إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تقرير صندوق النقد الدولي : اقتصاد تونس يسترجع نموه في 2024 وأسعار النفط والفائدة في طريقها إلى الانخفاض

 

تونس- الصباح

توقع صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، التي انطلقت أمس وتتواصل إلى غاية 16 من أفريل الجاري أن تنخفض أسعار الفائدة لدى الاقتصادات المتقدمة إلى المستويات السائدة قبل جائحة كورونا لتصل إلى مستويات قريبة من الصفر، لافتا الى أن الدول النامية ستخفض بدورها أسعار الفائدة تدريجياً، مقرا أن البنوك المركزية الكبرى تحارب التضخم لكنها على الأرجح ستتجه إلى تيسير السياسة النقدية وإعادة أسعار الفائدة مجدداً نحو مستويات ما قبل الجائحة حال السيطرة على التضخم، لافتا الى أن معدلات الفائدة المرتفعة الحالية مؤقتة.

وتوقع صندوق النقد الدولي، أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد التونسي إلى 1.3% في سنة 2023، مقابل 2.5% في سنة 2022. ورجّح الصندوق، في تقريره الصادر حول "آفاق الاقتصاد العالمي"، أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي التونسي في عام 2024 إلى نسبة 1.9%، وهي تظل نسبة منخفضة خاصة في ظلّ ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية ومالية مركبة.

تونس الأضعف نموا

ووفق هذا التمشي العالمي، نحو خفض أسعار الفائدة المركزية في العالم، سيساعد مستقبلا تونس على إدارة أزمتها المالية بأقل ضغوطات، خصوصا وأن التوجه العام في خفض أسعار الفائدة المركزية العالمية، سيدفع بنسق الاستثمارات في تونس، إلى جانب ضمان الاستقرار المالي للبلاد من احتياطي العملة الصعبة، والذي تراجع في نهاية عام 2022 الى مستويات مقلقة أثرت بشكل كبير على النشاط الاقتصادي في البلاد.

وتعد تونس من بين الدول الأضعف في نسب النمو في منطقة شمال إفريقيا، حيث أن توقعات الصندوق بتحقيق نسبة نمو 1.3٪ خلال 2023 ، يعد منخفضا للغاية، خصوصا وان تونس تمكنت رغم الأوضاع العالمية السيئة الناجمة عن تداعيات الحرب شرق أوروبا، من تحقيق نسبة نمو بلغت 2.4% خلال سنة 2022.

كما خفض النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بشكل عام، إلى 3.1% لسنة 2023 من 3.2% وفقًا لآخر تقديراته المحدثة في جانفي الفارط وإلى 3.4% لعام 2024 بعد أن كانت سابقًا في حدود 3.5%، مقابل معدل نمو بـ 5.3% في عام 2022.

التضخم في مستويات مقلقة

وبالنسبة للتضخم، توقع صندوق النقد الدولي أن يظل معدل لتضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2023 ثابتا دون تغيير عند 14.8% كما كان الحال في عام 2022، على أن ينخفض في عام 2024 إلى 11.1%.

وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية ومالية وسط صعوبات للوصول إلى قروض خارجية بسبب تأخر التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي حول قرض.

وألقى ذلك بظلاله على نسبة التضخم المالي بالبلاد التي ما انفكّت تتصاعد بشكل مطرد لترتفع من 6.7% في جانفي 2022، إلى 10.4% في فيفري 2023. ولم تتراجع إلا في شهر مارس المنقضي بـ0.1% لتتراجع إلى 10.3%، وهي نسبة تظلّ مرتفعة في ظلّ تدهور المقدرة الشرائية، وتراجع الدخل الفردي لعموم التونسيين.

وتعلق تونس آمالها على صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي طارئ لسد العجز المالي في الميزانية، إلا أنّ تأجيله خلق نوعًا من الريبة بخصوص توجه الصندوق لمنح هذا القرض من عدمه.

