقيا أمامها سلوكا واحدا وهو التّذيّل الذّليل والتّصفيق دون شروط". 

خليل الحناشي

حزب العمال يتساءل:  إنهاء الإسلام السياسي وحل حركة النهضة.. هل يدعمان الاستقرار وتركيز الديمقراطية؟

 

* بوادر انشقاق وبروز شخصيات راديكالية رافضة للتوجهات الجديدة للحركة بما أفقدها زخم التأثير والتعبئة الانتخابية وعطل أفق التوافق الداخلي لاحقا

تونس-الصباح 

على الرغم من المسعى الرئاسي الواضح لإنهاء الإسلام السياسي في تونس بعد تكثيف السلطة لعمليات الاعتقال في حق قيادات حركة النهضة وإغلاق مقارها في إطار ما أطلق عليه بـ"حرب التحرير الوطني"، فان الجدل لم ينته بعد .

ويرى خصوم قيس سعيد أن خطة الرئيس هي إنهاك النهضة تمهيدا لتصفية الحركة سياسيا وإنهاء أدوارها وتأثيرها ضمن دوائر الفعل في مسعى لتأبيد الحكم.

ولم يعد المسعى في عملية اجتثاث النهضة والإسلام السياسي محل تحليلات ضيقة بل أمست نقاشا عاما مفتوحا داخل العائلات السياسية.

وكان القيادي بحركة الشعب-ذات التوجه القومي-هيكل المكي آخر المتكلمين في هذا الموضوع حيث وصف في تصريح له أمس الأول "أن قيس سعيّد تمكن من إنقاذ تونس من الإسلام السياسي وأن التمكين الاخواني وصفحة الإخوان طويت وأن مرحلة الإسلام السياسي في تونس انتهت ويجب أن ننظر الآن إلى المستقبل".

النهضة.. التخصص الوظيفي

وفي واقع الأمر لم يشفع التخصص الوظيفي لحركة النهضة منذ مؤتمرها العاشر ماي 2016 بعد فصل السياسي عن الدعوي في إقناع خصومها بجدية تحولها من حزب إسلامي إلى طرف سياسي مدني. 

وأقرت النهضة منذ ذلك التاريخ بدخولها رسميا عالم الديمقراطية وانتهاجها مدرسة الأداء الانتخابي كمبدأ للمشاركة في الحكم بعد أن نفضت عنها تمشي قواعد الاشتباك السياسي القائمة على الرمزية الإسلامية ومقولات "الإسلام هو الحل".

وخلصت التجربة السياسية لحركة النهضة بعد انتخابات 2014 لرفع شعار "الديمقراطية هي الحل"، وهو ما قد يفسر حالة الرضا بنتائج صندوق الاقتراع كخيار أساسي لاستقرار الحكم رغم هزيمة الحزب أمام حركة نداء تونس التي حصدت منصب رئيس الجمهورية (الراحل الباجي قائد السبسي) ورئاسة البرلمان (محمد الناصر) ورئاسة الحكومة (الحبيب الصيد).

المنحى السياسي.. البديل

ومعلوم أن مفهوم الإسلام السياسي ما هو إلا منحى إيديولوجي يتقاطع أحيانا مع بعض الهوامش ولكنه كثيرا ما يتصادم مع بقية الأنساق الفكرية والسياسية إلى حد سعي البعض إلى نفي الإسلام السياسي واعتباره منهجا تخريبيا للإسلام والسياسة في آن واحد.

هكذا واقع أدركته النهضة منذ تحولات المشهد السياسي في مصر سنة 2013 وهو ما دفعها للتخلي عن الحكم بعد استقالة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض وتسليم زمام السلطة إلى حكومة تكنوقراط قادها مهدي جمعة لتدخل بعدها النهضة مراجعات على أدائها السياسي وسبل التعايش السلمي مع المختلفين عنها فكريا.

وأسفرت مساعي التعايش السلمي عن ميلاد دستور  27جانفي 2014 وما جاء به من تسوية للنزاعات بين الخصوم السياسيين حول طبيعة الدولة وهويتها وما تضمنه الفصل الأول من إنهاء لكل أشكال صراع الهوية في البلاد.

في المقابل تخلت النهضة عن مقترحها بجعل الشريعة مصدراً للتشريع كما جرى إسقاط التجريم في الاتهامات الدينية مثل التكفير، ولم يُذكر واجب الدولة في حماية المقدسات كما كانت جماعات الدعوة داخل النهضة تسعى إلى ذلك.

وأخرجت هذه التنازلات البلاد حينها من الأفق السياسي المشحون لتستوطن معها النهضة من حزب يميني إلى آخر يميني وسطي لتنطلق بذلك حالة من المراجعات.

الإسلام الديمقراطي 

وقد أفضت هذه المراجعات إلى اعتماد مفهوم سياسي محدث على الساحة التونسية تحت عنوان "الإسلام الديمقراطي" وهو ما كشف عنه رئيس الحركة راشد الغنوشي بشكل صريح وعلني خلال زيارته إلى فرنسا بتاريخ 19ماي 2019 وأساسا في حوار له على قناة "فرانس24" قال فيه "مشروع النهضة هو مشروع الإسلام الديمقراطي المدني وأن الحركة فصلت فعلا بين السياسي والدعوي". 

ولم تتوقف محاولات الإقناع عند حدود التنظير بل شملت أيضا الشكل الخارجي لرئيس حركة النهضة بعد تحوله من صفة 'الشيخ" راشد إلى صفة "الأستاذ" راشد ليتخلى معها عن اللباس التقليدي "الجبة" وتعويضها "ببدلة رسمية".

