يتواصل الجدل حول الأعمال الدرامية لهذا الموسم وتتباين الٱراء رغم نهاية مسلسلي"فلوجة" و"الجبل الأحمر".. الأول فيما يتعلق بالطرح
والمعالجات الدرامية والثاني حول ظروف الإنتاج التي أدت الى إيقاف العمل دون نهاية واضحة للأحداث ودون سابق إنذار .. لعلها ردود أفعال -وإن بدت منطقية في مجملها- ناتجة عن قلة وشح الأعمال الفنية التي كانت وراء تسليط الضوء على عملين مشاركين فحسب دون غيرهما
.ذلك ان جل الانتقادات طالتهما وكانا محل نقاش.. ما ينبئ بالخطر وفق ما شدّد عليه الفنان المسرحي حمادي الوهايبي لـ"الصباح" الذي التقيناه للحديث عن البرمجة الرمضانية والمشكل القائم في التلفزة الوطنية حول مسلسل "الجبل الأحمر".. فكان الحوار التالي:
حوار: وليد عبداللاوي
*إجمالا كيف تقيّم الأعمال الدرامية لهذا الموسم؟
-صراحة أصبحنا خائفين من حالة الجمود التي يمكن ان تطال القطاع في ظل استمرارية ندرة انتاج الأعمال الدرامية الرمضانية رغم تنوعها في فترة سابقة وخوضها في قضايا جدلية تهم المجتمع التونسي تبقى محل نقاش من حيث التقنيات والجانب الإبداعي..
ولا ريب ان ذلك الشعور ولد من رحم الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تلقي بظلالها على الواقع التونسي وعلى جميع القطاعات، ذلك ان حركة الإشهار مثلا تشهد تدنيا كبيرا ومخيفا أحيانا. وبالتالي لا يسعنا إلا ان نثمن كل الاعمال الرمضانية التي قُدمت هذا الموسم باعتبار ظروف التصوير وضيق الوقت المتعلق بالجهات المنتجة وسياسة الربح اللامشروط.
نثمن كذلك مجهودات القنوات الخاصة التي حرصت على أن تقدم أعمالا فنية تسائل واقعنا المعيش وتثير المحظورات رغم قتامة الوضع وعدم دعم المستثمرين فضلا عن تثمين عودة قنوات على غرار "نسمة الجديدة" والتي تبنت سلسلتين كوميديتين "سبق الخير" (إخراج قيس شقير) و"الكابتن ماجد" سيناريو يونس الفارحي وإخراج محمد علي ميهوب، أظن أنهما نجحا الى حد كبير على مستوى النص والتمثيل والإخراج..أمّا التلفزة الوطنية فللأسف لم تقدم في السنوات الأخيرة أعمالا تعكس عراقة هذه المؤسسة ولم تستجب لتطلعات المتفرج أثناء شهر رمضان او على مدار السنة..
* اوقفت الوطنية الأولى فجأة بث مسلسل "الجبل الأحمر" عند الحلقة العشرين رغم أنه يضم أربعا وعشرين حلقة. أين يكمن المشكل برأيك ؟
-المشكل القائم حاليا حول إيقاف بث مسلسل "الجبل الأحمر" وإعادة بث مسلسل "حرقة" للسعد الوسلاتي يرجع بالأساس الى ان الإدارة الحالية للتلفزة التونسية لم تقم بمتابعة الإنتاجات باستمكرار وبصفة متواترة ولو في ظل وجود منتج منفذ، وأنا شخصيا -كما هو معلوم- وقع تغييري بعد إمضاء عقد، ورغم علمهم بالموضوع لم يحركوا ساكنا ولم يتفاعلوا والحال أنّ ما حدث يعد سابقة في تاريخ الدراما التونسية كما يمثل مؤشرا خطيرا يدل على تدني ظروف الإنتاج لأن المنتجين أقدموا على عمل ضخم بإمكانيات محدودة وهي مغامرة سيئة العواقب ..
ولكن فنيا يبقى العمل محترما خاصة على مستوى الكاستينغ والأداء المتميز لثلة من النجوم مثل نصر الدين السهيلي وفتحي الهداوي ونادية بوستة والشاذلي العرفاوي وغيرهم، كما تبقى المعضلة الاساسية خلال السنوات الاخيرة كتابة السيناريو التي لم تكن في حجم التطلعات نظرا لاستبعاد الكتاب الأكفاء والروائيين.
وبما أن التلفزة الوطنية مرفق عمومي من واجبها ان تقيم انتاجاتها الأخيرة في أقرب الٱجال وتكوين ورشات تحت إشراف كاتب أو روائي محترم والشروع في كتابة أعمال دسمة تليق بمكانة المؤسسة وانتظارات الجماهير الواسعة، كما أنه من غير المعقول ان تستمر التلفزة التونسية في إنتاج أعمال رمضانية فحسب بل لا بد من تكثيفها على مدار السنة..