حالة من عدم اليقين

كما خفض صندوق النقد الدولي في ذات التقرير توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 بشكل طفيف مع تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة، لكنه حذر من أن تؤدي اضطرابات النظام المالي الحادة إلى خفض الإنتاج إلى مستويات قريبة من الركود.

وذكر الصندوق في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي أن مخاطر انتشار العدوى في النظام المصرفي جرى احتواؤها من خلال إجراءات سياسية قوية، بعد انهيار بنكين أميركيين والاندماج الاضطراري لبنك "كريدي سويس".

وزادت هذه الاضطرابات من الغموض الناجم عن التضخم الآخذ في الارتفاع والآثار غير المباشرة للحرب الروسية في أوكرانيا.

وقال صندوق النقد الدولي، في مستهل اجتماعات الربيع المشتركة مع البنك الدولي في واشنطن، إنه "مع الزيادة الأخيرة في تقلبات الأسواق المالية، زاد عدم اليقين المحيط بآفاق الاقتصاد العالمي".

تراجع حاد في النمو العالمي

وأضاف الصندوق أن الغموض يزداد وأن ميزان المخاطر يتحول بقوة نحو الانخفاض عندما يكون القطاع المالي غير مستقر.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي 2.8% في عام 2023، و3% في عام 2024، في تراجع حاد من نمو بلغ 3.4% في عام 2022 نتيجة لتشديد السياسة النقدية.

وخفض الصندوق توقعات 2023 و2024 بواقع 0.1 نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات الصادرة في جانفي الماضي، ويرجع ذلك جزئيا إلى الأداء الضعيف لبعض الاقتصادات الكبرى، فضلا عن التوقعات بمزيد من التشديد النقدي لمحاربة التضخم، وستتضرر اقتصادات الأسواق الناشئة بشدة من انخفاض الطلب على الصادرات، وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع التضخم.

وأكد صندوق النقد الدولي في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي، أن عودة الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط إلى وتيرة النمو التي كانت سائدة قبل الوباء، أمر بعيد المنال.

وتوقع صندوق النقد أن تشهد العديد من الاقتصادات تباطؤا في النمو العام الحالي مقارنة بالعام السابق، بعد مرور أكثر من عام على الحرب الروسية – الأوكرانية، والاضطراب الأخير في القطاع المالي الأخير مع استمرار البنوك المركزية بسياسة التشديد لمواجهة التضخم.

وتشير توقعات الصندوق إلى انخفاض نمو الناتج العالمي، المُقدر بنحو 3.4% في عام 2022، إلى 2.8% في عام 2023، وهو ما يشكل تراجعا طفيفا عن تقديرات الصندوق الصادرة في يناير الماضي.

تراجع اقتصاد الدول المتقدمة

وبالنسبة لاقتصادات الدول المتقدمة، رجح الصندوق أن ينخفض النمو بمقدار النصف في عام 2023 إلى 1.3%، قبل أن يرتفع بشكل طفيف إلى 1.4% في عام 2024.

وأشار الصندوق إلى أن 90% من الاقتصادات المتقدمة ستشهد انخفاضا في النمو العام الحالي، بينها الولايات المتحدة، حيث من المتوقع استمرار تراجع نموها من 2.1% في 2022 إلى 1.6% في 2023 و1.1% في 2024، فيما جاءت هذه التقديرات أفضل مقارنة بتقارير سابقة آخرها مطلع العام الجاري.

وبالنسبة لاقتصادات الدول النامية، فستكون الآفاق الاقتصادية في المتوسط أفضل، مقارنة باقتصادات الدول المتقدمة، لكن هذه الآفاق تختلف على نطاق واسع بحسب المناطق، فاقتصاد الصين على سبيل المثال، ثاني أكبر اقتصاد في العالم توقع الصندوق نموه 5.2% في عام 2023، لكن في المتوسط رجح الصندوق أن تسجل اقتصادات الدول الناشئة والنامية، نموا بـ3.9% العام الحالي و4.2% في عام 2024.