الثمن 

إدراك تحولات المشهد الإقليمي والدولي للحركة رافقته تحولات سلبية داخل الحزب حيث تراجع عدد ناخبيها في الجهات وأساسا الجهات التقليدية وهو ما كشفته انتخابات سنة 2019.

كما بدأت بوادر الانشقاق وبروز شخصيات راديكالية رافضة للتوجهات الجديدة للحركة بما أفقدها زخم التأثير والتعبئة الانتخابية وعطل أفق التوافق الداخلي لاحقا.

وعلى الرغم من كل هذا لم يتوقف محيط الغنوشي في إقناع البقية سيما أولئك الرافضين لمنهج الفصل بين الدعوي والسياسي بالالتحاق بالمشروع المتجدد.

هكذا استنكار دفعت النهضة ثمنه بالحاضر بعد أن عجزت عن دخول الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية وسقوط مرشحها عبد الفتاح مورو في الانتخابات بعد منافسة عدد من الشخصيات المحسوبة على النهضة للمترشح الرسمي على غرار حمادي الجبالي وحاتم بولبيار.

وعلى الرغم مما تقدم مازالت حركة النهضة عاجزة عن إقناع خصومها التاريخيين من اليسار الوظيفي والتجمعيين ومكوناتها اللاحقة القريبة من نظام 25/7 بحقيقة التغيير رغم كل التنازلات المعلنة والخفية .

عجز قابلته خسارة داخلية فادحة في البداية لكن يبدو أن ملامح الترميم قد تعيد للحركة شخصياتها المغادرة خاصة بعد عملية إيقاف رئيس الحركة راشد الغنوشي مؤخرا.

أسئلة …

ويبقى السؤال الأبرز هل أن إنهاء الإسلام السياسي في تونس ومن ورائه حركة النهضة قادر على إعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى البلاد؟ بمعنى هل أن الاختصام ضد الحركة اليوم سيفتح افقا ديمقراطيا لتونس فيه إقرار بالحريات والمساواة الحقيقية، أم انه سيعيدها إلى مربع الاستبداد والفاشية من جديد؟ وهل أن الصراع القائم بين سعيد والنهضة هو صراع من أجل أفق أرحب للتونسيين ومدخل للإصلاح عبر المحاسبة أم هو مجرد تصفية حسابات سياسوية في وجه المعارضة لتثبيت الحكم؟

كل هذه الأسئلة كانت محور ورقة تحليلية للجنة المركزية لحزب العمال وهي الورقة السياسية الوحيدة منذ انطلاق الإيقافات. حيث خلصت الورقة في نقطتها الثامنة إلى 3 محاور أساسية:

أولها: "إنّ من يريد عدم العودة إلى ما قبل 25 جويلية 2021 وتخليص المجتمع من “حركة النهضة” واليمين الرجعي عامة، عليه أن يتصدّر اليوم النّضال ضدّ نظام قيس سعيّد الشّعبوي الاستبدادي مستندا إلى برنامج وطني، ديمقراطي، شعبي".

 ثانيا:"إنّ طريق التّذيّل المهين للاستبداد لن يقضي على اليمين الدّيني الرّجعي وإنّما سيعيده إلى الواجهة كما نرى اليوم وكما رأينا بالأمس في تونس وفي بلدان أخرى."

ثالثا: إنّ قمع “حركة النهضة” في تونس وحركة الإخوان في مصر وفي ليبيا لم يمنعها من تصدّر المشهد السّياسي بعد سقوط بن علي وحسني مبارك واغتيال الرّاحل معمّر القذافي واحتلال ليبيا من قوى الناتو. 

كما أنّ 20 سنة من الحرب الإباديّة التي مارسها الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتّحدة في أفغانستان لم يمنع حركة طالبان من العودة إلى الحكم في حين خرج جنود الحلف الأطلسي مهزومين".

حزب العمال.. المقاومة

وحتى يكمل رسم مثلث مواقفه بين حزب العمال أنّ المقاومة الحقيقيّة "للفكر الظّلامي ولتوظيف الدّين في السّياسة تتمّ عبر تغيير العقول والارتقاء بوعي الشّعوب وبتوفير أسباب العيش الكريم لها حتى لا تكون طُعما لتلك الحركات التي تُجيد الاستثمار في المظلوميّة وتستفيد منها لمراكمة التّأثير في مفاصل المجتمع، فمنطق الاصطفاف الطّاغي اليوم، والمتمثّل في ثنائية إن لم تكن مع قيس سعيّد فأنت مع “الإخوان” والعكس بالعكس هو منطق رجعي، انتهازي، يضرب في العمق استقلاليّة القوى الثّوريّة والدّيمقراطيّة والتّقدّميّة ولا يراها إلّا مجرّد ذيل لهذا المعسكر الرّجعي أو ذاك".

وأضاف الحزب "إنّ حالة بعض الأطراف التي كانت تدّعي اليساريّة أو الثّوريّة والتّقدّميّة قبل الارتماء في أحضان الانقلاب، تثير اليوم القرف والازدراء، إنّ قيس سعيّد يلحق بها الإهانة تلو الأخرى فهو لا يستشيرها في شيء وإذا ادّعت عكس ذلك كذّبها علنا باحتقار مردّدا أنه يقرّر وحده مبقيا أمامها سلوكا واحدا وهو التّذيّل الذّليل والتّصفيق دون شروط". 

خليل الحناشي