في ذات السياق، بالنسبة للقنوات الخاصة يجب ألا تستهين بالسيناريو وألا تفضل الفكرة وإبهار الصورة على النص لان المعالجة الدرامية مهمة جدا ولا يمكن تجاوزها.. ومن المؤسف أنها تمثل النقطة السلبية في أعمال هذا الموسم لأن العمل الدرامي مهمته لا تكمن في نقل الواقع كما هو، بما أنه ليس وثائقيا تسجيليا.. هو فعل تخييلي واستشراف لما هو موجود في الواقع اي القفز من الواقع وفتح ٱفاق للحلول وليس محاكاة المعيش.
*بما أنك فنان مسرحي بالأساس ألا ترى أن غياب بعض الوجوه المسرحية التي تألقت في الأعمال الأخيرة مثل "حرقة" و"نوبة" كان له أثر على قيمة المسلسلات؟
-لا أظن ذلك باعتبار ان الممثلين المشاركين في المسلسلات و"السيتكومات" أغلبهم مسرحيون بالأساس مثل فتحي الهداوي والشاذلي العرفاوي وكمال التواتي وحسام الساحلي ومنصف العجنقي، ثم لا ننسى ان قلة الإنتاج على مدار السنة يعد السبب الرئيسي لغياب الكثير من نجوم الساحة الفنية..
هذا لا يمنع وجوب اهتمام المخرجين بالطاقات المسرحية لأنه من الصعب ان يتألق ممثل في عمل درامي دون اسس مسرحية.
*ما تقييمك للأعمال الكوميدية خاصة وان كتابة النصوص المتعلقة بهذا النمط ليس في متناول أي سيناريست؟
- من المعروف أن كتابة او تمثيل الكوميديا من أصعب الفنون لكن للأسف ما نستشفه من خلال الأعمال التلفزيونية هو الاستسهال الواضح تحت رغبة السوق مما يؤدي الى الضرر بأسس فن الكوميديا وأهدافه.
وأعتقد أن جانب الجدية يجب ان يكون موجودا سواء في الدراما او في فن الكوميديا الذي أصبح من الندرة إتقانه في ظل غياب الحرفية والتقنية.
تونس -الصباح
يتواصل الجدل حول الأعمال الدرامية لهذا الموسم وتتباين الٱراء رغم نهاية مسلسلي"فلوجة" و"الجبل الأحمر".. الأول فيما يتعلق بالطرح
والمعالجات الدرامية والثاني حول ظروف الإنتاج التي أدت الى إيقاف العمل دون نهاية واضحة للأحداث ودون سابق إنذار .. لعلها ردود أفعال -وإن بدت منطقية في مجملها- ناتجة عن قلة وشح الأعمال الفنية التي كانت وراء تسليط الضوء على عملين مشاركين فحسب دون غيرهما
.ذلك ان جل الانتقادات طالتهما وكانا محل نقاش.. ما ينبئ بالخطر وفق ما شدّد عليه الفنان المسرحي حمادي الوهايبي لـ"الصباح" الذي التقيناه للحديث عن البرمجة الرمضانية والمشكل القائم في التلفزة الوطنية حول مسلسل "الجبل الأحمر".. فكان الحوار التالي:
حوار: وليد عبداللاوي
*إجمالا كيف تقيّم الأعمال الدرامية لهذا الموسم؟
-صراحة أصبحنا خائفين من حالة الجمود التي يمكن ان تطال القطاع في ظل استمرارية ندرة انتاج الأعمال الدرامية الرمضانية رغم تنوعها في فترة سابقة وخوضها في قضايا جدلية تهم المجتمع التونسي تبقى محل نقاش من حيث التقنيات والجانب الإبداعي..
ولا ريب ان ذلك الشعور ولد من رحم الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تلقي بظلالها على الواقع التونسي وعلى جميع القطاعات، ذلك ان حركة الإشهار مثلا تشهد تدنيا كبيرا ومخيفا أحيانا. وبالتالي لا يسعنا إلا ان نثمن كل الاعمال الرمضانية التي قُدمت هذا الموسم باعتبار ظروف التصوير وضيق الوقت المتعلق بالجهات المنتجة وسياسة الربح اللامشروط.