أما في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فتوقع الصندوق نموها بـ 3.1% هذا العام، كذلك توقع صندوق النقد نمو اقتصاد السعودية 3.1% في كل من 2023 و 2024، ليرفع بذلك الصندوق من توقعات نمو العام الجاري بنصف نقطة.

انخفاض أسعار النفط

كما يتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض متوسط أسعار النفط الخام بنحو 24% في عام 2023 مقارنة بمستويات 2022، ليصل إلى 73 دولارا للبرميل، على أن يستمر هذا التراجع بنسبة 5.8% في 2024 إلى 69 دولارا ، مبرزا أن معدل التضخم العالمي سيتراجع من 8.7% العام الماضي إلى 7% هذا العام.

ورفع الصندوق توقعاته بالنسبة للولايات المتحدة خلال العامين 2023 و2024، مقدّراً أن يشهد اقتصادها نمواً بنسبة 1,6 بالمائة في 2023 بزيادة 0,2 نقطة عن تقديراته السابقة، و1,1 بالمائة في 2024 (+0,1 نقطة).

ولم تتغيّر توقعات صندوق النقد الدولي بالنسبة للنمو في فرنسا خلال العام 2023، وبقيت عند 0,7 بالمائة، لكنها انخفضت بشكل طفيف بالنسبة للعام 2024 لتصبح 1,3 بالمائة (-0,3 نقطة).وتوقّع الصندوق أن تتمكّن منطقة اليورو من تحقيق معدلات نمو أفضل قليلاً من المتوقعة سابقاً (+0,1 نقطة) في 2023، لتبلغ 0,8 بالمائة، وذلك عائد الى ارتفاع النمو في إسبانيا وإيطاليا.

كذلك تحسنت توقّعات الصندوق بالنسبة للمملكة المتحدة رغم أنّه مازال يتوقّع أن ينهي الاقتصاد البريطاني العام في حالة انكماش.

وبحسب بياناته المحدّثة فإنّ صندوق النقد بات يتوقّع أن ينكمش اقتصاد بريطانيا بنسبة 0.3% هذا العام، مقابل انكماش بنسبة 0.6% في توقعاته السابقة في جانفي الماضي.

انكماش الاقتصاد الألماني

من ناحية أخرى، مازالت ألمانيا تلامس حالة الركود، فبعد ان توقع الصندوق في جانفي الماضي أن يسجّل أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي نموًا طفيفًا هذا العام (+0,1 بالمائة)، باتت بياناته المحدّثة تتوقع أن يشهد الاقتصاد الألماني انكماشاً طفيفاً (-0,1 بالمائة).  ومع ذلك يتوقّع الصندوق أن تستفيد الصناعة الألمانية من الانتعاش الاقتصادي للصين، شريكها الرئيسي، بعد ان أعادت فتح اقتصادها، وتخلّيها عن سياستها الصارمة لمكافحة انتشار فيروس كوفيد-19 منذ بداية العام.

وسيؤدّي النمو الصيني مرة أخرى دورًا في دفع النمو العالمي في 2023. وسينمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم هذا العام بنسبة 5,2 بالمائة، على أن يتباطأ هذا النمو في 2024 إلى 4,5 بالمائة. وستكون هذه النسبة الأضعف في الصين خلال الثلاثين عامًا الماضية، باستثناء العام 2020 الذي شهد انتشار الوباء، والعام 2022 حين طُبقت سياسة “صفر كوفيد”.

وراجع الصندوق توقعاته الصادرة قبل ستّة أشهر حول تسجيل الاقتصاد الروسي ركوداً حادّاً، وتشير توقّعاته اليوم أن يحقق الاقتصاد الروسي نموا بنسبة 0,7 بالمائة هذا العام، و1,3 بالمائة في 2024، رغم العقوبات الشديدة والمتزايدة التي تفرضها الدول الغربية على موسكو.

سفيان المهداوي

تقرير صندوق النقد الدولي :  اقتصاد تونس يسترجع نموه في 2024 وأسعار النفط والفائدة في طريقها إلى الانخفاض

 

تونس- الصباح

توقع صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، التي انطلقت أمس وتتواصل إلى غاية 16 من أفريل الجاري أن تنخفض أسعار الفائدة لدى الاقتصادات المتقدمة إلى المستويات السائدة قبل جائحة كورونا لتصل إلى مستويات قريبة من الصفر، لافتا الى أن الدول النامية ستخفض بدورها أسعار الفائدة تدريجياً، مقرا أن البنوك المركزية الكبرى تحارب التضخم لكنها على الأرجح ستتجه إلى تيسير السياسة النقدية وإعادة أسعار الفائدة مجدداً نحو مستويات ما قبل الجائحة حال السيطرة على التضخم، لافتا الى أن معدلات الفائدة المرتفعة الحالية مؤقتة.

وتوقع صندوق النقد الدولي، أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد التونسي إلى 1.3% في سنة 2023، مقابل 2.5% في سنة 2022. ورجّح الصندوق، في تقريره الصادر حول "آفاق الاقتصاد العالمي"، أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي التونسي في عام 2024 إلى نسبة 1.9%، وهي تظل نسبة منخفضة خاصة في ظلّ ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية ومالية مركبة.

تونس الأضعف نموا

ووفق هذا التمشي العالمي، نحو خفض أسعار الفائدة المركزية في العالم، سيساعد مستقبلا تونس على إدارة أزمتها المالية بأقل ضغوطات، خصوصا وأن التوجه العام في خفض أسعار الفائدة المركزية العالمية، سيدفع بنسق الاستثمارات في تونس، إلى جانب ضمان الاستقرار المالي للبلاد من احتياطي العملة الصعبة، والذي تراجع في نهاية عام 2022 الى مستويات مقلقة أثرت بشكل كبير على النشاط الاقتصادي في البلاد.

وتعد تونس من بين الدول الأضعف في نسب النمو في منطقة شمال إفريقيا، حيث أن توقعات الصندوق بتحقيق نسبة نمو 1.3٪ خلال 2023 ، يعد منخفضا للغاية، خصوصا وان تونس تمكنت رغم الأوضاع العالمية السيئة الناجمة عن تداعيات الحرب شرق أوروبا، من تحقيق نسبة نمو بلغت 2.4% خلال سنة 2022.

كما خفض النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بشكل عام، إلى 3.1% لسنة 2023 من 3.2% وفقًا لآخر تقديراته المحدثة في جانفي الفارط وإلى 3.4% لعام 2024 بعد أن كانت سابقًا في حدود 3.5%، مقابل معدل نمو بـ 5.3% في عام 2022.

التضخم في مستويات مقلقة

وبالنسبة للتضخم، توقع صندوق النقد الدولي أن يظل معدل لتضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2023 ثابتا دون تغيير عند 14.8% كما كان الحال في عام 2022، على أن ينخفض في عام 2024 إلى 11.1%.

وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية ومالية وسط صعوبات للوصول إلى قروض خارجية بسبب تأخر التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي حول قرض.

وألقى ذلك بظلاله على نسبة التضخم المالي بالبلاد التي ما انفكّت تتصاعد بشكل مطرد لترتفع من 6.7% في جانفي 2022، إلى 10.4% في فيفري 2023. ولم تتراجع إلا في شهر مارس المنقضي بـ0.1% لتتراجع إلى 10.3%، وهي نسبة تظلّ مرتفعة في ظلّ تدهور المقدرة الشرائية، وتراجع الدخل الفردي لعموم التونسيين.

وتعلق تونس آمالها على صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي طارئ لسد العجز المالي في الميزانية، إلا أنّ تأجيله خلق نوعًا من الريبة بخصوص توجه الصندوق لمنح هذا القرض من عدمه.