نثمن كذلك مجهودات القنوات الخاصة التي حرصت على أن تقدم أعمالا فنية تسائل واقعنا المعيش وتثير المحظورات رغم قتامة الوضع وعدم دعم المستثمرين فضلا عن تثمين عودة قنوات على غرار "نسمة الجديدة" والتي تبنت سلسلتين كوميديتين "سبق الخير" (إخراج قيس شقير) و"الكابتن ماجد" سيناريو يونس الفارحي وإخراج محمد علي ميهوب، أظن أنهما نجحا الى حد كبير على مستوى النص والتمثيل والإخراج..أمّا التلفزة الوطنية فللأسف لم تقدم في السنوات الأخيرة أعمالا تعكس عراقة هذه المؤسسة ولم تستجب لتطلعات المتفرج أثناء شهر رمضان او على مدار السنة..
* اوقفت الوطنية الأولى فجأة بث مسلسل "الجبل الأحمر" عند الحلقة العشرين رغم أنه يضم أربعا وعشرين حلقة. أين يكمن المشكل برأيك ؟
-المشكل القائم حاليا حول إيقاف بث مسلسل "الجبل الأحمر" وإعادة بث مسلسل "حرقة" للسعد الوسلاتي يرجع بالأساس الى ان الإدارة الحالية للتلفزة التونسية لم تقم بمتابعة الإنتاجات باستمكرار وبصفة متواترة ولو في ظل وجود منتج منفذ، وأنا شخصيا -كما هو معلوم- وقع تغييري بعد إمضاء عقد، ورغم علمهم بالموضوع لم يحركوا ساكنا ولم يتفاعلوا والحال أنّ ما حدث يعد سابقة في تاريخ الدراما التونسية كما يمثل مؤشرا خطيرا يدل على تدني ظروف الإنتاج لأن المنتجين أقدموا على عمل ضخم بإمكانيات محدودة وهي مغامرة سيئة العواقب ..
ولكن فنيا يبقى العمل محترما خاصة على مستوى الكاستينغ والأداء المتميز لثلة من النجوم مثل نصر الدين السهيلي وفتحي الهداوي ونادية بوستة والشاذلي العرفاوي وغيرهم، كما تبقى المعضلة الاساسية خلال السنوات الاخيرة كتابة السيناريو التي لم تكن في حجم التطلعات نظرا لاستبعاد الكتاب الأكفاء والروائيين.
وبما أن التلفزة الوطنية مرفق عمومي من واجبها ان تقيم انتاجاتها الأخيرة في أقرب الٱجال وتكوين ورشات تحت إشراف كاتب أو روائي محترم والشروع في كتابة أعمال دسمة تليق بمكانة المؤسسة وانتظارات الجماهير الواسعة، كما أنه من غير المعقول ان تستمر التلفزة التونسية في إنتاج أعمال رمضانية فحسب بل لا بد من تكثيفها على مدار السنة..
في ذات السياق، بالنسبة للقنوات الخاصة يجب ألا تستهين بالسيناريو وألا تفضل الفكرة وإبهار الصورة على النص لان المعالجة الدرامية مهمة جدا ولا يمكن تجاوزها.. ومن المؤسف أنها تمثل النقطة السلبية في أعمال هذا الموسم لأن العمل الدرامي مهمته لا تكمن في نقل الواقع كما هو، بما أنه ليس وثائقيا تسجيليا.. هو فعل تخييلي واستشراف لما هو موجود في الواقع اي القفز من الواقع وفتح ٱفاق للحلول وليس محاكاة المعيش.
*بما أنك فنان مسرحي بالأساس ألا ترى أن غياب بعض الوجوه المسرحية التي تألقت في الأعمال الأخيرة مثل "حرقة" و"نوبة" كان له أثر على قيمة المسلسلات؟
-لا أظن ذلك باعتبار ان الممثلين المشاركين في المسلسلات و"السيتكومات" أغلبهم مسرحيون بالأساس مثل فتحي الهداوي والشاذلي العرفاوي وكمال التواتي وحسام الساحلي ومنصف العجنقي، ثم لا ننسى ان قلة الإنتاج على مدار السنة يعد السبب الرئيسي لغياب الكثير من نجوم الساحة الفنية..
هذا لا يمنع وجوب اهتمام المخرجين بالطاقات المسرحية لأنه من الصعب ان يتألق ممثل في عمل درامي دون اسس مسرحية.
*ما تقييمك للأعمال الكوميدية خاصة وان كتابة النصوص المتعلقة بهذا النمط ليس في متناول أي سيناريست؟
- من المعروف أن كتابة او تمثيل الكوميديا من أصعب الفنون لكن للأسف ما نستشفه من خلال الأعمال التلفزيونية هو الاستسهال الواضح تحت رغبة السوق مما يؤدي الى الضرر بأسس فن الكوميديا وأهدافه.
وأعتقد أن جانب الجدية يجب ان يكون موجودا سواء في الدراما او في فن الكوميديا الذي أصبح من الندرة إتقانه في ظل غياب الحرفية والتقنية.