حالة من عدم اليقين

كما خفض صندوق النقد الدولي في ذات التقرير توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 بشكل طفيف مع تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة، لكنه حذر من أن تؤدي اضطرابات النظام المالي الحادة إلى خفض الإنتاج إلى مستويات قريبة من الركود.

وذكر الصندوق في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي أن مخاطر انتشار العدوى في النظام المصرفي جرى احتواؤها من خلال إجراءات سياسية قوية، بعد انهيار بنكين أميركيين والاندماج الاضطراري لبنك "كريدي سويس".

وزادت هذه الاضطرابات من الغموض الناجم عن التضخم الآخذ في الارتفاع والآثار غير المباشرة للحرب الروسية في أوكرانيا.

وقال صندوق النقد الدولي، في مستهل اجتماعات الربيع المشتركة مع البنك الدولي في واشنطن، إنه "مع الزيادة الأخيرة في تقلبات الأسواق المالية، زاد عدم اليقين المحيط بآفاق الاقتصاد العالمي".

تراجع حاد في النمو العالمي

وأضاف الصندوق أن الغموض يزداد وأن ميزان المخاطر يتحول بقوة نحو الانخفاض عندما يكون القطاع المالي غير مستقر.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي 2.8% في عام 2023، و3% في عام 2024، في تراجع حاد من نمو بلغ 3.4% في عام 2022 نتيجة لتشديد السياسة النقدية.

وخفض الصندوق توقعات 2023 و2024 بواقع 0.1 نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات الصادرة في جانفي الماضي، ويرجع ذلك جزئيا إلى الأداء الضعيف لبعض الاقتصادات الكبرى، فضلا عن التوقعات بمزيد من التشديد النقدي لمحاربة التضخم، وستتضرر اقتصادات الأسواق الناشئة بشدة من انخفاض الطلب على الصادرات، وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع التضخم.

وأكد صندوق النقد الدولي في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي، أن عودة الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط إلى وتيرة النمو التي كانت سائدة قبل الوباء، أمر بعيد المنال.

وتوقع صندوق النقد أن تشهد العديد من الاقتصادات تباطؤا في النمو العام الحالي مقارنة بالعام السابق، بعد مرور أكثر من عام على الحرب الروسية – الأوكرانية، والاضطراب الأخير في القطاع المالي الأخير مع استمرار البنوك المركزية بسياسة التشديد لمواجهة التضخم.

وتشير توقعات الصندوق إلى انخفاض نمو الناتج العالمي، المُقدر بنحو 3.4% في عام 2022، إلى 2.8% في عام 2023، وهو ما يشكل تراجعا طفيفا عن تقديرات الصندوق الصادرة في يناير الماضي.

تراجع اقتصاد الدول المتقدمة

وبالنسبة لاقتصادات الدول المتقدمة، رجح الصندوق أن ينخفض النمو بمقدار النصف في عام 2023 إلى 1.3%، قبل أن يرتفع بشكل طفيف إلى 1.4% في عام 2024.

وأشار الصندوق إلى أن 90% من الاقتصادات المتقدمة ستشهد انخفاضا في النمو العام الحالي، بينها الولايات المتحدة، حيث من المتوقع استمرار تراجع نموها من 2.1% في 2022 إلى 1.6% في 2023 و1.1% في 2024، فيما جاءت هذه التقديرات أفضل مقارنة بتقارير سابقة آخرها مطلع العام الجاري.

وبالنسبة لاقتصادات الدول النامية، فستكون الآفاق الاقتصادية في المتوسط أفضل، مقارنة باقتصادات الدول المتقدمة، لكن هذه الآفاق تختلف على نطاق واسع بحسب المناطق، فاقتصاد الصين على سبيل المثال، ثاني أكبر اقتصاد في العالم توقع الصندوق نموه 5.2% في عام 2023، لكن في المتوسط رجح الصندوق أن تسجل اقتصادات الدول الناشئة والنامية، نموا بـ3.9% العام الحالي و4.2% في عام 2024.

أما في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فتوقع الصندوق نموها بـ 3.1% هذا العام، كذلك توقع صندوق النقد نمو اقتصاد السعودية 3.1% في كل من 2023 و 2024، ليرفع بذلك الصندوق من توقعات نمو العام الجاري بنصف نقطة.

انخفاض أسعار النفط

كما يتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض متوسط أسعار النفط الخام بنحو 24% في عام 2023 مقارنة بمستويات 2022، ليصل إلى 73 دولارا للبرميل، على أن يستمر هذا التراجع بنسبة 5.8% في 2024 إلى 69 دولارا ، مبرزا أن معدل التضخم العالمي سيتراجع من 8.7% العام الماضي إلى 7% هذا العام.

ورفع الصندوق توقعاته بالنسبة للولايات المتحدة خلال العامين 2023 و2024، مقدّراً أن يشهد اقتصادها نمواً بنسبة 1,6 بالمائة في 2023 بزيادة 0,2 نقطة عن تقديراته السابقة، و1,1 بالمائة في 2024 (+0,1 نقطة).

ولم تتغيّر توقعات صندوق النقد الدولي بالنسبة للنمو في فرنسا خلال العام 2023، وبقيت عند 0,7 بالمائة، لكنها انخفضت بشكل طفيف بالنسبة للعام 2024 لتصبح 1,3 بالمائة (-0,3 نقطة).وتوقّع الصندوق أن تتمكّن منطقة اليورو من تحقيق معدلات نمو أفضل قليلاً من المتوقعة سابقاً (+0,1 نقطة) في 2023، لتبلغ 0,8 بالمائة، وذلك عائد الى ارتفاع النمو في إسبانيا وإيطاليا.

كذلك تحسنت توقّعات الصندوق بالنسبة للمملكة المتحدة رغم أنّه مازال يتوقّع أن ينهي الاقتصاد البريطاني العام في حالة انكماش.

وبحسب بياناته المحدّثة فإنّ صندوق النقد بات يتوقّع أن ينكمش اقتصاد بريطانيا بنسبة 0.3% هذا العام، مقابل انكماش بنسبة 0.6% في توقعاته السابقة في جانفي الماضي.

انكماش الاقتصاد الألماني

من ناحية أخرى، مازالت ألمانيا تلامس حالة الركود، فبعد ان توقع الصندوق في جانفي الماضي أن يسجّل أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي نموًا طفيفًا هذا العام (+0,1 بالمائة)، باتت بياناته المحدّثة تتوقع أن يشهد الاقتصاد الألماني انكماشاً طفيفاً (-0,1 بالمائة).  ومع ذلك يتوقّع الصندوق أن تستفيد الصناعة الألمانية من الانتعاش الاقتصادي للصين، شريكها الرئيسي، بعد ان أعادت فتح اقتصادها، وتخلّيها عن سياستها الصارمة لمكافحة انتشار فيروس كوفيد-19 منذ بداية العام.

وسيؤدّي النمو الصيني مرة أخرى دورًا في دفع النمو العالمي في 2023. وسينمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم هذا العام بنسبة 5,2 بالمائة، على أن يتباطأ هذا النمو في 2024 إلى 4,5 بالمائة. وستكون هذه النسبة الأضعف في الصين خلال الثلاثين عامًا الماضية، باستثناء العام 2020 الذي شهد انتشار الوباء، والعام 2022 حين طُبقت سياسة “صفر كوفيد”.

وراجع الصندوق توقعاته الصادرة قبل ستّة أشهر حول تسجيل الاقتصاد الروسي ركوداً حادّاً، وتشير توقّعاته اليوم أن يحقق الاقتصاد الروسي نموا بنسبة 0,7 بالمائة هذا العام، و1,3 بالمائة في 2024، رغم العقوبات الشديدة والمتزايدة التي تفرضها الدول الغربية على موسكو.

سفيان المهداوي